الدين سهل



- دين الله يسر لا مشقة فيه؛ فلا يكلف الله عباده ما لا يطيقونه، قال الله -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، بمعنى أن الله -تعالى- لا يريد مشقة بالإنسان، وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}، وقال له -أيضا-: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}.

- وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ : امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ، تُصَلِّي. قَالَ : «عَلَيْكُمْ مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا».

- لذا كان من دعاء المؤمنين: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}؛ فالله لا يحاسب إلا على ما يطيقه الإنسان؛ فهو يتحرك ضمن الطاقة المتاحة له؛ فعن أنس بن مالك « أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى شيخًا يُهَادَى بيْنَ ابْنَيْهِ، قالَ: ما بَالُ هذا؟ قالوا: نَذَرَ أنْ يَمْشِيَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ عن تَعْذِيبِ هذا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ. وأَمَرَهُ أنْ يَرْكَبَ».

ونظير ذلك قوله -تعالى-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي : ما كلفكم ما لا تطيقون، وما ألزمكم بشيء فشق عليكم إلا جعل الله لكم فرجا ومخرجا.

- وأعظم دليل على يسر هذا الدين وسهولته، أن اعتناقه يكون بكلمتين يسيرتين، ألا وهما الشهادتان، «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله»؛ ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - حين بعثه إلى اليمن أن يكون أول ما يدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

- فإذا أدركنا هذا، فلنا أن نسأل عن الحد الأدنى الذي يُرضي الله عنا في التزامنا بتعاليم هذا الدين؛ لضمان نجاتنا يوم القيامة، ودخولنا الجنة.

- والحد الأدنى هو أحب شيء إلى الله -تعالى-؛ إذ يتمثل فيما افترضه الله على عبده، فقال -جل وعلا-: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه».

- وقال الأعرابي للنبي - صلى الله عليه وسلم -: « وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ -تَعَالَى- عَلَيَّ شَيْئًا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أفْلَحَ إنْ صَدَقَ، أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ.

- تأمل -مثلا- كيف خُففت الصلاة من خمسين إلى خمس في اليوم والليلة مع ثبات أجر الخمسين!

- وكيف خفف الله عن المسافر بقصر الصلاة، وعن المريض فيؤديها على الوضع الذي يريح بدنه، وعن النائم والناسي فيصليها متى ذكرها، كل هذا من رحمة الله بعباده.

- ليس هذا فحسب، بل رتب الله الأجر العظيم على العمل اليسير، واختار أوقاتا وأماكن تكون فيها الأجور مضاعفة، كقيام ليلة القدر، والاجتهاد في العشر الأوائل من ذي الحجة، والصلاة في الحرمين والمسجد الأقصى، كل هذا أجر عظيم وعمل يسير.



سالم أحمد الناشي