تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 13 الأولىالأولى 12345678910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 258

الموضوع: تذليل العقبات بإعراب الورقات

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    قال المصنف رحمه الله تعالى:
    وَصِيغَتُهُ: افْعَلْ.
    وَهِيَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّجَرُّدِ عَنِ الْقَرِينَةِ تُحْمَلُ عَلَيْهِ، إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النَّدْبُ أَوِ الْإِبَاحَةُ- فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.

    ______________________________ ______________________________ ________
    (وَ): إما عاطفة على قوله: "والأمر استدعاء الخ" أو للاستئناف النحوي.
    (صِيغَتُهُ): (صيغة) مبتدأ، ومضاف و(الهاء) ضمير الغائب العائد إلى الأمر مضاف إليه
    (افْعَلْ): مقصود لفظها مبنية على الحكاية في محل رفع خبر.
    (وَ): عاطفة على (صيغته).
    (هِيَ): مبتدأ.
    (عِنْدَ): ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو متعلق بقوله: "تُحْمَل" الآتي، و(عند) مضاف.
    (الْإِطْلَاقِ): مضاف إليه.
    (وَالتَّجَرُّدِ) : معطوف على (الإطلاق) وهو عطف تفسير[1] يعني: أنه فسر (الإطلاق) بـ (التجرد عن القرينة).
    (عَنِ الْقَرِينَةِ): متعلق بمحذوف حال من (التجرد)
    (تُحْمَلُ): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، ونائب الفاعل مستتر جوازا تقديره (هي) يعود على (صيغته) والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر.
    (عَلَيْهِ): متعلق بـ (تُحْمَل).
    (إلَّا): أداة استثناء.
    (مَا): معرفة ناقصة (أي اسم موصول) بمعنى (التي)، أو معرفة تامة بمعنى (الصيغة) وعلى كل فهي اسم مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء
    (دَلَّ): فعل ماض.
    (الدَّلِيلُ): فاعل والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها صلة (ما) إن جعلتها موصولة أو في محل نصب صفة لـ (ما) إن جعلتها معرفة تامة.
    (عَلَى): حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
    (أَنَّ): حرف توكيد ونصب
    (الْمُرَادَ): اسم (أنَّ) منصوب
    (مِنْهُ): متعلق بـ (المراد)
    (النَّدْبُ): خبر (أنَّ) مرفوع، وجملة (أنَّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر مجرور بـ (على) والتقدير: (إلا ما دل الدليل على كون المراد منه الندب) والجار والمجرور (على كون) متعلق بـ (دلَّ).
    (أَوِ): عاطفة
    (الْإِبَاحَةُ): معطوف على (الندب) والمعطوف على المرفوعِ مرفوعٌ.
    (فَيُحْمَلُ): (الفاء) للسببية، و(يحمل) فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على (ما) أي: فيحمل ما دل الدليل الخ.
    (عَلَيْهِ): الجار والمجرور متعلق بـ (يحمل).
    ______________________________ ________

    [1] وقيل من عطف الأخص وقيل من عطف الأعم ولا طائل تحت ذلك فيكفي فيه ما تقدم أعلاه.

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    المعنى:



    صيغةُ الأمر .. (افعل)، ومثلها كل ما يدل على الأمر بصيغته
    فإذا دلت الكلمة على الأمر بصيغتها :
    ولم توجد قرينة صارفة عن ذلك .. فإن الكلمة تحمل على الأمر
    أما إن وجدت قرينة صارفة عن إرادة الأمر .. فإن الصيغة الدالة على الأمر تحمل على غير الأمر كالندب أو الإباحة.
    = مثال صيغة الأمر المطلقة المجردة عن القرينة: قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} فإن صيغة {أَقِيمُواْ} محمولة على الوجوب لإطلاقها وتجردها عن القرينة.
    = ومثال صيغة الأمر المحمولة على الندب لوجود القرينة الدالة على إرادته منها: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] فكلمة {فَكَاتِبُوهُمْ} صيغة أمر ولكن ليس المراد بها الأمر، بل الندب؛ لوجود القرينة الصارفة عن الأمر وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُلزِم الصحابة بعتق مَنْ تحت أيديهم من الأرقاء، ولم يُلزِمهم بمكاتبتهم.
    = ومثال صيغة الأمر المحمولة على الإباحة لوجود الدليل والقرينة الصارفة: قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُواْ} [المائدة: 2] يعني: إذا حللتم من إحرامكم فاصطادوا، فكلمة (اصطادوا) صيغة أمر ولم يقل أحد إن المراد بها هنا الأمر، بل قالوا: إنها للإباحة، والقرينة الصارفة عن الوجوب أنه أمر جاء بعد حظر، والقاعدة أن: (الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة) لأنه بمثابة الإذن فكانوا ممنوعين من الصيد حال الإحرام ثم أذن لهم بعد ذلك فأفاد الإذن والإباحة لا الوجوب.

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    [قال صاحبي]



    قال: لماذا اقتصر المصنف على صيغة (افعل) ؟
    قلت: لأنها أشهر الصيغ الدالة على الأمر وأكثرها دورانا في الكلام.
    قال: إذا كانت صيغة الأمر هي (افْعَلْ) وما كان على زِنَتِهَا لَمْ يشمل هذا نحو: (اضْرِبْ، وأَكْرِمْ، واستخرِجْ، و(وَلْيَطَّوَّف واْ)، و(لِيُنْفِقْ) ... الخ)
    قلت: ليس المراد بـ (افْعَلْ) هذا اللفظ بخصوصه أو هذا الوزن بخصوصه بل المراد كون اللفظ دالا على الأمر بوضعه.
    قال: نعم، فهمتُ هذا.
    قلت: فهمتَ ماذا؟
    قال: فهمتُ أن مراد المصنف بقوله: "وَصِيغَتُهُ افْعَلْ" كونُ اللفظ دالا على الأمر بهيئته وبِنْيَتِهِ وليس المراد خصوص لفظ (افعل) ولا وزنه، أليس كذلك؟
    قلت: نعم، ليس كذلك.
    قال: ولِمَ ؟
    قلت: لأني لم أذكر في كلامي (هيئةً) ولا (بِنْيَةً).
    قال: وإِنْ [1]، وماذا في هذا ؟ غاية ما فيه أني ذكرتُ كلامك بمعناه، أم تحسب أن كلامك لا يمكن التعبير عنه بمعناه؟!
    قلت: بل يمكن التعبير عنه بأحسن منه لفظا ومعنى، ولكنك لم تفهم شرحي لكلام المصنف على وجهه الصحيح فعبرتَ عنه بغير معناه.
    قال: تقول: (شرحي) ! وأنت تعلم أنه ليس شرحك بل شرح العلماء.
    فسكتُّ لأن ما يقوله لا أستطيع أن أجحده.
    فاستطرد قائلا: وهل هناك فرق بين ما ذكرتُه أنا وما ذكرتَه أنت ؟
    قلت: نعم، بينهما فرق كبير.
    قال: وما هو ؟
    قلت: هل تعرف معنى (هيئة الكلمة) و(بِنْيَتِها) اللتين ذكرتهما؟
    فسكتَ.
    قلت: (الهيئة): هي الكيفية العارضة للكلمة باعتبار الحركات والسكنات وتقديم بعض الحروف على بعض، يعني أن المراد بالهيئة هو ما يسمى في مصطلح النحاة (أمرا) دون (المضارع المقرون باللام) فإن دلالته على الأمر باللام وليس بهيئته كما هو ظاهر.
    وأما (بِنْيَةُ الكلمة): فهي مادتها يعني حروفها. وظاهرٌ أن الأمر لا يدل بها وإلا لدل الماضي والمضارع المجرد من اللام عليه لوجود المادة في ذلك [2].
    قال: لماذا تحمل صيغة الأمر عند الإطلاق وعدم القرينة على الأمر دون الندب أو الإباحة؟
    قلت: لأنها حقيقة في الأمر مجاز في غيره من الندب وغيره على الصحيح واللفظ إذا أطلق حمل على معناه الحقيقي نحو: {أَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} فالصيغة فيه محمولة على الوجوب لإطلاقها وتجردها عن القرينة الصارفة عن الوجوب [3].

