وصايا ذوقية للباحثين

د. إبراهيم عبداللطيف العبيدي
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام الأكمل على النبي الرسول المعلم وعلى آله وصحبه وسلم وبعد؛ فكلما كان خطاب (الباحث،المؤلف،الكاتب) متواضعًا بعيدًا عن الأنا، وجد قبولًا أكثر عند المتلقي؛ بداية من أهل النظر والتقويم والتحكيم وانتهاء بالقراء والمتابعين ونحوهم.

وكلما تم استخدام العبارة العامة المفردة للدلالة عن المتحدث من دون (ناالمتكلمين) في الخطاب، وقع المكتوب في النفس وأحدث أثرًا أكبر.

فبدلًا من أن يقال: وفي نهاية بحثنا يمكن أن نلخص أهم ما توصلنا أو توصل الباحث إليه..

ما أجمل أن يقال: وفي نهاية البحث يمكن تلخيص أهم ما تم التوصل إليه.

فصحيح عند المقارنة بين العبارتين، نجدهما من حيث الفحوى، واحدة، ولكن الأنا في الأولى غالبة!

أما عبارات: شاركنا، ترأسنا، زرنا، كتابنا، بحثنا، نا، نا، فتحمل في طياتها ما تحمل!

والأدهى والأمر من كل ما تقدم حينما يعرّف المتحدث نفسه بالتعظيم ويفرد المخاطب، لا سيما إذا كان الخطاب في مقام تقديم شكر وثناء أو بيان فضل ومكانة، مع رد جميل للمخاطب، كما يحصل -أحيانا- في بعض مناقشات رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه، كأن يقال:

يسرنا أن نتقدم إلى مشرفنا بعظيم شكرنا وامتنانا -ثم يعقب ملتفتًا على مشرفه-أشكرك من كل قلبي على ما قدمتَه لنا.
بارك الله بك على تحملك متاعبنا وصبرك علينا!
والأمثلة في ذلك كثيرة وأليمة..

وختاما فإن مراعاة هذ المسائل تعود لذوق المتحدث والكاتب والمؤلف والباحث بشكل عام، وهي ترفع من قدره وتعلي مكانته فما تواضع عبد إلا زاده الله (عزوجل) رفعة وقدرًا، كما صحت بذلك الآثار عن نبينا المختار صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار المهاجرين منهم والأنصار، وسلم تسليمًا كثيرًا مزيدًا.