ذكر المرصفي رحمه الله في كتابه هداية القاري إلى تجويد كلام الباري 1 / 420
اللامات الساكنة في القرآن الكريم على خمسة أقسام :
الأول : لام التعريف "لام أل".
الثاني : لام الفعل.
الثالث : لام الأمر.
الرابع : لام الاسم.
الخامس : لام الحرف. ولكل قسم فصل خاص نذكره فيما يلي :
الأول : لام التعريف وأحكامها .
وهي المعروفة في علم التجويد (بلام أل) وكلامنا فيها هنا على ناحيتين :
الأولى : تعريفها.
والثانية : حالتها بالنسبة لما يقع بعدها من الحروف الهجائية.
أما تعريفها : فهي لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة مسبوقة بهمزة وصل مفتوحة عند البدء وبعدها اسم سواء صح تجريدها عن هذا الاسم كـ {الشمس والقمر} أم يصح كـ {التي} و{الذى} .
فقولنا : "لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة.. إلخ" خرج به اللام الساكنة الأصلية التي من بنية الكلمة المسبوقة بهمزة قطع مفتوحة وصلاً وبدءاً وليس بعدها اسم مستقل ليصح تجريدها عنه سواء كانت في اسم نحو {أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } و{أَلْفَافاً} أو في فعل نحو {أَلْهَاكُمُ} {وَأَلْزَمَهُمْ} {فَأَلْهَمَهَا} وما إلى ذلك : وتسمى الأولى لام اسم والثانية لام فعل .
هذا : ولام التعريف المقصودة الصادق عليها هذه التعريف تقع قبل الحروف الهجائية عموماً إلا حروف المد الثلاثة فلا تقع اللام قبلها بحال إذ فيه الجمع بين الساكنين على غير حده.
أما حالتها بالنسبة لما يقع بعدها من الحروف الهجائية فاثنتان :
الأولى : أن تكون مظهرة.
الثانية : أن تكون مدغمة.
أما حالة الإظهار : فعند أربعة عشر حرفاً مجموعة في قول صاحب التحفة "إبغ حجك وخف عقيمه" وهي الهمزة والباء والغين والحاء والجيم والكاف والواو والخاء والفاء والعين والقاف والياء والميم والهاء.
فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد لام التعريف وجب إظهارها ويسمى إظهاراً قمريّاً وتسمى اللام حينئذ لاماً قمرية لظهورها عند النطق بها في لفظ {القمر} ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يماثله في ظهورها فيه : وإليك الأمثلة على ترتيب هذه الحروف :
فالهمزة نحو {الأول والآخر} والباء نحو {البارئ} والغين نحو {الغفار} والحاء نحو {هُوَ الحي} والجيم نحو {الجبار} والكاف نحو {الكبير} والواو نحو {الودود} والخاء نحو {الخالق} والفاء نحو {الفتاح} والعين نحو {العليم} والقاف نحو {القهار} والياء نحو {اليقين} والميم نحو {الملك} والهاء نحو {عَنِ الهوى} وسمي إظهاراً لظهور لام التعريف عند هذه الأحرف.
ووجهه التباعد أي بُعد مخرج اللام عن مخرج هذه الحروف.
وقد أشار صاحب التحفة إلى الحالتين معاً والتنبيه على أولاهما بقوله فيها :
لِلاَمِ ألْ حَالاَن قبْلَ الأحْرُفِ... أولاهُمَا إظهارها فليعرَفِ
قبل ارْبَعٍ مَعْ عَشْرَة خُذْ عِلْمَهْ... مِنْ إبْغِ حَجَّك وَخَفْ عَقِيمَهُ
وأما حالة الإدغام : فعند أربعة عشرة حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الإظهار السابقة. وقد رمز إليها صاحب التحفة في أوائل هذا البيت :
طبْ ثُم صِلْ رَحْماً تَفُزْ ضِفْ ذَا نِعَمْ... دَعْ سُوءَ ظَنٍّ زُرْ شَرِيفاً لِلْكَرَم
وهي : الطاء والثاء والمثلثة والصاد والراء والتاء المثناة فوق والضاد والذال والنون والدال والسين والظاء والزاي والشين واللام فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد لام التعريف وجب إدغامها ويسمى إدغاماً شميسّاً وتسمى اللام حينئذ لاماً شمسية لعدم ظهورها عند النطق بها في لفظ {الشمس} ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يماثله في إدغامها فيه.
وإليك الأمثلة على ترتيب هذه الأحرف :
فالطاء نحو {مِنَ الطيبات} والثاء المثلثة نحو {الثواب} والصاد نحو {يُوَفَّى الصابرون} والراء نحو {الرحمان الرحيم} والتاء المثناة فوق نحو {التَّوَّابُ} والضاد نحو {وَلاَ الضآلين} والذال المعجمة نحو {والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات} والنون نحو {إِلَى النور} والدال المهملة نحو {دَعْوَةَ الداع}والسين نحو {السميع} والظاء المشالة نحو {الظالمين} والزاي {يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرع والزيتون} والشين نحو {وَسَيَجْزِي الله الشاكرين} واللام نحو {وَهُوَ اللطيف الخبير} .
وسمي إدغاماً لإدغام لام التعريف في هذه الحروف. ووجهه التماثل بالنسبة للام في نحو {اللطيف} والتجانس بالنسبة للنون والراء في نحو {مِّنَ النور}، {مِّنَ الرحمان الرحيم} على مذهب الفراء وموافقيه وأما على مذهب الجمهور فللتقارب وكذلك في أكثر الحروف الباقية في غير ما تقدم.
وقد أشار صاحب التحفة إلى حالة الإدغام وتسمية اللام فيها بالشمسية وتسميتها في حالة الإظهار الأولى بالقمرية بقوله فيها :
ثانيهما إدغامها في أَرْبعِ... وعَشْرَة أيضاً ورمزها فَعِ
طِبْ ثُمَّ صِلْ رَحْماً تَفُزْ ضِفْ ذَا نِعَمْ... دَعْ سُوءَ ظَنِّ زُرْ شَريفاً لِلْكَرمْ
واللامَ الأولى سَمِّهَا قَمَريَّهْ... واللامَ الأُخْرى سَمِّها شَمْسِيَّهْ
تنبيه : من لامات التعريف الشمسية اللام من لفظ الجلالة "الله" وهي في هذا الاسم من النوع الذي لا يمكن فيه تجريدها عما بعدها كاللام في نحو {الذي} ثم إن للفظ الجلالة تصريفاً خاصّاً حاصله أن الأصل فيه "إله" فأسقطت منه الهمزة وأدخلت عليه لام التعريف فالتقت باللام بعدها ثم أدغمت اللام الأولى في الثانية للتماثل كما أدغمت في نحو الليل فصار اللفظ الكريم "الله".
وقد أشار بعضهم إلى هذا التصريف بقوله :
والاسْمُ ذو التقديس وهو الله... على الأَصح أَصْلُهُ إل
أُسقِطَ منه الهمز ثمَّ أُبْدِلا... بال لِتَعْريفٍ لذاكَ جُعِلاَ اهـ
وفي الاسم الكريم كلام كثير من جهة التصريف. ومن أراد الوقوف عليه فليراجع كتب الصرف ففيها ما يكفي الباحث وما ذكرناه هنا هو الملائم للمبتدئين والله الموفق.
يتبع بإذن الله .