تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 31 الأولىالأولى 1234567891011121314 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 604

الموضوع: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (61)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية




    84 - قل -أيها الرسول-: آمنا بالله إلهًا، وأطعناه فيما أمرنا به، وآمنا بالوحي الذي أنزله علينا، وبما أنزله على إبراهيم وإسماعيل واسحاق ويعقوب، وبما أنزله على الأنبياء من ولد يعقوب، وبما أوتي موسى وعيسى والنبيون جميعًا من الكتب والآيات من ربهم لا نفرق بينهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، ونحن منقادون لله وحده مستسلمون له تعالى.
    85 - ومن يطلب دينًا غير الدين الذي ارتضاه الله وهو دين الإسلام؛ فلن يقبل الله ذلك منه، وهو في الآخرة من الخاسرين لأنفسهم بدخولهم النار.
    86 - كيف يوفق الله للإيمان به وبرسوله قومًا كفروا بعد إيمانهم بالله وشهادتهم أن ما جاء به الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - حق، وجاءتهم البراهين الواضحة على صحة ذلك؟! والله لا يوفق للإيمان به القوم الظالمين الذين اختاروا الضلال بدلًا عن الهدى.
    87 - إن جزاء أولئك الظالمين الذين اختاروا الباطل أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فهم مُبعَدُون عن رحمة الله مطرودون.
    88 - خالدين في النار لا يخرجون منها، ولا يُخَفف عنهم عذابها، ولا هم يُؤخَّرون ليتوبوا ويعتذروا.
    89 - إلا الذين رجعوا إلى الله بعد كفرهم وظلمهم، وأصلحوا عملهم؛ فإن الله غفور لمن تاب من عباده رحيم بهم.
    90 - إن الذين كفروا بعد إيمانهم، واستمروا على كفرهم حتى ماتوا؛ لن تقبل منهم التوبة عند حضور الموت لذهاب وقتها، وأولئك هم الضالون عن الصراط المستقيم الموصل إلى الله تعالى.
    91 - إن الذين كفروا وماتوا على كفرهم؛ فلن يُقْبل من أحدهم وزن الأرض ذهبًا ولو قدّمه مقابل انفكاكه من النار، أولئك الذين لهم عذاب أليم، وما لهم من ناصرين يوم القيامة يدفعون عنهم العذاب.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • يجب الإيمان بجميع الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى، وجميع ما أنزل عليهم من الكتب، دون تفريق بينهم.
    • لا يقبل الله تعالى من أحد دينًا أيًّا كان بعد بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا الإسلام الذي جاء به.
    • مَنْ أصرَّ على الضلال، واستمر عليه، فقد يعاقبه الله بعدم توفيقه إلى التوبة والهداية.
    • باب التوبة مفتوح للعبد ما لم يحضره الموت، أو تشرق الشمس من مغربها، فعندئذ لا تُقْبل منه التوبة.
    • لا ينجي المرء يوم القيامة من عذاب النار إلا عمله الصالح، وأما المال فلو كان ملء الأرض لم ينفعه شيئًا.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (62)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية



    92 - لن تدركوا -أيها المؤمنون- ثواب أهل البر ومنزلتهم حتى تنفقوا في سبيل الله من أموالكم التي تحبونها، وما تنفقوا من شيء قليلًا كان أو كثيرًا فإن الله عليم بنياتكم وأعمالكم، وسيجازي كلًّا بعمله.
    93 - جميع الأطعمة الطيبة كانت حلالًا لبني إسرائيل، ولم يُحَرَّم عليهم منها إلا ما حرَّمه يعقوب على نفسه قبل نزول التوراة، لا كما تزعم اليهود أن ذلك التحريم كان في التوراة، قل لهم -أيها النبي-: فأحضروا التوراة واقرؤوها إن كنتم صادقين في هذا الذي تدَّعونه، فبهتوا، ولم يأتوا بها. وهو مثال يدل على افتراء اليهود على التوراة وتحريف مضمونها.
    94 - فمن افترى الكذب على الله بعد ظهور الحجة؛ بأن ما حَرَّمه يعقوب - عليه السلام - حَرَّمه على نفسه من غير تحريم من الله؛ فأولئك هم الظالمون لأنفسهم بترك الحق بعد ظهور حجته.
    95 - قل -أيها النبي-: صدق الله فيما أخبر به عن يعقوب - عليه السلام -، وفي كل ما أنزل وشرع، فاتبعوا دين إبراهيم -عليه السلام-، فقد كان مائلًا عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، ولم يشرك مع الله غيره أبدًا.
    96 - إن أول بيت بني في الأرض للناس جميعًا من أجل عبادة الله هو بيت الله الحرام الذي بمكة، وهو بيت مبارك، كثير المنافع الدينية والدنيوية، وفيه هداية للعالمين جميعًا.
    97 - في هذا البيت علامات ظاهرات على شرفه وفضله؛ كالمناسك والمشاعر، ومن هذه العلامات الحَجَر الذي قام عليه ابراهيم لما أراد رفع جدار الكعبة، ومنها أن من دخله يزول الخوف عنه ولا يناله أذى. ويجب لله على الناس قَصْد هذا البيت لأداء مناسك الحج، لمن كان منهم قادرًا على الوصول إليه، ومن كفر بفريضة الحج فإن الله غني عن هذا الكافر وعن العالمين أجمعين.
    98 - قل -أيها النبي-: يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى لِمَ تجحدون البراهين على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنها براهين جاءت بها التوراة والإنجيل؟! والله مطلع على عملكم هذا شاهد عليه، وسيجازيكم به.
    99 - قل -أيها النبي-: يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى لِمَ تمنعون عن دين الله مَنْ آمن به من الناس تطلبون لدين الله ميلًا عن الحق إلى الباطل، ولأهله ضلالًا عن الهدى، وأنتم شهداء على أن هذا الدين هو الحق مصدق لما في كتبكم؟! وليس الله بغافل عما تعملون من الكفر به، والصد عن سبيله، وسيجازيكم به.
    100 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، إن تطيعوا طائفة من أهل الكتاب من اليهود والنصارى فيما يقولونه، وتقبلون رأيهم فيما يزعمونه؛ يُرْجِعُوكم إلى الكفر بعد الإيمان بسبب ما فيهم من الحسد والضلال عن الهدى.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • كَذِبُ اليهود على الله تعالى وأنبيائه، ومن كذبهم زعمهم أن تحريم يعقوب - عليه السلام - لبعض الأطعمة نزلت به التوراة.
    • أعظم أماكن العبادة وأشرفها البيت الحرام، فهو أول بيت وضع لعبادة الله، وفيه من الخصائص ما ليس في سواه.
    • ذَكَرَ الله وجوب الحج بأوكد ألفاظ الوجوب تأكيدًا لوجوبه.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (63)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية


    101 - وكيف تكفرون بالله بعد إيمانكم به، وأنتم معكم السبب الأعظم للثبات على الإيمان! فآيات الله تُقْرأ عليكم، ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - يُبيِّنها لكم، ومن يَسْتمْسِك بكتاب الله وسُنَّة رسوله؛ فقد وفّقه الله إلى طريق مستقيم لا اعوجاج فيه.
    102 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، خافوا ربكم حق المَخَافة، وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وشكره على نعمه، واستمسكوا بدينكم حتى يأتيكم الموت وأنتم على ذلك.
    103 - وتَمسَّكوا -أيها المؤمنون- بالكتاب والسُّنَّة، ولا ترتكبوا ما يوقعكم في التفرق، واذكروا إنعام الله عليكم حين كنتم أعداءً قبل الإسلام تتقاتلون على أقل الأسباب، فجمع بين قلوبكم بالإسلام، فصرتم بفضله إخوانًا في الدين، متراحمين متناصحين، وكنتم قبل ذلك مُشْرِفين على دخول النار بكفركم، فأنجاكم الله منها بالإسلام وهداكم للإيمان. وكما بيَّن لكم الله هذا يبين لكم ما يصلح أحوالكم في الدنيا والآخرة، لتهتدوا إلى طريق الرشاد وتسلكوا سبيل الاستقامة.
    104 - ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة يدعون إلى كل خير يحبه الله، ويأمرون بالمعروف الذي دل عليه الشرع وحسَّنه العقل، وينهون عن المنكر الذي نهى عنه الشرع وقبَّحه العقل، والمتصفون بهذه الصفة هم أهل الفوز التام في الدنيا والآخرة.
    105 - ولا تكونوا -أيها المؤمنون- مثل أهل الكتاب الذين تفرقوا فصاروا أحزابًا وشيعًا، واختلفوا في دينهم من بعد ما جاءتهم الآيات الواضحة من الله تعالى، وأولئك المذكورون لهم عذاب عظيم من الله.
    106 - يقع عليهم هذا العذاب العظيم يوم القيامة، حين تَبْيَضُّ وجوه أهل الإيمان من الفرح والسعادة، وتَسْودُّ وجوه الكافرين من الحزن والكآبة، فأما الذين اسودَّت وجوههم في ذلك اليوم العظيم فيقال توبيخًا لهم: أكفرتم بتوحيد الله وعهدِه الذي أخذ عليكم بألا تشركوا به شيئًا، بعد تصديقكم وإقراركم؟! فذوقوا عذاب الله الذي أعده لكم بسبب كفركم.
    107 - وأما الذين ابيضت وجوههم فمقامهم في جنات النعيم، خالدين فيها أبدًا، في نعيم لا يزول ولا يحول.
    108 - تلك الآيات المتضمنة وعدَ الله ووعيدَه نقرؤها عليك -أيها النبي- بالصدق في الأخبار، والعدل في الأحكام، وما الله يريد ظلمًا لأي أحد من العالمين، بل لا يعذب أحدًا إلا بما كسبت يده.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • متابعة أهل الكتاب في أهوائهم تقود إلى الضلال والبعد عن دين الله تعالى.
    • الاعتصام بالكتاب والسُّنَة والاستمساك بهديهما أعظم وسيلة للثبات على الحق، والعصمة من الضلال والافتراق.
    • الافتراق والاختلاف الواقع في هذه الأمة في قضايا الاعتقاد فيه مشابهة لمن سبق من أهل الكتاب.
    • وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن به فلاح الأمة وسبب تميزها
    .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (64)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية




    109 - ولله تعالى وحده مُلْكُ ما في السماوات وما في الأرض، خَلْقًا وأَمْرًا، واليه تعالى مصير أمر كل خلقه فيجازي كلًّا منهم على قدر استحقاقه.
    110 - كنتم - يا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الأمم التي أخرجها الله للناس في إيمانكم وعملكم، وأنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف الذي: دل عليه الشرع وحسَّنه العقل، وتنهون عن المنكر الذي نهى عنه الشرع وقبَّحه العقل، وتؤمنون بالله إيمانًا جازمًا يصدقه العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لكان ذلك خيرًا لهم في دنياهم وآخرتهم. من أهل الكتاب قليل يؤمنون بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأكثرهم هم الخارجون عن دين الله وشريعته.
    111 - ومهما كان منهم من عداوة فلن يضروكم - أيها المؤمنون - في دينكم ولا في أنفسكم إلا أذى بألسنتهم، من الطعن في الدين، والاستهزاء بكم ونحو ذلك، وإن قاتلوكم يَفِرُّوا منهزمين أمامكم، ولا يُنْصَرون عليكم أبدًا.
    112 - جُعِل الهوان والصَّغار محيطًا باليهود مشتملًا عليهم أينما وُجِدوا، فلا يَأمَنون إلا بعهد أو أمن من الله تعالى أو من الناس، ورجعوا بغضب من الله، وجُعِلت عليهم الحاجة والفاقة محيطة بهم، ذلك الذي جُعل عليهم بسبب كفرهم بآيات الله، وقَتْلهم لأنبيائه ظلمًا، وذلك - أيضًا - بسبب عصيانهم وتجاوزهم لحدود الله. ولمَّا بيَّن الله حال غالب أهل الكتاب، بيَّن حال طائفة منهم مستقيمة على الحق قائمة به فقال:
    113 - ليس أهل الكتاب متساوين في حالهم، بل منهم طائفة مستقيمة على دين الله، قائمة بأمر الله ونهيه، يقرؤون آيات الله في ساعات الليل وهم يُصَلُّون لله، كانت هذه الفئة قبل بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن أدرك منهم هذه البعثة أسلم.
    114 - يؤمنون بالله واليوم الآخر إيمانًا جازمًا، ويأمرون بالمعروف والخير، وينهون عن المنكر والشر، ويبادرون إلى أفعال الخيرات، ويغتنمون مواسم الطاعات، أولئك المتصفون بهذه الصفات من عباد الله الذين صلحت نياتهم وأعمالهم.
    115 - وما يفعله هؤلاء من خير قليلًا كان أو كثيرًا فلن يضيع عليهم ثوابه، ولن ينقص أجره، والله عليم بالمتقين الذين يمتثلون أوامره ويجتنبون نواهيه، لا يخفى عليه من أعمالهم شيء، وسيجازيهم عليها.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • أعظم ما يميز هذه الأمة وبه كانت خيريتها -بعد الإيمان بالله- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    • قضى الله تعالى بالذل على أهل الكتاب لفسقهم وإعراضهم عن دين الله، وعدم وفائهم بما أخذ عليهم من العهد.
    • أهل الكتاب ليسوا على حال واحدة؛ فمنهم القائم بأمر الله، المتبع لدينه، الواقف عند حدوده، وهؤلاء لهم أعظم الأجر والثواب. وهذا قبل بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (65)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية



    116 - إن الذين كفروا بالله ورسله لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا، لن ترد عنهم عذابه، ولن تجلب لهم رحمته، بل ستزيدهم عذابًا وحسرة، وأولئك هم أصحاب النار الملازمون لها.
    117 - مثل ما ينفقه هؤلاء الكافرون في وجوه البر، وما ينتظرونه من ثوابها؛ كمثل ريح فيها برد شديد أصابت زرْعَ قوم ظلموا أنفسهم بالمعاصي وغيرها، فأتلفت زرعهم، وقد رجوا منه خيرًا كثيرًا، فكما أتلفت هذه الريح الزرع فلم يُنتفع به، كذلك الكفر يبطل ثواب أعمالهم التي يرجونها، والله لم يظلمهم -تعالى عن ذلك- وإنما ظلموا أنفسهم بسبب كفرهم به وتكذيبهم رسله.
    118 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، لا تتخذوا أَخلّاء وأصفياء من غير المؤمنين، تُطْلِعونهم على أسراركم وخَواصِّ أحوالكم، فهم لا يُقَصِّرون في طلب مضرتكم وفساد حالكم، يتمنون حصول ما يضركم ويشق عليكم، قد ظهرت الكراهية والعداوة على ألسنتهم، بالطعن في دينكم، والوقيعة بينكم، وإفشاء أسراركم، وما تكتمه صدورهم من الكراهية أعظم، قد بينا لكم -أيها المؤمنون- البراهين الواضحة على ما فيه مصالحكم في الدنيا والآخرة، إن كنتم تعقلون عن ربكم ما أنزل عليكم.
    119 - ها أنتم - يا هؤلاء المؤمنون - تحبون أولئك القوم، وترجون لهم الخير، وهم لا يحبونكم، ولا يرجون لكم الخير، بل يبغضونكم، وأنتم تؤمنون بالكُتُبِ كُلها، ومنها كتبهم، وهم لا يؤمنون بالكتاب الذي أنزله الله على نبيكم، وإذا التقوكم قالوا بألسنتهم: صَدَّقْنا، وإذا انفرد بعضهم ببعض عَضُّوا أطراف أصابعهم غَمًا وغيظًا لما أنتم عليه من الوحدة، واجتماع الكلمة، وعزة الإسلام، ولما هم عليه من الذلة. قل - أيها النبي - لأولئك القوم: ابقوا على ما أنتم عليه حتى تموتوا غَمًّا وغيظًا، إن الله عليم بما في الصدور من الإيمان والكفر، والخير والشر.
    120 - إن تصبكم -أيها المؤمنون- نعمة من نصر على عدو، أو زيادة في مال وولد؛ يصبهم الهم والحزن، وإن تصبكم مصيبة من نصر عدو أو نقص في مال وولد، يفرحوا بذلك، ويشمتوا بكم، وإن تصبروا على أوامره وأقداره، وتتقوا غضبه عليكم؛ لا يضركم مكرهم وأذاهم، إن الله بما يعملون من الكيد محيط، وسيردهم خائبين.
    121 - واذكر -أيها النبي- حين خرجت أول النهار من المدينة لقتال المشركين في أُحد، حيث أَخَذْتَ تُنْزِلُ المؤمنين مواقعهم من القتال، فبيّنت لكل واحد منزله، والله سميع لأقوالكم، عليم بأفعالكم.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • نَهْي المؤمنين عن موالاة الكافرين وجَعْلهم أَخِلّاء وأصفياء يُفْضَى إليهم بأحوال المؤمنين وأسرارهم.
    • من صور عداوة الكافرين للمؤمنين فرحهم بما يصيب المؤمنين من بلاء ونقص، وغيظهم إن أصابهم خير.
    • الوقاية من كيد الكفار ومكرهم تكون بالصبر وعدم إظهار الخوف، ثم تقوى الله والأخذ بأسباب القوة والنصر.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (66)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية


    122 - اذكر -أيها النبي- ما وقع لفرقتين من المؤمنين من بني سَلِمَة، وبني حارثة، حين ضعفوا، وهَمُّوا بالرجوع حين رجع المنافقون، والله ناصر هؤلاء بتثبيتهم على القتال وصرفهم عما هَمُّوا به، وعلى الله وحده فليعتمد المؤمنون في كل أحوالهم.
    123 - ولقد نصركم الله على المشركين في معركة بدر وأنتم مستضعفون وذلك لقلة عددكم وعتادكم، فاتقوا الله لعلكم تشكرون نعمه عليكم.
    124 - اذكر -أيها النبي- حين قلت للمؤمنين مثبتًا لهم في معركة بدر بعدما سمعوا بمَدَدٍ يأتي للمشركين: ألن يكفيكم أن يعينكم الله بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين منه سبحانه لتقويتكم في قتالكم؟!
    125 - بلى، إن ذلك يكفيكم. ولكم بشارة بعون آخر من الله: إن صبرتم على القتال، واتقيتم الله، وجاء المدد إلى أعدائكم من ساعتهم مسرعين إليكم، إن حصل ذلك فإن ربكم سيعينكم بخمسة آلاف من الملائكة معلمين أنفسهم وخيولهم بعلامة ظاهرة.
    126 - وما جعل الله هذا العون وهذا الإمداد بالملائكة إلا خبرًا سارًّا لكم، تطمئن قلوبكم به، وإلا فإن النصر حقيقة لا يكون بمجرد هذه الأسباب الظاهرة، وإنما النصر حقًّا من عند الله العزيز الذي لا يغالبه أحد، الحكيم في تقديره وتشريعه.
    127 - هذا النصر الذي تحقق لكم في غزوة بدر أراد به أن يهلك طائفة من الذين كفروا بالقتل، ويخزي طائفة أخرى، ويغيظهم بهزيمتهم، فيرجعوا بفشل وذل.
    128 - لما دعا الرسول على رؤساء المشركين بالهلاك بعد ما وقع منهم في أُحد؛ قال الله له: ليس لك من أمرهم شيء، بل الأمر لله، فاصبر إلى أن يقضي الله بينكم، أو يوفقهم للتوبة فيسلموا، أو يستمروا على كفرهم فيعذبهم، فإنهم ظالمون مستحقون للعذاب.
    129 - ولله ما في السماوات وما في الأرض خَلْقًا وتدبيرًا، يغفر الذنوب لمن يشاء من عباده برحمته، ويعذب من يشاء بعد الله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم.
    130 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، تجنَّبوا أخذ الربا زيادة مضاعفة على رؤوس أموالكم التي أقرضتموها، كما يفعل أهل الجاهلية، واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لعلكم تنالون ما تطلبون من خير الدنيا والآخرة.
    131 - واجعلوا بينكم وبين النار التي أعدها الله للكافرين به وقاية؛ وذلك بعمل الصالحات وترك المحرمات.
    132 - وأطيعوا الله ورسوله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، لعلكم تنالون الرحمة في الدنيا والآخرة.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • مشروعية التذكير بالنعم والنقم التي تنزل بالناس حتى يعتبر بها المرء.
    • من أعظم أسباب تَنَزُّل نصر الله على عباده ورحمته ولطفه بهم: التزامُ التقوى، والصبر على شدائد القتال.
    • الأمر كله لله تعالى، فيحكم بما يشاء، ويقضي بما أراد، والمؤمن الحق يُسَلِّم لله تعالى أمره، وينقاد لحكمه.
    • الذنوب -ومنها الربا- من أعظم أسباب خِذلان العبد، ولا سيما في مواطن الشدائد والصعاب.
    • مجيء النهي عن الربا بين آيات غزوة أُحد ليشعر بشمول الإسلام في شرائعه وترابطها بحيث يشير إلى بعضها في وسط الحديث عن بعض.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (67)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية


    133 - وبادروا وسابقوا إلى فعل الخيرات، والتقرب إلى الله بأنواع الطاعات؛ لتنالوا مغفرة من الله عظيمة، وتدخلوا جنة عرضها السماوات والأرض، هَيَّأها الله للمتقين من عباده.
    134 - المتقون هم الذين يبذلون أموالهم في سبيل الله، في حال اليسر والعسر، والمانعون غضبهم مع القدرة على الانتقام، والمتجاوزون عمن ظلمهم، والله يحب المحسنين المتصفين بمثل هذه الأخلاق.
    135 - وهم الذين إذا فعلوا كبيرة من الذنوب، أو نقصوا حظ أنفسهم بارتكاب ما دون الكبائر، ذكروا الله تعالى، وتذكروا وعيده للعاصين، ووَعْده للمتقين، فطلبوا من ربهم نادمين ستر ذنوبهم وعدم مؤاخذتهم بها؛ لأنه لا يغفر الذنوب إلا الله وحده، ولم يصروا على ذنوبهم، وهم يعلمون أنهم مذنبون، وأن الله يغفر الذنوب جميعًا.
    136 - أولئك المتصفون بهذه الصفات الحميدة، والخصال المجيدة، ثوابهم أن يستر الله ذنوبهم، ويتجاوز عنها، ولهم في الآخرة جنات تجري من تحت قصورها الأنهار، مقيمين فيها أبدًا، ونِعْم ذلك الجزاء للعاملين بطاعة الله.
    137 - ولما ابتُلي المؤمنون بما نزل بهم يوم أُحد قال الله معزيًا لهم: قد مضت من قبلكم سُنن إلهية في إهلاك الكافرين، وجعل العاقبة للمؤمنين بعد ابتلائهم، فسيروا في الأرض فانظروا معتبرين كيف كان مصير المكذبين لله ورسله، خلت ديارهم، وزال ملكهم.
    138 - هذا القرآن الكريم بيان للحق وتحذير من الباطل للناس أجمعين، وهو دلالة إلى الهدى، وزاجر للمتقين؛ لأنهم هم المنتفعون بما فيه من الهدى والرشاد.
    139 - ولا تضعفوا -أيها المؤمنون- ولا تحزنوا على ما أصابكم يوم أُحد -ولا ينبغي ذلك لكم، فأنتم الأعلون بإيمانكم، والأعلون بعون الله ورجائكم نصره، إن كنتم مؤمنين بالله ووعده لعباده المتقين.
    140 - إن أصابكم -أيها المؤمنون- جِرَاح وقَتْل يوم أُحد، فقد أصاب الكفار جرَاح وقَتْل مثل ما أصابكم، والأيام يصرفها الله بين الناس مؤمنهم وكافرهم بما شاء من نصر وهزيمة؛ لحِكَم بالغَة؛ منها: ليَظْهَر المؤمنون حقيقةً من المنافقين، ومنها: ليُكْرِم من يشاء بالشهادة في سبيله، والله لا يحب الظالمين لأنفسهم بترك الجهاد في سبيله.

    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • الترغيب في المسارعة إلى عمل الصالحات اغتنامًا للأوقات، ومبادرة للطاعات قبل فواتها.
    • من صفات المتقين التي يستحقون بها دخول الجنة: الإنفاق في كل حال، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس، والإحسان إلى الخلق.
    • النظر في أحوال الأمم السابقة من أعظم ما يورث العبرة والعظة لمن كان له قلب يعقل به.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (68)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية


    141 - ومن هذه الحكم تَطْهيرُ المؤمنين من ذنوبهم، وتخليص صَفِّهم من المنافقين، وليُهْلِك الكافرين ويمحوهم.
    142 - أظننتم -أيها المؤمنون- أنكم تدخلون الجنة دون ابتلاء وصبرٍ يظهر به المجاهدون في سبيل الله حقيقةً، والصابرون على البلاء الذي يصيبهم فيه؟!
    143 - ولقد كنتم -أيها المؤمنون- تتمنون لقاء الكفار لتنالوا الشهادة في سبيل الله، كما نالها إخوانكم في يوم بدر من قبل أن تلاقوا أسباب الموت وشدته، فها قد رأيتم في يوم أُحد ما تمنيتم، وأنتم تنظرون له عيانًا.
    ولما شاع في الناس يوم أحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قُتِل، أنزل الله معاتبًا من قعد من المؤمنين عن القتال بسبب ذلك فقال:

    144 - وما محمد إلا رسول من جنس من سبقه من رسل الله الذين ماتوا أو قتلوا، أفإن مات هو أو قتل ارتددتم عن دينكم، وتركتم الجهاد؟! ومن يرتد منكم عن دينه فلن يضر الله شيئًا؛ إذ هو القوي العزيز، وإنما يضر المرتد نفسه بتعريضها لخسارة الدنيا والآخرة، وسيجزي الله الشاكرين له أحسن الجزاء بثباتهم على دينه، وجهادهم في سبيله.
    145 - وما كانت نفس لتموت إلا بقضاء الله، بعد أن تستوفي المدة التي كتبها الله وجعلها أجلًا لها، لا تزيد عنها ولا تنقص. ومن يُرِد ثواب الدنيا بعمله نعطه بقدر ما قُدِّر له منها، ولا نصيب له في الآخرة، ومن يُرِد بعمله ثواب الله في الآخرة نعطه ثوابها، وسنجزي الشاكرين لربهم جزاءً عظيمًا.
    146 - وكم من نبي من أنبياء الله قاتل معه جماعات من أتباعه كثيرة، فما جَبُنُوا عن الجهاد لما أصابهم من قتل وجراح في سبيل الله، وما ضعفوا عن قتال العدو، وما خضعوا له، بل صبروا وثبتوا، والله يحب الصابرين على الشدائد والمكاره في سبيله.
    147 - وما كان قول هؤلاء الصابرين لمَّا نزل بهم هذا البلاء إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وتجاوُزَنا الحدود في أمرنا، وثبت أقدامنا عند ملاقاة عدونا، وانصرنا على القوم الكافرين بك.
    148 - فآتاهم الله ثواب الدنيا بنصرهم والتمكين لهم، وآتاهم الثواب الحسن في الآخرة بالرضا عنهم، والنعيم المقيم في جنات النعيم، والله يحب المحسنين في عبادتهم ومعاملتهم.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • الابتلاء سُنَّة إلهية يتميز بها المجاهدون الصادقون الصابرون من غيرهم.
    • يجب ألا يرتبط الجهاد في سبيل الله والدعوة إليه بأحد من البشر مهما علا قدره ومقامه.
    • أعمار الناس وآجالهم ثابتة عند الله تعالى، لا يزيدها الحرص على الحياة، ولا ينقصها الإقدام والشجاعة.
    • تختلف مقاصد الناس ونياتهم، فمنهم من يريد ثواب الله، ومنهم من يريد الدنيا، وكل سيُجازَى على نيَّته وعمله.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (69)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية


    149 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، إن تطيعوا الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين، فيما يأمرونكم به من الضلال، يُرْجِعُوكم بعد إيمانكم إلى ما كنتم عليه كفارًا، فترجعوا خاسرين في الدنيا والآخرة.
    150 - هؤلاء الكافرون لن ينصروكم إذا أطعتموهم، بل الله هو ناصركم على أعدائكم، فأطيعوه، وهو سبحانه خير الناصرين، فلا تحتاجون لأحد بعده.
    151 - سنلقي في قلوب الذين كفروا بالله الخوف الشديد، حتى لا يستطيعوا الثبات لقتالكم بسبب إشراكهم بالله آلهةً عبدوها بأهوائهم، لم ينزل عليهم بها حجة، ومُسْتقرُّهم الذي يرجعون إليه في الآخرة هو النار، وبئس مستقر الظالمين النار.
    152 - ولقد أنجزكم الله ما وعدكم به من النصر على أعدائكم يوم أُحد، حين كنتم تقتلونهم قتلًا شديدًا بإذنه تعالى، حتى إذا جَبُنْتُم وضعفتم عن الثبات على ما أمركم به الرسول واختلفتم بين البقاء في مواقعكم أو تركها وجمع الغنائم، وعصيتم الرسول في أمره لكم بالبقاء في مواقعكم على كل حال، وقع ذلك منكم من بعد ما أراكم الله ما تحبونه من النصر على أعدائكم، منكم من يريد غنائم الدنيا، وهم الذين تركوا مواقعهم، ومنكم من يريد ثواب الآخرة، وهم الذين بقوا في مواقعهم مطيعين أمر الرسول، ثم حَوَّلكم الله عنهم، وسلَّطهم عليكم؛ ليختبركم، فيظهر المؤمن الصابر على البلاء ممَّن زلت قدمه، وضعفت نفسه، ولقد عفا الله عنكم ما ارتكبتموه من المخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب فضل عظيم على المؤمنين حيث هداهم للإيمان، وعفا عنهم سيئاتهم، وأثابهم على مصائبهم.
    153 - اذكروا -أيها المؤمنون- حين كنتم تُبْعِدون في الأرض هاربين يوم أحد، لما أصابكم الفشل بمخالفة أمر الرسول، ولا ينظر أحد منكم لأحد، والرسول يدعوكم من خلفكم بينكم وبين المشركين قائلًا: إليَّ عبادَ الله، إليَّ عبادَ الله، فجازاكم الله على هذا ألمًا وضيقًا بما فاتكم من النصر والغنيمة، يتبعه ألم وضيق، وبما شاع بينكم من قَتْل النبي، وقد أنزل بكم هذا لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من النصر والغنيمة، ولا ما أصابكم من قتل وجراح، بعدما علمتم أن النبي لم يُقْتل، حيث هانت عليكم كل مصيبة وألم، والله خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أحوال قلوبكم، ولا أعمال جوارحكم.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • التحذير من طاعة الكفار والسير في أهوائهم، فعاقبة ذلك الخسران في الدنيا والآخرة.
    • إلقاء الرعب في قلوب أعداء الله صورةٌ من صور نصر الله لأوليائه المؤمنين.
    • من أعظم أسباب الهزيمة في المعركة التعلق بالدنيا والطمع في مغانمها، ومخالفة أمر قائد الجيش.
    • من دلائل فضل الصحابة أن الله يعقب بالمغفرة بعد ذكر خطئهم.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (70)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية





    154 - ثم أنزل عليكم بعد الألم والضيق طمأنينة وثقة، جَعلت طائفة منكم -وهم الواثقون بوعد الله- يغطيهم النعاس مما في قلوبهم من أمن وسكينة، وطائفة أخرى لم ينلهم أمن ولا نعاس، وهم المنافقون الذين لا هَمَّ لهم إلا سلامة أنفسهم، فهم في قلق وخوف، ويظنون بالله ظن السوء، من أن الله لا ينصر رسوله ولا يؤيد عباده، كظن أهل الجاهلية الذين لم يَقْدُروا الله حق قدره، يقول هؤلاء المنافقون لجهلهم بالله: ليس لنا من رأيٍ في أمر الخروج إلى القتال، ولو كان لنا ما خرجنا، قل - أيها النبي - مجيبًا هؤلاء: إن الأمر كله لله، فهو الذي يُقدِّر ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو من قدَّر خروجكم. وهؤلاء المنافقون يخفون في أنفسهم من الشك وظن السوء ما لا يظهرون لك، حيث يقولون: لو كان لنا في الخروج رأي ما قُتِلنا في هذا المكان، قل -أيها النبي- ردًّا عليهم: لو كنتم في بيوتكم بعيدين عن مواطن القتل والموت؛ لخرج من كَتبَ الله عليه القتل منكم إلى حيث يكون قَتْلهم. وما كتب الله ذلك إلا ليختبر ما في صدوركم من نيات ومقاصد، ويميز ما فيها من إيمان ونفاق، والله عليم بالذي في صدور عباده لا يخفى عليه شيء منها.
    155 - إن الذين انهزموا منكم - يا أصحاب محمد - يوم التقى جَمْعُ المشركين في أُحدٍ بجمع المسلمين، إنما حملهم الشيطان على الزلل بسبب بعض ما اكتسبوه من المعاصي، ولقد عفا الله عنهم فلم يؤاخذهم بها فضلًا منه ورحمة، إن الله غفور لمن تاب، حليم لا يعاجل بالعقوبة.
    156 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، لا تكونوا مثل الكفار من المنافقين، ويقولون لأقاربهم إذا سافروا يطلبون رزقًا، أو كانوا غُزَاة فماتوا أو قتلوا: لو كانوا عندنا ولم يخرجوا، ولم يغزوا لم يموتوا ولم يقتلوا، جعل الله هذا الاعتقاد في قلوبهم ليزدادوا ندامة وحزنًا في قلوبهم، والله وحده هو الذي يحيي ويميت بمشيئته، لا يمنع قَدَرَه قعود ولا يُعَجلُه خروج، والله بما تعملون بصير، لا تخفى عليه أعمالكم، وسيجازيكم عليها.
    157 - ولئن قتلتم في سبيل الله أو متُّم -أيها المؤمنون- ليَغْفرنَّ الله لكم مغفرة عظيمة، ويرحمكم رحمة منه، هي خير من هذه الدنيا وما يجمع أهلها فيها من نعيمها الزائل.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • الجهل بالله تعالى وصفاته يُورث سوء الاعتقاد وفساد الأعمال.
    • آجال العباد مضروبة محدودة، لا يُعجِّلها الإقدام والشجاعة، ولايؤخرها الجبن والحرص.
    • من سُنَّة الله تعالى الجارية ابتلاء عباده؛ ليميز الخبيث من الطيب.
    • من أعظم المنازل وأكرمها عند الله تعالى منازل الشهداء في سبيله.






