58- مسألة هامة هامة هامة
من الآداب المرعية في السائل أنه إذا سأل أهل العلم في الهاتف أو في غير الهاتف فلا يُسَجِّل الجواب مكتوبا أو على جهاز التسجيل إلا بإذن العالم: وقد مرّ عليّ بعض الإخوة مرة أنْ سجّل لأحد أهل العلم جوابا ليس كما ينبغي، وهذا راجع إلى أنّ العالم يجيب على قدر الاستفتاء، ولو أستحضر العالم أنّ هذا يسجل وأن الجواب سيسمعه آخرون لكان جوابه غير الجواب الأول...
فمن عدم توقير أهل العلم وعدم رعاية حقهم بل من الافتئات على حقهم أن تسجل جواب أهل العلم بالهاتف أو كتابة ثم تنشره دون إذنه؛ لأنه هو الذي له الحق في أن تنشر فتواه على الملأ أو لا تنشر أو لا تسجل، فالسائل سأل فيما يخصه، فهل أذن العالم لك أن تسجل السؤال والجواب بالهاتف؟ لم يأذن، فإذا أردت أن تسجل فتستأذنه في البداية وتقول: أحسن الله إليك أنا محتاج للجواب مسجلا على الشريط والآن أريد أن أسجله. فإذا أذِن تكون أنت قد أتيت بما ينبغي من الأدب، ولم تكن ممن لا يوقرون أهل العلم أو يجعلون الأمر غير واضح لهم؛ فيستغل بعض الفرص فيسجل عليهم ما لا يرغبون في تسجيله، لهذا مرة من المرّات حصل مثل هذا ولما سئل قال: أبدا ما قلت كذا وكذا على تفاصيله، بل المسألة فيها تفصيل بنحو ما. السؤال والجواب في التسجيل واضح، لِمَ قال العالم إنّ المسألة فيها تفصيل؟ لأنّه استحضر من المسألة الآن فيه أخذ ورد معنا ذلك فيه إشكال لكنه ظن حين سأله السائل بالهاتف أنها لا يعدو عن اهتمام السائل بنفسه.
إذن مما ينبغي من توقير أهل العلم -وقد أمرنا بتوقيرهم كما جاء في الأثر عن عدد من التابعين أمرنا بتوقير أهل العلم- ومن توقيرهم أن لا تفتئت عليهم بتسجيل أو كتابة وتنشر إلا بعد إقراره، حتى ما تسمعه منه في درس بشرح مسائل، لابد من تعرضه عليه فيقر أن ينشر أو يصور أو ينسخ أو يسجل إلى آخر ذلك، لابد من ذلك لأن ما يصلح للقليل قد لا يصلح للكثير؛ لأن الكثير يعني الأمة أو الناس تختلف طبقاتهم، قد يرعى العالم حين يتكلم الحاضرين؛ يرعى حال الذين أمامه، هذا لو استحضر أنه سيُنشر على الناس فيطلع عليه فئات من الناس وبعقول مختلفة لكان جوابه يختلف عن الجواب الأول، وبهذا ترون أن بعض الأسئلة التي يسأل فيها أهل العلم بالهاتف يكون الجواب مختلفا عما لو سئلوا مثلا في برنامج نور على الدرب، فيكون الجواب هناك في تفصيل وفيه دليل وفيه تعليل ونحو ذلك لأنه سينشر على الملأ، لكن الجواب لك يكون على حسب الحال يصلح هذا أو لا يصلح، يجوز أو لا يجوز، السنة كذا –باختصار-؛ لأنّ الوقت يضيق عن أن يفصل لكل أحد.
صالح آل الشيخ
أدب السؤال