صرخة في وجه الفساد الاجتماعي


الشيخ محمد الحامد
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه، عليه توكلت وإليه أنيب، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله، وبعد:...
كن أيها المؤمن حُراًَ غير مستعبد لأهواء الخلق ونزعاتهم، إذا رأيت مالا يتفق وتعاليم الشريعة الإسلامية، فلا تكن مُمالئاً على الباطل، ولا تكتم الحق وأنت تعلم؛ فتكون شيطاناً أخرس، تلجم بلجام من نار يوم القيامة، وليكن خوف الله تعالى أخوف الأشياء عندك، ولتكن خشيته مالئة قلبك وفائضة على جوارحك، اصدع بالحق واجهر به، ولا عليك إن رضي فلان أو سخط فلان، فإن الله أجل وأعظم من الجميع، والله ما أفشى المنكرات وعممها، وجعلها ظاهرة لا يبالي بها، إلا إغضاؤنا على القَذَى، وسكوُتنا على الباطل، وممالأتنا لأصحابه، ما ضرَّ الجماهير شيء كسكوت الواعظين، حين يرون المخالفات العلنية، فلا يَزْجرون عنها، وما كثر عدد المبطلين إلا عدم تقريعنا أدنياء الهمم وصغار النفوس الذين يطلبون رضاء الناس بسَخطِ الله عزَّ وجل، هذا الذي زعزع كثيراً من الناس عن مبادئ الشريعة، وجعلهم يسعون وراء أبناء الدنيا، لينالوا من حطامها وأوساخها التي يرميها إليهم المترفون.
ألا إنَّ من كان مع الله كان الله معه، وإن العاقبة للمتقين، أتقياء القلوب، ذوو الضمائر النقية، لهم العز والشرف في الآخرة والأولى، يعرف لهم أعداؤهم مكانتهم وقدرهم، ولهم القبول في القلوب، والذكر العطر، والثناء الحسن في حياتهم وبعد مماتهم، والله تعالى هو الذي يطلق الألسنة بمدحهم حين أفردوه بالقصد، وصدقوه، وهو الذي بيده كل شيء.
وأما الوسخون عبيد المنافع، فلهم السخط من الله تعالى، بل ومن العباد أيضاً، ولهم الذلة والصغار، وكمال الحقارة، حتى عند من يبتسمون لهم ليُسخِّروهم في أغراضهم، ولهم قبيح الذكر أحياءً وأمواتاً، قلب الله تعالى القلوبَ عليهم حين أعرضوا عنه، والتمسوا رضاء الناس بسخطه جلَّ وتقدَّس، والله تعالى هو مقلب القلوب.
من كتاب: كلمات وأحاديث الجمعة.