ريحانة رضي الله عنها قد اخْتُلِفَ في اسم أبيها, وفي قبيلتها, وفي كونها زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم, أو أَمَة له صلى الله عليه وسلم, وفي كونها ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قبله.
فأما الاختلاف في اسم أبيها:
فقال ابن إسحاق: ((رَيْحَانَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ خُنَافَةَ([1]))).
وقال ابن سعد ورواه عن الواقدي: ((رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُنَافَةَ بْنِ شَمْعُونَ بْنِ زَيْدٍ([2]))).
قلت: وقد يكون الواقدي ذكر الاسم كاملًا, بينما اختصره ابن إسحاق.
وأما الاختلاف في قبيلتها:
فذهب ابن سحاق إلى أنها من بني قريظة.
قال ابن إسحاق: ((إحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ([3]))).
وذهب ابن سعد ورواه عن الواقدي إلى أنها من بني النضير.
قال ابن سعد: ((مِنْ بَنِي النَّضِيرِ, وَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً رَجُلًا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ
يُقَالُ لَهُ: الْحَكَمُ؛ فَنَسَبَهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لِذَلِكَ([4]))).
قال ابن عبد البر: ((والأكثر أنها من بني قريظة([5]))).
وأما الاختلاف في كونها أَمَةً أو زوجة:
فذهب ابن إسحاق إلى أنها كانت أمة له, وليست زوجة.
قال ابن إسحاق: ((فَكَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَيْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَضْرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ تَتْرُكُنِي فِي مِلْكِكَ، فَهُوَ أَخَفُّ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ، فَتَرَكَهَا([6]))).
وذهب الواقدي إلى أنها كانت زوجة له صلى الله عليه وسلم.
قال الواقدي – بعدما روى مارواه ابن إسحاق -: ((كَانَتْ أَمَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، وَكَانَتْ تَحْتَجِبُ فِي أَهْلِهَا وَتَقُولُ: لَا يَرَانِي أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَهَذَا أَثْبَتُ الْحَدِيثَيْنِ عِنْدَنَا([7]))).
ورجح ابن القيم رحمه الله قول ابن إسحاق أنها كانت أَمَةً, فقال:
((قِيلَ: وَمِنْ أَزْوَاجِهِ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدٍ النَّضْرِيَّةُ، وَقِيلَ: الْقُرَظِيَّةُ؛ سُبِيَتْ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانَتْ صَفِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً، ثُمَّ رَاجَعَهَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ كَانَتْ أَمَتَهُ وَكَانَ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا، فَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي السَّرَارِيِّ لَا فِي الزَّوْجَاتِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْوَاقِدِيِّ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ , وَقَالَ: هُوَ الْأَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ, وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهَا مِنْ سَرَارِيِّهِ، وَإِمَائِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ([8])))ا ه.
وأما الاختلاف في وقت وفاتها:
فذهب ابن إسحاق إلى أنها ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق: ((فَكَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ([9]))).
وأما الواقدي فقال بأنها ماتت قبل النبي صلى الله عليه وسلم, حيث قال: ((فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَتْ مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ, فَدَفَنَهَا بِالْبَقِيعِ([10])))ا ه.
ويظهر من كلام ابن حجر رحمه الله أنه يرجح قول الواقدي؛ حيث قال: ((ومن طريق الزُّهريِّ: أنَّه لما طلقها كانت في أهلها، فقالت: لا يراني أحد بعده.
قال الواقدي: وهذا وَهَمٌ، فإنَّها توفيت عنده([11])))ا ه.
[1])) ((سيرة ابن هشام)) (2/ 245).
[2])) ((الطبقات)) (8/ 129).
[3])) ((سيرة ابن هشام)) (2/ 245).
[4])) ((الطبقات)) (8/ 129).
[5])) ((الاستيعاب)) (4/ 1847).
[6])) ((سيرة ابن هشام)) (2/ 245).
[7])) ((مغازي الواقدي)) (2/ 521).
[8])) ((زاد المعاد)) (1/ 110).
[9])) ((سيرة ابن هشام)) (2/ 245).
[10])) ((الطبقات)) (8/ 130).
[11])) ((الإصابة)) (8/ 146).