شهادة ابن حجر العسقلاني في ابن تيمية رحمهما الله
يقول رحمه الله:
"وشهرة الإمام الشيخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية أشهر من الشَّمْس، وتلقيبه بشيخ الْإِسْلَام بَاقٍ إِلَى الْآن... وهو شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام فِي عصره بِلَا ريب
والمسائل الَّتِي أنْكرت عَلَيْهِ مَا كَانَ يَقُولهَا بالتشهي, وَلَا يصر على القَوْل بهَا بعد قيام الدَّلِيل عَلَيْهِ عنادا, وَهَذِه تصانيفه طافحة بِالرَّدِّ على من يَقُول بالتجسيم والتبري مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ بشر يُخطئ ويصيب, فَالَّذِي أصاب فِيهِ وَهُوَ الْأَكْثَر يُسْتَفَاد مِنْهُ ويترحم عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ، وَالَّذِي أَخطَأ فِيهِ لَا يُقَلّد فِيهِ، بل هُوَ مَعْذُور، لِأَن عُلَمَاء الشَّرِيعَة شهدُوا لَهُ بِأَن أدوات الِاجْتِهَاد اجْتمعت فِيهِ ،حَتَّى كَانَ أَشد المتعصبين عَلَيْهِ العاملين فِي إِيصَال الشَّرّ إِلَيْهِ وَهُوَ الشَّيْخ كَمَال الدّين الزملكاني شهد لَهُ بذلك وَكَذَلِكَ الشَّيْخ صدر الدّين بن الْوَكِيل الَّذِي لم يثبت لمناظرته غَيره،
وَمن أعجب الْعجب أن هَذَا الرجل كَانَ من أعظم النَّاس قيَاما على أهل الْبدع من الروافض والحلولية والاتحادية وتصانيفه فِي ذَلِك كَثِيرَة شهيرة وفتاويه فيهم لَا تدخل تَحت الْحصْر فيا قُرَّة أَعينهم إِذا سمعُوا تكفيره وَيَا سرورهم إِذا رَأَوْا من يكفره من أهل الْعلم،
فَالْوَاجِب على من يلتبس بِالْعلمِ وَكَانَ لَهُ عقل أَن يتَأَمَّل كَلَام الرجل من تصانيفه الْمَشْهُورَة أَو من ألسنة من يوثق بِهِ من أهل النَّقْل فيفرد من ذَلِك مَا يُنكر فليحذر مِنْهُ قصد النصح ويثني عَلَيْهِ بفضائله فِيمَا أصَاب من ذَلِك كدأب غَيره من الْعلمَاء الأنجاب،
وَلَو لم يكن للشَّيْخ تَقِيّ الدّين من المناقب إِلَّا تِلْمِيذه الشهير الشَّيْخ شمس الدّين بن قيم الجوزية صَاحب التصانيف النافعة السارة الَّتِي انْتفع بهَا الْمُوَافق والمخالف لَكَانَ غَايَة فِي الدّلَالَة على عَظِيم مَنْزِلَته، فَكيف وَقد شهد لَهُ بالتقدم فِي الْعُلُوم والتمييز فِي الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم أئمة عصره من الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم فضلا عَن الْحَنَابِلَة،
فَالَّذِي يُطلق عَلَيْهِ مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء الْكفْر لا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا يعول فِي هَذَا الْمقَام عَلَيْهِ، بل يجب ردعه عَن ذَلِك إِلَى أَن يُرَاجع الْحق ويذعن للصَّوَاب".

الرد الوافر " للإمام ابن ناصر الدين الدمشقي ( ص 145 ، 146 ) ،
ونقل الحافظ السخاوي – تلميذ ابن حجر – هذا الكلام عن شيخه في كتابه " الجواهر والدرر " ( 2 / 734 – 736 ) .