تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حديث "هلموا أكتب لكم" في صحيح البخاري

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,805

    افتراضي حديث "هلموا أكتب لكم" في صحيح البخاري

    حديث "هلموا أكتب لكم" في صحيح البخاري
    د. عبدالحكيم الأنيس


    روى البخاريُّ هذا الحديث في مواضع عدة:
    فرواه في كتاب العلم، باب كتابة العلم، بسنده عن عبيدالله بن عبدالله [أي ابن عتبة بن مسعود] عن ابن عباس قال: لما اشتدَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وجَعُه قال: ائتوني بكتاب أكتبْ لكم كتابًا لا تضلوا بعده.
    قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتابُ الله حسبنا. فاختلفوا، وكثر اللغط. قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع.
    فخرج ابنُ عباس يقول: إنَّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه"[1].
    ♦♦♦

    ورواه في كتاب الجهاد، باب جوائز الوفد، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يومُ الخميس وما يوم الخميس. ثم بكى حتى خضب دمعُه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعُه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا: هـجرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: دعوني، فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه.
    وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنتُ أجيزهم، ونسيتُ الثالثة"[2].
    ♦♦♦

    ورواه في كتاب الجزية والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، عن سعيد عن ابن عباس، والاختلاف كما يأتي:
    "فقالوا: ما له؟ أهـجرَ؟ استفهموه. فقال: ذروني....".
    وفي آخره: "والثالثة"، إما أنْ سكتَ عنها، وإما أن قالها فنسيتُها".
    قال سفيان [ابن عيينة]: هذا مِنْ قول سليمان [أي الأحول شيخ سفيان][3].
    ♦♦♦

    وأعاده ثالثة عن سعيد في كتاب المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، والنص واحد، ولكن فيه زيادة:
    (فذهبوا يردُّون عليه فقال: دعوني...)[4].
    ♦♦♦

    وأعاد هنا حديثَ عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس ونصه:
    قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجالٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلموا أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده.
    فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله.
    فاختلف أهـلُ البيت واختصموا، فمنهم مَنْ يقول: قربوا يكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك.
    فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: قوموا.
    قال عبيدالله: فكان يقولُ ابن عباس: إن الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم".
    ♦♦♦

    وأعاد هذا الحديث بسنده ولفظه في كتاب المرض، باب قول المريض: قوموا عني، بزيادة هي:
    "وفي البيت رجالٌ فيهم عمر بن الخطاب..."[5].
    ♦♦♦

    وأعاده في كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنة، باب كراهية الاختلاف، وفيه زيادة جملة هي:
    "فمنهم مَنْ يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا لن تضلوا بعده، ومنهم مَنْ يقولُ ما قال عمر"[6].
    ♦♦♦

    الخلاصة
    • لابن عباس في هذا الحديث راويان:
    ١- عبيدالله بن عبدالله.
    ٢- سعيد بن جبير.
    ولم يَنسب واحدٌ منهما إلى عمر أنه قال: هجر، وإنما عبارته: (إن رسول الله قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله).
    • روى البخاري هذا الحديث في سبعة مواضع: ثلاثة منها عن سعيد، وأربعة عن عبيد الله.
    ♦♦♦

    وقد رأى العلماءُ هذا الحديث من المشكلات، وسلكوا في تأويله مسالك، منها:
    • أن أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان الأصل فيها الوجوب، إلا أن الأمر قد يرد للإباحة، أو للتخيير، كما هو مقرر في علم الأصول، وفي علم المعاني، ويفهم ذلك بقرائن الأحوال، ولعل عمر -ومَنْ أقرَّه من الصحابة على ما قال- فهموا من هذا الأمر أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُردْ به الإيجاب، بل التخيير.
    • وأن عمر لما رأى ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوجع، خشي أن يشق عليه إملاء الكتاب، وأن يتعبه فقال ما قال إشفاقًا عليه صلى الله عليه وسلم، وإيثارًا لراحته، يؤيد ذلك قولُه: (إن النبي عليه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا).
    • وأن عمر لم يقل: حسبنا كتاب الله، ردًّا على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ردًّا على مَنْ نازعه من الصحابة.
    • والذي أراه أنَّ عمر قد تعوَّد خلال صحبته الطويلة للرسول صلى الله عليه وسلم أنْ يبدي له رأيه لما يَعلم من إذنهِ له بذلك ولرضاهُ عنه، وقد جاء في أخبار صحبته مواقفُ كثيرةٌ كان يَقترحُ فيها على رسول الله أمورًا، ويطلبُ منه أمورًا، ويسأله عن أمور، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرُّه على ما فيه الصواب، ويردُّه عن الخطأ، فلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا) اقترحَ عليه عمر - على عادته التي عوَّده الرسولُ إياها- أن يكتفي بكتاب الله. فأقرَّه الرسولُ صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولو كان يريد الكتابةَ لأسكتَ عمرَ، ولأمضى ما يريد.
    ولا بد من القول:
    • أنَّ ابن عباس استنكرَ التنازع، ولم يُنكرْ على عمر اقتراحه.
    • أن ابن عباس نفسه شهد لعمر أنه فارقَ النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنه راضٍ، كما في (صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه)، ونصُّه:
    "عن المسور بن مخرمة قال: لما طُعِنَ عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس - وكأنه يجزِّعه-:
    يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذلك، لقد صحبتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنتَ صحبته، ثم فارقتَه وهو عنك راض.
    ثم صحبتَ أبا بكر فأحسنتَ صحبته، ثم فارقتَه وهو عنك راض.
    ثم صحبتَ صحبتَهم فأحسنتَ صحبتَهم، ولئن فارقتَهم لتفارقنهم وهم عنك راضون.
    قال: أمّا ما ذكرتَ من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه فإنما ذاك منٌّ مِنَ الله تعال منَّ به عليَّ.
    وأما ما ذكرتَ من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منٌّ مِنَ الله جلَّ ذكرُه منَّ به عليَّ.
    وأما ما ترى مِنْ جزعي فهو مِنْ أجلك وأجل أصحابك، والله لو أنَّ لي طِلاع الأرض ذهبًا لافتديتُ به مِنْ عذاب الله عز وجل قبل أنْ أراه..."[7].
    إنَّ صورة عمر في "صحيح البخاري" صورة مشرقة، ويجبُ ألا يُستل حديث الوفاة هذا ويُتغاضى عن سائر الأحاديث التي فيها ذكرٌ له، لاسيما الحديثان اللذان يصفُ فيهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمرَ بالدين والعلم، وهما:
    حديث أبي سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينا أنا نائم رأيتُ الناسَ يُعرضون عليَّ وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره). قالوا: فما أولتَ ذلك يا رسول الله؟ قال: (الدين).
    وحديث ابن عمر قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائمٌ أتيت بقدح لبنٍ فشربتُ حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب). قالوا: فما أولتَه يا رسول الله؟ قال: (العلم).
    إن من أخطر الأمور في البحث تقطيع أطرافه، وتفريق مجموعه.

    [1] الصحيح ضمن الفتح (1 /208).
    [2] الصحيح ضمن الفتح (6 /170).
    [3] الصحيح ضمن الفتح (6 / ٢٧٠-٢٧١).
    [4] الصحيح ضمن الفتح (8 /132).
    [5] الصحيح ضمن الفتح (10 /126).
    [6] الصحيح ضمن الفتح (13 /336).
    [7] الصحيح ضمن الفتح (7 /43) برقم (3692).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,805

    افتراضي رد: حديث "هلموا أكتب لكم" في صحيح البخاري


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,805

    افتراضي رد: حديث "هلموا أكتب لكم" في صحيح البخاري

    القارئ : حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : ( لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه ) .
    الشيخ : نعم . الشاهد من هذا قوله : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا ، وقوله أكتب لكم هل معناه آمر من يكتب ، أو يكتب هو بيده ، هذا يحتمل وهو مبني على هل النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أوحي إليه صار يكتب أو لا؟ وفي هذا خلاف بين العلماء منهم من قال إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يكتب بعد نزول الوحي عليه ، لأن الله قال : (( وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون )) ثم بعد ذلك يتعلم وصار يخط ، ومنهم من قال لا يخط ولا يعرف إلا أن يكتب كلمات يسيرة كاسمه وما أشبه ذلك ، يكتب اسمه أو ما أشبه ذلك ، وبناءاً على هذا القول يقول أكتب لكم يعني آمر من يكتب والآمر بالشيء كفاعله ، ولهذا يقال مثلاً : بنى الملك المدينة أو بنى قصره ، وليس هو المعنى البناء ، أي بل أمر من يبنيه ، وقوله : ( كتاباً لا تضلوا بعده ) اختلف العلماء في قوله : كتابا لا تضلوا بعده ، فإن كان المراد لا تضلوا بعده في الشريعة فلا شك أن كتاب الله خير من ذلك ، كما قال عمر حسبنا كتاب الله، لأن كتاب الله أفضل مما سيكتب، وإن كان المعنى كتاباً لا تضلوا بعده بالنسبة للخلافة وأن الرسول أراد أن يكتب لما رأى نفسه ثقل به المرض واشتد به المرض أراد أن يكتب كتاباً في الخلافة ، فإن من رحمة الله أن الله تعالى يسر أو قدر أن عمر يعارض حتى يكون انتخاب أبي بكر برضىً من الصحابة مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى خلافته فهو نائبه في الحج عام تسعة ، فإن أبا بكر حج بالناس في السنة التاسعة بالاتفاق ، وتخليفه في أمامة الناس في الحج إشارة إلى أنه هو الخليفة من بعده في إمامة الناس في مسائل الخلافة، ثانياً : أن الرسول خلفه في أمته في الصلاة حتى إنه قال ادعوا لي أبي بكر فحاول أن يكون عمر فأبى إلا أبا بكر ، وثالثاً أنه قال : ( يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر ) ورابعا : ( إن امرأة أتته فقال إرجعي إلي فكأنها أشارت إلى الموت فقال إن لم تجديني لما قالت إن لم أجدك ، قال إن لم تجديني فأت أبا بكر ) كل هذا فيه إشارة إلى أن أبا بكر هو الخليفة فإذا انضم إلى ذلك اختيار الصحابة صار هذا أبلغ في ثبوت الخلافة وعدم فرضها وفي اقتناع الناس بها فكان من رحمة الله أن ألهم الله سبحانه وتعالى عمر رضي الله عنه بهذا ، فيكون من باب ، من توفيق الله له في إصابة الصواب ، لكن الذي يظهر من قوله : عندنا كتاب الله ، الذي يظهر هو المعنى إيش
    الطالب : الأول
    الشيخ : المعنى الأول ، وأن عمر رضي الله عنه رأى أن كتاب الله كاف عن كل كتاب ، وأما عتب ابن عباس رضي الله عنهما على عمر قوله: إن الرزية كل الرزية إلخ ، إنه أخطأ وأصاب عمر، لأن عمر لا شك أفقه من ابن عباس وأعلم من ابن عباس وهو الذي وفقه الله تعالى للصواب فكانت الرزية كل الرزية هو قول ابن عباس رضي الله عنه فإن هذا الاعتراض لا وجه له ، وعمر أفقه منه وأحكم منه ، وأعلم منه بدلائل الأحوال ، وأعلم منه بما يترتب في المستقبل ، لو أن الرسول كتب هذا الكتاب على أنه هو الكتاب الذي لا نضل بعده ، ماذا يكون إقبال الناس على القرآن ، يهجر ولا يلتفت الناس إليه ، لأن عندهم الكتاب الذي قال لهم الرسول لن تضلوا بعده ، ثم إن الله قضى بحكمته جل وعلا إنه لا بد أن يضل من يضل من هذه الأمة حتى لو كتب الكتاب فلا بد أن يضل من يضل من هذه الأمة كما هو الواقع ، وإن كان قد يقال إنه ربما لو كتب هذا الكتاب لم تضل ، لكن حكمة الله عز وجل تأبى إلا أن يكون الأمر كما وقع ، وفي هذا دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم قد يختلفون في الأشياء وترتفع أصواتهم ويكثر اللغط فيما بينهم ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يكره ذلك ولهذا أمرهم بالقيام وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا ينبغي عليه التنازل ) فهل المراد لا ينبغ عند التنازل عند هذه الحال أو مطلقا؟ مطلقاً ، الثاني الرسول عليه الصلاة السلام لا يريد التنازع يريد من هذه الأمة أن تتفق وأن لا تتنازل بل قال الله له : (( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله )) ولذلك الآن لما تنازعت الأمة صار بعضها يقاتل بعضاً وتركوا قتال من؟
    الطالب : الكفار
    الشيخ : قتال الكفار ، صارت المحن والفتن بينهم وتركوا قتال الكفار وحصل ما حصل على الأمة الإسلامية ، نسأل الله أن ينقذنا من ذلك.

    https://alathar.net/home/esound/inde...evi&coid=39659

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •