تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 154

الموضوع: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع

  1. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    القاعدة التاسعة والثلاثون:
    ((إذا جاءنا نص عام، ثم ورد تخصيصه فإنه يتقيد بالصورة التي ورد بها النص فقط))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وهذه قاعدة مهمة: إذا جاءنا نص عام، ثم ورد تخصيصه فإنه يتقيد ـ أي التخصيص ـ بالصورة التي ورد بها النص فقط.
    مثلًا: وردت إباحة الدف في موضعه، فهل يمكن أن يقول قائل: إذًا جميع آلات العزف تباح في مثل هذه المناسبات قياساً على الدف؟
    الجواب: لا يصح؛ لأن التخصيص إذا ورد يجب أن يكون في الصورة المعينة التي ورد بها، ولا يمكن أن تقاس بقية المعازف على الدف؛ لأنها أشد تأثيرًا من الدف؛ وذلك لأصواتها ورناتها، والنفوس تطرب بها أكثر مما تطرب بالدف))اهـ([2]).
    اختلف الأصوليين في دلالة العام على استغراق أفراده هل هي دلالة قطعية أم ظنية؟ فاختلفوا في ذلك قبل أن يرد التخصيص فمنهم من قال أن دلالة العام على عموم أفراده قطعية، ومنهم من قال أن دلالة العام على عموم أفراده ظنية، لكنهم اتفقوا أن دلالة العام بعد ورود التخصيص على عمومية أفراده الخارجين عن التخصيص دلالة ظنية.

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله عمر المصري مشاهدة المشاركة

    ما هو الضابط الذي يجعلنا يقول " الضرورات تبيح المحظورات وهذه حاجة وليست ضرورة فلا يُباح لها المحظور " ومتى يقال " الضرورات تبيح المحظورات وهذه حاجة والحاجة تنزل منزلة الضرورة ؟ " ؟

    إذ أن هاتين القاعدتين يلزم منهما لا محالة أحد أمرين :
    إما اختفاء وجه التفرقة بين الضرورة والحاجة وأن كلتاهما واحد
    وإما أن التقسيم على التحقيق أربعة مراتب: ضرورة، حاجة تنزل منزلة الضرورة، حاجة لا تنزل منزلة الضرورة، تحسينيات.

    فأيهما الصواب ؟
    نعم، الحاجة أحيانًا تنزل منزلة الضرورة، ومقصد الأصوليين من قولهم: (الضرورات تبيح المحظورات) شمول الحاجة التي تبلغ مبلغ الضرورة؛ مثل المرض الخفيف الذي لا يكون ضرورة ثم يشتد فيصير ضرورة.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الأربعون:
    ((مَن فعل شيئاً على وَجْهٍ صحيحٍ بمقتضى الدَّليلِ الشَّرعي، فإنَّه لا يمكن إبطالُه إلا بدليلٍ شرعيٍّ))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((ليس هناك شيءٌ تَبطلُ به صلاةُ المأموم ببطلان صلاة الإمام على القول الرَّاجح؛ إلا فيما يقوم فيه الإمامُ مقامَ المأموم، والذي يقوم فيه الإمامُ مقامَ المأموم هو الذي إذا اختلَّ اختلت بسببه صلاةُ المأموم؛ لأنَّ ذلك الفعل من الإمام للإمام وللمأمومين؛ مثل: السُّترة؛ فالسُّترة للإمام سُتْرَة لمن خلفه، فإذا مرَّت امرأة بين الإمام وسُترته بطلت صلاة الإمام وبطلت صلاة المأموم؛ لأنَّ هذه السُّترة مشتركة، ولهذا لا نأمر المأموم أن يتَّخِذَ سُترة، بل لو اتَّخذ سُترة لعُدَّ متنطِّعًا مبتدعًا، فصار انتهاك السُّترة في حَقِّ الإمام انتهاكًا في حَقِّ المأموم، فبطلت صلاة المأموم كما بطلت صلاة الإمام.
    وهنا قاعدة مهمَّة وهي: أنَّ من دخل في عبادة فأدَّاها كما أُمِرَ؛ فإننا لا نُبْطِلُها إلا بدليل؛ لأن الأصلَ الصِّحةُ وإبراءُ الذِّمة؛ حتى يقوم دليل البطلان))اهـ([2]).
    وقال الشيخ -أيضًا - رحمه الله: ((رَجُلٌ استيقظَ مِن نومِه، فتوضَّأ وذهب يصلِّي إمامًا، وبعد انتهائِه مِن الصَّلاةِ رأى عليه أَثَرَ جنابةٍ، ولكن كان جاهلًا بها، فهنا نقول: المأمومون صلاتُهم صحيحةٌ، أما هو؛ فإنه يعيدُ الصلاةَ، فإنْ عَلِمَ هو أو أحدٌ مِن المأمومينَ في أثناءِ الصَّلاةِ، فالصَّلاةُ باطلةٌ.
    والصحيح في هذه المسألة: أنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ بكُلِّ حالٍ، إلا مَن عَلِمَ أنَّ الإِمامَ مُحدِثٌ.
    وذلك لأنهم كانوا جاهلين، فهم معذورون بالجهلِ، وليس بوسعِهم ولا بواجبٍ عليهم أن يسألوا إمامَهم: هل أنت على وُضُوءٍ أم لا؟ وهل عليك جنابةٌ أم لا؟ فإذا كان هذا لا يلزمُهم وصَلَّى بهم وهو يعلم أنه مُحدثٌ، فكيف تَبطلُ صلاتُهم؟!!
    وههنا قاعدةٌ مهمَّةٌ جدًّا وهي: «أنَّ مَن فَعَلَ شيئًا على وَجْهٍ صحيحٍ بمقتضى الدَّليلِ الشَّرعي، فإنَّه لا يمكن إبطالُه إلا بدليلٍ شرعيٍّ»؛ لأننا لو أبطلنا ما قامَ الدليلُ على صحَّتِهِ لكان في هذا قولٌ بلا عِلْمٍ على الشرعِ، وإعناةٌ للمكلف ومشقَّةٌ عليه، فهم فعلوا ما أُمِرُوا به مِن الاقتداء بهذا الإِمامِ، وما لم يكلَّفوا به فإنَّه لا يلزمهم حُكمه))اهـ([3]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (2/ 324)، (4/ 242).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (2/ 324).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (4/ 242).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الحادية والاربعون:
    ((ما ثَبَتَ في النَّفْلِ ثَبَتَ في الفرضِ إلا بدليل))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((لو انتقل المنفردُ إلى الإمامة في نَفْل فإن صلاته تصحُّ؛ والدَّليل على ذلك: أن ابن عباس رضي الله عنهما باتَ عند النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة، فقام النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم من الليل، فقام ابنُ عباس فوقف عن يساره، فأخذَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم برأسِهِ من ورائه فجعله عن يمينه، فانتقل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم هنا من انفراد إلى إمامة في نَفْل.
    وعلى هذا؛ فيكون في انتقال المنفرد من انفراد إلى إمامة في النَّفْلِ نصٌّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
    والقول الثاني في المسألة: أنه يصحُّ أن ينتقل من انفراد إلى إمامة في الفرض والنَّفْل.
    واستدلَّ هؤلاء: بأن ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلا بدليل، وهذا ثابتٌ في النَّفْل فيثبت في الفرض.
    والدَّليل على أن ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلا بدليل: أن الصَّحابة رضي الله عنهم الذين رَوَوْا أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يُصلِّي على راحلته في السَّفر حيثما توجَّهت به، قالوا: غير أنه لا يُصلِّي عليها الفريضة، فدلَّ هذا على أنه من المعلوم عندهم أن ما ثَبَتَ في النَّفل ثَبَتَ في الفرض، ولولا ذلك لم يكن لاستثناء الفريضة وجه.
    القول الثالث في المسألة: أنه لا يصحُّ أن ينتقل من انفراد إلى إمامة؛ لا في الفرض ولا في النَّفْل، كما لا يصحُّ أن ينتقل من انفراد إلى ائتمام لا في الفرض ولا في النَّفْل، وهذا هو المذهب، فيكون قول المؤلِّف هنا وسطًا بين القولين.
    ولكن الصحيح: أنه يصحُّ في الفرض والنَّفْل، أما النَّفْل فقد وَرَدَ به النَّصُّ كما سبق، وأما الفرض فلأن ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلا بدليل))اهـ([2]).
    وقال الشيخ – أيضًا – رحمه الله: ((لا يُكره جَمْعُ السُّور في الفرض، كما لا يُكره في النَّفل، يعني: أن يقرأ سورتين فأكثر بعد الفاتحة؛ والدليل: حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أنه صَلَّى مع النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلةٍ فقرأ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم سورة «البقرة» و «النساء»، و «آل عمران»؛ وهذا جمعٌ بين السُّور في النَّفل، وما جاز في النَّفل جاز في الفرض إلا بدليل، وما جاز في الفرض جاز في النَّفْل إلا بدليل، لأن الأصل تساويهما في الحُكم.
    والدليل على هذا الأصل: أن الصَّحابة لما حَكَوا صلاةَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم على راحلته في السَّفر وأنه يُوتر عليها قالوا: «غير أنه لا يُصلِّي عليها المكتوبة»، فلولا أن الفرض يُحذى به حذو النَّفل ما كان للاستثناء فائدة، فلما قالوا: «غير أنه لا يُصلِّي عليها المكتوبة»، علمنا أنهم فهموا أن ما ثَبَتَ في النَّفل؛ ثَبَتَ في الفرض، وإلا لَمَا احتيجَ إلى الاستثناء، وعلى هذا فنقول: إنه لا بأس أن يجمع الإنسانُ في الفَرْضِ بين سورتين فأكثر))اهـ([3]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (2/ 257)، (2/ 309)، (2/ 310)، (3/ 73)، (3/ 241، 242)، (3/ 262)، (3/ 288، 289)، (4/ 267)، (4/ 258).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (2/ 309، 310).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (3/ 240، 241).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الثانية والأربعون:
    ((فِعْلُ النبي صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب))
    ([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «أو أفاقَ مِنْ جُنُونٍ، أو إِغماءٍ»، هذا هو الثَّاني والثَّالث من الأغْسال المستحبَّة.
    والجنون: زوال العقل، ومنه الصَّرَعُ فإِنَّه نوع من الجُنُون.
    والإغماء: التَّغطية، ومنه الغَيْم الذي يُغطِّي السَّماء.
    فالإِغماء: تغطية العقل، وليس زواله، وله أسباب متعدِّدة منها: شِدَّة المَرضِ كما حَصَلَ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فإِنه في مَرَضِه أُغْمِيَ عليه ثم أفاق، فقال: أَصَلَّى الناسُ؟ قالوا: لا، وهم ينتظرونك، فأَمَرَ بماء في مِخْضَبٍ ـ وهو شبيه بالصَّحن ـ فاغتَسَلَ؛ فقام لِيَنُوءَ فأُغْمِيَ عليه مرَّة ثانية، فلما أفاق قال: أصلَّى الناسُ؟ قالوا: لا، وهم ينتظرونك»، الحديث.
    فهذا دليل على أنَّهُ يُغتسل للإِغماء، وليس على سبيل الوجوب، لأن فِعْلَهُ صلّى الله عليه وسلّم المجرَّد لا يدُلُّ على الوُجوب))اهـ([2]).
    وقال الشيخ – أيضًا - رحمه الله:
    ((مسألة: كيف يقرأُ السُّورة؟
    نقول: يقرؤها معربةً مرتَّبةً متواليةً، وينبغي أن يفصِلَ بين آياتِها، ويقفَ عند كلِّ آية، فيقف سبعَ مرَّات، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} فيقف {الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ} فيقف {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *} فيقف {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *} فيقف {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *} فيقف {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فيقف {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فيقف؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يُقطِّعُ قراءَتَهُ، فيَقِفُ عند كلِّ آية، وإن لم يقفْ فلا حرجَ؛ لأنَّ وقوفه عند كلِّ آيةٍ على سبيلِ الاستحبابِ، لا على سبيلِ الوجوبِ؛ لأنَّه مِن فِعْلِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم دون أمْرِه، وما فَعَلَه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم دون أَمْرٍ به مما يُتعبَّد به فهو مِن قبيل المستحبِّ، كما ذُكر ذلك في أصول الفقه: أنَّ الفعلَ المجرَّدَ مما يُتعبَّدُ به يفيد الاستحباب))اهـ([3]).
    وقال الشيخ – أيضًا - رحمه الله:
    ((والدليل على اشتراط قراءة الآية: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ يوم الجمعة بـ «ق والقرآن المجيد» يخطب بها، ولكن هذا ليس بدليل؛ لأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
    ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا تشترط لصحة الخطبة قراءة شيء من القرآن متى تضمنت الموعظة المؤثرة في إصلاح القلوب وبيان الأحكام الشرعية، وهذه الرواية الثانية عن أحمد رحمه الله))اهـ([4]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 329)، (1/ 355)، (1/ 443)، (3/ 66)، (4/ 267)، (5/ 52)، (5/ 54).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (1/ 355).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (3/ 65، 66).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (5/ 54).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الثالثة والأربعون:
    ((الفضل المتعلق بذات العبادة أَولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكانها))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «ويليه الرجال ثم الصبيان ثم النساء»؛ «يليه» أي: يلي الإِمامَ في الصَّفِّ إذا اجتمعَ رجالٌ ونساءٌ صغارٌ أو كبارٌ.
    «الرجال» وهم: البالغون؛ لأن وَصْفَ الرَّجُلِ إنما يكون للبالغ، فإذا أرادوا أن يصفُّوا تقدَّمَ الرِّجالُ البالغون ثم الصبيانُ، ثم النساءُ في الخلفِ.
    والدَّليلُ قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «ليلني منكم أولو الأحلامِ والنُّهى»، وهذا أمْرٌ وأقلُّ أحوالِ الأَمْرِ الاستحبابُ، ولأنَّ المعنى يقتضي أن يتقدَّمَ الرِّجالُ؛ لأنَّ الرِّجَالَ أضبطُ فيما لو حصلَ للإِمامِ سهوٌ أو خطأٌ في آيةٍ، أو احتاجَ إلى أنْ يستخلفَ إذا طرأ عليه عُذرٌ وخرجَ مِن الصَّلاةِ، ثم بعد ذلك الصبيانُ؛ لأنَّ الصبيان ذكورٌ، وقد فضَّل اللهُ الذكورَ على الإِناثِ فهم أقدم مِن النساءِ، ثم بعد ذلك النساءُ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «خيرُ صُفوفِ النِّساءِ آخرُها»، وهذا يدلُّ على أنه ينبغي تأخُّر النساء عن الرِّجالِ، وأما حديث: «أخِّرُوهنَّ مِن حيثُ أخَّرَهُنَّ اللهُ»، فهو ضعيف لا يُحتجُّ به، لكن يُحتجُّ بهذا الحديث: «خيرُ صفوفِ النِّساءِ آخرُها»، ويلزم مِن ذلك أن تتأخَّر صفوفُ النِّساءِ عن صفوفِ الرِّجَالِ، وهذا الترتيب الذي ذكرناه، واستدللنا عليه بالأثر والنظر ما لم يمنع مانعٌ، فإنْ مَنَعَ منه مانعٌ بحيث لو جُمعَ الصبيانُ بعضُهم إلى بعضٍ لحصلَ بذلك لعبٌ وتشويشٌ، فحينئذٍ لا نجمعُ الصبيانَ بعضَهم إلى بعضٍ؛ وذلك لأن الفَضْلَ المتعلِّقَ بذات العبادةِ أَولى بالمراعاةِ مِن الفَضْلِ المتعلِّقِ بمكانِها، وهذه قاعدةٌ فقهيةٌ، ولهذا قال العلماءُ: الرَّمَلُ في طوافِ القُدُومِ أَولى مِن الدُّنُوِ مِن البيت؛ لأنَّ الرَّمَلَ يتعلَّقُ بذاتِ العبادةِ، والدُّنُو مِن البيت يتعلَّقُ بمكانِها، فهنا نقول: لا شَكَّ أنَّ مكان الصبيان خلفَ الرِّجالِ أَولى، لكن إذا كان يحصُلُ به تشويشٌ وإفسادٌ للصَّلاةِ على البالغين؛ وعليهم أنفسِهم، فإنَّ مراعاةَ ذلك أَولى مِن مراعاة فَضْلِ المكان))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (4/ 278).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (4/ 277، 278).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الرابعة والأربعون:
    ((تقديم الشيء على سببه مُلغى، وتقديم الشيء على شرط وجوبه جائز))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((يجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين فقط، وقبل اليومين لا يجوز.
    ولكن كيف يجوز ذلك وسبب الوجوب - وهو غروب الشمس ليلة العيد - لم يحصل بعد، كما أن لدينا قاعدة فقهية تقول: «إن تقديم الشيء على سببه مُلغى، وتقديم الشيء على شرطه جائز»؟
    مثاله: لو قال: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم بدا له أن يلبسه فكفر، فهنا قدم التكفير قبل وجود شرطه فهذا جائز، ولو أخرج الكفارة قبل الحلف لم يجزئ لأنه قبل وجود السبب.
    وهنا سبب الوجوب، وهو غروب الشمس لم يحصل بعد؟
    والجواب: نقول: إن جواز هذا من باب الرخصة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم فعلوا ذلك؛ فقد كانوا يعطونها للذين يقبلونها قبل العيد بيوم أو يومين، وما دام أن هذه الرخصة جاءت عن الصحابة رضي الله عنهم فهم خير القرون وعملهم متبع، فتكون هذه المسألة مستثناة من القاعدة التي أشرنا إليها))اهـ([2]).
    وقال الشيخ – أيضًا – رحمه الله: ((قوله: «ويجوز تعجيل الزكاة لحولين فأقل»؛ الأقل من الحولين هو حول واحد، أي: يجوز للإنسان أن يعجل الزكاة قبل وجوبها، لكن بشرط أن يكون عنده نصاب، فإن لم يكن عنده نصاب، وقال: سأعجل زكاة مالي؛ لأنه سيأتيني مال في المستقبل، فإنه لا يجزئ إخراجه؛ لأنه قدمها على سبب الوجوب، وهو ملك النصاب.
    وهذا مبني على قاعدة ذكرها ابن رجب رحمه الله في ((القواعد الفقهية))؛ وهي ((أن تقديم الشيء على سببه ملغى، وعلى شرطه جائز)).
    مثال ذلك: رجل عنده (190) درهمًا فقال: أريد أن أزكي عن (200) فلا يصح؛ لأنه لم يكمل النصاب فلم يوجد السبب، وتقديم الشيء على سببه لا يصح.
    فإن ملك نصابًا، وقدمها قبل تمام الحول جاز؛ لأنه قدمها بعد السبب وقبل الشرط؛ لأن شرط الوجوب تمام الحول.
    ونظير ذلك لو أن شخصًا كفر عن يمين يريد أن يحلفها قبل اليمين ثم حلف وحنث، فالكفارة لا تجزئ؛ لأنها قبل السبب، ولو حلف وكفر قبل أن يحنث أجزأت الكفارة؛ لأنه قدمها بعد السبب وقبل الشرط))اهـ([3]).

    [1])) ذكرها الشيخ: (6/ 169)، (6/ 215).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (6/ 169).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (6/ 214، 215).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الخامسة والأربعون:
    ((قد تتبعض الأحكام بحسب تفاوت أسبابها))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((إذا قال المالك: آجرتك، قال: بل أعرتني، فالقول قول المالك مع يمينه؛ لأن القاعدة أن الأصل فيمن قبض ملك غيره أنه مضمون عليه؛ ولأن الأصل أن الإنسان لا يسلطك على ملكه إلا بعوض، والتبرع أمر طارئ.
    ولكن كيف يكون تقدير الأجرة؟ هل نقول: إذا ادعى المالك أنه أجره إياه كل يوم بعشرة ريالات أن القول قول المالك؟ لا؛ لأن الذي أخذها لم يعترف بالإجارة حتى الآن، نقول: نرجع إلى أجرة المثل؛ لأن الله ذكر في المرأة التي لم يسم لها مهر أنها تُمتع، وبيَّنت السنة أن تمتيعها أن تعطى مهر المثل، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه؛ فيقال: كم تؤجر هذه العين في مدة أسبوع؟ إذا قالوا: مائة ريال، قلنا: هات مائة ريال، ولكن إذا كانت أجرة المثل أكثر مما ادعى صاحب العين، فالمذهب نعطيه إياها ولو كانت أكثر مما ادعاه، والقول الثاني أننا لا نعطيه إلا ما ادعاه.
    ولكن يقبل قول المالك هنا في شيء ولا يقبل في شيء آخر، فيقبل بالنسبة للمدة الماضية ولا يقبل بالنسبة للمدة المستقبلة، لو قال المالك في هذه الصورة: أنا أجرتك إياها لمدة أربعة أيام، وحصل الاختلاف بعد مضي يومين، فنقبل قول المالك فيما مضى من المدة، ولا نقبله فيما يستقبل؛ لأن خصمه ينكره، ويقول: ما أخذتها بأجرة، ولكن بإعارة.
    وبهذا نعرف أن الأحكام تتبعض، وهذه قاعدة فقهية؛ بمعنى أنه إذا وُجد ما يثبت أحدها من وجه دون الآخر، حكمنا بالوجه الثابت وتركنا الوجه الذي لم يثبت، وهذه قاعدة مفيدة تنفعك في مسائل عديدة؛ ونظير ذلك رجل ادعى على آخر أنه سرق منه مالًا من بيته وأتى بشاهد على ذلك رجل وامرأتين، فهذه الصورة تضمنت حكمين ضمان المال، وقطع اليد، الحد لا يثبت برجل وامرأتين، وإنما يثبت بشهادة رجلين، والمال يثبت بشهادة رجل وامرأتين، ففي هذه الحال نقول: يضمن السارق المال ولا تقطع يده، فهذه صورة واحدة تضمنت حكمين مختلفين لوجود مقتضي أحدهما دون الآخر، فتتبعض الأحكام))اهـ([2]).
    وقال الشيخ عبد المحسن الزامل حفظه الله: ((قد تتبعض الأحكام بحسب تفاوت أسبابها؛ هذه القاعدة لها مسائل كثيرة في أبواب الفقه، ومما يدل عليها ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: اختصم سعد وابن زمعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجي منه يا سودة)). رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأحمد.
    فأعمل النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأحكام من جهة النسب وجعله أخاها، وأنه يرثها وترثه، لكن لم يجعله أخاها في المحرمية، ولم يجعله لعتبة أخي سعد لأنه عَاهَرَهَا، ولأن الأمةَ أمة زمعة فالولد للفراش وإن كانت عاهرة مع عتبة وزنت، وهذا الابن يشبه عتبة، ومع هذا لم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الشبه وأعمل الفراش وقال: ((الولد للفراش))، فأُخذ من هذا الحديث تبعضُ الأحكام، ومنه - أيضًا - البنت من الرضاع تتبعض أحكامها فليست ترث ولا تجب لها النفقة لكنها بنت في التحريم والمحرمية فتحرم على أبيها، وفي المحرمية فهو محرم لها.
    وهذا - أيضًا - على قول الجمهور في البنت من الزنا؛ فإنها تحرم على الزاني ولا يجوز أن يتزوجها فتتبعض أحكامها.
    ومنه - أيضًا - ما جاء في السرقة، فالسرقة لا تثبت إلا بالإقرار على الخلاف، هل هو بالإقرار مرة أم مرتين؟ وكذلك ثبوتها بشاهدين، فلو أن إنسانًا ادعى أن فلانًا سرق منه وليس عنده إلا شاهدٌ واحدٌ وحلف مع هذا الشاهد، نقول: إن ادعاء السرقة على إنسان ولم يكتمل نصاب الشهادة يثبت المال، وعلى من اتهم بالسرقة تسليم المال لثبوته بالبينة؛ لأن المال يثبت بالشاهد واليمين كما قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين، أما قطع اليد فلا يثبت إلا بشاهدين، فتتبعض الأحكام.
    وكذلك لو ادعى رجل على امرأة أنه خالعها بشيء من المال، وأتى بشاهد وحلف مع الشاهد - والخلع لا يثبت إلا بشاهدين - نقول في هذه الحال يثبت المال وعليها أن تسلم المال وتَبينُ منه امرأته لإقراره.
    لكن لو ادعته المرأة - أي ادعت الخلع على الرجل - وليس عندها إلا شاهد وقالت أحلف مع هذا الشاهد، نقول لا يثبت الخلع في هذه الحال؛ لأنها لا تدعي مالًا بل تدعي خلعًا، والخلع لا يثبت إلا بشاهدين، فوجوده كعدمه فلا تَبينُ منه امرأته.
    كذلك ما أشار إليه الشارح رحمه الله أن الولد يتبع أباه في النسب ويتبع أمه في الحرية والرق، فلو أن رجلًا تزوج أمة مملوكة فإن أولادها يكونون مملوكين لسيدها هي، فيتبعون أمهم في الرق والحرية، ويتبع في الدين خير أبويه، فلو أن مسلمًا تزوج امرأة من أهل الكتاب فإن الولد يتبع أباه فيكون مسلمًا.
    وكذلك في النجاسة وتحريم الأكل، فالمولود بين حيوانين أحدهما طاهر والآخر نجس نحكم بنجاسته، أو أحدهما محرم الأكل والآخر حلال فنحكم بتحريم الأكل؛ فالبغل المولود بين الحمار والفرس نحكم بتحريم أكله أي يتبع شرهما وأخبثهما في النجاسة والتحريم، فإذا كان أحد أبويه نجسًا كان نجسًا، أو كان أحد أبويه محرمًا الأكل كان محرم الأكل))اهـ([3]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (6/ 316)، (10/ 134).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (10/ 133، 134).

    [3])) ((شرح القواعد السعدية)) (199- 201).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة السادسة والأربعون:
    ((المكروه يزول عند الحاجة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «يباح للحاجة» أي: حاجة الزوج، فإذا احتاج فإنه يباح له، مثل أن لا يستطيع الصبر على امرأته، مع أن الله سبحانه وتعالى أشار إلى أن الصبر أولى فقال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر»، لكن أحيانًا لا يتمكن الإنسان من البقاء مع هذه الزوجة، فإذا احتاج فإنه يباح له أن يطلق، والدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، ولم يقل: يا أيها النبي لا تطلقوا النساء، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُن َّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } [الأحزاب: 49]، ولأن الذين طلقوا في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن ينهاهم عنه، ولو كان حرامًا لمنعهم، ولو كان مكروهًا لاستفصل منهم، ثم عندنا قاعدة فقهية معروفة عند أهل العلم، وهي أن المكروه يزول عند الحاجة))اهـ([2]).
    وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - أعلى الله درجته في المهديين -: يقع مشكلة بين بعض المصلين في المساجد حول الدفايات الكهربائية ووضعها أمام المصلين هل هذا حرام أو مكروه يتنزه عنه؟ وهل الصلاة أمام النار محرمة أو مكروهة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
    فأجاب بقوله: اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الصلاة إلى النار: فمنهم من كرهها، ومنهم من لم يكرهها، والذين كرهوها عللوا ذلك بمشابهة عباد النار، والمعروف أن عبدة النار يعبدون النار ذات اللهب، أما ما ليس لهب فإن مقتضى التعليل أن لا تكره الصلاة إليها.
    ثم إن الناس في حاجة إلى هذه الدفايات في أيام الشتاء للتدفئة؛ فإن جعلوها خلفهم فاتت الفائدة منها أو قلت، وإن جعلوها عن إيمانهم أو شمائلهم لم ينتفع بها إلا القليل منهم وهم الذين يلونها، فلم يبق إلا أن تكون أمامهم ليتم انتفاعهم بها، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم أن المكروه تبيحه الحاجة.
    ثم إن الدفايات في الغالب لا تكون أمام الإمام وإنما تكون أمام المأمومين وهذا يخفف أمرها، لأن الإمام هو القدوة ولهذا كانت سترته سترة للمأموم. والله أعلم([3]).
    وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله: هل يُسن حلق شعر البنت عند ولادتها من أجل نشاط الشعر ووفرته؟
    فأجاب بقوله: حلق شعرها لا يسن في اليوم السابع كما يسن في حلق رأس الذكر، وأما حلقه للمصلحة التي ذكرت إذا صحت فإن أهل العلم يقولون: إن حلق الأنثى رأسها مكروه، لكن قد يقال: إنه إذا ثبت أن هذا مما يسبب نشاط الشعر ووفرته فإنه لا بأس به؛ لأن المعروف أن المكروه تزيله الحاجة، أو تزيل كراهته الحاجة([4]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (13/ 9).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (13/ 8، 9).

    [3])) ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (12/ 409).

    [4])) ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (25/ 244).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة السابعة والأربعون:
    ((كل عقد محرم فإنه لا يصح))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((أراد رحمه الله أن المصحف لا يصح بيعه، والدليل على هذا أثر ونظر.
    أما الأثر: فأثر ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: «وددت أن الأيدي تقطع ببيعه»، فجعل آخذ ثمنه بمنزلة السارق تقطع يده.
    وأما النظر: فيقال: إن كان الإنسان مستغنيًا عنه فبذله واجب، والواجب لا يجوز أخذ العوض عنه، وإن كان غير مستغن عنه فإن بيعه حرام عليه؛ لأنه محتاج له فلا يصح.
    وتعليل نظري آخر هو أن في بيعه ابتذالًا له، كما تبتذل السلع، والمصحف يجب أن يحترم ويعظم.
    وقال بعض العلماء: إنه يحرم بيعه ويصح، وفي هذا نظر؛ لأنه مخالف للقواعد؛ إذ إن القاعدة أن كل عقد محرم فإنه لا يصح، فهذا القول فيه نظر، فإما أن نقول: يحرم ولا يصح، وإما أن نقول بما عليه جمهور العلماء وعمل المسلمين من أزمنة متطاولة: إنه يجوز، ويصح بيع المصحف.
    والصحيح: أنه يجوز بيع المصحف ويصح للأصل، وهو الحل، وما زال عمل المسلمين عليه إلى اليوم، ولو أننا حرمنا بيعه لكان في ذلك مَنعٌ للانتفاع به؛ لأن أكثر الناس يشح أن يبذله لغيره، وإذا كان عنده شيء من الورع وبذله، فإنه يبذله على إغماض، ولو قلنا لكل أحد إذا كنت مستغنيًا عن المصحف، يجب أن تبذله لغيرك لشق على كثير من الناس.
    وأما ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فلعله كان في وقت يحتاج الناس فيه إلى المصاحف، وأن المصاحف قليلة فيحتاجون إليها، فلو أُبيح البيع في ذلك الوقت لكان الناس يطلبون أثمانًا كثيرة لقلته؛ فلهذا رأى رضي الله عنه ألا يباع))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (8/ 119).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (8/ 118، 119).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الثامنة والأربعون:
    ((النادر لا حُكْمَ له))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((فإن قلت: إذا لم يجب على الصَّبيِّ صلاة؛ أَفَلَيْسَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قد أوجبَ على الإنسان أن يأمرَ ابنه أو ابنته بالصَّلاة لسبعٍ، ويضربه عليها لعشر؟ وهل يُضرَبُ الإنسان على شيء لا يجب عليه؟
    فالجواب على ذلك أن نقول: إِنَّما أُلزم الوالدُ بأمر أولاده وضربهم؛ لأنَّ هذا من تمام الرِّعاية والقيام بالمسؤولية التي حملها، والأب أهلٌ للمسؤولية، لا لأنَّ الصَّبيَّ تجب عليه الصَّلاة، ولذلك لا يلزمه قضاؤها لو تركها، ولو كان الصَّبيُّ له ستُّ سنوات؛ لكنَّه فَطِنٌ وذكيٌّ، فظاهر الحديث أنَّه لا يأمره؛ لأنَّ الشَّارع حدَّها بالسَّبع؛ لأنَّ الغالب أنه يكون بها التَّمييز، والنَّادر لا حكم له))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «والبقر سنتان، والمعز سنة»؛ فلا يجزئ ما دون ذلك، فلو قال قائل: لو أثنت البعير قبل الخمس والبقرة قبل السنتين، فهل نعتبر الثنية بكونها أثنت أو نعتبر بالسنين؟ نقول هذا شيء نادر، والنادر لا حكم له، وظاهر كلام العلماء رحمهم الله أن العبرة بالسنوات وأن ما تم لها خمس سنين من الإبل فهي ثنية، أو سنتان من البقر فهي ثنية، أو سنة من المعز فهي ثنية، سواء أثنت الثنية أو لا))اهـ([3]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((مسألة: إذا قال: أسلمت إليك في هذا البستان فلا يصح ـ أيضًا ـ على المذهب؛ لأنه ليس في الذمة، وهذا البستان قد يثمر وقد لا يثمر، وإذا كان الشارع نهى عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، فهذا من باب أولى، ولكن يصح أن يسلم في بساتين القرية عامة؛ مثل أن يقول: أسلمت إليك في ثمر هذا البلد؛ لأن بعض البلدان يكون ثمره جيدًا؛ وذلك لأن تخلف الثمر في البلد أمر نادر بعيد، والنادر لا حكم له، بخلاف ما إذا كان في بستان معين فقد يتخلف كثيرًا؛ ولذلك لا يصحِّحونه))اهـ([4]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((الأمة الشابة لا تجوز إعارتها لرجل إلا أن يكون مَحْرَمًا، فلو كان شخص عنده أمة شابة مملوكة ولها أخ فقال أخوها: أعرني أختي؛ لأني سيأتيني ضيوف وأحتاج إلى مساعدة الأهل بها، فهذا يجوز؛ لأنه مَحْرَم ومأمون عليها، أو استعارتها امرأة، يعني إنسان له جارة أتاها ضيوف فطلبت منه أن يعيرها أمته فهذا يجوز؛ لأن المرأة على المرأة مأمونة، هذا الأصل، والنادر لا حكم له، لا في هذا ولا في المَحْرَم، حتى المَحْرَم أحيانًا يغويه الشيطان فيفعل الفاحشة في محارمه لكن الكلام على الأصل الغالب))اهـ([5]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((ما أتلفته البهيمة في النهار يكون الضمان على صاحب الزرع، وليس على صاحب البهيمة ضمان؛ لأن المأمور بالحفظ أصحاب المزارع، إلا أن المؤلف رحمه الله استثنى معنى وجيهًا يؤيد ما نقلناه أخيرًا فقال: «إلا أن ترسل بقرب ما تتلفه عادة»؛ مثال ذلك: رجل يرعى إبله في النهار فأطلقها قرب مزرعة، والمزرعة ليس عليها شبك وليس عليها جدار، فمثل هذا جرت العادة أن البهيمة تذهب وتأكل الزرع كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه»، وهذا الاستثناء الذي ذكره المؤلف وجيه وصحيح، فيرسلها ـ مثلًا ـ على بُعْد خمسة أمتار أو عشرة أمتار، ثم يذهب، ومن المعلوم أنها سوف تذهب إلى الزرع وتأكله، فيكون الضمان هنا على صاحبها ولهذا قال: «إلا أن ترسل بقرب ما تتلفه عادة».
    وهذا ـ أيضًا ـ خلاف المذهب، فالمذهب لا ضمان على صاحبها في النهار سواء أرسلها بقرب ما تتلفه عادة أم لم يرسلها، بناء على أن مناط الحكم هو تفريط صاحب الزرع أو عدمه؛ لأن صاحب الزرع هو المأمور بحفظ زرعه في النهار، والأصح المذهب؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قضى بأن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، إلا أن يكون صاحب البهيمة اهتبل فرصة غياب أصحاب المزارع فأرسل بهيمته فهنا يكون الضمان عليه، أو أرسل البهيمة بقرب ما تتلفه عادة كما تقدم فيضمن.
    لو قال قائل: إذا انعكس الأمر وصار الناس يحفظون أموالهم في الليل، والمواشي ـ أيضًا ـ تُطلَق في الليل فهل ينعكس الحكم؟
    قال بعض العلماء: إنه ينعكس؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وقال بعض العلماء: لا ينعكس؛ لأن هذه مسألة نادرة، يعني يندر أن تكون المواشي تُرعى في الليل وأن يكون حفظ الأموال في الليل، والنادر لا حكم له))اهـ([6]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((فلو شهد أب لابنه لم تقبل شهادته، أو ابن لأبيه لم تقبل شهادته، أو شهد ولد لأمه لم تقبل شهادته، أو أم لولدها لم تقبل شهادتها، المهم أن هذا مانع، فما الدليل على كونه مانعًا؟
    الدليل قوة التهمة؛ لأن الإنسان متهم إذا شهد لأصله، أو شهد لفرعه، فإذا كان متهمًا فإن ذلك يمنع من قبول شهادته لاحتمال أن يكون قد حابى أصوله أو فروعه، فالدليل على أن هذا مانع تعليل، وليس دليلًامن الكتاب والسنة، بل هو قوة التهمة، فإذا علمنا أن التهمة معدومة لكون الأب أو الأم مبرزًا في العدالة لا يمكن أن تلحقه تهمة، فهل نقبل الشهادة أو لا؟ المؤلف يقول: لا نقبل الشهادة حتى لو كان الأب من أعدل عباد الله، أو الابن من أعدل عباد الله؛ لأن كونه في هذه المرتبة من العدالة أمر نادر، والنادر لا حكم له، فالعبرة بالأغلب، والأغلب أن الإنسان تلحقه التهمة فيما إذا شهد لأصوله أو فروعه، ولا سيما في عصرنا الحاضر الذي غلبت فيه العاطفة على جانب العقل والدين عند كثير من الناس))اهـ([7]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 345)، (2/ 14)، (7/ 426)، (9/ 85)، (10/ 112)، (10/ 213)، (11/ 289)، (13/ 55)، (15/ 436).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (2/ 13، 14).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (7/ 425، 426).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (9/ 84، 85).

    [5])) ((الشرح الممتع)) (10/ 112).

    [6])) ((الشرح الممتع)) (10/ 211، 212).

    [7])) ((الشرح الممتع)) (15/ 436).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة التاسعة والأربعون:
    ((الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «وتَحْرمُ الخُيَلاءُ في ثوبٍ وغيرهِ»، الخُيَلاء: مأخوذة في الأصل من الخَيل، لأن الخَيل تجلب التَّباهي والترفُّع والتَّعالي.
    فالخُيَلاء: أن يجدَ الإنسانُ في نفسه شيئًا من التَّعاظُم على الغَير؛ وهذا حرام في الثوب وغيره، فالثوب كالقميص والسَّراويل والإزار، وغير الثوب كالخَاتم، فبعض النَّاس يلبس الخَاتم، ويضع عليه فَصًّا كبيرًا جدًا، وأحيانًا تشعر بأنه يتخايل به؛ كأن يحرِّك أصبعه بالخاتم خيلاء؛ ولهذا قال المؤلِّف: «في ثَوبٍ وغَيْرِه» فأطلق.
    فإن قال قائل: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ جَرَّ ثَوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه»، فخَصَّ ذلك بالثوب؟
    فالجواب: أنَّ الحكم يدور مع علَّته، وذِكْرُ الثوب مقرونًا بالوصف الذي هو عِلَّة الحكم يكون كالمثال؛ فكان المحرم في الأصل هو الخُيلاء، وذَكَر النبي صلّى الله عليه وسلّم مثالًا مما تكون فيه الخيلاء وهو الثوب، ولهذا قال بعضُ العلماء: إن الخُيَلاء ليست في جَرِّ الثَّوب فقط، بل في كُلِّ هيئة للثَّوب حتى يقول: إن توسيع الأكمام من الخُيَلاء، والمُهِمُّ: أن الخيلاء إنما ذُكِرَت في الحديث بالإزار أو الثوب من باب ضرب المثال))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «والحشرات»؛ الحشرات لا يصح بيعها، والعلة أنه ليس فيها نفع، فبذل المال فيها إضاعة له، وقد نهى صلّى الله عليه وسلّم عن إضاعة المال، وعُلِم من هذا التعليل أنه لو كان فيها نفع جاز بيعها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ومن النفع العلق لمص الدم([3])، والديدان لصيد السمك))اهـ([4]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((مسألة: هل يجوز قطع الإصبع الزائدة أو لا؟
    الفقهاء يقولون: لا يجوز، ويعللون ذلك بالخطر، ولكن بناء على تقدم الطب الآن فإن الصحيح جواز ذلك؛ لأن هذا إزالة عيب، وليس من باب التجميل، ولو كان من باب التجميل لكان حرامًا، ولهذا لعن النبي صلّى الله عليه وسلّم النامصة والمتنمصة؛ لأنها تزيل شيئًا خلقه الله للتجميل، وأما هذا فيقطع أصبعًا زائدة من باب إزالة العيب، وأنت الآن قدر نفسك قد أصبت بهذا الأمر ألست تحب أن لا يراك الناس؟ بلى ما في ذلك شك، فالصواب أن إزالة الأصبع الزائدة في وقتنا الحاضر جائزة ولا شيء فيها، وهذا نظير ما قال العلماء في البواسير، قالوا: إن قطع البواسير حرام؛ لأنه يمكن أن ينزف الدم حتى يموت، فيكون متسببًا في قتل نفسه، ولكنه في الوقت الحاضر أصبحت هذه العملية عملية بسيطة وليس فيها أي نوع من الخطر، فلكل مقام مقال، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا))اهـ([5]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((وهل يمكن أن يكون عنينًا بالنسبة لزوجة، وليس عنينًا بالنسبة لزوجة أخرى؟
    الجواب: الواقع يمكن، لا سيما إذا كان ـ والعياذ بالله ـ مسحورًا؛ لأن هناك سحر عطف وصرف، فقد يكون هو بالنسبة لفلانة لا يستطيع الجماع أبدًا، وبالنسبة للأخرى يستطيع أن يجامع، ففي الأولى: المذهب أنه ليس لها الفسخ؛ لأنه ليس بعنين، فهو قادر على الجماع، والصواب - وهو الراجح عندي - أن لها الفسخ، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ولو قيل: إن هذه أحق بالفسخ من غيرها؛ لأنها تراه مع ضرتها، يغتسل في اليوم ثلاث مرات، وهي لا يأتيها، فهذا أشد عليها مما لو كان منفردًا بها، فينبغي أن نمكنها من الفسخ رأفة بها ورحمة، ولعل الله أن ييسر لها زوجًا يحصل به الكفاية))اهـ([6]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((والسم أحيانًا يستعمل دواءً، فيوجد أنواع من السموم الخفيفة تخلط مع بعض الأدوية فتستعمل دواءً، فهذه نص العلماء على أنها جائزة، لكن بشرط أن نعلم انتفاء الضرر، فإذا خلطت بعض الأدوية بأشياء سامَّة، لكن على وجهٍ لا ضرر فيه فإنها تُباح؛ لأن لدينا قاعدة فقهية مهمة، وهي أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا؛ فإذا استُعمل السم، أو شيء فيه سم على وجه لا ضرر فيه كان ذلك جائزًا))اهـ([7]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((كل هذه الأحوال التي ذكرها المؤلف مقيسة على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يقضي أحد بين اثنين وهو غضبان»، إذًا كل حال تعتري القاضي تكون حائلًا بينه وبين تصور القضية، أو انطباق الأحكام الشرعية عليها، فإنه يحرم عليه القضاء فيها حتى يزول هذا السبب؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا))اهـ([8]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 41)، (1/ 137)، (1/ 283)، (1/ 500)، (2/ 37)، (2/ 197)، (7/ 64)، (8/ 118)، (8/ 313)، (8/ 450)، (9/ 300)، (9/ 378)، (10/ 212)، (11/ 56)، (11/ 326)، (12/ 209)، (12/ 421)، (12/ 443)، (13/ 507)، (13/ 542)، (15/ 13)، (15/ 70)، (15/ 303).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (2/ 197).

    [3])) قال في ((لسان العرب)) (10/ 267، 268): ((العلق: دويدة حمراء تكون في الماء تعلق بالبدن وتمص الدم، وهي من أدوية الحلق والأورام الدموية لامتصاصها الدم الغالب على الإنسان))اهـ.

    [4])) ((الشرح الممتع)) (8/ 118).

    [5])) ((الشرح الممتع)) (8/ 313).

    [6])) ((الشرح الممتع)) (12/ 209).

    [7])) ((الشرح الممتع)) (15/ 13، 14).

    [8])) ((الشرح الممتع)) (15/ 303).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الخمسون:
    ((الاستدامة أقوى من الابتداء))
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «ولو كرهت» أي: لو كرهت الزوجةُ الرجعةَ فإنها تثبت لقوله تعالى: { وَبُعُولَتُهُن أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228]، ولم يشترط الله تعالى رضا الزوجة.
    فإن قال قائل: ألستم تشترطون في عقد النكاح رضا الزوجة؟
    فالجواب: بلى، ولكن ذلك ابتداء عقد، وهذا إعادة مطلقة، فهو استدامة نكاح، وليس ابتداء عقد، والاستدامة أقوى من الابتداء، ولهذا لا يشترط فيها وليٌّ ولا شهود، وهذه قاعدة فقهية ينبغي لطالب العلم أن يفهمها؛ ولهذا إذا تطيب الإنسان قبل إحرامه ثم بقي الطِّيب عليه بعد الإحرام جاز، ولو تطيب بعد الإحرام لا يجوز؛ لأن الاستدامة أقوى من الابتداء، وكذلك لو أراد الإنسان أن يعقد وهو مُحْرم على امرأة حَرُم، ولو راجع امرأته المطلقة وهو محرم جاز؛ لأن الاستدامة أقوى من الابتداء))اهـ.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الحادية والخمسون:
    ((من شك في وجود شيء أو عدمه فالأصل العدم))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((إذا شك في نية القصر، يعني شك هل نوى القصر أم لم ينوِ؟ فيلزمه الإِتمام، وهذه المسألة غير المسألة الأولى، فالأولى جزم بأنه لم ينوِ، والثانية شك هل نوى أم لا؟ فالمذهب أنه يلزمه الإِتمام، لأن الأصل عدم النية؛ ومن القواعد المقررة: أن من شك في وجود شيء أو عدمه فالأصل العدم، وإذا لم يتيقن أنه نوى القصر لزمه الإِتمام، ووجوب الإِتمام في هذه المسألة أضعف من وجوب الإِتمام في المسألة التي قبلها وهي: إذا جزم بأنه لم ينوِ، فإذا كان القول الصحيح في المسألة الأولى: أنه يقصر كان القول بجواز القصر في هذه المسألة من باب أولى، وعلى هذا فنقول: إذا شك هل نوى القصر أو لم ينوه؟ فإنه يقصر ولا يلزمه الإِتمام، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (4/ 372).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (4/ 371، 372).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الثانية والخمسون:
    ((كل تحديد بمكان أو زمان أو عدد، فإنه لا بد له من دليل))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((عندنا قاعدة مفيدة ((أن كل تحديد بمكان أو زمان أو عدد، فإنه لا بد له من دليل))؛ لأن التحديد يحتاج إلى توقيف.
    فمثلًا: الذين حددوا الحيض بأن أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا فلا بد لهم من الدليل، وإلا فلا قبول، والذين حددوا مسافة القصر بيومين لا بد لهم من الدليل، والذين حددوا الإقامة التي تقطع حكم السفر بأربعة أيام لا بد لهم من الدليل، والذين حددوا الفطرة بصاع لا بد لهم من الدليل، والذين حددوا دخول وقت الجمعة بارتفاع الشمس بقيد رمح نقول: أين الدليل؟))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (5/ 31).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (5/ 31).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الثانية والخمسون:
    ((العرف إذا خالف الشرع يجب إلغاؤه))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((واستفدنا من كلام المؤلف رحمه الله أن العرف مقدم فيما ينطق به الناس، فيحمل على أعرافهم، وهذه هي القاعدة السليمة الصحيحة، وليس في هذه المسألة فقط، بل في جميع المسائل يحمل كلام الناس على ما يعرفونه، وعلى هذا، فإذا قال الرجل: خليت زوجتي، فالصيغة من الصريح؛ لأنه عند الناس «خلى زوجته» كـ «طلق زوجته»، وإن كانت كناية عند الفقهاء، لكن هذا يناقض كلامهم في بعض الأبواب في أنه يُغلَّب العرف حتى في الأيمان.
    وإذا قال: «جوزتك» بنتي، بهذا اللفظ، فعند الناس في عرفهم أن جوَّز مثل زوَّج، فعلى هذا ينعقد النكاح بهذا اللفظ، أما لو خطب ابنته منه وقال: أعطيتك، فهذا ليس بعقد ولكنه وعد؛ لأنه لما قال: خطبت، فقال: أعطيتك، يعني وافقتك على خطبتك.
    المهم أننا نأخذ من كلام المؤلف هنا أن العرف مقدم على كل شيء ما لم يناقض الشرع، فإن ناقض الشرع فلا حكم له، فلو فرض أنه شاع في الناس أن بيع المحرم المعيَّن حلال، وهو حرام شرعًا فلا يرجع إلى العرف، فالعرف إذا خالف الشرع يجب إلغاؤه؛ لأن الأمة الإسلامية يجب أن يكون المتعارف بينها ما دل عليه الشرع، فإذا وجد عرف يخالف الشرع وجب تعديله، ولا يجوز أن يحول الشرع إلى العرف.
    فإن قال قائل: ألستم تقولون: إن المرجع في النفقة على الزوجة ـ مثلًا ـ إلى العرف؟ الجواب: بلى، لكننا لم ننقض القاعدة؛ لأن الله أحالنا في الإنفاق على الزوجة إلى العرف، فإذا عملنا بالعرف في الإنفاق فقد عملنا بالشرع))اهـ([2]).

    [1])) ذكرها الشيخ: (11/ 177).

    [2])) (11/ 176، 177).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الثالثة والخمسون:
    ((الانتقال من معين إلى معين يبطل الأول، ولا ينعقد به الثاني))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وعُلِمَ من قول المؤلِّف: «انتقل من فرض إلى فرض»، أنَّه إن انتقل من نَفْل إلى نَفْل لم يبطلا، وهذه الصُّورة الثالثة، لكن هذا غير مُراد على إطلاقه؛ لأنَّه إذا انتقل من نَفْل معيَّن إلى نَفْل معيَّن؛ فالحكم كما لو انتقل من فَرْض إلى فَرْض، فلو انتقل – مثلًا - من راتبة العشاء إلى الوِتر، فالرَّاتبة معيَّنة والوِتر معيَّنة، بطل الأول ولم ينعقد الثاني؛ لأن الانتقال من معيَّن إلى معيَّن يُبطل الأول ولا ينعقد به الثَّاني، سواء أكان فريضة أم نافلة.
    وإن انتقل من فَرض معيَّن، أو من نَفْل معيَّن إلى نَفْل مطلق؛ صحَّ، وهذه الصُّورة الرابعة، لكن يُشترط في الفرض أن يكون الوقت متَّسعًا.
    والتَّعليل: لأن المعيَّن اشتمل على نيَّتين: نيَّة مطلقة، ونيَّة معيَّنة، فإذا أبطل المعيَّنة بقيت المطلقة.
    مثال ذلك: دخل يُصلِّي الوِتر ينوي صلاة الوتر، فألغى نيَّة الوِتر فتبقى نيَّة الصلاة.
    فالصُّور إذًا أربع:
    1 - انتقل من مُطلق إلى مُطلق، فصحيح؛ إن تُصُوِّرَ ذلك.
    2 - انتقل من مُعيَّن إلى مُعيَّن، فلا يصحُّ.
    3 - انتقل من مُطلق إلى معيَّن، فلا يصحُّ.
    4 - انتقل من مُعيَّن إلى مُطلق؛ فصحيحٌ))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (2/ 303)، (5/ 49).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (2/ 303، 304).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الرابعة والخمسون:
    ((مراعاة الناس في أمر ليس بحرام هو مما جاءت به الشريعة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله بعدما ذكر الشروط التي ذكرها المؤلف لصحة الجمعة: ((وقال بعض أهل العلم: إن الشرط الأساسي في الخطبة أن تشتمل على الموعظة المرققة للقلوب، المفيدة للحاضرين، وأن الحمد لله، أو الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقراءة آية، كله من كمال الخطبة.
    ولكن هذا القول وإن كان له حظ من النظر لا ينبغي للإنسان أن يعمل به إذا كان أهل البلد يرون القول الأول الذي مشى عليه المؤلف؛ لأنه لو ترك هذه الشروط التي ذكرها المؤلف لوقع الناس في حرج، وصار كلٌّ يخرج من الجمعة، وهو يرى أنه لم يُصَلِّ الجمعة، وإذا أتيت بهذه الشروط لم تقع في محرم، ومراعاة الناس في أمر ليس بحرام هو مما جاءت به الشريعة، فقد راعى النبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابه في الصوم والفطر في رمضان في حال السفر، وراعاهم صلّى الله عليه وسلّم في بناء الكعبة حيث قال لعائشة رضي الله عنها: «لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم»، وهذه القاعدة معروفة في الشرع.
    أما إذا راعاهم في المحرم فهذه تسمى مداهنة لا تجوز، وقد قال الله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم]))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (5/ 56).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (5/ 56).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة الخامسة والخمسون:
    ((المشقة تجلب التيسير))([1])
    قال الشيخ رحمه الله ((فَصْلٌ: ويعذر بترك جمعة وجماعة مريض، ومدافع أحد الأخبثين.
    قوله: «فصل»؛ هذا الفصلُ عَقَدَه المؤلِّفُ لبيان الأعذارِ التي تُسقِطُ الجمعةَ والجماعة، وهو مبنيٌّ على قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
    ومِن القواعدِ المشهورة: المشقةُ تجلبُ التيسير، ولا شَكَّ أنَّ الجمعةَ أوكد بكثير مِن الجماعة لإجماعِ المسلمين على أنَّها فَرْضُ عَين؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9].
    أما الجماعةُ فإنَّه سَبَقَ الخِلافُ فيها، وأنَّ القولَ الرَّاجحَ أنَّها فَرْضُ عَين، لكن آكديتها ليست كآكدية صلاة الجُمُعة، ومع ذلك تسقط هاتان الصَّلاتان للعُذر))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (4/ 310)، (4/ 324).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (4/ 309، 310).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,371

    افتراضي

    القاعدة السادسة والخمسون:
    ((ما كان وضعه بغير حق فرفعه حق))([1])
    قال الشيخ رحمه الله ((قوله: «وحرم رفع مصلى مفروش ما لم تحضر الصلاة»، يعني أن رفع المصلى الذي وضعه صاحبه ليصلي عليه ثم انصرف حرام، و «المصلى»: ما يصلى عليه، مثل: السجادة.
    وصورة المسألة: رجل وضع سجادته في الصف، وخرج من المسجد فلا يجوز أن ترفع هذا المصلى؛ التعليل: أن هذا المصلى نائب عن صاحبه، قائم مقامه، فكما أنك لا تقيم الرجل من مكانه فتجلس فيه، فكذلك لا ترفع مصلاه.
    ومقتضى كلام المؤلف أنه يجوز أن يضع المصلى ويحجز المكان؛ لأنه لو كان وضع المصلى وحجز المكان حرامًا لوجب رفع المصلى، وإنكار المنكر، فلما جعل المؤلف للمصلى حرمة دل ذلك على أن وضعه جائز، وهذا هو المذهب.
    ولكن الصحيح في هذه المسألة أن الحجز والخروج من المسجد لا يجوز، وأن للإنسان أن يرفع المصلى المفروش؛ لأن القاعدة: ((ما كان وضعه بغير حق فرفعه حق))، لكن لو خيفت المفسدة برفعه من عداوة أو بغضاء، أو ما أشبه ذلك، فلا يرفع ((لأن درأ المفاسد أولى من جلب المصالح))، وإذا علم الله من نيتك أنه لولا هذا المصلى المفروش لكنت في مكانه، فإن الله قد يثيبك ثواب المتقدمين؛ لأنك إنما تركت هذا المكان المتقدم من أجل العذر))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (5/ 102).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (5/ 101، 102).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •