قيل: (بقدر ما تخزن للدنيا يخرج هم الآخرة من قلبك، وبقدر ما تخزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك).
قيل: (بقدر ما تخزن للدنيا يخرج هم الآخرة من قلبك، وبقدر ما تخزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك).
قال مالك بن دينار: (إن البدن إذا سقم لم ينجح فيه طعام ولا شراب ولا نوم ولا راحة، وكذلك القلب إذا علقه حب الدنيا لم تنجح في الموعظة).
قالت لي نفسي: كَثُرت الهموم والآلام وتمثلت بقول القائل:
فلو كان رمحًا واحدًا لاتقيته ... ولكنه رمحٌ وثانٍ وثالث
فقلت لها: يا نفس صبرًا أنت أعلم بحالنا، فتلك الرماح ما هي إلا بما كسبت أيدينا ... وربُّكِ يعفو عن كثير ...
بارك الله فيكم ونفعنا بما قلتم
ورزقكم الله الاخلاص فيما كتبتم
موضوعكم هذا يلامس القلب بارك الله فيكم
يا نفس مهلًا ... وتفهمي حقيقة ما تطلبين ... وانظري ما عَلَقَ في قلوب المتفهمين ... فالعاقل بالسابقين بصير ...
قال الفضيل بن عياض: (لو كانت الدنيا ذهب يفنى والآخرة خزف يبقى، لكان ينبغي أن تؤثر خزفًا يبقى على ذهب يفنى، فكيف والدنيا خزف يفنى والآخرة ذهب يبقى).
واستني نفسي وقالت: عندما تُثْقِلُك الهموم وتعتلي قلبك الأوجاع، حتمًا ستجد علامة من علامات البِشْر والنصر تفرج وتذيب شيئًا من تلك الهموم والآلام والأوجاع ...
إذا اشتملتْ على اليأس القلوب ... وَضَاْقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ
وأوطنت المكارهُ واستقرت ... وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهـًا ... ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثُ ... يمنُّ به اللطيفُ المستجيبُ
وكلُّ الحادثاتِ اذا تناهتْ ... فَمَوْصُولٌ بِهَا فَرَجٌ قَرْيَبُ
قال سماحة الوالد الشيخ مصطفى بن محمد بن مصطفى حفظه الله وردَّه إلينا سالمًا على غلاف كتابه الماتع عقد المَرجان في أحكام رمضان:
(الأيام تمر مر السحاب، وتمضي السنون سراعًا وجُلنا في غمرة الحياة ساهون، وقل من يتذكر أو يتدبر واقعنا ومصيرنا، مع أننا نقرأ قول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) الفرقان : 62
والمسلم في عمره المحدود وأيامه القصيرة في الحياة قد عوضه الله تعالى بمواسم الخير وأعطاه من شرف الزمان والمكان ما يستطيع أن يعوض أي تقصير في حياته إذا وفِّقَ لإستغلال هذه المواسم والعمل فيها، ومن هذه المواسم شهر رمضان المبارك وقد أجمع العقلاء على أن أنفس ما صُرِفت له الأوقات هو عبادة ربّ الأرض والسماوات، ولما كانت الأزمنة الفاضلة من أنسب أوقات الجِد والاجتهاد في الطاعة وكان شهر رمضان من مواسم الجود الإلهي العميم ، فحريُّ بالمؤمن أن يجتهد أو يعقد العزم على الاجتهاد في هذا الشهر الكريم).
قال سماحة الوالد شيخنا عادل بن يوسف العزازي في كتابه الرائع مشاهد الإيمان في شهر رمضان: (مشاهد الإيمان تنجلي على الصائمين في شهر رمضان، ذلك الشهر الذي اختصَّه الله -عز وجل- وفضَّله على باقي الشهور؛ ففرض فيه الصيام، وأنزل فيه القرآن، وفرض فيه صدقةَ الفِطْر، وتجلَّت فيه الخيرات ففتَح أبواب الجِنان وأغلق أبواب النيران، وصفَّد فيه الشياطين، وفيه عِتْق الرقاب، ومغفرة الذنوب والآثام، ونحو ذلك مما تفضَّل الله به على عباده).
يا غافلًا عن القيامة ستدري بمن تقع الندامة ... يا معرضًا عن الاستقامة أين وجه السلامة ... يا مبنيًا بالقدرة سينقض بناؤك ... ويا مستأنسًا بداره ستخلو أوطانك ... يا كثير الخطايا سيخف ميزانك ... يا مشغولًا بلهوه سينشر ديوانك ... يا أعجمي الفهم متى تفهم؟ أتعادي النصيح وتوالي الأرقم وتؤثر على طاعة الله كسب درهم ... وتفرح بذنب عقوبته جهنم ... ستعلم حالك غدًا ستعلم سترى من يبكي ومن يندم ... ابن الجوزي.
يا من لا يؤثر عنده وعده ووعيده ولا يزعجه تخويفه وتهديده ... يا مطلقًا ستعقله بيده ثم يفنيه البلى ويبيده ثم ينفخ في الصور فيبتدأ تجديده (كما بدأنا أول خلق نعيده) فرقنا بالموت ما جمعنا ومزقنا بالتلف ما ضيعنا ... فإذا نفخنا في الصور أسمعنا محكم الميعاد في الميعاد ونجيده (كما بدأنا أول خلق نعيده) كم حسرة في يوم الحسرة ... وكم سكرة من أجل سكرة يومًا قد جعل خمسين ألف سنة قدره كل ساعة فيه أشد من ساعة العسرة نبني فيه ما نقضناه ونشيده (كما بدأنا أول خلق نعيده) قربنا الصالحين منا وأبعدنا العاصين عنا أحببنا في القدم وأبغضنا ... فمن قضينا عليه بالشقاء أهلكنا فهو أسير البعد وطريده ومن سبقت لهم منا الحسنى فنحن ننعم عليه ونفيده (كما بدأنا أول خلق نعيده). ابن الجوزي.
يوم كله أهوال شغله لا كالأشغال ... يتقلقل فيه القلب والبال ... فتذهل عقول النساء والرجال ومن شدة ذلك الحال لا ينادي وليده تجري العيون ... وترى العاصي يقلق ويتقلى ويتمنى العود فيقال: (كلا)... والويل كل الويل لمن لا نريده تخشع فيه الأملاك وتطير فيه الضحاك ويعز على المحبوس الفكاك ... فأما المؤمن التقي فذاك عبده إخواني ارجعوا بحسن النزوع والأوبة واغسلوا بمياه الدموع ماضي الحوبة ... وقد نصبنا للمذنب شرك التوبة أفترى اليوم تصيده ... يا من لا يزال مطالبًا مطلوبًا ... يا من أصبح كل فعله محسوبًا إن حركك الوعظ إلى التوبة صرت محبوبًا ... وإن كان الشقا عليك مكتوبًا فما ينفع ترديده ... ابن الجوزي.
عجيب أمرك يا نفسي ... تزيني لي المعاصي والآثام ... ولا تلومني على إسرافي فيهما ... وعندما أفعل القليل من الطاعة ... تمنيني وتجعليني أشعر ... وكأني ملكت مفتاح الجنة ... يا نفس كفاكي ...
عندما تسمو النفس بالطاعة ... تحتقر ما كانت عليه وقت الذنوب والمعاصي.
رمضان انفرط عقده ... فأدركه قبل الندم.
انفرط العقد ويا حسنه ... حباته تجري كقطر الندى
ذكِّر نفسك حتى وإن تململت بأنها ... أيام معدودات سرعان ما تنصرم.
العدو محبوب ... وما يدعو إليه مطلوب ... وما يعلمه عنك أكيد ... ويسانده عدو أشد ... وما عليك إلا الانتصار ... إنها معركة شديدة ... إنها معركة بينك وبين نفسك والشيطان ...
قال ابن المبارك: (إذا عرف الإنسان قدر نفسه يصير عند نفسه أذل من الكلب).
تيقظ:
تَيَقَّظْ فَإِنَّكَ فِي غَفْلَــــةٍ ... يُمِيدُ بِكَ السُّكْرُ فِيمَنْ يُمِيـدُ
وَأَيُّ مَنِيعٍ يَفُوتُ الْبِلَـــى ... إِذَا كَانَ يَبْلَى الصَّفَا وَالْحَدِيدُ
إِذَا الْمَوْتُ دَبَّتْ لَهُ حِيلَةٌ ... فتلك التي كنت منها تَحِيـــدُ
أَرَاكَ تُؤَمِّلُ وَالشَّيْبُ قَــدْ ... أَتَاكَ بِنَعْيِكَ مِنْهُ بَرِيــــــدُ
وَتَنْقُصُ فِي كُلِّ تَنْفِيسَةٍ ... وَعِنْدَكَ أَنَّكَ فِيهَا تَزِيـــــدُ
تيقظ:
قُمْ في الدُجى واتل الكتـاب ... ولا تنمْ إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتي المنية بغتــــة ... فتساق من فُرْشٍ إلى الأكفان
ياحبذا عينان في غَسَقِ الدُجى ... من خشية الرحمن باكيتـان