الإبداع في الترجمة المتخصصة

أسامة طبش
بحديثنا عن الإبداع، يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم المجالَ الأدبيَّ بكل ما يحمله من نصوص ثريَّة بالصور البيانية والمحسنات البديعية، ولكن الإبداع الذي سنتناوله في هذا الموضوع يتعلق بنصوص أخرى وتخصص آخر في الترجمة.


نمنح مثالًا لذلك؛ وهي الترجمة القانونية، التي عادة ما يلتزم فيها المترجم بالعبارات كما هي دون تجميل أو زيادة، غير أنه حتى تكون هذه الترجمة راقيةً ومُقنِعةً، لا بد أن يكون المترجم متمرِّسًا فيها؛ ولهذا يُزوَّد المترجمون المبتدئون بدروس في القانون؛ كي تُلائم ترجماتهم هذا التخصص.


هناك فرق بين الترجمة القانونية الجافة وتلك الغنية بالأساليب المُعتمَدة، والمصطلحات المتخصصة والأفكار الواضحة، فنجد المترجم الذي له شهادة في القانون، ثم درس الترجمة وتخصص فيها - أكثر قدرة وبلاغة في هذا النوع من الترجمة؛ لأن طبيعتها قانونية، والمترجم يُصبح قانونيَّ الفكر أيضًا.


ينطبق المثال نفسه على الترجمة الطبية أو الدبلوماسية، فرغم أنه للوهلة الأولى يُخيَّل إلينا أن اللغة محدودة بمحيط التخصص، إلا أنه غنيٌّ جدًّا في حدِّ ذاته، فللترجمة الدبلوماسية فنياتها؛ لأن بها معاييرَ مستقاةً من النُّظُم العامة، والمُتابع والقارئ الذكي له إمكانية الترجمة فيها بكل اقتدار وتمكُّنٍ؛ لهذا نُلاحظ أن المنشغلين بهذا التخصص لهم طلاقةٌ لغوية لا يُستهان بها، فتبرُز الخبرةُ والثقافة والعمق، وهذا لون من ألوان الإبداع الذي يتضح في النص المُتَرْجَمِ.


الإبداع في الترجمة المتخصصة: نقصدُ به التمكن التام من اللغة، وكذا ثقافة ذلك التخصص، وإلا فلِمَ نحبذ في الترجمة الالتزام بتخصص بعينه؟ ذاك كله بُغيةَ وصول الترجمة إلى مرحلة الإقناع، وهي مطلوبة سواء كنا في المجال الأدبي أو حتى التخصصي.