البناء الصرفي(ق د س) ومشتقاته في القرآن الكريم
دراسة لغوية دلالية
الدكتور صالح فليح زعل المذهان
ملخص البحث
هدفت هذه الدراسة إلى بيان دلالة البناء الصرفي(ق د س) ومشتقاته في القرآن الكريم، وبينت أنَّ هذا البناء ورد منه المشتقات الآتية: (نُقَدِّسُ، القُدُس، القُدُّوس، المُقَدَّس)، وهي تدل على التنزيه والطهارة، والمباركة، فالفعل المضارع( نُقَدِّسُ) دلَّ على أنَّ الملائكة ينزهون الله- عز وجل- عن كل عيب ونقص، فله صفات الكمال، ووصف الله-عز وجل- جبريل بروح القدس؛ لأنه خُلِق من الطهارة، وسمَّى الله-عز وجل- نفسه بالقدوس للدلالة على كمال صفاته، وأنَّه لا يماثله شيء في صفاته، ووصف الله جل ثناؤه الوادي الذي كَلَّم فيه موسى بالمقدس؛ لأنه بقعة مباركة، ووصف به الأرض التي اختارها لأنبيائه، وهي بلاد الشام، ومنها المسجد الأقصى المبارك؛ للدلالة على أنَّها أرض مباركة، باركها الله عز وجل؛ فهي موطن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهي الأرض التي هاجر إليها خليل الله إبراهيم، ولوط عليهما الصلاة والسلام، وهي الوجهة التي توجه إليها موسى خوفًا من فرعون وقومه، وهي بلاد التوحيد التي هاجرت إليها بلقيس، وهي المكان الذي أمر الله- عز وجل- أنبياءه-عليهم الصلاة والسلام بإقامة شرعه، وعبادته، وتوحيده، وجعلهم أئمة يهدون بأمره.
المقدمة
البناء في اللغة ضم الشيء إلى بعضه، قال ابن فارس:" الباء والنون والياء أصل واحد، وهو بناء الشيء بضم بعضه إلى بعض"[1].
تظهر أهمية البناء الصرفي عند صياغة الكلمات منه، فلكل صيغة دلالة تختلف عن الصيغ الأخرى، واختلف الصرفيون في دلالة المصطلحات الآتية:البناء، والصيغة، والوزن، فذهب فريق منهم إلى أنَّها تدل على معنى واحد، يؤكد ذلك الرضي بقوله:" المراد من بناء الكلمة، ووزنها، وصيغتها هيئتها التي يمكن أن يشاركها فيها غيرها، وهي عدد حروفها المرتبة، وحركاتها المعينة، وسكونها مع اعتبار الحروف الزائدة، والأصلية كلٌّ في موضعه"[2].
ومن المحدثين الذين قالوا بترادف هذه المصطلحات خديجة الحديثي:" فالأبنية- كما بحثتها- جمع بناء، والمراد به هيئة الكلمة التي وضعت عليها، والتي يمكن أن يشاركها فيها غيرها، وهذه الهيئة هو ما تشترك فيه الكلمات من عدد الحروف المرتبة، والحركات، من فتحة، وضمة، وكسرة، والسكنات مع اعتبار الحروف الأصلية والزائدة، كلٌّ في موضعه، فكلمة(رَجُل)- مثلًا- على هيئة وصفة يمكن أن يشاركها فيها غيرها من الكلمات كلفظة(عَضُد)، وفعل(كَرُم) فكلها على ثلاثة أحرف أصلية أولها مفتوح، وثانيها مضموم، وتسمى هذه الهيئة(بناء)، أو بنية أو صيغة، أو وزنًا، أو زنة، فالأبنية على هذا الأساس تشمل الأسماء المتمكنة، والأفعال المتصرفة"[3].
وأمَّا الفريق الثاني فقد فرَّق بين هذه المصطلحات، فخصوا" الصيغة بالأبنية المقيسة في الأكثر والتي لها أوزان لا تختلف غالبًا، وعدَّ البناء شاملًا لكل أنواع الكلمات المقيس منها، وغير المقيس فللحرف بناؤه، وللاسم المعرب والمبنى بناؤه، وللفعل كذلك، على حين لا تستعمل الصيغة إلا في مجال المقيسات من الأحكام"[4].
ويرى هذا الفريق أنَّ" البناء هو ضم الحروف بعضها إلى بعض، وجعلها مرتبة متماسكة، وهو الذي يحدد الدلالات العامة للكلمة، بينما الوزن هو مقياس، ومقدار هذه الحروف التي توضع في قالب معين، ثم يأتي الصيغة، وهي نتاج ذلك البناء، وهي التي تختص دلالته، وتحدد دقته أكثر خاصية، وأنَّها تدرس ضمن سياق نصي محاط بظروف قولية، وقرائن مختلفة"[5].
بلاد الشام هي الأرض الوحيدة التي وُصِفت- في كتاب الله عز وجل- بأنها أرض مقدسة ووُصفت في آيات أخرى بأنها أرض مباركة، فلماذا وُصفت تارة بالأرض المقدسة، وتارة أخرى بالأرض المباركة؟ وما دلالة هاتين الصفتين؟ هذه الدراسة ستجيب عن هذه الأسئلة، وتبين دلالة البناء الصرفي (ق د س) ومشتقاته في الآيات الكريمة.
القدس في اللغة:
قال ابن فارس: " القاف والدال والسين أصلٌ صحيح، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميّ وهو يدلُّ على الطهْر.ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة، وفي صِفَة الله تعالى: القُدُّوس وهو ذلك المعنى؛ لأنّه منزَّهٌ عن الأضداد، والأنداد، والصّاحبةِ والولد، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوّاً كبيرًا"[6].
وقال الرازي: "القُدُّس: بسكون الدال، وضمها الطُّهر"[7]، وقال ابن منظور:" والقُدْس: تنزيه الله عز وجل، والتقديس: تنزيه الله عز وجل، وهو المتَقَدَّس، القُدُّوس، المُقَدَّس، ويقال: القُدُّوس فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من أَبنية المبالغة، والقُدُّوس هو اللَّه عز وجل، والقُدْسُ البركة، والأَرض المُقَدَّسة الشام، والمُقَدَّس المُبارَك، والأَرض المُقَدَّسة المطهَّرة، وقال الفرَّاء، الأَرض المقدَّسة الطاهرة، وهي: دِمَشْق وفِلَسْطين، وبعض الأُرْدُن"[8].
وقال الزبيدي: والقُدْس: البيت المُقَّدس؛ لأنه يتطهر فيه من الذنوب، أو للبركة والقُدُس: سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام كروح القدس، وفي الحديث: إنَّ روح القُدُس نفث في روعي يعني جبريل عليه السلام؛ لإنَّه خُلِقَ من طهارة"[9].
ويتضح من كلام اللغويين أنَّ البناء الصرفي(ق د س) وما اشتق منه يدل على التنزيه والطهارة والبركة، وأمَّا مشتقات هذا البناء فقد وردت في كتاب الله عز وجل، فجاءت في عشرة مواطن يوضحها الجدول الآتي:
الكلمة الآية
نُقَدِّس (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) البقرة:30
القُدُس (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ )البقرة: ٨٧
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة: ٢٥٣
( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﭼ المائدة: ١١٠
( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل: ١٠٢
القُدُّوس ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر: ٢٣
( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) الجمعة: ١
المُقَدَّس ( إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) طه: ١٢
(إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) النازعات: ١٦
المُقَدَّسة ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) المائدة: ٢١


وسأبين في هذا البحث دلالة هذه المشتقات في الآيات الكريمة ، وأبدأ في دلالة الفعل المضارع(نُقَدِّ ُ) في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) البقرة:30.
الفعل( نُقَدِّسُ) فعل صحيح، سالم، لازم، متصرف، مبني للفاعل، غير مؤكد بنون التوكيد ماضيه(قَدَّسَ)، وهو فعل ثلاثي مزيد فيه بحرف، وزيد فيه حرف من جنس عينه، بين عينه ولامه، وهو من الباب الثاني من أبواب الفعل الثلاثي المزيد فيه بحرف، باب فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيلًا، وقد أفادت الزيادة في هذا الفعل معنى التكثير والمبالغة.
فالملائكة – عليهم السلام- ينزهون الله- عز وجل- عن كل عيب ونقص، فله صفات الكمال جل ثناؤه، قال البغوي:" أي نثني عليك بالقدس والطهارة"[10]، وقال ابن عطية:" معناه نقدسك؛ أي نعظمك، ونطهرك ذكرك عما لا يليق بك"[11]، وقال البقاعي:" نوقع التقديس؛ أي التطهير لك، بمعنى أنَّك في الغاية من الطهارة، والعلو في كل صفة"[12].
وعُطِف الفعل (نقدس) على التسبيح، وثمة فرق بين التسبيح والتقديس، فالتسبيح يدل على أنَّ الملائكة يذكرون الله عز وجل، ويعبدونه، ويعظمونه، قال الشوكاني:" والتسبيح في كلام العرب: التنزيه والتعبيد من السوء على وجه التعظيم"[13]، والتقديس تنزيه الله- عز وجل- عن كل عيب، ونقص فالتسبيح مختص بالقول والعمل، والتقديس مختص بالاعتقاد، وهو اعتقاد صفة الكمال المطلق لله عز وجل، قال الرازي:" التسبيح تنزيه ذاته عن صفة الأجسام، والتقديس تنزيه أفعاله عن صفة الذم، ونعت السفه"[14]. وقال ابن عاشور:" الأول(نسبحك) بالقول والعمل، والثاني(نقدس) باعتقاد صفات الكمال المناسبة للذات العلية"[15].
وورد الاسم(القُدُس) في أربع مواطن في كتاب الله عز وجل، وهي قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ )البقرة: ٨٧، وقوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة: ٢٥٣ وقوله تعالى:( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ) المائدة: ١١٠ ، وقوله تعالى: ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل: ١٠٢.
ووردت في(القُدُس) قراءتان: القراءة الأولى بضم الدال، وهي قراءة الإِمام نافع، وعاصم، وأَبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبي جعفر، ويعقوب، وخلف، والقراءة الثانية بسكون الدال وهي قراءة الإِمام ابن كثير[16] .
والقُدُسُ وفق القراءة الأُولى اسم ثلاثي مجرد، جامد يدل على ذات، وهو اسم صحيح الآخر مذكر، مفرد، وزنه الصرفي فُعُل، وأَمَّا القُدْسُ-وفق القراءة الثانية- فهو اسم ثلاثي مجرد جامد، يدل على معنى ، وهو اسم صحيح الآخر، مذكر، مفرد، ووزنه الصرفي فُعْلٌ.
وثمة فرق بين القراءتين، فتدل القراءة الأولى (روح القُدُسُ) على جبريل عليه الصلاة والسلام وأما القراءة الثانية (روح القُدْس) فتدل على العصمة والتوفيق، يؤكد ذلك ابن عباد بقوله :" ورُوْحُ القُدُس: جَبرئيلُ عليه السَّلامُ، ورُوْحُ القُدْس:العِصْم ةُ والتَّوفيقُ "[17] .
وقد أفادت الصيغة الصرفية للاسم( القُدُس) وفق القراءة الأولى أنَّ الله- عز وجل- أَيَّدَ سيدنا عيسى – عليه الصلاة والسلام – بجبريل عليه السلام، قال النسفي(710ه):" أي بجبريل عليه السلام لأنَّه يأتي بما فيه حياة القلوب، وذلك لأنَّه رفعه إلى السماء حين قصد اليهود قتله"[18].
وسُمِّي جبريل روحًا، وأضيف إلى القدس، وهو الطاهرة، وهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته؛ وتدل هذه الإضافة على المبالغة في الاختصاص بالطهارة، قال النحاس:" وسُمِّي جبريل روحًا وأضيف إلى القدس؛ لأنه كان بتكوين الله- عز وجل- له روحًا من غير والد ولده، وكذلك سُمِّي عيسى روحًا لهذا"[19]، وقال البغوي:" أراد بالقدس الطهارة، يعني الروح الطاهرة سُمِّي روحه قدسًا؛ لأنه لم تتضمنه أصلاب الفحولة، ولم تشتمل عليه أرحام الطوامث، إنما كان أمرًا من أمر الله تعالى، قال قتادة، والسدي والضحاك: روح القدس جبريل عليه السلام، قيل: وصف جبريل بالقدس؛ أي بالطهارة؛ لأنه لم يقترف ذنبًا "[20].
وأمَّا الصيغة الصرفية للاسم( القُدْس) -وفق القراءة الثانية- فقد أفادت أنَّ سيدنا عيسى عليه السلام أيده الله-عز وجل-بالعصمة والتوفيق منذ صباه إلى كبره، قال الألوسي(1270ه):"وخُ صَّ عيسى عليه السلام بذكر التأييد بروح القدس؛ لأنَّه -تعالى- خصه به من وقت صباه إلى حال كبره"[21].
وجملة القول:إنَّ الصيغ الصرفية للاسم وفق القراءتين أفادتا أنَّ الله - عز وجل- أيد سيدنا عيسى بالعصمة والتوفيق، وبجبريل عليه الصلاة والسلام، قال الرازي :"وأيدناه بِرُوحِ القدس؛ يعني قويناه والمراد من هذه التقوية الإعانة، وإسناد الإعانة إلى جبريل عليه السلام حقيقة، وإسنادها إلى الإنجيل والاسم الأعظم مجاز، فكان ذلك أولى"[22] .
القُدُّوس
ورد ( القُدُوس) في موضوعين من كتاب الله عز وجل، وهما: قوله تعالى: ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر: ٢٣، وقوله تعالى: ( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الجمعة:1.
وصيغة(القُدُّوس) في هاتين الآيتين تدل على أنَّ الله–عز وجل- متصف بصفات الكمال، ومنزه عن العيوب والنقائص، لا يماثله شيء من مخلوقاته في هذه الصفات، وهو كثير البركات، قال ابن منظور:"وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس بفتح أوائلهما، قال الليحاني: المجتمع عليه في سُبُّوح، وقُدُّوس الضم ، قال: وإنْ فتحته جاز، قال الأزهري: لم يجئ في صفات الله تعالى غير القُدُّوس، وهو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص، وفُعُّول بالضم من أبنية المُبالَغَة"[23].
قال ابن الجوزي:" قال أبو سليمان الخطابي: القُدُّوس الطاهر من العيوب المنزه عن الأنداد والأولاد"[24]، وقال الرازي:" وهو البليغ في النزاهة في الذات، والصفات والأفعال، والأحكام والأسماء وقال الحسن: إنَّه الذي كثرته بركاته"[25]، وقال ابن كثير:" المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال"[26] وقال ابن عاشور:" وقال ثعلب: لم يرد فُعُّول بضم أوله إلا القُدُّوس والسُبُّوح"[27].
وقد اقترنت صيغة(القدوس) بالملك في قوله تعالى: ( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الجمعة:1.؛ للدلالة على أنَّ الله-عز وجل-"منزه عن نقائص الملوك المعروفة من الغرور، والاسترسال في الشهوات، ونحو ذلك من نقائص النفوس"[28].
وجاءت صيغة(العزيز) بعد صيغة(القدوس)؛ للدلالة على بطش الله- عز وجل- بالكفار وحمايته للمؤمنين، قال ابن عاشور:"العزيز: يَعتز الملتفون حوله"[29]، والمؤمنون هم الذين آمنوا بعيسى عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّي نَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّون َ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) الصف:14.
ووردت صيغة(السلام) بعد صيغة(القدوس) في قوله تعالى:( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر:23 ؛للدلالة على أنَّ الخلق لا يظلمون عند الله عز وجل، وإنما يعاملهم معاملة عادلة، فالسلام" مصدر بمعنى المسالمة وُصِفَ الله- تعالى- به على طريقة الوصف بالمصدر للمبالغة في الوصف؛ أي ذو السلام؛ أي السلامة، وهي أنه- تعالى- سالَمَ الخلق من الظلم والجور"[30]، ووردت هذه الآيات الكريمة بعد قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ) الحشر:20؛ للدلالة على عدل الله في خلقه.
والقدوس اسم من أسماء الله الحسنى، وصف الله- جل ثناؤه- نفسه به؛ للدلالة على كمال صفاته ، وأنَّه لا يماثله شيء في صفاته، قال تعالى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى: ١١.
ويظهر-مما سبق- أنَّ صيغة القدوس وردت في سياق الآيات التي تحدثت عن طائفتين: طائفة مؤمنة، وطائفة كافرة، ودلت هذه الصيغة على تنزيه الله- عز وجل- عن كل نقص، وعيب، وإثبات صفات الكمال له، قال الخازن:" القدوس إشارة إلى براءته عن جميع العيوب والنقائص في الماضي والحاضر، والسلام إشارة إلى أنَّه لا يطرأ عليه شيء من العيوب والنقائص في المستقبل، فإنَّ الذي يطرأ عليه شيء من ذلك تزول سلامته، ولا يبقى سليمًا"[31].
المُقَدَّس
اشتق من الفعل المبني للمفعول(قُدِّسَ) اسم المفعول( المُقَدَّس)، وورد الاسم المفعول في ثلاث مواطن، وهي قوله تعالى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) طه: ١٢، وقوله: (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) النازعات: ١٦، وقوله:( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) المائدة: ٢١
والاسم( المُقَدَّس) اسم ثلاث مزيد فيه بحرفين الميم في بداءته، وتضعيف عينه، وهو اسم صحيح الآخر، مذكر، مفرد، يدل على ذات وقع عليها حدث.
وجاء اسم المفعول صفة للوادي في موطنين، وصفة للأرض في موطن واحد، فأما الوادي فقد وُصِف بالمقدَّس؛ لأنَّه مبارك، قال الطبري:" أمره الله – تعالى ذكره- بخلع نعليه ليباشر بقدميه بركة الوادي؛ إذ كان واديًا مقدسًا"[32]. وقد أفاد حرف التوكيد(إنَّ) معنى التعليل فأشار إلى أنَّ سبب خلع النعلين بركة الوادي فهو مبارك؛ لأنَّ الله– عز وجل- كلَّم موسى عليه السلام فيه، واصطفاه، وأمره بدعوة إليه، وتوحيده ، وعبادته، وتبليغ رسالته إلى فرعون، فقال تعالى: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى)الناز ات: ١٧ - ١٩ .
والمتأمل في كتاب الله- عز وجل- يجد أنَّه وصف الأرض التي كلَّم الله موسى فيها بالبقعة المباركة، وهي قوله تعالى: قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)ا قصص: ٣٠.
ويدل سياق هذه الآيات الكريمة على أنَّ موسى- عليه الصلاة والسلام- لم يوح إليه بعدُ فقد ذهب إلى الوادي لعله يأتي منه بقبس من النار التي رآها ووصف الله- عز وجل- هذه الأرض التي كان فيها موسى عليه الصلاة والسلام بأنها بقعة مباركة، " لأنها كانت من بقاع الخصب، وبلاد الريف"[33].
ويتبين من قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)ا قصص: ٣٠. أنَّ دلالة حرف الجر(في) تفيد أنَّ الوادي المقدس جزء من البقعة المباركة، فحرف الجر يفيد معنى الظرفية؛ أي أنَّ الوادي في هذه البقعة المباركة.
ويدل وصف الوادي بالمقدس على أنَّ الله- عز وجل- قد كلَّف موسى بالرسالة، والعبودية والدعوة إلى توحيده، وتبليغ دعوته إلى فرعون وقومه.
ويدل حرف الجر (الباء) في قوله تعالى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) طه: ١٢، وقوله تعالى: (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) النازعات: ١٦ على معنى الإلصاق فموسى- عليه الصلاة والسلام- يقف بالوادي، وهو المكان الذي أُوحي منه وكُلِّف بالرسالة، وأُمِرَ بتبليغ دعوة التوحيد إلى فرعون وملإه، قال تعالى: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)طه: ١٢ –14 وقال تعالى: (إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ) النازعات: ١٦ - ١٩.
ووصف الله – عز وجل- الأرض بالمقدسة في قوله تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) المائدة: ٢١؛ لأنَّها أرض الأنبياء ذلك أنَّها" كانت قرار الأنبياء، ومسكن المؤمنين"[34]، وقد باركها الله- تعالى- في قوله تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) الأعراف: ١٣٧.
وهذه الأرض التي باركها الله عز وجل هي بلاد الشام، ومنها المسجد الأقصى المبارك، ومغارب الأرض هي بلاد الشام، يدل على ذلك ما رواه الإمام مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال : قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة"[35]، قال أحمد بن حنبل: "أهل الغرب هم أهل الشام"[36]، وقال الإمام النووي:" وقال معاذ: هم بالشام ، وجاء في حديث آخرهم ببيت المقدس"[37]، وقال ابن منظور:" أراد بهم أهل الشام؛ لأنهم غرب الحجاز"[38].
فبلاد الشام بلاد مقدسة؛ لأنها موطن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهي المكان الذي هاجر إليها خليل الله إبراهيم ، ولوط عليهما الصلاة والسلام، ونجاهما من القوم الظالمين، وبلاد الشام هي المكان المبارك الذي أمر الله- عز وجل- أنبياءه-عليهم الصلاة والسلام- أن يهاجروا إليها، وهيَّأها لهم لتكون مستقرهم، قال تعالى: ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) الأنبياء:69-73.
قال الطبري:" يقول تعالى ذكره: ونجينا إبراهيم ولوطًا من أعدائهما نمرود وقومه من أرض العراق(إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) وهي أرض الشأم، فارق صلوات الله عليه وقومه، ودينهم وهاجر إلى الشأم"[39]، وقال البغوي :" يعني الشام بارك الله فيهما بالخصب، وكثرة الأشجار، والثمار والأنهار، ومنها بعث أكثر الأنبياء"[40].
وبلاد الشام هي مقر سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَان الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) الأنبياء: ٨١ ، قال البغوي:" يعني الشام، وذلك أنَّها كانت تجري لسليمان وأصحابه حيث شاء، ثم تعود إلى منزله بالشام"[41].
وقال تعالى عن سبأ: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ) سبأ: ١٨. والقرى التي بارك الله- عز وجل- فيها هي بلاد الشام، يؤكد ذلك النسفي بقوله:" (وجعلنا بينهم) بين سبأ( وبين القرى التي باركنا فيها) بالتوسعة على أهلها في النعيم والمياه، وهي قرى الشام(قرى ظاهرة) متواصلة يرى بعضها من بعض لتقاربها فهي ظاهرة لأعين الناظرين"[42].
واختار الله-جل ثناؤه- بلاد الشام أن تكون موطن الأنبياء والرسل، وجعل فيها المسجد الأقصى المبارك الذي أُسرى بالنبي- صلى الله عليه وسلم- إليه، وعُرِج منه إلى السموات العلى، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء: ١.
ووصف الله – عز وجل- الأرض المقدسة، والمسجد الأقصى بالأرض المباركة؛ لأنَّ البركة" النماء والزيادة"[43]، وأسند الفعل(بارك) إلى ضمير الجمع؛ للدلالة على عظمة الله سبحانه وتعالى.وهي أرض التوحيد، وعبادة الله وحده، وإقامة شرعه، فمن أراد أن يوحد الله عز وجل ويعبده، يهاجر إلى بلاد الشام، فبلقيس كانت كافرة في بلاد اليمن، وعندما أسلمت ذهبت إلى بلاد الشام، قال تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)ا نمل: ٤٢ – ٤٤.
وبلاد الشام ملجأ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد لجأ إليها سيدنا موسى عليه السلام خوفًا من فرعون وقومه، قال تعالى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )القصص: ٢٠ – ٢٥.
ويتبين مما سبق أنَّ صيغة( المقدس، المقدسة) التي وُصِفَت بها الأماكن إنما جاءت في سياق الآيات الكريمة التي تحدثت عن النبوة والرسالة، للدلالة على تنزيه الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- من العيوب والنقائص التي اتهمهم بها أقوامهم، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) المائدة: ٢٠ – ٢١.
وَوُصِفَت هذه الأماكن نفسها بالمباركة في سياق الآيات التي تحدثت عن القحط، ونقص الثمرات، للدلالة على نِعَمِ الله-عز وجل- على عباده الصالحين، فهيَّأ لهم أرضًا فيها ما يدعو إلى الاستقرار، والأمن، والأمان، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم ْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ )سبأ: ١٥ – ١٨.

ونخلص من هذه الدراسة إلى النتائج الآتية:
البناء الصرفي(ق د س) يدل على التنزيه، والبركة، والطهر.
الأرض الموصوفة بالمقدسة تدل على أنَّ الله- عز وجل- اختارها لتكون المكان الذي ينطلق منه التوحيد والرسالة والدعوة إلى الله وحده.
الأرض الموصوفة بالمباركة تدل على أنَّها أرض كثير الخيرات والبركات الدنيوية.
في كلمة(القُدُس) قراءتان متواترتان: الأولى: القُدُسُ وهو جبريل عليه الصلاة والسلام والثانية:القُدْ وهي العصمة والتوفيق
بلاد الشام هي الأرض المقدسة، وهي بلاد مباركة، وهي مهبط الوحي، ومبعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
المسجد الأقصى ملجأ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وأهل التوحيد عند وقوع الفتن.
بلاد الشام المكان الذي كلَّم الله –عز وجل- سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.
بلاد الشام مهجر خليل الله سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
بلاد الشام وجهة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومه فرارًا من فرعون وقومه.
بلاد الشام مقر سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام.
بلاد الشام مهجر بلقيس وقومها؛ لعبادة الله وحده لا شريك له.
بلاد الشام فيه طائفة منصورة قائمة على الحق حتى قيام الساعة.
المسجد الأقصى المكان الذي أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه، وعرج به إلى السموات العلى.

التوصيات:
توصي هذه الدراسة الباحثين بأهمية الدراسات القرآنية، والاعتناء بها، والكشف عن دلالات ألفاظ القرآن، ومعانيه، والسياق العام للآيات الكريمة، وتوجيه الدراسات اللغوية إلى القرآن الكريم.
مصادر الدراسة ومراجعها
القرآن الكريم .
مصحف القراءات .
1. أبنية الصرف في كتاب سيبويه، خديجة الحديثي، 1965م، الطبعة الأولى، منشورات مكتبة النهضة بغداد.
2. الأبنية الصرفية ودلالاتها في سورة يوسف، رفيقة ابن ميسية، رسالة ماجستير، 2004م، إشراف الدكتور سامي عبدالله أحمد الكناني، جامعة منتوري قسنطية.
3. إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود محمد بن محمد العمادي، (د،ط) (د،ت) دار إحياء التراث العربي، بيروت.
4. تاج العروس من جواهر العروس، محمد مرتضى الحسيني، 1994م، تحقيق علي شيري، (د،ط) دار الفكر، بيروت.
5. التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن محمد ابن عاشور، 1296ه، (د،ت)، (د،ط)، الدار التونيسة، تونس، ج1 ص 406.
6. تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي، 1999م، تحقيق سامي بن محمد سلامة، الطبعة الثانية، دار طيبة للنشر والتوزيع.
7. حجة القراءات، أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة، 2001م، الطبعة الخامسة، تحقيق سعيد الأفغاني، (د،ن)، (د،م).
8. الحجة للقراء السبع، أبو علي الحسن بن أحمد بن عبدالغفار الفارسي 1993م، الطبعة الثانية تحقيق بدر الدين قهوجي، وبشير جويجابي، دار المأمون للتراث، دمشق.
9. جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد الطبري، 2000م، تحقيق أحمد محمد شاكر، الطبعة الثانية، مؤسسة الرسالة.
10. الجامع لأحكام القرآن، أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي، 1998م، خرَّج أحاديثه وعلق عليه الشيخ عرفات العشا، (د،ط)، دار الفكر، بيروت.
11. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، أبو الفضل شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني 1415ه، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت.
12. زاد المسير في علم التفسير، عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي، (د،ط)، (د، ت) المكتب الإسلامي.
13. شرح شافية ابن الحاجب، الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي، تحقيق محمود نور الحسن، ومحمد الزفراف، ومحي الدين عبد الحميد، (د،ت)، الطبعة الأولى، دار إحياء التراث العربي بيروت.
14. شرح صحيح مسلم، محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، الطبعة الأولى، 2009م، دار العقيدة، الإسكندرية.
15. صيغة أفعل الفعلية ومعانيها في القرآن الكريم، عبدالعزيز الفتاوي صافي، رسالة ماجستير 1987م، إشراف الدكتور محمد بن عليان الحازمي، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية.
16. صحيح مسلم، الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج، الطبعة الأولى، 2006م، دار طيبة الرياض.
17. فتح القدير، محمد بن علي الشوكاني، 1414ه، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، دمشق.
18. كتاب السبعة، أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس ابن مجاهد، 1400ه، الطبعة الثانية، تحقيق الدكتور شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة.
19. لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور، الطبعة الثالثة، 2004م، دار صادر، بيروت.
20. لباب التأويل في معاني التنزيل، علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم الخازن، 1415ه، تصحيح محمد علي شاهين، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت.
21. مجموع الفتاوى، أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، (د،ط)، 2004م، الرياض.
22. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، أبو محمد عبدالخالق بن غالب، 1993م، تحقيق عبدالسلام عبدالشافي محمد، (د،ط)، دار الكتب العلمية، لبنان.
23. المحيط في اللغة، أبو القاسم إسماعيل الصاحب بن عباد، 1994م، تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، الطبعة الأولى، عالم الكتب، بيروت.
24. مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي، 1998م، (د،ط)، مكتبة لبنان.
25. مدارك التنزيل وحقائق التأويل، عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي، 1998م، تحقيق يوسف علب بديوي، الطبعة الأولى، دار الكلم الطيب، بيروت.
26. معالم التنزيل، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، 1997م، تحقيق محمد عبدالله النمر وآخرون، الطبعة الرابعة، دار طيبة للنشر والتوزيع.
27. مفاتح الغيب، محمد بن عمر التميمي الفخر الرازي، 1981م، الطبعة الأولى ، دار الفكر لبنان.
28. مقاييس اللغة، ابن فارس بن زكرياء القزويني الرازي،1979م، (د،ط)، دار الفكر.
29. النشر في القراءات العشر، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن علي بن يوسف ابن الجزري 19998م، الطبعة الأولى ، قدم له صاحب الفضيلة الأستاذ علي محمد الصباع، دار الكتب العلمية، لبنان.
30. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط البقاعي،(د،ت) (د،ط) دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
31. النكت والعيون تفسير الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد حبيب الماوردي، (د،ط)، (د،ت) دار الكتب العلمية، بيروت.






[1] - مقاييس اللغة، ابن فارس بن زكرياء القزويني الرازي،1979م، (د،ط)، دار الفكر: مادة( بني).

[2] - شرح شافية ابن الحاجب، الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي، تحقيق محمود نور الحسن، ومحمد الزفراف، ومحي الدين عبد الحميد، (د،ت)، ط1، دار إحياء التراث العربي ، بيروت، ج1، ص8.

[3] - أبنية الصرف في كتاب سيبويه، خديجة الحديثي، 1965م، ط1، منشورات مكتبة النهضة، بغداد، ص17.

[4] -صيغة أفعل الفعلية ومعانيها في القرآن الكريم، عبدالعزيز الفتاوي صافي، رسالة ماجستير، 1987م، إشراف الدكتور محمد بن عليان الحازمي، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ص 13.

[5] - الأبنية الصرفية ودلالاتها في سورة يوسف، رفيقة ابن ميسية، رسالة ماجستير، 2004م، إشراف الدكتور سامي عبدالله أحمد الكناني، جامعة منتوري قسنطية، الجزائر، ص 24.

[6] - ابن فارس، مرجع سبق ذكره، مادة( قدس).

[7] - مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي، 1998م، (د،ط)، مكتبة لبنان، مادة(قدس).

[8] - لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور، ط3، 2004م، دار صادر، بيروت، مادة(قدس).

[9] - تاج العروس من جواهر العروس، محمد مرتضى الحسيني، 1994م، تحقيق علي شيري، (د،ط)، دار الفكر بيروت، مادة(قدس).

[10] - معالم التنزيل، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، 1997م، تحقيق محمد عبدالله النمر وآخرون، ط4، دار طيبة للنشر والتوزيع،ج1، ص79.

[11] - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، أبو محمد عبدالخالق بن غالب، 1993م، تحقيق عبدالسلام عبدالشافي محمد، (د،ط)، دار الكتب العلمية، لبنان، ج1،ص118.

[12] - نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط البقاعي،(د،ت) ،(د،ط) دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ج1، ص239.

[13] - فتح القدير، محمد بن علي الشوكاني، 1414ه، ط1، دار ابن كثير، دمشق، ص44.

[14] - مفاتح الغيب، محمد بن عمر التميمي الفخر الرازي، 1981م، ط1، دار الفكر، لبنان، ج2،ص184.

[15]- التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن محمد ابن عاشور، 1296ه، (د،ت)، (د،ط)، الدار التونيسة، تونس، ج1 ص 406.

[16] - انظر: كتاب السبعة، أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس ابن مجاهد، 1400ه، ط2، تحقيق الدكتور شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، ص190، الحجة للقراء السبع، أبو علي الحسن بن أحمد بن عبدالغفار الفارسي 1993م، ط2، تحقيق بدر الدين قهوجي، وبشير جويجابي، دار المأمون للتراث، دمشق،ج2، ص 394، حجة القراءات، أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة، 2001م، ط5، تحقيق سعيد الأفغاني، (د،ن)، (د،م)، ص146 النشر في القراءات العشر، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن علي بن يوسف ابن الجزري 19998م،ط1، قدم له صاحب الفضيلة الأستاذ علي محمد الصباع، دار الكتب العلمية، لبنان، ج2، ص216.

[17] - المحيط في اللغة، أبو القاسم إسماعيل الصاحب بن عباد، 1994م، تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، ط1 عالم الكتب، بيروت، مادة( قدس) .

[18] - مدارك التنزيل وحقائق التأويل، عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي، 1998م، تحقيق يوسف علب بديوي، ط1 دار الكلم الطيب، بيروت، ج1، ص180.

[19] - الجامع لأحكام القرآن، أبو عبدالله محمد بن أحمد القرطبي، 1998م، خرَّج أحاديثه وعلق عليه الشيخ عرفات العشا، (د،ط)، دار الفكر، بيروت، ج2، ص244.

[20] - البغوي، مرجع سبق ذكره، ج1، ص119.

[21] - روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، أبو الفضل شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني 1415ه، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ص317.

[22] - الفخر الرازي، مرجع سبق ذكره، ج 3، ص 162.

[23] - ابن منظور، مرجع سبق ذكره، مادة( قدس).

[24] - زاد المسير في علم التفسير، عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي، (د،ط)، (د، ت)، المكتب الإسلامي،ص1421.

[25] - الفخر الرازي، مرجع سبق ذكره، ج 29، ص 294.

[26] - تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي، 1999م، تحقيق سامي بن محمد سلامة، ط2، دار طيبة للنشر والتوزيع، ج8، ص115.

[27] - ابن عاشور، مرجع سبق ذكره، ج28، ص 120.

[28]- ابن عاشور، مرجع سبق ذكره، ج 28، ص120.

[29] - ابن عاشور، المرجع السابق، ج28، ص207.

[30] - ابن عاشور، المرجع السابق، ج28، ص121.

[31] - لباب التأويل في معاني التنزيل، علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم الخازن، 1415ه، تصحيح محمد علي شاهين، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، ج4، ص277.

[32] - جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد الطبري، 2000م، تحقيق أحمد محمد شاكر،ط2 ، مؤسسة الرسالة، ج16، ص25.

[33] - النكت والعيون تفسير الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد حبيب الماوردي، (د،ط) ، (د،ت) دار الكتب العلمية، بيروت، ج4، ص251.

[34] - إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود محمد بن محمد العمادي، (د،ط)، (د،ت)، دار إحياء التراث العربي، بيروت ، ج3، ص23.

[35] - صحيح مسلم، الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج،ط1، 2006م، دار طيبة، الرياض، رقم الحديث:3551.

[36] - مجموع الفتاوى، أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، (د،ط)، 2004م، الرياض، ج28،ص532.

[37] - شرح صحيح مسلم، محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، ط1، 2009م، دار العقيدة، الإسكندرية،ج7 ص54.

[38] - ابن منظور، مرجع سبق ذكره، مادة(غرب).

[39] - الطبري، مرجع سبق ذكره، ج16، ص310.

[40] - البغوي، مرجع سبق ذكره، ج5، ص329.

[41] - البغوي، مرجع سابق، ج5، ص335.

[42] - النسفي، مرجع سبق ذكره، ج3، ص60.

[43] - ابن منظور، مرجع سبق ذكره، مادة(برك).