في رحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم



. عبدالحميد ضحا


هَلْ رَأَيْتَ الْحُرُوفَ تَبْكِي خُشُوعَا

أَوْ رَأَيْتَ الْقَرِيضَ يَحْنُو خُضُوعَا

أَوْ سِبَاقاً بَيْنَ الْحُرُوفِ لِتَلْقَى

أَوْجَ مَجْدٍ وَعِزَّةٍ لَنْ يَضِيعَا

فِي رِحَابِ الْحَبِيبِ سَعْدُ الْقَوَافِي

وَصِفَاتِ الْحَبِيبِ لَنْ تَسْتَطِيعَا

لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ الْقُلُوبُ قِفَارٌ؛

وَبِذِكْرِ الرسُولِ تَغْدُو رَبِيعَا؟!

فَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ شَذَاهَا

يَكْسِبُ النَّفْسَ رِفْعَةً وَخُشُوعَا

وَسَلامٌ عَلَى النَّبِيِّ صَدَاهُ

يَجْعَلُ الرُّوحَ كَالشُّمُوسِ طُلُوعَا

يَا رَسُولَ الْهُدَى! إِلَيْكَ قَرِيضِي

مُقْبِلاً شَوْقاً مَادِحاً وَشَــفِيعَا

كُلُّ حَرْفٍ بِمَوْضِعٍ كَاللَّآلِي

وَسْطَ عِقْدٍ قَدْ رُصِّعَتْ تَرْصِيعَا

فَبُحُورُ الْقَرِيضِ تَرْوِي قُلُوباً

قَاحِلاً أَرْضُهَا فَصَارَتْ مَرِيعَا

كَانَتِ الْأَرْضُ غَابَةً وَظَلَاماً

قَدْ مَحَا الظُّلْمُ وَجْهَهَا وَالضُّلُوعَا

فَرُؤُوسُ الطُّغَاةِ فِي الْجَوْرِ هَامُوا

وَضَعِيفُ الْوَرَى يَهِيمُ رَكُوعَا

يُزْرَعُ الظُّلْمُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَجْنِي

كُلُّ حَيٍّ مِنَ الْحَصَادِ وَجِيعَا

فَأَتَاهُمْ مِنَ الرَّحِيمِ ضِيَاءٌ

كَصَبَاحٍ يُزِيلُ لَيْلاً فَظِيعَا

أُمِرَ «اقْرَأْ» وَامْحُ الضَّلالَ مُنِيراً

ظُلْمَةَ الْعَقْلِ، وَالرَّشَادَ أَذِيعَا

وَازْرَعِ الطُّهْرَ فِي قُلُوبٍ يَبَابٍ

وَارْوِهَا بِالْإِيمَانِ طِبّاً نَجِيعَا

فَرَوَى الدُّنْيَا رَحْمَةً وَطَهُوراً

وَكَسَاها بِالْعَدْلِ ثَوْباً بَدِيعَا

وَجَرَى الْخَيْرُ أَنْهُراً لِيُرَوِّي

كُلَّ قَلْبٍ لِلْحَقِّ كَانَ سَمِيعَا

كَيْفَ يَرْضَى الْكَفُورُ نُوراً تَبَدَّى؟!

فَأَرَادُوا أَنْ يُطْفِئُوهُ سَرِيعَا

عَذَّبُوا الْـمُؤْمِنِينَ كَيْ يَفْتِنُوهُمْ

وَأَحَالُوا الْإِيمَانَ جُرْماً مُرِيعَا

فَشَكَا ضَعْفَهُ لِرَبٍّ رَحِيمٍ

فَدَعَاهُ إِلَى السَّمَاءِ قَرِيعَا

وَحَبَاهُ، أَسْرَى بِهِ فَتَسَامَى

وَإِمَاماً بِالرُّسْلِ صَلَّى جَمِيعَا

وَصِحَابُ النَّبِيِّ كَالتِّبْرِ يَصْفُو

بِثَبَاتٍ صَارَ النَّقَاءُ لَـمُوعَا

وَرَسُولُ الْهُدَى شَفِيقٌ عَلِيهِمْ

يَرْحَمُ الْحَيَّ وَالْجَمَادَ وَدِيعَا

مَلَأ الْكَوْنَ رَحْمَةً فَرَجَاهُ

جَمَلٌ نُصْرَةً وَيَهْمِي دُمُوعَا

كَيْفَ لِلْجِذْعِ أَنْ يَحِنَّ اشْتِيَاقاً

وَقُلُوبٌ كَالصَّخْرِ سَدّاً مَنِيعَا؟!

وَأَذَلَّ اللهُ الْكَفُورَ وَأَعْلَى

كِلْمَةَ الْحَقِّ فَاسْتَجَابُوا جُمُوعَا

وَأَتَيْنَا بَعْدَ الْقُرُونِ نُلَبِّي

نَشْهَدُ الْحَقَّ نَسْتَضِيءُ تَبِيعَا

يَا نَبِيَّ الْهُدَى عَلَيْكَ صَلَاةٌ

وَسَلامٌ مَا هَلَّ فَجْرٌ طُلُوعَا

يَا إِمَامَ التُّقَى وَهَادِي الْحَيَارَى

كُنْ لِحِبٍّ صَلَّى عَلَيْكَ شَفِيعَا

يَتَأَسَّى بِنُورِ هَدْيِكَ حُبّاً

فَاسْقِهِ مِنْ يَدَيْكَ مَاءً نَقِيعَا