وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي..



- الوفاءُ ضد الغَدْر، وعلى الإنسان أن يفي بالعهد الذي ألزم نفسه به، وألا ينقضه، وأن يتحمل ويصبر في إنفاذ عهده الذي قطعه للآخرين؛ ذلك لأن الوفاء بالعهد نوع من الصدق والعدل، بينما الغدر أخو الكذب والظلم.

- وعظَّم الله أمر الوفاء بالعهد؛ فقال -تعالى-: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (البقرة:40)، والوفاء بالعهد من الإيمان بالله، ومن الفضائل المحمودة لدى المؤمنين، قال -تعالى-: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} (النحل: 91).

- وامتدح الله الموفين بعهدهم، ووصفهم بالمتقين، فقال -تعالى-: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة: 177)، وقال: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 76).

- ونقض الميثاق يؤدي إلى سوء السلوك والأخلاق، ويستوجب اللعن من الله وجَعْلَ القلوب قاسية، قال -تعالى-: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ} (المائدة: 13).

- وإن الله سيسأل ناقض العهد، وذلك في قوله -سبحانه-: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (الإسراء: 34)، قال الطبري: «إن الله جلَّ ثناؤه سائلٌ ناقضَ العهد».

- ووصف الله الموفين بعهد الله بأنهم أولو عقول وأفهام، فقال -تعالى-: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ} (الرعد: 19-20)

- ورتب الله على وفاء المؤمن بعهده أجرا عظيما، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح:10)

- ولقد أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بالوفاء بالعقود فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ..} (المائدة:1)، أي: بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها، وهذا شامل للعقود التي بين العبد وربه، وفي أصول الدين وفروعه، فكلُّها داخلة في العقود التي أمر الله بالوفاء بها.

- قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنَّ، كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر»، قال ابن عثيمين: «وأما إخلاف الوعد فحرام، بل يجب الوفاء به، سواء وعدته مالًا، أم وعدته إعانة تعينه في شيء، أو أي أمر من الأمور، إذا وعدت فيجب عليك أن تفي بالوعد».





سالم الناشي