تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 107

الموضوع: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

  1. #21

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع أقسام اللفظ من حيث الدلالة:

    المجمل وتعريفه:


    [المتن]:

    [فإن دلّ على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه وتساوت، ولا قرينة (فمجمل)(1)، وقد حدّه قوم بما لا يُفهم منه معنى عند الإطلاق(2)].

    [الشرح]:

    (1) (فإن دلّ على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه وتساوت، ولا قرينة فمجمل):

    (فإن دل): أي اللفظ.

    (على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه وتساوت ولا قرينة فـمجمل): أي فهو مجمل، مجمل: اسم مفعول من أُجمل يُجمَل فهو مُجمَل، والمجمل في اللغة: هو المجموع، من أجملت الحساب إذا جمعته، ويُطلق أيضا في اللغة على الخلط والإبهام؛ لذلك يقال: له معان؛ المجموع، والخلط، والمُبهَم، والمحصل.

    أما في الاصطلاح: فحدّه المصنف هنا بقوله:

    (فإن دل): هذا عطف على قوله: (وإن دل على معنى واحد لا يحتمل غيره) الذي هو النص؛ يعني اللفظ كما سبق قد يدل على معنًى واحد لا يحتمل غيره، هذا هو حد النص.

    أو يدل على معنيين هو في أحدهما أظهر من الآخر، وهذا الظاهر.

    بقي أن يدل على معنيين فأكثر دون ترجيح لأحدهما على الآخر؛ دون أن يكون اللفظ ظاهرا في واحد دون الآخر، فهذا هو المجمل.

    إذًا تساوى المعنيان (ولا قرينة): يعني خارجة على ما ذكره المصنف.

    (على أحد معنيين): هذه العبارة مشكلة، كيف نقول على أحد معنيين؟!

    لعل (أحد) هذه زائدة.

    (فإن دل على معنيين أو أكثر لا بعينه): هذا يعود على قوله: (أحد)، حينئذ كيف يُقال: إن المجمل دلّ على معنيين والمعنيان متساويان؟ هذا فيه نوع إشكال.

    (فإن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه): كيف دلّ على أحد معنيين لا بعينه، ثم نقول: هو مجمل؟

    إن دل؛ بمعنى أن الدلالة قد حصلت بالفعل، لا يقال في اللفظ: دلّ على معنى إلا والدلالة قد حصلت بالفعل؛ بحيث إنه إذا أُطلق اللفظ فُهم المعنى، حينئذ إذا قيل: الظاهر دل على أحد المعنيين؛ الأرجح، فإذا أُطلق "الأسد" انصرف إلى الحيوان المفترس، "رأيت أسدا"، حينئذ الأسد له معنيان:

    أحدهما: أرجح، وهو الحيوان المفترس.

    والثاني: مرجوح، وهو الرجل الشجاع.

    فإذا أُطلق، قيل: "رأيت أسدا" حُمل على الحيوان المفترس.

    (على أحد المعنيين إذًا له معنيان، فنقول: لفظ "أسد" دل بلفظه -دون قرينة خارجة- على أحد المعنيين، وهو كونه حيوانا مفترسا؛ لأن هذا شأن الظاهر، لكن القول بأن المجمل دل على أحد المعنيين لا بعينه هذا فيه نوع إشكال، ولذلك عبارة صاحب مختصر التحرير: "ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء"، هذه عبارة أضبط، لو قيل: "دل على أحد المحتملين" صار نصا، وحينئذ قوله هنا: (دل على أحد المحتملين لا بعينه) كيف يأتي هذا؟! كيف دلّ على واحد لا بعينه؟! هذا فيه إشكال من حيث هو إجمال، قد يقال: إنه دلّ بشيء آخر، {وَالْمُطَلَّقَ تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة228]، قد يقول قائل: الظاهر هو كما قال المصنف: {ثلاثة قروء}، قَرء يفهم منه الطهر والحيض، هل أحدهما أظهر من الآخر؟

    لا، لكن إذا عُيّن في الآية بأنه الطهر أو بأنه الحيض حينئذ تعيّن.

    (دل على أحد اللفظين)
    : نقول: لا. إذا وُجدت القرينة وتعين أحد اللفظين زال الإجمال، والحد هنا للمجمل قبل التبيين، أما إذا وقع البيان ارتفع الإجمال، فحينئذ كيف نعرف المجمل بعد رفع الإجمال؟!

    لا يتحدد ويتعين أحد المعنيين إلا إذا جاءت قرينة خارجة، فإذا جاءت قرينة خارجة خرج عن حد المجمل، ونحن نريد أن نُبين ونُحد المجمل قبل ورود البيان.

    حينئذ نقول: (ما تردد بين محتلمين فأكثر على السواء):

    (ما): اسم موصول يصدق على القول والفعل؛ لأن الإجمال يكون فيهما.

    (تردد بين محتملين): أخرج النص؛ لأن النص ليس له إلا محتمل واحد، "جاء زيد"، زيد هذا لا يحتمل إلا الذات المشخصة الواحدة.

    (محتملين فأكثر): لأن المجمل قد يكون دالا على معنيين فقط، وقد يكون دالا على أكثر من معنيين.

    (على السواء): المقصود به تساوي المعنيين، أخرج الظاهر؛ لأن الظاهر يدل على معنيين، إلا أنه في أحدهما أرجح من الآخر، والمجمل يدل على معنيين فأكثر، إلا أن أحدهما ليس أظهر من الآخر.

    فقوله: (على السواء): يعني مستويين، حينئذ أخرج الظاهر وإن دل على معنيين، إلا أنه في أحدهما أظهر، كذلك دلالة اللفظ على الحقيقة والمجاز كـ "أسد"، "أسد" يُستعمَل في الحقيقة والمجاز، هل يدل على الحيوان المفترس والرجل الشجاع والمعنيان متساويان؟

    لا، بل هو في أحدهما أظهر من الآخر، وهو دلالته على الحيوان المفترس.

    إذا عرفنا هنا معنى المجمل على ما ذكره صاحب المختصر، نعود لكلام المصنف.

    (لا بعينه): أراد به الاحتراز عن الظاهر.

    (وتساوت): أي المعاني، وتساوت تلك المعاني، ولا مزية لأحدهما على الآخر.

    (ولا قرينة): يعني قبل رفع الإجمال يُحكم على اللفظ بأنه مُجمل قبل ورود البيان، أما بعده فقد ارتفع الإجمال، ولذلك حكم المجمل وجوب التوقف فيه حتى يرد دليل خارجي.

    ** إذًا النص واجب العمل به.

    ** الظاهر واجب العمل بما دلّ عليه، وهو المعنى الراجح.

    ** أما المجمل فيجب التوقف حتى يرد الدليل الخارجي المبين والمميز لأحد المعنيين على الآخر.

    (2) (وقد حدّه قوم بما لا يُفهم منه معنى عند الإطلاق):

    إذا أُطلق اللفظ هكذا لا يُفهَم منه معنى، وهذا فيه إشكال؛ لأن الذي لا يُفهم منه معنى هو المهمَل، وليس الموضوع، والمجمل قسم من أقسام الموضوع، إذًا لا بد أن يكون له معنى.

    حينئذ قولهم: "بما لا يُفهَم منه معنى عند الإطلاق"، نقول: هذا لا وجود له في اللفظ المستعمل، بل هذا نوع من أنواع المهمل، والمهمل: هو الذي لم تضعه العرب؛ لأن اللفظ نوعان: مهمل، وموضوع؛ المهمل: الذي لم تضعه العرب، وهو الذي لا معنى له كـ "رفعج" مقلوب "جعفر"، و "ديز" مقلوب "زيد"، أما الذي وضعه العرب فلا بد أن يكون له معنى، لكن المجمل يفيد معنى، لكنه غير مُعيّن.

    ولذلك قال بعضهم: لو قيّد هنا؛ "لا يفهم منه معنى معين" لصح الحد، وهذا يرد أيضا ما ذكرته في السابق: (فإن دل على أحد معنيين).

    إذًا المجمل: "ما دل على معنيين فأكثر على السواء ولا قرينة".

    مثاله قوله جل وعلا: {وَالْمُطَلَّقَ تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}، {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}، "قروء: "جمع "قَرء"، أو "قُرء" بالفتح والضم، فيه وجهان، و "القَرء": يُطلق في اللغة على الطهر والحيض على السواء، حينئذ إذا أطلق {ثلاثة قروء}: يُحمَل على المعنيين، وهما متضادان، إذا لا بد من مُرجّح خارجي؛ فحينئذ نقول: {ثلاثة قروء}، هذا اللفظ في هذا التركيب مجمل يجب التوقف فيه، ولا يُعمَل به حتى يرد دليل يبين لنا هل المراد به الحِيَض أم الأطهار؟ حينئذ يُلتمس دليل خارج عن الآية.

  2. #22

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المجمل:

    مواطن الإجمال:

    [المتن]:

    [فيكون في (المشترك)(1)، وهو ما توحد لفظه وتعددت معانيه(2) بأصل الوضع(3)؛ كالعين، والقرء(4)، والمختار للفاعل والمفعول(5)، والواو للعطف والابتداء(6)].

    [الشرح]:

    (1) (فيكون في المشترك):

    أين يكون المجمل؟

    يكون في الفعل، ويكون في الاسم، ويكون في الحرف؛ يعني الإجمال والإبهام وعدم التعيين يدخل الأسماء، ويدخل الأفعال، ويدخل الحروف.

    (فيكون في المشترك): يعني يوجد في المشترك، وهو نوع من أنواع الأسماء، المشترك في المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه، لا بد من القيد؛ لأن المشترك ما له معنيان فأكثر، قد تكون هذه المعاني متضادة يتعذر حمله عليها معا؛ كـ "الأقراء"، لا يمكن حمل اللفظ على معنيين؛ لأن كلا منهما مضاد للآخر، فلا بد من تعيين، لا بد من دليل خارجي، وإن دلّ على مختلفين فأكثر لا متضادين ولا مُرجح خارجي يُحمَل على جميع المعاني، فإذا قال: "عندي عين"، فنقول: "عين" هذه مفرد مشترك يدل على: العين الجارية، والعين الباصرة، والجاسوس.. إلى آخره، له معان متعددة، نقول: هل بين هذه المعاني تنافٍ؟ ليس بينها تناف، إذا لم يكن ثمة تنافٍ بينها فحينئذ يصح حمل المشترك على جميع معانيه، وهذا الأصح عند الشافعي -رحمه الله تعالى–، وهو المرجَّح.

    (في المشترك): لكن هنا جعله نوعا من أنواع المجمل، فنقول: لا بد من تقييده عند من لا يحمل المشترك على معانيه المختلفة عند الاختلاف، أما من قال: إنه يُمنع حمل المشترك على معانيه ولو كانت غير متضادة حينئذ يجعله من قبيل المجمل، فلو قيل: "عندي عين"، "عين": يحتمل معاني مختلفة غير متضادة.

    هل هذا من قبيل الإجمال؟ أو من قبيل العام الذي يُحمَل على كل أفراده؟

    هذا فيه نزاع، المصنف جعله هنا من قبيل الإجمال، والأصح أنه إذا لم يكن تنافٍ بين معانيه المختلفة فحينئذ يُحمَل على كل المعاني.

    إذًا (فيكون في المشترك)؛ يعني في المشترك المفرد؛ اللفظ المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه، أما من جوّز تعميم المشترك على أفراده المختلفة فلا يكون من قبيل المجمل.

    (2) (وهو ما توحد لفظه وتعددت معانيه):

    (وهو): أي المشترك.

    (ما توحد لفظه): يعني اتحدّ لفظه؛ كـ "عين".

    (وتعددت معانيه): لفظ "عين" اتحد اللفظ، ويطلق ويراد به: العين الباصرة، والجارية، والذهب، والفضة .. إلخ، هذه معان مختلفة، كل معنى وُضع له لفظ خاص، ولكن هذا اللفظ الخاص هو عين اللفظ الآخر، فوُضع لفظ "عين" على الباصرة، فالباصرة "عين"، ووضع لفظ "عين" على الجاسوس، فالجاسوس "عين"، ووضع لفظ "عين" على الذهب، فالذهب "عين"، إذا اللفظ واحد، ولكن المعاني متعددة.

    هل الوضع متحد أو متعدد؟

    الصحيح أنه متعدد، فإذا وضع لفظ "عين" للذهب، ووضع مرة أخرى لفظ "عين" للفضة، ثم وضع مرة ثالثة لفظ "العين" على الجاسوس، وهلم جرا، فنقول: اتحد اللفظ، والمعاني مختلفة، والوضع متعدد.

    وهذا الفرق بين المشترك المعنوي والمشترك اللفظي؛ لأن المشترك اللفظي: اللفظ متحد، والمعنى في المشترك المعنوي متحد، والوضع متحد، "ما اتحد لفظه ومعناه ووضعه"، هذا مشترك معنوي؛ كـ "الإنسان"، معناه حيوان ناطق، نقول: حيوان ناطق: هذا مشترك اشتراكا معنويا، فدلّ لفظ "إنسان" على حيوان ناطق، فيوجد في "زيد" و "عمرو" و "خالد"، إلى آخره، اللفظ واحد، وهو "إنسان"، فنقول: "زيد إنسان"، و "عمرو إنسان"، و "خالد إنسان"، اللفظ واحد، والمعنى واحد، وهو كونه "حيوان ناطق"، والوضع واحد؛ يعني وُضع لفظ إنسان مرة واحدة.

    إذًا نقول: الفرق بين المشترك المعنوي والمشترك اللفظي:

    ** أن المشترك المعنوي: اتحد لفظه، ومعناه، ووضعه، كلها متحدة.

    ** والمشترك اللفظي: ما اتحد لفظه، وتعدد معناه ووضعه.

    كل لفظ مشترك كـ "القرء"، وُضع مرة دالا على الطهر، ووضع مرة دالا على الحيض، فحينئذ إذا أطلق لفظ "قرء"، نقول: هذا مشترك؛ لأن اللفظ واحد، مسماه الطهر مرة، ومسماه الحيض مرة أخرى، واللفظ واحد، والمعنى متعدد؛ الذي هو الحيض والطهر.

    هل الوضع واحد؟ وُضع مرة واحدة؟ دفعة واحدة للمعنيين؟


    لا، لكل معنى وُضع له وضع خاص، هذا هو المشترك.

    (3)
    (بأصل الوضع):

    ما مراده بأصل الوضع؟

    أراد به أن التعدد مع اتحاد اللفظ قد يكون بالنقل؛ كـ "الأعلام"، وقد يكون بالمجاز؛ كـ "الحقيقة مع المجاز"، فحينئذ نقول: "الأسد" له معنيان: الحيوان المفترس والرجل الشجاع، لكن لا بأصل الوضع، وإنما وُضع أصلا دالا على الحيوان المفترس، ثم استُعمل ثانيا في الرجل الشجاع، إذًا التعدد هنا ليس بأصل الوضع.

    كذلك الأعلام المختلفة، الأعلام أو الأسماء المنقولة؛ "فَضْل": مصدر وُضع للدلالة على الزيادة في أصل، سُمي رجل بـ "فضل"، صار عَلَما، اتحد لفظه، وتعددت معانيه.

    هل تعدد الوضع؟


    لا، هذا منقول، فحينئذ الأسماء المنقولة تشترك مع المشترك في قدر مشترك، وهو اتحاد اللفظ وتعدد المعنى، فالرجل الذي يُسمى بـ "فضل"، لو سميت رجلا بـ "فضل"، نقول: وُجد فيه قيدان من المشترك، وهو اتحاد اللفظ، تقول: "هذا فضل الله"، هذا له معنى خاص، وتقول: "جاء فضل"، هذا اسم، إذًا اتحد اللفظ، وتعدد المعنى، "فضل الله" ليس هو عين ذات المشخصة، فحينئذ تعدد المعنى، لكن ليس بأصل الوضع، وإنما بالنقل.

    والشرط في الاشتراك أن يكون اللفظ متحدا، والمعنى متعددا، والوضع متعددا، لا بد من هذا.

    فقوله: (بأصل الوضع): يعني لا بنقل ولا بمجاز، فأخرج الأسماء المنقولة والمجاز.

    (4)
    (كالعين، والقرء):

    كـ "العين"، و "القرء"، مثّل بمثالين، هل نستطيع أن نأخذ فائدة من المثالين؟ لمَ كرر؟

    النحاة الأصل عندهم: أنه لا يكرر المثال إلا لفائدة زائدة ليست موجودة في الأولى، وهنا هل يمكن أن نأخذ فائدة؟

    إذًا قوله: (وتعددت معانيه): نوعان: تعددت معانيه مع التضاد، وتعددت معانيه مع الاختلاف، التضاد يعني لا يمكن الجمع بينهما، حينئذ لو قيل: {ثلاثة قروء}، لا يمكن أن يُجمع؛ يكون الحكم مرتبا على "القروء" وهي كما هي؛ المراد به الطهر والحيض؛ لأنهما ضدان، إذا كانت المرأة طاهرة فهي غير حائض، وإذا كانت حائضا فهي غير طاهرة، متلازمان، لا يمكن أن يجتمعا مرة واحدة.

    لكن لو قال: "عندي عين"، يمكن أن تجتمع المعاني المختلفة كلها؛ لأنها ليست متضادة، هذا هو الأصح، وهو دليل الجمهور في تعميم فضل الصلاة في الحرم كله، قالوا: عُلِّق الحكم على المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والمسجد الحرام استُعمل في لغة الشرع في القرآن والسنة مرادا به الحرم كله، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}[الإسراء:1]، ويُطلق ويُراد به البيت؛ بيت الكعبة، ما يُسمى بمسجد الكعبة الذي هو مجاور له، فحينئذ إذا عُلّق حكم على المسجد الحرام؛ نقول: حملُه على الحرم كله، وحملُه على المجاور للكعبة؛ نقول: هذان معنيان مختلفان لا يتضادان، فحينئذ الأصح أن يُحمَل على المعنيين؛ فيُقال: الصلاة في الحرم المكي بمعنى الحرم كله بمائة ألف صلاة؛ لأن الحكم المعلّق على لفظ مشترك يُحمَل على كل المعاني، وهذا مذهب الشافعي والأكثر.

    فإذا قيل: جاء في حديث جابر «إلا مسجد الكعبة»، فما الجواب؟

    الجواب: أن الكعبة في الشرع اسم من أسماء مكة، {جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ}[المائدة97]، {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة95]، أُطلقت الكعبة مرادا بها الحرم؛ فحينئذ قال: «إلا مسجد الكعبة»؛ يعني إلا مسجد مكة، نكرة مضاف إلى معرفة فيعم، فصار هذا دليلا آخر من جهة أخرى.

    (5)
    (والمختار للفاعل والمفعول):

    (والمختار): أراد به التصريف في اللفظ، (مختار): الألف هذه منقلبة عن ياء، فإذا كانت منقلبة عن ياء؛ حينئذ لا بد أن تكون مُحركة؛ لأن الألف إذا كانت منقلبة عن ياء شرط القلب تحركها، وتحركها إما بفتح أو كسر، فإذا فُتحت تغير المعنى وصار: "مُختَيَرٌ" اسم مفعول، وإذا كُسرت تغير المعنى فصار "مُختِيِّرٌ" الذي هو اسم الفاعل، فحينئذ صار إبهام، صار إجمال، صار عدم تعيين، فدلّ لفظ "المختار" على معنيين؛ تردد بين معنيين محتملين، هل المراد به اسم الفاعل؟ أو المراد به اسم المفعول؟

    إذًا "القَرءُ" و "العين" من حيث الدلالة، الاشتراك وقع في دلالة اللفظ، والإجمال وقع من جهة الاشتراك.

    وأما في "المختار" فهو من جهة التصريف اللفظي، لذلك قال:

    (والمختار للفاعل والمفعول)
    .

    (للفاعل): يعني لاسم الفاعل.

    (وللمفعول): يعني لاسم المفعول.

    فإذا قيل: "زيد مختار" صار فيه إجمال، لا ندري، هل زيد اختير من غيره أو هو مختار؟ هل هو الذي اختار أو الذي اختير؟
    المعنى يحتمل، لا بد من قرينة خارجة، فلذلك لو قيل: "زيد مختار من كذا"، اسم مفعول، "زيد مختار لكذا"، صار اسم فاعل، فلا بد من قرينة تعين المراد.

    {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ}[البقرة282]، {يُضَارَّ} هل هو مبني للفاعل أو مبني للمفعول؟ هل هو "يُضارِر" أو "يُضارَر" بفتح الراء الأولى أم بكسرها؟

    إن كانت بفتح الراء الأولى حينئذ {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ}؛ صار "كاتب" نائب فاعل.

    وإذا كان "يُضارِر"؛ صار "كاتب" فاعلا، فيختلف المعنى؛ لكن المرجّح أنه اسم فاعل؛ لأنه قال: {وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ}، وهذا خطاب للشهداء، فهو أولى أن يُجعَل اسم فاعل.

    (6) (والواو للعطف والابتداء):

    كما وقع الإجمال في الاسم المشترك، ومن جهة التصريف في الأسماء "المختار"، كذلك يقع في الحرف.

    ومثاله: (الواو): الواو تأتي للعطف، وتأتي للابتداء، وقد يحتمل اللفظ الواحد التركيب للابتداء، وأن تكون للعطف، حينئذ يقع الإجمال.

    {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران7]، "الواو" فيها إجمال، هل هي للابتداء؛ فحينئذ تكون الجملة مستأنفة، ويكون الراسخون في العلم لا يعلمون المتشابه، وإنما استأثر الله به؟ أو تكون للعطف؛ فحينئذ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ } على حسب ما علمهم الرب -جل وعلا-؟

    فالمعنى يختلف، فحينئذ نقول: وقع الإجمال في حرف.

    كذلك قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [المائدة6]، {مِن} هل هي للابتداء أو للتبعيض؟
    يختلف الحكم، فيها إجمال، إذا كانت للابتداء معناه: ابتداء المسح من الصعيد الطيب، ولا يشترط فيه أن يعلق باليد تراب، وإذا كانت للتبعيض؛ فحينئذ لا بد أن يعلق باليد تراب، يختلف المعنى، والواو للعطف والابتداء.

    وأما الفعل؛ كقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[التكوير17]، {عَسْعَسَ}، هذا فعل يُطلق بمعنى أقبل وأدبر، والإقبال والإدبار متضادان.

  3. افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    والله لقد كتبت بقلمك ما يفيد الطلاب، ويحل المشكلات الصعاب، ويفجر من ينابيع العلم مشاربها العذاب،،
    (بِأَيّ لِسَان أَو بِأَيّ بلاغـة أَقْْضِي ..... حــقــوقـا مــــــــــــن فــروضـــك لَازِمَــة)
    (فدم وَاحِد الْآحَاد فِي كل غِبْطَة ... وَلَا بَرحت عين الردى عَنْك نَائِمَة)

    من أوسع أودية الباطل: الغلوُّ في الأفاضل
    "التنكيل" (1/ 184)

  4. #24

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    الشيخ محمود الجيزي، حياك الله وبيّاك، ولكن لا طاقة لي بهذه الفتكات الخطابية، واللمعات البيانية التي تغمرونا بها، غفر الله لنا ولكم، وجعلنا وإياكم من المقبولين المخلصين.

  5. #25

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المجمل:

    ما اختلف في اعتباره من المجمل:

    [المتن]:

    [ومنه عند القاضي وبعض المتكلمين: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} و{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ} لتردده بين الأكل، والبيع، واللمس، والنظر. وهو مُخَصَّصٌ بالعرف في الأكل والوطء فليس منه(1)].

    [الشرح]:

    (1) بيّن لك حقيقة المجمل، وبيّن لك أنه يقع في الاسم، وفي الحرف، وكذلك الفعل، وحكمه -كان ينبغي أن يُذكر -: وجوب التوقف حتى يرد دليل يُبين المراد.

    ثم ذكر بعض ما وقع فيه نزاع، هل هو من قبيل المجمل أو لا؟


    والأصح أنه ليس من قبيل المجمل؛ لأن المجمل إذا صار من الاستنباطات والمعاني، والفهوم تختلف، فحينئذ تختلف أحكام المجتهدين هل هذا مجمل أو لا؟ فبضعهم يرى أنه مجمل، وبعضهم يرى أنه غير مجمل.

    من ذلك -مما اختُلف فيه، والأصح أنه غير مُجمَل- عند القاضي وبعض المتكلمين: {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ}، و {حُرِّمت عليكم أمهاتكم}، هذا سبق الإشارة إليه؛ أن الحكم الشرعي متعلقه فعل المكلف الذي هو صفة المكلف، هو الذي يتعلق به التحريم، والإيجاب، والندب، والكراهة، والإباحة، لكن الذوات (عين الشيء) لا يتعلق بها تحريم.

    {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ}، الميتة حرام، قالوا: {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ}، هنا فيه إجمال، هل حُرم علينا بيعها؟ لمسها؟ النظر إليها؟ الأكل منها؟

    محتمل، هذا، أو ذاك، أو ذاك، كلها أحكام، وهي متساوية، فوقع الإجمال.

    {حُرِّمت عليكم أمهاتكم}، هل الحرام الوطء؟ أو اللمس؟ أو النظر؟

    قالوا: هذه احتمالات، وكلها متساوية، وإنما يُقدَّر هنا فعل {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ}؛ أكلها، هذا فعل من أوصاف المكلفين، أو لمسها، أو النظر إليها، أو بيعها، إذًا لا بد أن يتعلق الحكم {حُرمت} بفعل للمكلف يتعلق بالميتة، كذلك {حُرِّمت عليكم أمهاتكم}، لا بد أن يُعلَق الحكم {حُرمت} بصفة للمكلف باعتبار الأمهات، النظر إليها حرام، أو لمسها، أو تقبيلها، أو وطؤها، كلها أحكام متساوية ولا مُرجح لأحدهم على الآخر فوقع إجمال، هكذا قال القاضي وبعض المتكلمين.

    (لتردده)
    : وقع التردد كما قال هناك الفتوحي: "ما تردد بين محتملين"، وهنا تردد بين محتلمين فأكثر على السواء ولا مُرجح، لتردده في الميتة بين الأكل والبيع، الأكل والبيع يتعلق بالميتة، والُّلمس والنظر هذا في شأن الأمهات، لكن يرد أيضا الوطء.

    والجواب: لا نسلم أن قوله جل وعلا: {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ} و {حُرِّمت عليكم أمهاتكم} من المجمل، ولا نسلِّم أيضا بأنه لا مُرجح، لو وجد الاحتمال نعم، لكن نقول: ثَمّ مرجح ومخصص، وهو العرف على ما ذكره المصنف، فإن القاعدة العامة في الشرع: أن الحكم المضاف إلى العين [إلى الذات التي هي ليست بفعل المكلف] ينصرف لغة وعرفا إلى ما أُعدت له هذه العين وما كان اللائق بها.

    فحينئذ إذا حُرمت الميتة، ومعلوم أنها مُحرمة لنجاستها، ما الذي حُرّم؟ النظر إليها؟ شمها؟

    نقول: لا، بل أكلها؛ ولذلك قال:

    (وهو مخصص بالعرف في الأكل):
    يعني في شأن الميتة.

    (والوطء):
    يعني في شأن الأم.

    (فليس منه)
    : إذا كان مخصصا فلا إجمال.

    متى يكون الإجمال؟


    إذا وقع تردد بين المحتملين مع السواء ولا مرجح.

    أول ما تقرأ الآية: {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ} نعلم أن المحرم هو أكلها، فحينئذ هذا التخصيص جاء من جهة العرف واللغة، وهذا المقصود بالنظر للآية ذاتها، ليس بمجموع الأدلة؛ يعني {حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ} دون أن تقرأ بقية الآيات أو بقية النصوص من السنة، وإنما يُنظَر للنص نفسه هل هذا مجمل أو لا؟

    ليس بمجمل؛ لأن الشرع خاطب المكلفين بأعرافهم، بما يعرفون، فحينئذ صار العرف مخصصا.

  6. #26

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع ما اختلف في اعتباره من المجمل:

    [المتن]:


    [وعند الحنفية [منه] قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلا بطهور» ، والمراد نفي حكمه؛ لامتناع نفي صورته(1)، وليس حكم أولى من حكم، فتتعين الصورة الشرعية، فلا يكون منه(2)].

    [الشرح]:

    (1)
    (وعند الحنفية منه): أي من المجمل قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «لا صلاة إلا بطهور»، و «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، و «لا وضوء إلا بـ بسم الله»، كل نص ورد فيه تسليط النفي على حقيقة شرعية فهو مجمل عند الأحناف، لماذا؟ ما وجه الإجمال؟

    (قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «لا صلاة إلا بطهور»): لأن "لا صلاة" إما أن يُحمل على الصلاة الحقيقة، أو على حكمها، هكذا قال الأحناف، إما أن يُحمل على الصلاة الحقيقة؛ بمعنى وجودها الفعلي لا الوجود الشرعي، وهذا لا يمكن؛ لجواز وجود صلاة من مُحدِث، فإذا وقعت الصلاة من المحدِث قالوا: وُجدت الصلاة، والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: «لا صلاة إلا بطهور»، إذًا لا يمكن أن نحمل النص هنا على الصلاة الموجودة بالفعل ولا تُقيد بالشرع، ليست الصلاة الشرعية، وإنما الصلاة من حيث هي الصلاة، أو إلى حكمها؛ حكم الصلاة، وحينئذ يقع الإجمال، وهو أن حكم الصلاة هنا إما الصحة، وإما الإجزاء، وإما الكمال، وإما القبول، «لا صلاة إلا بطهور»، لا صلاة مُجزئة، لا صلاة مقبولة، لا صلاة كاملة، لا صلاة صحيحة، هذه أربعة احتمالات على السواء، وليس حكم أولى من حكم، فوقع الإجمال، هذا وجه الإجمال عند الأحناف.

    ومثله: كل نص سُلِّط فيه النفي على حقيقة شرعية؛ "لا صلاة"، "لا إيمان"، "لا وضوء" .. إلى آخره، كل نفي سُلّط على حقيقة شرعية قالوا: يحتمل أحد أمرين: إما الوجود لذلك المنفي، وهذا متعذر باطل؛ لأنه يوجد صلاة من مُحدث، فوجدت الصلاة، والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- نفى الصلاة، فكيف وُجدت؟! لا يمكن أن ينفي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- شيئا ثم يُوجد، وقد وُجدت صلاة المحدث، إذًا هذا باطل.

    ذهبوا إلى الأمر الثاني، وهو حكم الصلاة، قالوا: الحكم هذا يحتمل أربعة احتمالات:

    الصحة، الإجزاء، القبول، الكمال، فحينئذ ما الذي نقدره في النص؟

    لا صلاة صحيحة بغير طهور.

    لا صلاة مُجزئة بغير طهور.

    لا صلاة كاملة.

    لا صلاة مقبولة.

    فاستوت الأحكام، هل أحد هذه الأحكام أولى بالتقدير من الآخر؟

    قالوا: لا، إذًا وقع الإجمال.

    لذلك قال: (وعند الحنفية منه): من المجمل.

    (قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «لا صلاة إلا بطهور»): ليس هذا النص فقط، بل كل نص يشابهه، والمراد على فهم الأحناف نفي حكمه، وليس نفي صورته؛ لوجود صلاة مُحدث، فلما وُجدت الصلاة من المحدث امتنع نفي صورة الفعل، فحينئذ لم يبقَ عندنا إلا الحكم؛ لذلك قال:

    (والمراد)
    : يعني من النص.

    (نفي حكمه؛ لامتناع نفي صورته):
    التي هي الفعل.

    (2)
    (وليس حكم أولى من حكم؛ فتتعين الصورة الشرعية، فلا يكون منه):

    (وليس حكم أولى من حكم): فوقع الإجمال؛ فحصل في النص تردد بين محتملين فأكثر على السواء، فنطلب المرجح.

    قال المصنف ردًا على هذا القول:

    (فتتعين الصورة الشرعية)
    : فتتعين، الفاء هنا دالة على أن المقدمة محذوفة، كأنه قال: قلنا: ليس ذاك من المجمل، وهذا حق؛ لأن المراد ليس حقيقة الفعل من حيث هو؛ بل الشرع، إذا تكلم بحقيقة شرعية حُمِل اللفظ على مراده هو، لا على مراد غيره، ولذلك سبق أن التفريق بين الحقائق اللغوية والشرعية والعرفية فائدته أن الشارع -ولذلك قال: (ويتعين باللافظ)- إذا نطق وتكلم بالصلاة حملنا الصلاة على مفهومه في الشرع، ولا نحمله على مفهوم الصلاة في اللغة، ولا في العرف، فحينئذ إذا قال: "لا صلاة"؛ أي لا صلاة شرعية، وحينئذ إذا نُفيت الصلاة الشرعية؛ إما لفوات ركن أو شرط، أو وجود مانع، وأما الفعل نفسه فلا يُلتَفت إليه، فلذلك لو صلى بلا وضوء نقول: لم يصلّ، إذًا كيف يُنفى هذا الفعل ولم تقع الصلاة أصلا؟

    ولذلك صح النفي في قول المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- للمسيء في صلاته: «إنك لم تصل»، هذا النفي للصلاة الشرعية، وهو قام وركع، قال: "لا أُحسن إلا هذا يا رسول الله"، المنفي الصلاة الشرعية، والذي وُجد ليست بصلاة شرعية.

    الأحناف فهموا النص بما فعله المسيء، قالوا: «لا صلاة»، إذًا الصلاة: الفعل (الصورة)، نقول: لا، النفي المسلَّط على الحقيقة الشرعية يُحمَل على صورتها الشرعية لا الفعل من حيث هو، فلو قام وركع وسجد من العشاء إلى الفجر، ولم يقرأ الفاتحة، نقول: ليست بصلاة شرعية لفوات ركن. لذلك قال هنا:

    (فتتعين الصورة الشرعية):
    يعني الحديث وما شاكله ليس مجملا؛ فتتعين الصورة الشرعية، ولا نحتاج إلى إضمار حكم؛ لأن حرف النفي إذا سُلِّط على حقيقة شرعية حُمل على الصورة الشرعية.

    فحينئذ «لا صلاة»؛ أي لا صلاة مُعتدا بها شرعا إلا بطهور.

    «لا صيام لمن لم يُبيت الصيام»، نقول: لا صيام شرعيًا، لا يُعتد به شرعًا، فوجوده وعدمه سواء، ولا نلتفت إلى الوجود الفعلي الخارج عن حدود الشرع، فهذا ليس من المجمل.

  7. #27

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع أقسام اللفظ من حيث الدلالة:

    المبيَّن وتعريفه:


    [المتن]:

    [ويقابل المجملَ (المبيَّنُ)(1)، وهو المُخْرَجُ من حَيِّزِ الإشكال إلى الوضوح(2)، والمُخْرِجُ هو المبيِّن(3)].

    [الشرح]:

    (1)
    (ويقابل المجملَ المبيَّنُ):

    شرع في بيان المُبيَّن، قال: (ويقابل المجملَ المبينُ).

    (المبين):
    اسم مفعول بُيِّن يُبيَّن فهو مُبيَّن، وهو لغة: الموضَح والمظهَر والمفسَّر، فهو حينئذ يقابل المجمل، المجمل: مُبهَم، والمُبيّن:
    مُوَضَح ومُفَسَر، إذًا قابله؛ لذلك قال: (ويقابل المجمل المبين).

    والمبين اصطلاحا: ما فُهِم منه عند الإطلاق معنى معين بأصل الوضع، أو بعد البيان.

    "ما"
    : لفظ.

    "فُهم": أدرك، الفهم إدراك معنى الكلام، فُهم منه عند الإطلاق معنًى معين فأخرج المجمل؛ لأنه يقابله.

    (بأصل الوضع أو بعد البيان)
    : قسّم لك المبين إلى قسمين:

    الأول: مُبين ابتداء،لم يقع فيه إشكال ثم بُيِّن، وهذا كثير في الشرع، هذا مبين ابتداءً بأصل الوضع، تقول: "أرض"، و "سماء"، هل هو مثل "قرء"، و "عين"؟ ليس مثله، "أرض"، و "سماء" واضح، بيّن، مفسَّر بأصل الوضع.

    الثاني: (بعد البيان)؛ كأن يقول: {ثلاثة قروء}، ثم يأتي دليل خارجي فيُعَين أن المراد به الأطهار أو الحِيَض.

    (2)
    (وهو المُخْرَجُ من حَيِّزِ الإشكال إلى الوضوح):

    هذا إذا أردنا المعنى العام للحد، نقول: هذا يتعين أن يكون المراد به النوع الثاني لا الأول؛ لأن المبيَّن -كما ذكرنا- قسمان: ما كان بأصل الوضع ابتداء، وما كان بعد البيان.

    هذا الحد: (المُخرَج من حيز الإشكال)؛ إذًا وقع فيه إشكال، وقع فيه خفاء، فجاء المُبيِّن فوضحه وكشف معناه، إذًا يختص هذا الحد بالنوع الثاني، هذا أول اعتراض على هذا الحد.

    (المُخْرَج من حيز الإشكال):
    يعني من صفة وحال الإشكال، والمراد به خفاء المعنى المراد من اللفظ، يُطلق اللفظ مشتركا بين معنيين متضادين، ثم يأتي دليل خارجي.

    فنقول: {ثلاثة قروء} المراد بها الحِيَض، {قروء} مُبيَّن؛ لأنه كان مُشكلا، فيه نوع خفاء لا يُعرف هل المراد به الأطهار أو الحيض؟
    فجاء دليل خارجي فعيّن أن المراد به الحيض مثلا؛ فصار {ثلاثة قروء} مُبيَّنا، إذًا أُخرج من حيز الإشكال إلى الوضوح بدليل خارجي.

    لكن (حيز) هذا فيه نوع إشكال؛ لأن الحيز هو الفراغ المتوهَّم الذي يشغله شيء، أمر حسي، والتبيين هذا أمر معنوي، فكيف يُقال: إن المُبيَّن هذا "في حيز الإشكال"، كما يُقال: "في حيز العدم"؟

    إذا كان الشيء في حيز العدم، العدم هذا أمر معنوي وليس بشيء، فحينئذ لا يكون له حيز، والحيز يختص بالمحسوسات، الحيز الأصل فيه الفراغ المتوهَّم الذي يشغله شيء، والتبيين معنوي، والمعنى لا يُوصَف بالاستقرار في الحيز كما لا يُقال: "في حيز العدم".

    (3)
    (والمُخْرِجُ هو المبيِّن):

    بالكسر، والمراد به الشارع، ويطلق على الدليل الذي حصل به البيان؛ يعني الدليل المبيِّن.

  8. #28

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المبيَّن:

    ما يطلق عليه لفظ البيان:

    [المتن]:

    [والإخراج هو البيان(1)، وقد يسمى الدليل بيانا(2)، ويختص بالمجمل(3)].

    [الشرح]:


    (1)
    (والإخراج هو البيان):

    إذًا عندنا مُبيَّن، وعندنا مُبيِّن، وعندنا بيان.

    مُبيَّن: هو المخْرَج.

    مُبيِّن: الدليل الذي جاء وعيّن أحد المعنيين.

    البيان: الإخراج، الذي هو فعل الفاعل، فـ "البيان" اسم مصدر، بيَّن: تبيانا وبيانا، تبيان: مصدره، وبيان: اسم مصدر له، ويُطلق على التبيين، وهو فعل المبيِّن؛ فعل الفاعل، فـ "البيان" حينئذ: إخراج وإظهار المعنى للسامع وإيضاحه.

    (2)
    (وقد يسمى الدليل بيانا):

    يعني "البيان" يُطلق ويُراد به التبيين؛ فعل الفاعل، ويُطلق ويُراد به الدليل نفسه، ويُسمى بيانا.

    (3)
    (ويختص بالمجمل):

    على الحد الذي ذكره المصنف: (المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح) يختص بالمجمل.

    (ويختص): أي المبين بالمجمل، والأصح أنه عام يشمل المجمل وغيره، ولذلك قال الغزالي -كما ذكره المحشِّي هنا-: "وليس من شرط المبيَّن أن يكون بيانا لمشْكِل؛ لأن النصوص المعرِبة عن الأحكام ابتداء بيان". ولهذا صار هذا الحد فاسدا.

  9. #29

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المبيَّن:

    ليس من شرط البيان علم المكلفين به:


    [المتن]:

    [وحصول العلم للمخاطب ليس بشرط(1)].

    [الشرح]:

    (1)
    (وحصول العلم للمخاطَب ليس بشرط):

    هل لا بد أن البيان يعلمه كل قارئ لآية أو نص حتى يسمى بيانا؟


    لا؛ لذا قال:

    (وحصول العلم للمخاطب)
    : يعني بالبيان.

    (ليس بشرط)
    ، لماذا؟
    .
    لأنه يجوز أن يجهله البعض، ولذلك لما تُوفي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- جاءت فاطمة والعباس إلى أبي بكر -رضي الله عنه- يطلبان الإرث استدلالا بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}[النساء11]، فأخرج لهم المبيِّن المخصِّص: «ما تركناه صدقة»، إذًا لا يُشترط حصول العلم للمخاطب بالبيان، بل قد يجهله البعض، ويعلمه الآخرون.

  10. #30

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المبيَّن:

    بم يحصل البيان؟


    [المتن]:

    [ويكون(1) بالكلام(2)، والكتابة(3)، وبالإشارة(4)، وبالفعل(5)، وبالتقرير(6)، وبكل مُقَيِّدٍ شرعي(7)].

    [الشرح]:

    (1)
    (ويكون):

    بماذا يحصل البيان؟ إذا وقع عندنا إجمال، ما هو المبيِّن؟ ما هو الدليل؟

    قال: يتنوع.

    (2)
    (بالكلام):

    يعني بالقول؛ كما في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «فيما سقت السماء العُشر» هذا مبيِّنٌ لقوله جل وعلا: {وَآتُواْ الزَّكَاةَ}، {وآتُواْ الزَّكَاةَ}، هذا فيه إجمال، من هم أصحاب الزكاة؟ في أي شيء؟ ما هي المقادير؟ ما هي النصابات؟ إلى آخره، كل ما يتعلق بكتاب الزكاة كله شارح لقوله: {وآتُواْ الزَّكَاةَ}.

    كذلك: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}، الصلاة لها شروط، ولها أركان، ولها واجبات، كل ما يتعلق بكتاب الطهارة فهو مُبيِّن للصلاة.

    (3)
    (والكتابة):

    كتب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى عماله مقادير الزكاة .. إلى آخره.

    (4)
    (وبالإشارة):
    كما سُئل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن الشهر لما آلى قال: «الشهر هكذا وهكذا»، وأشار بأصابعه العشر وقبض الإبهام في الثالثة؛ يعني تسعة وعشرين.

    (5)
    (وبالفعل):

    كما في قوله -جل وعلا-: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}، وقع بيان الصلاة بفعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم-.

    قوله -تعالى-:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران97]، وقع بيان المناسك بالفعل.

    (6)
    (وبالتقرير):

    إذا أقر غيرَه دلّ على الجواز؛ كما في سؤال الجارية «أين الله؟» قالت: في السماء، سكت -صلّى الله عليه وسلّم-، هذا يدل على جواز هذا القول، وهذا بيان.

    (7)
    (وبكل مُقَيّدٍ شرعي):

    قاعدة عامة: كل ما يثبت به حكم شرعي يحصل به البيان، فإذا سكت، أو ترك؛ مثلوا بالترك هنا كترك بعض الأشياء يدل على عدم الوجوب؛ مثلا {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة282]، {أشهدوا}: هذا فعل أمر يقتضي الوجوب، ترك النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الإشهاد في بعض الأحيان؛ فدل على عدم وجوب الإشهاد، إذًا الترك يكون دليلا وبيانا على عدم الوجوب.

  11. #31

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المبيَّن:

    تأخير البيان عن وقت الحاجة:


    [المتن]:

    [ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة(1)].

    [الشرح]:

    (1)
    يعني تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ يعني وقت وجوب العمل بالخطاب؛ لو قيل: "صلوا الظهر"، أَمَرَ، وصلاة الظهر هذه مجملة، ما هي صلاة الظهر؟ هكذا من اللفظ لا تُدرَك، لا بد من بيان، فإذا قال: "صلوا الظهر" أو "أُمروا بصلاة الظهر"، هل يجوز تأخير بيان حقيقة الصلاة من شروط وأركان إلى أن يأتي وقت الصلاة وينتهي أم لا بد أن يكون سابقا؟

    لا بد أن يكون سابقا؛ ولذلك انعقد الإجماع على أنه لم يقع تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ بحيث إنه لا يُبين صلاة الظهر إلا بعد خروج وقت الظهر، هذا لا يجوز؛ لأن المكلَّف مطالب بالامتثال والأداء، وسبق أن من شرط التكليف أو المكلَّف به أن يكون معلوما، وإذا لم يكن معلوما كان من التكليف بما لا يُطاق، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة286]، "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".

    لكن بعضهم جوّزه عقلا؛ بناء على أنه يجوز التكليف بالمحال.

    إذا تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز باتفاق، وهو غير واقع، والخلاف المذكور في كتب الأصول في الجواز العقلي.

  12. #32

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع المبيَّن:

    تأخير البيان إلى وقت الحاجة:


    [المتن]:

    [فأما إليها فجوّزه ابن حامد والقاضي، وأصحابه، وبعض الحنفية، وأكثر الشافعية، ومنعه أبو بكر عبد العزيز، والتميمي، والظاهرية، والمعتزلة(1)].

    [الشرح]:

    (1)
    (فأما إليها): إلى وقت الحاجة، هذا وقع فيه نزاع؛ يعني أمر في الليل بصلاة الظهر، ثم لم يبين كيفية صلاة الظهر حتى جاء الزوال فبيّن، المسألة السابقة أخّره "عن" وقت الحاجة، هنا "إلى"، انظر الحروف تُغير، هذه المسألة فيها قولان:

    (فجوزه ابن حامد، والقاضي، وأصحابه، وبعض الحنفية، وأكثر الشافعية):
    ورواية عن الإمام أحمد، وهو قول الجمهور؛ أنه جائز؛ يجوز أن يؤخر البيان إلى وقت الحاجة.

    قالوا: دليله قوله -جل وعلا-: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة18-19]، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}؛ أي أنزلناه، {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، هل وقع البيان بعد الإنزال مباشرة أو بتراخٍ؟

    بتراخٍ.

    ما الدليل على أنه بتراخٍ؟

    {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}.

    قوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}[الأنفال41]، هذه الآية تدل على أن جميع الغنيمة لمن ذكروا في الآية، ثم بعد نزول الآية بيّن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه، تخصيص، بيان، متى؟
    وقت المعركة، وأن المراد بذي القربى بنو هاشم وبنو المطلب دون بني نوفل وعبد شمس، فأخّر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بيان ذلك إلى أن قسم الخُمُس، إذًا هو واقع.

    (ومنعه أبو بكر عبد العزيز):
    هذا المعروف بغلام الخلال.

    (والتميمي، والظاهرية، والمعتزلة):
    منعوا تأخير البيان إلى وقت الحاجة.

    قالوا: لأنه لو جاز تأخير البيان إلى وقت الحاجة؛ فإما أن يجوز إلى مدة معينة، أو إلى الأبد، ومسائل الأصول إذا دخل فيها المعتزلة فأصلها مبناها على العقل.

    الجمهور يقولون: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}، جاءوا بدليل من الكتاب، ثم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قسم الخمس وذكر استثناءات.

    هؤلاء يقولون: إما أن يُؤخَر إلى أمد معين (وقت معين)، أو إلى الأبد، أما الأول فباطل (إلى أمد معين)؛ لأنه تحكم، ولم يقل به أحد، وأما إلى الأبد؛ فلكونه يلزم عليه الخطاب بالمجمل بدون بيانه، قالوا: وهذا عبث وفساد.

    نقول: الجواب: لا تحكم بتأخير البيان إلى أمد معين، {وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لحكمه}[الرعد41]، سمعنا وأطعنا، فإذا جاء لفظ مجمل، ثم بينه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعده بوقت ووقع في السنة، ووقع في الشرع نقول: سمعنا وأطعنا، والعقل هذا لا مجال له في مثل هذه المسائل؛ ومذهب الجمهور هو الأصح.

  13. #33

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    باب العام:

    العام وتعريفه:


    [المتن]:

    [فإن دلّ على مفهومات أكثر من واحد مطلقا فعامّ(1)، وقد حدّه قوم بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له(2)].

    [الشرح]:

    (1)
    (فإن دلّ على مفهومات أكثر من واحد مطلقا فعامّ):

    هذا شروع منه في ذكر العامّ، من المباحث المهمة عند الأصوليين العام والخاص، والمطلق والمقيد، كما أن النص والظاهر والمجمل والمبين من الأمور المهمة، وعمدة هذه المباحث: اللغة العربية؛ ولذلك يعبر عنها بأنها من مباحث "دلالات الألفاظ"، هذا أهم ما يُذكر في كتب الأصول، فمن فاتته اللغة فاته هذا القسم المهم، وإذا فاته هذا القسم المهم لا أدرك لا اللغة ولا الأصول، علوم مترابطة بعضها يخدم بعضا، والاعتكاف على علم مع التزهيد في الآخر هذه مصيبة الزمن الآن.

    (فإن دلّ على مفهومات أكثر من واحد مطلقا فعام):
    العام اسم فاعل من عمَّ، وهو بمعنى شمل، فالعام حينئذ يكون بمعنى الشامل، والعموم بمعنى الشمول، هذا معناه في اللغة.

    (فإن دل اللفظ على مفهومات)
    : مفهومات؛ يعني معانٍ، الأكثر على أن المفهوم بمعنى المعنى، المفهوم والماصدق والمعنى بمعنى واحد.

    (أكثر من واحد): ليشمل أقل ما يمكن أن يدلّ عليه اللفظ العام، وهو واحد أو اثنان، والتخصيص قد يأتي إلى واحد في غير الجمع كما سيأتي.

    (مطلقا)
    : يقصد بلا حد معين، فحينئذ إذا دل اللفظ على مفهومات أكثر من واحد مطلقا بلا حصر (بلا عدد معين)، هذا هو العام، لو قيل: "أكرِم الطلاب"، "الطلاب" دل على مفهومات أكثر من واحد، هل له حد في الانتهاء؟

    الجواب: لا، إذا هذا عام.

    "أكرم طلابا" بدون "أل"، قالوا: هذا دل على مفهومات أكثر من واحد، لكن بحد أو بدون حد؟

    "أكرم الطلاب" هذا عام، فحينئذ يكون غير منتهٍ؛ من جهة النهاية، و "أكرم طلابا"، الجمع النكرة على الأصح أنه لا يعمّ، فحينئذ يكون من قبيل ما يصدق عليه أقل اللفظ، فيُحمَل على الثلاثة، إذًا له منتهى.

    فإذا قيل لك: "أكرم طلابا"، أكرم ثلاثة وانتهيت.

    لكن لو قيل: "أكرم الطلاب" بـ "أل"، حينئذ لا بد أن تُكرم كلَّ فرد من أفراد الطلاب.

    الفرق بينهما:
    أن "الطلاب" عام دل على مفهومات أكثر من واحد، و"طلابا" هذا مطلق، والمطلق يُحمَل على أقل ما يصدق عليه اللفظ، وهو الثلاثة؛ لأن أقل الجمع ثلاثة.

    قال: (فعام): لكن هذا الحدّ الذي ذكره دخيل؛ يعني يمكن الاعتراض عليه.

    (2)
    (وقد حدّه قوم بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له):

    وهذا أجود مما ذكره أولا.

    (اللفظ)
    : يعني العام لا بد أن يكون لفظا، فحينئذ خرج المعنى، فالمعنى لا يوصف بكونه عاما حقيقة كما سيأتي، فالعامّ هذا من عوارض الألفاظ؛ يعني صفة للفظ، فخرج المعنى، وخرج الفعل؛ لأن الفعل ليس بلفظ، فحينئذ الفعل لا عموم له، وإنما العام والعموم يكون صفة للفظ، فكل ما ليس بلفظ -سواء كان معنى أو فعلا- فلا يوصف بكونه عاما.

    (المستغرق):
    المستغرق المراد به المتناوِل، أو المستوعِب، أو المتسع، أو الشامل، إذًا ثَمّ شمول، وثم استغراق، لا بد أن يكون هذا اللفظ مستغرقا شاملا.

    (لما يصلح له)
    : يعني لجميع الأفراد التي يصلح اللفظ لها بدون استثناء، فإذا قيل: "الطلاب"، هذا لفظ عام يشمل كل فرد فردٍ وُجد فيه هذه الصفة، وهو كونه طالبا للعلم، ولا يختص ببعض الأفراد دون بعض؛ يعني لجميع الأفراد باعتبار الوضع.

    لكن لا بد من زيادة قيد، (بوضع واحد بلا حصر).

    قوله: (المستغرق): المشهور أنه أخرج النكرة في سياق الإثبات؛ فإنها غير مستغرقة، وأخرج أيضا المطلق، المطلق قالوا: غير مستغرق؛ لأن المطلق لم يوضع للأفراد، وإنما وُضع للماهية من حيث هي، فوجودها في الخارج حينئذ تكون في ضمن أفرادها.

    إذًا (اللفظ): جنس أخرج به المعنى والفعل، وأدخل كل لفظ.

    (المستغرق)
    : أخرج النكرة في سياق الإثبات، فإنها لا تعم؛ كقولك: "أكرم رجلا"، يصدق على الواحد، و "أكرم رجالا"، فهذا يصدق على أقل جمع، وهو ثلاثة، وخرج المطلق؛ "أعتق رقبة"، "رقبة" مطلق وُضع للماهية من حيث هي لا باعتبار الفرد والوحدة في الخارج؛ يعني بقطع النظر عن فرد، فإن لوحظ الفرد فهو النكرة؛ لأن النكرة موضوعة للماهية في الذهن من حيث هي، لكن باعتبار وجودها في الخارج، وأما المطلق: فهو موضوع للماهية؛ للحقيقة الذهنية التي توجد في الذهن، لا باعتبار كونها في الخارج، لكن لا بد وأن توجد في الخارج، ووجودها في الخارج في ضمن أفرادها.

    (لما يصلح له)
    : نقول: بوضعٍ واحدٍ احترازًا عن المشترك؛ لأن لفظ "العين" مستغرق لجميع ما يصلح له اللفظ، لكن الوضع فيه متعدد، أما "الطلاب" استغرق جميع الأفراد بوضع واحد؛ يعني دفعة واحدة.

    (بلا حصر)
    : أخرج أسماء العدد؛ فإنها ألفاظ مستغرقة لجميع ما يصلح لها بحسب وضع واحد، لكنها مع حصر، وشرط العام ألا يكون مع حصر، فإذا قلت: "عندي مائة ريال"، هذا مستغرق لجميع ما يصلح له، يصدق على الريال، والريالين، تسعة وتسعين، إلى المائة، فهو مستغرق لما يصلح له، وبوضع واحد، لكنه بحصر؛ له نهاية، وأما العام فلا نهاية له، كل ما حُدّ ابتداء وانتهاء؛ كأسماء الأعداد، فليس من العام، بل هو من الخاص.

  14. #34

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع العام:

    العام صفة للفظ:


    [المتن]:

    [وهو من عوارض الألفاظ، فهو حقيقة فيها مجاز في غيرها(1)، وأصله: الاستيعاب والاتساع(2)].

    [الشرح]:

    (1)
    (وهو من عوارض الألفاظ): بينا هذا، اتفقوا على أنه من عوارض الألفاظ؛ بمعنى أنه صفة من أوصاف اللفظ، فتقول: هذا لفظ عام، وأما المعاني هل يُقال: المعنى عام؟

    اتفقوا على أنه يُطلق عليه أنه عام، وإنما الخلاف: هل إطلاق العموم على المعنى حقيقة أو مجازا؟

    هذا محل الخلاف، والصحيح أنه مجاز؛ ولذلك جرى الاصطلاح عندهم أنهم إذا أرادوا اللفظ قالوا: "عامّ"، وإذا أرادوا المعنى قالوا: "أعمّ"، وإذا أرادوا اللفظ الخاص قالوا: "خاصّ"، وإذا أرادوا المعنى قالوا: "أخصّ"؛ كـ أفعل التفضيل، يقال للمعنى: أخص وأعم.

    العام والخاص به اللفظ اتسم .....................

    الخاص والعام اتسم به اللفظ، هذا مجرد اصطلاح، وبعضهم يتجوّز فيطلق هذا على هذا.

    وأما "عمّ المطرُ" و "عمّ العطاءُ القبيلة"، نقول: هذا عموم معنوي، وهو مجاز؛ لأن الشرط في العام -الذي هو اللفظ، الذي معنا، العام الحقيقي- اتحاد الحكم (استواء الحكم).

    فإذا قيل: "أكرم الطلاب"، فحينئذ كل فرد من أفراد الطلاب لا بد وأن يناله شيء من الإكرام على السواء، لا بد أن يكون جميع الطلاب متساوين في الحكم، وهذا شرط في العام، وأما العموم المعنوي فلا، فإذا قيل: "عم المطرُ المدينة"، هل المطر ينزل في كل البوادي وفي كل المناطق على السواء؟ لا، هنا شديد، وهنا خفيف، بل هنا قد يأتي، وهنا لا يأتي.

    إذًا الشمول هنا والعموم ليسا على السواء، فانتفى شرط العام، وهو استواء الحكم، فلذلك إذا أُطلق العام على المعنى صار مجازا لا حقيقة، فهو حقيقة فيها؛ يعني في الألفاظ، مجاز في غيرها، وهو المعاني، وهذا هو الأصح.

    وهو من عوارض المباني

    وقيل للألفاظ والمعاني

    (2) (وأصله: الاستيعاب والاتساع):

    أصل العام في اللغة: الاستيعاب والاتساع.

  15. #35

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع العام:

    ألفاظ العموم:


    [المتن]:


    [وألفاظه خمسة(1): الاسم المحلّى بالألف واللام(2)، والمضاف إلى معرفة؛ كـ "عبد زيد"(3)، وأدوات الشرط كـ "مَنْ" فيمن يعقل، و "ما" فيما لا يعقل، و "أيّ" فيهما، و "أين" و "أيان" في المكان، و "متى" في الزمان(4)، و "كلّ" و "جميع"(5)، والنكرة في سياق النفي، كـ "لا رجل في الدار"(6)].

    [الشرح]:

    (1)
    (وألفاظه خمسة):

    لا خلاف بين السلف أن العام له ألفاظ تدل على العموم، كما أن الأمر له لفظ، والنهي له لفظ؛ لأننا ذكرنا أن العام وكذلك الأمر والنهي ألفاظ منطوق بها.

    فحينئذ كيف يُقال: هل للعام لفظ يدل عليه أم لا؟


    لا يتأتى هذا إلا على قول أهل البدع بكون الكلام نفسيا، وسيأتي بيانه في الأمر.

    (وألفاظه خمسة): بل أكثر من خمسة، وإنما تبع ابنَ قدامة هنا في ذكر الخمسة.

    (2)
    (الاسم المحلّى بالألف واللام):

    (الاسم):
    يشمل المفرد والجمع.

    (المحلى بالألف واللام):
    يعني الذي دخلته اللام، لكن هل هي كل لام أم لام مخصوصة؟

    نقول: لام مخصوصة، وهي اللام الاستغراقية التي تدل على الاستغراق، وهي كل لام صح حلول "كل" محلها، وصح الاستثناء من مدخولها.

    تقول: "أكرم الطلاب إلا زيدا"، "أكرم الطلاب"؛ أي كل الطلاب، أو كل طالب إلا زيدا، صح الاستثناء إذًا تكون "أل" هذه استغراقية؛ لصحة حلول لفظة كل محل "أل"، ويصح المعنى حقيقة لا مجازا.

    وكذلك الاستثناء من مدخولها، {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا} حصل الاستثناء؛ أي كل إنسان في خسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}، نقول: هذه "أل" استغراقية.

    وأما "أل" الجنسية التي تدل على الحقيقة، فهذه ليست من صيغ العموم، "الرجل خير من المرأة"، "الرجل"، هل كل رجل خير من كل امرأة؟

    المراد جنس الرجل خير من جنس المرأة، وقد يكون بعض أفراد النسوة خير من كثير من الرجال.

    وأما "أل" العهدية فبحسب المعهود؛ إن كان المعهود جمعا فهي للعموم، وإن كان المعهود فردا خاصا فهي للخصوص، {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا. فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}[المزمل15-16]، نقول: "أل" عهدية، والمعهود واحد خاص، فليست للعموم.

    {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}[ص73]، الملائكة نقول: هم المأمورون، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ}[البقرة34]، {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ} هذه "أل" العهدية، المعهود ما هو؟ مفرد أو جمع؟ جمع.

    إذًا "أل" العهدية فيها تفصيل، لا نقول: للعموم، ولا نقول: ليست للعموم، إن كان المعهود عاما فهي للعموم، وإن كان المعهود خاصا فحينئذ تكون خاصة.

    وأما الجنسية فمطلقا ليست للعموم.

    فحينئذ قوله: (الاسم المحلى بالألف واللام): نقول: هذا فيه تفصيل، المراد بـ "أل" هنا الاستغراقية، {الزانية والزاني}، "أل" هذه ما نوعها؟ الحكم خاص أو عام؟ كل زان وزانية أو بعض الزناة؟

    عام، كل زانية وكل زان.

    {السارق والسارقة}، نقول: "أل" هذه للعموم، ولها وجه آخر، ليست كونها استغراقية، وإنما كونها موصولية.

    وصفة صالحة صلة "أل" ....................

    والموصولات عموما كلها من صيغ العموم، فحينئذ لها جهتان.

    {وإذا بلغ الأطفال}، يعني كل طفل.

    (3)
    (والمضاف إلى معرفة، كـ عبد زيد):

    المضاف إلى معرفة سواء كان جمعا أو مفردا.

    (كـ "عبد زيد")
    : هذا يعم، إذا كان عنده مائة عبد وقال: "أعتقت عبدي"، يعم؛ لأنه مفرد مضاف، قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}[إبراهيم34]، {نعمت الله}، نعمة واحدة أُضيفت للفظ الجلالة وهو أعرف المعارف؛ فحينئذ نقول: اكتسبت الشمول والعموم؛ {نِعْمَتَ الله}، نعم الله ليست واحدة، بل لا تحصى، إذًا المراد: وإن تعدوا نِعَم الله.

    من أين أخذنا هذا؟

    من إضافة المفرد إلى المعرفة.

    {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}[النساء11]، هذا عام، جمع مضاف إلى {أولادكم}، الكاف، وهو الضمير، حينئذ اكتسب العموم.

    (4) (وأدوات الشرط كـ(مَنْ) فيمن يعقل، و(ما) فيما لا يعقل، و(أيّ) فيهما، و(أين) و(أيان) في المكان، و(متى) في الزمان):

    (وأدوات الشرط):
    لو قال: أسماء الشرط لكان أولى؛ لأن من أدوات الشرط ما لا يعم، وهو الحرف؛ كـ "إن"، و "إذ ما".

    (كـ "من:" فيمن يعقل): {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا}، نقول: هذا عام، "من": كل من وُصف بهذا الوصف ترتب عليه الحكم ذكرا كان أو أنثى، حرا كان أو عبدا إلى آخره.

    وكان الأولى أن يقال: فيمن يعلم؛ لأنها تطلق على الرب جل وعلا.

    (و "ما" فيما لا يعقل):
    والأولى أن يقال: فيما لا يعلم؛ لأنها تطلق على الله جل وعلا، {وما تفعلوا من خير يعلمه الله}، {وما}: يعني أي فعل تفعلوه قلّ أو كثر يعلمه الله، ظاهرا أو باطنا يعلمه الله، إذا فيها عموم.

    (و "أيّ" فيهما):
    في العاقل وفي غيره، والأولى أن يقول: فيمن يعلم وفي غيره، {أيًا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}، {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ}، إذًا تطلق "أيّ" مرادا بها الله جل وعلا، وتطلق "من"، وتطلق "ما"، فحينئذ يُقال: فيمن يعلم؛ لأن الله جل وعلا لا يوصف بكونه عاقلا؛ لأن الصفات توقيفية، موردها السمع.

    «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل»، {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ}، {أيما الأجلين}؛ يعني أي أجلين، هنا قد يقول: المثنى، نقول: {أيما الأجلين}: أي عامين، غير محددة، فحصل العموم، حصل الشمول، لم يُعين عامين أجلين محددين.

    (و "أين" و "أيان" في المكان)
    : "أين" للمكان، {فأينما تولوا فثم وجه الله}، أفادت العموم، {أينما تكونوا يُدرككم الموت}، و "أيان" في المكان كما يقول المصنف هنا، لعله سهو؛ لأن "أيان" للزمن، وليست للمكان، "أيان تذهب أذهب معك".

    (و "متى" في الزمان)
    : متى تذهب أذهب، إذًا تفيد العموم، كل أدوات الشرط الأسماء تفيد العموم.

    (5)
    (و(كلّ) و(جميع)):
    "كل" هذه أم الباب.

    صيغُه كلٌّ أو الجميع ....................

    "كل" أم الباب، ولذلك تضاف إلى المعرفة، وتضاف إلى النكرة، بخلاف "جميع"، فإنها لا تضاف إلا إلى المعرفة، {كل نفس ذائقة الموت}، ذوق الموت ثابت لكل فرد فرد من أفراد النفس، فحصل العموم، {كل نفس ذائقة الموت}، {وإن كل لما جميع لدينا محضرون}.

    (6) (والنكرة في سياق النفي، كـ "لا رجل في الدار"):

    (والنكرة في سياق النفي)
    : النفي المراد به هنا سواء كان مسلّطا على النكرة مباشرة أم على عاملها.

    (كـ "لا رجل")
    : دخل النافي هنا على "رجل"، على النكرة مباشرة، "ما قام أحد"، دخل على عاملها.

    إذًا النكرة في سياق النفي تعم مطلقا، سواء باشر النفي النكرة، أو باشر عاملها، باشر النكرة؛ يعني دخل عليها مباشرة "لا إله إلا الله"، "إله" نكرة، دخل عليها النفي، "ما قام أحد"، "أحد" نكرة جاء في سياق النفي، إذًا دخل "ما" -وهو نافٍ- على عامل النكرة، وليس على النكرة، وسواء سُبقت بـ "من" الاستغراقية أم لا، {ما من إله إلا الله}، {هل من خالق غير الله}، {ما جاءنا من بشير}، نقول: نكرة في سياق النفي فتعم، ودخلت عليه من الاستغراقية فنقلتها من الظهور إلى التنصيص على العموم، فهي نص على العموم، أو لم تدخل عليها "من"؛ مثل "لا إله إلا الله"، {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}، نقول: هذه عامة.

    وإذا كانت النكرة في سياق الإثبات لا تعم مطلقا، إلا إذا كانت في سياق الامتنان؛ {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}، "ماء" نكرة في سياق الامتنان فيعم كل ماء نزل من السماء، سواء كان بردا أم ثلجا أم مطرا، هَتّانا.

    كذلك النكرة في سياق النهي؛ {فلا تدعوا مع الله أحدًا}، {فلا تدعوا} "لا" ناهية و{تدعوا} فعل مضارع مجزوم بها، {مع الله أحدا} "أحدا" نكرة في سياق النهي فتعم.

    أو الشرط؛ {فإن تنازعتم في شيء}، {في شيء} وقع في سياق الشرط فيعم كل شيء ولو عود أراك وقع النزاع فيه وجب رده إلى الشرع، {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} كذلك.

  16. #36

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع ألفاظ العموم:

    [المتن]:

    [قال البستي: الكامل في العموم الجمع؛ لوجود صورته ومعناه، والباقي قاصر؛ لوجوده فيه معنى لا صورة(1)، وأنكره قوم فيما فيه الألف واللام، وقوم في الواحد المعرّف خاصة، كـ "والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةِ" وبعض متأخري النحاة في النكرة في سياق النفي إلا مع "مِنْ" مُظْهَرَةً(2)].

    [الشرح]:

    (1)
    (قال البستي: الكامل في العموم الجمع؛ لوجود صورته ومعناه، والباقي قاصر؛ لوجوده فيه معنى لا صورة):

    لكامل في العموم هو الجمع):
    يعني أعلى درجات العموم وضوحا هو الجمع مطلقا سواء كان معرفا بـ "أل" أو بـ "الإضافة"؛ لأنك إذا قلت: "الطلاب"، من حيث اللفظ تأخذ الشمول، ومن حيث المعنى تأخذ الشمول، إذًا من حيث الصورة والمدلول فاتفقا، بخلاف المفرد {وإن تعدوا نعمت الله}، هل أخذنا الشمول من حيث اللفظ؟! ولذلك الذي لا يعلم القاعدة يقول: نعمت الله واحدة فيستشكل حينئذ، فيرد السؤال: لماذا؟ لأن الصورة لا تدل على الشمول، وأما المعنى فيدل على الشمول، وأيهما أعلى؟

    ما دل على الشمول صورة ومعنى.

    (لوجود صورته)
    : يعني صيغته؛ لأنها تفيد التعدد ومعناه؛ الذي هو الشمول الذي دل عليه الجمع، والباقي ما عدا الجمع قاصر عن الجمع؛ لوجوده فيه؛ يعني لوجود الشمول في اللفظ معنى لا صورة؛ يعني يؤخذ من جهة الدلالة والمعنى، ولا يؤخذ من جهة اللفظ.

    (2)
    (وأنكره قوم فيما فيه الألف واللام، وقوم في الواحد المعرّف خاصة، كـ (السَّارِق وَالسَّارِقَة) وبعض متأخري النحاة في النكرة في سياق النفي إلا مع (مِنْ) مُظْهَرَةً):

    ثم ذكر بعض الأقوال الضعيفة التي علَّلت بعض ما ذكره المصنف فيما يدل على العموم قال:

    (وأنكره قوم):
    يعني أنكروا العموم.

    (فيما فيه الألف واللام):
    قالوا: الجمع الذي دخلت عليه "أل" لا يدل على العموم.

    والصواب: أنه يدل على العموم، ولذلك لما جاءت فاطمة إلى أبي بكر استدلالا بهذه الآية {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}، لو لم يدل على العموم لأنكر عليها، لكنه أقرّها، فأخرج لها المُخصِّص؛ ما قال: فهمك خطأ، أو أن اللفظ لا يحتمل ما ذكرتيه، لا، {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}، كل ولد، سواء كان لنبي أم غيره، لفظ عام يشمله، فلما استدل العباس وفاطمة -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- بهذه الآية أخرج لهم أبو بكر المخصِّص: «نحن معاشر الأنبياء لا نُورَث، ما تركناه صدقة»، لو كان الاستدلال والفهم ليس في موضعه لأنكر عليهم.

    كذلك لما قال بعض الأنصار: "منا أمير ومنكم أمير". قال أبو بكر t: سمعت النبي r يقول: «الأئمة من قريش»، ماذا حصل؟ انسحب الأنصار، «الأئمة» جمع.

    (وأنكره قوم فيما فيه الألف واللام):
    ولهم علل لا نقف معها.

    (وقوم):
    أنكروا ذلك.

    (في الواحد المعرّف خاصة؛ كـ
    {السارق والسارقة}): قالوا: المفرد المحلى بـ "أل" لا يدل على العموم؛ كـ {السارق والسارقة}؛ لأن "أل" هذه يحتمل أنها جنسية، ويحتمل أنها عهدية، وإذا احتمل بطل الاستدلال بها في العموم.

    والجواب: أن هذا باطل؛ لأنه ورد في الشرع نعت المفرد بما لا يُنعَت به إلا الجمع؛ قال تعالى: {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء}، {أو الطفل} الطفل واحد من جهة اللفظ، دخلت عليه "أل"، أفاد العموم.

    ما الدليل على أنه أفاد العموم؟

    نعته بما يُنعَت به الجمع.

    أخذنا فيما سبق أنه لا بد من التطابق بين النعت والمنعوت إفرادا وتثنية وجمعا، إذا كان المنعوت مفردا وجب أن يكون النعت مفردا، وهنا جاء المنعوت مفردا في اللفظ، لكنه نُعِت بما يُنعَت به الجمع؛ فحينئذ دلّ على أن الطفل المراد به الأطفال، وهذا استدلال واضح.

    (وبعض متأخري النحاة):
    أنكروا العموم.

    (في النكرة في سياق النفي إلا مع "من" مُظهَرة)
    : يعني قالوا: النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا في حالة واحدة؛ إذا سبقتها "من" ظاهرة؛ "من" الاستغراقية، {وما من إله إلا الله}، قالوا: حينئذ {وما من إله} دخلت "من" على النكرة في سياق النفي تعم، أما "لا إله" لا تعم؛ لأنها نكرة لم تسبق بـ "من"، ولذلك استدلوا بماذا؟

    قالوا: لو قيل دون سبق "من": "ما جاءني رجل"، قالوا للجمهور: أنتم تقولون: هذه نكرة في سياق النفي فتعم، صحيح، قالوا: يصح لغة أن يقال: "ما جاءني رجل، بل أكثر"، فإذا أفادت العموم كيف صح الاستثناء؟!

    فقالوا: إذًا النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا إذا سُبقت بـ "من" الاستغراقية؛ لأنها إذا سُبقت بـ "من" الاستغراقية صارت النكرة نصا في العموم؛ يعني لا تحتمل الاستثناء أبدا، بخلاف: "ما جاءني رجل".

    والجواب: أنه إذا قيل: "بل أكثر"، هذه قرينة صارفة على عدم إرادة العموم، والكلام في النكرة في سياق النفي إذا لم تقترن بها قرينة تدل على عدم إرادة العموم، وإلا لو قيل: بأن النكرة في سياق النفي لا تعم كيف ينفي الموحِّد الآلهة الباطلة بقوله: "لا إله إلا الله"؟ أين العموم هنا؟ أمَا نقول: "لا إله" نافية كل ما يُعبَد من دون الله؟ إذًا كيف حصل هذا المعنى؟ إلا لكون "لا" هنا أفادت العموم، والحاصل نُرجّح الأول.

  17. #37

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع العام:

    أقل الجمع:


    [المتن]:

    [وأقل الجمع ثلاثة. وحُكِيَ عن أصحاب مالك، وابن داود، وبعض النحاة. والشافعية: اثنان(1)].

    [الشرح]:

    (1)
    (وأقل الجمع ثلاثة): إذا عرفنا أن الجمع المعرّف بـ "أل" من صيغ العموم، حينئذ ما أقل الجمع؟

    الجمهور على أنه ثلاثة، وذهب بعضهم إلى أنه اثنان، والمرجّح الأول.

    وفي أقل الجمع مذهبان

    أقواهما ثلاثة لا اثنان

    أعلى ما يستدل به على هذا أن العرب فرّقت في الألفاظ بين دلالتها على الواحد، ودلالتها على الاثنين، ودلالتها على الثلاثة، فقالوا: للواحد: "رجل"، وللاثنين: "رجلين"، وللثلاثة: "رجال"، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب»، وإلا لماذا نقول: هذا مثنى، ومثنى بطريقة كذا، ويُجمَع بطريقة كذا، ثم نقول: النتيجة أن مدلول الجمع والمثنى واحد؟! لا فائدة في ذلك.

    (وحُكِيَ عن أصحاب مالك، وابن داود، وبعض النحاة، والشافعية: اثنان):
    استدلوا بنحو أطراف النهار، قالوا: أطراف النهار إنها اثنان، وهكذا ذكرت في القرآن، {فقد صغت قلوبكما}، "قلوب"، وهما قلبا عائشة وحفصة، وقيل: {فإن كان له إخوة}، والحجب يكون باثنين، والحديث -وهو ضعيف-: «الاثنان فما فوقهما جماعة»، {فاذهبا بآياتنا فإنا معكم}، قال: {اذهبا}، {معكم}.

    وهذه كلها مؤولة؛ لأن من يرى أن أقل الجمع ثلاثة لا يمنع من استعماله في الاثنين، لكنه يكون على جهة المجاز، والمنع أن يُراد بالجمع اثنان حقيقة لا مجازا، فكل ما استدل به من يرى أن أقل الجمع اثنان؛ نقول: هذا مجاز، وليس بحقيقة، وأما الحقيقة فلكل فرد وضعت العرب له لفظا يدل عليه.

  18. #38

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع العام:

    دخول المخاطب في عموم خطابه:


    [المتن]:

    [والمخاطِبُ يدخل في عموم خطابه، ومنعه أبو الخطاب في الأمر، وقوم مطلقا(1)].

    [الشرح]:

    (1
    ) (والمخاطِبُ يدخل في عموم خطابه، ومنعه أبو الخطاب في الأمر، وقوم مطلقا):

    (والمُخاطِب):
    بكسر الطاء.

    (يدخل في عموم خطابه):
    كالنبي -صلى الله عليه وسلم- خاطب غيره بصيغة فيها عموم هل تشمله عليه -صلى الله عليه وسلم- أم تختص بالأمة؟

    الصواب: أنه داخل في الصيغة؛ لأن العبرة باللفظ هنا، وحكمنا على اللفظ بأنه عام، فإذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تستقبلوا القبلة»، "تستقبلوا" الواو تفيد العموم، هل الحكم هذا شامل للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟

    شامل، هذا هو الأصل؛ لأن اللفظ عام، فإذا كان عاما شمل كل مكلف، والأحكام الشرعية هذه يستوي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره من أمته، إلا ما دل عليه الدليل بأنه خاص به، أو خاص بأمته، إن ثبت الدليل فلا إشكال، إن لم يثبت فالأصل العموم والاستواء.

    (ومنعه أبو الخطاب في الأمر):
    يعني قال: كل لفظ عام يدخل فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا الأمر، لماذا؟

    بناء منه وغيره على اشتراط الاستعلاء في الأمر.

    الاستعلاء: أن يكون الآمر عاليا من المأمور، فإذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- غيره حينئذ لا بد أن يكون معه استعلاء، فكيف يكون هو مستعلٍ وهو مأمور؟!

    حصل تناقض، لا يمكن أن يكون هو آمرا ومأمورا؛ لأن الآمر أعلى درجة، والمأمور أدنى من الآمر، فكيف يكون أعلى وأدنى في وقت واحد؟!

    فمنع أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- داخلا في لفظ عام جاء بصيغة الأمر، وهذا نبنيه على الأصل؛ أن الأصح أنه لا يُشتَرط في الأمر ولا النهي علو ولا استعلاء.

    وليس عند جل الأذكياء شرط علو فيه واستعلاء

    وخالف الباجي بشرط التالي ......................

    وسيأتي موضوعه في باب الأمر.

    (وقوم مطلقا):
    منعوه مطلقا خبرا وإنشاء، وأمرا ونهيا، قالوا: لا يدخل النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأصح الأول.

  19. #39

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع العام:

    هل يتوقف العمل بالعام على البحث عن مخصص؟


    [المتن]:

    [ويجب اعتقاد عمومه في الحال في إحدى الروايتين، اختارها أبو بكر، والقاضي، وهي قول الحنفية، والأخرى: لا، حتى يبحث فلا يجد مخصصاً، اختارها أبو الخطاب، وعن الشافعية: كالمذهبين، وعن الحنفية: إن استمع منه على وجه تعليم الحكم، فكالأول، وإلا كالثاني(1)].

    [الشرح]:

    (1)
    (ويجب اعتقاد عمومه في الحال): هذه يُعنون لها الأصوليون بقولهم: هل يتوقف العمل بالعام على البحث عن مخصص؟

    كل عامّ يتطرق إليه احتمال التخصيص، كل عام لا بد أن يأتي إليه دليل ليخصص بعض الأفراد، إذًا وُجد احتمال أن يكون بعض الأفراد غير داخل في العام، فإذا جاء لفظ العام وسمعت أنا اللفظ العام هل أعمل به مباشرة؟ أو أبحث في الكتاب والسنة هل فيه لهذا العام مُخصص أم لا؟

    محل نزاع عند الأصوليين، الجمهور على أنه لا يجب البحث عن المخصص.

    قال: (ويجب اعتقاد عمومه في الحال).

    (في الحال):
    يعني إذا حضر وقت العمل بمدلول النص من غير توقف عن البحث عن مخصص، وهذا مذهب الجمهور.

    لكن تقييده بالاعتقاد فيه بعض النظر؛ لأنه يجب الاعتقاد مع العمل، وليس الاعتقاد فقط، وإنما الاعتقاد بأن العام أريد به العموم، يشمل جميع أفراده ويستغرقها، يعمل بهذا العام، أما يعتقد فقط دون عمل فلا فائدة.

    (في إحدى الروايتين):
    عن الإمام أحمد.

    (اختارها أبو بكر، والقاضي، وهي قول الحنفية):
    لأن الأصل عدم التخصيص، ويُستصحب هذا الأصل حتى يثبت خلافه؛ لأن العمل بالنصوص واجب على ما تقتضيه دلالاتها حتى يقوم دليل على خلاف ذلك، وهو المخصص.

    (والأخرى)
    : يعني الرواية الأخرى.

    (لا):
    يعني لا يجب اعتقاد ولا عمل بالعام.

    (حتى يبحث فلا يجد مخصصا):
    يعني عن مُخصص.

    (اختارها أبو الخطاب، وعن الشافعية: كالمذهبين)
    : قولان: يجب، لا يجب، هل هذا قول ثان أو نفس الأول؟

    نفس الأول، الثاني قال:

    (وعن الحنفية: إن استمع منه):
    إن سُمع، أو سَمع، وفي بعض النسخ إن استمع.

    (على وجه تعليم الحكم، فكالأول):
    يعني إذا كان الصحابي يسمع هذا الحكم من النبي -صلى الله عليه وسلم-، -وهو لفظ عام- حينئذ يجب الاعتقاد، ويجب العمل بمدلول هذا العام؛ لأنه لو كان ثم مخصص لوجب أن يُبيَّن في ذاك الوقت، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، إذًا إذا كان في وقت الاستماع يسمع الصحابي من النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرا بلفظ عام وجب الاعتقاد والعمل بمدلول هذا العام، ولا يبحث عن مخصص.

    (وإلا فكالثاني):
    يعني وإلا سمعه من غيره فلا يجب اعتقاد عمومه.

    إذًا المسألة فيها قولان؟

    يجب اعتقاد عمومه في إحدى الروايتين، اختارها أبو بكر.

    والأخرى لا يجب، هذه اثنان.

    ثم تفصيل الأحناف ثلاثة أقوال، والأرجح هو مذهب الجمهور، وهو الأول؛ لأن العمل بالنصوص واجب على ما تقتضيه، وكون وجود المخصص؛ نقول: هذا مشكوك فيه، والأصل عدمه.

  20. #40

    افتراضي رد: "المباحث اللغوية" للعلامة أحمد بن عمر الحازمي مصححة منقحة

    تابع العام:

    دخول العبد في الخطاب العام:


    [المتن]:

    [والعبد يدخل في الخطاب للأمة والمؤمنين؛ لأنه منهم(1)].

    [الشرح]:

    (1)
    (والعبد يدخل في الخطاب للأمة والمؤمنين؛ لأنه منهم):

    لأنه من جملة المكلفين بالكتاب والسنة، هو مخلوق لله -عز وجل-، داخل في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ويشمله قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون}، إذًا ابتداء وانتهاء، فحينئذ يكون من جملة المخاطبين، فإخراجه هكذا لكونه عبدا يحتاج إلى دليل، ولا دليل، ووجود الاستثناء في بعض؛ كأحكام الجمعة، وصلاة العيدين، والمال، والبيع والشراء، إلى آخره، نقول: هذا بدليلٍ خاص، وإلا الأصل دخوله في الخطاب.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •