الكلام توقف مع الأخ أحمد القلي، لأسباب واضحة، فهو لم يرد على مشاركتي السابقة، واكتفى بالهجوم غير الموضوعي بالمرة، وأصبح يلتقط من هنا وهناك، وأنا لا أحب التعصب وأنفر منه، ولا أحب تقويلي ما لم أقله.
فكلامي واضح، يراه المنصف والمتعصب، والحكم للقاريء الكريم، ولا أحب أن أدافع عن نفسي كثيرا.
وملخص الموضوع:
أن همام بن منبه روى الحديث بلفظ: «والذي نفس محمد بيده،
لا يسمع بي أحد من هذه الأمة،
ولا
يهودي، ولا نصراني
، ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار».
ورواه سليم بن جبير بلفظ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ
مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»
والفرق بينهما لفظة واحدة، وهي (ولا) التي تثبت المغايرة بين أمة الإسلام، وأمة اليهود وأمة النصارى.
فقمت بترجيح لفظ ورواية همام بن منبه، مع تصحيحي للحديث، فإذا بالأخ أحمد القلي يتهمني بتضعيف حديث في صحيح مسلم وبأنني طعنت في المفسرين وشراح الحديث، ثم يتهكم علي في مناقشة علمية!!!!
لا أستطيع إلا أن أقول لك: هداك ربي، ورزقك علما وإنصافا وأدبا
تنبيه حول صحيفة همام عن أبي هريرة ,
رواها عنه معمر ومن طريقه عبد الرزاق
وهي صحيفة مشهورة فيها مائة وأربعون حديثا باسناد واحد , وقد زعم بعض مساكين هذا العصر أن مسلما لم يطلع عليها واطلع عليها هو .
وتكلم فيها الامام أحمد , لأجل أن معمرا لم يسمعها كلها من همام , وانما سمع بعضها وقرأ الباقي عليه ولم يميز عبد الرزاق ما سمعه مما قرأه
ولهذا السبب -والله أعلم - انتقى الشيخان منها كل حسب ما ثبت عنده
(وقال أبو الحسن الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول في صحيفة همام: إن معمرًا أدركه، قد كبر ووقع حاجباه على عينيه، وأدرك أيام السودان، فقرأ عليه همام حتى إذا مل أخذ معمر فقرأ عليه الباقي، وعبد الرزاق لم يكن يعرف ما قرىء عليه مما قرأ هو.)) انتهى
فقد اجتهد كل من البخاري ومسلم في اخراج ما صح عندهما منها , فتارة يتفقان وتارة ينفرد أحدهما عن الآخر
قال النووي ( وذكر البيهقى أنهما اتفقا على أحاديث من صحيفة همام بن منبه وأن كل واحد منهما انفرد عن الآخر بأحاديث منها مع أن الاسناد واحد) انتهى
وهذا كلام للحافظ ابن حجر , من قرأه وفقهه عرف قدر نفسه , وقدر هؤلاء الرجال
قال ابن حجر (وَقَدْ كَرَّرَ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ هَذَا الْقَدْرَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ صَحِيفَةِ هَمَّامٍ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْهُ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ نَحْنُ الْآخِرُونَ هُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ فِي النُّسْخَةِ وَكَانَ هَمَّامٌ يَعْطِفُ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْأَحَادِيثِ بِقَوْلِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَكَ فِي ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مَسْلَكَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي مَسْلَكُ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ قَوْلِ هَمَّامٍ هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَذَكَرَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ وَهُوَ مَسْلَكٌ وَاضِحٌ وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يَطَّرِدْ لَهُ فِي ذَلِكَ عَمَلٌ .....))
فهذا التنبيه لم يصنع شيء، لأن صحيفة همام بن منبه صحيحة كلها، وإخراجها كلها في الصحيح لا يلزم صاحبا الصحيحين، لأنهما لم يستوعبا الصحيح كله أصلا، فعدم إخراجهما لحديث من الصحيفة لا يعتبر إعلال له أصلا، فتدبر.