تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 6 الأولىالأولى 123456
النتائج 101 إلى 106 من 106

الموضوع: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 95)



    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(3)





    الجواب عن هذه الشبهة :

    المحور الأول : الجواب عن هذا الحديث

    هذا الحديث الذي استشهد به خصوم السنة المطهرة روي من طرق مختلفة كلها ضعيفة لا يصلح شيء منها، بل ولا بمجموعها للاحتجاج والاستشهاد. وكشف عن ذلك علماء الحديث.

    فقال الإمام البيهقي: "قال ابن خزيمة: في صحة هذا الحديث مقال، لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدًا يعرف خبر ابن أبي ذئب من غير رواية يحيي بن آدم، ولا رأيت أحدًا من علماء الحديث يثبت هذا عن أبي هريرة. وهو مختلف على يحيي بن آدم في إسناده ومتنه اختلافًا كثيرًا يوجب الاضطراب، منهم من ينكر أبا هريرة، ومنهم من لا يذكره ويرسل الحديث، ومنهم من يقول في متنه: "إذا رويتم الحديث عنى فاعرضوه على كتاب الله"(1).

    وقال البخاري في تاريخه: وقال يحيى بن آدم عن أبى هريرة وهو وهم، ليس فيه أبو هريرة (2).

    وفي علل ابن أبي حاتم قال: قال أبي: هذا حديث منكر، الثقات لا يرفعونه(3).

    وقال العقيلي في الضعفاء: ليس له إسناد يصح(4).

    والحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات(5).

    وبالجملة: فالحديث بطرقه وشواهده - كما قرر العلماء - لايصلح للاحتجاج والاستشهاد.

    وقد توسع العلامة المعلمي في نقد الحديث وشواهد في تعليقه على الفوائد المجموعة فأفاد وأجاد (6).

    وقال الإمام الشوكاني: "فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته"(7)



    (1) مفتاح الجنة ص39.

    (2)التاريخ الكبير 3/ 474 .

    (3) العلل 2 / 310 .


    (4)الضعفاء الكبير 1 / 32 ، 33 رقم 14 .

    (5)الموضوعات 1/ 257 ، 258 .

    (6)الفوائد المجموعة ، هامش ص 279 وما بعدها .

    (7)الفوائد المجموعة ص 281 .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 96)




    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(4)

    بقية الجواب عن الحديث:
    ويشهد لبطلان الحديث ما فيه من إباحة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.:" قلته أو لم أقله فصدقوا به". وفي لفظ: "ما بلغكم عنى من قول حسن لم أقله فأنا قلته".
    قال ابن حزم:" وهذا هو نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.؛ لأنه حكى عنه أنه قال: " لم أقله فأنا قلته" فكيف ما لم يقله أيستجيز هذا إلا كذاب زنديق كافر أحمق(1)؟.
    وعلى فرض صحة الحديث، فلا دلالة فيه على عدم حجية السنة النبوية، فكل ما يدل عليه أنه من أدلة صدق الحديث أن يكون وفق ما جاءت به الشريعة من المحاسن، فإن جاء على غير ذلك كان دليلاً على كذبه، ونحن نقول بذلك على ما هو مقرر عند المحدثين من علامات وضع الحديث، تكذيب الحس له .
    ويقول الحكيم الترمذي في تأويل الحديث: " قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا حدثتم عنى بحديث تعرفونه، ولا تنكرونه" فنقول من تكلم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. بشيء من الحق، وعلى سبيل الهدي؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم سابق إلى ذلك القول وإن لم يكن قد تكلم بذلك اللفظ الذي أتى به من بعده، فقد أتى الرسول صلى الله عليه وسلم بأصله مجملاً كما ثبت في صحيح السنة من حديث ابن مسعور صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: " ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه" (2) .
    فلذلك قال: " فصدقوا به قلته أو لم أقله"، أي إن لم أقله بذلك اللفظ الذي يحدث به عنى فقد قلته بالأصل والأصل مؤد عن الفرع، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم. بالأصل، ثم تكلم أصحابه والتابعون رضوان الله عليهم أجمعين من بعده بالفروع، فإذا كان الكلام معروفًا عن المحققين غير منكر؛ فهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم - قاله أو لم يقله، يجب علينا تصديقه - وخاصة إذا لم يكن مما يقال من قبل الرأي ولم يرفعوه؛ لأن الأصل قد قاله الرسول صلى الله عليه وسلم. وأعطاه لنا، وإنما قال ذلك لأصحابه الذين عرفهم بالحق، فإنما يعرف الحق المحق بهم، وهم أولوا الألباب والبصائر رضوان الله عليهم أجمعين(3).
    فهذا قول أهل العلم في حديث: "إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه ولا تنكرونه ... إلخ" وشواهده وتبين لنا أنه لا حجة فيه لأعداء السنة وفي منهجهم بعرض السنة على العقل حيث الحكم عليها بالقبول أو الرفض.


    (1) أخرجه ابن حزم في الإحكام 2/ 213 بسند فيه اشعث بن بزار، وقال فيه: كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه، وبسند آخر فيه الحارث والعرزمي وعبد الله بن سعيد، وضعف الأولين وقال في الثالث كذاب مشهور. وانظر: مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص 39، 40.
    (2)أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب البيوع 2/ 5 رقم 2136، وسكت عنه هو والذهبي، وأخرجه من حديث جابر، وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي، ومن وجه آخر عن جابر وصححه الذهبي على شرط مسلم.
    (3)نوادر الأصول 1 / 360 ، 361 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 97)


    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(5)

    المحور الثاني في الرد على هذه الشبهة:
    ونقول أيضًا في بيان تهافت وبطلان شبهة: "عرض السنة على العقل" سائلين القائلين بها:
    أيهما الحاكم على الآخر النقل أم العقل؟
    ما المراد بالعقل الصريح الذي ترددونه؟ وما حدوده؟ وما مدى الاتفاق عليه؟
    وهل يتعارض النقل مع العقل؟ وإذا تعارضا فأيهما أحق التقديم؟
    وأخيرًا هل أهمل المحدثون - حقًا - العقل في قبولهم للحديث وتصحيحه كما تدعون؟
    والجواب :
    1 - ذهب جمهور علماء الأصول إلى أنه ( لا حاكم سوى الله، ولا حكم إلا ما حكم به) وفرعوا على ذلك خلافًا للمعتزلة: "أن العقل لا يحسن ولا يقبح، ولا يوجب شكر المنعم، وأنه لا حكم قبل ورود الشرع"(1) .
    ثم إن الله عزَّ وجلَّ جعل للعقول في إدراكها حدًا تنتهى إليه لا تتعداه، ولم يجعل لها سبيلا إلى الإدراك في كل مطلوب، ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري عزَّ وجلَّ في إدراك جميع ما كان، وما يكون، وما لا يكون، إذا لو كان كيف يكون.
    فمعلومات الله لا تنتاهي، ومعلومات العبد متناهية، والمتناهي لا يساوى ما لا يتناهي، وهذا قول ابن خلدون: "واعلم أن الشارع أعرف بمصالح ديننا وطرق سعادتنا؛ لاطلاعه على ما وراء الحس، والعقل يقف عاجزًا عن إدراك عالم ما وراء الطبيعة، ولا تثقن بما يزعم لك الفكر من أنه مقتدر على الإحاطة بالكائنات وأسبابها، والوقوف على تفصيل الوجود كله، وسفه رأيه في ذلك، وأعلم أن الوجود منحصر في مداركه لايعدوها(2) .
    ويقول الشاطبي مبطلا زعم من قال: إن مصالح الدنيا تدرك بالعقل، في قوله: "إن مصالح الدار الآخرة ومفاسدها لا تعرف إلا بالشرع ، وأما الدنيوية فتعرف بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات".
    قال الشاطبي ردًا: "أما إن ما يتعلق بالآخرة لا يعرف إلا بالشرع فكما قال، وأما ما قال في الدنيوية فليس كما قال من كل وجه، بل ذلك من بعض الوجوه دون بعض ، ولذلك لما جاء الشرع بعد زمان فترة، تبين به ما كان عليه أهل الفترة من انحراف الأحوال عن الاستقامة، وخروجهم عن مقتضى العدل في الأحكام ومن أجل هذا القصور في تلك العقول وقع الإعذار والإنذار كما قال عزَّ وجلَّ: ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ سورة النساء / 165 ] .
    ولو كان الأمر على ما قال بإطلاق، لم يحتج في الشرع إلا إلى بث مصالح الدار الآخرة، خاصة وذلك لم يكن، وإنما جاء بما يقيم أمر الدنيا والآخرة معًا.
    وإن كان قصده بإقامة الدنيا والآخرة، فليس بخارج عن كونه قاصدًا لإقامة مصالح الدنيا، حتى يتأتى فيها سلوك طريق الآخرة، وقد بث في ذلك من التصرفات، وحسم من أوجه الفساد التي كانت جارية، ما لا مزيد عليه.
    فالعادة تحيل استقلال العقول في الدنيا بإدراك مصالحها ومفاسدها على التفصيل، اللهم إلا أن يريد هذا القائل أن المعرفة بها تحصل بالتجارب وغيرها، بعد وضع الشرع أصولها فذلك لا نزاع فيه"(3) .
    ومن هنا وجب أن يقدم ما حقه التقديم - وهو الشرع - ويؤخر ما حقه التأخير وهو نظر العقل؛ لأنه لا يصح تقديم الناقص حاكمًا على الكامل؛ ولأنه خلاف المعقول والمنقول، ولذلك قال: اجعل الشرع في يمينك والعقل في يسارك، تنبيها على تقدم الشرع على العقل(4) .

    (1)انظر : المستصفى 1/ 8 ، والإحكام للآمدي 1/ 76 ــ 90 ، والإبهاج في شرح المنهاج 1/ 43 ، 135 ، وإرشاد الفحول 1/ 56
    (2)المقدمة ص508 .
    (3)الموافقات 2/ 360 .
    (4)الاعتصام 2/ 568 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 98)



    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(6)
    المحور الثالث في الرد على هذه الشبهة:
    ومن قدم العقل على الشرع لزمه القدح في العقل نفسه؛ لأن العقل قد شهد للشرع والوحي بأنه أعلم منه، فلو قدم عليه؛ لكان ذلك قدحًا في شهادته، وإذا بطلت شهادته؛ بطل قبول قوله، بل إن من قدم العقل على الشرع؛ لزمه القدح في الشرع أيضًا.
    يقول الإمام الشاطبي:
    أولاً: "إنه لو جاز للعقل تخطي مأخذ النقل، لم يكن الحد الذي حده النقل فائدة، لأن الفرض أنه حد له حدًا، فإذا جاز تعديه صار الحد غير مفيد، وذلك في الشريعة باطل، فما أدى إليه مثله.
    ثانيًا: ما تبين في علم الكلام والأصول، من أن العقل لايحسن ولا يقبح، ولو فرضناه متعديًا لما حده الشرع، ولكان محسنًا ومقبحًا، وهذا خلف. ثالثًا: أنه لو قدم العقل على النقل؛ لجاز إبطال الشريعة بالعقل، وهذا محال باطل.
    وبيان ذلك: أن معنى الشريعة أنها تحد للمكلفين حدودًا في أفعالهم، وأقوالهم، واعتقاداتهم وهو جملة ما تضمنته. فإن جاز للعقل تعدى حد واحد، جاز له تعدى جميع الحدود؛ لأن ما ثبت للشيء ثبت لمثله، وتعدى حد واحد هو بمعنى إبطاله، أي ليس هذا الحد بصحيح، وإن جاز إبطال واحد، جاز إبطال السائر، وهذا لا يقول به أحد، لظهور محاله"(1)، فكان تقديم العقل على النقل - لا لشيء إلا لأنه عقل - يتضمن القدح في العقل والنقل - كما مر وهذا ظاهر لا خفاء فيه.



    (1)الموافقات 1 /78 ، 79 . وانظر : مختصر الصواعق المرسلة 1 / 110 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 99)

    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(7)
    المحور الرابع في الرد على هذه الشبهة :
    ويقول الدكتور مصطفى السباعي :" وللنظر إلى المسألة من ناحية أخرى:
    لنفرض أن تحكيم العقل في الأحاديث هو الصواب، فنحن نسأل: أي عقل هذا الذي تريدون أن تُحَكِّمُوهُ؟
    أعقل الفلاسفة؟ إنهم مختلفون، وما من متأخر منهم إلا وهو ينقض قول من سبقه.
    أعقل الأدباء؟ إنه ليس من شأنهم، فإن عنايتهم - عَفَا اللهُ عَنْهُمْ - بالنوادر والحكايات.
    أعقل علماء الطب، أو الهندسة، أو الرياضيات؟ ما لهم ولهذا؟
    أعقل المُحَدِّثِينَ؟ إنه لم يعجبكم، بل إنكم تتهمونهم بالغباوة والبساطة.
    أعقل الفقهاء؟؟ إنهم مذاهب متعددة، وعقليتهم - في رأيكم - كعقلية المُحَدِّثِينَ.
    أعقل المُلْحِدِينَ؟ إنهم يرددون أَنَّ إيمانكم بوجود الله، جهل منكم وخرافة.
    أعقل المؤمنين بوجود الله؟ تعالوا نَرَ طوائفهم:
    إن منهم: من يرى أن الله يحل في إنسان فيصبح إلهاً!
    ومنهم: من يرى أن روح الله تتقمص في جسد، فيكون إلهاً!
    ومنهم: من يرى أن الله ومخلوقاته في وحدة كاملة!
    ومنهم: من يرى أن الله ذو ثلاثة أقانيم في ذات واحدة!
    ومنهم: من يرى البقر والفأر والقرد يجب أن يتوجه إليها بالعبادة!
    ستقولون: إننا نريد تحكيم عقل المؤمنين بإله واحد في دين الإسلام.
    فنحن نسألكم: عقل أي مذهب من مذاهبهم ترتضون؟
    أعقل أهل السُنَّة والجماعة؟ هذا لا يُرْضِي الشِيعَةَ، ولا المعتزلة.
    أم عقل الشِيعَةِ؟ هذا لا يرضي أَهْلَ السُنَّةِ، ولا الخوارج.
    أم عقل المعتزلة؟ إنه لا يرضى جمهور طوائف المُسْلِمِينَ!
    فأي عقل ترتضون؟(1) .
    فمجرد الاتفاق على طبيعة العقل الحاكم غير واردة.
    يقول ابن قيم الجوزية: " فإن قالوا: إنما نقدم العقل الصريح الذي لم يختلف فيه اثنان على نصوص الأنبياء فقد رموا الأنبياء بما هم أبعد الخلق منه، وهو أنهم جاءوا بما يخالف العقل الصريح هذا وقد شهد الله وكفى بالله شهيدا، وشهد بشهادته الملائكة وأولوا العلم؛ أن طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، هي الطريقة البرهانية للحكمة كما قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُم ) [ سورة النساء / 174 ]. وقال تعالى: ( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم ) [ سورة النساء / 113 ] فالطريقة البرهانية هي الواردة بالوحي كتابًا وسنة معظمة للرشد ، داعية إلي الخير، والطريقة العقلية - التقليدية التخمينية هي المأخوذة من رجل - من يونان - وضع بعقله قانونا من مقدمتين ونتيجة - يصحح بزعمه علوم الخلائق وعقولهم، فلم يستفد به عاقل تصحيح مسألة واحدة في شيء من علوم بنى آدم، بل ما وزن به علم إلا أفسده، وما برع فيه أحد إلا انسلخ من حقائق الإيمان كانسلاخ القميص عن الإنسان(2) .

    (1)السنة ومكانتها في التشريع 39 ، 40 .
    (2) مختصر الصواعق 1/ 112 ، 113 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,389

    افتراضي رد: الدفاع عن السنة المطهرة ضد المنكرين لحجيتها (متجدد)

    الدفاع عن السنة
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    الحلقة ( 100)




    شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(8)
    المحور الخامس في الرد على هذه الشبهة:
    ونقول لمن حكموا عقولهم في شرع الله عزَّ وجلَّ، وقدموها عليه : إن تحكيم العقل وهو مخلوق في خالقه بحيث يقولون: يجب عليه بعثه الرسل، ويجب عليه الصلاح والأصلح، ويجب عليه اللطف، ويجب عليه كذا، وكيف يجوز هذا في حق الله عزَّ وجلَّ مما ورد في صفاته وأسمائه جل جلاله ــ في كتابه العزيز وسنة نبيه المطهرة؟ وكيف المعجزة؟ وكيف اليوم الآخر، وما فيه من حساب، وعقاب، وجنة، ونار، وميزان، وصراط، وشفاعة ... ؟ إلى آخر ما ينطق به في تلك الأشياء (الإلهيات والنبوات والمعجزات للأنبياء والسمعيات الغيبية).
    نقول: إن قولكم بعقولكم في تلك الأمور ــ اعتراضًا ــ هذا يجب، هذا يستحيل، كيف هذا. هذا منكم اجتراء على الله عزَّ وجلَّ، وعلى عظمته جل جلاله، واعتراض على حكمه وشرعه الحكيم، وتقديم بين يدي الله ورسوله، ومن أجَلّ الباري وعظّمه وعظّم حكمه وشرعه، لم يجترئ على ذلك، فلله عزَّ وجلَّ الحجة البالغة والحكمة الكاملة، ولا معقب لحكمه؛ فوجب الوقوف مع قوله تعالى: ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِين)[ سورة الأنعام / 149 ]. وقوله تعالى: ( لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون) [ سورة الأنبياء / 23 ] . وقوله تعالى: ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِه) [ سورة الرعد / 41 ]. ويكفيك في فساد عقل معارض الوحي قرآنًا وسنة اجتراءه على عصمة ربه عزَّ وجلَّ.
    فكيف نجعل العقل حاكمًا على شرعه "كتابًا وسنة"، ونقدمه عليه بعد كل هذا، وكيف نتصور أن الشارع الحكيم يشرع شيئًا يتناقض مع العقول المحكومة بشرعه الحنيف.
    يقول الدكتور السباعي: "من المقرر في الإسلام أنه ليس فيه ما يرفضه العقل، ويحكم باستحالته ولكن فيه - كما في كل رسالة سماوية _ أمور قد "يستغربها" العقل ولا يستطيع أن يتصورها(1) . في (الإلهيات والنبوات والمعجزات والسمعيات) فتلك الأمور فوق نطاق العقل وإدراكه، وقد يحصل الغلط في فهمها فيفهم منها ما يخالف صريح العقل، فيقع التعارض بين ما فهم من النقل وبين ما اقتضاه صريح العقل، فهذا لايدفع.
    " لأن هذه العقائد - كما يقول ابن خلدون - متلقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعديل عليه ... ، فإذا هدانا الشارع إلى مدرك؛ فينبغي أن نقدمه على مداركنا، ونثق به دونها، ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه، بل نعتمد ما أمرنا به اعتقادًا وعلمًا، عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع، ونعزل العقل عنه"(2) .
    ويقول في موضع آخر: "وليس ذلك بقادح في العقل ومداركه، بل العقل ميزان صحيح؛ فأحكامه يقينية، لا كذب فيها غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة، وحقيقة النبوة، وحقائق الإلهية، وكل ما وراء طوره، فإن ذلك طمع في محال ... ، ومن يقدم العقل على السمع في أمثال هذا القضايا، فذلك لقصور في فهمه، واضمحلال رأيه، وقد تبين لك الحق من ذلك"(3) .



    (1) السنة ومكانتها في التشريع ص34
    (2) المقدمة ص 548 بتصرف .
    (3) المقدمة ص 509 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •