حجية السنة النبوية من القرآن
سلطان بن سراي الشمري



الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتمَّ علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا، والصلاة والسلام الأتمَّانِ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الدِّينُ هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربِّ العالَمين قرآنًا وسُنَّةً مُطهَّرةً، وهذان المصدران ظاهران، وما سواهما من الأدلة متفرعة عنهما، فنحن مأمورون ومُكلَّفون باتِّباعِ ما جاء في القرآن من آيات وما ورَد في السنة من أحاديث صحيحة، وليس هناك فرق بين القرآن والسُّنَّة في الحُجِّية والاستدلال والإلزام والتعظيم والتسليم لهما وإن خالف هذا رغباتنا وأهواءنا، فهو تشريع رباني لا يخضع لأهواء الناس المتقلِّبة وأفهامهم المتباينة وعقولهم القاصرة، والسنَّة مبينة وشارحة لما في القرآن، فهما نعمتانِ عظيمتانِ، مِن أثبت وأشرف النِّعَم؛ لذلك نؤمن ونُسلِّم بهما تسليمًا مطلقًا؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ [البقرة: 231].

فالنعمة الأولى التي ذكرها الله تعالى هي نعمة إنزال القرآن، وهو الوحيُ المتلوُّ المتعبَّد بتلاوتِه، وهو كلام الله حقًّا لفظًا ومعنًى، نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 192 - 195] والقرآن محفوظ من التبديل والتغيير، وصالح لكل زمان ومكان، نزَّهه ربُّنا عن الخطأ والزَّلَل، قال تعالى: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، وقد وعد الله بحفظ كتابه من عبث العابثين وتحريف الغالين، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أُمَّة محمد صلى الله عليه وسلم: "..هَذِهِ الْأُمَّة حَفِظَ اللَّهُ لَهَا مَا أَنْزَلَهُ كَمَا قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، فَمَا فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ أَوْ نَقْل الْحَدِيثِ أَوْ تَفْسِيرِهِ مِنْ غَلَطٍ فَإِنَّ اللَّهَ يُقِيمُ لَهُ مِنَ الْأُمَّةِ مَنْ يُبَيِّنُهُ وَيَذْكُرُ الدَّلِيلَ عَلَى غَلَطِ الْغَالِطِ وَكَذِبِ الْكَاذِبِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَلَا يَزَالُ فِيهَا طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ إِذْ كَانُوا آخِرَ الْأُمَمِ فَلَا نَبِيَّ - بَعْدَ نَبِيِّهِمْ - بَعْدَهُمْ وَلَا كِتَابَ بَعْدَ كِتَابِهِمْ.

وَكَانَتِ الْأُمَمُ قَبْلَهُمْ إِذَا بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا يُبَيِّنُ لَهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ، وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ أَنْ يَحْفَظَ مَا أَنْزَلَهُ مِنَ الذِّكْرِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ؛ بَلْ أَقَامَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مَنْ يَحْفَظُ بِهِ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم ِوَالْقُرْآنِ، وَيَنْفِي بِهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُضِلِّينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ؛ ا هـ. [الجواب الصحيح (3/39)].

والنعمة الثانية المرادفة لنعمة القرآن هي نعمة الحكمة، والمراد بها السُّنَّة، وهي الوحي الثاني غير المتلوِّ، وهي مفسِّرةٌ وموضِّحةٌ ومبينة للقرآن ومُخصِّصةٌ ومقيِّدةٌ لبعضِ ما فيه، فليس لأحدٍ أنْ يدعو بالاكتفاء بالقرآنِ عن السُّنَّة، وهذا الذي فهمه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام والسلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين، فقد وردت السُّنَّة في القرآن الكريم بلفظ الحكمة في آيات عديدة، ووردت مقرونة بالكتاب؛ أي: بالقرآن، قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34]، وقال تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129]، وقال أيضًا: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].

فدلَّت هذه الآيات الكريمة على أن الله تعالى أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئين: الكتاب؛ وهو القرآن، والحكمة؛ وهي السُّنَّة.

ومن الأدلة على ورود السُّنَّة في القرآن ما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، قال الألباني رحمه الله في تعليقه على هذه الآية: والذي أراه أنَّ هذا البيانَ المذكور في هذه الآية الكريمة يشتمل على نوعين من البيان:
الأول: بيان اللفظِ ونظمِه، وهو تبليغُ القرآن، وعدمُ كتمانه، وأداؤه إلى الأُمَّة، كما أنزله الله تبارك وتعالى على قلبه صلى الله عليه وسلم، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [المائدة: 67]، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث لها: "ومَنْ حدَّثكم أنّ َمحمدًا كَتَمَ شيئًا أُمِرَ بتبليغه، فقد أعظمَ على اللهِ الفِرْيَةَ، ثم تلت الآية المذكورة "؛ [أخرجه الشيخان]، وفي روايةٍ لمسلم: "لو كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كاتِمًا شيئًا أُمِرَ بتبليغِه لكتَمَ قولَه تعالى: ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾ [الأحزاب: 37].

والآخر: بيانُ معنى اللفظِ أو الجُملةِ أو الآيةِ الذي تحتاج الأُمَّةُ إلى بيانه، وأكثرُ ما يكون ذلك في الآيات المُجملة، أو العامة، أو المُطْلَقة، فتأتي السُّنَّة فتُوَضِّح المُجْمَلَ، وتُخَصِّص العام، وتقيِّد المُطْلق، وذلك يكون بقوله صلى الله عليه وسلم كما يكون بفعلِه وإقرارِه؛ [منزلة السُّنَّة في الإسلام (ص6،7)].

فتأمَّل قول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 44] دليل على أن هناك تبيانًا وشرحًا من رسول الله للناس، زائدًا على الذكر الذي أُنزِل وهو القرآن، وهذا التبيان والشرح من رسول الله هو المقصود بالسُّنَّةِ، وهي متمثلة في أقواله وأفعاله، فما من عمل أوجبه أو أمر به أو حرَّمه أو نهى عنه لم يُذكر في القرآن فإنما هو وَحْيٌ من عند الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي بالتشريع من عند نفسه، وهذا البيان الذي جاء في السُّنَّة له أنواع متعددة، وقد حَصَرَها ابن القيم رحمه الله في ثلاثة أوجه رئيسة، فقال: السُّنَّة مع القرآن على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن توافقه من كلِّ وجهٍ، فيكون من باب توارُد الأدلة.

ثانيها: أن تكون بيانًا لِمَا أُريد بالقرآن.

ثالثها: أن تكون دالةً على حُكم سكَتَ عنه القرآن، وهذا الثالث يكون حُكْمًا مُبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم، فتجب طاعته فيه، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُطاع إلَّا فيما وافق القرآن، لم تكن له طاعةٌ خاصَّة، وقد قال تعالى: ﴿ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [النساء: 78]، وقد تناقَضَ مَنْ قال: أنه لا يُقبل الحُكْمُ الزائد على القرآن إلَّا إن كان مُتواترًا أو مشهورًا؛ [إعلام الموقعين، (2/ 308) باختصار].

فجعل الله سبحانه وتعالى مهمة تفسير القرآن الكريم وإيضاح معانيه وبيان تعاليم الدين وتفصيل الأحكام إلى رسوله صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه ربُّ العالمين على خلقه أجمعين، وَأَوْحَى إليه ومكَّنه سبحانه وتعالى من بيان مرادِه عز وجل، فالسُّنَّة أحقُّ وأجْدَرُ بفَهْم القرآن ومراد الله تعالى؛ لأنها مرادفة للقرآن في البيان والإيضاح، وممَّا يجعلك تعرف عظيم نعمة السُّنَّة علينا أن أعظم ما في الإسلام ومبانيه الكُبْرى وهي أركان الإسلام الخمسة لم تَرد مُفَصَّلة في القرآن؛ بل وردت مُجمَلةً دون بيانٍ مُفصَّل لكيفيَّة أدائها، وبيان وقت أدائها، وبيان المقدار أو العدد، أو على مَنْ تجب، وشروط الصحة وغير ذلك من التفاصيل التي تكفَّلت السُّنَّة المطهَّرة بفهم وبيان تفاصيلها من كل الجوانب التي لم تُذكَر في القرآن، وذُكِرت في السُّنَّة ولله الحمد؛ فهل يكون عندك بعد ذلك شكٌّ بحجيَّة السُّنَّة وعظيم شأنها، وأنها وحْيٌ من عند الله، وهي من الوحي المُبلَّغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من الوحي المُنزَّل بواسطة جبريل؛ كالقرآن، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4].

قال السعدي رحمه الله: دلَّت الآية الكريمة على أنَّ السُّنَّة وحْيٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه؛ لأنَّ كلامه لا يصدر عن هوًى، وإنما يصدر عن وحي يُوحى؛ [تفسير السعدي، ص 818].

لذلك قرن الله طاعته بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32].

ومن الآيات التي تؤكِّد على طاعة وحُجِّيَّة السُّنَّة قوله تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].

وحذَّر الله عز وجل من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

وبهذا نعلم أنه لولا السُّنَّة لم نعرف عدد ركعات الصلاة وصفاتها وشروطها وما يجب فيها، ولولا السُّنَّة لم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام والزكاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات من زواج وطلاق وبيوع، ولم يعرفوا المُحرَّمات وما أوجب الله فيها من الحدود والعقوبات ونحو ذلك.

لذلك تجد أن منهج علماء الإسلام وسلف الأُمَّة من القرون المفضَّلة في التعامل مع كتاب الله أنهم لا يُقلِّلُون من شأن السُّنَّةِ بتَعَدٍّ أو تغافل أو تجاوُز لحدودهم وقدرهم مع نبيِّهم صلى الله عليه وسلم، فيُقدِّمون قولَه وسُنَّته في فَهْم معاني القرآن على قولهم أو رأيهم، وتأمَّل معي هذه الوصية الثمينة في أهمية تعلُّم كتاب الله وتعليمه وطُرُق تفسيره للحافظ ابن كثير رحمه الله في مقدمة تفسيره فيقول: فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ الْكَشْفُ عَنْ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ وَطَلَبُهُ مِنْ مَظَانِّهِ وَتَعَلُّمُ ذَلِكَ وَتَعْلِيمُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّه ُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]، فَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْكِتَابِ قَبْلَنَا بإعراضهم عن كتاب الله المُنزَّل إِلَيْهِمْ وَإِقْبَالِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا وَاشْتِغَالِهِم ْ بِغَيْرِ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ اتِّبَاعِ كِتَابِ اللَّهِ.

فَعَلَيْنَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنْ نَنْتَهِيَ عَمَّا ذَمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَأَنْ نَأْتَمِرَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ تَعَلُّمِ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ إِلَيْنَا وتعليمه، وتفهُّمه، وتفهيمه، قال تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الحديد: 16، 17]، فَفِي ذِكْرِهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ يلين القلوب بالإيمان والهدى بَعْدَ قَسْوَتِهَا مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَاللَّهُ الْمُؤَمَّلُ المسؤول أن يفعل بنا هذا، إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ؟
فَالْجَوَابُ: إِنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُفَسَّرَ الْقُرْآنُ بِالْقُرْآنِ؛ فَمَا أُجْمِلَ في مكان فإنه قد بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَإِنْ أَعْيَاكَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّهَا شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ وَمُوَضِّحَةٌ لَهُ؛ بَلْ قَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النحل: 64]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]؛ وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ))؛ يَعْنِي: السُّنَّةَ.

وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى الْقُرْآنُ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ الشافعي رحمه الله تعالى وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذَلِكَ.

وَالْغَرَضُ أَنَّكَ تَطْلُبُ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فَمِنَ السُّنَّةِ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: ((فبمَ تَحْكُمُ؟))، قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: ((فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟)) قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: ((فَإِنْ لم تجد؟))، قال: أجتهد رأيي، قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ في صدري، وَقَالَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضي رَسُولَ اللَّهِ))، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمَسَانِدِ وَالسُّنَنِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَحِينَئِذٍ إِذَا لَمْ نَجِدِ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ رَجَعْنَا فِي ذَلِكَ إِلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ؛ لِمَا شَاهَدُوا مِنَ الْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي اخْتُصُّوا بِهَا، وَلِمَا لَهُمْ مِنَ الْفَهْمِ التَّامِّ وَالْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، لَا سِيَّمَا عُلَمَاؤُهُمْ وكبراؤهم؛ كالأئمة الأربعة الخلفاء الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ ، وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ [تفسير ابن كثير، (1/ 4)].

إذًا السُّنَّة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد كتاب الله تعالى، وفي الإعراض عنها ضلالٌ وهلاكٌ، فمن صور الإعراض أن البعض يظنُّ أن الحلال والحرام في القرآن فقط، وإذا قلت له: قال رسول الله كذا، أو حرَّم كذا، أو بيَّن كذا، قال لك: وهل هذا في القرآن؟ أعطِني آيةً من القرآن تذكر هذا؟!

فعجبًا لمن يردُّ السُّنَّةَ، ويشوِّش على الناس، ويُكرِّر شبهات المستشرقين والمنافقين وأعداء الإسلام وغيرهم ممن تلوَّث بفكرهم وانحرف عن عقيدة أهل السُّنَّة، فتجدهم يسيرون خلف كل ناعق، ويضربون بالحقائق الثابتة عُرْض الحائط، وما علم هولاء أنهم مطايا لهدم الدين بتساهُلهم وزعمهم أن الإسلام هو القرآن فقط! وإنكار حُجيَّة السنة، أو أنها ليست من التشريع! فلا تجد عندهم لا سُنَّة ولا إجماع، ويردُّون أقوال الصحابة رضي الله عنهم والقرون المفضلة جملةً وتفصيلًا، فهم أدوات لهدم الدين سواء شعروا بذلك أو لم يشعروا، فتجدهم سقطوا في وَحْل الشبهات والترهات التي يُردِّدها أفراخ المستشرقين وأعداء الدين، والله المستعان.

ومما أخبر به رسولُنا صلى الله عليه وسلم وهي من دلائل النبوة أنه سيأتي أقوام يردُّون أحاديثه وينكرون سُنَّتَه، وأنهم لا يقبلون إلا ما ورد في القرآن الكريم، فقد رُوي عن أبي رافع رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ))؛ هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين وابن ماجه، ورواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن، وقال العلَّامة الألباني: صحيح.

وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَان عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ، فَمَا وَجَدْتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ))؛ رواه أبو داود ورجاله كُلُّهم ثقات، رواه الترمذي وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وحسَّنه الألباني في "السلسلة الصحيحة".

ويقول ابن باز رحمه الله عن حكم وجوب اتِّباع كتاب الله وسُنَّة رسوله: وهما أصلان متلازمان، مَن جحد واحدًا منهما فقد جحد الآخر وكذب به، وذلك كفر وضلال، وخروج عن دائرة الإسلام بإجماع أهل العلم والإيمان، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب طاعته، واتِّباع ما جاء به، وتحريم معصيته، وذلك في حقِّ مَن كان في عصره، وفي حقِّ من يأتي بعده إلى يوم القيامة، ومن ذلك ما ثبَتَ عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أطاعني فقد أطاع الله ومَن عصاني فقد عصى الله)) وفي صحيح البخاري عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُلُّ أُمَّتي يدخلون الجنةَ إلَّا مَن أبى))، قيل: يا رسول الله، ومَن يأبى؟ قال: ((مَنْ أطاعني دخل الجنة ومَنْ عصاني فقد أبى))؛ [وجوب العمل بالسُّنَّة].

فحقيقة من يؤمن بالقرآن الكريم، لا بُدَّ أن يؤمن بوجود السُّنَّة الصحيحة والعمل بها، فالله عز وجل قد امتَنَّ على الأُمَّة بإتمام الدين وإكمال النعمة، ولم يكن ذلك مقتصرًا على إنزال القرآن فقط؛ بل بإتمام الأحكام في القرآن والسُّنَّة معًا، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فيلزم من إكمال الدِّين، وإتمام النِّعمة حِفْظ الكِتاب والسُّنَّة جميعًا؛ فمجموعهما هو دين الله عز وجل.

والمقصود من هذا كلِّه أنَّ إنكار حجية السُّنَّة النبويَّة فكرة متناقضة غير قابلة للتطبيق عمليًّا، فلا يمكن أن يكون الرجل مسلمًا مع إنكاره السُّنَّة النبوية - ولو حاول ذلك- قال التابعي أيوب السختياني أحد كبار الفقهاء: إذا حدثت الرجل بالسُّنَّة، فقال: دعنا من هذا وحدِّثْنا من القرآن، فاعلم أنه ضالٌّ مُضِلٌّ؛ [الكفاية في علم الرواية1/28].

وقال ابن القيم رحمه الله في بيان عظيم منزلة السُّنَّة من القرآن: كان السَّلَفُ الطَّيِّبُ يَشْتَدُّ نَكِيرُهُمْ وَغَضَبُهُمْ على مَنْ عَارَضَ حَدِيثَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيٍ أو قِيَاسٍ أو اسْتِحْسَانٍ أو قَوْلِ أَحَدٍ من الناس كَائِنًا مَنْ كان، وَيَهْجُرُونَ فَاعِلَ ذلك، وَيُنْكِرُونَ على مَنْ يَضْرِبُ له الأَمْثَالَ، وَلا يُسَوِّغُونَ غير الانْقِيَادِ له وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّلَقِّي بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَلا يَخْطُرُ بِقُلُوبِهِمْ التَّوَقُّفُ في قَبُولِهِ حتى يَشْهَدَ له عَمَلٌ أو قِيَاسٌ أو يُوَافِقَ قَوْلَ فُلانٍ وَفُلانٍ؛ بَلْ كَانُوا عَامِلِينَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36]؛ [إعلام الموقعين (4/ 244)].

والخلاصة: أنَّ رَدَّ سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته ضلال وهلاك، وعلى هذا اتفق علماء الأُمَّة قديمًا وحديثًا على حجية السُّنَّة النبوية الصحيحة، وأنها أصل عظيم، والمصدر الثاني للتشريع وهي وَحْيٌ كما أن القرآن وَحْيٌ من الله، فالحق والخير الإقرار بحجية السُّنَّة النبوية والالتزام بها؛ فإنَّ في ذلك صلاح الأُمَّة، واستقامة أمر دينها ودُنْياها.

جعلنا الله وإيَّاكم من أهل السُّنَّة الذين يعملون بها، ويدعون لها، ويموتون عليها، ويُحشَرون تحت لوائها يا ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصَحْبه أجمعين.