وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين,
وأخلص العمل لوجهه, ورجا نفعه،
فهذا قد وضع الحق في موضعه,
فكانت أعماله حقا, لتعلقها بالحق,
ففاز بنتيجة عمله,
ووجد جزاءه عند ربه, غير منقطع
كما قال تعالى:
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ
كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ
ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ
وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }
وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا
فيتبرأوا من متبوعيهم,
بأن يتركوا الشرك بالله,
ويقبلوا على إخلاص العمل لله،
وهيهات,
فات الأمر,
وليس الوقت وقت إمهال وإنظار،
ومع هذا فهم كذبة, فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه،
وإنما هو قول يقولونه, وأماني يتمنونها,
حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم،
فرأس المتبوعين على الشر إبليس,
ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر
{ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ
وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ
وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ
فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلَا تَلُومُونِي
وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ }