تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعدفقد كتب الشيخ فهد الصقعبي مقالةً يذكر فيها قولاً لبعض أهل العلم يُجِيز فيه الأخذ من الشعر والبشرة لمن أراد أن يضحي , وقد استدل ببعض الأدلة التي لا تقوم لترجيح ما اختاره , مع كونه أخطأ حتى ببعض النقول وكلام أهل العلم , وقد شدني في الحقيقة لكتابة هذه الورقات تسارع البعض بنقل ونشر هذه المقالة مع عدم تحققه من نقل الشيخ الصقعبي لأقوال أهل العلم وفهمه لكلامهم على ما سوف يتبين إن شاء الله .وكون هذه المسألة من المسائل الخلافية لا يعني عدم ذكر خطأ المخطئ وترك الإنكار عليه , وقد كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم ينكر بعضهم على بعض ويختلف بعضهم على بعض ولم يقل أحدٌ منهم لا حق لك في مخالفتك لي ولا يصح لك أن تنتقد قولي هذه مسائل فقهية لا ينكر فيها على أحد , أو حرية رأي وفكر ولا غير ذلك , وقد روى الإمام احمد بسند صحيح من طريق ابن أبي مليكة أن عروة قال لابن عباس : حتى متى تضل الناس يا بن عباس , يعني في مسألة متعة الحج , فهنا الخلاف بينهما كان في مسألة فقهية , ومع ذلك أغلظ عروة رحمه الله لمَن هو مِن خيرة علماء الأمة رضي الله عنه ..!! وفي مقابل أطروحات أهل العلم في بحوثهم واختلافهم في بعض المسائل , واختيار المنصفِ للصائب من أقوال المخالفين يظهر جيل جديد لا يأخذ الفتوى من الشيخ أو العالم لعلميته أو موضوعيته بل لشهرته , أو لمجرد وصفه بالتسامح والتساهل وقد قال ابن مفلح رحمه الله : ويحرم التساهل في الفتيا واستفتاء من عرف بذلك , هذا فضلاً عن تقصد البعض للبحث عن مخالفة السائد , مع أن الإمام مالكاً رحمه الله كان يراعي عمل آهل المدينة لقربهم من الدليل .وقد لاحظت على مقالة الشيخ فهد وفقه الله تناقضه في بعض المواضع , وعدم ضبطه للمنقول في مواضع أخر , فكانت هذه الوقفات :الوقفة الأولى : جعله الخلافَ في كلام أهل العلم على حديث أم سلمة دليلاً على قوله .الوقفة الثانية : ما ذكر من تفرد الحنابلة بالتحريم .الوقفة الثالثة : قوله بأن المانعين خالفوا قواعد الشريعة .الوقفة الرابعة : قياسه غير المنضبط .الوقفة الخامسة : خطأ فهمه لقول سعيد ابن المسيب في تركه الناس حديث أم سلمة .الوقفة السادسة : في نقله عن ابن المسيب جواز إزالة الشعر .الوقفة السابعة : فيما نَقل عن الليث رحمه الله .الوقفة الثامنة : الجواب على استدلاله باعتراض عكرمة .الوقفة التاسعة : نقله أجماع ابن عابدين .الوقفة العاشرة : قوله بأن المنع من الأخذ من الشعر والأظافر يتعلق بمن عين أضحيته .هذا وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه ..
    كتبه عبدالرحمن بن عبدالعزيز الجفن
    في بريدة
    غرة ذي الحجة 1433 هـ
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb رد: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    السلام عليكم ورحمة الله
    أخي الفاضل عبد الرحمن الجفن سرني مقالك ، ورغبت في عمل بعض التنسيق على الملف، وإن شاء الله بعد نشر سائر الوقفات، أقوم برفعه في المرفقات لمن أراد الأستفاده به.
    وجزاك الله خيرا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة الأولى

    الوقفة الأولى:

    جعله الخلاف في كلام أهل العلم على حديث أم سلمة دليلا على قوله!!
    ذكر الشيخ فهد الصقعبي ما رواه الإمام مسلم رحمه الله من طريق سفيان بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن ابن عوف سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا»، ثم قال: وقد اختلف في هذا الحديث من حيث الرفع والوقف. قال مسلم عقبه: قيل لسفيان: فإن بعضهم لا يرفعه، قال: لكني أرفعه. وجزم الدارقطني بأنه موقوف فالحديث محل نظر من هذا الوجه. اهـ

    والجواب عليه من وجوه:
    الأول: أنه جعل الحديث محل نظرٍ للاختلاف في رفعه وقفه، وهذه ليست بحجة، بل الصواب أن يعرض الأقوال ثم ينظر في الراجح، وقد اسقط الاستدلال بالحديث هنا لمجرد اختلاف أهل العلم عليه، ولو سلك الشيخ الصقعبي وفقه الله هذا المنهج في كل مبحث من مباحثه لرأيته يسقط المئات من المسائل لمجرد اختلاف أدلتها.

    الثاني: أن الذين اختاروا القول بالكراهة لم يكن اختيارهم لهذا القول لضعف حديث أم سلمة، ولكن لظنهم وجود المعارض له، وقد قلتَ سلمك الله وأنت تسوق حديث أم سلمة كما في آخر المقال: والعمدة على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن النهي - يعني المذكور في الحديث - غير محمول على التحريم إطلاقاً.

    الثالث: أن القائلين برفعه هم أئمة أهل الحديث منهم الإمام مسلم رحمه الله والترمذي وابن حبان، والبيهقي وغير هؤلاء، وقد بين ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" (3/1384) أن مثل هذا اللفظ لا تكون من ألفاظ الصحابة رضي الله عنهم، بل هو المعتاد من خطاب النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: «لا يؤمن أحدكم»، وقوله: «أيعجز أحدكم»، وقوله: «أيحب أحدكم»، وقوله: «إذا جاء أحدكم من الغائط»، وقوله: «إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه».. ونحو ذلك.

    الرابع: أنه حتى لو قيل بإعلال رفعه، فيبقى كونه قول صحابي لم يخالف، وقد ذكر أهل العلم أن قول الصحابي حجة إذا لم يخالفه مَنْ هو مثله، بل قال بعضهم: بتقديم قول من أكثر من صحبة النبي عليه الصلاة والسلام وكان ملصقا به على قول غيره، كما هي أم سلمة فهي خواصه رضي الله عنها.

    الخامس: أن هذا القول هو قول الصحابة كلهم، يقول ابن حزم رحمه الله في المحلى (7/489) بعد أن رد على شبهات المجيزين: هذه فتيا صحت عن الصحابة رضي الله عنهم ولا يعرف فيها مخالف منهم لهم.

    وفي المحلى أيضا (7/488) من طريق سعيد بن أبي عروبة، نا ابن أبي كثير هو: - يحي -: «أن يحي بن يعمر كان يفتي بخرسان: أن الرجل إذا اشترى أضحية، ودخل العشر أن يكف عن شعره وأظفاره حتى يضحي، قال سعيد: قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال نعم، فقال: عمّن يا أبا محمد. ؟ قال: عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم».

    وفي تمهيد ابن عبد البر (17/ 236) قيل للإمام أحمد: «إن قتادة يروي عن سعيد بن المسيب أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كانوا إذا اشتروا ضحاياهم أمسكوا عن شعورهم وأظفارهم إلى يوم النحر، فقال: هذا يقوي هذا ولم يره خلافاً، ولا ضعفه.

    وذكر ابن عبد البر في التمهيد أيضا (17/238) ما حدث به حمادُ بن سلمة، عن قتادة، عن كثير بن أبي كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة، عن يحيى بن يعمر: «أن علي بن أبي طالب قال: إذا دخل العشر واشترى أضحيته أمسك عن شعره وأظفاره، قال قتادة: فأخبرت بذلك سعيد بن المسيب، فقال: كذلك كانوا يقولون.. !».

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة الثانية

    الوقفة الثانية
    ما ذكر من تفرد الحنابلة بالتحريم
    قال الشيخ فهد: وهل النهي فيه للتحريم، اختلف أهل العلم في هذا على رأيين:
    الأول: أنه يحرم لمن أراد الأضحية أن يأخذ من شعره وظفره شيئا، واختاره الإمام أحمد وهو من مفرداته كما في الإنصاف؛ وعمدتهم حديث أم سلمة رضي الله عنها اهـ،

    قوله هذا فيه نظر، وذلك أن ممن قال به غير الإمام أحمد. إسحاق بن راهويه، وربيعة بن عبد الرحمن، وابن سيرين، وداود الظاهري، وابن حزم، وأبو عوانة، وبعض الشافعية وغيرهم، وقد أشار ابن تيمية - وهو ممن لا ينتسب إلى مذهب معين - في الفتاوى (20/229) إلى أن أكثر مفاريد أحمد التي لم يختلف فيها مذهبه الغالب فيها ترجيح قوله.

    فإن كان قصد الشيخ فهد بإنفراد الحنابلة أي: عن الأئمة الثلاثة، فهذا إيهام منه، وكان من الواجب وهو يعرض مسألة خلافية أن يذكر من قال بذلك غير الإمام أحمد.. !!

    أما قوله إن القائلين بالتحريم كان عمدتهم حديث أم سلمة فغير صحيح، وقد استدلوا بأقوال الصحابة كما ترى من نقل ابن حزم، ولم يكن حديث أم سلمه فقط هو عمدتهم في ذلك.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة الثالثة

    الوقفة الثالثة
    قوله بأن المانعين خالفوا قواعد الشريعة
    قال الشيخ فهد عن المجيزين: واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
    الدليل الأول: أن القول بالتحريم مخالف لقواعد الشريعة وأصولها فإن الأضحية سنة ومستحب فعلها لا واجبة، ولا يترتب على مخالفة المستحب محرما، وإلا لكان تركه أولى من فعله ؛ لأن ترك السنة أولى من ارتكاب المحرم وهذا محل اتفاق بين علماء الإسلام لا يخالف فيه أحد. اهـ

    قوله هذا في الحقيقة فيه مجازفة ظاهرة، إذ يلزم من قوله أن الإمام احمد، وإسحاق، وربيعة، وابن سيرين، بل الصحابة كلهم، وكل القائلين بالتحريم قد خالفوا قواعد الشريعة وأصولها، وهذا لا يمكن أن يقول به الشيخ فهد.. !!..

    أما ما ذكر من قاعدة مخالفة المستحب فذلك ليست فيما نحن فيه، لأن مخالفة المستحب شيء، وما يترتب على فعل المستحب كما في مسألتنا هذه شيء آخر، كصلاة النافلة، فلا يقال لماذا توجبون الوضوء للمتنفل بالصلاة مع أنها نافلة، ولا يقال لماذا تلزمون المتنفل بقراءة الفاتحة، وصلاته نافلة، وذلك أن لكل سنة حداً مفروضا لا تكون إلا بها كما يقول ابن حزم.

    أما قوله بأن المانعين خالفوا علماء المسلمين فيما يتعلق بقاعدة ترك المستحب فهذه هي التي يسميها أهل العلم مسألة التلفيق، وهي عبارة عن تركيب قضيتين يتولد منهما حقيقة مركبة لا يقول بها أحد، كتقعيده هذا، ولهذا يقول السفاريني رحمه الله عن التلفيق: وهذا باب لو فتح لأفسد الشريعة الغراء، ولأباح جل المحرمات.

    ومثل ذلك استدلاله بقاعدة أن ترك السنة، أولى من ارتكاب المحرم على هذا القول، فهذا لو كان استدلاله منضبطاً فتقعيد ليس في محله، وذلك أن مثل هذه القاعدة تلحق بالمسنونات ذاتها، لا بما يترتب عليها، كالتنفل في أوقات النهي، أو صيام الدهر أو غيرهما. !

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة الرابعة

    الوقفة الرابعة
    قياسه غير المنضبط
    قال الشيخ فهد: الدليل الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها، وأشعرها، وأهداها، فما حرم عليه شيء كان أحل له» أخرجاه في الصحيحين. اهـ
    وقد استدل بهذا الحديث من جهة أن البعث بالهدي أبلغ من إرادة الأضحية اهـ

    هذا قياس مع الفارق، وهو في جهة منفكة، فحديث عائشة في المحْرِم، وقد نصت على أنه عليه الصلاة والسلام لم يمتنع مما يمتنع منه المحرم، ولهذا قال ابن التين: عائشة إنما أنكرت أن يصير مَنْ يبعث هديه مُحرما بمجرد بعثه، ولم تتعرض على ما يستحب في العشر خاصةً من اجتناب إزالة الشعر، والظفر، والأثر يبين ذلك كما في الصحيحين: «أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة رضي الله عنها: إن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: من أهدى هديا حَرُمَ عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه..».

    أما حديث أم سلمة فهو في المقيم، ولا تعارض بينهما، ولهذا ذكر ابن القيم في "تهذيب السنن" : (3/1389) أما حديث عائشة رضي الله عنها فهو إنما يدل على أن من بعث بهديه وأقام في أهله فإنه يقيم حلالا، ولا يكون محرما بإرسال الهدي، ردا على من قال من السلف: يكون بذلك محرما، ولهذا روت عائشة لما حكي لها هذا الحديث، وحديث أم سلمة يدل على أن من أراد أن يضحي أمسك في العشر عن أخذ شعره وظفره خاصة.. إلى أن قال: وقد سأل الإمام أحمد أو غيره عبد الرحمن بن مهدي عن هذين الحديثين فقال: هذا له وجه، وهذا له وجه.. إلى أن قال: خبر أم سلمة صريح في النهي، فلا يجوز تعطيله أيضا ، فأم سلمة تخبر عن قوله وشرعه لأمته فيجب امتثاله، وعائشة تخبر عن نفي مستند إلى رؤيتها، وهي إنما رأت أنه لا يصير بذلك محرما يحرم عليه ما يحرم على المحرم، ولم تخبر عن قوله إنه لا يحرم على أحدكم بذلك شيء، وهذا لا يعارض صريح لفظه.. الخ

    يؤيد هذا رواية مسلم لحديث عائشة في تقليدها هدي النبي عليه الصلاة والسلام بلفظه الآخر وهو قولها: «أنا فتلت تلك القلائد من عهن كان عندنا فأصبح فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حلالا، يأتي ما يأتي الحلال من أهله، أو يأتي ما يأتي الرجل من أهله».

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة الخامسة

    الوقفة الخامسة
    خطأ فهمه لقول سعيد ابن المسيب في ترك حديث أم سلمة
    قال الشيخ فهد: الدليل الثالث: تصريح السلف بنكارة الحديث، وممن أنكره راوي الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها سعيد ابن المسيب رحمه الله، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عقب حديث أم سلمة: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍ، وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: «كُنَّا فِي الْحَمَّامِ قُبَيْلَ الأَضْحَى، فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَمَّامِ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَكْرَهُ هَذَا، أَوْ يَنْهَى عَنْهُ، فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ وَتُرِكَ»، وصنيع مسلم رحمه الله وإخراجه لهذا الأثر عن سعيد بن المسيب عقب حديث أم سلمة إشارة منه إلى عدم الأخذ بظاهر الحديث.

    والجواب عليه من ثلاثة أوجه:
    الأول: أن قول سعيد بن المسيب: هذا حديث قد نسي وترك. لايعني ظاهر ما فهمه الصقعبي من إنكاره للعمل به، بل على العكس من ذلك، وهو نسيان الناس وتركهم للعمل به، وهذا ما ذكره الإمام القرطبي رحمه الله في المفهم (5/383) فقد قال رحمه الله: هذا منه إنكارٌ على من ترك العمل به. . . الخ.

    الثاني: أنه لا يظهر في القصة أن حديثهم كان عما نقله ابن المسيب من حديث أم سلمة رضي الله عنها، ولا حتى الإشارة إليه من قريب ولا من بعيد، بل حديثهم كان عن منع ابن المسيب للأخذ من الشعر، إلا أن الصقعبي لما رأى قول سعيد: هذا حديث، ظن أنهم قصدوا حديث أم سلمة فوَهم ..!

