الخطوات العشر قبل الشروع في البحث
د. إبراهيم عبداللطيف العبيدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، وبعد:
فغالبًا ما نُطالع في مقدِّمات بعض البحوث والدراسات أن الباحث قبل أن يتمَّ بحثَه يُفاجَأ بوجود بحث أو دراسات مشابهة لعنوانه أو قريبة من دراسته، والواقع أن توارُد الأفكار أمرٌ واردٌ جدًّا؛ ولكن يبقى مثارًا للاستغراب في عصر العالم الرقمي والانفتاح التكنولوجي الذي قرَّب البعيد، وطوى مسافات الزمان والمكان.

وحتى لا يذهب جهد الباحث سُدًى، ولا يكون كذلك موطنًا للتهمة عليه قبل الشروع في البحث مراعاة هذه الخطوات التي من شأنها تصحيح المسار، وتوجيه الهدف بدقَّة نحو المطلوب، وهي على النحو الآتي:
1- التحري والبحث عن العنوان الذي اختاره من خلال البحث في الفهارس ومحركات البحث الإلكترونية؛ مخافة وروده بنصِّه أو قريبًا منه، زيادة إلى الأفكار التي احتواها للعُدُول عنها من البداية، وتجنُّب الوقوع في جهد ضائع، أو الشروع فيه والمواصلة إلى النهاية.

2- اختيار العنوان الجامع المانع المختصر، ويُقصد بـ(الجامع) الذي يجمع كل ما يندرج تحته، و(المانع) الذي يمنع غيره مما لا ينطبق عليه البحث من الدخول فيه، مع التذكير بمراعاة اختصار العنوان قدر الإمكان.

3- ورود عنوان مشابه لا يعني بالضرورة التطابُق في الأفكار والمنهج؛ ولكن يُنبِّه الباحث بوجود جهد مقارب قد يكون في ثنايا البحث أو الدراسة، ومن هنا وجب عليه قراءته أو على الأقل الإلمام بمحتواه، من خلال قراءة المقدمة والخاتمة والمحتويات، والاطِّلاع العام على المحتوى وقائمة المصادر والمراجع.

4- كلما كان العنوان مختارًا بعناية ودقَّة كان جذَّابًا بشكل أكبر مع التنويه على عدم المبالغة في اختيار العنوان الغريب حتى يكون جذَّابًا، فالأصل أن يتوافق العنوان مع المحتوى، ومن هنا قيل: "الكتاب يُقرأ من عنوانه".

5- استبعاد أدوات الاستثناء والتجزئة من العنوان؛ مثل: (إلا، بعض، جزء، وغيرها) واستعارة الأدوات أو الكلمات المناسبة التي تتَّسِق مع مضمون البحث.

6- جمع المصادر ورصد أماكن وجودها وتدوينها وتوثيقها حتى لا يختلط بعضها مع بعض؛ لكي يتسنَّى له الرجوع إليها مستقبلًا عند الوصول إلى الفصل أو المبحث أو المطلب المعني بالبحث والكتابة.

7- ولا بأس بجمع المصادر وحصرها - إن كانت في مكتبة عامة، أو في مكان عامٍّ - على طاولة مثلًا، وحجزها ليومين أو ثلاثة، ووضع ورقة تفيد أن الباحث ينوي الرجوع إليها قريبًا، أو استعارتها إلى بيته إن كان هذا ممكنًا، دون المماطلة بإرجاعها.

8- عدم الولوج في علم بعيد عن تخصُّص الباحث أو دراسته لمجرد رواج هذا العلم، وشيوعه، وانتشار المؤسسات المنبثقة منه، أو الداعمة له، ما لم يتبع ذلك رغبة حقيقية من الباحث فيه.

9- تذكَّر أيُّها الباحث الكريم أن بحثك هو مسؤوليتك، وأنت مَنْ سيسأل عنه ويناقش فيه، فاستشعر هذه المسؤولية (الأخروية والدنيوية معًا) في كل صفحة وسطر وكلمة تكتبها.

10- المشرف في الغالب هو مجرد موجِّه مؤتمن، فلا تعتمد عليه أكثر مما ينبغي، فقد يتوقف توجيهه في النهاية أو في وسط الطريق.

وختامًا:
استعن بالله ولا تعجز، ولا تظنَّ أن هذه الخطوات تثبيط لك؛ بل تصويب لمسارك وتصحيح له منذ البداية؛ حتى يكون تخطيطك سليمًا، ومسارك صحيحًا إلى نهاية الطريق.

والله أسأل لي ولك التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.