زكاة الفطر (1)

د. أمين بن عبدالله الشقاوي


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فمن العبادات التي أوجبها الله على المسلمين في ختام هذا الشهر المبارك - زكاة الفطر، وقد شرعها الله للصائمين تطهيرًا للنفس من أدران الشح، وتطهيرًا للصائم مما قد يؤثر فيه، وينقص ثوابه من اللغو والرفث، ومواساةً للفقراء والمساكين، وإظهارًا لشكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعل ما تيسَّر من الأعمال الصالحة فيه؛ روى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: فَرَضَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلمَسَاكِيْنِ[1]، وتجب زكاة الفطر على كل مسلم ذكرًا كان أو أنثى، حرًّا كان أو عبدًا، إذا ملك المسلم صاعًا زائدًا عن حاجته وأهل بيته في يوم العيد وليلته؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: فَرَضَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ، وَالْـحُرِّ وَالذَّكَرِ، وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، مِنَ الْـمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ»[2].
وإن أخرجها عن الحمل تطوعًا فلا بأس بذلك؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»[3]، وفي رواية عنه: «وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ»[4].
وينبغي للمسلم أن يخرج أطيب هذه الأصناف وأنفعها للفقراء والمساكين، فلا يخرج الرديء؛ قال تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].
وذهب بعض أهل العلم أمثال شيخ الإِسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله إلى أنه يجزئ عن المسلم أن يخرج زكاة الفطر من غير الأصناف المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري، ما دامت هذه الأصناف من جنس ما يقتات به أهل البلد مثل الأرز وغيره[5].
ومقدار الصاع الوارد في زكاة الفطر: أربعة أمداد، وهو ما يساوي ثلاثة كيلو تقريبًا، وهذا ما تفتي به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء[6].
اللهم إنا نسألك شكرَ نعمتك، وحسن عبادتك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأسئلة:
1- على من تجب زكاة الفطر؟ ولماذا شرعت؟
2- ما أصناف الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر؟ وهل يجوز إخراجها من غير الأصناف التي ذُكرت في حديث أبي سعيد الخدري؟
3- ما مقدار زكاة الفطر؟




[1] قطعة من حديث في سنن أبي داود برقم (1609)، وحسنه الشيخ الألباني –رحمه الله- في صحيح سنن أبي داود (1 /303) برقم (1420).
[2] صحيح البخاري برقم (1503)، وصحيح مسلم برقم (984).
[3] صحيح البخاري برقم (1508)، وصحيح مسلم برقم (985).
[4] صحيح البخاري برقم (1510).
[5] فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/68-69).
[6] فتاوى اللجنة (9 /371) برقم (12572).