جزاك الله خيرا شيخنا محمد
جزاك الله خيرا شيخنا محمد
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
مُتَّفِقٌ لَفْظًا وَخَطًّا مُتَّفِقْ ♦♦♦ وَضِدُّهُ فِيمَا ذَكَرْنَا الْمُفْتَرِقْ
اعلم أخي – علمني الله وإياك – أن مِنْ رواة الحديث مَن تتفق أسماؤهم مع اختلاف أشخاصهم؛ وهذا النوع يُسميه المحدِّثُون: المتفق والمفترق.
وفائدة معرفته: خشية أن يُظَنَّ الشخصان شخصًا واحدًا.
مثاله:
الخليل بن أحمد: ستة، فأولهم: النحوي البصري، والثاني: أبو بشر المزني بصري أيضًا، والثالث: أصبهاني، والرابع: أبو سعيد السِّجزي، والخامس: أبو سعيد البُستي القاضي، روى عن الخليل السجزي المذكور وحدث عن أحمد بن المظفر البكري عن ابن أبي خيثمة، وحدث عنه البيهقي الحافظ، والسادس: أبو سعيد البُستي أيضًا الشافعي، دخل الأندلس، وحدث، وُلِد سنة ستين وثلاث مئة؛ روى عن أبي حامد الإسفراييني وغيره، وحدث عنه أبو العباس العذري وغيره، والله أعلم.
ومن أمثلته أيضًا:
أحمد بن جعفر بن حمدان: أربعة، كلهم في عصر واحد.
أحدهم: القطيعي البغدادي أبو بكر الراوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، والثاني: السِّقطي البصري أبو بكر يروي أيضًا عن عبد الله بن أحمد؛ ولكنه عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، والثالث: دَيْنُورِيٌّ روى عن عبد الله بن محمد بن سِنان، عن محمد بن كثير صاحب سفيان الثوري، والرابع: طرسوسي، روى عن عبد الله بن جابر الطرسوسي.
ومن أمثلته أيضًا:
محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري: اثنان، كلاهما في عصر واحد، وكلاهما يروي عنه الحاكم أبي عبد الله وغيره.
فأحدهما: هو المعروف بأبي العباس الأصم، والثاني: هو أبو عبد الله بن الأخرم الشيباني؛ ويُعرف بالحافظ دون الأول.
ومن أمثلته أيضًا:
أبو عمران الجَوْنِي: اثنان.
أحدهما: التابعي عبد الملك بن حبيب، والثاني: اسمه موسى بن سهل، بصري سكن بغداد، روى عن هشام بن عمار وغيره، وروى عنه دعلج بن أحمد وغيره.
ومن أمثلته أيضًا:
أبو بكر بن عياش: ثلاثة.
أولهم: القارئ المحدث، والثاني: أبو بكر بن عياش الحمصي الذي حدث عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو مجهول، وجعفر غير ثقة، والثالث: أبو بكر بن عياش السُّلَمي، صاحب كتاب «غريب الحديث»، واسمه حسين بن عياش، مات سنة أربع ومئتين.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122539/#ixzz4yHTTFMtM
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
مُؤْتَلِفٌ مُتَّفِقُ الْخَطِّ فَقَطْ ♦♦♦ وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ فَاخْشَ الغَلَطْ
فإن اتفقت الأسماء خطًّا، واختلفت نُطقًا - سواء كان مرجع الاختلاف النَّقط أم الشكل - فهو المؤتلف والمختلف.
قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: "هَذَا فَنٌّ جَلِيلٌ، مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَثُرَ عِثَارُهُ، وَلَمْ يَعْدَمْ مُخْجِلًا، وَهُوَ مُنْتَشِرٌ لَا ضَابِطَ فِي أَكْثَرِهِ يُفْزَعُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالْحِفْظِ تَفْصِيلًا"اهـ[1].
ومن أمثلته:
قال ابن الصلاح رحمه الله: "سَلَّامٌ وَسَلَامٌ: جَمِيعُ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ إِلَّا خَمْسَةً، وَهُمْ: سَلَامٌ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الْإِسْرَائِيلِ يِّ الصَّحَابِيِّ، وَسَلَامٌ وَالِدُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ الْبِيكَنْدِيِّ الْبُخَارِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، وَسَلَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاهِضٍ الْمَقْدِسِيُّ، رَوَى عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ الْحَافِظُ وَالطَّبَرَانِي ُّ، وَسَمَّاهُ الطَّبَرَانِيُّ سَلَامَةَ، وَسَلَامٌ جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ سَلَامٍ الْمُتَكَلِّمِ الْجُبَّائِيِّ أَبِي عَلِيٍّ الْمُعْتَزِلِيّ ِ.
عُمَارَةُ وَعِمَارَةُ: لَيْسَ لَنَا عِمَارَةُ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - إِلَّا أُبَيُّ بْنُ عِمَارَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَمَّهُ، وَمَنْ عَدَاهُ عُمَارَةُ، بِالضَّمِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
كَرِيزٌ وَكُرَيْزٌ: حَكَى أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ "تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ أَنَّ كَرِيزًا - بِفَتْحِ الْكَافِ - فِي خُزَاعَةَ، وَكُرَيْزًا - بِضَمِّهَا - فِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
قُلْتُ: وَكُرَيْزٌ - بِضَمِّهَا - مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي غَيْرِهِمَا.
حِزَامٌ: بِالزَّايِ فِي قُرَيْشٍ، وَحَرَامٌ: بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَنْصَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ"اهـ[2].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــ
[1] "علوم الحديث" (344).
[2] "علوم الحديث" (345، 346)، مختصرًا.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122524/#ixzz4yUYjPqXa
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك أستاذ محمد، وجزاك الله خيرا على هذا الشرح البسيط الوافي الشافي...جعله الله في ميزان حسناتك
تسجيل متابعة...
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
وَالْمُنْكَرُ الفَرْدُ بِهِ رَاوٍ غَدَا ♦♦♦ تَعْدِيلُهُ لَا يَحْمِلُ التَّفَرُّدَا
عرَّف الناظم رحمه الله الحديث المنكر بأنه هو: الحديث الذي يتفرَّد به الراوي الذي حِفْظُه لا يجعله أهلًا لأن يتفرد بمثل هذه الرواية.
وقد عرفه بنفس التعريف الإمام أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي رحمه الله [1].
وقد ذهب الحافظ ابن حجر والسيوطي رحمهما الله وغيرهما إلى أن "المنكر" هو "الحديث الذي يخالف فيه الضعيف الثقات".
قال السيوطي رحمه الله:
المُنْكَرُ الَّذِي رَوَى غَيْرُ الثِّقَهْ *** مُخَالِفًا، فِي نُخْبَةٍ قَدْ حَقَّقَهْ
قَابَلَهُ المَعْرُوفُ، وَالَّذِي رَأَى *** تَرَادُفَ المُنْكَرِ وَالشَّاذِ نَأَى
فعلى هذا القول فإنه يُشترط في الحديث كي يُسمى منكرًا أن يتوافر فيه شرطان:
الشرط الأول: المخالفة.
الشرط الثاني: أن تكون هذه المخالفة من ضعيف.
وأما على القول الأول، فيُشترط في المنكر فقط عدم أهلية التحمل، ولو كان من ثقة تفرد ولم يُخالف.
والناظر في واقع الأئمة المتقدمين، يجدهم لا يتقيدون بهذه التقييدات؛ وإنما قد يُطلقون المنكر على أي خطأ وقع فيه الراوي؛ سواء كان هذا الراوي ثقة أو غير ثقة، تفرد أو خالف؛ وقد صرح الحافظ ابن حجر نفسه بذلك؛ فقال رحمه الله:
"وهذا ما ينبغي التيقظ له، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، ولكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يُحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده"اهـ[2].
ومن اشترط في الحديث المنكر المخالفة، يُسمي الرواية الخطأ "منكرة"، والرواية الصحيحة "معروفة".
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
[1] السابق.
[2] "النكت على ابن الصلاح" (1/ 108).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122628/#ixzz4yrbCy89U
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
مَتْرُوكُهُ مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ ♦♦♦ وَأَجْمَعُوا لِضَعْفِهِ فَهْوَ كَرَدْ
فالحديث المتروك: هو الحديث الذي تفرَّد به راوٍ قد أجمعوا على ضعفه، أو يكون هذا الراوي متهمًا بالكذب، أو عرفوا منه الكذب في حديث الناس.
قال السيوطي رحمه الله:
وَسَمِّ بِالْمَتْرُوكِ فَرْدًا تُصِبِ *** رَاوٍ لَهُ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ
أَوْ عَرَفُوهُ مِنْهُ فَي غَيْرِ الأَثَرْ *** أَوْ فِسْقٌ اْوْغَفْلَةٌ اوْ وَهْمٌ كَثُرْ
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122751/#ixzz4yyVtjNRN
قال الشيخ البيقوني في منظومته البيقونية:
وَالْكَذِبُ المُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ ♦♦♦ عَلَى النَّبِيْ فَذَلِكَ الْمَوضُوعُ
فالحديث الموضوع هو الحديث المُختَلق المصنوع المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ سواء كان عن عمد أو غير عمد.
قال السيوطي رحمه الله:
وَغَالِبُ الْمَوْضُوعِ مِمَّا اخْتَلَقَا *** وَاضِعُهُ، وَبَعْضُهُمْ قَدْ لَفَّقَا
كَلامَ بَعْضِ الْحُكَمَا، وَمِنْهُ مَا *** وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهَمَا
فالحديث الموضوع قسمان:
1- قسم تعمد أحد الرواة وضعَه.
2- قسم وقع غلطًا، لا عن قصد.
فأما ما وقع خطأ لا عن قصد، فمثاله:
حَدِيثٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى الزَّاهِدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا: "مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ".
قَالَ الْحَاكِمُ: دَخَلَ ثَابِتٌ عَلَى شَرِيكٍ وَهُوَ يُمْلِي، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَكَتَ؛ لِيَكْتُبَ الْمُسْتَمْلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ ثَابِتًا؛ لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، فَظَنَّ ثَابِتٌ أَنَّهُ مَتْنُ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ؛ فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ[1].
وأما المتعمدون للوضع فأقسام:
قال السيوطي رحمه الله:
وَالْوَاضِعُونَ بَعْضُهُمْ لِيُفْسِدَا *** دِينًا وَبَعْضٌ نَصْرَ رَأْيٍ قَصَدَا
كَذَا تَكَسُّبًا، وَبعْضٌ قَدْ رَوَى *** لِلأُمَرَاءِ مَا يُوَافِقُ الْهَوَى
وَشَرُّهُمْ صُوفِيَّةٌ قَدْ وَضَعُوا *** مُحْتَسِبِينَ الأَجْرَ فِيمَا يَدَّعُوا
فَقُبِلَتْ مِنْهُمْ رُكُونًا لَهُمُ *** حَتَّى أَبَانَهَا الأُلَى هُمُ هُمُ
كَالْوَاضِعِينَ فِي فَضَائِلِ السُّوَرْ *** فَمَنْ رَواهَا فِي كِتَابِهِ فَذَرْ
فبيَّن السيوطي رحمه الله أن الوضاعين أقسام:
فمنهم: من يضع الحديث لإفساد الدين.
قال السيوطي رحمه الله: "وَوَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ جُمَلًا مِنَ الْأَحَادِيثِ يُفْسِدُونَ بِهَا الدِّينَ، فَبَيَّنَ جَهَابِذَةُ الْحَدِيثِ أَمْرَهَا، وَللَّهِ الْحَمْدُ.
رَوَى الْعُقَيْلِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ.
مِنْهُمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ الَّذِي قُتِلَ وَصُلِبَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمَّا أُخِذَ لِيُضْرَبَ عُنُقُهُ، قَالَ: وَضَعْتُ فِيكُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ، أُحَرِّمُ فِيهَا الْحَلَالَ، وَأُحَلِّلُ الْحَرَامَ.
وَكَبَيَانِ ابْنِ سَمْعَانَ النَّهْدِيِّ، الَّذِي قَتَلَهُ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ، وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَكَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الشَّامِيِّ الْمَصْلُوبِ فِي الزَّنْدَقَةِ، فَرَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: "أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"؛ وَضَعَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ ، لِمَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى التَّنَبِّي"اهـ[2].
ومنهم: من يضعه نُصرة لمذهبه ورأيه.
قال السيوطي رحمه الله: "وَمِنْهُمْ قِسْمٌ يَضَعُونَ انْتِصَارًا لِمَذْهَبِهِمْ؛ كَالْخَطَّابِيّ َةِ[3]، وَالرَّافِضَةِ، وَقَوْمٍ مِنَ السَّالِمِيَّةِ[4]، رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "الضُّعَفَاءِ" بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ رَجَعَ عَنْ بِدْعَتِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَأْيًا جَعَلْنَا لَهُ حَدِيثًا.
وَرَوَى الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنَ الرَّافِضَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى وَضْعِ الْأَحَادِيثِ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الطَّايَكَانِيّ ُ مِنْ رُءُوسِ الْمُرْجِئَةِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ.
ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنِ الْمُحَامِلِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَيْنَاءِ يَقُولُ: أَنَا وَالْجَاحِظُ وَضَعْنَا حَدِيثَ فَدَكَ، وَأَدْخَلْنَاهُ عَلَى الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ فَقَبِلُوهُ إِلَّا ابْنَ شَيْبَةَ الْعَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُشْبِهُ آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلَهُ، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ"اهـ[5].
ومنهم: من يضعه للتكسب.
مثل حديث: "الهريسة تشد الظهر"؛ فإنَّ واضعه محمد بن الحجاج النخعي، كان يبيع الهريسة.
ومنهم: من يضعه تقربًا للأمراء والسلاطين.
قال السيوطي رحمه الله: "وَقِسْمٌ تَقَرَّبُوا لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بِوَضْعِ مَا يُوَافِقُ فِعْلَهُمْ وَآرَاءَهُمْ؛ كَغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ وَضَعَ لِلْمَهْدِيِّ فِي حَدِيثِ: "لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ"، فَزَادَ فِيهِ: "أَوْ جَنَاحٍ"، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ إِذْ ذَاكَ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ، فَتَرَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، وَقَالَ: أَنَا حَمْلَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَامَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ، أَسْنَدَهُ الْحَاكِمُ.
وَأَسْنَدَ عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْمَهْدِيُّ: أَلَا تَرَى مَا يَقُولُ لِي مُقَاتِلٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ وَضَعْتُ لَكَ أَحَادِيثَ فِي الْعَبَّاسِ، قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا"اهـ[6].
ومنهم: من يضعه زعمًا منه أنه يُرغب الناس في الدين.
قال السيوطي رحمه الله: "وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا وُضِعَ حِسْبَةً: مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عِصْمَةَ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ حِسْبَةً.
وَكَانَ يُقَالُ لِأَبِي عِصْمَةَ هَذَا: "نُوحٌ الْجَامِعُ"، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: جَمَعَ كَلَّ شَيْءٍ إِلَّا الصِّدْقَ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا؟ قَالَ: وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهَا"اهـ[7].
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــ
[1] "تدريب الراوي" (1/ 339).
[2] "تدريب الراوي" (1/ 335).
[3] الخطابية: أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي؛ قالوا: إن الأئمة أبناء الله وعليٌّ إله وجعفر الصادق الإله الأصغر وأبو الخطاب نبي، والأنبياء فرضوا على الناس طاعة أبي الخطاب، وكان يأمر أصحابه بشهادة الزور على مخالفيه. "السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة" (62).
[4] السالمية: ويقال لهم: الجواليقية: أصحاب هشام بن سالم الجواليقي؛ قالوا: الإمام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليٌّ ثم الحسن ثم الحسين ثم ولده الباقر ثم الصادق؛ قالوا: إن الله تعالى جسم على صورة إنسان. "السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة" (70).
[5] "تدريب الراوي" (1/ 336).
[6] "تدريب الراوي" (1/ 336، 337)، وبعضهم لم يقبل قصة غياث بن إبراهيم مع المهدي.
[7] "تدريب الراوي" (1/ 333).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/122808/#ixzz4zDyNmfga
جزاك الله خيرا وبارك فيك وحفظك شيخنا الحبيب محمد
وفقكم الله شيخنا الفاضل