    _________________________
    [1] أي: وإن لم تذكره في كلامك فهو صحيح، فحذف ما يفهم من الكلام
    [2] حاشية السوسي على قرة العين 77.
    [3] السابق

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    قال صاحبي

    قال: اذكر لي بعض الصيغ الدالة على الأمر فإن المصنف لم يذكر إلا واحدة.
    قلت: الصيغ التي تدل على الأمر كثيرة يذكرها بعض العلماء في مبحث الأمر والنهي وبعضهم في مبحث الواجب لأنها الصيغ التي تدل على إفادة الوجوب وعلى كل فهي كثيرة أهمها ما يأتي:
    1-صيغة (افْعَلْ) وفروعها (افْعَلِي، افْعَلَا، افْعَلُوا، افْعَلْنَ) وما كان على هذا الوزن نحو: اضْرِبْ، اقْرأْ، اذْهَبْ.
    2- صيغ فِعْلِ الأمرِ الأخرى ومنها ما هو مبدوء بالهمزة ولكنها مضمومة نحو: (اُكْتُبْ)، ومنها ما هو مبدوء بالتاء نحو: (تَذَكَّرْ).
    3- المضارعُ المجزومِ بلامِ الأمرِ
    مثال: قوله تعالى: {فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9]
    4- اسمِ فعلِ الأمر
    مثال: قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [المائدة: 105]
    5- المصدر النَّائب عن فعلِ الأمرِ
    مثال:قوله تعالى: { فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ } [محمد:4].
    6- صيغةُ (أَمَرَ) وما يتصرَّفُ عنها
    أمثلة:قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى } [النحل:90]
    = وقوله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } [النساء: 58]
    =وقوله صلى الله عليه وسلم: (( وأنا آمركمْ بخمسٍ اللهُ أمرني بهنَّ: السَّمعِ والطَّاعةِ، والجهادِ، والهجرةِ، والجماعةِ )) ، (جزءٌ من حديثٍ صحيحٍ أخرجه التِّرمذِيُّ وغيرهُ).
    7- صيغة (كَتَبَ) و (كُتِبَ)
    أمثلة: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة:216]
    = وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتُمْ فأحسنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذبحتُم فأحسنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أحدُكمْ شفْرَتَهُ فليُرِحْ ذبِيحتَهُ)) [أخرجه مسلمٌ من حديثِ شدَّاد بنِ أوسٍ].
    8- صيغةُ (فَرَضَ) وما يتصرَّفُ عنها
    أمثلة: قوله تعالى: { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا } [النور:1] أي: أوجبنا العمل بها.
    = وعن عبدالله بن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بعثَ معاذً إلى اليمنِ قال: (( إنكَ تقدُمُ على قومٍ أهلِ كتابٍ، فليكُن أوَّل ما تدعوهمْ إليهِ عبادَةُ الله عزَّوجلَّ، فإذا عرفُوا الله فأخبرهم أنَّ الله فرض عليهمْ خمسَ صلواتٍ في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرْهُم أنَّ الله قد فرض عليهم زكاةً تُؤخذُ من أغنيائهم فترَدُّ على فُقرائهِم، فإن أطاعُوا بها فخذْ منهمْ وتوقَّ كرائمَ أموالهِم )) [متفق عليه].
    9- صيغة (لهُ عليك فِعلُ كذا)
    أمثلة: قوله تعالى:{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } [آل عمران:97]
    = وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حقِّ الرَّجل على امرأته: (( ولكم عليهنَّ أن لا يوطئنَ فُرشَكُمْ أحدًا تكرهُونهُ، فإنْ فعلنَ ذلكَ فاضْرِبُوهنَّ ضربًا غير مُبرِّحٍ )) [أخرجه مسلمٌ من حديث جابربن عبدِالله]
    = ومنه قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:234]
    10- صيغةُ الخبر الَّتي فيها تنزيل المطلوب منزلةَ التَّامِّ الحاصل تأكيدًا للأمر به
    مثال: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
    11- ما ورد فيه ترتيبُ المؤاخذة على تركِ الامتثالِ
    أمثلة: قوله تعالى: { فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة: 279]
    = وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من لا يرحمُ لا يُرحمُ )) [متفقٌ عليه من حديث جريرِ بن عبدالله وأبي هريرة].
    12- وصفُ تركِ الامتثالِ بالمخالفةِ
    أمثلة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( شرُّ الطَّعامِ طعامُ الوليمةِ، يُدعى لها الأغنياءُ ويُتركُ الفقراءُ، ومن تركَ الدَّعوةَ فقد عصَى اللهَ ورسولَه)) [متفق عليه]
    = وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11]
    13- ما رُتِّب على تركه عدمُ الاعتدادِ بالعملِ
    أمثلة:قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ)) [متفقٌ عليه من حديث عُبادة بنِ الصَّامت ]
    = وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا نكاحَ إلاَّ بوليٍّ )) [حديث صحيحٌ أخرجه أصحابُ السُّننِ وغيرهُمْ ].

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    قال: أشكل علىَّ قولُه: "إلا ما دلَّ الدليلُ".
    قلت: أيُّ شئ أشكل عليك في قوله هذا ؟
    قال: أين المستثنى وأين المستثنى منه ؟ وهل الاستثناء متصل أو منفصل ؟ لقد حاولت استخراج ذلك فلم أستطع.
    قلت:الاستثناء هنا منقطع، وبيانُه: أنه استثنى (الصيغة المقرونة بالقرينة) من (الصيغة المجردة منها)، وظاهر أن (الصيغة المقرونة) ليست داخلة في (الصيغة المجردة) فالاستثناء على هذا منقطع، فهو كقولك: (قام القومُ إلا حمارا) فالحمار ليس من جنس القوم؛ فلهذا يقال له استثناء منقطع.
    قال: ذكرتَ أن الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة وليس هذا بصحيح
    قلت:بل صحيح، وكأنك تعني أنه ليس شاملا.
    قال: نعم.
    قلت: الصحيح أن الأمر بعد الحظر يُرَدُّ إلى ما كان عليه قبل النهي؛ فإن كان واجبا رَدَّهُ واجبا وإن كان مستحبا فمستحب أو مباحا فمباح، وفي الآية الأمر بالاصطياد بعد النهي عنه حال الإحرام وقد كان مباحا قبل النهي فلهذا رجع بعد الحظر إلى الإباحة.
    قال: فما مثال الأمر الذي رجع إلى الوجوب بعد الحظر ؟
    قلت: مثاله: حديثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي» قَالَ: وَقَالَ أَبِي: «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ»1.
    فهنا حظر وهو ترك الصلاة وقت الحيضة وأمر بالصلاة بعد إدبارها والصلاة قبل امتناعها بالحيض كانت واجبة فبعد زوال الحظر رجع الأمر إلى الوجوب لا إلى الإباحة، والله أعلم.

    ______________________________ ________
    1- صحيح متفق عليه من حديث عائشة: رواه البخاري (228، 306، 320، 325، 331) ومسلم (333)

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    من مسائل الأمر

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    وَلَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ عَلَى الصَّحِيحِ، إِلَّا إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى قَصْدِ التَّكْرَارِ، وَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ.
    ______________________________ ____________________________

    (وَ): عاطفة على (الأمر) أي: الأمر كذا وصيغته كذا ولا يقتضي كذا. ويجوز أن تكون استئنافية.
    (لَا): نافية
    (يَقْتَضِي): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل، والفاعل مستتر جوازا تقديره (هو) يعود على (الأمر)


    (التَّكْرَارَ): مفعول به
    (عَلَى الصَّحِيحِ): متعلق بـ (يقتضي)، وأصل الكلام على حذف مضاف والتقدير: (على القول الصحيح).
    والجملة من الفعل والفاعل والمفعول وما تعلق بها معطوفة على جملة (الأمر استدعاء) إن جعلت الواو استئنافية، وفيه عطف الفعلية على الاسمية وهو جائز. أو استئنافية إن جعلت الواو استئنافية.
    (إِلَّا): أداة استثناء
    (إِذَا): ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط
    (دَلَّ): فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
    (الدَّلِيلُ): فاعل، والجملة في محل جر بإضافة (إذا) إليها.
    (عَلَى قَصْدِ): متعلق بـ (دَلَّ)، و(قصد) مضاف.
    (التَّكْرَارِ): مضاف إليه.
    (وَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ): يعرف إعرابه مما تقدم
    ٍ

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    المعنى:

    ذكر المصنف هنا مسألتين من مسائل الأمر :
    المسألة الأولى – أن الأمر المطلق (غير المقيد) لا يقتضي (التكرار) يعني: لا يقتضي أن تَفْعَلَهُ مَرَّةً بعد أخرى، وفي بعض النسخ (ولا المَرَّةَ) يعني: ولا يقتضي فعلَ المأمور به مرة واحدة، إلا إذا دل الدليل على قصد التكرار على القول الصحيح.
    وقوله: "على الصحيح"، مُقَابِلُهُ أن من العلماء من قال: (إن الأمر المطلق يقتضي التكرار) وهو قول مرجوح عند المصنف.
    مثال هذه المسألة: قراءة الفاتحة في الصلاة مأمور بها فلو كنت في صلاة سرية وأنت مأموم وقرأت الفاتحة وبقي عندك وقت هل تكرر قراءة الفاتحة؟ الجواب: لا؛ لأن الأمر لا يقتضي التكرار.
    أما إذا دل الدليل على قصد التكرار فإنا نحمله عليه للدليل وليس للأمر.
    أمثلة على ذلك:

    1- الأمر بالإيمان بالله
    2- الأمر بتقوى الله، فالإنسان مطالب بهذه الاعتقادات دائما كلما كان مدركا، والقرينة: أن هذه الاعتقادات لو خلا منها القلب لحل مكانها نقيضها؛ فلو خلا القلب من الإيمان لحل مكانه الكفر، فالإنسان مطالب بأن يبقى على إيمانه وعلى تقواه وعلى مراقبته لله عز وجل ما دام ذاكرا مدرِكًا.
    3- الصلوات الخمس: فهي تتكرر كل يوم، والقرينة النصوصُ التي وردت في وجوب تكرارها: كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة"
    4- تعليق الأمر على سبب فإذا تكرر السبب تكرر الوجوب: كالزنى سبب لوجوب الحد فمن زنى مرة فإنه يُحَدُّ، فإن زنى مرة ثانية فإنه يُحَدُّ مرة ثانية، وإن ثالثة فثالثة وهكذا.
    المسألة الثانية – أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، أي: المبادرة إلى الفعل في أول وقت يتمكن فيه من الفعل.
    واعلم أن بعض الأوامر تحتاج إلى وقت واستعداد حتى يتمكن الإنسان من فعلها: كالحج مثلا، فإذا بلغ الإنسان وعلم بوجوب الحج عليه وأراد أن يُؤَدِّيَهُ فلم يتمكن من ذلك فلا شئ عليه لأن الحج على المستطيع، وأما إن كان متمكنا من الفعل فأخره بدون عذر فهل يأثم بالتأخير أو لا؟ اختلف العلماء في ذلك لاختلافهم في مسألة الأمر المطلق هل يقتضي الفور أو لا؟
    فمَنْ ذهب إلى أنه يقتضي الفور قال: يأثم بالتأخير.
    ومَنْ ذهب إلى أنه لا يقتضي الفور كالمصنف وأكثر الشافعية قال: لا يأثم بالتأخير لكن لو مات قبل أن يحج مع استطاعته فإنه يأثم.
    مثال آخر: الكفارات والنذور: فإذا وجبت كفارةٌ على إنسان، أو نذر أن يفعل شيئا (ولم يقيدْهُ بوقت ولا مكان) كأن ينذر أن يصليَ مائةَ ركعةٍ لله (دون أن يقيدها بأن تكون في شهر كذا أو ليلا أو نهارا أو في مكان كذا ...الخ)هل يلزمه المبادرة ويأثم بالتأخير أو لا؟ هذا أيضا مبني على مسألة اقتضاء الأمر للفور: فمَنْ ذهب إلى أن الأمر يقتضي الفور قال: يأثم بالتأخير، ومن ذهب إلى أنه لا يقتضي الفور قال: لا يأثم.
    والله أعلم

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    [قال صاحبي]

    قال: بيِّن لي الاستثناء في قوله: "إلا إذا دل الدليل" هل هو متصل أو منقطع ؟
    قلت: أرى أن الاستثناء يصعب عليك كثيرا وهو باب صعب يحتاج إلى دربة فسأبينه لك؛ فاعلم أنه استثنى (التكرار حيث دل الدليل على قصده) من (الأمر المطلق الذي لا يقتضي التكرار) وظاهر أن (التكرار) ليس من جنس (الأمر) فالاستثناء هنا ...
    فبادرني قائلا: الاستثناء هنا منقطع لأن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه
    فضحكت وقلت له: أحسنت.
    قال: أين الدليلُ على أن الأمر يقتضي الوجوب ؟ فأنا أحسب أن في هذا تعسفا.
    قلت: ولِمَ ؟
    قال: لأني أجد كثيرا من الأوامر الشرعية لا تقتضي الوجوب.
    قلت: أنا لم أقل: إن الأمر يقتضي الوجوب.
    قال: الآن ترجع عما قلتَ، بل قلتَه وكتبتَه، ورجوعُكَ هذا دليل على ما ظهر لي وهو أن الأمر لا يقتضي الوجوب، و...
    قلت: حسبك، أنَّى يُذْهَبُ بك؟ لقد قلتُ لك: إني لم أقل: إن الأمر يقتضي الوجوب.
    قال: فما قلتَ ؟
    قلت: ما قلتُه هو: أن الأمر المطلق يقتضي الوجوب، وفَرْقٌ بيْن (الأمر) و(الأمر المطلق): فالأول يشمل:
    (1)- الأمر المطلق الذي يفيد الوجوب
    (2)- والأمر المقيد المقترن بقرينة تصرفه عن الوجوب
    فتدبر ولا تعجل.
    قال: فقد قلتَ: الأمر لا يقتضي التكرار ولا المرة، فكيف ذلك؟! هذا معناه أنه لا يقتضي شيئا!
    قلت: ليس الأمر على ما فهمتَ بل المراد أن الأمر لا يدل على خصوص واحد منهما فلا يحمل على التكرار ولا على المرة، وإنما هو لطلب الماهية، ولكن المرة ضرورية؛ إذ لا يوجد تحصيلُ (المأمورِ به) بأقل منها؛ فتجب المَرَّة والأصل براءة الذمة مما زاد عليها.

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    ما لا يتم الواجب إلا به

    وَالْأَمْرُ بِإِيجَادِ الْفِعْلِ أَمْرٌ بِهِ، وَبِمَا لَا يَتِمُّ الْفِعْلُ إلَّا بِهِ: كَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ أَمْرٌ بِالطَّهَارَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَيهَا. وَإِذَا فُعِلَ يَخْرُجُ الْمَأْمُورُ عَنِ الْعُهْدَةِ.

    ______________________________ ___________

    (وَ): استئنافية
    (الْأَمْرُ): مبتدأ
    (بِإِيجَادِ): متعلق بـ (الأمر) أو بمحذوف صفة له أي (الأمر الكائن بإيجاد الفعل) أو حال منه أي: (الأمر في حال كونه ثابتا بإيجاد الفعل).
    و(إيجاد) مضاف
    (الْفِعْلِ): مضاف إليه.
    (أَمْرٌ): خبر
    (بِهِ): متعلق بالخبر (أمر)
    (وَ): عاطفة
    (بِمَا): معطوف على (به)، و(ما) هنا موصولة بمعنى الذي.
    (لَا): نافية
    (يَتِمُّ): فعل مضارع مرفوع
    (الْفِعْلُ): فاعل
    (إلَّا): أداة حصر
    (بِهِ): متعلق بـ (يَتِمّ) والجملة من الفعل والفاعل وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب صلة الموصول والعائد هو الضمير في (به).
    (كَالْأَمْرِ): متعلق بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: (وذلك كائن كالأمر) فـ (ذلك) مبتدأ و(كائن) خبر و(كالأمر) متعلق بالخبر
    ويصح أن تكون الكافُ اسما بمعنى (مِثْل) وتكون في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف أي: (وذلك مثلُ) وهي (أي الكاف) مضاف والجملة بعدها مضاف إليه، وعلى هذا يقرأ (الأمر) من قوله: "كالأمر بالصلاة" بالرفع لأنه يكون مبتدأ، خبره (أَمْرٌ بالطهارة) ويكون معنى الجميع: (وذلك مثلُ هذه الجملةِ: الأمرُ بالصلاةِ أمْرٌ بالطهارةِ ...الخ) وهذا وجْهٌ حسنٌ إن لم يكن أحسن فتأمله
    (بِالصَّلَاةِ): متعلق بـ (الأمر) أو بمحذوف صفة له أي: (كالأمر الكائن بالصلاة) أو حال منه أي (الأمر في حال كونه ثابتا بالصلاة).
    (أَمْرٌ): خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: (فهو أمر)
    (بِالطَّهَارَةِ) : مثل (بالصلاة)
    (الْمُؤَدِّيَةِ) : نعت لـ (الطهارة) ونعت المجرور مجرور
    (إِلَيهَا): متعلق بـ (المؤدية)
    (وَ): استئنافية
    (إِذَا): ظرف لما يستقبل من الزمان
    (فُعِلَ): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على (الفعل المأمور به) المفهوم من السياق، أي: وإذا فَعَلَ المكلفُ الفعلَ المأمورَ به على الوجه المطلوب منه شرعا فإنه يخرج عن العهدة، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر بإضافة (إذا) إليها.
    (يَخْرُجُ): فعل مضارع مرفوع لأنه جواب شرط غير جازم
    (الْمَأْمُورُ): فاعل وأصله صفة لموصوف محذوف والتقدير (يخرج الشخص المأمور)، والجملة لا محل لها من الإعراب جواب الشرط
    (عَنِ الْعُهْدَةِ): متعلق بـ (يخرج)

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    المعنى:

    ما لا يَتِمُّ الأمر إلا به فهو مأمور به
    وإذا فَعَلَ المكلفُ الفعلَ المأمور به على الوجه الصحيح فإنه – أي الشخص المأمور – يخرج عن العهدة أي: يخرج عن المطالبة بالفعل مرة أخرى.
    مثال: قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ}:
    = فالصلاة مأمور بها
    = ولا تتم الصلاة إلا بالطهارة
    = وما لايتم (المأمورُ به) إلا به فهو مأمور به أي أن الطهارة مأمور بها لتتم الصلاة على الوجه الصحيح المأمور به،
    فالمكلف إذا أدى الصلاة بشروطها وأركانها لم يطالَب بإعادتها مرة أخرى
    أما إذا لم يؤدها على الوجه المأمور به كأن ترك شيئا من أركانها أو شروطها التي لا تتم الصلاة إلا بها لم يخرج عن العهدة بل يطالب بإعادتها مرة أخرى.

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    [قال صاحبي]

    قال: هل قاعدة (ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به) مثل قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ؟
    قلت: ليست مثلَها
    قال: فما الفرق بينهما ؟
    قلت: لا فرق
    فنظر إليَّ متعجبا
    فقلت: هما سواء، لا فرق بينهما، فهذه القاعدة هي نفسها الأخرى، ولكن بعض العلماء يذكرها بلفظ: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) وهو الغالب، وبعضهم يذكرها بلفظ: (ما لا يتم المأمورُ به إلا به فهو مأمور به)
    قال: فهلا شرحت لي هذه القاعدة مع ضرب بعض الأمثلة
    قلت: اعلم أن ما يتوقَّفُ عليه الإتيانُ بالواجبِ، وهوَ مقدِّمتُهُ الَّتي ينبنِي عليها تحصلُهُ، يرجعُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
    [1] ما لا يدخُلُ تحتَ قُدرةِ العبدِ.
    مثلُ: زوالِ الشَّمسِ لوجوبِ صلاةِ الظُّهرِ، فهذهِ مقدِّمةٌ لا تَتِمُّ صلاةُ الظُّهرِ إلاَّ بها لكنَّها ليستْ تحتَ قُدرَةِ المُكلَّفِ.
    فهذا القِسمُ لا يندرجُ تحتَ المسألةِ المذكورةِ.
    [2] ما يدخُلُ تحتَ قُدرةِ المكلَّفِ لكنَّهُ غيرُ مأمورٍ بتحصِيلِهِ.
    مثلُ: بُلوغِ النِّصابِ لوجوبِ الزَّكاةِ، والاستطاعَةِ لوُجوبِ الحجِّ، فإنَّه تحتَ قُدرتِه أن يجمعَ النِّصابَ، وأن يكتسِب لِيُحقِّق الاستِطاعةَ للحجِّ، لكنَّ ذلكَ لا يجبُ عليهِ.
    فهذا لا يدخلُ أيضًا تحتَ المسألةِ المذكورَةِ.
    [3]ما يدخُل تحتَ قُدرَةِ المكلَّفِ وهو مأمورٌ بتحصِيلِهِ.
    مثلُ: الطَّهارةِ للصَّلاَةِ، والسَّعيِ للجُمُعَةِ، فهذا يجبُ عليهِ الإتيانُ بهِ، وهو المقصودُ بالقاعدَةِ.
    ومن هذا التقسيمِ يُلاحظُ أنَّ هذهِ المسألةَ ليستْ قاعدَةً لإثباتِ وُجوبِ ما لم يرِدْ بِوُجوبهِ دليلٌ، إنما هي مسألةٌ قُسِّمتْ عليهَا مقدِّماتُ الوَاجبِ، أمَّا أن يُقالَ: تثبُتُ بها واجباتٌ لا دليلَ عليها إلاَّ هذه الجُملةِ فهذا ما لا وجودَ لهُ على التَّحقيقِ.
    قال: أرأيت قوله: "وإذا فُعِلَ خرج المأمور عن العهدة" فهذا يعني أن غايةَ العبادة امتثالُ الأمر؛ فمَنْ ظن الطهارة وصلَّى ثم بان محدِثا صحتْ صلاتُهُ وخرج عن العهدة؛ لأنه امتثل الأمر بإتيانه بالصلاة.
    قلت: الأمرُ أن يأتي بالصلاة مكتملة الشروط والأركان وهنا لم يأت بشروطها، فالصلاة لا تسمى صلاة بدون طهارة؛ ولهذا لم يخرج عن العهدة.
    قال: فقد قال الأصوليون في هذه الصورة: صلاته صحيحة
    قلت: وقع الخلاف بين الأصوليين والفقهاءِ هنا ولكنه خلاف لفظي:
    - فقال الأصوليون: غاية العبادة امتثال الأمر
    - وقال الفقهاء: غاية العبادة سقوطها عن المكلف، يعني امتثال الأمر على وجه يندفع به القضاء.
    فزاد الفقهاء عن الأصوليين: اندفاع القضاء
    قال: فقد زعمتَ أن الخلاف بينهما لفظيٌّ فكيف ذلك؟ والأصوليون يقولون في هذه الصورة: صلاته صحيحة، والفقهاء يقولون: صلاته غير صحيحة!
    قلت: كلٌّ من الأصوليين والفقهاء يقولون بوجوب إعادة الصلاة في هذه الصورة وأمثالِها ولكن الخلاف في وصف هذه الصلاة قبل الإعادة فالأصوليون يقولون: صلاته صحيحة لامتثاله الأمر ولكن تجب عليه الإعادة لوجود خلل في بعض الشروط.
    والفقهاء يقولون: صلاته غير صحيحة لوجوب القضاء عليه وأما امتثاله الأمرَ بأداء الصلاة فإنه لم يكن على وجه يندفع به القضاء.
    فظهر بهذا أن الخلاف بين الفريقين إنما هو في وصف العبادة قبل الإعادة وهذا خلاف لفظي غير مؤثر لاتفاقهما على وجوب الإعادة، فتأمل.

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    قال المصنف رحمه الله تعالى
    [الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَا لَا يَدْخُلُ]
    يَدْخُلُ فِي خِطَابِ اللهِ تَعَالَى الْمُؤْمِنُونَ.
    وَالسَّاهِي وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي الْخِطَابِ.

    ______________________________ ________

    (الَّذِي): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف على تقدير مضاف وأصل الكلام: (هذا باب الذي يدخل في الأمر ... الخ)، ويجوز كونه مبتدأ والخبر محذوف على تقدير مضاف أيضا والتقدير: (باب الذي يدخل في الأمر الخ هذا موضعه)
    (يَدْخُلُ): فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على (الذي) وهو العائد، والجملة من الفعل والفاعل وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
    (فِي الْأَمْرِ): متعلق بـ (يدخل)
    (وَالنَّهْيِ): معطوف على الأمر
    (وَ): عاطفة
    (مَا): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع معطوف على (الذي)
    (لَا): نافية حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب
    (يَدْخُلُ): فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على (ما) وهو العائد والجملة لا محل لها من الإعراب صلة (ما)، وحُذِفَ الجار والمجرور لدلالة ما قبله عليه أي: (وما لا يدخل فيهما أي في الأمر والنهي)


    (يَدْخُلُ): فعل مضارع مرفوع
    (فِي خِطَابِ): متعلق بـ (يدخل) و(خطاب) مضاف
    (اللهِ): اسم الجلالة مضاف إليه
    (تَعَالَى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره التعذر، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على اسم الجلالة والمفعول به محذوف للعلم به والتقدير (تعالى الله عن النقائص) والجملة لا محل لها من الإعراب استئنافية.
    (الْمُؤْمِنُونَ) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم


    (وَ): استئنافية
    (السَّاهِي): مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل
    (وَ): عاطفة
    (الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ): معطوفان على الساهي
    (غَيْرُ): خبر مرفوع، و(غير) مضاف
    (دَاخِلِينَ): مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم
    (فِي الْخِطَابِ): متعلق بـ (داخلين)
    وجملة (الساهي .. غيرُ ..) لا محل لها من الإعراب استئنافية

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    المعنى:

    ذَكَرَ المصنف هنا ترجمةً (عنوانا) لهذا الباب بقوله: "الذي يدخل ... وما لا يدخل"
    والمراد بـ (خطاب الله): الخطاب التكليفي المتضمن لطلب الفعل أو الترك كقوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ} [البقرة: 43] وقوله: {وَلَا تَقْرَبُواْ الزِّنَا} [الإسراء: 32]
    و(الساهي): مأخوذ من السهو وهو نسيان الشيء والغفلة عنه وذهاب القلب إلى غيره.
    فمعنى الترجمة (العنوان):باب بيان من يتناوله خطاب التكليف ومَنْ لا يتناوله، والقصد بيان المكلف من غيره.
    ثم بيَّنَ ذلك بقوله: "يدخل في خطاب الله المؤمنون" أي أن كل المؤمنين يدخلون في خطاب الله تعالى التكليفي ثم استثنى من المؤمنين بعض الأصناف التي لا تدخل في خطاب الأمر والنهي وهم ثلاثة أصناف:
    (1- الساهي)
    (2- الصبي)
    (3- المجنون)،
    فمقابل المجنون (العاقل)، ومقابل الصبي (البالغ)، ومقابل الساهي (الذاكر المنتبه)
    فصار حَدُّ المكلف: المسلم البالغ العاقل المنتبه،
    فأما غير المسلم فيأتي في الفصل الآتي
    وأما الصبي والمجنون فهما غيرُ مكلَّفَيْنِ بالنص وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ, وعن المبتلى حتى يبرأ (وفى رواية: وعن المجنون (وفى لفظ: المعتوه) حتى يعقل أو يفيق) وعن الصبى حتى يكبر. (وفى رواية: حتى يحتلم) "1.
    وأما السهو والنسيان فمن عوارض الأهلية فالساهي حال سهوه غير مطالَبٍ بأمر ولا نهي فإذا انتبه صار مُكَلَّفا مخاطَبا
    ______________________________ _________________________

    1-صحيح: رواه أبو داود (4398) والسياق له والنسائى (2/100) وله الرواية الثانية , والدارمى (2/171) وله الرواية الثالثة وابن ماجه (2041) وابن حبان (1496) وابن الجارود فى " المنتقى " (ص 77) والحاكم (2/59) وأحمد (6/100 ـ 101 , 101 , 144) وأبو يعلى (ق 208/1) عن حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عنها مرفوعا، كذا ذكره الإمام الألباني في إرواء الغليل (297).

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    [قال صاحبي]

    قال: لماذا قال في الترجمة: (الذي يدخل ... وما لا يدخل) فاستعمل (ما) التي لغير العاقل وأطلقها على المكلَّف العاقل؟
    قلت: الجواب عليه من وجوه:
    أحدها – أنه نَزَّلَهُ منزلة غير العاقل ليوافق صفات غير العاقل المذكورة (المجنون).
    ثانيها- التنبيه على أن مَنْ لم يدخل في خطاب التكليف فليس في حكم ذوي العقول.
    ثالثها – أن (ما) واقعة على صفات مَنْ يعقل كالنساء في قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَآءِ} [النساء: 3] فقيل: (ما) هنا واقعة على النوع أي: فانكحوا النوع الطيب من النساء، وكذا ما هنا فيكون المعنى: والنوع الذي لا يدخل في الأمر والنهي.
    رابعها – أن (ما) تستعمل في العاقل قليلا وهذا منه.
    قال: لو وضع المصنف هذا الباب بعد باب النهي كان أحسن
    قلت: نعم، أظن ذلك؛ لأن هذا الباب يتعلق بالبابين (الأمر والنهي) جميعا، فلو وضعه بعدهما كان أنسب
    قال: لماذا عبر بجمع الذكور في قوله: "يدخل ... المؤمنون" ولم يقل: (والمؤمنات)؟
    قلت: فما تقول أنت ؟
    قال: أقول: عاملهن معاملة غير العقلاء لنقصان عقلهن
    قلت: أحسنت .. لو قلت: لا أدري.
    قال: ولِمَ ؟ أَلَسْنَ ناقصات عقل ودين؟
    قلت: بلى، فكان ماذا؟
    قال: لا أدري
    قلت: لو قلتها من البداية لأرحتنا؛ إذ على قولك تصير النساء غير مكلفات
    قال: فلماذا ترك ذكرهنَّ وهن مكلفات كالرجال ؟
    قلت: الجواب عنه من وجوه:
    الأول – أنه من باب التغليب فاقتصر على ذكر أشرف النوعين
    الثاني – أنه على ظاهره، وأحال حكم الإناث على المقايسة أي أنهن يدخلن في الخطاب بطريق القياس والتبع[1].
    الثالث – أن يقدّر موصوفا شاملا للذكور والإناث أي: الأشخاص المؤمنون[2].
    قال: ألم تزعم أن الصبي والمجنونَ غيرُ مكلفَيْنِ؟
    قلت: بلى
    قال: ألا تعلم أن الزكاة واجبة في ماليهما، وكذا أروش الجنايات وقِيَم المُتْلَفات؟
    قلت: بلى
    قال: أليس هذا تناقضا؟
    قلت: نعم، ليس تناقضا
    قال:ولِمَ ؟
    قلت: لانفكاك الجهة
    قال: كيف ذلك ؟
    قلت: ما هنا خطاب تكليف، وما هناك خطاب وضع
    قال: تزعم أنك تُذَلِّلُ العقبات، والواقع أنك تُكَثِّرُها، فهلَّا حَلَلْتَ هذا التناقض الذي ذكرتُه لك بأبسط من هذا
    قلت: أفعل إن شاء الله ولكن في اللقاء القادم
    ______________________________ _________
    [1] الشرح الكبير على الورقات لابن قاسم: 192.
    [2] حاشية السوسي على قرة العين: 84- 85.

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    قلت: قد ذكرت لك آنفا أن المراد بـ (خطاب الله) هنا هو (خطاب التكليف) المتضمن لطلب الفعل أو الترك
    قال: نعم
    قلت: وأما (خطاب الوضع) فقد سبق وهو جعل الشيء سببا لشيء أو شرطا له أو مانعا منه ... الخ.
    فمن جهة التكليف: (الأمر والنهي) لا يؤمران بالزكاة ولا بقيمة المتلفات ونحو ذلك، وإنما المأمور بذلك وليهما.
    وأما من جهة (خطاب الوضع) فاعلم:
    أولا - أنه لا يشترط فيه التكليف بالبلوغ والعقل
    ثانيا - أن الشارع قد ربط الأحكام بأسبابها أي: وضع أسبابا تقتضي أحكاما تترتب عليها تحقيقا للعدل في خلقه ورعاية لمصالح العباد، فمتى وُجِدَ السببُ وُجِدَ الحكم، فإذا وُجِدَ النصابُ وجبت الزكاةُ سواء كان النصاب لبالغ أو لصبي، لعاقل أو لغير عاقل، وكذا إذا وجد الإتلاف وجب الضمان إذا لم يرض صاحب الحق بإسقاط حقه[1].
    قال: فما تقول في قوله صلى الله عليه وسلم : "مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين؛ وفرِّقوا بينهم في المضاجع." أليس هذا أمرا للصبي؟
    قلت: نعم، ليس أمرا للصبي
    قال: ولِمَ ؟ أليس لفظ (مُرُوا) من ألفاظ الأمر كما سبق في بحث (صيغة الأمر)؟
    قلت: بلى، هو من ألفاظ الأمر
    قال: فمَهْ ؟
    قلت: هل لفظ (مُرُوا) مُوَجَّهٌ للصبيان (الأولاد)؟
    فسكت ونظر لأعلى متأملا كأنه كان غافلا عن هذه الحقيقة ثم قال وهو في هذه الحال: لا، ليس اللفظ موجها للأولاد بل لأولياء أمورهم.
    قلت: أحسنت، وقد قال العراقي في طرح التثريب: "الصبيان ليسوا محلا للتكليف فلا يأمرهم الشارع بشيء، وإنما يأمرهم الأولياءُ بذلك على طريق التمرين كسائر ما يُرَبُّونَهُم عليه"[2].
    قال: دعنا من الصبي والمجنون وأخبرني عن الساهي؛ أليس سجود السهو مشروعا له؟
    قلت: بلى
    قال: أليس إن أتلف شيئا حال سهوه ضمنه؟
    قلت: بلى
    قال: فهذا تكليف له
    قلت: لا، ليس هذا تكليفا للساهي بل أمر له بعد ذهاب السهو عنه بتدارك ما فاته أو جبر ما أتلفه[3].
    قال: كأني عرفت شرط التكليف مما سبق
    قلت: وما هو؟
    قال: شرط التكليف: فهمُ الخطاب وقوة حمله
    قلت له: أحسنت؛ فقد قال العلماء: الساهي والمجنون لا يفهمان، والصبي ليس له الطاقة[4].
    قال: وأزيدك هنا أن الساهي يدخل فيه: الناسي والمخطئ والنائم.
    قلت: أحسنت
    قال: وأزيدك أيضا أن بعض العلماء ذهب إلى أن الصبي ليس كالمجنون؛ فالصبي يمكن أن يتوجه إليه خطاب الندب والكراهة، فما يفعله من الأمور الواجبة على البالغين يسمى في حقه ندبا ويثاب عليه، وما يكون من المحرمات والمكروهات يكون بمثابة المكروه في حقه يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله.
    قلت: ما شاء الله، أحسنت.

    ______________________________ ____________________
    [1] شرح الفوزان 50.
    [2] طرح التثريب في شرح التقريب: 7/ 87 ط. دار إحياء التراث العربي
    [3] شرح الورقات لابن الفركاح: 149، والتحقيقات لابن قاوان: 206.
    [4] التحقيقات لابن قاوان: 205.

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    [الكفار مخاطبون بفروع الشريعة]
    قال المصنف

    وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ، وَبِمَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهِ: وَهُوَ الْإِسْلَامُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42 - 43]
    ______________________________ __________

    (وَ): استئنافية
    (الْكُفَّارُ): مبتدأ
    (مُخَاطَبُونَ): خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم
    (بِفُرُوعِ): متعلق بـ (مخاطبون)، و(فروع) مضاف
    (الشَّرَائِعِ): مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة
    (وَ): عاطفة
    (بِمَا): الباء حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، و(ما) اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل جر، والجار والمجرور معطوف على (بفروع)
    (لَا): نافية
    (تَصِحُّ): فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر تقديره هي يعود على (فروع الشرائع)
    (إِلَّا): أداة حصر
    (بِهِ): الجار والمجرور متعلق بـ (تصح)
    (وَ): للاستئناف البياني فكأن سائلا سأله: وما الذي لا تصح إلا به؟ فقال: وهو الإسلام.
    (هُوَ): مبتدأ
    (الْإِسْلَامُ): خبر
    (لِقَوْلِهِ): (اللام): حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، (قول): مجرور باللام وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: وذلك كائن لقوله، و(قول) مضاف و(الهاء) ضمير مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه
    (تَعَالَى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره التعذر، والفاعل مستتر تقديره هو يعود على اسم الجلالة وإن لم يجر له ذكر في الكلام لكنه معلوم من السياق.
    والجملة استئنافية لا محل لها من الإعراب
    {مَا}: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
    {سَلَكَكُمْ}: (سلك): فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر جوازا يعود على (ما)، و(الكاف) ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به، و(الميم) علامة جمع الذكور حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وجملة (سلككم) من الفعل والفاعل وما تعلق بهما في محل رفع خبر (ما)
    {فِي}: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب
    {سَقَرَ}: اسم مجرور بـ (في) وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بالفعل {سَلَكَ} من {سَلَكَكُمْ}.
    {قَالُوا}: (قال) فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، و(الواو) ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل
    {لَمْ}: حرف نفي وجزم وقلب
    {نَكُ}: فعل مضارع من (كان)الناقصة مجزوم بـ (لم) وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره وهو النون المحذوفة تخفيفا لكثرة الاستعمال والأصل (نَكُونْ) فالتقى ساكنان: (الواو والنون) فحذفت الواو لأنها حرف علة فصار (نَكُنْ) ثم حذفت النون تخفيفا لكثرة الاستعمال فصار (نَكُ)، واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره (نحن).
    {مِنَ الْمُصَلِّينَ}: الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر (نَكُ)
    وجملة {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} في محل نصب مقول القول

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,730

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا شيخنا
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    وجزاكم الله خيرا

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    المعنى:

    = اتفق العلماء على أن الكفار:
    1- مخاطبون بأصل الإسلام وهو الإيمان.
    2- ومخاطبون بالمعاملات كالبيع والشراء والإجارة والرهن ونحوها
    3- ومخاطبون بالعقوبات كالحدود والقصاص.
    قال أبو إسحاق الإسفراييني: "لا خلاف أن خطاب الزواجر من الزنا والقذف يتوجه على الكفار كما يتوجه على المسلمين."،
    وقال السرخسي: "لا خلاف في أنهم مخاطبون بالإيمان والعقوبات والمعاملات في الدنيا والآخرة."[1]


    = وأما فروع الشريعة (والمراد بها: الأحكام العملية من الأوامر: كالصلاة والزكاة، والنواهي: كالزنا وشرب الخمر) فقد اختلفوا فيها على مذاهب:


    الأول- أنهم مخاطبون بفروع الشرائع كما ذكره المصنف وهو مذهب الشافعي وأصح الروايتين عن أحمد ومذهب المالكية وبعض الحنفية كأبي بكر الرازي ومذهب أهل الحديث وأكثر المعتزلة وهو الصحيح[2]،
    لكن هذا الخطاب مشروط بالإسلام فهم مخاطبون بالفروع وبما لا تتم إلا به وهو الإسلام.


    الثاني- أنهم ليسوا مكلفين بالفروع وبه قال جمهور الحنفية وهو رواية عن أحمد وإليه ذهب الشيخ أبو حامد الاسفراييني من الشافعية وعبد الجبار من المعتزلة، وابن خويز منداد المالكي، وقال الإبياري: إنه ظاهر مذهب مالك.


    الثالث- أنهم مكلفون بالنواهي دون الأوامر واحتجوا بأن الكافر يتصور منه الانتهاء عن المنهيات في حالة الكفر بخلاف العبادات فعلم أنهم لم يكونوا مخاطبين بها.


    الرابع- أنهم مكلفون بالأوامر فقط دون النواهي قال الزركشي: "ولعله انقلب مما قبله ويرده الإجماع السابق على تكليفهم بالنواهي".


    الخامس- أن المرتد مكلف دون الكافر الأصلي.


    السادس- أنهم مكلفون بما عدا الجهاد، أما الجهاد فلا؛ لامتناع قتالهم أنفسهم


    السابع- التوقف حكاه الشيخ أبو حامد الاسفراييني عن الأشعري، وحكاه سليم الرازي عن بعض الأشعرية


    الثامن- وهو وجه خرَّجه الزركشي من تصرفات الأصحاب في الفروع وهو التفصيل بين الحربي وغيره فالحربي غير مكلف بالفروع وأما غيره فمكلف بها[3]
    ______________________________ _____________

    [1] إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر 2/ 146 د. عبد الكريم النملة ط. دار العاصمة، والبحر المحيط للزركشي 400 ت. عبد القادر عبدالله العاني ط. وزارة الأوقاف بالكويت
    [2] التحقيقات والتنقيحات السلفيات لمشهور حسن آل سلمان 154- 155.
    [3] البحر المحيط للزركشي 398- 403.

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,401

    افتراضي

    [قال صاحبي]

    قال: لماذا وَقَعَ الإجماعُ على أن الكفار مخاطبون بالإسلام دون الفروع؟
    قلت: لأن الإسلام يُخْرِجُ من الكفر الموجبِ للخلود في النار ولا كذلك الفروع.
    ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثَ إلى الناس كافة ليدعوَهم إلى الإيمان، فلو لم يكونوا مخاطَبين بالإسلام لم يكن للرسالة فائدة وكان إرسال الرسل عبثا.
    ولأن مناط التكليف - وهو البلوغ والعقل - متحقق فيهم.
    قال: هل يثاب الكافر لو صلَّى أو زكَّى أو فعل غير ذلك من فروع الإسلام؟
    قلت: لا
    قال: فما فائدة خطابهم بهذه الفروع ؟
    قلت: لكى يعذبوا في الآخرة على تركها كما يعذبون على ترك الإيمان.
    قال:أفهم من هذا أن فائدة خطابهم بها أخرويةٌ فقط
    قلت: يقال هذا، ولكن الصحيح أن ثمت فوائد دنيوية أيضا مترتبة على خطابهم بالفروع منها:
    1- تنفيذُ طلاقِ الكافرِ وعتقِه وظهارِه، وإلزامُه الكفارة.
    2- ومنها: إذا قتل الحربيُّ مسلمًا ففي وجوب القَوَد أو الديةِ خلافٌ مبنيٌّ على الاختلاف في خطابهم بالفروع
    3- ومنها: هل يجوز تمكينُ الكافرِ الجنبِ من دخول المسجد أوْ لا؟ فيه خلاف كذلك مبني على هذه المسألة
    4- ومنها: تحريم ثمن الخمر عليهم كما نص عليه الشافعي
    5- ومنها: أنهم هل يُقْطَعون في السرقة ويقتلون في الحرابة حدًّا أم غير حد؟ فمن ذهب إلى أنهم غير مكلفين بالفروع قال: إنهم يقطعون في السرقة ويقتلون في الحرابة من باب الدَّفْعِ فهو تعزيرٌ لا حدٌّ؛ لأن الحدود كفارات لأهلها وليست هذه كفارات
    6- ومنها: إذا دخل الكافرُ مكةَ فأسلم وأحرم فهل عليه دمٌ لِتَرْكِ الميقات أو لا؟
    قال الشافعي: عليه دم؛ لأنه مخاطَب بالفروع، فبَعْدَ الإسلام يستأنف الفرائض من يوم أسلم غير أنه لا يؤمر بإعادة ما فرَّطَ فيه في الشرك منها.
    وقال محمد بن الحسن: ليس عليه دم لترك الميقات؛ لأنه لم يكن عليه؛ حيث إنه غير مخاطب بالفروع
    7- ومنها: هل يحل للمسلم أن يطأ زوجته النصرانيةَ إذا خرجتْ من الحيض قبل أن تغتسل ويمضي عليها وقت صلاة؟ فيه خلاف مبني على هذه المسألة:
    فمن قال: (إنهم مخاطبون بالفروع) قال: يجب أن تغتسل أوَّلًا
    ومن قال: (إنهم غير مخاطبين بالفروع) قال: لا يجب أن تغتسل لأنها غير مأمورة بذلك
    قال: لقد تفكرت فلم أجدْ إلا أن الكافر ليس أهلا للعبادة؛ لأنه لا يثاب، فلمَّا لم يكن من أهل الثواب لم يكن من أهل الخطاب.
    قلت: نُكْمِلُ في اللقاء القادم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •