المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الجنوبي
سأنقل لكم كلاما للشيخ ناصر الرشيد فرج الله كربته و متع الأمة بعلمه، يشخص فيه الإشكال و يبينه بعبارات دقيقة، قال حفظه الله تعالى، تحت عنوان " إدخال الاصطلاحات العلمية في الحقائق الشرعية (1/2) " :
"الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:
فإنَّ أهل العلم في توضيحهم المسائل العلمية احتاجوا إلى الاصطلاح على بعض الرسوم من أسماء المسائل أو تقسيمها ونحو ذلك بقصد التوضيح والتيسير، فاستعملوا أنواعًا من الاصطلاحاتِ في كثير من العلوم الشرعية، ونشأ الغلط في كثير من العلوم بسبب هذه الاصطلاحات عند غلط من يغلط فيُدخل الاصطلاحات في أصل العلم.
الخطأ في التعريفات: من الأمور التي اصطلح عليها أهل العلم الحدود المسمَّاة بالتعريفات، وكثير من الغلط في أبواب الشريعة عامة وفي مسائل الاعتقاد خاصَّة مَنشؤه التمسُّك بالتعريف وتعليق الأحكام به، وقد تقدَّم في العدد الماضي التنبيه على خطأ ناشئ من تفسير لا إله إلا الله والتمسك بلفظ التعريف.
ومن الغلط في التعريفات ما ينشأ عند كثير من الناس من تعريف العبادة، فممن عرَّف العبادة من عرَّفها باعتبار كمال العبادة الصحيحة فقال: غاية الحبِّ مع غاية الذلِّ، وهذا التعريف يُساق في الوعظ والكلام على أعمال القلوب، ولا يُراد به الجمع والمنع كما هو شأن الحدود، فاتَّكأ عليه غلاة المرجئة فجعلوا من لم يصرف الحب مع الذل أو الذل مع الحب أو صرفهما ولم يصرف غايتهما لغير الله موحدًا مؤمنًا لأنَّه لم يعبد غير الله.
وممن عرَّف العبادة من عرَّفها تعريفًا شاملاً للعبادة باعتبار الثواب لا باعتبار الفعل فقال: جميع ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، واستند إلى ذلك طوائف من غلاة المرجئة فقالوا: كما أنَّ من ابتسم في وجه أخيه لغير وجه الله لا يكفر، فكذلك من صرف العبادة لغير الله، ودليلهم أنَّ تعريف العبادة لا يُفرِّق بينهما، وخلطوا معتمدين على التعريف بين العبادة بالأصل والعبادة بالقصد.
وهذه الأغلاط العظيمة ناشئة عن الخطأ في تعريف حقيقة شرعية واحدة هي حقيقة العبادة، فحصر من غلط الحقيقة الشرعية في مدلول اللفظ اللغوي واستند إلى ما يعروه من إجمال أو عدم جمع أو عدم منع، وحرَّف معنى الشرك الذي أرسل الله رسله في التحذير منه، وطمس معنى التوحيد الذي خلق الله العبادة لأجله. "
المصدر : "إصلاح الغلط في فهم النواقض" ص60.