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (71)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية




    158 - ولئن مُتُّم على أي حال كان موتكم، أو قُتِلتم؛ فإلى الله وحده ترجعون جميعًا؛ ليجازيكم على أعمالكم.
    159 - فبسبب رحمة من الله عظيمة كان خُلُقك -أيها النبي- سهلًا مع أصحابك، ولو كنت شديدًا في قولك وفعلك، قاسي القلب لتفرقوا عنك، فتجاوز عنهم تقصيرهم في حقك، واطلب لهم المغفرة، واطلب رأيهم فيما يحتاج إلى مشورة، فإذا عقدت عزمك على أمر بعد المشاورة فامض فيه، وتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين عليه فيوفقهم ويؤيدهم.
    160 - إن يؤيدكم الله بإعانته ونصره فلا أحد يغلبكم، ولو اجتمع عليكم أهل الأرض، وإذا ترك نصركم ووَكَلكم إلى أنفسكم فلا أحد يستطيع أن ينصركم من بعده، فالنصر بيده وحده، وعلى الله فليعتمد المؤمنون لا على أحد سواه.
    161 - ما كان لنبي من الأنبياء أن يخون بأخذ شيء من الغنيمة غير ما اختصه به الله، ومن يَخُنْ منكم بأخذ شيء من الغنيمة، يُعاقَب بأن يُفضح يوم القيامة، فيأتي حاملًا ما أخذه أمام الخلق، ثم تُعطى كل نفس جزاء ما اكتسبته تامًّا غير منقوص، وهم لا يُظلمون بزيادة سيئاتهم، ولا بنقص حسناتهم.
    162 - لا يستوي عند الله من اتبع ما ينال به رضوان الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن كفر بالله وعَمِلَ السيئات، فرجع بغضب شديد من الله، ومستقره جهنم وساءت مرجعًا ومستقرًا.
    163 - هم متفاوتون في منازلهم في الدنيا والآخرة عند الله، والله بصير بما يعملون، لا يخفى عليه شيء، وسيجازي كلًّا بعمله.
    164 - لقد أنعم الله على المؤمنين وأحسن إليهم حين بعث فيهم رسولًا من جنسهم، يقرأ عليهم القرآن، ويطهِّرهم من الشرك والأخلاق الرذيلة، ويعلمهم القرآن والسُّنَّة، وقد كانوا من قبل بعثة هذا الرسول في ضلال واضح عن الهدى والرشاد.
    165 - أعندما أصابتكم -أيها المؤمنون- مصيبة حين هُزمتم في أُحد، وقُتِل منكم من قُتِل، قد أصبتم من عدوكم ضِعْفَيها من القتلى والأسرى يوم بدر، قلتم: من أين أصابنا هذا ونحن مؤمنون، ونبي الله فينا؟! قل -أيها النبي-: ما أصابكم من ذلك جاءكم بسببكم حين تنازعتم، وعصيتم الرسول، إن الله على كل شيء قدير؛ فينصر من يشاء، ويخذل من يشاء.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • النصر الحقيقي من الله تعالى، فهو القوي الذي لا يُحارَب، والعزيز الذي لا يُغالَب.
    • لا تستوي في الدنيا حال من اتبع هدى الله وعمل به وحال من أعرض وكذب به، كما لا تستوي منازلهم في الآخرة.
    • ما ينزل بالعبد من البلاء والمحن هو بسبب ذنوبه، وقد يكون ابتلاءً ورَفْع درجات، والله يعفو ويتجاوز عن كثير منها.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (72)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية



    166 - وما حدث لكم من القَتْل والجِرَاح والهزيمة يوم أحد حين التقى جمعكم وجَمْعُ المشركين، فهو بإذن الله وقدره؛ لحكمة بالغة حتى يظهر المؤمنون الصادقون.
    167 - وليظهر المنافقون الذين لمَّا قيل لهم: قاتلوا في سبيل الله، أو ادفعوا بتكثيركم سواد المسلمين؛ قالوا: لو نعلم أنه يكون قتال لاتبعناكم لكنه لا نرى أنه يكون بينكم وبين القوم قتال، هم في حالهم وقتئذٍ أقرب إلى ما يدل على كفرهم مما يدل على إيمانهم، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، والله أعلم بما يُبْطِنونه في صدورهم، وسيعاقبهم عليه.
    168 - هم الذين تخلَّفوا عن القتال، وقالوا لقراباتهم الذين أصيبوا يوم أُحد: لو أنهم أطاعونا ولم يخرجوا للقتال لَمَّا قتلوا، قل - أيها النبي - ردًّا عليهم: فادفعوا عن أنفسكم الموت إذا نزل بكم إن كنتم صادقين فيما ادعيتموه من أنهم لو أطاعوكم ما قتلوا، وأن سبب نجاتكم من الموت هو القعود عن الجهاد في سبيل الله.
    169 - ولا تظنن -أيها النبي- أن الذين قُتلوا في الجهاد في سبيل الله أموات، بل هم أحياء حياة خاصة عند ربهم في دار كرامته، يرزقون من أنواع النعيم الذي لا يعلمه إلا الله.
    170 - قد غمرتهم السعادة، وشملتهم الفرحة، بما مَنَّ الله عليهم من فضله، ويأملون وينتظرون أن يلحق بهم إخوانهم الذين بقوا في الدنيا، أنهم إن قتلوا في الجهاد فسينالون من الفضل مثلهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
    171 - ويفرحون مع هذا بثواب كبير ينتظرهم من الله، وزيادة على الثواب عظيمة، وأنه تعالى لا يُبْطل أجر المؤمنين به، بل يوفيهم أجورهم كاملة، ويزيدهم عليها.
    172 - الذين استجابوا لأمر الله ورسوله عندما دُعوا إلى الخروج للقتال في سبيل الله، وملاقاة المشركين في غزوة "حمراء الأسد" التي أعقبت أُحُدًا بعدما أصابتهم الجروح يوم أُحُد، فلم تمنعهم جروحهم من تلبية نداء الله ورسوله. للذين أحسنوا منهم في أعمالهم، واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، أجر عظيم من الله، وهو الجنة.
    173 - الذين قال لهم بعض المشركين: إن قريشًا بقيادة أبي سفيان قد جمعوا لكم جموعًا كثيرة لقتالكم والقضاء عليكم فاحذروهم واتقوا لقاءهم، فزادهم هذا الكلام والتخويف تصديقًا بالله وثقة بوعده، فخرجوا إلى لقائهم وهم يقولون: يكفينا الله تعالى، وهو نِعْمَ من نفوِّض إليه أمرنا.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • من سنن الله تعالى أن يبتلي عباده؛ ليتميز المؤمن الحق من المنافق، وليُعلم الصادق من الكاذب.
    • عِظَم منزلة الجهاد والشهادة في سبيل الله وثواب أهله عند الله تعالى حيث ينزلهم الله تعالى بأعلى المنازل.
    • فضل الصحابة وبيان علو منزلتهم في الدنيا والآخرة؛ لما بذلوه من أنفسهم وأموالهم في سبيل الله تعالى.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (73)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية




    174 - فرجعوا بعد خروجهم إلى "حمراء الأسد" بثواب عظيم من الله، وزيادة في درجاتهم، وسلامة من عدوهم فلم يصبهم قَتْل ولا جِرَاح، واتبعوا ما يرضي الله عنهم من التزام طاعته والكف عن معصيته، والله صاحب فضل عظيم على عباده المؤمنين.
    175 - إنما المُخوِّف لكم الشيطان، يرهبكم بأنصاره وأعوانه، فلا تجبنوا عنهم، فإنهم لا حول لهم ولا قوة، وخافوا بالتزام طاعته، إن كنتم مؤمنين به حقًّا.
    176 - ولا يُوقِعْك في الحزن -أيها الرسول- الذين يسارعون في الكفر مرتدين على أعقابهم من أهل النفاق، فإنهم لن ينالوا الله بأي ضرر، وإنما يضرون أنفسهم ببعدهم عن الإيمان بالله وطاعته، يريد الله بخذلانهم وعدم توفيقهم ألا يكون لهم نصيب في نعيم الآخرة، ولهم فيها عذاب عظيم في النار.
    177 - إن الذين استبدلوا الكفر بالإيمان لن يضروا الله أي شيء، إنما يضرون أنفسهم، ولهم عذاب أليم في الآخرة.
    178 - ولا يظنن الذين كفروا بربهم، وعاندوا شرعه، أن إمهالهم وإطالة عمرهم على ما هم عليه من كفرٍ خيرٌ لأنفسهم، ليس الأمر كما ظنوا، وإنما نمهلهم ليزدادوا إثمًا بكثرة المعاصي على إثمهم، ولهم عذاب مُذِلّ.
    179 - ما كان من حكمة الله أن يَدَعَكم -أيها المؤمنون- على ما أنتم عليه من اختلاط بالمنافقين وعدم تمايز بينكم، وعدم تبين المؤمنين حقًّا، حتى يميزكم بأنواع التكاليف والابتلاءات، ليظهر المؤمن الطيب من المنافق الخبيث. وما كان من حكمة الله أن يطلعكم على الغيب فتُميزوا بين المؤمن والمنافق، ولكن الله يختار من رسله من يشاء، فيطلعه على بعض الغيب؛ كما أطلع نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على حال المنافقين، فحقِّقوا إيمانكم بالله ورسوله، وأن تؤمنوا حقًّا وتتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فلكم ثواب عظيم عند الله.
    180 - ولا يظنن الذين يبخلون بما آتاهم الله من النعمٍ تفضُّلًا منه، فيمنعون حق الله فيها، لا يظنُّوا أن ذلك خير لهم، بل هو شر لهم؛ لأن ما بخلوا به سيكون طَوْقًا يُطَوَّقون به يوم القيامة في أعناقهم يعذبون به، ولله وحده يؤول ما في السماوات والأرض، وهو الحي بعد فناء خلقه كلهم، والله عليم بدقائق ما تعملون، وسيجازيكم عليه.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى تخويف الشيطان له بأعوانه وأنصاره من الكافرين، فإن الأمر كله لله تعالى.
    • لا ينبغي للعبد أن يغتر بإمهال الله له، بل عليه المبادرة إلى التوبة، ما دام في زمن المُهلة قبل فواتها.
    • البخيل الذي يمنع فضل الله عليه إنما يضر نفسه بحرمانها المتاجرة مع الله الكريم الوهاب، وتعريضها للعقوبة يوم القيامة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)


    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (74)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية





    181 - لقد سمع الله قول اليهود حين قالوا: "إن الله فقير حيث طلب منا القرض، ونحن أغنياء بما عندنا من أموال" سنكتب ما قالوا من الإفك والفرية على ربهم وقتلهم أنبياءهم بغير حق، ونقول لهم: ذوقوا العذاب المحرق في النار.
    182 - ذلك العذاب بسبب ما قدمت أيديكم -أيها اليهود- من المعاصي والمخازي، وبأن الله ليس يظلم أحدًا من عبيده.
    183 - وهم الذين قالوا كذبًا وافتراء: إن الله أوصانا في كتبه وعلى ألسنة أنبيائه ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بما يصدق قوله، وذلك بأن يتقرب إلى الله بصدقة تُحْرقُها نار تنزل من السماء، فكذبوا على الله في نسبة الوصية إليه، وفي حصر دلائل صدق الرسل فيما ذكروا، ولهذا أمر الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم: قد جاءكم رسل من قبلي بالبراهين الواضحة على صدقهم، وبالذي ذكرتم من القُربان الذي تحرقه نار من السماء، فلِمَ كذبتموهم وقتلتموهم إن كنتم صادقين فيما تقولون؟!
    184 - فإن كذبوك -أيها النبي- فلا تحزن، فهي عادة الكافرين، فقد كُذب رسل كثر من قبلك، جاؤوا بالأدلة الواضحة، وبالكتب المشتملة على المواعظ والرقائق، والكتاب الهادي بما فيه من الأحكام والشرائع.
    185 - كل نفس مهما تكن لا بد أن تذوق الموت، فلا يغتر مخلوق بهذه الدنيا، وفي يوم القيامة تعطون أجور أعمالكم كاملة غير منقوصة، فمن أبعده الله عن النار وأدخله الجنة؛ فقد نال ما يرجو من الخير، ونجا مما يخاف من الشر، وما الحياة الدنيا إلا متاع زائل، ولا يتعلق بها إلا المخدوع.
    186 - لتُختبرنّ -أيها المؤمنون- في أموالكم، بأداء الحقوق الواجبة فيها، وبما ينزل بها من مصائب، ولتختبرُنَّ في أنفسكم بالقيام بتكاليف الشريعة، وما ينزل بكم من أنواع البلاء، ولتسمعُنّ من الذين أُعطوا الكتب من قبلكم ومن الذين أشركوا شيئًا كثيرًا مما يؤذيكم من الطعن فيكم وفي دينكم، وإن تصبروا على ما يصيبكم من أنواع المصائب والابتلاءات، وتتقوا الله بفعل ما أمر وتَرْك ما نهى، فإن ذلك من الأمور التي تحتاج إلى عزم، ويتنافس فيها المتنافسون.

    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • من سوء فعال اليهود وقبيح أخلاقهم اعتداؤهم على أنبياء الله بالتكذيب والقتل.
    • كل فوز في الدنيا فهو ناقص، وإنما الفوز التام في الآخرة، بالنجاة من النار ودخول الجنة.
    • من أنواع الابتلاء الأذى الذي ينال المؤمنين في دينهم وأنفسهم من قِبَل أهل الكتاب والمشركين، والواجب حينئذ الصبر وتقوى الله تعالى.







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)


    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (75)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية



    187 - واذكر, -أيها النبي- حين أخذ الله العهد المؤكد على علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ لتُوضِّحُنَّ للناس كتاب الله، ولا تكتمون ما فيه من الهدى، ولا ما دل عليه من نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فما كان منهم إلا أن طرحوا العهد، ولم يلتفتوا إليه، فكتموا الحق وأظهروا الباطل، واستبدلوا بعهد الله ثمنًا زهيدًا، كالجاه والمال الذي قد ينالونه، فبئس هذا الثمن الذي يستبدلونه بعهد الله.
    188 - لا تظنن - يا أيها النبي - أن الذين يفرحون بما فعلوا من القبائح، ويحبون أن يمدحهم الناس بما لم يفعلوه من الخير، لا تظننهم بمَنْجاة من العذاب وسلامة، بل محلهم جهنم، ولهم فيها عذاب موجع.
    189 - ولله وحده دون غيره ملك السماوات والأرض وما فيهما خَلْقًا وتدبيرًا، والله على كل شيء قدير.
    190 - إن في إيجاد السماوات والأرض من عَدَم على غير مثال سابق، وفي تعاقب الليل والنَّهار، وتفاوتهما طولًا وقِصَرًا؛ لدلائلَ واضحة لأصحاب العقول السليمة، تدلهم على خالق الكون المستحق للعبادة وحده.
    191 - وهم الذين يذكرون الله على كل
    أحوالهم، في حال قيامهم، وحال جلوسهم،
    وفي حال اضطجاعهم، ويُعْمِلون فكرَهم في خلق السماوات والأرض؛ قائلين: يا ربنا، ما خلقت هذا الخلق العظيم عبثًا، تنزَّهت عن العبث، فجنِّبنا عذاب النار بتوفيقنا للصالحات وحِفْظِنا من السيئات.

    192 - فإنك -يا ربنا- من تدخل النار من خلقك فقد أهنته وفضحته، وليس للظالمين يوم القيامة من أعوان يمنعون عنهم عذاب الله وعقابه.
    193 - ربنا إننا سمعنا داعيًا للإيمان - وهو نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - يدعو قائلًا: آمنوا بالله ربكم إلهًا واحدًا، فآمنا بما يدعو إليه، واتبعنا شريعته، فاستر ذنوبنا فلا تفضحنا، وتجاوز عن سيئاتنا فلا تؤاخذنا بها، وتوفنا مع الصالحين بتوفيقنا لفعل الخيرات وترك السيئات.
    194 - ربنا وأعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك، من الهداية والنصر في الدنيا، ولا تفضحنا يوم القيامة بدخول النار، إنك - يا ربنا - كريم لا تُخْلف وعدك.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • من صفات علماء السوء من أهل الكتاب: كَتْم العلم، واتباع الهوى، والفرح بمدح الناس مع سوء سرائرهم وأفعالهم.
    • التفكر في خلق الله تعالى في السماوات والأرض وتعاقب الأزمان يورث اليقين بعظمة الله وكمال الخضوع له -عَزَّ وَجَلَّ-.
    • دعاء الله وخضوع القلب له تعالى من أكمل مظاهر العبودية.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (76)

    (سُوْرَةُ آلِ عِمْرَانَ)
    مدنية




    195 - فأجاب ربهم دعاءهم: بأني لا أضيع ثواب أعمالكم قَلَّت أو كثرت، سواء كان العامل ذكرًا أو أنثى، فحكم بعضكم من بعض في الملة واحد، لا يُزاد لذَكَرٍ، ولا يُنقص لأنثى، فالذين هاجروا في سبيل الله، وأخرجهم الكفار من ديارهم، وأصابهم الأذى بسبب طاعتهم لربهم، وقاتلوا في سبيل الله وقُتِلُوا لتكون كلمة الله هي العليا -لأغفِرن لهم سيئاتهم يوم القيامة، ولأتجاوزن عنها، ولأُدخلنهم جنات تجري الأنهار من تحت قصورها، ثوابًا من عند الله، والله عنده الجزاء الحسن الذي لا مثل له.
    196 - لا يخدعنك -أيها النبي- تنقُّل الكافرين في البلاد، وتَمَكُّنهم منها، وسعة تجاراتهم وأرزاقهم فتشعر بالهَمِّ والغم من حالهم.
    197 - فهذه الدنيا متاع قليل لا دوام له، ثم بعد ذلك يكون مصيرهم الذي يرجعون إليه يوم القيامة: جهنم، وبئس الفِراشُ لهم النار.
    198 - لكنِ الذين اتقوا ربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لهم جنات تجري الأنهار من تحت قصورها، ماكثين فيها أبدًا، جزاءً مُعَدًّا لهم من عند الله تعالى، وما أعده الله للصالحين من عباده خير وأفضل مما يتقلب فيه الكفار من ملذات الدنيا.
    199 - ليس أهل الكتاب سواء، فإن منهم طائفة يؤمنون بالله وبما أنزل إليكم من الحق والهدى، ويؤمنون بما أنزل إليهم في كتبهم، لا يفرقون بين رسل الله، خاضعين متذللين لله، رغبة فيما عنده، لا يستبدلون بآيات الله ثمنًا قليلًا من متاع الدنيا، أولئك الموصوفون بهذه الصفات لهم ثوابهم العظيم عند ربهم، إن الله سريع الحساب على الأعمال سريع الجزاء عليها.
    20 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، اصبروا على تكاليف الشريعة، وعلى ما يعرض لكم من مصائب الدنيا، وغالبوا الكفار في الصبر فلا يكونوا أشد صبرًا منكم، وأقيموا على الجهاد في سبيل الله، واتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لعلكم تنالون مطلوبكم بالسلامة من النار ودخول الجنة.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • الأذى الذي ينال المؤمن في سبيل الله فيضطره إلى الهجرة والخروج والجهاد من أعظم أسباب تكفير الذنوب ومضاعفة الأجور.
    • ليستِ العبرة بما قد يُنَعَّم به الكافر في الدنيا من المال والمتاع وإن عَظُم؛ لأن الدنيا زائلة، وإنما العبرة بحقيقة مصيره في الآخرة في دار الخلود.
    • من أهل الكتاب من يشهدون بالحق الذي في كتبهم، فيؤمنون بما أنزل إليهم وبما أنزل على المؤمنين، فهؤلاء لهم أجرهم مرتين.
    • الصبر على الحق، ومغالبة المكذبين به، والجهاد في سبيله، هو سبيل الفلاح في الآخرة

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (77)

    (سُوْرَةُ النساء)
    مدنية




    [مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ]
    تنظيم المجتمع المسلم من داخله من خلال حفظ الحقوق الاجتماعية والمالية، إزالةً لرواسب الجاهلية وتركيزًا على حقوق النساء والضعفاء.

    [التَّفْسِيرُ]
    سُمِّيت بذلك لذكر النساء فيها وتفصيل كثير من أحكامهن.


    1 - يا أيها الناس، اتقوا ربكم، فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي أبوكم آدم، وخلق من آدم زوجه حواء أمكم، ونشر منهما في أقطار الأرض بشرًا كثيرًا ذكورًا وإناثًا، واتقوا الله الذي يسأل بعضكم بعضًا به بأن يقول: أسألك بالله أن تفعل كذا، واتقوا قَطْع الأرحام التي تربط بينكم، إن الله كان عليكم رقيبًا، فلا يفوته شيء من أعمالكم، بل يحصيها ويجازيكم عليها.
    2 - وأعطوا -أيها الأوصياء- اليتامى (وهم: من فقدوا آباءهم ولم يبلغوا الحُلم) أموالِهم كاملة إذا بلغوا وكانوا راشدين، ولا تتبدّلوا الحرام بالحلال؛ بأن تأخذوا الجيِّد النفيس من أموال اليتامى، وتدفعوا بدله الرديء الخسيس من أموالكم، ولا تأخذوا أموال اليتامى مضمومة إلى أموالكم، إن ذلك كان ذنبًا عظيمًا عند الله.
    3 - وإن خفتم ألا تعدلوا إذا تزوجتم اليتيمات اللاتي تحت ولايتكم، إما خوفًا من نقص مهرهن الواجب لهن، أو إساءة معاملتهن، فدعوهن وتزوجوا الطيبات من النساء غيرهن، إن شئتم تزوجتم اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، فإن خفتم ألا تعدلوا بينهن فاقتصروا على واحدة، أو استمتعوا بما ملكت أيمانكم من الإماء؛ إذ لا يجب لهن مثل ما يجب للزوجات من الحقوق، ذلك الذي ورد في الآية في شأن اليتامى والاقتصار على نكاح واحدة أو الاستمتاع بالإماء أقرب إلى ألا تَجُورُوا وتميلوا.
    4 - وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة، فإن طابت نفوسهن بشيء من المهر لكم بلا إكراه؛ فكلوه سائغًا لا تنغيص فيه.
    5 - ولا تعطوا -أيها الأولياء- الأموال للذين لا يحسنون التصرف، فهذه الأموال جعلها الله سببًا تقوم به مصالح العباد وأمور معاشهم، وهؤلاء ليسوا أهلًا للقيام على الأموال وحفظها، وأنفقوا عليهم واكسوهم منها، وقولوا لهم قولًا طيبًا، وعِدُوهم مَوعِدَةً حسنة بأن تعطوهم مالهم إذا بلغوا الرشد وحُسْنَ التصرف.
    6 - واختبروا - أيها الأولياء - اليتامى إذا وصلوا سن البلوغ، بإعطائهم جزءًا من مالهم يتصرفون فيه، فإن أحسنوا التصرف فيه، وتبين لكم رشدهم؛ فسلموا إليهم أموالهم كاملة غير منقوصة، ولا تأكلوا أموالهم متجاوزين الحد الذي أباحه الله لكم من أموالهم عند الحاجة، ولا تبادروا بأكلها خشية أن يأخذوها إذا بلغوا، ومن كان منكم له مال يُغْنيه فليمتنع عن الأخذ من مال اليتيم، ومن كان منكم فقيرًا لا مال له فليأكل بقدر حاجته، وإذا سلمتم إليهم أموالهم بعد البلوغ وتبين الرشد منهم؛ فاشهدوا على ذلك التسليم حفظًا للحقوق، ومنعًا لأسباب الاختلاف، وكفى الله شاهدا على ذلك، ومحاسبًا للعباد على أعمالهم.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • الأصل الذي يرجع إليه البشر واحد، فالواجب عليهم أن يتقوا ربهم الذي خلقهم، وأن يرحم بعضهم بعضًا.
    • أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الضعفة من النساء واليتامى، بأن تكون المعاملة معهم بين العدل والفضل.
    • جواز تعدد الزوجات إلى أربع نساء، بشرط العدل بينهن، والقدرة على القيام بما يجب لهن.
    • مشروعية الحَجْر على السفيه الذي لا يحسن التصرف, لمصلحته، وحفظًا للمال الذي تقوم به مصالح الدنيا من الضياع.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (78)

    (سُوْرَةُ النساء)
    مدنية



    7 - للرجال حظ مما تركه الوالدان والأقربون كالإخوة والأعمام بعد موتهم، قليلًا كان أو كثيرًا، وللنساء حظ مما تركه هؤلاء؛ خلافًا لما كان عليه أمر الجاهلية من حرمان النساء والأطفال من الميراث، هذا النصيب حق مُبيَّن المقدارِ مفروضٌ من الله تعالى.
    8 - وإذا حضر قَسْمَ التركة من لا يرث من الأقارب واليتامى والفقراء؛ فأعطوهم -على سبيل الاستحباب- من هذا المال قبل قسمته ما تطيب به نفوسكم، فهم مُتشوِّفون إليه، وقد جاءكم بلا عناء، وقولوا لهم قولًا حسنًا لا قبح فيه.
    9 - وَلْيَخَف الذين لو ماتوا وتركوا خلفهم أولادًا صغارًا ضعافًا، خافوا عليهم من الضياع، فليتقوا الله فيمن تحت ولايتهم من الأيتام بترك ظلمهم، حتى ييسر الله لهم بعد موتهم من يحسن لأولادهم كما أحسنوا هم، وليحسنوا في حق أولاد من يحضرون وصيته بأن يقولوا لهم قولًا مصيبًا للحق بألا يظلم في وصيته حقَّ ورثته من بعده، ولا يحرم نفسه من الخير بترك الوصية.
    10 - إن الذين يأخذون أموال اليتامى، ويتصرفون فيها ظلمًا وعدوانًا، إنما يأكلون في أجوافهم نارًا تلتهب عليهم، وستحرقهم النار يوم القيامة.
    11 - يعهد الله إليكم ويأمركم في شأن ميراث أولادكم؛ أن الميراث يُقسم بينهم للابن مثل نصيب البنتين، فإن ترك الميّت بنات دون ولد ذكر؛ فللبنتين فأكثر الثلثان مما ترك، وإن كانت بنتًا واحدة فلها نصف ما ترك، ولكل واحد من أبوي الميّتِ سدس ما ترك؛ إن كان له ولد ذكرًا كان أو أنثى، وإن لم يكن له ولد وله وارث له غير أبويه؛ فللأم الثلث، وباقي الميراث لأبيه، وإن كان للميّتِ إخوة اثنان فأكثر ذكورًا كانوا أو إناثًا أشقاء أو غير أشقاء؛ فلأمه السدس فرضًا، والباقي للأب تعصيبًا، ولا شيء للإخوة، ويكون هذا القسم للميراث بعد تنفيذ الوصية التي أوصى بها الميِّت بشرط ألا تزيد وصيته عن ثلث ماله، وبشرط قضاء الدَّين الذي عليه، وقد جعل الله تعالى قسمة الميراث على هذا؛ لأنكم لا تدرون مَنْ مِن الآباء والأبناء أقرب لكم نفعًا في الدنيا والآخرة، فقد يظن الميتُ بأحد ورثته خيرًا؛ فيعطيه المال كله، أو يظن به شرًّا فيحرمه منه، وقد يكون الحال خلاف ذلك، والذي يعلم ذلك كله هو الله الذي لا يخفى عليه شي، ولذلك قسم الميراث على ما بيَّن، وجعله فريضة منه واجبة على عباده، إن الله كان عليمًا لا يخفى عليه شيء من مصالح عباده، حكيمًا في شرعه وتدبيره.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • دلَّت أحكام المواريث على أن الشريعة أعطت الرجال والنساء حقوقهم مراعيةً العدل بينهم وتحقيق المصلحة بينهم.
    • التغليظ الشديد في حرمة أموال اليتامى، والنهي عن التعدي عليها، وعن تضييعها على أي وجه كان.
    • لمَّا كان المال من أكثر أسباب النزاع بين الناس تولى الله تعالى قسمته في أحكام المواريث.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (79)

    (سُوْرَةُ النساء)
    مدنية



    12 - ولكم - أيها الأزواج - نصف ما تركت زوجاتكم؛ إن لم يكن لهن ولد -ذكرًا كان أو أنثى- منكم أو من غيركم، فإن كان لهن ولد -ذكرًا كان أو أنثى- فلكم الربع مما تركن من المال يقسم لكم ذلك بعد تنفيذ وصيتهن، وقضاء ما عليهن من دين.
    وللزوجات الربع مما تركتم - أيها الأزواج - إن لم يكن لكم ولد -ذكرًا كان أو أنثى- منهن أو من غيرهن، فإن كان لكم ولد -ذكرًا كان أو أنثى- فلهن الثمن مما تركتم، يُقسم لهن ذلك بعد تنفيذ وصيتكم، وقضاء ما عليكم من دَين. وإن مات رجل ليس له والد ولا ولد أو ماتت امرأة ليس لها والد ولا ولد، وكان للميت منهما أخ لأم أو أخت لأم؛ فلكل واحد من أخيه لأمه أو أخته لأمه السدس فرضًا، فإن كان الإخوة لأم أو الأخوات لأم أكثر من واحد؛ فلجميعهم الثلث فرضًا يشتركون فيه، يستوي في ذلك ذكرهم وأنثاهم، وإنما يأخذون نصيبهم هذا بعد تنفيذ وصية الميت، وقضاء ما عليه من دَين، بشرط أن تكون وصيته لا تُدْخِل الضرر على الورثة؛ كان تكون وصية بأكثر من ثلث ماله، هذا الحكم الذي تضمَّنته الآية عهد من الله إليكم أوجبه عليكم، والله عليم بما يصلح عباده في الدنيا والآخرة، حليم لا يعاجل العاصي بالعقوبة.

    13 - تلك الأحكام المذكورة في شأن اليتامى وغيرهم، شرائعُ الله التي شرعها لعباده ليعملوا بها، ومن يطع الله ورسوله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ يدخله الله جنات تجري الأنهار من تحت قصورها، ماكثين فيها لا يلحقهم فناء، وذلك الجزاء الإلهي هو الفلاح العظيم الذي لا يضاهيه فلاح.
    14 - ومن يعص الله ورسوله بتعطيل أحكامه وترك العمل بها، أو الشك فيها، ويتجاوز حدود ما شرعه؛ يدخله نارًا ماكثًا فيها، وله فيها عذاب مُذِلٍّ.


    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • لا تُقْسم الأموال بين الورثة حتى يُقضى ما على الميت من دين، ويخرج منها وصيته التي لا يجوز أن تتجاوز ثلث ماله.
    • التحذير من التهاون في قسمة المواريث؛ لأنها عهدُ الله ووصيته لعباده المؤمنين؛ فلا يجوز تركها أو التهاون فيها.
    من علامات الإيمان امتثال أوامر الله، وتعظيم نواهيه، والوقوف عند حدوده.
    • من عدل الله تعالى وحكمته أن من أطاعه وعده بأعظم الثواب، ومن عصاه وتعدَّى حدوده توعده بأعظم العقاب.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,413

    افتراضي رد: المختصر في تفسير القرآن الكريم .. (متجدد)

    المختصر في تفسير القرآن الكريم
    لمجموعة من العلماء
    الحلقة (80)

    (سُوْرَةُ النساء)
    مدنية






    15 - واللاتي يرتكبن فاحشة الزنى من نسائكم محصنات وغير محصنات فاستشهدوا عليهن أربعة رجال مسلمين عدول، فإن شهدوا عليهن بارتكابها فاحبسوهن في البيوت عقوبة لهن، حتى تنقضي حياتهن بالموت، أو يجعل الله لهن طريقًا غير طريق الحبس. ثم بَيّن الله السبيل لهم بعد ذلك، فشرع جلد البكر الزانية مئة جلدة وتغريب عام، ورجم المُحصَنة.
    16 - واللذان يرتكبان فاحشة الزنى من الرجال -مُحْصَنيْن أو غير محصَنَيْن- فعاقبوهما باللسان واليد بما يحقق الإهانة والزجر، فإن أقلعا عمَّا كانا عليه، وصلحت أعمالهما؛ فأعرضوا عن أذاهما؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، إن الله كان توابًا على من تاب من عباده رحيمًا بهم.
    والاكتفاء بهذا النوع من العقاب كان في أول الأمر، ثم نُسِخ بعد ذلك بجلد البكْر وتغريبه، وبرجم المُحصَن.

    17 - إنما يقبل الله توبة الذين أقدموا على ارتكاب الذنوب والمعاصي بجهل منهم لعاقبتها وشؤمها -وهذا شأن كل مرتكبِ ذنبٍ متعمدًا كان أو غير متعمد- ثم يرجعون منيبين إلى ربهم قبل معاينة الموت، فأولئك يقبل الله توبتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، وكان الله عليمًا بأحوال خلقه، حكيمًا في تقديره وتشريعه.
    18 - ولا يقبل الله توبة الذين يُصرُّون على المعاصي، ولا يتوبون منها إلى أن يعانوا سكرات الموت، فعندئذ يقول الواحد منهم: إني تبت الآن مما ارتكبته من المعاصي. ولا يقبل الله - كذلك - توبة الذين يموتون وهم مُصِرُّون على الكفر، أولئك العصاة المُصِرُّون على المعاصي، والذين يموتون وهم على كفرهم؛ أعددنا لهم عذابًا أليمًا.
    19 - يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله , لا يجوز لكم أن ترثوا نساء آبائكم كما يُورثُ المال وتتصرفوا فيهن بالزواج بهن، أو تزويجهن ممن تشاؤون، أو منعهن من الزواج. ولا يجوز لكم إمساك أزواجكم اللاتي تكرهونهن للإضرار بهن، حتى يتنازلن لكم عن بعض ما أعطيتموهن من مهر وغيره، إلا أن يرتكبن فاحشة واضحة كالزنى، فإذا فعلن ذلك جاز لكم إمساكهن والتضييق عليهن حتى يفتدين منكم بما أعطيتموهن، وصاحبوا نساءكم صحبة طيبة، بكف الأذى وبذل الإحسان، فإن كرهتموهن لأمر دنيوي فاصبروا عليهن؛ فلعل الله يجعل فيما تكرهون خيرًا كثيرًا في الحياة الدنيا والآخرة.

    [مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
    • ارتكاب فاحشة الزنى من أكثر المعاصي خطرًا على الفرد والمجتمع؛ ولهذا جاءت العقوبات عليها شديدة.
    • لُطْف الله ورحمته بعباده حيث فتح باب التوبة لكل مذنب، ويسَّر له أسبابها، وأعانه على سلوك سبيلها.
    • كل من عصى الله تعالى بعمد أو بغير عمد فهو جاهل بقدر من عصاه جل وعلا، وجاهل بآثار المعاصي وشؤمها عليه.
    • من أسباب استمرار الحياة الزوجية أن يكون نظر الزوج متوازنًا، فلا يحصر نظره فيما يكره، بل ينظر





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •