تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,809

    افتراضي لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ



    (18) - (حديث: " لا تفعلى فإنه يورث البرص ". رواه الدارقطنى وقال: يرويه خالد بن إسماعيل , وهو متروك , وعمرو الأعسم وهو منكر الحديث (ص 10) .
    موضوع.

    وهو يروى من حديث عائشة , وعنها عروة , وعنه ابنه هشام , والزهرى , وله عن الأول منهما خمس طرق , وعن الآخر طريق واحدة , وإليك بيانها:
    1 - خالد بن إسماعيل المخزومى ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سخنت ماء فى الشمس فقال: لا تفعلى يا حميراء فإنه ... ".
    أخرجه الثقفى فى " الثقفيات " (3/21/1) والدارقطنى (14) والبيهقى (1/6) وقال الدارقطنى: " غريب جدا , خالد بن إسماعيل متروك ". وقال البيهقى: " وهذا لا يصح ".
    ثم روى من طريق ابن عدى أنه قال: " خالد بن إسماعيل أبو الوليد المخزومى يضع الحديث على ثقات المسلمين , وروى هذا الحديث عن هشام بن عروة مع خالد: وهب بن وهب أبو البخترى هو شر منه ".
    وقال البيهقى فى " معرفة السنن والآثار " (ص 65) : " لا يثبت البتة ".
    2 - عن أبى البخترى وهب بن وهب عن هشام به.
    علقه ابن عدى كما سبق , ووصله ابن حبان فى " الضعفاء " , ومن طريقه أورده ابن الجوزى فى " الموضوعات " وقال: " وهب كذاب ".
    3 - عن الهيثم بن عدى عن هشام بن عروة به نحوه.
    رواه الدار قطنى فى " الأفراد " وقال ابن الجوزى: " الهيثم كذاب " ,.
    4 - عن محمد بن مروان السدى عن هشام بن عروة به.
    أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " وقال: " لا يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد " كذا قال! وهو عجب من مثله فى حفظه ولذا تعقبه الحافظ بقوله: " كذا قال! فوهم ".
    وقال: " محمد بن مروان السدى متروك ".
    وقال شيخه الهيثمى فى " مجمع الزوائد " (1/214) :
    " أجمعوا على ضعفه ".
    وأما السيوطى فكان أوضحهم عبارة فقال فى " اللآلىء المصنوعة " (1/5) : " وهو كذاب ".
    5 - عن إسماعيل بن عمرو الكوفى عن ابن وهب عن مالك عن هشام به.
    رواه الدارقطنى فى " غرائب مالك " وقال: " وهذا باطل عن ابن وهب وعن مالك , ومن دون ابن وهب ضعفاء ". وعلقه البيهقى فى سننه (1/7) وقال: " إسناد منكر عن ابن وهب عن مالك عن هشام , ولا يصح ".
    وقال الذهبى فى " المهذب " (1/2/1) عقبه: " قلت: هذا مكذوب على مالك ".
    وقال الحافظ فى " التلخيص ": " واشتد إنكار البيهقى على الشيخ أبى محمد الجوينى فى عزوه هذا الحديث لرواية مالك ,والعجب من ابن الصباغ كيف أورده فى " الشامل "جازماً به فقال: " روى مالك عن هشام " وهذا القدر هو الذى أنكره البيهقى على الشيخ أبى محمد ".
    6 - عمرو بن محمد الأعسم ثنا فليح عن الزهرى عن عروة به.
    أخرجه الدارقطنى {و} عنه البيهقى [1] وقالا [2] : " عمرو بن محمد الأعسم منكر الحديث , ولم يروه عن فليح غيره , ولا يصح عن الزهرى ". وقال الذهبى فى " المهذب ": " قلت: الأعسم متهم ". وصدق رحمه الله.
    وفى الباب عن أنس مرفوعا بلفظ: " لا تغتسلوا بالماء الذى يسخن فى الشمس , فإنه يعدى من البرص ".
    أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (ص 177) عن سوادة عنه , وقال: " سوادة مجهول بالنقل , حديثه هذا غير محفوظ , وليس فى الماء المشمس شىء يصح مسندا , إنما فيه عن عمر رضى الله عنه ".
    وقال الذهبى فى ترجمة سوادة من " الميزان ": " قلت: وخبره هذا كذب ". وأفرده [3] الحافظ فى " اللسان ".
    وقال فى " الدراية " (ص 26) : " وإسناده واه جدا ".
    قلت: وله عن أنس إسنادان آخران خرجهما السيوطى فى " اللآلىء " (1/6) .
    وأما أثر عمر الذى أشار إليه العقيلى فلا يصح عنه , وله إسنادان:
    الأول: قال الشافعى فى " الأم ": أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرنى صدقة ابن عبد الله عن أبى الزبير عن جابر: " أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال: إنه يورث البرص " , ومن طريق الشافعى أخرجه البيهقى فى " سننه " (1/6) وفى " المعرفة " (1/4) وأطال الكلام فيه حول إبراهيم هذا محاولا تمشية حاله , ولكن عبثا , فالرجل متهم متروك كما سبق بيانه عند الحديث رقم (15) , وهذا الإسناد مسلسل بالعلل:
    الأولى: إبراهيم المذكور.
    الثانية: صدقة بن عبد الله وهو أبو معاوية السمين.
    قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
    الثالثة: عنعنة أبى الزبير فإنه مدلس.
    قلت: ومع كل هذه العلل , وشدة ضعف إبراهيم شيخ الشافعى يقتصر الحافظ فى " الدراية " على قوله: " إسناد ضعيف "!
    الثانى: عن حسان بن أزهر السكسكى قال: قال عمر: " لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص ".
    أخرجه ابن حبان فى " الثقات " فى ترجمة حسان هذا (1/25) والدارقطنى والبيهقى وسكتا عنه , وأعله ابن التركمانى بإسماعيل بن عياش مع أنه من روايته عن الشاميين , وهى صحيحة عند البخارى وغيره من الأئمة , وذلك مما يعرفه ابن التركمانى ولكنه أعله به ملزما بذلك البيهقى لأنه فعل مثله فى غير هذا الأثر مع تصريحه فى " باب ترك الوضوء من الدم " بما ذكرنا من صحة روايته عن الشاميين فهكذا يعمل التعصب المذهبى بأهل العلم!
    على أن إسماعيل لم ينفرد بهذا , بل تابعه عليه أبو المغيرة عبد القدوس عند ابن حبان , وهو ثقة من رجال الشيخين , فهل خفى هذا على ابن التركمانى؟!
    إنما علة هذا الإسناد حسان هذا , فإنى لم أجد له ترجمة عند أحد سوى أن ابن حبان ذكره فى " الثقات " , وما أظن أنه يعرفه إلا فى هذا الأثر , وهو معروف بتساهله فى التوثيق.
    ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى تضعيف هذا الإسناد أيضا حين قال عقبه فى " الدراية ": " وهو أصلح من الأول ".
    وما أحسن ما قال الشافعى رحمه الله- كما فى " معرفة البيهقى " -:" ولا أكره الماء المشمس , إلا أن يكره من جهة الطب ".

    __________


    [تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
    [1] {كذا فى الأصل! ولم يروه البيهقى من هذا الطريق}
    [2] {كذا فى الأصل , والصواب: وقال أى الدارقطنى}
    [3] {كذا فى الأصل, والصواب: وأقره}



    الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
    المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,809

    افتراضي رد: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ

    في كراهية الماء المشمس من ناحية الطب مَسْأَلَةٌ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَا أَكْرَهُ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ لِكَرَاهِيَةِ عُمْرَ ذَلِكَ وَقَوْلِهِ : " يُورِثُ الْبَرَصَ " . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : فَهَذَا صَحِيحٌ ، اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ مَكْرُوهٌ لِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَمَّسَتْ مَاءً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَا فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ " وَرُوِيَ عَنْ عُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ كَرِهَ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ ، وَقَالَ : إِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ ، فَإِذَا ثَبَتَ الْخَبَرُ وَالْأَثَرُ كَرَاهِيَةُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَا أَثَّرَتْ فِيهِ الشَّمْسُ مِنْ مِيَاهِ الْأَوَانِي ، وَأَمَّا مِيَاهُ الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ لَا يُكْرَهُ لِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الشَّمْسَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا كَتَأْثِيرِهَا فِي الْأَوَانِي . وَالثَّانِي : التَّحَرُّزُ مِنْهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ وَمِنَ الْأَوَانِي مُمْكِنٌ ، وَتَأْثِيرُ الشَّمْسِ فِي مِيَاهِ الْأَوَانِي قَدْ يَكُونُ تَارَةً بِالْحَمَا ، وَتَارَةً بِزَوَالِ بِرْدِهِ ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى سَوَاءٍ ، فَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرِ الشَّمْسُ فِيهِ لَمْ يُكْرَهْ فَسَوَاءٌ مَا قَصَدَ بِهِ الشَّمْسَ ، وَمَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنْهُ مَا قَصَدَ بِهِ الشَّمْسَ دُونَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ حكم الماء المشمس ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ : " لَا تَفْعَلِي " فَكَانَ النَّهْيُ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْفِعْلِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَصَّ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ وَأَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَصُّ بِالْقَصْدِ دُونَ غَيْرِهِ ، وَكَذَا أَيْضًا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا حَمِيَ بِالشَّمْسِ فِي بِلَادِ تِهَامَةَ وَالْحِجَازِ ، وَبَيْنَ مَا حَمِيَ بِهَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ ، وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجْعَلُ النَّهْيَ مَخْصُوصًا بِمَا حَمِيَ بِتِهَامَةَ وَالْحِجَازِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تُورِثُ الْبَرَصَ دُونَ مَا حَمِيَ بِالْعِرَاقِ وَسَائِرِ الْبِلَادِ ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ إِنَّمَا هُوَ إِطْلَاقُ قَوْلٍ
    بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَعَ عُمُومِ النَّهْيِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ الْبِلَادِ ، فَأَمَّا مَا حَمِيَ بِالشَّمْسِ ثُمَّ بَرُدَ استعماله في الطهارة فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ عَلَى حَالِ الْكَرَاهَةِ لِثُبُوتِ حُكْمٍ لَهُ قَبْلَ الْبَرْدِ . وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ كَانَ لِأَجْلِ الْحَمْيِ ، فَإِذَا زَالَ الْحَمْيُ زَالَ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ ، وَكَانَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا يَقُولُ : يَنْبَغِي أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ إِلَى عُدُولِ الطِّبِّ فَإِنْ قَالُوا : إِنَّهُ بَعْدَ بَرْدِهِ يُورِثُ الْبَرَصَ كَانَ مَكْرُوهًا ، وَإِنْ قَالُوا : إِنَّهُ لَا يُورِثُ الْبَرَصَ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا ، وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِغَيْرِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرِيعَةِ ، لِأَنَّ مِنَ الطِّبِّ مَنْ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ يُورِثُ الْبَرَصَ وَلَا يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِ فِيهِ . فَصْلٌ : فَإِذَا ثَبَتَ كَرَاهَةُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ فَإِنَّمَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا يُلَاقِي الْجَسَدَ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ ، وَإِزَالَةِ نَجَسٍ أَوْ بَرَدٍ ، أَوْ تَنْظِيفٍ ، أَوْ شُرْبٍ ، سَوَاءٌ لَاقَى الْجَسَدَ فِي عِبَادَةٍ أَوْ غَيْرِ عِبَادَةٍ ، فَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَا يُلَاقِي الْجَسَدَ مِنْ غَسْلِ ثَوْبٍ أَوْ إِنَاءٍ أَوْ إِزَالَةِ نَجَاسَةٍ عَنْ أَرْضٍ الماء المشمس ، فَلَا يُكْرَهُ ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ ، وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِمُلَاقَاةِ الْجَسَدِ دُونَ غَيْرِهِ ، فَأَمَّا إِنِ اسْتَعْمَلَهُ فِي طَعَامٍ يُرِيدُ أَكْلَهُ الماء المشمس ، فَإِنْ كَانَ قَدْ يَبْقَى فِي الطَّعَامِ كَالْمُرِّيِّ بِهِ فِي الطَّبْخِ كَانَ مَكْرُوهًا ، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْقَى مَا يُعَافِيهِ كَالدَّقِيقِ الْمَعْجُونِ بِهِ ، أَوِ الْأُرْزِ الْمَطْبُوخِ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ .


    كتاب : الحاوي في فقه الشافعي
    المؤلف : أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي


    http://www.islamicbook.ws/asol/shafi...hafai-001.html

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,809

    افتراضي رد: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ

    (ولا يكره من ذلك الا ما قصد إلى تشميسه فانه يكره الوضوء به ومن أصحابنا من قال لا يكره كما لا يكره بماء تشمس في البرك والانهار والمذهب الاول والدليل عليه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وقد سخنت ماء بالشمس يا حميراء لا تفعلي هذا فانه يورث البرص) (الشرح) هذا الحديث المذكور ضعيف باتفاق المحدثين وقد رواه البيهقى من طرق وبين ضعفها كلها ومنهم من يجعله موضوعا: وقد روى الشافعي في الامام باسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال انه يورث البرص وهذا ضعيف أيضا باتفاق المحدثين فانه من رواية ابراهيم بن محمد بن أبي يحيى وقد اتفقوا على تضعيفه وجرحوه وبينوا أسباب الجرح الا الشافعي رحمه الله فانه وثقه فحصل من هذا أن المشمس لا أصل لكراهته ولم يثبت عن الاطباء فيه شئ فالصواب الجزم بأنه لا كراهة فيه وهذا هو الوجه الذى حكاه المصنف وضعفه وكذا ضعفه غيره وليس بضعيف بل هو الصواب الموافق للدليل ولنص الشافعي فانه قال في
    الام لا أكره المشمس الا أن يكره من جهة الطب كذا رأيته في الام: وكذا نقله البيهقى بأسناده في كتابه معرفة السنن والآثار عن الشافعي: وأما قوله في مختصر المزني الا من جهة الطب لكراهة عمر لذلك وقوله انه يورث البرص فليس صريحا في مخالفة نصه في الام بل يمكن جمله عليه فيكون معناه لا أكرهه الا من جهة الطلب ان قال أهل الطب انه يورث البرص.
    فهذا ما نعتقده في المسألة وما هو كلام الشافعي: ومذهب مالك وأبي حنيفة واحمد وداود والجمهور أنه لا كراهة كما هو المختار وأما الاصحاب فمجموع ما ذكروا فيه سبعة أوجه أحدها لا يكره مطلقا كما سبق: والثاني يكره في كل الاواني والبلاد بشرط القصد إلى تشميسه وهو الاشهر عند العراقيين وزعم صاحب البيان أنه المنصوص وبه قطع المصنف في التنبيه (1) والقاضي ابو على الحسن بن عمر البندنيجى من كبار العراقيين في كتابه الجامع.
    والثالث يكره مطلقا ولا يشترط القصد وهو المختار عند صاحب الحاوى قال ومن اعتبر القصد فقد غلط.
    والرابع يكره في البلاد الحارة في الاواني المنطبعة وهى المطرقة ولا يشترط القصد ولا تغطية رأس الاناء وهذا هو الاشهر عند الخراسانيين وغلط امام الحرمين العراقيين في اشتراط القصد وعلى هذا فالمراد بالمنطبعة أوجه أحدها جميع ما يطرق وهو قول الشيخ ابى محمد الجويني: والثاني انها النحاس خاصة وهو قول الصيدلاني: والثلث كل ما يطرق الا الذهب والفضة لصفائهما واختاره امام الحرمين.
    والخامس يكره في المنطبعة بشرط تغطية رأس الاناء حكاه البغوي وجزم به شيخه القاضى حسين وصاحب التتمة: والسادس ان قال طبيبان يورث البرص كره والا فلا حكاه صاحب البيان وغيره وضعفوه وزعموا ان الحديث لم يفرق فيه ولم يقيد بسؤال الاطباء.
    وهذا التضعيف غلط بل هذا الوجه هو الصواب ان لم يجزم بعدم الكراهة وهو موافق لنصه في الام لكن اشترط طبيبين ضعيف بل يكفى واحد فانه من باب الاخبار: والسابع يكره في البدن دون الثوب حكاه صاحب البيان وهو ضعيف أو غلط
    فانه يوهم أن الاوجه السابقة عامة للبدن والثوب وليس كذلك بل الصواب ما قاله صاحب الحاوى أن الكراهة تختص باستعماله في البدن في طهارة حدث أو نجس أو تبرد أو تنظف أو شرب قال وسواء لاقى البدن في عبادة أم غيرها قال ولا كراهة في استعماله فيما لا يلاقى البدن من غسل ثوب واناء وأرض لان الكراهة للبرص وهذا مختص بالجد قال فان استعمله في طعام وأراد أكله فان كان مائعا كالمرق كره وان لم يبق مائعا كالخبز والارز المطبوخ به لم يكره هذا كلام صاحب الحاوى وذكر مثله صاحب البحر وهو الامام أبو المحاسن عبد الواحد بن اسماعيل الرويانى
    * وإذا قلنا بالكراهة فنرد ففى زوالها أوجه حكاها الروياني وغيره ثالثها ان قال طبيبان يورث البرص كره والا فلا (2) وحيث اثبتنا الكراهة فهى كراهة تنزيه وهل هي شرعية يتعلق الثواب بتركها وان لم يعاقب علي فعلها أم ارشادية لمصلحة دنيوية لا ثواب ولا عقاب في فعلها ولا تركها فيه وجهان ذكرهما الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: قال واختار الغزالي الارشادية وصرح الغزالي به في درسه قال وهو ظاهر نص الشافعي قال والاظهر (2) واختيار صاحبي الحاوى والمهذب وغيرهما الشرعية (قلت) هذا الثاني هو المشهور عن الاصحاب والله أعلم (فرع)
    قوله روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: هذه عبارة جيدة لانه حديث ضعيف فيقال فيه روى بصيغة التمريض
    * وعائشة رضي الله عنها تكنى أم عبد الله كنيت بابن اختها اسماء عبد الله بن الزبير وهي عائشة بنت ابي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤى بن غالب القرشية التيمية تلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرة ابن كعب وسبق باقي نسبها في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الكتاب: ومناقب عائشة كثيرة مشهورة ذكرت منها جملة صالحة في تهذيب الاسماء توفيت سنة ثمان وقيل تسع وقيل سبع وخمسين بالمدينة ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها وأقامت عنده تسع سنين وتوفى وهي بنت ثمان عشرة: وقول المصنف قصد الي تشميسه صحيح وزعم بعض الغالطين انه لا يقال قصد إلى كذا بل قصد كذا وهذا خطأ بل يقال قصدته وقصدت إليه وقصدت له ثلاث لغات حكاهن ابن القطاع وغيره: ومن أظرف الاشياء أن اللغات الثلاث اجتمعت متوالية في حديث واحد فيصحيح مسلم في نحو سطر عن جندب البجلى رضي الله عنه أن رجلا من المشركين كان إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله وان رجلا من المسلمين قصد غفلته هذا نصه بحروفه والله اعلم
    * وأما قوله كما لا يكره ماء تشمس في البرك والانهار فعدم الكراهة في البرك والانهار متفق عليه لعدم امكان الصيانة وتأثير الشمس * قال المصنف رحمه الله
    * (فان تطهر منه صحت طهارته لان المنع لخوف الضرر وذلك لا يمنع صحة الوضؤ كما لو توضأ بماء يخاف من حره أو برده) (الشرح) أما صحة الطهارة فمجمع عليه: وقوله لان المنع لخوف الضرر وذلك لا يمنع صحة الوضوء معناه أن النهى ليس راجعا الي نفس المنهي عنه بل لامر خارج وهو الضرر وإذا كان النهى لامر خارج لا يقتضى الفساد علي الصحيح المختار لاهل الاصول من أصحابنا وغيرهم: فان قيل لا حاجة إلى قوله لا يمنع صحة الوضوء لان كراهة التنزيه لا تمنع الصحة قلنا (3) هذا خطأ لان الكراهة نهى مانع من الصحة سواء كان نهي تحريم أو تنزيه الا أن يكون لامر خارج فلهذا علل المصنف بانه لامر خارج: ومما حكم فيه بالفساد لنهي النزيه الصلاة في وقت النهي فانها كراهة تنزيه ولا تنعقد على أصح الوجهين كما سنوضحه في موضعه ان شاء الله تعالى: وأما قوله كما لو توضأ بماء يخاف من حره أو برده فمعناه أنه يكره ويصح الوضوء وهذان الامران متفق عليهما عندنا ودليل الكراهة أنه يتعرض للضرر ولانه لا يمكنه استيفاء الطهارة على وجهها (فرع)
    في قول المصنف ولا يكره من ذلك الا ما قصد الي تشميسه تصريح بما صرح به أصحابنا وهو أنه لا تكره الطهارة بماء البحر ولا بماء زمزم ولا بالمتغير بطول المكث ولا بالمسخن ما لم يخف الضرر لشدة حرارته سواء سخن بطاهر أو نجس: وهذه المسائل كلها متفق عليها عندنا وفي كلها خلاف لبعض السلف: فأما ماء البحر فجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم على أنه لا يكره كمذهبنا: وحكى الترمذي في جامعه وابن المنذر في الاشراف وغيرهما عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن القاصي رضي الله عنه انهما كرها الوضوء به وحكاه اصحابنا ايضا عن سعيد بن المسيب: واحتج لهم بحديث روى عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم تحت البحر نار وتحت النار بحر حتى عد سبعة وسبعة رواه أبو داود في سننه: واحتج أصحابنا بحديث هو الطهور ماؤه وبحديث الماء طهور: ولانه لم يتغير عن أصل خلقته فأشبه غيره: وأما حديث تحت البحر نار فضعيف باتفاق المحدثين وممن بين ضعفه أبو عمر بن عبد البر ولو ثبت لم يكن فيه دليل ولا معارضة بينه وبين حديث هو الطهور ماؤه: وأما زمزم فمذهب الجمهور كمذهبنا أنه لا يكره الوضوء والغسل به وعن احمد رواية بكراهته لانه جاء عن العباس رضي الله عنه أنه قال وهو عند زمزم لا أحله لمغتسل وهو لشارب حل وبل: ودليلنا النصوص الصحيحة الصريحة المطلقة في المياه بلا فرق ولم يزل المسلمون علي الوضوء منه بلا انكار ولم يصح ما ذكروه عن العباس بل حكي عن أبيه عبد المطلب ولو ثبت عن العباس لم يجز ترك النصوص به: وأجاب أصحابنا بأنه محمول علي أنه قاله في وقت ضيق الماء لكثرة الشاربين: واما المتغير بالمكث فنقل ابن المنذر الاتفق علي انه لا كراهة فيه الا ابن سيرين فكرهه: ودليلنا النصوص المطلقة ولانه لا يمكن الاحتراز منه فأشبه المتغير بما يتعذر صونه عنه: وأما المسخن فالجمهور أنه لا كراهة فيه وحكي أصحابنا عن مجاهد كراهته: وعن أحمد كراهة المسخن بنجاسة وليس لهم دليل فيه روح: ودليلنا النصوص المطلقة ولم يثبت نهي (فرع)


    __________
    (1) كلامه في التنبيه محمول محمول على ما تأوله ابن يونس وهو انه انما ذكر قصد التشميس ليحترز به عن المتشمس في البرك والانهار اه من هامش نسخة الاذرعي
    (2) صحيح في الروضا أنها تزول مطلقا وصحيح الرافعي في شرحه الصغير عكسه: كذا بهامش الاذرعي (2) صوابه تقديم لفظ الاظهر على قال: كذا بهامش الاذرعي
    (3) قوله قلنا الخ فيه نظر والصلاة في وقت النهي حرام في اصح الجهين كما قال في الروضة وفي هذا الكتاب في بابه اه من هامش الاذرعي


    الكتاب : المجموع شرح المهذب
    المؤلف : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
    [ هو شرح النووي لكتاب المهذب للشيرازي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,809

    افتراضي رد: لَا تَفْعَلِي يَا حُمَيْرَاءُ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •