تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 73

الموضوع: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وائل النوري مشاهدة المشاركة
    الحمد لله
    أريد من الفاضل أبي فهر أن يعيننا على فهم مراده ببيان:
    أولا : معنى الرأي
    ثانيا: أصوله
    ثالثا: أهله
    والمرجو حفظك الله عدم الإجمال فلا يحسن في هذا الموطن.
    وجزاك الله خيرا
    الحمد لله وحده....

    الرأي والقياس لفظان أراد بهما المتكلم بهما من أهل هذه الطبقات أن يُصيب معنى لفظ ((الاجتهاد)) في كلام النبي

    ثُم قد يُصيب هذا المجتهد ما يجوز له من الاجتهاد وقد يُجاوز الحد المشروع له فيدخل في الإحداث في الدين..

    واسم الرأي يقع على ثلاثة صور:

    1- الاجتهاد في تحقيق وتنقيح مناطات الأدلة النقلية .وهذا النوع من الرأي قال به وفعله الأئمة جميعاً.
    2- الاجتهاد والفتوى بالرأي الذي يدخل تحته القياس والمصلحة وسد الذرائع و...و...وهذا الصنف من الأدلة استدل به فقهاء أهل الحديث وفقهاء أهل الرأي جميعاً غير أن بينهما فارق جوهري هو سبب النزاع الطويل بينهما...

    فأهل الحديث منهم من هجر الاستدلال بهذه الأبواب في أغلب أحواله ،ومنهم من ضيق دائرة الاستدلال بهذه الأصول فلا يستدل بها إلا عند عدم الأدلة ،فأنزلوها منزلة الميتة للمضطر وقدم عليها بعضهم قول الصحابي والحديث الضعيف(على معناه عندهم)..

    أما أهل الرأي فجعلوا اجتهاد الرأي على وفق هذه الأصول المذكورة =أدلة قائمة بذاتها تُعارض بها الأدلة النقلية وتُقدم هذه تارة وهذه تارة.

    ووسعوا دائرة العلل المستنبطة واعتبار المقاصد والمعاني التي ظنوا أن الشارع قال ألفاظه بينما تلك المعاني تجول في نفسه...

    ثم كان أهل الرأي يستخدمون هذه الأصول في مقامين:

    الأول: عند عدم النصوص.

    الثاني: كأداة لفهم النصوص جمعاً ومعارضة وترجيحاً...

    وهاهنا كانت المعركة ...فأهل الحديث كانوا يرون أن الإسناد الواحد إذا صح ما كان يفتقر إلى غيره ولا يتوقف العمل به على موازنته بغيره ،ولا يحتاج إلا إلى فهم مراد مراد النبي وفق المقتضيات اللغوية والمعارضوة والجمع والترجيح وفق الأدلة النقلية.

    3-ويُطلق الرأي أيضاً على الاستحسان وتحرير معناه ومراد أهل الرأي به وهل أصاب الشافعي في فهم مراد أهل الرأي أم أخطأ=كل ذلك ليس هذا محله.

    أما أهل الرأي الذين نعنيهم هنا: فهم طبقة ربيعة الرأي وحماد ابن أبي سليمان والتي تليها طبقة أبي حنيفة والتي تليها طبقة أبي يوسف والتي تليها طبقة محمد بن الحسن...

    ويُلحق بهم بعض من استعمل طريقتهم وإن لم يُنسب إليهم وأو انتسب إليهم ثم خرج عنهم كأبي ثور...

    اما أصوله فهذا ايضاً حديث يطول ليس هذا مقامه..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    الحمد لله
    أحسن الله إليك أخي الفاضل
    لو سمحت لي حفظك الله التعليق على بعض ما جاء في بيانك لأستزيدك إيضاحا.
    بغض النظر عن الخلاف المعروف في تحقيق المناط هل هو من القياس أو هو الفرع المندرج تحت القاعدة الكلية وأصل الخلاف في العمومات اللفظية.
    أوليس تنقيح المناط من مسمى القياس وهو تهذيب العلة وإلغاء ما لا أثر له؟
    وأغلب الخلاف الموجود في هذا الباب بين المجتهدين في تنقيح العلة، ما يصلح وما لا يصح علة للحكم.
    السؤال حفظك المولى:
    فرق لي بين:
    الاجتهاد في تحقيق وتنقيح مناطات الأدلة النقلية
    و
    الاجتهاد والفتوى بالرأي الذي يدخل تحته القياس
    وجزاك الله خيرا

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة

    لا بد من التفرقة بين أجناس القياس التي لا يُنازع فيها ابن حزم ولا غيره...وإن كانوا لا يسمونها قياساً (وكثير من العلماء لا يسموه قياساً وهو الأليق ولعل الأنسب لمن سماه قياساً أن يُغادر هذه التسمية لما فيها من لبس المتفق عليه بالمختلف فيه)...وبين القسم المختلف فيه..والذي فيه وقع الخلاف وهو كما عبر عنه شيخ الإسلام:
    ((تَخْرِيجُ الْمَنَاطِ وَهُوَ : الْقِيَاسُ الْمَحْضُ وَهُوَ : أَنْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمٍ فِي أُمُورٍ قَدْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهَا فَيَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا مِثْلُهَا إمَّا لِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ ؛ أَوْ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْوَصْفِ الَّذِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الشَّارِعَ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِهِ فِي الْأَصْلِ ؛ فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي تُقِرُّ بِهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَيُنْكِرُهُ نفاة الْقِيَاسِ . وَإِنَّمَا يَكْثُرُ الْغَلَطُ فِيهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْجَامِعِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي عَلَّقَ الشَّارِعُ الْحُكْمَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى سُؤَالَ الْمُطَالَبَةِ وَهُوَ : مُطَالَبَةُ الْمُعْتَرِضِ لِلْمُسْتَدِلِّ بِأَنَّ الْوَصْفَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ هُوَ عِلَّةُ الْحُكْمِ ؛ أَوْ دَلِيلُ الْعِلَّةِ . فَأَكْثَرُ غَلَطِ الْقَائِسِينَ مِنْ ظَنِّهِمْ عِلَّةً فِي الْأَصْلِ مَا لَيْسَ بِعِلَّةِ وَلِهَذَا كَثُرَتْ شَنَاعَاتُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ . فَأَمَّا إذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إلْغَاءِ الْفَارِقِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَرْقٌ يُفَرِّقُ الشَّارِعُ لِأَجْلِهِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ ؛ أَوْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْفُلَانِيَّ هُوَ الَّذِي لِأَجْلِهِ حَكَمَ الشَّارِعُ بِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي صُورَةٍ أُخْرَى ؛ فَهَذَا الْقِيَاسُ لَا يُنَازِعُ فِيهِ إلَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَي ْنِ)).
    قلتُ: وكثير مما يُنسب للصحابة والصدر الأول من الأقيسة ليس هو هذا القسم المختلف فيه..
    فاجتهاد الرأي منه القياس الذي هو تخريج المناط...وهو قسم مختلف عن تنقيح وتحقيق مناطات الأدلة...كما بينه الشيخ..ومعه أشياء أخر كالمصالح والاستحسان..
    تنبيه مهم: ومن معاني الرأي في كلام السلف مما ذهلت عن ذكره: الحيل.
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    يقول شيخ الإسلام: ((وَمَنْ ظَنَّ بِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَتَعَمَّدُونَ مُخَالَفَةَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِقِيَاسِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ عَلَيْهِمْ وَتَكَلَّمَ إمَّا بِظَنِّ وَإِمَّا بِهَوَى فَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ يَعْمَلُ بِحَدِيثِ التوضي بِالنَّبِيذِ فِي السَّفَرِ مُخَالَفَةً لِلْقِيَاسِ وَبِحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ ؛ لِاعْتِقَادِهِ صِحَّتَهُمَا وَإِنْ كَانَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ لَمْ يُصَحِّحُوهُمَا . وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي رِسَالَةِ " رَفْعِ الْمَلَامِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ " وَبَيَّنَّا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يُخَالِفُ حَدِيثًا صَحِيحًا بِغَيْرِ عُذْرٍ بَلْ لَهُمْ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ عُذْرًا

    مِثْلَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ ؛ أَوْ بَلَغَهُ مِنْ وَجْهٍ لَمْ يَثِقْ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ دَلَالَتَهُ عَلَى الْحُكْمِ ؛ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ الدَّلِيلَ قَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ كَالنَّاسِخِ ؛ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّاسِخِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ . وَالْأَعْذَارُ يَكُونُ الْعَالِمُ فِي بَعْضِهَا مُصِيبًا فَيَكُونُ لَهُ أَجْرَانِ وَيَكُونُ فِي بَعْضِهَا مُخْطِئًا بَعْدَ اجْتِهَادِهِ فَيُثَابُ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ))

    هذا لب كلامنا ..والحمد لله وحده...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    الحمد لله
    أخي الفاضل:
    أنت الآن تميز بين مسلكين من مسالك الاستدلال في أمر خاص:
    مسلك أهل الحديث
    ومسلك أهل الرأي
    فلا يهمنا مسلك النفاة
    القياس في كلامك الثاني مطلق يندرج في المسمى الثاني للرأي وكأن الخلاف غير موجود بين المسلكين في تنقيح المناط الذي هو بمعنى القياس، فاحتجت الآن أن تقيده حتى تدفع توهم المعارضة، فلا ضير عليك أخي.
    فلابد من التمييز بين المسميات في معنى الرأي حتى لا يقع لك التداخل في المعاني لأنه مظنة الاشتباه.
    تنبيه:
    هل أفهم حفظك الله أن أصول الاستدلال لم تكن مرسومة عندك قبل التخريج عليها حتى تذهل بقولك:
    تنبيه مهم: ومن معاني الرأي في كلام السلف مما ذهلت عن ذكره: الحيل.
    وهل بقي شيء آخر؟
    الذي أعلمه عن العلماء من فقهاء هذه الأمة حصر الأصول قبل التخريج.
    المعذرة حفظك الله اصبر علي حتى أفهمك جيدا، فهذا موطن عظيم لا يكتفى فيه بالإشارات والتلميحات بل لابد من تأصيل.
    أخوك وائل النوري

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    معذرة يا مولانا فأنا الآن الذي لا أفهمك جيداً...

    خاصة قولك:
    هل أفهم حفظك الله أن أصول الاستدلال لم تكن مرسومة عندك قبل التخريج عليها حتى تذهل بقولك:
    أي أصول (؟؟؟)

    وأي رسم(؟؟؟)

    إنما أتكلم عن معنى من المعاني التي يُطلق عليها لفظ الرأي في كلام السلف وقد نسيت ذكره في المعاني السابقة...

    والقياس بمعنى تخريج المناط هو المعنى الثاني وهذا صلب كلامي فهل نفسر الماء بعد الجهد بالماء(؟؟؟)

    اعمد إلى ما تقصد يا مولانا...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    الحمد لله
    أوليس تقرير مسلكين هو ما جريت عليه؟
    فلابد أن تكون عالما بأصول الاستدلال فيهما، وإلا كيف تميز بينهما فضلا عن التخريج عليهما.
    فمعرفة الخلل هو باعتبار الأصل لا الفرع، وأنت حفظك الله بصدد بيان زلل المسلك في أمر معين، فإذا لم ترده إلى أصله لن يتبين لك قوته أوضعفه، لذلك يقع كثير من إخواننا في علم المناسبة والشهوة وهذا ليس بعلم البتة.
    فالأسئلة هي من هذا الباب، فغالبا ما يكون الزلل في دركها لضعف التصور، وهذا ليس من حسن التأتي للأمور،وقد قيل: لكل سبيل مطية ومطية الفهم حسن التصور، و"معلوم أن العلم إنما يتم بصحة مقدماته والجواب عن معارضاته ليحصل وجود المقتضى وزوال المانع".
    فلابد من تحرير المقدمات لتحرير موارد النزاع، وهذا لا يتأتى غالبا في الفروع.
    فالواجب: الكشف عن هذه القواعد والأصول وتمحيصها قبل التزامها.
    لذلك حفظك الله:
    طالبتك أولا: بالتصور وهو معنى الرأي
    ثم ثانيا: أصوله عندك وأعني أصول الاستدلال
    ثم ثالثا: أهله حتى أذكرك بأصولهم.

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي وجهة نظر :


    وجهة نظر :

    أولا : الرأي رأيان رأي مذموم و رأي محمود فما ورد عن السلف في ذم الرأي إنما هو الرأي المذموم ،وهو القول بالرأي في مقابلة النص ، و إلا فقد ورد عن السلف العمل بالرأي فقد قال عمر بن الخطاب لشريح عندما بعثه على قضاء الكوفة: ( انظر ما تبين لك في كتاب الله؛ فلا تسأل عنه أحداً ، وما لم يتبيّن لك في كتاب الله، فاتبع فيه سنة رسول الله لله، وما لم يتبيّن لك فيه سنة، فاجتهد رأيك)( جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ) و عن عبد الرحمن بن يزيد قال: أكثرَ الناس على عبد الله ( أي ابن مسعود) يسألونه، فقال: أيها الناس إنه قد أتى علينا زمان نقضي ولسنا هناك، فمن ابتلي بقضاءٍ بعد اليوم فليقض بما في كتاب الله، فإن أتاه ما ليس في كتاب الله - ولم يَقُلْهُ نبيّه - فليقض بما قضى به الصالحون، فإن أتاه أمر لم يقض به الصالحون - وليس في كتاب الله، ولم يقل فيه نبيّه - فليجتهد رأيه، ولا يقول: أخاف وأرى، فإن الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبَيْنَ ذلك أمورٌ مشتبهات، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم) ( جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر )

    ثانيا : المالكية والأحناف كغيرهم من الفقهاء بشر يخطئون ويصيبون ، وخطئهم مغفور ، ونحسن الظن بعلمائنا ، وأنهم ما تعمدوا مخالفة الحق .

    ثالثا : المالكية اشترطوا لقبول خبر الآحاد ألا يخالف القواعد الشرعية و الأصول الثابتة ، وعللوا ذلك بأن الراوي قد يسهو أو لا يضبط ، ولذلك لم يأخذوا بخبر المصراة ؛ لأن هذا الخبر في نظرهم قد خالف أصل الخراج بالضمان ،ولم يأخذوا بخبر إكفاء القدور التي طبخت من الإبل والغنم قبل قسمة الغنائم ؛ لأن هذا الخبر في نظرهم قد خالف أصل رفع الحرج والمصلحة المرسلة فقد كان يكفي أن يقال لهم : إن ما صدر عنكم لا يجوز ثم يؤذن لهم بالأكل منها فإتلاف المطبوخ إفساد مناف للمصلحة مما يدل على عدم صحة الخبر ( انظر الموافقات للشاطبي 3/21-22 ،و الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان ص 174 ، والفقه الإسلامي تطوره أصوله قواعده الكلية للدكتور أحمد يوسف ) أما الأحناف فاشترطوا في قبول خبر الآحاد ألا تخالف السنة القياس الصحيح أي الأصول العامة في الفقه الإسلامي إذا كان الراوي غير فقيه ، وعللوا ذلك بأن الراوي إذا لم يكن فقيها فإنه لا يؤمن أن يذهب شيء من المعنى الذي يبتني عليه الحكم ، وقد رد الأحناف لذلك حديث المصراة ؛ لأن هذا الخبر في نظرهم قد خالف أصل الخراج بالضمان ( انظر أصول السرخسي 1/341 ،و الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان ص 174 - 175 ،ومصادر التشريع للدكتور أنور دبور 113 - 114 ) و ما اشترطه المالكية والأحناف في قبول خبر الواحد غير مسلم فالسنة أحد مصدري التشريع ، وهي أصل قائم بنفسه فلا يقال أنها جاءت بحكم يخالف الأصول الثابتة ومتى صح الحديث فيجب العمل به .

    عذرا إن تأخر ردي أياما أو أسابيع لظروف عملي

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb رد: وجهة نظر :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع أحمد السلفي مشاهدة المشاركة

    و ما اشترطه المالكية والأحناف في قبول خبر الواحد غير مسلم فالسنة أحد مصدري التشريع ، وهي أصل قائم بنفسه فلا يقال أنها جاءت بحكم يخالف الأصول الثابتة ومتى صح الحديث فيجب العمل به .
    هذه هي ...

    فهل تظن أن أحداً من الأئمة يُنازعك في هذا..

    هم يقولون : ما دامت الرواية خالفت ما ذُكر فليست هي السنة...

    ومن شروط تصحيح الحديث عندهم ما ذُكر...

    فببساطة الحديث الذي يُخالف ما ذُكر ليس عندهم بحديث صحيح...


    تنبيه مهم: في تحقيق نسبة شروط قبول خبر الواحد لأعيان الأئمة بحث..ومن هذه الشروط ما ابتدع القول به أتباع مذاهبهم ولم يعرفوه هم..ولفظ خبر الواحد نفسه ليس من الألفاظ التي كانت تجري على ألسنتهم...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    76

    افتراضي رد: وجهة نظر :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة


    ولفظ خبر الواحد نفسه ليس من الألفاظ التي كانت تجري على ألسنتهم...

    الحمد لله وحده...
    فماذا كان الشافعي يفعل في تصانيفه إذن؟؟
    ألم يبوّب -في بعض ما بوّب- بهذا اللفظ؟!
    ألم يكثر من استخدام هذا اللفظ في كتبه بطولها؟!

    وقد ذكرتُ الشافعي لأنه أكثرَ من استخدام هذا اللفظ، ولأن ظنّي أنه داخل تحت (أعيان الأئمة)، أما غيره (من غير الأربعة على الأقل) فمذكور في كلامهم أيضًا.

    المشكلة أن لغة الحوار المعهودة لا تشجع على الدخول إلى هذه المواضيع، وليس هذا بأعجب ما فيها - إليًَّ- على كل حال.

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي أرجو إيضاح

    أخي الكريم ماذا تقصد بقولك :((
    هم يقولون : ما دامت الرواية خالفت ما ذُكر فليست هي السنة...
    ومن شروط تصحيح الحديث عندهم ما ذُكر...
    فببساطة الحديث الذي يُخالف ما ذُكر ليس عندهم بحديث صحيح...))

    ماذا تقصد بما ذكر وفقك الله ؟

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb رد: وجهة نظر :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأزهري السلفي مشاهدة المشاركة
    الحمد لله وحده...
    فماذا كان الشافعي يفعل في تصانيفه إذن؟؟
    ألم يبوّب -في بعض ما بوّب- بهذا اللفظ؟!
    ألم يكثر من استخدام هذا اللفظ في كتبه بطولها؟!
    وقد ذكرتُ الشافعي لأنه أكثرَ من استخدام هذا اللفظ، ولأن ظنّي أنه داخل تحت (أعيان الأئمة)، أما غيره (من غير الأربعة على الأقل) فمذكور في كلامهم أيضًا.
    .
    بارك الله فيك..

    الكلام هنا عن أبي حنيفة ومالك ...وهما اللذان نسب إليهما شروط زائدة لقبول خبر الواحد..وهما إماما (المالكية والأحناف)اللذين تكلم عليهم الأخ الذي كنت أرد عليه..وسياق كلامنا أنا أردنا التنبيه على وجوب التثبت في نسبة هذه الشروط إليهم..وعدم اختلاطها بما يقوله أو ينسبه إليهم أتباعهم..وكان أول ما يسترعي الانتباه هو عدم وجود لفظ ((خبر الواحد)) فيما اطلعنا عليه من كلام أبي حنيفة ومالك..أما وجود ذلك في كلام الشافعي وغيره فليس بخافٍ
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb رد: أرجو إيضاح

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع أحمد السلفي مشاهدة المشاركة
    أخي الكريم ماذا تقصد بقولك :((
    هم يقولون : ما دامت الرواية خالفت ما ذُكر فليست هي السنة...
    ومن شروط تصحيح الحديث عندهم ما ذُكر...
    فببساطة الحديث الذي يُخالف ما ذُكر ليس عندهم بحديث صحيح...))

    ماذا تقصد بما ذكر وفقك الله ؟
    بارك الله فيك...
    هذا الفصل الذي هنا معقود بأكمله لبيان قضية واحدة:
    هي أن واحداً من الأئمة لم يرد سنة ثبتت عنده عن النبي (ص)..
    وإنما الذي يقع : أن يرى الإمام صحة الرواية لكن يفهمها فهماً مخالفاً لما يظن غيره أنه منطوق الرواية كما وقع للأحناف في حديث البيعان بالخيار...
    أو أن يرى أن مخالفة الرواية لللأصول وللعمل توجب تأويل الرواية أو القول بنسخها..
    أو أن يرى أن مخالفة الرواية للأصول وللعمل توجب القول بضعف الرواية ونكارتها بحيث يكون هذا مقياساً لنقد السنن عندهم زائد على مقاييس نقاد الحديث المعروفين..
    يقول ابن عبد البرعن أبي حنيفة : ((كان في الفقه إماماً حسن الرأي والقياس،لطيف الاستخراج،جيد الذهن،حاضر الفهم،ذكياً ورعاً عاقلاً إلا أنه كان مذهبه في أخبار الآحاد العدول أن لا يقبل منها ما خالف الأصول المجتمع عليها....))[الاستغناء1/572]
    وفي العتبية: ((سئل مالك عن الغسل في الفضاء فقال: لا بأس بذلك.فقيل له: يا أبا عبد الله إن فيه حديثاً،فأنكر ذلك،وقال تعجباً: ألا يغتسل الرجل في الفضاء(؟!)ورأيته يتعجب من الحديث إنكاراً له))
    علق ابن رشد: ((وأنكر الحديث لما كان مخالفاً للأصول؛لأن الحديث إذا كان مخالفاً للأصول فإنكاره واجب إلا أن يرد من وجه صحيح لا مطعن فيه فيرد إليها بالتأويل الصحيح)) [البيان والتحصيل 1/62].
    وإذاً: فقد تبلغ مخالفة الحديث للأصول مبلغاً يُضعف الثقة بالرواية..ولا تكون الرواية أصلاً بذاتها لأنها لم تثبت..والضعيف لا يكون أصلاً..
    ولما روى مالك حديث البيعان بالخيار علق عليه قائلاً: ((وليس لهذا عندنا حد معروف،ولا أمر معمول به فيه)).
    فتََرَك العمل بالحديث رغم اتفاق أئمة النقد على صحته..لمخالفته العمل..ووجه ذلك -عندي-أنه عد جريان العمل والفتيا على غير الحديث مضعفاً للثقة بالحديث أو بالمتبادر من دلالته..أما أن يكون ثبت لديه أن النبي(ص) قال هذا الحديث على هذا الوجه ثم يعارضه بالعمل فمحض افتراء وتقول على مالك..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    إمبابة مصر
    المشاركات
    896

    افتراضي بيان

    أنا معكم في أن الأئمة لم يردوا سنة ثبتت عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن إذا كان الحديث صحيحا وردوه لتأويل عندهم فلا شك أنهم أخطاؤا ، و لأن عندهم أن مخالفة الرواية للأصول وللعمل توجب القول بضعف الرواية ونكارتها فهذا لاشك أنه خطأ إذا السنة أصل قائم بنفسه لا تضعف بمجرد القول بأنها تخالف الأصول أو العمل بل تضعف بشروط التضعيف المعتبرة ، والقول بأن هناك حديثا صحيحا يخالف الأصول قول باطل إذا الأصول لا تخالف بعضها البعض ، مادامت الرواية صح نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم .

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    Lightbulb رد: بيان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيع أحمد السلفي مشاهدة المشاركة
    لكن إذا كان الحديث صحيحا وردوه لتأويل عندهم فلا شك أنهم أخطاؤا ، و لأن عندهم أن مخالفة الرواية للأصول وللعمل توجب القول بضعف الرواية ونكارتها فهذا لاشك أنه خطأ >>>، مادامت الرواية صح نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم .

    1-لا شك أنه خطأ ...هذه ..هل تقصدبها أنهم أخطأوا قطعاً كخطأ من يضعف الحديث المجمع عى صحته(؟؟؟)

    أم تقصد أنهم مخطأون عندك وفقاً لاعتمادك مقاييس فقهاء الحديث في قبول السنة (؟؟؟)

    إن كانت الأولى فهو باطل ولاشك..

    وإن كانت الثانية..فلا أماري أن لك أن ترى هذا ..كما أن لغيرك أن يعد منهج الأحناف والمالكية أصح وأقوم وأحفظ للدين..

    وما عند الأئمة من تضعيف الحديث لمخالفة الأصول هو من اعتبار شرط انتفاء الشذوذ ...

    وما عندهم من تأويل الحديث لمخالفة الأصول هو ضرب من ضروب الترجيح بين النصوص..

    وهي مناهج أئمة تُقبل وتُرفض لكن لا يُقضى على بعضها لمجرد مخالفة البعض الآخر..وإنما يحكم الناظر بين المناهج بما يظهر له من حجج الفريقين..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    الحمد لله وحده..
    أخانا أبا فهر، وفقك الله، الأمر كما ذكر الأخ ربيع - ولعل أحد الاخوة قد ذكر مثله فيما تقدم من مداخلات - أن الرأي اما مذموم واما محمود.. فمنه ما لا يخالف في مذمته مسلم، وهو ما يرد به قائله نصا قطعي الثبوت والدلالة، أو يخالف به اجماعا ثابتا لا يعلم له مخالف من السلف.. فهذا مذموم قولا واحدا، ومنه ما يلزم القيام به من معرفة الأشباه والنظائر لاستنباط ما لم يقع فيه نص صحيح بين يدي المجتهد، فيفرع على الأصول العامة ويقارب الى الشبيه والنظير ويبني الحكم على ذلك، وهذا هو القياس والرأي المحمود الذي عمل به السلف ودلت السنة على الترغيب فيه بحديث الأجر والأجرين.
    وان كان هذا وذاك من الحلال والحرام، فالحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.. يختلف فيها الناس بأفهامهم ومقادير عقولهم وما رزقوا من العلم بالسنة..
    وأنا أقول أليس واجب طالب العلم ان وقعت يده على حديث صحيح لا خلاف في صحته، أن يتهم فهمه هو ان رأى فيه ما يخالف الأصول المتفق عليها؟؟ فكيف يخالف حديث لا خلاف على صحته، أصلا من الأصول التي لا خلاف على صحتها واطرادها كذلك؟؟ هذا لا يقع في دين الله! أما أن يتسرع الناظر ويقول هذا الحديث يخالف أصل كذا وكذا من الأصول الرواسخ - مع أنه قد صححه الأئمة ولم يثبت عن أي منهم طعن فيه - فيقول هذا يدخل تحت علة الشذوذ، وقد انتبهت أنا لهذا ولم يسبقني اليه أحد من أهل صننعة الحديث، فأنا لي اذا عذر في ردي تصحيحهم وتقديمي لرأيي عليه، فهذا هو عين ما نذمه من تقديم الرأي على النص، والعقل على النقل! وحري بمثل هذا أن يجتهد أولا في سلوك طرق الجمع بين هذا الحديث وبين ما ظن أنه يخالفه من آية أو حديث أو اجماع أو أصل من الأصول! والجمع مقدم على الترجيح، والأخذ مقدم على الترك..
    أما ما وقع الخلاف في صحته من النصوص، فلعل مخالفته للأصول أن تكون من مرجحات ضعفه، ويكون في ذلك متسع لمن لم ير حجيته ولم ير العمل به.. الا أن يترجح عنده الصحة من جهة السند، وبعد نظر دقيق في كلام أهل الحديث فيه تصحيحا وتضعيفا، فحينئذ يكون حجة عليه يلزمه النظر في كيفية الجمع بينه وبين ما ظهر له تعارضه معه من الأصول..
    وينبغي أن يعلم أن الذين يتساهلون في رد الحديث المختلف في صحته، أو الذي ليس على صحته اجماع - كما يتذرعون، اعتمادا على الرأي وعلى القول بمخالفة الأصول، هؤلاء قد يتلبسوا بذلك بجرح من لم يقل أحد من أئمة الجرح بطعن في روايته، فيكونون بذلك عرضة للدخول في مخالفة ما عليه السلف أو ما لم يعرف فيه خلاف بين المتقدمين، في شأن رجال ذلك الحديث الذي ردوه لا للنظر في رجاله وانما للنظر في موافقة متنه لما رسخ عندهم من الأصول.
    وكما لا يخفى عليكم أن النظر في المتن ليس مقدما على النظر في السند، فالذي يدين أهل السنة به ربهم أنه لن يثبت على ثقة ضابط، وثقته الأمة بلا مخالف، تورط في نقل لقول فاسد أو نسبة لكلام باطل الى الرسول صلى الله عليه وسلم، من حيث المعنى أو المقتضى.. فهذه نقطة تغيب عن أذهان الكثيرين عند خوضهم في باب نقد المتن..
    وأقول ان كان الأصل الفقهي مجمعا عليه، ولا يعلم في القرون الفاضلة مخالف له، فهذا ان جاءنا نص لحديث يخالفه، هل يتصور أن نجد رجاله جميعا عدولا ثقات، لا خلاف على عدالتهم بين النقاد؟؟ هذا لا يجوز وما كان ليقع، لأن معناه وقوع التناقض بين اجماعين، الاجماع على الأصل الذي يظن مخالفة المتن له، والاجماع على عدالة رواة ذلك المتن وضبطهم= وهذا ممتنع قطعا.
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    وأسجل اتفاقي معكم في أصل من الأصول التي طرحتموها في بحثكم، ألا وهي أن النص الواحد ليس هو - بالضرورة - السنة أو ما انتهى اليه علم السلف وعملهم.. فلعله أن يكون قد نسخ بنص آخر جاء بعده، أو يجب جمعه الى نص آخر يخصص ما فيه من عموم أو يعمم ما فيه من خصوص أو يوجهه وجهة أخرى، أو يتبين منه أنه كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ما أمر به أمته او ما الى ذلك.. وحالنا من هذا كما ذكرتم ليس كحال الصحابة اذ أنهم كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يستطيعون يرونه بلا واسطة ويتلقون عنه مباشرة، فما كان من أمره لهم فهذا هو الحق المطلق القطعي بلا خلاف ولا نظر، ولا يقال لعله منسوخ أو لعله كذا أو كذا! فقد تلقوا الأمر واحتملوه تحملا مباشرا عنه عليه السلام بلا واسطة.
    والذي ينظر الى حال الصحابة عليهم رضوان الله لما كانوا يعملون بحديث في مسألة ثم يأتيهم حديث آخر لم يسمعوه فيها فيردوا ما عملوا به بهذا الذي كانوا يجهلونه، يتبين له أنهم بذلك اما يعتقدون النسخ واما يعتقدون امكان الجمع فيعلمون بمقتضى ذلك الجمع، أو غير ذلك مما يقتضيه النظر المستقيم فيما معهم وما ياتيهم من غيرهم من الصحابة.. ولكن الفرق بين حالنا وحالهم أننا اليوم يفصل بيننا وبين ما كانوا هم أنفسهم عليه، وما علموا من النصوص، قرون طويلة من بحث العلماء ونظرهم واجتهاداتهم التي تتفاوت في القرب والبعد عن الحق، والتي قد تخالف اجتهاداتهم هم أو توافقها، والتي منها ما ضعف حظه من النصوص ومنها ما كثر في النص رواية ودراية، فما عاد من الممكن أن يأتينا طالب علم يقول لنا أنتم تخالفون بمذهبكم حديثا من الأحاديث، وليس لكم مخالفة حديث ثبتت صحته، هكذا باطلاق، ثم يستدل علينا بحال الصحابة لما كان يأتيهم من الحديث ما يخالف ما كانوا يفتون به! فطريقنا الى النظر فيما هو منسوخ وما جرى عليه عمل القرون الفاضلة وما وقع فيه الاجماع وما اختلف فيه، وما أمكن جمعه بغيره وجوه ذلك الجمع، وما الى ذلك، ليست على مثل ما كان عليه طريق الصحابة رضي الله عنهم من جلاء الحق وقلة طرقه وقلة المتكلمين فيه وعظم منزلتهم جميعا من الرواية والدراية لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وحسن متابعته والعمل بسنته عليه السلام، وما الى ذلك مما يمتاز به ذلك القرن على كا ما جاء بعده من القرون..
    ويكفي أنهم لم يكن بينهم وبين كلام الرسول طبقات وأسانيد طويلة من الرواة الذين يلزمهم - كما هو حالنا نحن - النظر في حالهم وعدالتهم وضبطهم وما الى ذلك قبل أن يقرروا لما يأتيهم من النصوص هذا حجة ام ليس بحجة، من قبل أن ينظروا فيما يؤخذ منه وما لا يؤخذ من الدلالات!
    ليس معنى كلامي هذا أني أقول أنه لنا أن نرد حديثا صحيحا لا خلاف في صحته باجتهاد رأي، أبدا، ولا أجيز هذا بحال من الأحوال، ولكن القصد أنه ان جاءنا حديث صحيح ما كنا ندري به من قبل - وهذا بالمناسبة ما أظنه مما قد يقع اليوم غالبا الا لتفريط طالب العلم في تعلم ما هو مجموع في كتب اهل العلم والحديث والفقهاء من أدلة المسائل - فاننا سنقدمه ولا ريب على أي اجتهاد أو نظر ولكن بعد أن ننظر فيما سواه من النصوص في بابه وما ذهب اليه أهل العلم في النظر فيها والجمع بينها وما الى ذلك.. وهذا طريقه في هذا الزمان قد صارت أطول مما كانت عليه في زمان الصحابة.. وما ذلك الا لحاجة المتأخرين للتفريع على أصول الصحابة - وما أكثر الفروع عندهم - بالاضافة الى كثرة المجادلين والمتكلمين في كل مسألة، بعلم أو بجهل، بدليل أو بغيره، فلا يزدادون بمضي الوقت الا كثرة وتراكما، حتى يصبح استخراج مذاهب الصحابة أنفسهم فيما بعد من كلام هؤلاء أمرا يحتاج - في حد ذاته - الى يحث ما كانوا هم رضي الله عنهم يحتاجون أبدا الى تكلف مثله!!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    الحمد لله وحده..
    أخانا أبا فهر، وفقك الله، الأمر كما ذكر الأخ ربيع - ولعل أحد الاخوة قد ذكر مثله فيما تقدم من مداخلات - أن الرأي اما مذموم واما محمود.. فمنه ما لا يخالف في مذمته مسلم، وهو ما يرد به قائله نصا قطعي الثبوت والدلالة، أو يخالف به اجماعا ثابتا لا يعلم له مخالف من السلف
    بارك الله فيكم..

    لا موضع لهذا الرأي المذموم في كلامنا ولم يقل به أحد من فقهاء الرأي أو يقع فيه...فلا مدخل له معنا...وهو -على هذه الصورة-تقسيمكم أنتم أما الرأي المذموم عند فقهاء أهل الحديث فكان منه عند بعضهم فقه أبي حنيفة وأصحابه وشطر كبير من موضوعنا إنما هو في تخطئة أهل الحديث أولئك وتنزيهفقهاء الرأي عن ذلك..

    وأنا أقول أليس واجب طالب العلم
    يا سيدنا ليس كلامنا هنا عن طلبة العلم...

    ولا يُناسب كلامنا هنا هذا القول:

    مع أنه قد صححه الأئمة ولم يثبت عن أي منهم طعن فيه
    فنحن نتكلم عن منهج إمامين كبيرين (أبو حنيفة ومالك)وهما قالوا برد بعض الروايات لمخالفتها الأصول والعمل...فلا هما طلبة علم...ولا الحديث بمخالفتهما لا يزال متفقاً على صحته...

    هؤلاء قد يتلبسوا بذلك بجرح من لم يقل أحد من أئمة الجرح بطعن في روايته،
    ومن أولئك الأئمة من له شروط وأصول في الجرح والتعديل ولا يُحاكم مذهبهم إلى مذهب غيرهم وإنما الشأن في وزن الحجج...

    وكثير من كلامك في : نحن..وهم...

    وكل ذلك مما لا موضع له...

    فنحن نتكلم في تصوير منهج أئمة خالفوا فقهاء الحديث في مقاييس نقد الرواية وقبولها...وأن حظ من خالفهم وجنح إلى منهج أهل الحديث=أن يعتذر عن أولئك الأئمة...وأن لا يقبل فيهم طعون بعض أهل الحديث الذين ساقهم إلى الطعن -غالباً-مخالفة المنهج ...وكثير من هذه الطعون صدرت إما بظن أو هوى...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    "فنحن نتكلم في تصوير منهج أئمة خالفوا فقهاء الحديث في مقاييس نقد الرواية وقبولها...وأن حظ من خالفهم وجنح إلى منهج أهل الحديث=أن يعتذر عن أولئك الأئمة...وأن لا يقبل فيهم طعون بعض أهل الحديث الذين ساقهم إلى الطعن -غالباً-مخالفة المنهج ...وكثير من هذه الطعون صدرت إما بظن أو هوى..."

    يا مولانا وفقكم الله، لا أقصد بما كتبت محاكمة منهج من خالفوا أهل الحديث الى منهج آخر من وضع مجتهدين غيرهم، وانما أقصد محاكمته الى الدليل..
    الذين رأوا أن مخالفة الحديث - فيما انتهى اليه نظرهم وظنهم - لأصل من الأصول، تجيز لهم رد ذلك الحديث وان صح سنده من جهة الرجال، ما دام من أحاديث الآحاد، هؤلاء - سواءا كانوا طلبة علم أو أئمة يبدأون من لدن أبي حنيفة ومالك رأسا، رحمهما الله - هل منهجهم هذا منهج مقبول على مقتضى الدليل وفهم السلف أم غير مقبول؟ وهل الدليل معهم أم مع من خالفهم من أهل الحديث في المقابل؟ هذا هو ما يعنيني النظر فيه.
    فان قلت أنت أن أصحاب الرأي لا يردون الحديث لأنه أصلا لا يصح عندهم، لأن من شروط الصحيح عندهم ألا يخالف أصلا من الأصول، قلت لك ولكن هذا الكلام مردود عليه بأن مخالفة الأصول وموافقتها هذه مسألة تختلف فيها الأفهام والأنظار، ولو فتح الباب أمامها لأسقط الناس عدالة كثير من رجال الرواية الذين عليهم المعول في دواوين السنة، بحجة أن عقولهم هم ترى أن المتون التي نقلوها فيها ما يخالف بعض أصول الشريعة!! فكيف ينضبط هذا المنهج عند الذين قالوا به؟؟
    وان كان الرجل ثقة ضابطا ينقل عن ثقة ضابط مثله، وصولا الى الصحابي، فهل كل هؤلاء، ومن قبلوا منهم هذا الحديث وعملوا به من السلف من لدن الصحابة والتابعين ووصولا الى أبي حنيفة رحمه الله، خفي عليهم جميعا أن في متن الحديث مخالفة لأصل من الأصول المتفق عليها، حتى تجلى ذلك له هو وانفرد ب من دونهم؟؟ أولو كان ذلك الحديث معمولا به من قبل أبي حنيفة بلا طعن ولا نكير؟
    الذي أعترض عليه يا أخانا الكريم، - وتأمل هذا أكرمك الله - هو أن يأتي الحديث الى عالم من العلماء - وان كان هو أبا حنيفة أو مالك - منقولا عن قوم لم يعلم من قبل في عدالتهم وحفظهم أي طعن، فيقول هذا الحديث لا يعجبني لأني أراه مخالفا لكذا وكذا من الأصول، فيرده، وينسب الى واحد من رواته عدم الضبط فيه أو الوهم أو نحو ذلك، فيسقطه بذلك، ثم ياتي من يقلدون الامام ويقولون أن هذا مجروح بجرح أبي حنيفة أو غيره له، فتضعف سائر رواياته التي لم يقل أحد من المتقدمين بضعفها من قبل قط!!
    فهل تتصور خرقا في مصادر التلقي أوسع من هذا؟؟
    فالحال أنه اما أن يكون الجرح والتعديل على منهج أهل الحديث الذي لا باب فيه لذريعة ولا تخطئة فيه لمن شهدت لهم الأمة بالضبط، واما أن يكون خلاف ذلك، وينجر به على الأمة ما الله به عليم من الفساد ورد النصوص واسقاط الرواة والروايات بالرأي!
    ومعلوم أن حظ مدرسة فقهاء العراق من النصوص كان قليلا، ولهذا كثر تعويلهم على الرأي! فلا يسع المتأمل الا أن يقول أن التوسع في الرأي ما كان سببه الا قلة النص! ولكن أليس اذا وجد الماء بطل التيمم؟! والآن قد وجد عندنا نحن الماء، فلماذا نصر على التيمم؟ لماذا نقلدهم في منهج قد علمنا أنهم لم يلجأوا اليه أصلا الا لقلة حظهم من النصوص؟؟
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  20. #60

    افتراضي رد: جنايات على العلم والمنهج (3)..جعل مخالفة الرواية مخالفةً للسنة...

    وكما لا يخفى عليكم أن النظر في المتن ليس مقدما على النظر في السند، فالذي يدين أهل السنة به ربهم أنه لن يثبت على ثقة ضابط، وثقته الأمة بلا مخالف، تورط في نقل لقول فاسد أو نسبة لكلام باطل الى الرسول صلى الله عليه وسلم، من حيث المعنى أو المقتضى.. فهذه نقطة تغيب عن أذهان الكثيرين عند خوضهم في باب نقد المتن..
    بارك الله فيكم
    السند إذا رواه العدل الثقة الضابط عن مثله إلى منتهاه فهو صحيح وهذه يسميها البعض من الباحثين عصمة الرواية لأدلة شرعية يطول ذكرها .
    وهناك أمثلة عديدة ذكرها ابن حزم في الإحكام و(الإعراب عن الحيرة والإلتباس) في نقد منهج الأحناف والمالكية الذى ذكره أخونا أبو فهر فلتراجع .
    أبو محمد المصري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •