الحمد لله وحده
قد أمضيت لتوي ساعتين كاملتين في قراءة هذا الموضوع من أوله في صفحتيه الطويلتين هاتين .. بداية من مقال الشيخ حاتم عفا الله عنه، ولن أعقب عليه - وان كان هو أصل الموضوع هنا - فلو قلت أن لي على كلامه مآخذ، لقيل لي لا نقبل منك الاجمال والمقام لا يحتمل وعليك التفصيل و.. وليس هذا ما أريد الخوض فيه.. فان لي على الذين تفضلوا بالرد عليه مآخذ أيضا .. فكما أن في استدلال الشيخ حاتم - مثلا - بصلح الحديبية نظرا - لأنه يا أبا فهر لا يرمي الى الاستدلال به على مجرد جواز المحاورة بيننا وبين الكفار في غير مقصد الدعوة من حيث الأصل، وانما يريد به الوصول الى قياس مشروعية هذا الصنف من المؤتمرات تحديدا عليه - فان في كلام الرادين عليه خروجا كثيرا عن محل النزاع، وكلاما عن موقف المسلمين من أهل الباطل والبدعة الساعين لنشرها بينهم - كما في المقال الطويل الطيب لأخينا الحسني -، مع أننا لا نرى - الى الآن - على أرض المملكة الا حرصا على منع تلك المصائب التي يسعى القوم سعيا حثيثا في نشرها في تلكم الأرض المطهرة، حفظها الله وصانها.. فهل خرج المؤتمر بنتيجة هذا هو مؤداها؟ أكثر ما رأيت الى الآن: انكار واستقباح من الاخوة قائم على ما تأسس عندهم من الظن المسبق في نتائج معينة على أنها غاية الأمر ومنتهاه ومآله الذي هو واقع واقع لا محالة ان عاجلا أو آجلا .. فهلا أثارة من دليل يا اخوان بارك الله فيكم؟ فهذا الظن نفسه عندكم هو ما نريد بيان مصادره .. فبالله ما الذي جرى في المؤتمر بالضبط وما الذي توصلوا اليه؟؟؟
رأيت أحد الأفاضل يقرر بأن كلمة الافتتاح كان فيها كفر، وأن البنود التي وقع عليها الناس هناك كان فيها كفر، ويصل الى وجوب اقامة الحجة على المشاركين واستتابتهم .. وأنا ما سمعت البيان ولا قرأت البنود، ولكني أعجب حقيقة - ولي الحق في ذلك ما دام الأمر قد وصل الى هذا - من حوار جاوزت التعقيبات الطويلة فيه الثمانين تعقيبا في صفحتين طويلتين، ولما يأت أحد الاخوة فيه بعد ببيان مفصل لما جرى في المؤتمر نفسه - الذي هو محل النزاع أصلا - وما اتفق عليه الحضور وما وقع في الافتتاحية والختام وما الى ذلك! مع أن هذا هو الحد الأدنى الذي به نحقق تصورا مستقيما يعيننا على الوصول الى الحكم عليه!!
هذا وأنا أرى حقيقة أن مجرد تسمية المؤتمر بحوار الأديان - هكذا - وان كان حقيقة ما دار فيه كلام في السياسة لا في الدين كما تفضل بعض الاخوة، وتحوله الى سنة ثابتة هذا فيه تلبيس وخطر عظيم ينبغي أن ينبه اليه القائمون على ذلك الأمر!! فقد أشرت من قبل في مشاركة لي في موضوع آخر لا أدري أين ذهب، الى أن مجرد استقرار هذا الأمر كسنة جديدة - وأرجو تأمل هذا المأخذ جيدا قبل التعقيب عليه - تدخل الى تلك الأرض الطيبة التي كانت في عافية من أهداف القوم الداعين اليه - والتي يجب ألا يخفى علينا أنها ليست سياسية وحسب - ليتكرر كل سنة، هذا في حد ذاته ضرر بالغ، وخرق عظيم لحصن الدين في تلك المملكة، ولا يجب التهاون فيه! هذا بغض النظر عن وجود بعض المصالح الشرعية التي تحققت للمسلمين من هذا المؤتمر .. فمجرد كون تلك المصالح مما يمكن تحصيله من غير ذلك المؤتمر هذا ان تقرر فانه يكفي كحجة في ابطال مشروعيته من حيث كونه ذريعة شديدة الخطورة لقوم نعلم جيدا مراميهم والى أي غاية يطمحون! كل هذا على فرض خلوه في نفسه من المخالفات الشرعية.. فكيف لو؟
أنا أتكلم في الفضاء، ولا زلت في الفضاء، فيا ليت أي أخ فاضل عليم يوافينا هنا بما جرى فيه بتفصيل لنرى تلك المكاسب والمصالح وأدلتها تحقيقا، ونرى فيما اذا كان تحصيلها ممكنا من غير ذلك المؤتمر الذي من الواضح أن وراءه عند الكفار أهدافا تنصيرية وعلمانية بعيدة المرمى لا يسوغ الغفلة عنها!! لأني والله حزنت على وقت طويل أمضيته في قراءة كلام على ما فيه من الفوائد الطيبة الا أنه لا يشفي غليل أحد من الاخوة هنا ولا يوصل الى تصور صحيح ولا الى قريب منه، والله المستعان!!
معذرة يا شيخ عدنان، قطعت عليك كلامك بمداخلتي هذه، ولكن اذا كان الفاضل أبو فهر أراد أن يوفر عشر مشاركات أخرى من الاخوة بمداخلة له، فلعل كلامي هذا أن يوفر ثمانين مشاركة أخرى، والله الموفق والهادي الى سواء السبيل..
(ولعلها - أي هذه المداخلة - أن تفتح الباب لثمانين مشاركة أخرى من اخوة فضلاء يقومون بتشريحها قطعة قطعة، بناءا على فهم بعضهم أني أنتصر للشيخ حاتم وفهم غيرهم أني أنتصر عليه، وأنا والله ما أنا الا عبد مسكين حائر أهلك عينيه في قراءة حوار طويييييل لم يزدد به الا حيرة فوق حيرة.. فرفقا باخوانكم يا كرام بارك الله فيكم، واستصحبوا حسن الظن بهم ولا تكثروا من توضيح الواضحات، فهي للأعين مهلكات وللوقت مضيعات، وحسبنا ما ينشأ بسببها من المشاحنات والمنازعات) ..
وليعلم الاخوة جميعا أن هذه مسألة من مسائل النوازل التي قد يسوغ الخلاف فيها، تقديرا للمصلحة والمفسدة، فلا داعي لتبادل المطاعن والملاعن، بارك الله فيكم جميعا وحفظ لكم عيونكم وأوقاتكم
وبس.
----------------
(وفي اشارة عابرة أحيي الأخ الفاضل ابن الشاطئ الحقيقي لأنه في آخر مداخلاته كتب كلاما وان كنت لا أوافقه على بعض ما فيه، الا أنه كان أول من حاول رسم تصور للوضع السياسي لذلك المؤتمر ولحقيقة تأثيره، وهو أمر نحن في حاجة الى مزيد من التركيز عليه والبسط فيه حتى تتجلى الأمور وتتضح الصورة.. والله أعلى وأعلم)