لماذا يقدم بعض الناس على الانتحار؟

يزعم المنتحرون أن الانتحار أحد أساليب التخلص من الضغوط النفسية والحياتية، وانتشاره دليل واضح على غلبة النظرة المادية البحتة في المجتمع؛ نتيجة لضعف التوجيه الإيماني، وكذلك التوجيه التربوي القيمي، وضعف الثقافة النفسية الصحية، مع اختلال واضح لحقيقة الدنيا بالنسبة للآخرة عند الكثير من أفراد المجتمع، ولا سيما فئة الشباب منهم.

لذا ‏في خضم هذه الحياة المادية المدمرة، يحتاج أبناء هذا الجيل لمن يعلق قلوبهم بالله وقدره وحكمته -سبحانه وتعالى.

إنهم في حاجة لمن يضبط لهم ميزان الدنيا والآخرة، ويوضح لهم أحكام هذه الأفعال وجزاءها المخيف في الآخرة، وآثارها المدمرة على أحبابهم في الدنيا.

إنهم في حاجة لمن يبث الثقافة النفسية والصحية بين الأسر للتفريق بين الأعراض المرضية المحتاجة لمتابعة طبية، وبين غيرها التي تحتاج إلى دعم وتوجيه واحتواء.

إنهم في حاجة لمن يسمعهم، ويحنو عليهم، ويوجههم بالقدوة قبل الكلمة.

إنهم في حاجة لمن يحفزهم، ويكتشف قدراتهم ويوجهها، ويبث فيهم الأمل لتحقيق أحلامهم المشروعة.

إنهم في حاجة للمعرفة بتلك القدوات الناجحة الصالحة عبر التاريخ التي كافحت في حياتها وتغلبت على تحدياتها بعزم وقوة وإيمان.

إنهم في حاجة للأمثلة العملية والقدوات الصالحة الناجحة في مثل واقعهم وظروفهم وبيئتهم وتحدياتهم الحالية.

لذا فالمسؤولية جماعية لعلاج هذه الظاهرة المتنامية، وتقع على عاتق كلا من الآباء والأمهات والاسرة، ثم على عاتق المصلحين والدعاة، وبالأصالة تقع على عاتق مؤسسات الدولة أيضًا الحكومية والشعبية منها.

فيجب على مؤسسات الدولة أن تتيح لهذا الجيل القدر اللازم من الارتواء الإيماني الديني الصحيح، والتوجيه النفسي المعنوي اللازم لبناء الشخصية السوية عبر المؤسسات التعليمية، والمساجد والمنظمات المجتمعية، ومراكز الشباب والأندية الرياضية، مع دعم الأنشطة التنموية الفاعلة واللازمة لتحقيق الذات والمانعة من الإحباط.

وعلى الآباء والأمهات الاستماع الجيد لأبنائهم ومصاحبتهم والعمل على دعمهم نفسيا وإيمانيا، وعدم تركهم في أزماتهم أو إهانتهم عند إخفاقهم، بل يجب أن يكونوا مصدر ثقة ودعم وأمان لهم، وتصحيح للمسار عند الفشل أو الإخفاق بالقدوة والحكمة والرفق واللين.

وأما الدعاة والمصلحون، فيجب عليهم تكثيف الجهود لمواجهة تلك النظرة المادية المتفشية في المجتمع بإذكاء معاني الإيمان بالله واليوم الآخر في النفوس، وبيان حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، والعمل الدؤوب على مواجهة التغريب ودحض دعوات التشكيك والإلحاد التي تُبث في نفوس الشباب عبر وسائل الميديا المتنوعة، مع الاختلاط الحقيقي بالشباب على الأرض في ميادين دراستهم وحياتهم والحرص على ذلك رغم كل العوائق والعقبات، فهذا يُعد من أعظم الجهاد، جهاد الكلمة والبيان.

سامح محمد بسيوني