بعد أن اطَّلعتُ على تهذيب الجيزاني – والذي أرى أنَّه قد وُفِّقَ في تهذيبه وإن اختلف معي بعض الأحبَّة – خلصتُ إلى نتيجةِ أنَّ المتخصِّص والمُتفنِّن ؛ لابدَّ أن يقرأ الأصل – أعني الموافقات – لأمورٍ لا تخفى ..
وهذا الكتابُ في الحقيقةِ عجبٌ عُجاب .. قد لا يعرفُ قدرَه إلاَّ من سبرَ غَوْرَه ! – وإن كنتُ لستُ منهم - ..
وليس هذا موطنُ الكلامِ عن موافقات الشاطبيُّ ؛ فهو بحقٍّ أنموذجٌ للعالِمِ المُتَشرِّب ، والريَّان المتأرِّب ، على ديانةٍ عظيمةٍ – كذا نحسبُه رحمه الله - ..!
ونقدُه في مسائل علميَّة كانت أو عمليَّة لا يُنقصُ من مقداره ..
لمَّا عقدتُ العزمَ بعد - أن حضرتُ جملةً من شرحِه على أحد العلماء – على قراءتِه ومدارسته .. بدأتُ – بحمد الله - ..
وفعلاً استلذَّ العقلُ ، وطَرِبَ الفؤادُ بتسعِ مقدِّمات من أولَّه ؛ إذا بالشاطبيِّ – رحمهُ اللهُ – ينهاني عن الإتمام – مع شوقي للولوج في المقدَّمة العاشرة - ، بل أستطيعُ القول بأنًَّه – رحمه الله – قد زجرني ! ؛ إذ قال ( 1 / 124 ) :
( .. ومن هنا لا يُسْمح للنَّاظرِ في هذا الكتاب أن ينظرَ فيه نظرَ مُفيدٍ أو مُستفيد ؛ حتى يكون ريَّانَ من عِلمِ الشَّريعةِ ؛ أصُولها وفرُوعها ، منقولِها ومعقولِها ، غيرَ مخلدٍ إلى التقليد والتعصب للمذهب ، فإنَّه إنْ كان هكذا خِيفَ عليه أن ينقلبَ عليه ما أُودِعَ فيه فِتْنةً بالعَرَض - وإن كان حكمةً بالذات - والله الموفق للصواب ) !
فهلْ من شافعٍ لي عند الإمام ؛ لأكملَ القراءة والإتمام ؟ : )
إذْ إنَّ شرطَ الرِّيِّ صعبٌ ؛ فلو شرط التأصيل ؛ لكان ثمَّ مخرجٌ !
مُحبُّكم / خليلُ الفوائد .