    الثالث: أن الشيخ الصقعبي ذكر أن الإمام مسلما رحمه الله ذكر كلام ابن المسيب هذا عقب حديث أم سلمة الناهي عن الأخذ، لكنه لم يذكر أن ابن المسيب عقّب قوله بالترك والنسيان بنفس حديث أم سلمة ليتبين أن قصده بخلاف ما ظهر للكاتب كما ذكر القرطبي، وفيه التصريح برفع الحديث من ابن المسيب، ومن أم سلمه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، لكن الشيخ الصقعبي لم يكمله، ونص القصة كما رواها مسلم في صحيحة: ... ، فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، هَذَا حَدِيثٌ قَدْ نُسِيَ وَتُرِكَ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. وذكرت الحديث.. !!.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة السادسة

    الوقفة السادسة
    نقله عن ابن المسيب جواز إزالة الشعر
    قال الشيخ فهد الصقعبي: قال ابن عبد البر رحمه الله (5/229 الاستذكار) بعد ذكره إجازة سعيد للاطلاء: هذا منه ترك للعمل من حديثه عن أم سلمة. اهـ

    الشيخ الصقعبي هنا لم يكمل كلام ابن عبد البر من آخره، وأنا أذكر نص كلام ابن عبد البر حتى يتبين ذلك فقد قال رحمه الله: "قد كان سعيد بن المسيب يفتي بأنه لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة وهذا منه ترك للعمل من حديثه عن أم سلمة عن النبي عليه السلام في ذلك، إلا أنه يحتمل أن يكون أفتى بذلك من لم يرد أن يضحي"، وهو كما ذكر ابن عبد البر، فلم ينص سعيد بن المسيب كما في السياق على أنه قصد من أراد الأضحية، أنما أطلق ذلك، لكن لماذا الشيخ هداه الله بتر بقية الكلام مع انه بعده مباشرة، سؤال أدع إجابته للقارئ.. !!

    وهذا التشكيك من ابن عبد البر هو ما نبّه عليه النووي رحمه الله كما في شرحه لمسلم (13/140) حيث قال: فإن صح هذا عنه فهو محمول على انه أفتى به إنسانا لا يريد الأضحية.. !!

    ومع هذا حتى لو كان مقصود ابن المسيب المضحي فقد أجاب عن ذلك ابن حزم رحمه الله تعالى في المحلى (7/488) بخمسة أجوبة هذه أربعة منها باختصار:

    الأول: انه لا حجة بقول ابن المسيب بل الحجة بما رواه ورواه الثقات.

    الثاني: أنه قد صح عنه القول بخلاف ذلك.

    الثالث: أن سعيدا قد يكون رأيه في الإطلاء هو إزالة بقية شعر الإنسان وان النهي في الرأس فقط.

    الرابع: أن سعيدا لا يمكن أن يفتي بخلاف ما روى مما يدل على ضعف ما نقلتم عنه.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة السابعة

    الوقفة السابعة
    فيما نقل عن الليث رحمه الله
    قال الشيخ الصقعبي: وقال الليث بن سعد لما ذكر له حديث أم سلمة: قد رُوي هذا، والناس على غيره.

    والجواب عليه من ثلاثة أوجه:
    الأول: أن المنقول عن الليث خلاف هذا، فقد نقل القرطبي في المفهم (5/382) قول الليث: قد جاء هذا الحديث (وأكثر الناس) على خلافه. فها أنت رأيت اختلاف اللفظ، ووجود المخالف، وحتى الكثرة لا يخفاك ليست دليلا على الحق، وقد قال عليه الصلاة والسلام كما في مسلم: «يأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد».

    الثاني: أن قوله: والناس على غيره مجرد خبر عن الناس، وليس نفيا للعمل به منه، ولعل نقل القرطبي وهو قوله: أكثر الناس. أدق مع ما يدل عليه من الخلاف، ونفي ما ذكر من إجماع ومخالفة قواعد وأصول الشريعة.

    الثالث: ما نقله الشيخ الصقعبي في قصة الطلاء السابقة، وقول الرجل منكرا على الفاعلين: إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه بخلاف ما نقل عن الليث أن الناس على غيره، ومن المعلوم أن سعيد بن المسيب قبل الليث.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة الثامنة

    الوقفة الثامنة
    الجواب على استدلاله باعتراض عكرمة
    قال الشيخ الصقعبي: وقد أنكر عكرمة مولى ابن عباس هذا الحديث حيث قال بعد أن ذكر له: ألا يعتزل النساء والطيب!. وذلك على سبيل الاستنكار.

    وأقول: عكرمة رحمه الله أنه لم يعلم بحديث أم سلمة، كما يظهر من النقل، فلا يمكن أن يرد عكرمة على النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: ألا يعتزل النساء والطيب، بل حتى السياق لا يدل على أنه قصد أم سلمة رضي الله عنها وهو يتكلم عن قول رجل، ولهذا يعتذر لعكرمة بأنه لم يطلع على الحديث، إنما كان رده على بعض معاصريه.

    ثم إن قياس عكرمة قياس فاسد الاعتبار لمخالفته قول الصحابة رضي الله عنهم، وقد قال ابن القيم كما في التهذيب (3/1391): وأما رد الحديث بالقياس فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس، ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس وبالله
    التوفيق،كيف وأن تحريم النساء، والطيب، واللباس أمر يختص بالإحرام لا يتعلق بالضحية، وأما تقليم الظفر، وأخذ الشعر فإنه من تمام التعبد بالأضحية.اهـ

    على أن عكرمة رحمه الله قاس في غير محل النزاع، فقياسه في ما ينهى المحرم عنه، ومسألتنا في المقيم، ويستدل لقوله ولا يعارض بقوله النص، وقد رُدَّ قولُ الصحابي عند مخالفته لمن هو مثله، فكيف بالتابعي إذا خالف الصحابي، وقد قال ابن حزم على قياس عكرمة هذا كما في المحلى (7/489): ثم لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل، لأنه ليس إذا وجب أن لا يمس الشعر، والظفر بالنص الوارد في ذلك يجب أن يجتنب النساء والطيب، كما أنه إذا وجب اجتناب الجماع والطيب لم يجب بذلك اجتناب مس الشعر والظفر، فهذا الصائم فرض عليه اجتناب النساء ولا يلزمه اجتناب الطيب، ولا مس الشعر، والظفر، وكذلك المعتكف، وهذه المعتدة، يحرم عليها الجماع، والطيب، ولا يلزمها اجتناب قص الشعر، والأظفار.. إلى أن قال: وهذه فتيا صحت عن الصحابة رضي الله عنهم ولا يعرف فيها مخالف منهم لهم فخالفوا ذلك برأيهم، ورواه مالك مرسلا فخالفوا المرسل والمسند وبالله تعالى التوفيق. اهـ

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة التاسعة

    الوقفة التاسعة
    نقل ابن عابدين للإجماع على سنية ترك الأخذ من الشعر والظفر
    قال الشيخ فهد: وقال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته: ومما ورد في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل العشر وأراد بعضكم أن يضحي فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفرا» فهذا محمول على الندب دون الوجوب بالإجماع. اهـ

    نقل الشيخ الصقعبي للإجماع هنا مسقط لعموم بحثه هذا، إذ كيف يصح عنده، وقد ذكر قول الحنابلة بالتحريم، إلا إذا كان لا يعتبر بقولهم، فهذا أمر آخر، أو يقال إن لابن عابدين مصطلحا يخصه كما هو المعروف عن بعض أهل العلم في نقلهم للإجماعات، فيقال إما أنه خفي عليك ذلك وكان يلزمك التحقق من النقل، أو يقال لم تعلم به فكان نقله هنا مناقضا لنقلك الخلافَ..!!

    ثم يقال أيضاً: ندب الترك حكم شرعي، فلو لم يصح حديث أم سلمة وأنكرتَه، وأنكرت أقوال الصحابة، فأين الدليل على الندب، مع أن الدليل فيه نهي، والأصل في النهي التحريم، وأقوال الصحابة ظاهرة في المنع والتحريم.. !!

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,571

    Lightbulb الوقفة العاشرة

    الوقفة العاشرة
    قوله بأن المنع من الأخذ من الشعر والأظافر يتعلق بمن عين أضحيته
    قال الشيخ فهد: وقد يقال بأن من عين أضحيته فيحرم عليه الأخذ من شعره وظفره، حيث إن الأضحية تكون واجبة إذا عينت، وذلك لما ورد في بعض ألفاظ الحديث عند مسلم وغيره: «إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي، فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفرا» والعمدة على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن النهي غير محمول على التحريم إطلاقاً. اهـ

    الغريب أنك يا شيخ فهد ذكرتَ قبل قليل أن السلف صرحوا بنكارة الحديث وترك العمل به، فكيف استدللت به هنا.. !

    أما قوله في الحديث: (وعنده أضحية) فقيد أغلبي لا مفهوم له، وهو بمعنى القادر على الأضحية، فإن الغالب أنه لا يضحي إلا من كانت عنده أضحيته، ومثالُ مالا مفهوم له قوله سبحانه وتعالى: { َرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ} فوصف الحجر هنا لا مفهوم له، لأنه وصف أغلبي ذكُر لأن الربيبة في الغالب لا تكون إلا في الحجر، ومثله ما في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «خمس فواسق يقتلن في الحل» فقوله: "خمس" قيد أغلبي لا مفهوم له، فقد جاء في مسلم "أربع كلهن فاسق" وجاء عند أبي عوانة: "ست فواسق".

    ولهذا يقول النووي رحمه الله في "المجموع" (8/391): وحكى الرافعي وجها ضعيفا شاذا أن الحلق والقلم لا يكرهان، إلا إذا دخل العشر واشترى أضحية أو عين شاة أو غيرها من مواشيه للتضحية.

    ومثل ذلك قاله ابن رشدكما في البيان والتحصيل (17/316) ملخِصاً قول الطحاوي: وفي حديث أم سلمة المنع من حلق الشعر وقص الأظافر لمن أراد أن يضحي في العشر، اشترى أضحية أو لم يشترها وكان واجدا لها..

    وبعد.. فلا يخفى عليك يا شيخ فهد تساهل الناس بالأحكام الشرعية وتسارعهم إلى ما يصلُح لهم، وفرحهم بما يظنون أنه يفيدهم لذلك، ولا يخفاك أيضا ما قاله البخاري تحت حديث معاذ: "باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا"، والموفق من استطاع أن يثني نفسه عن الإصرار على الخطأ بعدما تبين له.. والله تعالى أعلم واجل.
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي رد: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحميد الأزهري مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله
    أخي الفاضل عبد الرحمن الجفن سرني مقالك ، ورغبت في عمل بعض التنسيق على الملف، وإن شاء الله بعد نشر سائر الوقفات، أقوم برفعه في المرفقات لمن أراد الأستفاده به.
    وجزاك الله خيرا

    أحسن الله إليك وبارك فيك وفي عملك .. وأنا شاكر لك جهدك وإشغالك ..

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    393

    افتراضي رد: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    جزاكم الله خيرًا أخي عبد الرحمن الجفن، ترددتُ في هذه المسألة بعد تأمل، حتى رأيت بحثك .
    نحن في ذي الحياة ركب سفار-يصل اللاحقين بالماضينا = قد هدانا السبيل من سبقونا-وعلينا هداية الآتينا
    عبد الوهاب عزام-ديوان المثاني ص149
    اللهم اكفني شر كل ذي شر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

  15. #15

    افتراضي رد: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    شكرا لك أخي الشيخ عبدالرحمن الجفن على نقلك هذا البحث ..
    ولكن لم تذكر لنا من هو كاتب هذا الرد ، لأني علمت أن كاتب هذا الرد هو الشيخ خالد بن ابراهيم الصقعبي .
    وفقكم الله ونفع بكم .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي رد: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    لم أفهم مقصدك .؟

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي رد: تحرير الخبر في حكم أخذ المضحي للشعر , جواب على مقالة الشيخ فهد الصقعبي

    نعم انا كاتبها غفر الله لك
    يبدو أنك لم تطلع على المقدمة
    وأظن الشيخ خالد لا علم له بها ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •