تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 8 من 8 الأولىالأولى 12345678
النتائج 141 إلى 153 من 153

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #141
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (138)
    صـ 404 إلى صـ 410



    أنه [لا] يصدر منه (1) ما يرجع عنه، فإن مثل هذا إذا عرف من رجل نسبه (2) . الناس إلى الكذب والكفر والجهل. وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لن يدخل أحد منكن الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت [يا رسول الله] (3) ؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» " (4) ، فكان هذا من أعظم ممادحه (5) .
    وكذلك قوله [- صلى الله عليه وسلم -] (6) : " «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم (7) فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» " (8) . وكل من سمع هذا عظمه بمثل هذا الكلام.

    _________
    (1) ب، أ، ن، م: على أنه يصدر عن.
    (2) ب، أ: ينسبه
    (3) ن، م، ع: ولا أنت
    (4) ورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة عن عدد من الصحابة كأبي هريرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم في: البخاري 7/121 (كتاب المرضى ; باب تمني المريض الموت) ، 8/98، 99 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ; مسلم 4/2169 - 2171 (كتاب صفات المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله) ; سنن ابن ماجه 2/1405 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل) ; سنن الدارمي 2/305 - 306 (كتاب الرقاق، باب لا ينجي أحدكم عمله) ; المسند (ط. المعارف) 12/192 (رقم 7202) ، 13/218 (رقم 7473) وهذه الرواية الأخيرة هي أقرب الروايات لفظا إلى الرواية المذكورة هنا.
    (5) ن: ممازجه ; م: مماوجه، وكلاهما تحريف.
    (6) ع: وكذلك قوله في الصحيحين ; ن، م: وكذلك قوله.
    (7) ن، م: المسيح ابن مريم.
    (8) الحديث مروي عن عمر رضي الله عنه في: البخاري 4/167 (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى " واذكر في الكتاب مريم ". .) ، 8/169 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى إذا زنت) ; سنن الدارمي 2/320 (كتاب الرقائق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تطروني) ، المسند (ط. المعارف) 1/222 (رقم 153) ، 1/226 (رقم 164) ، 299 (رقم 331) ، 325 (رقم 391) .
    *************************

    وفي الصحيحين عنه أنه كان يقول: " «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، [اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني] (1) ، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير» " (2) . (3) [وهذا كما أنه لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني» " رواه أبو داود وغيره (4)) .، وقال: " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» " رواه مالك وغيره (5) . - كان

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط م (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: وأنت المؤخر لا إله إلا أنت: والحديث مروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في: البخاري 8/84 - 85 (كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت) ; مسلم 4/2087 (كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل) ; المسند (ط. الحلبي) 4/417.
    (3) الكلام الوارد بعد القوس في (ع) فقط ونهايته بعد صفحتين.
    (4) الحديث في سنن أبي داود 2/293 (كتاب المناسك، باب زيارة القبور) ونصه: " عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ". وروى أحمد الحديث بألفاظ مقاربة في المسند (ط. المعارف) 17 (رقم 8790
    (5) ذكر ابن تيمية الحديث من قبل 1/475، وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أن الحديث في الموطأ (ط. فؤاد عبد الباقي) 1/172. ونص الحديث فيه: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ونقل المحقق عن ابن عبد البر قوله: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث. وروى أحمد في مسنده (ط. المعارف) 13/86 - 88 (رقم 7352) الحديث ونصه: حدثنا سفيان، عن حمزة بن المغيرة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح ; وتكلم على رجاله بالتفصيل، وأشار إلى مواضع وطرق أخرى لهذا الحديث
    *****************************

    هذا التواضع مما زاده الله به رفعة. وكذلك لما سجد له بعض أصحابه فنهاه عن ذلك وقال: " «إنه لا يصلح السجود إلا لله» " (1) . . وكذلك لما كان بعض الناس يقول: «ما شاء الله وشاء محمد، قال: " أجعلتني ندا لله؟ ! قل ما شاء الله ثم شاء محمد» " (2) . . وقوله في دعائه: " «أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المعترف المقر بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف، من خضعت له رقبته، وذل جسده، ورغم أنفه لك» " (3) . . ونحو

    _________
    (1) لم أجد الحديث بهذه الصيغة، والذي في المسند (ط. الحلبي) 5/227 - 228، 6 حديثان: الأول عن معاذ والثاني عن عائشة رضي الله عنهما فحواهما أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبوا إليه أن يأذن لهم في السجود فنهاهم عن ذلك. وفي سنن الدارمي 1/10 - 11 (المقدمة، باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن) حديث ثالث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه بنفس المعنى
    (2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ: ولكني وجدت حديثا مقاربا في المسند (ط. المعارف) 2/253 لفظه: عن ابن عباس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أجعلتني والله عدلا، بل ما شاء الله وحده ". والحديث بلفظ مقارب عن ابن عباس رضي الله عنهما في: المسند (ط. المعارف) 4/193، 5/85 وجاء مختصرا 3/296. وذكر ابن حجر هذا الحديث في " فتح الباري " (ط. السلفية) 11/540 وقال إن الحديث في مسند أحمد وسنن النسائي وانظر: سنن ابن ماجه 1/684 - 685 ; المسند (ط. الحلبي)
    (3) لم أهتد إلى موضع هذا الحديث
    ****************************

    هذه الأحوال التي رفع الله بها درجاته بما اعترف به من فقر العبودية وكمال الربوبية] (1) . . والغنى عن الحاجة من خصائص الربوبية، فأما العبد [فكماله] (2)) . في حاجته إلى ربه وعبوديته وفقره وفاقته فكلما (3) . كانت عبوديته أكمل كان أفضل وصدور ما يحوجه إلى التوبة والاستغفار مما يزيده عبودية وفقرا وتواضعا.
    ومن المعلوم أن ذنوبهم ليست كذنوب غيرهم، بل كما يقال: " حسنات الأبرار سيئات المقربين " لكن كل يخاطب (4) . على قدر مرتبته، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» " (5)
    وما ذكره من عدم الوثوق والتنفير قد يحصل مع الإصرار والإكثار ونحو ذلك. وأما اللمم الذي يقترن (6) . به التوبة والاستغفار، [أو ما يقع بنوع من

    _________
    (1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله فيما سبق
    (2) فكماله: ساقطة من (ن) ، (م
    (3) ن، م: فلما
    (4) ن، م: كل من يخاطب
    (5) الحديث عن أنس رضي الله عنه: سنن الترمذي 4/70 (كتاب صفة القيامة، باب منه) ; سنن ابن ماجه 2/1420 (كتاب التوبة، باب ذكر التوبة) ; سنن الدارمي 2/303 (كتاب الرقائق، باب في التوبة) ; المستدرك للحاكم 4/244. وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ". وحسن الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 4/171. وانظر: جامع الأصول 3/70 ; الترغيب والترهيب 5/52. وذكر الإمام أحمد الحديث مطولا في مسنده (ط. الحلبي) 3/198.
    (6) ن، م: يقرن ; ب، ا: يقترن
    *****************************

    التأويل، وما كان قبل النبوة فإنه] (1) . مما ب (فقط) : فمما. يعظم به الإنسان عند أولي الأبصار. وهذا عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (2) . قد علم تعظيم رعيته له وطاعتهم، مع كونه دائما كان يعترف (3) . بما يرجع عنه (4) . من خطأ وكان إذا اعترف بذلك وعاد إلى الصواب زاد في أعينهم وازدادوا (5) . له محبة وتعظيما.
    ومن أعظم ما نقمه الخوارج (7 على علي أنه لم يتب من تحكيم الحكمين، وهم 7) (6) . وإن كانوا جهالا [في ذلك] (7) . [فهو] يدل (8) . على أن التوبة لم تكن تنفرهم، وإنما نفرهم الإصرار على ما ظنوه هم ذنبا. والخوارج من أشد الناس تعظيما للذنوب ونفورا عن أهلها، حتى إنهم يكفرون بالذنب ولا يحتملون لمقدمهم ن (9) . ذنبا، ومع هذا فكل مقدم لهم تاب عظموه وأطاعوه، ومن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا (10) . وإن لم يكن ذنبا.

    _________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
    (2) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م)
    (3) ن، م: يعزف
    (4) ن: إليه ; م: عليه
    (5) ع، ا، ب: وزادوا
    (6) : (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب)
    (7) في ذلك: ساقط من (ع)
    (8) ب: فيدل ; أ: فدل ; ن، م: يدل
    (9) ، م: لتقدمهم
    (10) ب: وإن لم يتب عادوه لما يظنونه ذنبا ; أ: وإن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا
    ************************

    فعلم أن التوبة والاستغفار لا توجب تنفيرا ولا تزيل وثوقا، بخلاف دعوى البراءة مما يتاب منه ويستغفر، [ودعوى] السلامة (1) . مما يحوج الرجوع ب (2) . إلى الله واللجأ (3) . إليه، فإنه هو الذي ينفر القلوب ويزيل الثقة. فإن هذا لم يعلم أنه صدر إلا عن كذاب، أو جاهل، وأما الأول فإنه يصدر (4) . عن الصادقين العالمين. (5) . [ومما يبين ذلك أنه لم يعلم أحد طعن في نبوة أحد من الأنبياء ولا قدح في الثقة به بما دلت عليه النصوص التي تيب منها، ولا احتاج المسلمون إلى تأويل النصوص بما هو من جنس التحريف لها، كما يفعله من يفعل ذلك. والتوراة فيها قطعة من هذا، وما أعلم أن بني إسرائيل قدحوا في نبي من الأنبياء بتوبته في أمر من الأمور، وإنما كانوا يقدحون فيهم بالافتراء عليهم كما كانوا يؤذون موسى عليه السلام، وإلا فموسى قد قتل القبطي قبل النبوة وتاب من سؤال الرؤية وغير ذلك بعد النبوة، وما أعلم أحدا من بني إسرائيل قدح فيه بمثل هذا.
    وما جرى في سورة " النجم " من قوله: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى، على المشهور عند السلف والخلف من أن ذلك جرى على لسانه، ثم نسخه الله وأبطله (6) ، هو من أعظم المفتريات على قول

    _________
    (1) ب، ا، ن، م: والسلامة
    (2) ، ا: إلى الرجوع
    (3) ب، ا: والالتجاء
    (4) ن (فقط) : يصر، وهو تحريف
    (5) بعد القوس المعقوف يوجد نص طويل ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وينتهي ص 451، وسنشير إلى نهايته إن شاء الله
    (6) سبق ذكر ابن تيمية لقصة الغرانيق 1/651 وأشرت هناك (ت [0 - 9] ) إلى كلام الطبري عنها في تفسيره للآيتين 52، 53 من سورة الحج. انظر: الدر المنثور للسيوطي. وكتاب " نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق " للأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق 1372/1952
    *********************

    هؤلاء، ولهذا كان كثير من الناس يكذب هذا وإن كان مجوزا عليهم غيره: إما قبل النبوة وإما بعدها، لظنه أن في ذلك خطأ في التبليغ، وهو معصوم في التبليغ بالاتفاق. والعصمة المتفق عليها أنه لا يقر على خطأ في التبليغ بالإجماع، ومن هذا فلم يعلم أحد من المشركين نفر برجوعه عن هذا، وقوله: إن هذا مما ألقاه الشيطان، ولكن روى أنهم نفروا لما رجع إلى ذم آلهتهم بعد ظنهم أنه مدحها، فكان رجوعهم لدوامه على ذمها، لا لأنه قال شيئا ثم قال: إن الشيطان ألقاه. وإذا كان هذا لم ينفر فغيره أولى أن لا ينفر.
    وأيضا، فقد ثبت أن النسخ نفر طائفة كما قال: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} [سورة البقرة: 142] ، وقوله: {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون - قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا} [سورة النحل: 101 - 102] ، فالتبديل الذي صرحوا بأنه منفر ونفروا به عنه لم يكن مما يجب نفيه عنه، فكيف بالرجوع إلى الحق الذي لم يعلم أنهم نفروا منه، وهو أقل تنفيرا؟ ! لأن النسخ فيه رجوع عن الحق إلى حق، وهذا رجوع إلى حق من غير حق.
    ومعلوم أن الإنسان يحمد على ترك الباطل إلى الحق ما لا يحمد على

    ****************************** ***

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #142
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (139)
    صـ 411 إلى صـ 417



    ترك ما لم يزل يقول إنه حق (1) . . وإذا كان جائزا فهذا أولى، وإذا كان في ذلك مصلحة ففي هذا أيضا مصالح عظيمة، ولولا أن فيها وفي العلم بها مصالح لعباده لم يقصها في غير موضع من كتابه. وهو سبحانه - وله الحمد - لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب، ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقربه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك، وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة.
    ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دل على أن يوسف لم يذنب أصلا، في تلك القصة كما يذكر من يذكر أشياء نزهه الله منها بقوله تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} [سورة يوسف: 24] ، وقد قال تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} [سورة يوسف: 24] . والهم - كما قال الإمام أحمد رضي الله عنه -: همان، هم خطرات وهم إصرار. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال إن الله تعالى يقول إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة كاملة، فإن عملها فاكتبوها عشرا إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن تركها فاكتبوها له حسنة فإنما تركها من جراي» " (2) .

    _________
    (1) في الأصل: حقا، وهو خطأ
    (2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاء الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في: البخاري 8 (كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو سيئة) ; مسلم 1/118 (كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة. . إلخ) ; المسند (ط. المعارف) ح [0 - 9] رقم 3402 ونصه (واللفظ للبخاري) : عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ". وفي نفس الباب أحاديث أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم بنفس المعنى - انظر أيضا المسند (ط. المعارف) الأرقام: 2001، 2519، 2521، 2828، 3402، 7195، 7294. وانظر: سنن الترمذي 4/330 (كتاب التفسير، ومن سورة الأنعام) .
    ************************

    فيوسف - عليه الصلاة والسلام - لما هم ترك همه لله، فكتب الله به حسنة كاملة ولم يكتب عليه سيئة قط، بخلاف امرأة العزيز فإنها همت وقالت وفعلت، فراودته بفعلها وكذبت عليه عند سيدها واستعانت بالنسوة، وحبسته لما اعتصم وامتنع عن الموافقة على الذنب ولهذا قالت: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} [سورة يوسف: 53] ، وهذا من قولها كما دل عليه القرآن، ليس من كلام يوسف عليه السلام، بل لما قالت هذا كان يوسف غائبا في السجن لم يحضر عند الملك، بل لما برأته هي والنسوة استدعاه الملك بعد هذا وقال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} [سورة يوسف: 54] . وأما من ذكر الله تعالى وتبارك عنه ذنبا كآدم عليه السلام فإنه لما قال: {وعصى آدم ربه فغوى - ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [سورة طه: 121، 122] وقال: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} [سورة البقرة: 37] .

    ************************

    وقال تعالى عن داود عليه السلام: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب - فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} [سورة ص: 24، 25] . وقال لموسى عليه السلام والصلاة: {إني لا يخاف لدي المرسلون - إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم} [سورة النمل: 10، 11] ومن احتج على امتناع ذلك بأن الاقتداء بهم مشروع، والاقتداء بالذنب لا يجوز. قيل له: إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه، لا فيما نهوا (1) . عنه، كما أنه إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه ولم ينسخ ولم ينسه فيما نسخ، وحينئذ فيكون التأسي بهم مشروعا مأمورا به لا يمنع وقوع ما ينهون عنه ولا يقرون عليه لا من هذا ولا من هذا، وإن كان اتباعهم في المنسوخ لا يجوز بالاتفاق. ومما يبين أن النسخ أشد تنفيرا أن الإنسان إذا رجع عن شيء إلى آخر، وقال: الأول الذي كنت عليه حق أمرني الله به، ورجوعي عنه حق أمرني الله به، كان هذا أقرب إلى النفور عنه من أن يقول: رجعت عما لم يأمرني الله به، فإن الناس كلهم يحمدون من قال هذا. وأما من قال: أمري بهذا حق ونهيي عنه حق، فهذا مما نفر عنه كثير من السفهاء، وأنكره من أنكره من اليهود وغيرهم.
    [لوازم النبوة وشروطها]
    ومما يبين الكلام في مسألة العصمة أن تعرف النبوة ولوازمها وشروطها، فإن الناس تكلموا في ذلك بحسب أصولهم في أفعال الله

    _________
    (1) في الأصل: ينهوا
    ****************************

    تعالى، إذا كان جعل الشخص نبيا رسولا من أفعال الله تعالى، فمن نفى الحكم والأسباب في أفعاله وجعلها معلقة بمحض المشيئة وجوز عليه فعل كل ممكن ولم ينزهه عن فعل من الأفعال - كما هو قول الجهم بن صفوان وكثير من الناس، كالأشعري ومن وافقه من أهل الكلام من أتباع مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من مثبتة القدر - فهؤلاء يجوزون بعثة كل مكلف، والنبوة عندهم مجرد إعلامه بما أوحاه إليه، والرسالة مجرد أمره بتبليغ ما أوحاه إليه، وليست النبوة عندهم صفة ثبوتية ولا مستلزمة لصفة يختص بها، بل هي من الصفات الإضافية كما يقولون مثل ذلك في الأحكام الشرعية.
    وهذا قول طوائف من أهل الكلام كالجهم بن صفوان والأشعري وأتباعهما ولهذا من يقول بها كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وغيرهما يقول: إن العقل لا يوجب عصمة النبي إلا في التبليغ خاصة فإن هذا هو مدلول المعجزة وما سوى ذلك إن دل السمع عليه، وإلا لم تجب عصمته منه.
    وقال محققو هؤلاء كأبي المعالي وغيره إنه ليس في السمع قاطع يوجب العصمة، والظواهر تدل على وقوع الذنوب منهم (1) .، وكذلك كالقاضي أبي بكر إنما يثبت ما يثبته من العصمة في غير التبليغ إذا كان من موارد الإجماع لأن الإجماع حجة وما سوى ذلك فيقول لم يدل عليه عقل ولا سمع.
    وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة عليهم بأن هذا يوجب

    _________
    (1) انظر: الإرشاد للجويني، ص 356 - 357 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 167 - 169
    ***************************

    التنفير ونحو ذلك فيجب من حكمة الله منعهم منه، قالوا: هذا مبني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين. قالوا: ونحن نقول لا يجب على الله شيء ويحسن منه كل شيء، وإنما ننفي ما ننفيه بالخبر السمعي، ونوجب وقوع ما يقع بالخبر السمعي أيضا، كما أوجبنا ثواب المطيعين وعقوبة الكافرين لإخباره أنه يفعل ذلك ونفينا أن يغفر لمشرك لإخباره أنه لا يفعل ذلك، ونحو ذلك (1) ". . وكثير من القدرية المعتزلة والشيعة وغيرهم ممن يقول بأصله في التعديل والتجوير وأن الله لا يفضل شخصا على شخص إلا بعمله، يقول: إن النبوة، أو الرسالة جزاء على عمل متقدم، فالنبي فعل من الأعمال الصالحة ما استحق به أن يجزيه الله بالنبوة. وهؤلاء القدرية في شق وأولئك الجهمية الجبرية في شق. وأما المتفلسفة القائلون بقدم العالم وصدوره عن علة موجبة - مع إنكارهم أن الله تعالى يفعل بقدرته ومشيئته، وأنه يعلم الجزئيات فالنبوة عندهم فيض يفيض على الإنسان بحسب استعداده وهي مكتسبة عندهم، ومن كان متميزا - في قوته العلمية (2) . بحيث يستغني عن التعليم، وشكل في نفسه خطاب يسمعه كما يسمع النائم، وشخص

    _________
    (1) نقل مستجي زاده في الهامش الكلام الذي يبدأ بعبارة: " وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة. . إلى هذا الموضع، ثم قال: " قلت: فهم من هذا الكلام أن جهم بن صفوان - ومن تابعه من الجهمية - لا يقول بالحسن والقبح الشرعيين، ولا يقول أيضا بالحكم والمصالح، فلم تكن أفعال الله تعالى عندهم أيضا معللة بالأغراض، فالظاهر من الجهمية التزامهم ما يستلزمه هذان الأصلان
    (2) في الأصل: العملية، وهو خطأ. والصواب ما أثبته وهو الذي يقتضيه السياق
    ******************************

    يخاطبه كما يخاطب النائم، وفي العملية بحيث يؤثر في العنصريات تأثيرا غريبا - كان نبيا عندهم (1) ". . وهم لا يثبتون ملكا مفضلا يأتي بالوحي من الله تعالى، ولا ملائكة (2) . بل ولا جنا يخرق الله بهم العادات للأنبياء، إلا قوى النفس (3) ". . وقول هؤلاء، وإن كان شرا من أقوال كفار اليهود والنصارى وهو أبعد الأقوال عما جاءت به الرسل، فقد وقع فيه كثير من المتأخرين الذين لم يشرق عليهم نور النبوة من المدعين للنظر العقلي والكشف الخيالي الصوفي وإن كان غاية هؤلاء الأقيسة الفاسدة والشك، وغاية هؤلاء الخيالات الفاسدة والشطح.
    [الأنبياء هم أفضل الخلق]
    والقول الرابع (4) .: - وهو الذي عليه جمهور سلف الأمة وأئمتها وكثير من النظار - أن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس، والله أعلم حيث يجعل رسالاته، فالنبي يختص بصفات ميزه الله بها على غيره وفي عقله ودينه، واستعد بها لأن يخصه الله بفضله ورحمته كما قال تعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم - أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات}

    _________
    (1) جملة " كان نبيا عندهم " جواب لقوله " ومن كان متميزا
    (2) في الأصل: ولا ملائكته
    (3) في أعلى هذه الصفحة من الأصل كتب ما يلي: " قف على اشتراط النبوة عند الحكماء المشائيين، وإلا فالطبيعيون والتناسخية والبراهمة - وهم حكماء الهند - ينكرون أصل النبوة
    (4) الأقوال الثلاثة السابقة هي: قول الجهمية والأشاعرة، وقول القدرية المعتزلة والشيعة، وقول الفلاسفة ومتفلسفة الصوفية
    ****************************** ****

    [سورة الزخرف: 31، 32] ، وقال تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [سورة البقرة: 105] ، وقال تعالى لما ذكر الأنبياء بقوله: {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين - وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين - وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين - ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} [سورة الأنعام: 84 - 87] فأخبر أنه اجتباهم وهداهم.
    والأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين، وبعدهم الصديقون والشهداء والصالحون فلولا وجوب كونهم من المقربين، الذين هم فوق أصحاب اليمين، لكان الصديقون أفضل منهم، أو من بعضهم.
    والله تعالى قد جعل خلقه ثلاثة أصناف، فقال تعالى: في تقسيمهم في الآخرة: {وكنتم أزواجا ثلاثة - فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة - وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة - والسابقون السابقون - أولئك المقربون - في جنات النعيم} [سورة الواقعة: 7 - 12] ، وقال في تقسيمهم عند الموت: {فأما إن كان من المقربين - فروح وريحان وجنة نعيم - وأما إن كان من أصحاب اليمين - فسلام لك من أصحاب اليمين - وأما إن كان من المكذبين الضالين - فنزل من حميم - وتصلية جحيم} [سورة الواقعة: 88 - 94] وكذلك ذكر في سورة الإنسان والمطففين هذه الأصناف الثلاثة.

    ************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #143
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (140)
    صـ 418 إلى صـ 424



    والأنبياء أفضل الخلق، وهم (أصحاب) (1) ، السياق يقتضي إثباتها. الدرجات العلى في الآخرة، فيمتنع أن يكون النبي من الفجار بل ولا يكون من عموم أصحاب اليمين بل من أفضل السابقين المقربين، فإنهم أفضل من عموم الصديقين والشهداء والصالحين، وإن كان النبي أيضا يوصف بأنه صديق وصالح وقد يكون شهيدا، لكن ذاك أمر يختص بهم لا يشركهم فيه من ليس بنبي، كما قال عن الخليل: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} [سورة العنكبوت: 27] ، وقال يوسف: {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} [سورة يوسف: 101] .
    فهذا مما يوجب تنزيه الأنبياء أن يكونوا من الفجار والفساق، وعلى هذا إجماع سلف الأمة وجماهيرها.
    وأما من جوز أن يكون غير النبي أفضل منه فهو من أقوال بعض ملاحدة المتأخرين من غلاة الشيعة والصوفية والمتفلسفة ونحوهم.
    وما يحكى عن (2) . أنهم جوزوا الكفر على النبي، فهذا بطريق اللازم لهم لأن كل معصية عندهم كفر، وقد جوزوا المعاصي على النبي، وهذا يقتضي فساد قولهم بأن كل معصية كفر

    _________
    (1) أصحاب: ساقطة من الأصل
    (2) الفضلية من الخوارج الفضلية فرقة من الخوارج ذكرهم ابن حزم في الفصل 5/54 - وسماهم الفضيلية - فقال: " وقالت الفضيلية من الصفرية من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بلسانه ولم يعتقد ذلك بقلبه بل اعتقد الكفر أو الدهرية أو اليهودية أو النصرانية فهو مسلم عند الله مؤمن ولا يضره إذا قال الحق بلسانه ما اعتقد بقلبه ". وذكرهم الأشعري في المقالات 1/183 وسماهم " الفضلية " وذكر عنهم قولا قريبا من قول ابن حزم. وذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/124) من رجال الخوارج: الفضل بن عيسى الرقاشي
    ***********************

    وقولهم بجواز المعاصي عليهم، وإلا فلم يلتزموا أن يكون النبي كافرا، ولازم المذهب لا يجب أن يكون مذهبا.
    وطوائف أهل الكلام الذين يجوزون بعثة كل مكلف، من الجهمية والأشعرية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وغيرهم، متفقون أيضا على أن الأنبياء أفضل الخلق، وأن النبي لا يكون فاجرا. لكن يقولون: هذا لم يعلم بالعقل بل علم بالسمع، بناء على ما تقدم من أصلهم من أن الله يجوز أن يفعل كل ممكن.
    وأما الجمهور الذين يثبتون الحكمة والأسباب فيقولون: نحن نعلم بما علمناه من حكمة الله أنه لا يبعث نبيا فاجرا وأن ما ينزل على البر الصادق لا يكون إلا ملائكة، لا تكون شياطين، كما قال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين - نزل به الروح الأمين - على قلبك لتكون من المنذرين} - إلى قوله - {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين - تنزل على كل أفاك أثيم - يلقون السمع وأكثرهم كاذبون - والشعراء يتبعهم الغاوون - ألم تر أنهم في كل واد يهيمون - وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [سورة الشعراء: 192 - 226] .
    فهذا مما بين الله به الفرق بين الكاهن والنبي وبين الشاعر والنبي، لما زعم المفترون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - شاعر وكاهن، وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتاه الوحي في أول الأمر وخاف على نفسه قبل أن يستيقن أنه ملك قال لخديجة: " لقد خشيت على نفسي ". قالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل

    ******************************

    الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» (1)) . . فاستدلت رضي الله عنها بحسن عقلها على أن من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة، التي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين، أنه لا يجزيه فيفسد الشيطان عقله ودينه، ولم يكن معها قبل ذلك وحي تعلم به انتفاء ذلك، بل علمته بمجرد عقلها الراجح.
    وكذلك لما ادعى النبوة من ادعاها من الكذابين، مثل مسيلمة الكذاب والعنسي وغيرهما، مع ما كان يشتبه من أمرهم، لما كان ينزل عليهم من الشياطين ويوحون إليهم، حتى يظن الجاهل أن هذا من جنس ما ينزل على الأنبياء ويوحى إليهم، فكان ما يبلغ العقلاء وما يرونه (2) . من سيرتهم والكذب الفاحش والظلم ونحو ذلك يبين لهم أنه ليس بنبي، إذ قد علموا أن النبي لا يكون كاذبا ولا فاجرا.
    وفي الصحيحين «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال له ذو الخويصرة: اعدل يا محمد، فإنك لم تعدل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لقد خبت وخسرت إن لم أعدل، ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» " (3) ، والرواية الصحيحة بالفتح أي أنت خاسر خائب إن لم

    _________
    (1) هذا جزء من حديث بدء الوحي وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، 6/173 - 174 (كتاب التفسير، سورة اقرأ) ; مسلم 1/139 - 143 (كتاب الإيمان، باب بدء الوحي
    (2) في الأصل: وما يروه
    (3) هذا جزء من حديث طويل عن الخوارج من رواية أبي سعيد الخدري في: البخاري 4/200 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة) ; مسلم 2/743 - 744 (كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم) ; سنن أبي داود 4/335 - 337 (كتاب السنة، باب في قتال الخوارج) . وأول الحديث في البخاري: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ". وانظر: درء تعارض العقل والنقل 7/180 - 181.
    ****************************** *****

    أعدل إن ظننت أني ظالم مع اعتقادك أني نبي، فإنك تجوز أن يكون الرسول الذي آمنت به ظالما، وهذا خيبة وخسران، فإن ذلك ينافي النبوة ويقدح فيها.
    وقد قال تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [سورة آل عمران: 161] ، وفيه قراءتان: يغل ويغل، أي ينسب إلى الغلول، بين سبحانه أنه ما لأحد أن ينسبه إلى الغلول، كما أنه ليس له أن يغل، فدل على أن النبي لا يكون غالا.
    ودلائل هذا الأصل عظيمة، لكن مع وقوع الذنب الذي هو بالنسبة إليه ذنب - وقد لا يكون ذنبا من غيره مع تعقبه بالتوبة والاستغفار لا يقدح في كون الرجل من المقربين السابقين ولا الأبرار، ولا يلحقه بذلك وعيد في الآخرة، فضلا عن أن يجعله من الفجار.
    وقد قال تعالى في عموم وصف المؤمنين: {ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى - الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة} [سورة النجم: 31، 32] . وقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين - الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون - أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} [سورة آل عمران: 133 - 136] .

    ****************************** *
    وقال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون - لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين - ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} [سورة الزمر: 33 - 35] . وقال: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين - أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} [سورة الأحقاف: 15، 16] .
    وقد قال في قصة إبراهيم عليه السلام: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم} [سورة العنكبوت: 26] ، وقال في قصة شعيب عليه السلام: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين - قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [سورة الأعراف: 88، 89] ، وقال في سورة إبراهيم: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين} [سورة إبراهيم: 13] .
    وقد ذم الله تعالى وتبارك فرعون بكونه رفع نبوة موسى بما تقدم من قتله
    *************************

    نفسا بغير حق فقال: {ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين - وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين - قال فعلتها إذا وأنا من الضالين - ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين} [سورة الشعراء: 18 - 21] ، وكان موسى - صلى الله عليه وسلم - قد تاب من ذلك كما أخبر الله تعالى عنه وغفر له بقوله: {فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين - قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم} [سورة القصص: 15، 16] .
    فإن قيل: فإذا كان قد غفر له فلماذا يمتنعون من الشفاعة يوم القيامة لأجل ما بدا منهم (1) .، فيقول آدم إذا طلبت منه الشفاعة: إني نهيت عن أكل الشجرة وأكلت منها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا (2) . فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة لم أومر بها، والخليل يذكر تعريضاته الثلاث التي سماها كذبا وكانت تعريضا، وموسى يذكر قتل النفس (3) . .

    _________
    (1) في الأصل: لأجل لما بدا منهم، والصواب ما أثبته
    (2) في الأصل بعد كلمة " نوح " توجد إشارة إلى الهامش حيث توجد كلمتان لم يظهر منهما في المصورة إلا: نوحا، وأثبت ما في حديث الشفاعة
    (3) روى ابن تيمية الحديث بمعناه، وهو جزء من حديث الشفاعة الذي أشرت إليه من قبل (ص 401 ت 9) على أن أقرب الروايات إلى المذكورة هنا هي رواية البخاري 6/84 - 85 (كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل، باب ذرية من حملنا مع نوح) ; مسلم 1/180 - 187 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة) عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيها (البخاري 6/84) : " فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح إنك أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم ; فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات - فذكرهن أبو حيان في الحديث - نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى ; فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى ; فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم ; فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ; ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب أمتي يا رب. . الحديث. . "
    ******************************

    ولهذا كان ممن امتنع ولم يذكر ذنبا المسيح، وإبراهيم أفضل منه وقد ذكر ذنبا، ولكن قال المسيح: لست هناكم اذهبوا إلى عبد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وتأخر المسيح عن المقام المحمود الذي خص به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو من فضائل المسيح ومما يقربه إلى الله. صلوات الله عليهم أجمعين.
    فعلم أن تأخرهم عن الشفاعة لم يكن لنقص درجاتهم عما كانوا عليه، بل لما علموه من عظمة المقام المحمود الذي يستدعي من كمال مغفرة الله للعبد، وكمال عبودية العبد لله ما اختص به من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولهذا قال المسيح: اذهبوا إلى محمد عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإنه إذا غفر له ما تأخر لم يخف أن يلام إذا ذهب إلى ربه ليشفع، وإن كان لم يشفع إلا بعد الإذن، بل إذا سجد وحمد ربه بمحامد يفتحها عليه لم يكن يحسنها قبل ذلك، فيقال له: «أي محمد: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع» ، وهذا كله في الصحيحين وغيرهما.
    وأما من (قيل له) (1) . تقدم ولم يعرف أنه غفر له ما تأخر فيخاف أن يكون ذهابه إلى الشفاعة - قبل أن يؤذن له في الشفاعة - ذنبا، فتأخر لكمال خوفه من الله تعالى، ويقول أنا قد أذنبت وما غفر لي فأخاف أن أذنب ذنبا (2) . آخر ; فإن النبي - صلى الله

    _________
    (1) في الأصل توجد إشارة إلى الهامش قبل كلمة " تقدم " ولم يظهر الكلام الساقط في المصورة، وما أثبته يصلح به الكلام
    (2) ذنبا: غير موجودة في الأصل والسياق يقتضيها
    ***********************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #144
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (141)
    صـ 426 إلى صـ 432


    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الْمُؤْمِنُ لَا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» " (1) \ 70. .
    وَمِنْ مَعَانِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤْتَى مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ، فَإِذَا ذَاقَ الذَّائِقُ مَا فِي الذَّنْبِ مِنَ الْأَلَمِ وَزَالَ عَنْهُ خَافَ أَنْ يُذْنِبَ ذَنْبًا آخَرَ فَيَحْصُلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَلَمِ، وَهَذَا كَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَكْلَةٍ ثُمَّ عُوفِيَ، فَإِذَا دُعِيَ إِلَى أَكْلِ شَيْءٍ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ الْأَوَّلِ لَمْ يَأْكُلْهُ، يَقُولُ قَدْ أَصَابَنِي بِتِلْكَ الْأَكْلَةِ مَا أَصَابَنِي فَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِثْلَ تِلْكَ، وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَوْضِعٌ آخَرُ.
    وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الَّذِينَ (2) ادَّعَوُا الْعِصْمَةَ مِمَّا يُتَابُ مِنْهُ عُمْدَتُهُمْ أَنَّهُ لَوْ صَدَرَ مِنْهُمُ الذَّنْبُ لَكَانُوا أَقَلَّ دَرَجَةً مِنْ عُصَاةِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ دَرَجَتَهُمْ أَعْلَى فَالذَّنْبُ مِنْهُمْ أَقْبَحُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فَلَا يَكُونُ إِيذَاؤُهُ مُحَرَّمًا، وَأَذَى الرَّسُولِ مُحَرَّمٌ بِالنَّصِّ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِأَحَدٍ فِي ذَنْبٍ.
    وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُقُوبَةَ وَنَقْصَ الدَّرَجَةِ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ عَدَمِ التَّوْبَةِ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الْإِصْرَارِ بِلَا رَيْبٍ.
    وَأَيْضًا، فَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَعْضِ الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغِيرَةِ (3) .، وَجُمْهُورُ
    **_________

    (1) قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّهُ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَهُوَ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 8/31 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ. . إِلَخْ) ; مُسْلِمٍ 4/2295 (كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرِّقَاقِ، بَابُ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ. . إِلَخْ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 367 \ - 368 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ الْحَذَرِ مِنَ النَّاسِ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/2318 (كِتَابُ الْفِتَنِ ; بَابُ الْعُزْلَةِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 17
    (2) فِي الْأَصْلِ: الَّذِي
    (3) دُونَ الصَّغِيرَةِ: الْمَقْصُودُ دُونَ الذُّنُوبِ الصَّغِيرَةِ

    ****************************** ***
    الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَنْزِيهِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ لَا سِيَّمَا الْفَوَاحِشُ، وَمَا ذَكَرَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيٍّ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنِ الْفَاحِشَةِ، بَلْ ذَكَرَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ يَصْرِفُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ عَنْ عِبَادِهِ الْمُخْلِصِينَ ; وَإِنَّمَا يُقْتَدَى بِهِمْ فِيمَا أُقِرُّوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْهَوْا عَنْهُ.
    وَأَيْضًا، فَالذُّنُوبُ أَجْنَاسٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ كُلُّ جِنْسٍ، بَلِ الْكَذِبُ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ بِحَالٍ أَصْلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَافِي مُطْلَقَ الصِّدْقِ، وَلِهَذَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لِلْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَبِيرَةً فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَلَوْ تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ مِنَ الْكَذِبِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ. وَكَذَلِكَ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَابَ مِنْهُ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ لِيُقْبَلَ حَدِيثُهُ.
    فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصْدُرَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَمُّدُ الْكَذِبِ أَلْبَتَّةَ، سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً، بَلْ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» " (1) . . وَأَمَّا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    **_________

    (1) رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ 3/79 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ قَتْلِ الْأَسِيرِ وَلَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ وَابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ ; فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا: كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟ " فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ. قَالَ: " إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ". وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/183 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/97 - 98 (كِتَابُ تَحْرِيمِ الدَّمِ، بَابُ الْحُكْمِ فِي الْمُرْتَدِّ) . وَانْظُرِ الْخَبَرَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 4/52

    ****************************** ***************
    وَسَلَّمَ -: " «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ كُلُّهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ» (1) . " فَتِلْكَ كَانَتْ مَعَارِيضَ (2) ". فَكَانَ مَأْمُورًا بِهَا، وَكَانَتْ مِنْهُ طَاعَةً لِلَّهِ، وَالْمَعَارِيضُ قَدْ تُسَمَّى كَذِبًا لِكَوْنِهِ أَفْهَمَ خِلَافَ مَا فِي نَفْسِهِ.
    وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ قَالَتْ: «لَمْ أَسْمَعِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَخِّصُ فِيمَا يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: حَدِيثُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ، وَإِصْلَاحُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي الْحَرْبِ» (3)) . .
    **_________

    (1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْبُخَارِيِّ 4/140 - 140 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) ، 6/84 - 85 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) ; مُسْلِمٍ 4/1840 - 1841 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ. .) وَنَصُّ الْحَدِيثِ (وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: إِنِّي سَقِيمٌ، وَقَوْلُهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَّةَ فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَّةُ وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ. . الْحَدِيثَ. وَهُوَ أَيْضًا فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2/355 - 356 (كِتَابُ الطَّلَاقِ، بَابُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتِي) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/4 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 18/35 - 36
    (2) فِي اللِّسَانِ: " الْمَعَارِيضُ: التَّوْرِيَةُ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ. . جَمْعُ مِعْرَاضٍ: مِنَ التَّعْرِيضِ
    (3) الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي: مُسْلِمٍ 4/2011 - 2012 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ وَبَيَانِ مَا يُبَاحُ مِنْهُ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/385 - 386 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/222 - 223 (أَبْوَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ ; بَابُ فِي مَا جَاءَ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/403 - 404. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ قِطْعَةً مِنَ الْحَدِيثِ 3/183 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ لَيْسَ الْكَاذِبُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ

    ****************************** *********************
    قَالَتْ: فِيمَا (1) . يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ كَذِبٌ، وَهُوَ الْمَعَارِيضُ.
    وَأَمَّا مَا تَقَوَّلَهُ الرَّافِضَةُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا لَا يَقَعُ مِنْهُ خَطَأٌ وَلَا ذَنْبٌ صَغِيرٌ، وَكَذَلِكَ الْأَئِمَّةُ، فَهَذَا مِمَّا انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ فِرَقِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ.
    وَمِنْ مَقْصُودِهِمْ بِذَلِكَ الْقَدْحُ فِي إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِكَوْنِهِمَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْكُفْرِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَزَلْ مُؤْمِنًا، وَأَنَّهُ لَمْ يُخْطِ قَطُّ وَلَمْ يُذْنِبْ قَطُّ، وَكَذَلِكَ تَمَامُ الِاثْنَيْ عَشَرَ.
    وَهَذَا مِمَّا يُظْهِرُ كَذِبَهُمْ وَضَلَالَهُمْ فِيهِ لِكُلِّ ذِي عَقْلٍ يَعْرِفُ أَحْوَالَهُمْ، وَلِهَذَا كَانُوا هُمْ أَغْلَى الطَّوَائِفِ فِي ذَلِكَ وَأَبْعَدَهُمْ عَنِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ.
    وَنُكْتَةُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ ظَنُّوا وُقُوعَ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ نَقْصًا، وَأَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ تَنْزِيهُهُمْ عَنْهُ، وَهُمْ مُخْطِئُونَ إِمَّا فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ، وَإِمَّا فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ.
    أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَلَيْسَ مَنْ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَابَ إِلَيْهِ بِحَيْثُ صَارَ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَعْلَى دَرَجَةً مِمَّا كَانَ قَبْلَهَا مَنْقُوصًا وَلَا مَغْضُوضًا مِنْهُ، بَلْ هَذَا مُفَضَّلٌ عَظِيمٌ مُكَرَّمٌ، وَبِهَذَا يَنْحَلُّ جَمِيعُ مَا يُورِدُونَهُ مِنَ الشُّبَهِ.
    وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ كُفْرِهِ وَآمَنَ بَعْدَ نِفَاقِهِ وَأَطَاعَ بَعْدَ مَعْصِيَتِهِ، كَمَا كَانَ أَفْضَلُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ - وَهُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ - يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا الْأَصْلِ.
    **_________

    (1) فِي الْأَصْلِ: فَمَا، وَبَعْدَهَا إِشَارَةُ الْهَامِشِ، وَلَمْ يَظْهَرِ التَّصْوِيبُ فِي الْمُصَوَّرَةِ. وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ، أَوْ يَكُونُ: مِمَّا، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ

    ****************************** ****
    وَالْإِنْسَانُ يَنْتَقِلُ مِنْ نَقْصٍ إِلَى كَمَالٍ، فَلَا يُنْظَرُ إِلَى نَقْصِ الْبِدَايَةِ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ إِلَى كَمَالِ النِّهَايَةِ، فَلَا يُعَابُ الْإِنْسَانُ بِكَوْنِهِ كَانَ نُطْفَةً ثُمَّ صَارَ عَلَقَةً ثُمَّ صَارَ مُضْغَةً، إِذَا كَانَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَلَقَهُ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. وَمَنْ نَظَرَ إِلَى مَا كَانَ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ إِبْلِيسَ الَّذِي قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [سُورَةُ ص: 76] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ - فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [سُورَةُ ص: 71، 72] ، فَأَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ لَهُ إِكْرَامًا لِمَا شَرَّفَهُ اللَّهُ بِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا مِنْ طِينٍ، وَالْمَلَائِكَة ُ مَخْلُوقُونَ مِنْ نُورٍ، وَإِبْلِيسُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَارٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ، وَخَلَقَ إِبْلِيسَ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخَلَقَ آدَمَ مِمَّا وَصَفَ لَكُمْ» " (1) . .
    وَكَذَلِكَ التَّوْبَةُ بَعْدَ السَّيِّئَاتِ ; قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 222] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: " «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِأَرْضٍ دَوِيَّةٍ مُهْلِكَةٍ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِذَا بِدَابَّتِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَكَيْفَ تَجِدُونَ فَرَحَهُ بِهَا؟ قَالُوا: عَظِيمًا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ» " (2) . .
    **_________

    (1) الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مُسْلِمٍ 4/2294 (كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ، بَابٌ فِي أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ) وَلَفْظُهُ: " قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/153، 168
    (2) الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ مِنْ وُجُوهٍ عِدَّةٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَبِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي: الْبُخَارِيِّ \ 67 - 68 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ التَّوْبَةِ) ; مُسْلِمٍ 4/2102 - 2105 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ فِي الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْفَرَحِ بِهَا) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4 - 70 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ 15) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/225 - 226 (الْأَرْقَامُ: 3627 - 3629) . وَانْظُرْ: جَامِعَ الْأُصُولِ 3/63 - 67

    ****************************** *******
    وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَفْعَلُ الذَّنْبَ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ.
    وَإِذَا ابْتَلَى الْعَبْدَ بِالذَّنْبِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَتُوبُ مِنْهُ وَيَتَجَنَّبُهُ ، فَفِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِعَبْدِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُهُ عُبُودِيَّةً وَتَوَاضُعًا وَخُشُوعًا وَذُلًّا وَرَغْبَةً فِي كَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَنَفْرَةً قَوِيَّةً عَنِ السَّيِّئَاتِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ» " (1) . .
    وَذَلِكَ أَيْضًا يَدْفَعُ عَنْهُ الْعُجْبَ وَالْخُيَلَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ أَيْضًا يُوجِبُ الرَّحْمَةَ لِخَلْقِ اللَّهِ وَرَجَاءَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ لَهُمْ إِذَا أَذْنَبُوا وَتَرْغِيبَهُمْ فِي التَّوْبَةِ.
    وَهُوَ أَيْضًا يُبَيِّنُ (2) . مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَكَرَمِهِ مَا لَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» " (3) \ 414. .
    **_________

    (1) وَرَدَ الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ، ص 426
    (2) فِي الْأَصْلِ: يَتَبَيَّنُ، وَالسِّيَاقُ يُرَجِّحُ صَوَابَ مَا أَثْبَتُّ
    (3) الْحَدِيثُ رَوَاهُ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ: مُسْلِمٌ 4/2105 - 2106 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ سُقُوطُ الذَّنْبِ بِالِاسْتِغْفَا رِ تَوْبَةً) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَالتِّرْمِذِيّ ِ فِي سُنَنِهِ 4/79 - 80 (كِتَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا) ، 5/207 - 208 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ 105) ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 15/218 (رَقْمُ 8068) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 4/217 - 218 (رَقْمُ 2623) ، وَفِي جُزْءٍ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 15/187 - 191 (رَقْمُ 8030، 8031) وَهُوَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ)

    ****************************** *******
    وَهُوَ أَيْضًا يُبَيِّنُ قُوَّةَ حَاجَةِ الْعَبْدِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَاللَّجَأِ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي طَاعَتِهِ وَيُجَنِّبَهُ مَعْصِيَتَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعَانَتِهِ لَهُ، فَإِنَّ مَنْ ذَاقَ مَرَارَةَ الِابْتِلَاءِ وَعَجْزَهُ عَنْ دَفْعِهِ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، كَانَ شُهُودُ قَلْبِهِ وَفَقْرُهُ إِلَى رَبِّهِ وَاحْتِيَاجُهُ إِلَيْهِ فِي أَنْ يُعِينَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَيُجَنِّبَهُ مَعْصِيَتَهُ أَعْظَمَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ دَاوُدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ لَمْ تَكُنِ التَّوْبَةُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ لَمَا ابْتَلَى بِالذَّنْبِ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ.
    وَلِهَذَا تَجِدُ التَّائِبَ الصَّادِقَ أَثْبَتَ عَلَى الطَّاعَةِ وَأَرْغَبَ فِيهَا وَأَشَدَّ حَذَرًا مِنَ الذَّنْبِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يُبْتَلَوْا بِذَنْبٍ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَتَلَ رَجُلًا بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ " (1)) . أَثَّرَ هَذَا فِيهِ حَتَّى كَانَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ هَذَا مِمَّا أَوْجَبَ امْتِنَاعَهُ مِنَ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ.
    وَقَدْ تَكُونُ التَّوْبَةُ مُوجِبَةً لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ مَا لَا يَحْصُلُ لِمَنْ يَكُنْ مِثْلُهُ (تَائِبًا) مِنَ الذَّنْبِ (2) .، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ:
    **_________

    (1) الْحَدِيثُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَجُنْدُبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ 5/144 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْحُرَقَاتِ) ; مُسْلِمٍ 1/96 - 98 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِ الْكَافِرِ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
    (2) فِي الْأَصْلِ: لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مِنَ الذَّنْبِ، وَزِدْتُ كَلِمَةَ (تَائِبًا) لِيَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ

    ****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #145
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (142)
    صـ 433 إلى صـ 439



    {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم} [سورة التوبة: 117] ، ثم قال: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم} [سورة التوبة: 118] .
    وإذا ذكر حديث كعب في قضية تبين أن الله رفع درجته بالتوبة، ولهذا قال: فوالله ما أعلم أحدا ابتلاه الله بصدق الحديث أعظم مما ابتلاني (1) . .
    وكذلك قال بعض من كان من أشد الناس عدواة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان من أشد الكفار هجاء وإيذاء للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما تاب وأسلم كان من أحسن الناس إسلاما وأشدهم حياء وتعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الحارث بن هشام، قال الحارث: ما نطقت بخطيئة منذ أسلمت (2) . ; ومثل هذا كثير في أخبار التوابين.

    **_________
    (1) الحديث عن كعب بن مالك رضي الله عنه في: البخاري 6/3 - 7 (كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك) ; مسلم 4/2120 - 2129 (كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه) ; سنن الترمذي 4/345 - 346 (كتاب التفسير، ومن سورة التوبة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/456 - 459
    (2) لم أهتد إلى هذا الأثر، ولكن روى المنذري (الترغيب والترهيب 4/306) عن الحارث ابن هشام رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني بأمر أعتصم به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: املك هذا، وأشار إلى لسانه. قال المنذري: رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد. وروى ابن عبد البر الحديث بمعناه في " الاستيعاب " في ترجمة الحارث
    *****************************

    فمن يجعل التائب الذي اجتباه الله وهداه منقوصا بما كان من الذنب الذي تاب منه، وقد صار بعد التوبة خيرا مما كان قبل التوبة، فهو جاهل بدين الله تعالى وما بعث الله به رسوله، وإذا لم يكن في ذلك نقص مع وجود ما ذكر فجميع ما يذكرونه هو مبني على أن ذلك نقص، وهو نقص إذا لم يتب منه، أو هو نقص عمن ساواه إذا لم يصر بعد التوبة مثله، فأما إذا تاب توبة محت أثره بالكلية وبدلت سيئاته حسنات فلا نقص فيه بالنسبة إلى حاله، وإذا صار بعد التوبة أفضل ممن يساويه أو مثله لم يكن ناقصا عنه (1) . .
    ولسنا نقول إن كل من أذنب وتاب فهو أفضل ممن لم يذنب ذلك الذنب، بل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس، فمن الناس من يكون بعد التوبة أفضل، ومنهم من يعود إلى ما كان، ومنهم من لا يعود إلى مثل حاله، والأصناف الثلاثة فيهم من هو أفضل ممن لم يذنب ويتب، وفيهم من هو مثله، وفيهم من هو دونه.
    وهذا الباب فيه مسائل كثيرة ليس هذا موضع تفصيلها، ولبسطها موضع آخر، والمقصود التنبيه.
    ولهذا كان السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم من أئمة المسلمين متفقين على ما دل عليه الكتاب والسنة من أحوال الأنبياء، لا يعرف عن أحد منهم القول بما أحدثته المعتزلة والرافضة ومن

    **_________
    (1) في الأصل: وإذا صار بعد التوبة أفضل ممن يساويه أو أفضل لم يكن ناقصا عنه، ولعل الصواب ما أثبته
    ****************************** ***

    تبعهم في هذا الباب، بل كتب التفسير والحديث والآثار والزهد وأخبار السلف مشحونة عن الصحابة والتابعين بمثل ما دل عليه القرآن، وليس فيهم من حرف الآيات كتحريف هؤلاء، ولا من كذب بما في الأحاديث كتكذيب هؤلاء، ولا من قال هذا يمنع الوثوق، أو يوجب التنفير ونحو ذلك كما قال هؤلاء، بل أقوال هؤلاء الذين غلوا بجهل من الأقوال المبتدعة في الإسلام.
    وهم قصدوا تعظيم الأنبياء بجهل كما قصدت النصارى تعظيم المسيح وأحبارهم ورهبانهم بجهل، فأشركوا بهم واتخذوهم أربابا من دون الله وأعرضوا عن اتباعهم فيما أمروهم به ونهوهم عنه.

    **[غلو الرافضة أدخلهم فيما حرمه الله من العبادات الشركية]
    وكذلك الغلاة في العصمة يعرضون عما أمروا به من طاعة أمرهم والاقتداء بأفعالهم (1) . إلى ما نهوا عنه من الغلو والإشراك بهم فيتخذونهم أربابا من دون الله يستغيثون بهم في مغيبهم وبعد مماتهم وعند قبورهم، ويدخلون فيما حرمه الله تعالى ورسوله من العبادات الشركية التي ضاهوا بها النصارى.
    وقد ثبت في الصحيح «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عند موته: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "

    **_________
    (1) أي طاعة أمر الأنبياء والأئمة والاقتداء بأفعالهم
    ****************************** ***

    يحذر ما فعلوه. قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا» (1) \ 472. .
    وفي الصحيحين أيضا أنه «ذكر له في مرضه كنيسة بأرض الحبشة وذكر
    **_________

    (1) مضى الحديث من قبل 1
    ****************************** *******

    حسنها وتصاوير فيها فقال: " إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» " (1) . .
    وفي صحيح مسلم عن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال قبل أن يموت بخمس: " «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك، وإني أبرأ إلى كل خليل من خليله، ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله، يعني نفسه» " (2) . .
    وفي السنن عنه أنه قال: " «لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني» " (3) . .
    وفي الموطأ وغيره أنه قال: " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» " (4)) . .
    وفي المسند وصحيح أبي حاتم عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» " (5)) . .

    **_________
    (1) مضى الحديث من قبل 1/478
    (2) مضى الحديث من قبل 1/474 - 475
    (3) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الجزء، ص 405
    (4) انظر ما سبق 1/475، 2/405 (وانظر: ت [0 - 9]
    (5) مضى الحديث من قبل 1/475 وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أنه في المسند (ط. المعارف) 5/324 (رقم 3844) من رواية ابن مسعود رضي الله عنه. وهو فيه أيضا عنه رضي الله عنه 6/90 (رقم 4143) ، 6/162 (رقم 4342
    ****************************** **

    وفي صحيح مسلم «عن أبي هياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرني أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته ولا تمثالا إلا طمسته» (1) .، «فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب، وأرسل علي في خلافته من يفعل مثل ما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسوي القبور المشرفة ويطمس التماثيل» ، فإن هذه وهذه من أسباب الشرك وعبادة الأوثان. قال الله تعالى: {لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا - وقد أضلوا كثيرا} [سورة نوح: 23، 24] . قال غير واحد من السلف: كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا وعكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم عبدوهم من دون الله (2) . .
    فالمشاهد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين من العامة ومن أهل البيت كلها من البدع المحدثة المحرمة في دين الإسلام، وإنما أمر الله أن يقصد لعبادته وحده لا شريك له المساجد لا المشاهد.
    قال الله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل

    **_________
    (1) سبق ورود الحديث 1/477 وذكرت هناك أنه في مسلم 2/666 - 667 (كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر) . وهو أيضا في المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] رقما: 741، 1064 وبمعناه عن غير أبي هياج من الصحابة في الأرقام: 657، 658، 683، 881، 889، 1170، 1175 - 1177، 1238، 1283
    (2) سبق ورود هذا الأثر 1/477، وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أنه مروي بمعناه عن ابن عباس في البخاري 6/160 (كتاب التفسير، سورة إنا أرسلنا) . وقد أورده ابن جرير في تفسيره وأورد آثارا أخرى بنفس المعنى عن بعض السلف، وانظر أيضا تفسير الآيتين في الدر المنثور للسيوطي
    ****************************** **

    مسجد وادعوه مخلصين له الدين} [سورة الأعراف: 29] ، وقال تعالى: " {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون - إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} [سورة التوبة: 17 - 18] ، وقال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [سورة الجن: 18] ، ومثل هذا في القرآن كثير.
    وزيارة القبور على وجهين: زيارة أهل التوحيد المتبعين للرسل، وزيارة أهل البدع والشرك.
    فالأولى مقصودها أن يسلم على الميت ويدعى له، وزيارة قبره بمنزلة الصلاة عليه إذا مات، يقصد بها الدعاء له، والله سبحانه يثيب هذا الداعي له عند قبره كما يثيب الداعي إذا صلى عليه وهو على سريره.
    والثانية مقصودها أن يطلب منه الحوائج، أو يقسم على الله، أو يظن أن دعاء الله عند قبره أقرب إلى الإجابة، فهذا كله من البدع المنكرة باتفاق أئمة المسلمين، ولم يكن شيء من هذا على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، بل كان المسلمون لما فتحوا أرض الشام والعراق وغيرهما إذا وجدوا قبرا يقصد الدعاء عنده غيبوه، كما وجدوا بتستر قبر دانيال فحفروا له بالنهار ثلاثة عشر قبرا ودفنوه بالليل في واحد منها، وكان مكشوفا وكان الكفار يستسقون به، فغيبه المسلمون لأن هذا من الشرك انظر الخبر وتعليقنا عليه 1/480 - 481

    ****************************** ****

    وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» " (1) .، فنهى عن الصلاة إليها لما فيه من مشابهة المشركين الذين يسجدون لها، وفي السنن والمسند قال: " «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» " (2) . .
    والسبب الذي من أجله نهي عن الصلاة في المقبرة في أصح قولي العلماء هو سد ذريعة الشرك، كما نهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان، والمشركون يسجدون لها حينئذ، فنهى عن قصد الصلاة في هذا الوقت لما في ذلك من المشابهة لهم في الصورة وإن اختلف القصد.
    كذلك نهى عن الصلاة في المقبرة لله لما فيه من مشابهة من يتخذ القبور مساجد، وأن المصلى لله لا يقصد ذلك سدا للذريعة. فأما إذا قصد ليصلي هناك ليدعو (3) . عند القبور ظنا أن هذا الدعاء هناك أجوب، فهذا ضلال بإجماع المسلمين، وهو مما حرمه الله ورسوله.
    وأبلغ من ذلك أن يدعى ويقسم على الله بالميت، وأبلغ من ذلك أن

    **_________
    (1) ذكر ابن تيمية الحديث من قبل 1/477 (ت [0 - 9] ) ، وذكرت هناك أنه في مسلم 2/668 (كتاب الجنائز ; باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة إليه) وهو مروي عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه
    (2) الحديث مروي عن أبي سعيد الخدري في: سنن أبي داود 1/192 (كتاب الصلاة، باب المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة) ; سنن الترمذي 1/199 - 200 (أبواب الصلاة، باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) ; سنن ابن ماجه 1/246 (كتاب المساجد والجماعات، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/83
    (3) رسمت في الأصل: ليدعا
    ****************************** **
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #146
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (143)
    صـ 440 إلى صـ 446



    يسأل الله به ونحو ذلك، وأبلغ من ذلك أن يسافر إليه من مكان بعيد لهذا القصد، أو ينذر له أو لمن عنده دهن أو شمع أو ذهب أو فضة أو قناديل أو ستور، فهذا كله من نذور أهل الشرك ولا يجوز مثل هذا النذر باتفاق المسلمين ولا الوفاء به، كما ثبت في صحيح البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» " (1) . .
    ولا يجوز أن ينذر أحد إلا طاعة، ولا يجوز أن ينذرها إلا لله، فمن نذر لغير الله فهو مشرك، كمن صام لغير الله وسجد لغير الله، ومن حج إلى قبر من القبور فهو مشرك، بل لو سافر إلى مسجد لله غير المساجد الثلاثة ليعبد الله فيها كان عاصيا لله ورسوله، فكيف إذا سافر إلى غير الثلاثة ليشرك بالله! وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» " (2)) . .
    **_________

    (1) الحديث مروي عن عائشة رضي الله عنها في: البخاري 8/142 (كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، باب النذر فيما لا يملك ولا في معصية) ; سنن أبي داود 3/315 (كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في النذر في المعصية) ; سنن النسائي 7/16 (كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، باب النذر في المعصية) ; سنن ابن ماجه 1/687 (كتاب الكفارات، باب النذر في المعصية) ; الموطأ 2/476 (كتاب النذور، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله) ; المسند (ط. الحلبي) 6/36، 41، 224
    (2) الحديث عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما في: البخاري 2/60 (كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، الباب الأول) ، 3/19 (كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء) ; مسلم 2/975 - 976 (كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم، 2/1014 - 1015 (كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) ; المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] 2 رقما: 7191، 7248، ومواضع أخرى فيه ; سنن أبي داود 2/291 (كتاب المناسك باب في إتيان المدينة) ; سنن الترمذي 1/205 (كتاب الصلاة، باب ما جاء في أي المساجد أفضل) ; سنن النسائي 2/31 (كتاب المساجد، باب ما تشد الرحال إليه من المساجد

    ****************************** ********
    ولهذا قال غير واحد من العلماء: إن السفر لزيارة المشاهد سفر معصية، ومن لم يجوز القصر في سفر المعصية منهم من لم يجوزه، لا سيما إذا سمي ذلك حجا وصنفت فيه مصنفات وسميت مناسك حج المشاهد. ومن هؤلاء من يفضل قصد المشاهد وحجها والسفر إليها على حج بيت الله الحرام الذي فرض الله حجه على الناس.
    وهذا أمر قد وقع فيه الغلاة في المشايخ والأئمة المنتسبين إلى السنة وإلى الشيعة، حتى إن الواحد من هؤلاء في بيته يصلي لله الصلاة المفروضة بقلب غافل لاه، ويقرأ القرآن بلا تدبر ولا خشوع، وإذا زار قبر من يغلو فيه بكى وخشع، واستكان وتضرع، وانتحب ودمع، كما يقع إذا سمع المكاء والتصدية الذي كان للمشركين عند البيت.
    وكثير من هؤلاء لا يحج لأجل ما أمر الله به ورسوله من حج البيت العتيق، بل لقصد زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يزور شيوخه وأئمته، ونحو ذلك.
    والأحاديث المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زيارة قبره، كلها ضعيفة بل موضوعة، فلم يخرج أهل الصحيحين والسنن المشهورة شيئا منها، ولا استدل بشيء منها أحد من أئمة المسلمين، وإنما اعتمدوا على ما رواه أبو داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «ما من رجل
    ****************************** ******
    يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» " (1) . .
    وقد ذكر ابن عبد البر هذا عاما مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبينه فقال: " «ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام» " (2) . .
    وفي النسائي وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله وكل بقبري ملائكة تبلغني عن أمتي السلام» " (3)) . .
    وفي السنن سنن أبي داود وغيره - عن أوس الثقفي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة
    **_________

    (1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: سنن أبي داود 2/293 (كتاب المناسك، باب زيارة القبور) ; المسند (ط. الحلبي) 2/527
    (2) وجدت في " المعجم الكبير " للسيوطي 1/718 حديثين بهذا المعنى: الأول: " ما من رجل يزور قبر حميد فيسلم عليه ويقعد عنده إلا رد عليه السلام وأنس به حتى يقوم من عنده " وقال السيوطي: " أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة ". والثاني: " ما من رجل كان يمر بقبر كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه " قال السيوطي: " ابن عساكر في تاريخه، عن أبي هريرة ". وأورد ابن قيم الجوزية في كتاب " الروح " ص 4، ط. حيدر آباد 1383/1963 الحديث الذي ذكره ابن تيمية وقال إن عبد البر رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نقل عن كتاب القبور لابن أبي الدنيا: " باب معرفة الموتى بزيادة الأحياء " عدة أحاديث وآثار بنفس المعنى، ولكنه لم يتكلم عن درجة هذه الأحاديث والآثار هل تصح أم لا، انظر كتاب " الروح " (ص [0 - 9]- 12)
    (3) لم أجد الحديث بهذا النص ولكني وجدت حديثا مقاربا له في المعنى رواه النسائي وأحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ولفظه: " إن لله عز وجل ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام ". انظر: سنن النسائي (بشرح السيوطي) 3/43 (كتاب السهو، باب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. المعارف) 5/244 (رقم 3666، 6/114 - 115، 154 (رقما 4210، 4320) ; سنن الدارمي 2/317 (كتاب الرقاق، باب في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    ****************************
    علي " ; قالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ - أي قد صرت رميما - فقال: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء» " (1) . .
    فهذا المعروف عنه في السنن: هو الصلاة والسلام عليه كما أمر الله تعالى بذلك في كتابه بقوله: {ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [سورة الأحزاب: 56] ، وقد ثبت في الصحيح أنه قال: " «من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا» " (2) .
    لكن إذا صلى وسلم عليه من بعيد بلغ ذلك، وإذا سلم عليه من قريب سمع هو سلام المسلم عليه.
    ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم إذا أتى أحدهم قبره سلم عليه وعلى صاحبيه، كما كان ابن عمر يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبه، ولم يكن أحد منهم يقف يدعو لنفسه مستقبل القبر.
    **_________

    (1) الحديث مروي عن أوس بن أوس رضي الله عنه في: سنن أبي داود 1/378 (كتاب الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة) ; المسند (ط. الحلبي) 4 ; سنن ابن ماجه 1/524 (كتاب الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم) ، وهو مروي بمعناه عن أبي الدرداء رضي الله عنه في نفس الصفحة السابقة، وعن شداد بن أوس رضى لله عنه 1/345 (كتاب إقامة الصلاة، باب في فضل الجمعة)
    (2) الحديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه 1/306 (كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي) ولفظه " من صلى علي واحدة. . إلخ ; ورواه أحمد عنه في مسنده (ط. المعارف) 13/285، 286 (رقما: 7551، 7552) ولكن لفظه: " من صلى علي مرة واحدة كتب الله عز وجل له بها عشر حسنات ". قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه أن الحديث روي بلفظ " صلى الله عليه عشرا " عند مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان. والحديث في: سنن أبي داود 2/117 (كتاب الوتر، باب في الاستغفار) وأورد أحمد في مسنده (ط. الحلبي) 3/102، 161 حديثا بنفس المعنى عن أنس بن مالك رضي الله عنه

    ****************************** *****
    ولهذا اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على أنه إذا سلم عليه وأراد أن يدعو استقبل القبلة ودعا ولا يدعو مستقبل القبر. ثم قالت طائفة كأبي حنيفة: إذا سلم عليه يستقبل القبلة أيضا ويستدير القبر ويجعله عن يساره، وقال الأكثرون - مالك والشافعي وأحمد وغيرهم - بل عند السلام يستقبل القبر ويستدبر الكعبة، وأما عند الدعاء فإنما يدعو الله وحده كما يصلي لله وحده فيستقبل القبلة، كما يستقبل القبلة إذا دعا بعرفة والصفا والمروة وعند الجمرات.
    وكره مالك بن أنس وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن هذا اللفظ قد يراد به ما هو منهي عنه من الزيارة البدعية كالزيارة لطلب الحوائج منه، فكرهوا أن يتكلم بلفظ يتضمن شركا أحدثه الناس في هذا اللفظ من المعاني الفاسدة، وإن كان لفظ الزيارة إذا عني به الزيارة الشرعية لا بأس به. وذكر مالك أنه لم ير أحدا من السلف يقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لنفسه وغير هذا من البدع، وقال: إنما يصلح آخر هذه الأمة ما أصلح أولها. ومالك قد أدرك التابعين بالمدينة وغيرها، وهم كانوا أعلم خلق الله إذ ذاك بما يجب من حق الله وحق رسوله.
    فإذا كان هذا (1) في حق خير خلق الله، وأكرمهم على الله، وسيد ولد آدم، وصاحب لواء الحمد الذي آدم ومن دونه تحت لوائه يوم القيامة، وهو خطيب الأنبياء إذا وفدوا على ربهم، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا، وهو صاحب المقام المحمود يوم القيامة الذي يغبطه به الأولون والآخرون،
    **_________

    (1) يستطرد ابن تيمية في هذا الموضع ولكنه لا يذكر جوابا للشرط

    ****************************** **********
    وهو خاتم النبيين وأفضل المرسلين، أرسله الله بأفضل شريعة إلى خير أمة أخرجت للناس، وأنزل عليه أفضل كتبه وجعله مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، الذي هدى الله به الخلق وأخرجهم به من الظلمات إلى النور وهداهم به إلى صراط العزيز الحميد، وهو الذي فرق الله به بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال والغي والرشاد وطريق الجنة وطريق النار، وهو الذي قسم الله به عباده إلى شقي وسعيد: فالسعيد من آمن به وأطاعه والشقي من كذبه وعصاه، وعلق به النجاة والسعادة فلا سبب ينجو به العبد من عذاب الله وينال السعادة في الدنيا والآخرة ممن بلغته دعوته وقامت عليه الحجة برسالته إلا من آمن به واتبع النور الذي أنزل معه.
    قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون - الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 156، 157] .
    وقد بين الله على لسانه ما يستحقه الله من الحقوق التي لا تصلح إلا لله وما يستحقه الرسول من الحقوق، فقال تعالى: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا - لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} [سورة الفتح: 8، 9] ، فالإيمان بالله والرسول، والتعزير والتوقير
    ****************************** *********
    للرسول، والتسبيح بكرة وأصيلا لله وحده ; قال تعالى: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} [سورة النور: 52] ، فجعل الطاعة لله والرسول، والخشية والتقوى لله وحده.
    وقال تعالى: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: 59] ، فجعل الإيتاء لله والرسول لأن المراد به الإيتاء الشرعي وهو ما أباحه الله على لسان رسوله بخلاف من آتاه الملك خلقا وقدرا ولم يطع الله ورسوله فيه، فإن ذلك مذموم مستحق للعقاب وإن كان قد آتاه الله ذلك خلقا وقدرا، وأما من رضي بما آتاه الله ورسوله فهو ممن رضي بما أحله الله ورسوله، ولم يطلب ما حرم عليه، كالذين قال الله فيهم: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} ، ثم قال: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله} [سورة التوبة: 58، 59] ، ولم يقل: ورسوله، لأن الله وحده كاف عبده، كما قال الله تعالى: {أليس الله بكاف عبده} [سورة الزمر: 36] ، وقال: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} [سورة آل عمران: 1173] ، ثم دعاهم إلى أن يقولوا: {سيؤتينا الله من فضله ورسوله} [سورة التوبة: 59] ، فذكر أن الرسول (يؤتيهم) (1) ، وأن ذلك من فضل الله وحده، لم يقل: من فضله وفضل رسوله، ثم ذكر قولهم: {إنا إلى الله راغبون} [سورة التوبة: 59] ، ولم
    **_________

    (1) ما بين القوسين زيادة يستقيم بها الكلام

    ****************************** ************
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #147
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (144)
    صـ 447 إلى صـ 453



    يقل: ورسوله، كما قال في الآية الأخرى: {فإذا فرغت فانصب - وإلى ربك فارغب} [سورة الشرح: 7، 8] .
    وأما ما في القرآن من ذكر عبادته وحده، ودعائه وحده، والاستعانة به وحده، والخوف منه وحده، فكثير كقوله: {ولا يخشون أحدا إلا الله} [سورة الأحزاب: 39] ، وقوله: {فإياي فارهبون} [سورة النحل: 51] ، و {وإياي فاتقون} [سورة البقرة: 175] ، وقوله: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} [سورة آل عمران: 175] ، وكذلك قوله: {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين} [سورة الشعراء: 213] ، {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} [سورة النساء: 36] .
    وأما المحبة فهي لله ورسوله، والإرضاء لله والرسول، كقوله تعالى: {أحب إليكم من الله ورسوله} [سورة التوبة: 24] ، وقوله: {والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين} [سورة التوبة: 62] ، فالرسول علينا أن نحبه وعلينا أن نرضيه، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: " «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» " (1) . ; وكذلك الطاعة لله والرسول، قال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [سورة النساء: 80] .
    والعبادات بأسرها: الصلاة والسجود والطواف والدعاء والصدقة
    **_________

    (1) الحديث مروي عن أنس رضي الله عنه في: البخاري 1 (كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان) ; مسلم 1/67 (كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. .) ; المسند (ط. الحلبي) 3/177، 207، 275، 278 ; سنن ابن ماجه 1/26 (المقدمة، باب في الإيمان)

    ****************************** **
    والنسك والذي لا يصلح إلا لله ولم يخص الله بقعة تفعل الصلاة فيها إلا المساجد: لا مقبرة ولا مشهدا ولا مغارة ولا مقام نبي ولا غير ذلك، ولا خص بقعة غير المساجد بالذكر والدعاء إلا مشاعر الحج: لا قبر نبي ولا صالح ولا مغارة ولا غير ذلك، ولا يقبل على وجه الأرض شيء عبادة لله إلا الحجر الأسود ولا يتمسح إلا به وبالركن اليماني، ولا يستلم الركنان الشاميان وهما من البيت فكيف غيرهما؟ وقد طاف ابن عباس ومعاوية، فجعل معاوية يستلم الأركان الأربعة، فقال ابن عباس رضي الله عنه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لم يستلم إلا الركنين اليمانيين» . فقال معاوية: ليس من البيت شيء مهجورا، فقال ابن عباس رضي الله عنه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ، فقال معاوية: صدقت (1) .، ورجع إلى قوله.
    فالعبادات مبناها على أصلين: أحدهما: أن لا يعبد إلا الله وحده - لا نعبد من دونه شيئا: لا ملكا ولا نبيا ولا صالحا ولا شيئا من المخلوقات ; والثاني أن نعبده بما أمرنا به على لسان رسوله - لا نعبده ببدع لم يشرعها الله ورسوله.
    والعبادات تتضمن كمال الحب وكمال الخضوع، فمن أحب شيئا من المخلوقات كما يحب الخالق فهو مشرك، قال الله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله}
    **_________

    (1) ورد هذا الأثر بمعناه في مواضع كثيرة في المسند أقربها إلى ما ذكره ابن تيمية في 3/366 (رقم 1877) وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: " إسناده صحيح. وروى الترمذي 2/92 معناه مختصرا بإسناد آخر عن ابن عباس. وانظر الأرقام: 2210، 3074، 3533

    ****************************** *
    [سورة البقرة: 165] ، وفي الصحيحين «عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك "، قلت: ثم أي؟ قال: " ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ". قلت: ثم أي؟ قال ثم أن تزاني بحليلة جارك ". فأنزل الله تصديق ذلك: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} » [سورة الفرقان: 68] (1) 87. .
    والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بالعبادة في المساجد وذكر فضل الصلاة في الجماعة ورغب في ذلك، ولم يأمر قط بقصد مكان لأجل نبي ولا صالح، بل نهى عن اتخاذها مساجد، فلا يجوز أن تقصد للصلاة فيها والدعاء وهذا كله لتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله، فقد «قال بعض الناس يا رسول الله ربنا قريب فنناجيه أو بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} » [سورة البقرة: 168] (2) . .
    **_________

    (1) الحديث - بألفاظ متقاربة - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في: البخاري 6/18 (تفسير سورة البقرة، باب: فلا تجعلوا لله أندادا) ، 8/8 (كتاب الأدب، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه) ، 8/164 (كتاب الحدود، باب إثم الزناة) ، 9/152 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا) ; مسلم 1/90 - 91 (كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب) ; سنن الترمذي 5/17 - 18 (كتاب التفسير، تفسير سورة الفرقان) ; سنن أبي داود 2/394 (كتاب الطلاق، باب في تعظيم الزنا) ; سنن النسائي 7/82 - 83 (كتاب التحريم، باب ذكر أعظم الذنب) ; المسند (ط. المعارف) 5/217، 6، 86 -
    (2) أورد ابن جرير الطبري في تفسيره هذا الحديث بروايتين، نعت الشيخ أحمد شاكر رحمه الله إحداهما بالانهيار والأخرى بالضعف. انظر تفسير الطبري (ط. المعارف) 3/480 - 481 (وانظر التعليقات)

    ****************************** ***
    وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» " (1) .، وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ من يسألني فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر» " (2) . .
    فالرسل صلوات الله عليهم وسلامه أمروا الناس بعبادة الله وحده لا شريك له وسؤاله ودعائه، ونهوا أن يدعى أحد من دون الله تعالى. وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «أحب البقاع إلى الله تعالى المساجد وأبغضها إلى الله تعالى الأسواق» " (3) .، يعني البقاع التي كانت تكون في مدينته ونحوها، ولم يكن بالمدينة لا حانة ولا كنيسة ولا موضع شرك وهذه المواضع شر من الأسواق.
    وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «شرار الناس الذين تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد» " ; هذا إذا بني المسجد
    **_________

    (1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 1/350 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) ; سنن النسائي (بشرح السيوطي) 2/180 (كتاب التطبيق، باب أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل) ; سنن أبي داود 1/320 - 321 (كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود)
    (2) سبق الكلام على حديث النزول 323 (ت 6)
    (3) الحديث - مع اختلاف يسير في اللفظ - مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 1/464 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد) . وفي السند (ط. الحلبي) 4/81 قطعة من الحديث بمعناه برواية جبير بن مطعم رضي الله عنه

    ****************************** *******
    المسمى مشهدا على قبر صحيح، فكيف وكثير من هذه المشاهد المبنية على (قبور) (1) . الأنبياء والصالحين من الصحابة والقرابة وغيرهم كذب؟ وكثير منها مختلف فيه لا يتوثق فيه بنقل ينقل في ذلك مما يوجد بالشام والعراق وخراسان وغير ذلك، والسبب في خفائها وكثرة الخلاف فيها أن الله حفظ الدين الذي بعث به رسوله بقوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [سورة الحجر: 9] ، واتخاذ هذه معابد ليس من الدين، فلهذا لم يحفظ هذه المقامات والمشاهد، بل مبني أمرهم على الجهل والضلال، وإنما يستند أهلها إلى منامات تكون من الشياطين أو إلى (أخبار إما) (2) . مكذوبة، وإما منقولة عمن ليس قوله حجة.
    والشياطين تضل أهلها كما تضل عباد الأصنام، فتارة تكلمهم، وتارة تتراءى لهم، وتارة تقضي بعض حوائجهم، وتارة تصيح وتحرك السلاسل التي فيها القناديل وتطفئ القناديل، وتارة تفعل أمورا أخر كما تفعل عبادة الأوثان التي كانت للعرب، وهي اليوم تفعل مثل ذلك في أوثان الترك والصين والسودان وغيرهم فيظنون أن ذلك هو الميت أو ملك صور على صورته، وإنما هو شيطان أضلهم بالشرك، كما يجري ذلك لعباد الأصنام المصورة على صورة الآدميين، وهذا باب واسع ليس هذا موضع استقصائه] (3) . .
    **_________

    (1) قبور: ليست في الأصل، وإثباتها يقتضيه سياق الكلام
    (2) بعد عبارة " أو إلى " توجد إشارة إلى الهامش ولكن لم تظهر الكلمات الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون هي ما أثبته بين القوسين
    (3) هنا ينتهي السقط الطويل في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وقد بدأ في ص 409

    *****************************
    **[التعليق على قوله أن الأئمة معصومون كالأنبياء]
    فصل
    وأما قوله (1) .: " وأن (2) . الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك " (3) . .
    فهذه خاصة الرافضة الإمامية التي لم يشركهم فيها أحد - لا الزيدية الشيعة ولا (4 سائر طوائف المسلمين - إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية الذين يقولون بعصمة بني عبيد: 4) (4) . المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر، القائلين بأن الإمامة بعد جعفر [في محمد بن إسماعيل] (5) . دون موسى بن جعفر، وأولئك ملاحدة [منافقون] (6) . .
    والإمامية الاثنا عشرية (7) . خير منهم بكثير، فإن الإمامية مع [فرط] (8) . جهلهم وضلالهم فيهم خلق مسلمون باطنا وظاهرا ليسوا زنادقة منافقين، لكنهم جهلوا وضلوا واتبعوا أهواءهم، وأما أولئك فأئمتهم الكبار (9) . العارفون بحقيقة دعوتهم (10) . الباطنية (11) . زنادقة منافقون، وأما
    **_________
    (1) الكلام التالي في " منهاج الكرامة " (ك) 1/82 (م) . وسبق وروده في هذا الجزء، ص [0 - 9] 9
    (2) ن، م، ع: إن
    (3) ك: وأن الأئمة عليهم السلام معصومون كالأنبياء عليهم السلام لما تقدم في ذلك، وانظر ما سبق ص 99
    (4) (4 - 4) ساقطة من (م) فقط
    (5) في محمد بن إسماعيل: ساقط من (ن) وفي (م) سقطت عبارة " محمد بن ". وكتب نعمان الفقير في هامش (أ) تعريفا بإسماعيل وبموضع دفنه ولكن لم تظهر إلا كلمات من التعليق
    (6) منافقون: ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) ن، م: والإمامية الأشعرية، وهو خطأ ظاهر
    (8) فرط: ساقطة من (ن) ، (م)
    (9) ن، م: الكفار
    (10) ب، أ: دعواهم
    (11) ع: الباطلة

    *****************************
    عوامهم الذين لم يعرفوا باطن أمرهم فقد يكونون (1) . مسلمين.
    وأما المسائل المتقدمة فقد شرك غير الإمامية فيها بعض الطوائف، إلا (2) . غلوهم في عصمة الأنبياء فلم يوافقهم عليه أحد أيضا، حيث ادعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسهو، فإن هذا لا يوافقهم عليه أحد فيما علمت (3) ".، اللهم إلا أن يكون من غلاة جهال النساك، فإن بينهم وبين الرافضة قدرا مشتركا في الغلو وفي الجهل والانقياد لما لا يعلم صحته، والطائفتان تشبهان النصارى في ذلك. [وقد يقرب (4) . إليهم بعض المصنفين في الفقه (5) . من الغلاة في مسألة العصمة] (6) . .
    والكلام في أن هؤلاء أئمة فرض الله الإيمان بهم (7) . وتلقي الدين منهم دون غيرهم، [ثم] (8) . في عصمتهم عن الخطأ، فإن كلا من هذين (9) . القولين مما (10) . لا يقوله إلا مفرط في الجهل أو مفرط في اتباع الهوى أو في كليهما (11) .، فمن عرف دين الإسلام وعرف حال هؤلاء، كان عالما
    **_________

    (1) ع، أ، ن، م: فقد يكونوا، وهو خطأ
    (2) ن، م: إلى ; وهو تحريف
    (3) ب، ن، م: فإن هذا لا أعلم أحدا يوافقهم عليه ; وفي (أ) سقطت كلمة " عليه
    (4) ب، أ: تقرب
    (5) في الفقه: ساقطة من (ن) ، (م)
    (6) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) ن: فرض الله الإيمان عليهم ; م: فرض الله عليهم الإيمان، وكلاهما خطأ
    (8) ثم: ساقطة من (ن) ، (م)
    (9) ع: فإن كلام هذين
    (10) مما: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (11) ن، م، ع: في كلاهما

    ****************************** **
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #148
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (145)
    صـ 454 إلى صـ 460



    بالاضطرار من دين محمد - صلى الله عليه وسلم - بطلان هذا القول، لكن الجهل لا حد له، وهو هنا لم يذكر حجة غير حكاية المذهب فأخرنا الرد إلى موضعه.

    **[الرد على قوله وأخذوا أحكامهم الفروعية عن الأئمة المعصومين]
    وأما قوله (1) .: " وأخذوا أحكامهم (2) . الفروعية عن الأئمة المعصومين، الناقلين عن جدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) . ". . . إلى آخره.
    فيقال: أولا: القوم المذكورون إنما كانوا يتعلمون حديث جدهم (4) . من العلماء به كما يتعلم سائر المسلمين، وهذا متواتر عنهم. فعلي بن الحسين (5) . يروي تارة عن أبان بن عثمان بن عفان (6) . عن (7) : أسامة بن زيد قول ب (8) . النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» " رواه البخاري ومسلم في [الصحيحين (9) .، وسمع من أبي هريرة
    **_________

    (1) الكلام التالي في (ك) 1/83 (م) ، وسبق وروده في هذا الجزء، ص [0 - 9] 9
    (2) ك: الأحكام
    (3) ك: صلى الله عليه وآله
    (4) ب: يتعلمون الحديث ; أ: يتعلمون حديث (وسقطت كلمة: جدهم)
    (5) سبقت ترجمته 2/83 (ت [0 - 9] )
    (6) أبان بن عثمان بن عفان، أبو سعيد، المتوفى سنة 151. قال ابن سعد: " روى أبان عن أبيه، وكان ثقة وله أحاديث ". ترجمته في: طبقات ابن سعد 5/151 - 153 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 95 ; تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 7 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 3
    (7) ن، م: وعن، وهو تحريف
    (8) ، ا: مولى
    (9) الحديث رواه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه البخاري في ثلاثة مواضع: 2/147 - 148 (كتاب الحج، باب توريث دور مكة) ، 5/147 (كتاب المغازي، باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح) ، 8/156 (كتاب الفرائض، باب لا يرث الكافر المسلم) . وهو مروي أيضا في مسلم 3/1233 (أول كتاب الفرائض) . وفي سند الحديث في هذه المواضع جميعا: عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد. وعمرو بن عثمان هو شقيق أبان، وانظر طبقات ابن سعد 5/150 - 151. والحديث في سنن أبي داود 3/286 - 287 (كتاب الفرائض، باب 14) ; سنن ابن ماجه 2/911 - 912 (كتاب الفرائض: باب ميراث أهل الإسلام من أهل الكفر)

    *****************************
    قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من النار حتى فرجه بفرجه» " أخرجاه في الصحيحين (1) . .
    ويروى عن ابن عباس رضي الله عنه عن رجال من الأنصار: " «رمي بنجم فاستنار» " رواه مسلم (2) .] (3) . .
    **_________

    (1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 3/144 (كتاب العتق، باب ما جاء في العتق وفضله) ; مسلم 2/1147 - 1148 (كتاب العتق، باب فضل العتق) . وقد جاء الحديث بمعناه في مسلم من أربع طرق كلها عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفي سند أقربها إلى الرواية التي ذكرها ابن تيمية:. . عن زيد بن أسلم عن علي بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة. وفي الرواية التي اتفق عليها الشيخان سمع سعيد بن مرجانة الحديث عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول بعدها " فانطلقت إلى علي بن حسين فعمد علي بن حسين رضي الله عنهما إلى عبد له أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم أو ألف دينار فأعتقه " ; والحديث في: سنن الترمذي 3/49 (كتاب النذور، باب في ثواب من أعتق رقبة) . والحديث بمعناه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في: سنن أبي داود 4/39 (كتاب العتق، باب في ثواب العتق)
    (2) الحديث في: مسلم 4/1750 - 1751 (كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان) ونصه: ". . عن ابن شهاب حدثني علي بن حسين أن عبد الله بن عباس قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمي بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم ومات رجل عظيم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته. . الحديث "، ورواه أحمد بمعناه في مسنده (ط. المعارف) 3/268 - 269 (رقم 1882، وانظر التعليق) ; والترمذي في سننه 5/40 - 41 (كتاب التفسير، سورة سبأ)
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط

    ****************************** *****
    وأبو جعفر محمد بن علي يروي عن جابر بن عبد الله حديث مناسك الحج الطويل، وهو أحسن ما روي في هذا الباب، ومن هذه الطريق رواه مسلم في صحيحه من حديث جعفر بن محمد [عن أبيه: (1) . عن جابر (2) ". .
    وأما ثانيا (3) .: فليس في هؤلاء من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مميز إلا علي رضي الله عنه (4) .، وهو الثقة الصدوق (5) . فيما يخبر به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن أمثاله من الصحابة ثقات صادقون فيما يخبرون به أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -[ولله الحمد] (6) . - من أصدق الناس حديثا عنه، لا يعرف فيهم من تعمد عليه كذبا، مع أنه كان يقع من أحدهم من الهنات ما يقع ولهم ذنوب وليسوا معصومين، ومع هذا فقد جرب (7) .
    **_________
    (1) عن أبيه: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
    (2) بعد كلمة جابر في (ب) ، عبارة: ويروى أيضا. وفي (ن) . وروي أيضا. والعبارات زائدة ولعلها سهو من النساخ. وحديث مناسك الحج الطويل الذي يذكره ابن تيمية رواه مسلم 2/886 - 893 (كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -) ، وفي الحديث (ص [0 - 9] 86) : ". . حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال: مرحبا بك يا ابن أخي سل عما شئت، فسألته وهو أعمى. . الحديث
    (3) ب، ا: وأما ثالثا، وهو خطأ. وقبل هذه العبارة توجد عبارة " ويروى أيضا " في (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) . وبعدها يوجد بياض في (أ) ، (ب)
    (4) إلا علي رضي الله عنه: ساقط من (ب) ، (أ)
    (5) ن: وهو الثقة العبد، وهو تحريف
    (6) ولله الحمد: ساقطة من (ن) ، (م) وفي (ع) : فلله الحمد
    (7) ن: حرف، وهو تحريف

    ****************************** *****
    أصحاب النقد (1) . والامتحان أحاديثهم واعتبروها بما تعتبر به (2) . الأحاديث، فلم يوجد عن أحد منهم تعمد كذبة، بخلاف القرن الثاني فإنه كان في أهل الكوفة جماعة يتعمدون الكذب.
    ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث والفقه، حتى الذين كانوا ينفرون ب (فقط) : ينقرون، وهو تحريف. عن معاوية [رضي الله عنه] (3) . إذا حدثهم على منبر المدينة يقولون: وكان لا يتهم في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن حجر في ترجمة معاوية في الإصابة 3/413: " روى عنه من الصحابة ابن عباس وجرير البجلي ومعاوية بن خديج والسائب بن زيد وعبد الله بن زبير والنعمان بن بشير وغيرهم ". -، وحتى بسر بن أبي أرطاة (4) . مع ما عرف منه: روى حديثين رواهما أبو داود وغيره (5) .، لأنهم معروفون بالصدق
    **_________
    (1) ب، ا: النقر، وهو تحريف
    (2) به: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
    (4) ع، ن، م: بشر بن أبي أرطاة، وهو خطأ. وهو عمير بن عويمر بن عمران، اختلف في سماعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان من قواد معاوية رضي الله عنه ومن ولاته على البصرة وعلى اليمن وقد أمره معاوية أن ينظر من كان في طاعة علي باليمن والحجاز فيوقع بهم، ففعل ذلك وقيل: إنه بطش بأهل اليمن وعسفهم. وتوفي بسر على الأرجح سنة 86 بعد أن اختلط عقله. انظر ترجمته في: الإصابة 1/152 ; الاستيعاب 1/161 - 171 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 22، 423 ; طبقات ابن سعد 7/409 ; الخلاصة للخزرجي ص [0 - 9] 0 ; الأعلام 1/23 - 24
    (5) روى أبو داود في السنن 4/200 (كتاب الحدود، باب في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟) : عن جنادة أبي أمية قال: كنا مع بسر بن أرطاة في البحر، فأتي بسارق يقال له مصدر قد سرق بختية، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا تقطع الأيدي في السفر " ولولا ذلك لقطعته. والحديث في: سنن الترمذي 3/5 (كتاب الحدود، باب ما جاء أن لا تقطع الأيدي في الغزو) وقال الترمذي: " هذا حديث غريب، وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا ". والحديث عن بسر في: سنن (النسائي 8/84 (كتاب قطع السارق، باب القطع في السفر) ولفظه: " لا تقطع الأيدي في السفر ". وصحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 6/168. وروى هذا الحديث أحمد في مسنده (ط. الحلبي) 4/181. وفي ذخائر المواريث أنه روي في سنن الترمذي في كتاب الحدود وفي سنن النسائي في كتاب قطع السارق. وروى أحمد في مسنده في الموضع السابق حديثا آخر عن بسر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو: " اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ". وذكر ابن حجر في " الإصابة " في ترجمة بسر أنه مروي في صحيح ابن حبان وكذا ذكر النبهاني في " الفتح الكبير " وأضاف أن الحاكم رواه في المستدرك

    ****************************** *******
    عن (1) . النبي - صلى الله عليه وسلم -، [وكان هذا] (2) . حفظا من الله لهذا الدين، ولم يتعمد أحد (3) . الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هتك الله ستره وكشف أمره، ولهذا كان (4) . يقال: لو هم رجل بالسحر أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصبح والناس (5) . يقولون: [فلان] (6) . كذاب.
    وقد كان التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة لا يكاد (7) . يعرف فيهم
    **_________
    (1) ب، ا، ن، م: على
    (2) وكان هذا: في (ع) ، فقط
    (3) ب، ا: واحد
    (4) كان: ساقطة من (ب) فقط
    (5) ب، ا: الناس
    (6) فلان: ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) ع: لا يكادون

    ****************************** ****
    كذاب، لكن الغلط لم يسلم منه [بشر] (1) .، ولهذا يقال: فيمن يضعف منهم ومن أمثالهم: تكلم فيه بعض (2) . أهل العلم من قبل حفظه، أي من جهة سوء حفظه فيغلط (3) . فينسى، لا من جهة تعمده للكذب.
    وأما الحسن والحسين فمات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما صغيران في سن التمييز، فروايتهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قليلة.
    وأما سائر الاثني عشر فلم يدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقول القائل (4) .: إنهم نقلوا عن جدهم، إن أراد بذلك أنه أوحي إليهم ما قاله (5) . جدهم فهذه نبوة، كما كان يوحى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قاله غيره من الأنبياء.
    وإن أراد أنهم سمعوا ذلك من غيرهم، فيمكن أن يسمع من ذلك الغير الذي سمعوه منهم (6) .، سواء كان ذلك من بني هاشم أو غيرهم، فأي مزية لهم في النقل عن جدهم إلا بكمال العناية والاهتمام؟ فإنه كل من كان أعظم اهتماما وعناية بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقيها من مظانها كان أعلم بها.
    وليس هذا (7) . من خصائص هؤلاء، بل في غيرهم من هو أعلم بالسنة
    **_________
    (1) بشر: ساقطة من (ن)
    (2) بعض: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (3) فيغلط: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (4) ب (فقط) : النبي، وهو خطأ
    (5) ب، ا، ن، م: قال
    (6) ن، م، ع: منه
    (7) هذا: ساقطة من (ب) فقط

    ***********************
    من أكثرهم، [كما يوجد في كل عصر كثير (1) . من غير بني هاشم أعلم بالسنة من أكثر بني هاشم] (2) .، فالزهري (3) . أعلم بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحواله وأقواله [وأفعاله] (4) . باتفاق أهل العلم من أبي جعفر محمد بن علي (5) . وكان معاصرا له.
    وأما موسى بن جعفر (6) . وعلي بن موسى (7)) . ومحمد بن
    **_________

    (1) كثير: ساقطة من (ب) ، (أ)
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (3) أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، سبقت ترجمته 1/560. وانظر عنه أيضا: وفيات الأعيان 3/317 - 319 ; تذكرة الحفاظ 1/108 - 113 ; الأعلام 7/317
    (4) وأفعاله: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
    (5) أبو جعفر (الباقر) محمد بن علي (زين العابدين) بن الحسين بن علي بن أبي طالب، سبقت ترجمته 1/507 (ت [0 - 9] ) . وانظر عنه أيضا: طبقات ابن سعد 5/320 - 324 ; تذكرة الحفاظ 1/124 - 125 ; وفيات الأعيان 3/314 ; تاريخ اليعقوبي (ط. بيروت) 2/320 - 321 ; الأعلام 7/153. وسيتكلم ابن تيمية عنه بالتفصيل فيما يلي 2/123 - 124 (ب)
    (6) أبو الحسن موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) بن محمد (الباقر) ، ولد سنة 128 وتوفي سنة 183. قال أبو حاتم: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين. وقال غيره: كان صالحا عابدا جوادا حليما كبير القدر. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 4/373 - 395 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 39 ; العبر للذهبي 1/287 ; تاريخ اليعقوبي 2/414 - 415 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 34 ; الأعلام 8/270. وسيتكلم عنه ابن تيمية فيما يلي 1/124 - 125 (ب)
    (7) أبو الحسن علي (الرضا) بن موسى (الكاظم) ، ولد سنة 153 وتوفي سنة 203 وقيل سنة 202، زوجه المأمون ابنته وجعله ولي عهده ولكنه مات في حياة المأمون، انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/432 - 434 ; تاريخ الطبري 7/150 ; تاريخ اليعقوبي، 2/453 ; العبر للذهبي 1/340 ; الأعلام 5/178. وسيتكلم ابن تيمية عنه فيما بعد 2/125 - 126 (ب

    ****************************** ***
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #149
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (146)
    صـ 461 إلى صـ 467



    علي (1) . فلا يستريب من له من العلم نصيب أن مالك بن أنس وحماد بن زيد (2) . حماد بن سلمة (3)
    **[الرد على قوله إن الإمامية يتناقلون ذلك عن الثقات]
    وأما قوله (4) : " إن الإمامية يتناقلون ذلك [عن الثقات] (5) خلفا عن سلف إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين ".
    فيقال: أولا: إن كان هذا صحيحا فالنقل عن المعصوم الواحد يغني [عن] (6) غيره، فلا حاجة في كل زمان إلى معصوم.
    وأيضا، فإذا كان النقل موجودا، فأي فائدة في هذا المنتظر الذي لا ينقل عنه شيء؟ إن كان النقل عن أولئك كافيا فلا حاجة إليه، وإن لم يكن كافيا لم يكن ما نقل عنهم كافيا للمقتدى بهم.
    ويقال ثانيا: متى ثبت (7) النقل عن (8) أحد هؤلاء كان غايته (9) أن يكون كما لو سمع منه، وحينئذ فله حكم أمثاله.
    **_________

    (1) أبو جعفر محمد (الجواد) بن علي (الرضا) ، ولد سنة 195 وتوفي سنة 320 كان رفيع القدر ذكيا. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/315 ; العبر للذهبي 1/380 - 381 ; شذرات الذهب 2/48 ; تاريخ بغداد 3/54 - 55. وسيتكلم عنه ابن تيمية في هذا الكتاب 2/127 - 128 (ب)
    (2) حماد بن زيد: ساقطة من (م) ; وسبقت ترجمته 2/144 (ت [0 - 9] )
    (3) ب، ا: حماد بن مسلمة، وهو خطأ. وحماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة شيخ الإسلام ومفتي البصرة النحوي المحدث، توفي سنة 167 وقد قارب الثمانين. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/202 - 203 ; تهذيب التهذيب 3/11 - 16 ; ميزان الاعتدال 1/277 - 279 ; الأعلام 2
    (4) الكلام التالي سبق وروده في (ك) 1/83 (م) ، وفيما سبق 2/99.
    (5) جملة " عن الثقات " ساقطة من النسخ الخمسة، وجاءت في الموضعين المذكورين في التعليق السابق.
    (6) عن: ساقطة من (ن) فقط.
    (7) ب: متى يثبت ; أ: حتى يثبت.
    (8) ع: عند.
    (9) ن، م: عليه

    ****************************** *
    ويقال ثالثا: الكذب على هؤلاء في الرافضة أعظم الأمور، لاسيما على جعفر بن محمد الصادق، فإنه ما كذب على أحد ما (1) كذب عليه، حتى نسبوا إليه كتاب " الجفر " و " البطاقة " [و " الهفت "] (2) و " اختلاج الأعضاء " [و " جدول الهلال "] (3) و " أحكام الرعود (4) والبروق " و " منافع سور القرآن " (5) [و " قراءة القرآن في المنام "] (6) .
    **_________

    (1) م: مثلما.
    (2) والهفت: ساقطة من (ن) .
    (3) وجدول الهلال: في (ع) فقط.
    (4) ن: الوعود.
    (5) ومنافع سور القرآن: ساقط من (ب) ، (أ) .
    (6) وقراءة القرآن في المنام: في (ع) فقط. وقد نسبت إلى جعفر الصادق عدة كتب موضوعها العلوم الباطنية الخفية التي يزعم الشيعة أن أئمتهم اختصوا بها، ومن أشهر هذه الكتب كتاب " الجفر " وقد نسب أحيانا إلى علي رضي الله عنه (انظر بروكلمان 1/182 حيث يتكلم عن كتاب لعلي رضي الله عنه بعنوان " الجفر، تنبؤا بالأحداث إلى نهاية العالم ") . ونسب أحيانا أخرى إلى جعفر الصادق (انظر بروكلمان 1/260، ويذكر بروكلمان أيضا في نفس الصفحة أن من كتبه كتاب " اختلاج الأعضاء " وكتاب " منافع سور القرآن ") . ويذكر ابن خلدون في مقدمته 2/766 - 767 (ط. علي عبد الواحد وافي، 1378/1958) أن كتاب الجفر من الكتب التي تبين ما يطرأ على الدول من أحداث عن طريق الآثار والنجوم، ويقول: إن هارون بن سعيد العجلي روى هذا الكتاب عن جعفر الصادق وفيه علم ما سيقع لأهل البيت على العموم ولبعض الأشخاص منهم على الخصوص، وكان مكتوبا عند جعفر في جلد ثور صغير، ولذلك سماه هارون باسم الجلد الذي كتب عليه، وكان فيه تفسير القرآن وما في باطنه من غرائب المعاني المروية عن جعفر. على أن ابن خلدون يقول بعد ذلك: " وهذا الكتاب لم تتصل روايته ولا عرف عينه، وإنما يظهر منه شواذ من الكلمات لا يصحبها دليل ". وينقل الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه: الإمام الصادق، ص [0 - 9] 4 (ط. دار الفكر العربي) عن كتاب " الكافي " للكليني " أن الجفر فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وعلوم الأنبياء والأوصياء، ومن مضى من علماء بني إسرائيل، وعلم الحلال والحرام، وعلم ما كان وما يكون. ثم يذكر أن الجفر قسمان: أحدهما كتب على إهاب ماعز، والآخر كتب على إهاب كبش ". وانظر: الكافي للكليني 1/238 - 242، ط. طهران، 1381. وانظر عن الجفر وسائر كتب الشيعة الباطنية: دائرة المعارف الإسلامية، مادة " الجفر " بقلم ماكدونالد، مادة " جعفر بن محمد الصادق " بقلم سترشتين ; جولدتسيهر: العقيدة والشريعة في الإسلام (الطبعة الثانية) ، ص 211 - 212 - 371 - 372 ; محمد أبو زهرة: الإمام الصادق، ص [0 - 9] 3 - 37. وقارن: التهانوي: كشاف اصطلاحات الفنون، مادة " الجفر "

    ****************************** *******
    [وما يذكر عنه من " حقائق التفسير " (1) التي ذكر كثيرا منها أبو عبد الرحمن السلمي] (2) وصارت هذه مكاسب للطرقية (3) وأمثالهم، حتى زعم بعضهم أن كتاب (4) " رسائل إخوان الصفا " من كلامه، مع علم كل عاقل يفهمها ويعرف الإسلام (5) أنها تناقض دين الإسلام.
    وأيضا، فهي إنما صنفت بعد موت جعفر بن محمد (6) بنحو مائتي سنة (7) ، فإن جعفر بن محمد توفي سنة ثمان وأربعين ومائة، وهذه
    **_________

    (1) ب (فقط) : التعسير، وهو تحريف ظاهر.
    (2) ما بين المعقوفتين: ساقط من (ن) ، (م) . وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد السلمي، ولد سنة 325 وتوفي سنة 412. قال الذهبي: " شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم. قيل: كان يضع الأحاديث للصوفية "، وتوجد من كتابه ذ " حقائق التفسير " أكثر من نسخة خطية. انظر: مقدمة نور الدين شريبة لكتاب " طبقات الصوفية " للسلمي (ط. المنياوي، 1372/1953) ; ميزان الاعتدال 3/46 - 47 ; تاريخ بغداد 2/248 - 249 ; اللباب لابن الأثير 1/554 ; لسان الميزان 5/140 - 141 ; الأعلام 6/330.
    (3) ن، م: مكاسب الطرفية، وهو تحريف.
    (4) ن: كانت، م: كاتب.
    (5) ب، ا: المسلم.
    (6) ب (فقط) : جعفر بن محمد رضي الله عنه.
    (7) ب، ا: مائة سنة، وهو خطأ

    *****************************
    وضعت (1) في أثناء المائة الرابعة لما ظهرت الدولة العبيدية بمصر وبنوا القاهرة، فصنفت على مذهب أولئك الإسماعيلية، كما يدل على ذلك ما فيها، وقد ذكروا فيها ما جرى على المسلمين من استيلاء النصارى على سواحل الشام، وهذا إنما كان بعد المائة الثالثة، [وقد عرف الذين صنفوها مثل زيد بن رفاعة وأبي سليمان (2) بن معشر البستي المعروف بالمقدسي وأبي الحسن علي بن هارون الزنجاني (3) وأبي أحمد النهرجوري (4) والعوفي. ولأبي الفتوح المعافى بن زكرياء الجريري صاحب كتاب " الجليس والأنيس " (5) مناظرة معهم، وقد ذكر ذلك أبو حيان التوحيدي في كتاب " الإمتاع والمؤانسة " (6) ] (7) .
    **_________

    (1) ب: وهي صنفت ; أ: وصنفت.
    (2) في الأصل (ع) : ابن سليمان، والصواب ما أثبته، وهو الذي ذكره القفطي في كتابه " تاريخ الحكماء "، ص 83 (ط. ليبزج، 1903) نقلا عن أبي حيان التوحيدي (انظر: الإمتاع والمؤانسة 2/4، ط. لجنة التأليف، 1942 ; المقابسات، ص [0 - 9] 6، تحقيق السندوبي، القاهرة، 1347/1929) .
    (3) في الأصل: الريحاني، والصواب ما أثبته، وهو الذي في " تاريخ الحكماء " نفس الصفحة ; المقابسات، نفس الصفحة ; الإمتاع 2/5.
    (4) في " دائرة المعارف الإسلامية " مادة: إخوان الصفا: محمد بن أحمد النهرجوري ; " الإمتاع " و " المقابسات ": " أبو أحمد المهرجاني ".
    (5) تكلم الدكتور ألبرت ديتريش عن كتاب " الجليس والأنيس " وعن مؤلفه المعافى بن زكرياء بن يحيى الجريري النهرواني المتوفى سنة 390 في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 80 - 394 (وانظر ترجمة المعافى في: إنباه الرواة 3/296 - 297 ; الفهرست لابن النديم، ص [0 - 9] 36 ; بغية الوعاة، (ص 394 - 395) . ص 394 - 395) .
    (6) انظر: الإمتاع 2/3 - 18 ; المقابسات، ص [0 - 9] 5 - 51.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط وقد نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية إلى كلمة " العوفي " ثم كتب ما يلي: " ورأيت في كتاب " التبيين " للجاحظ يذكر مصنفات سهل بن مروان كاتب حسن بن سهل ويذكر منها كتاب " إخوان الصفا " ولعل الكتاب المشهور اليوم بين الناس بإخوان الصفا المؤلف بعد المائة الثالثة مأخوذ منه، وكأن أشياع الفاطميين - مؤلفي هذا الكتاب - زادوا ونقصوا في تأليف سهل بن هارون وأبقي اسمه القديم عليه: وكان سهل هذا من المتفلسفين، عرب كتبا كثيرة من كتب الفلاسفة ". وقد ذكر الجاحظ في " البيان والتبيين " 1/52 من كتب سهل بن هارون بن راهبوني (الكاتب المتوفى سنة 215، وانظر الأعلام) كتاب " الإخوان " وذكره ابن النديم في الفهرست (ص 174) بعنوان: " كتاب إسباسيوس في اتحاد الإخوان "

    ****************************** ***
    وفي الجملة: فمن جرب الرافضة في كتابهم وخطابهم علم أنهم من أكذب خلق الله، فكيف يثق القلب بنقل من كثر منهم الكذب قبل أن يعرف صدق الناقل؟ وقد تعدى شرهم إلى غيرهم من أهل الكوفة وأهل العراق حتى كان أهل المدينة يتوقون (1) أحاديثهم، وكان مالك يقول: نزلوا أحاديث [أهل] (2) العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب: لا تصدقوهم ولا تكذبوهم (3) .
    وقال له عبد الرحمن مهدي (4) : يا أبا عبد الله: سمعنا في بلدكم
    **_________

    (1) ن، م: يريقون.
    (2) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) علق مستجي زاده في هامش (ع) على كلام ابن تيمية السابق بقوله: " لعل المراد من الأحاديث ليست أحاديث رسول الله لأن فيهم مثل مالك بل أعلى كعبا منهم في التوثيق، بل المراد الأخبار الملفقة (كذا قرأتها والكلمة غير واضحة) لما غلب عليهم التشيع، وهم أكذب الناس (ولذا) كان صدق غالبهم مشككا ".
    (4) ن، م: قال محمد بن الحسن وقال عبد الرحمن بن مهدي، وهو خطأ. وكنية كل من مالك بن أنس ومحمد بن الحسن الشيباني هي: أبو عبد الله، ولكن جاء في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي أنه سمع من مالك: وسياق الجملة يدل على أن الحوار كان بينه وبين مالك. وابن مهدي هو أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري اللؤلؤي، الحافظ الإمام، ولد سنة 135 وتوفي سنة 198. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/279 - 281 ; تذكرة الحفاظ 1/329 - 332 ; تاريخ بغداد 10/240 - 248 ; الأعلام 4/115

    ******************************
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #150
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (147)
    صـ 468 إلى صـ 474



    أربعمائة حديث في أربعين يوما، ونحن في يوم واحد نسمع هذا كله! فقال له: يا عبد الرحمن (1) ، ومن أين لنا دار الضرب؟ أنتم عندكم دار الضرب تضربون بالليل وتنفقون (2) بالنهار.
    وهذا مع أنه (3) كان في الكوفة وغيرها من الثقات (4) الأكابر كثير، لكن لكثرة (5) الكذب الذي كان أكثره (6) في الشيعة صار الأمر يشتبه على من لا يميز بين هذا وهذا، بمنزلة الرجل الغريب إذا دخل بلدا (7) نصف أهله كذابون خوانون فإنه يحترس منهم حتى يعرف الصدوق الثقة، وبمنزلة الدراهم التي كثر فيها الغش فإنه (8) يحترس عن المعاملة بها من لا يكون نقادا (9) ، ولهذا كره لمن لا يكون له نقد وتمييز النظر في الكتب التي يكثر فيها الكذب في الرواية والضلال في الآراء ككتب أهل (10) البدع، وكره تلقي العلم من القصاص وأمثالهم الذين يكثر الكذب في كلامهم، وإن كانوا يقولون صدقا كثيرا. فالرافضة أكذب من كل طائفة باتفاق أهل المعرفة بأحوال الرجال.
    **_________

    (1) ع، ا: يا أبا عبد الرحمن.
    (2) ن، م: وتبيعون.
    (3) ب، ا، ن، م: ومع هذا أنه.
    (4) ن: الالتفات: وهو تحريف.
    (5) ب: ومن كثرة ; أ: من كثرة.
    (6) ن، م: الذي أكثره كان.
    (7) ب، ا، ن، م: إلى بلد.
    (8) ب: وأن ; أ: وأنه.
    (9) ع: ناقدا.
    (10) أهل: ساقطة من (ب) ، (أ)

    ******************************

    **[الرد على قوله ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان]

    فصل
    وأما قوله (1) : " ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد، وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان ".
    فالكلام على هذا من وجوه: أحدهما: أن الشيعة في هذا مثل غيرهم، ففي أهل السنة في الرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان كما في الشيعة النزاع في ذلك، فالزيدية تقول بذلك وتروي فيه الروايات عن الأئمة (2) .

    الثاني: أن كثيرا من أهل السنة - العامة والخاصة - لا تقول بالقياس، فليس كل من قال بإمامة الخلفاء الثلاثة قال بالقياس، بل المعتزلة البغداديون لا يقولون بالقياس (3) ،
    **_________

    (1) الكلام التالي سبق وروده في (ك) 1/83 (م) . وهو آخر القسم الأول من كلام ابن المطهر في الوجه الأول من الفصل الثاني من كتاب " منهاج الكرامة "، وسبق وروده في هذا الجزء، ص [0 - 9] 9. وقد تناول ابن تيمية الرد على جزء من هذا القسم في الصفحات 102 - 288، ثم رد على سائر الأجزاء في الصفحات 288 إلى هذه الصفحة حيث يرد على الجزء الأخير وينتهي رده ص [0 - 9] 81.
    (2) يقول الزيدية بالقياس، ويختلفون في اجتهاد الرأي، ويذكر الأشعري في المقالات 1/141 أن الزيدية ينقسمون في اجتهاد الرأي إلى فرقتين: الأولى تجيز هذا الاجتهاد في الأحكام والثانية تنكره. وانظر عن قول الزيدية بالقياس كتاب " الإمام زيد " للشيخ محمد أبي زهرة، ص [0 - 9] 22 وما بعدها (ط. دار الفكر العربي، 1378/1959) .
    (3) قال الآمدي في " الإحكام في أصول الأحكام " 4/6 (ط. دار الكتب، 1332/1914) : " وقالت الشيعة والنظام وجماعة من معتزلة بغداد كيحيى الإسكافي وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب بإحالة ورود التعبد به (القياس) عقلا، وإن اختلفوا في مأخذ الإحالة العقلية " وانظر: الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 7، 101 ; أصول الدين لابن طاهر، ص [0 - 9] 9 - 20 ; عيسى منون: نبراس العقول في تحقيق القياس عند علماء الأصول (ط. المنيرية) 1/57 - 62 ; صديق حسن خان: حصول المأمول (ط. استانبول، 1926) ، ص 159

    ****************************** *****
    (* والفقهاء أهل الظاهر كداود بن علي وأتباعه (1) ، وطائفة من أهل البيت (2) والصوفية لا يقولون بالقياس *) (3) .
    وحينئذ فإن كان القياس باطلا أمكن الدخول في [السنة وترك القياس، وإن كان حقا أمكن الدخول في] (4) أهل السنة والأخذ بالقياس.

    الثالث: أن يقال: القول بالرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان خير من الأخذ بما ينقله من يعرف بكثرة الكذب عمن يصيب ويخطئ نقل غير مصدق (5) عن قائل غير معصوم، ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك وابن أبي ذئب (6) وابن الماجشون (7) (8) والأوزاعي (9)
    **_________

    (1) قال الظاهرية بإنكار القياس، وأشهر من يمثلهم في ذلك ابن حزم وقد أفرد رسالة لهذا الموضوع عنوانها " ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل " نشرها الأستاذ سعيد الأفغاني، دمشق 1379/1960 ; كما تناول الموضوع بالتفصيل في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام ".
    (2) ن، م: أهل الحديث: وتنص المراجع التي سبق ذكرها في الصفحة السابقة (ت [0 - 9] ) على إنكار الشيعة للقياس، وهو ما ذكره أيضا الغزالي في " المستصفى "، ص [0 - 9] 62 (ط. مصطفى محمد، 1356/1937) . وانظر الإمام الصادق، لأبي زهرة، ص [0 - 9] 15 وما بعدها.
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (5) ن، م: غير صدق.
    (6) أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي المدني، تابعي قال عنه أحمد بن حنبل: " كان أفضل من مالك إلا أن مالكا كان أشد تنقية للرجال منه ". وولد ابن أبي ذئب سنة 80 وتوفي سنة 158 أو 159. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/191 - 193 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 - 87 ; وفيات الأعيان 3/323 ; الأعلام 7/61.
    (7) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، أبو عبد الله الماجشون، سبقت ترجمته 2 والليث بن سعد
    (8) سبقت ترجمته 2/461.
    (9) سبقت ترجمته 2/461

    ****************************** ********
    والثوري سبقت ترجمته 2. وابن أبي ليلى (1) وشريك (2) وأبي حنيفة وأبي يوسف (3) ومحمد [بن الحسن] (4) وزفر (5) والحسن بن زياد اللؤلؤي (6) والشافعي والبويطي (7) والمزني (8) وأحمد بن حنبل [وإسحاق بن
    **_________

    (1) أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، الفقيه المقرئ مفتي الكوفة وقاضيها، ولد سنة 74 وتوفي سنة 148. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/358 ; تذكرة الحفاظ 1/171 ; وفيات الأعيان 3/319 - 320 ; الأعلام 7/60 - 61.
    (2) أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي الكوفي القاضي، أحد الأئمة الأعلام. ولد سنة 95 وتوفي سنة 177. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/232 ; طبقات ابن سعد 6/378 - 379 ; وفيات الأعيان 2/169 - 171 ; العبر للذهبي 1/270 ; الأعلام 3/239.
    (3) أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، صاحب أبي حنيفة. ولد سنة 113 وتوفي سنة 182. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 5/421 - 432 ; تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص [0 - 9] 1 ; الأعلام 9/252.
    (4) بن الحسن: ساقطة من (ن) ، (م) . وسبقت ترجمته 2/144.
    (5) زفر بن الهذيل بن قيس العنبري، صاحب أبي حنيفة، ولي قضاء البصرة. ولد سنة 110 ومات سنة 158. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/387 ; تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص [0 - 9] 8 ; العبر للذهبي 1/229 ; الأعلام 3/78.
    (6) ب، ا: والحسن بن زياد واللؤلؤي، وهو خطأ. وهو أبو علي الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، القاضي الفقيه، من أصحاب أبي حنيفة، توفي سنة 204. انظر ترجمته في: تاج التراجم، ص [0 - 9] 2 ; ميزان الاعتدال 1/228 ; تاريخ بغداد 7/314 - 317 ; الأعلام 2/205.
    (7) يوسف بن يحيى القرشي، أبو يعقوب البويطي، صاحب الإمام الشافعي، توفي سنة 231. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 6/60 - 62 ; طبقات الشافعية، العبر للذهبي 1/411 ; الأعلام 9/338.
    (8) أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني المصري الفقيه صاحب الشافعي، ولد سنة 175 وتوفي سنة 264. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/196 - 197 ; طبقات الشافعية 2/93 - 109 ; العبر الذهبي 2/28 ; الأعلام 1/327

    ****************************** **********
    راهويه] (1) وأبي داود السجستاني (2) والأثرم (3) وإبراهيم الحربي (4) . والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي (5) وأبي بكر بن خزيمة (6) ومحمد بن جرير الطبري (7) ومحمد بن نصر المروزي (8) وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم مثل أن يعلموا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه ويجتهدوا في تحقيق مناط الأحكام وتنقيحها وتخريجها - خير لهم (9) من أن يتمسكوا بنقل الروافض عن العسكريين وأمثالهما، فإن الواحد من هؤلاء لأعلم بدين الله ورسوله من العسكريين (10) أنفسهما، فلو أفتاه أحدهما بفتيا
    **_________
    (1) إسحاق بن راهويه: في (ع) فقط. وسبقت ترجمته 2/462.
    (2) ع: أبو أيوب السجستاني، وهو تحريف. وأبو داود سليمان بن الأشعت بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، صاحب السنن، ولد سنة 202 وتوفي سنة 275. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/591 - 593 ; وفيات الأعيان 2/138 - 140 ; طبقات الحنابلة 1/159 - 163 ; الأعلام 3/182.
    (3) أحمد بن محمد بن هانئ، أبو بكر الأثرم. سبقت ترجمته 2/364.
    (4) إبراهيم بن إسحاق بن بشير، أبو إسحاق الحربي الحافظ، تفقه على الإمام أحمد. ولد سنة 198 وتوفي سنة 285. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/584 - 586 ; طبقات الحنابلة 1/86 - 93 ; فوات الوفيات 1/5 - 7 ; العبر للذهبي 2 ; الأعلام 1/24 - 25
    (5) سبقت ترجمته 1/423، 2/364.
    (6) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة. سبقت ترجمته 2/365.
    (7) سبقت ترجمته 1/122.
    (8) سبقت ترجمته 2/104.
    (9) ع: خيرا لهم، وهو خطأ لأنها خبر لقوله في أول الكلام: ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك. . . إلخ (ص 470) .
    (10) هما: أبو الحسن علي (الهادي) بن محمد (الجواد) ، وابنه أبو محمد الحسن (الخالص) ابن علي (الهادي) ، وعرفا بالعسكريين نسبة إلى مدينة العسكر (سامراء) . ولد علي الهادي سنة 214 وتوفي سنة 254. قال الذهبي عنه: " كان فقيها إماما متعبدا استفتاه المتوكل مرة ووصله بأربعة آلاف دينار ". انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/434 - 435 ; العبر للذهبي 1/6 ; تاريخ بغداد 12/56 ; تاريخ اليعقوبي 2/484، 503، الأعلام 5/140. وسيتكلم عنه ابن تيمية فيما بعد 2/129 - 131 (ب) . وأما الحسن العسكري الخالص فقد ولد سنة 232 وتوفي سنة 260. قال عنه ابن حجر: " ضعفه ابن الجوزي في الموضوعات ". انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 1/372 - 373 ; لسان الميزان 2/240 ; العبر للذهبي 2/20 ; الأعلام 2/215 - 216. وسيتكلم عنه ابن تيمية فيما بعد 2/131 (ب)

    ****************************** *****
    كان رجوعه [إلى اجتهاده أولى من رجوعه] (1) إلى فتيا أحدهما، بل ذلك هو الواجب عليه، فكيف إذا كان [ذلك] (2) نقلا عنهما من مثل الرافضة؟ ! والواجب على مثل العسكريين وأمثالهما أن يتعلموا من الواحد من هؤلاء.
    ومن المعلوم أن علي بن الحسين وأبا جعفر [محمد بن علي وابنه] (3) جعفر بن محمد (4) كانوا هم العلماء الفضلاء، وأن من بعدهم [من الاثني عشر] (5) لم يعرف عنه من العلم ما عرف من (6) هؤلاء، ومع هذا فكانوا يتعلمون من علماء زمانهم ويرجعون إليهم [حتى قال أبو عمران بن الأشيب (7) القاضي البغدادي: أخبرنا أصحابنا أنه ذكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن (8) جعفر بن محمد (9) وأنه تعلم العلوم، فقال ربيعة: إنه
    **_________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (2) ذلك: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
    (3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (4) ن، م: وابنا جعفر وجعفر بن محمد.
    (5) ما بين المعقوفتين زيادة في (ع) فقط.
    (6) ب (فقط) : عن.
    (7) أبو عمران بن الأشيب: كذا هي في (ع) بدون نقط ولم أعرف من يكون.
    (8) أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ ويعرف بربيعة الرأي. قال الذهبي: كان إماما حافظا فقيها مجتهدا بصيرا بالرأي. وقد توفي ربيعة سنة 136. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/157 - 158 ; الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 75 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 190 ; وفيات الأعيان 2
    - 52 ; الأعلام 3/42.
    (9) في الأصل (ع) : ابن جعفر بن محمد، وهو خطأ، والمقصود جعفر (الصادق) بن محمد، ولا يجوز أن يكون المقصود موسى (الكاظم) بن جعفر (الصادق) لأن موسى ولد سنة 128 قبل وفاة ربيعة بثمان سنين

    ****************************** *****
    اشترى حائطا من حيطان المدينة فبعث إلي حتى أكتب له شرطا في ابتياعه. نقله عنه محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري (1) في كتاب " إثبات إمامة الصديق "] (2) .
    فأما تحقيق المناط فهو متفق عليه بين المسلمين، وهو أن ينص الله على تعليق الحكم بمعنى عام كلي، فينظر في ثبوته في آحاد الصور (3) [أو أنواع ذلك العام] (4) ، كما نص على اعتبار العدالة وعلى استقبال الكعبة (5) [وعلى تحريم الخمر والميسر وعلى حكم اليمين (6 وعلى تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير 6) (6) ونحو ذلك، فينظر في الشراب المتنازع فيه: هل هو من الخمر أم لا [كالنبيذ المسكر] (7) ، وفي اللعب (8) المتنازع فيه كالنرد والشطرنج هل هو من الميسر أم لا؟ وفي اليمين المتنازع فيها كالحلف بالحج وصدقة المال والعتق والطلاق والحرام والظهار: هل هي داخلة في الأيمان فتكفر، أم في العقود المحلوف بها فيلزم ما حلف
    **_________
    (1) في الأصل: محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري: كذا بدون إعجام زنجويه، ولم أعرف من يكون.
    (2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط وفي النسخ الثلاث كتبت بدلا منه هذه العبارة " حتى قال ربيعة ".
    (3) ن: عام في فنظر في ثبوته في أحساء الصور، وهو تحريف.
    (4) ع: وأنواع ذلك العام. وسقطت العبارة من (ن) ، (م) .
    (5) ع: القبلة. وسقط ما بعد كلمة " الكعبة " في (ن) ، (م) حتى كلمة " الرابع "
    (6) (6 - 6) : في (ع) فقط.
    (7) عبارة " كالنبيذ المسكر " في (ع) فقط.
    (8) ب، ا: الفعل

    ****************************** ****
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #151
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (148)
    صـ 475 إلى صـ 481



    به؟ (1) أم لا يدخل لا في هذا ولا في هذا فلا يلزمه شيء بحال؟ (2) كما ينظر فيما وقعت فيه دم أو ميتة أو لحم خنزير من (3) الماء والمائعات ولم يتغير لونه ولا طعمه، بل استهلت النجاسات فيه واستحالت، أو رفعت منه واستحال فيه ما خالطه من أجزائها، فينظر في ذلك: هل يدخل في مسمى الماء المذكور في القرآن والسنة، أو في مسمى الميتة والدم ولحم الخنزير؟
    وأما تنقيح المناط وتخريجه ففيهما نزاع. وهذا الإمامي لم يذكر أصلا حجة على بطلان الاجتهاد والرأي والقياس ليرد ذلك، بل ذكر أن طائفته لا تقول بذلك، وهذا يدل على جهلهم بالاستنباط والاستخراج، وعدم معرفتهم بما في الشريعة من الحكم والمعاني، وعدم معرفتهم بالجمع بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، وهم بمعاني القرآن وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - جهال أيضا، فهم جهال بأصول الشرع: الكتاب والسنة والإجماع، بمنصوص ذلك ومستنبطه.
    وإنما عمدتهم على نقل عمن يقلدونه، وهذا حال الجهال المقلدين لآحاد العلماء المستدلين، ثم من سواهم ممن يقلد العلماء - كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم - له معرفة بأقوال هؤلاء، وبطرق يميزون بها بين صحيح أقوالهم وضعيفها ومعرفة بأدلتهم ومآخذهم.
    وأما الرافضة فلا يميزون بين ما يصح نقله عن أئمتهم وما لا يصح،
    **_________
    (1) ب، ا: بها، وبعدها في النسختين تكررت عبارة " أم لا " وهو سهو من النساخ.
    (2) بعد كلمة: بحال " كلام ساقط من (أ) ، (ب) حتى كلمة " الرابع ".
    (3) في الأصل (ع) : من في

    ****************************** *****
    ولا يعرفون أدلتهم ومآخذهم، بل هم من أهل التقليد بما يقلدون فيه، وهم يعيبون هؤلاء الجمهور بالاختلاف، وفيما ينقلونه عمن يقلدونه من الاختلاف، وفيما لا ينقلونه عمن يقلدونه من الاختلاف ما لا يكاد يحصى] (1) .
    الرابع: أن يقال: لا ريب أن ما ينقله الفقهاء عن مثل أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم هو أصح مما ينقله الروافض عن [مثل] (2) العسكريين ومحمد بن علي الجواد وأمثالهم. ولا ريب أن هؤلاء أعلم بدين النبي - صلى الله عليه وسلم - من أولئك فمن عدل عن نقل الأصدق عن الأعلم إلى نقل الأكذب عن المرجوح كان مصابا في دينه أو عقله أو كليهما (3) .
    فقد تبين أن ما حكاه عن الإمامية مفضلا لهم به ليس فيه (4) شيء من خصائصهم، إلا القول بعصمة الأئمة [وإنما شاركهم فيه (5) من هو شر منهم] (6) ، وما سواه حقا كان أو باطلا فغيرهم [من أهل السنة القائلين بخلافة الثلاثة] (7) يقول به، وما اختصت به الإمامية (8) من عصمة الأئمة فهو في غاية الفساد والبعد عن العقل والدين، وهو أفسد من اعتقاد كثير
    **_________

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وسقط أكثر هذا الكلام من (أ) ، (ب) كما بينت من قبل وفي (ن) ، (أ) ، (ب) بدلا منه توجد عبارة " ونحو ذلك ".
    (2) مثل: ساقطة من (ن) .
    (3) ع، م: في دينه وعقله أو كلاهما، وهو خطأ.
    (4) ع: في.
    (5) ب، ا: فإنما يشاركهم فيه.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م: الأمة، وهو تحريف

    ****************************** ****
    من النساك في شيوخهم أنهم محفوظون، وأضعف من اعتقاد كثير من قدماء (1) الشاميين [أتباع بني أمية] : (2) أن الإمام تجب طاعته في كل شيء، وأن الله إذا استخلف إماما تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات، لأن الغلاة في الشيوخ، وإن غلوا في شيخ فلا يقصرون الهدى عليه، ولا يمنعون اتباع غيره، [ولا يكفرون من لم يقل بمشيخته] (3) ، ولا يقولون فيه من العصمة ما يقوله هؤلاء، اللهم إلا من خرج (4) عن الدين بالكلية، فذاك في الغلاة في الشيوخ: كالنصيرية والإسماعيلية والرافضة.
    فبكل حال الشر فيهم أكثر [من غيرهم] (5) ، والغلو فيهم أعظم، وشر غيرهم جزء من شرهم.
    وأما غالية الشاميين [أتباع بني أمية] (6) ، فكانوا يقولون (7) : [إن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات، وربما قالوا: إنه لا يحاسبه. (8) .
    **_________
    (1) قدماء: ساقطة من (ع) .
    (2) عبارة " أتباع بني أمية ": ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ب، ا: من يخرج.
    (5) من غيرهم: في (ع) فقط.
    (6) أتباع بني أمية: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) الكلام بعد عبارة " فكانوا يقولون " حتى عبارة " فكانوا يقولون ": ساقط من (ن) ، (م) .
    (8) نقل مستجي زاده كلام ابن تيمية الذي يبدأ بعبارة: " وأما غالية الشاميين " إلى هذا الموضع ثم علق قائلا: " قلت: وقد نبتت منهم فرقة يقال لهم: الناصبة ودينهم ونحلتهم بغض آل الرسول والقدح فيهم "

    ****************************** **********
    ولهذا سأل الوليد بن عبد الملك عن ذلك بعض (1) العلماء، فقالوا له (2) : يا أمير المؤمنين، أنت أكرم على الله أم داود، وقد قال له: {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} [سورة ص: 26] .
    وكذلك سؤال سليمان بن عبد الملك عن ذلك لأبي حازم المدني (3) في موعظته المشهورة [له] (4) فذكر له هذه الآية.
    ومع خطأ هؤلاء وضلالهم فكانوا يقولون (5) ] ذلك في طاعة إمام منصوب (6) قد أوجب الله طاعته في موارد الاجتهاد، كما يجب طاعة والي
    **_________

    (1) بعض: في (ع) فقط.
    (2) ع: العلماء فقال، وهو خطأ.
    (3) أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج المخزومي المدني، مولى الأسود بن سفيان، من الثقات، روى له البخاري ومسلم، وقد اشتهر بالزهد والورع، وكانت وفاته سنة 140. انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ 1/133 - 134 ; الجرح والتعديل، جـ[0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 59 ; تهذيب الأسماء واللغات، ق [0 - 9] 1 جـ[0 - 9] ص [0 - 9] 07 - 208 ; تهذيب التهذيب 4/143 - 144 ; المعارف لابن قتيبة (ط. دار الكتب) ، ص [0 - 9] 79 ; حلية الأولياء 3/229 - 259 ; تهذيب تاريخ ابن عساكر (ط. دمشق) ، 6/216 - 228 ; صفة الصفوة (ط. حيدر آباد، 1355) 2/88 - 94 ; الأعلام 3/171 - 172.
    (4) له: في (ع) فقط. وقد ذكرت هذه الموعظة في أكثر من كتاب. انظر: سنن الدارمي (ط. دمشق، 1349) 1/155 - 158 ; حلية الأولياء 3/234 - 237 ; ابن عساكر 6/218 - 222 ; صفة الصفوة 2/89 - 90. ولم أجد في الموعظة الواردة في هذه المراجع ذكرا للآية 26 من سورة ص.
    (5) هنا نهاية السقط في (ن) ، (م) .
    (6) ب، ا: معصوم، وهو خلاف المقصود

    ****************************** ******
    الحرب وقاضي الحكم: لا يجعلون أقواله (1) شرعا عاما يجب على كل أحد، ولا يجعلونه معصوما من الخطأ، ولا يقولون إنه يعرف جميع الدين، لكن غلط من غلط منهم من جهتين: من جهة أنهم كانوا يطيعون الولاة طاعة مطلقة، ويقولون إن الله أمرنا بطاعتهم، الثانية (2) : قول من قال منهم: إن الله إذا استخلف خليفة تقبل منه الحسنات وتجاوز له عن السيئات، وأين خطأ هؤلاء من ضلال الرافضة القائلين بعصمة الأئمة؟
    ثم قد تبين مع ذلك أن ما انفردوا به عن جمهور أهل السنة كله خطأ، وما كان معهم (3) من صواب فهو قول جمهور أهل السنة أو بعضهم، ونحن لسنا نقول (4) : إن جميع طوائف أهل السنة مصيبون، بل فيهم المصيب والمخطئ، لكن صواب [كل طائفة منهم] (5) أكثر من صواب الشيعة، وخطأ (6) الشيعة أكثر.
    [وأما ما انفردت به الشيعة عن جميع طوائف السنة فكله خطأ، وليس معهم صواب إلا وقد قاله بعض أهل السنة] (7) .
    فهذا القدر في هذا المقام يبطل به ما ادعاه من رجحان قول الإمامية، فإنه (8) بهذا القدر يتبين أن مذهب أهل السنة أرجح، ولكل مقام مقال.
    **_________
    (1) أقواله: ساقطة من (أ) . وفي (ب) : لا يجعلونه شرعا. . إلخ.
    (2) ع، أ، ن، م: الثاني. والذي في (ب) أكثر ملاءمة للسياق.
    (3) ب، أ: منهم.
    (4) ب: لا نقول ; أ: لنا نقول، وهو تحريف.
    (5) ب، أ، ن، م: ولكن صوابهم.
    (6) ن (فقط) : وجعلنا، وهو تحريف.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (8) ب، أ: فإن ; ع: فإنهم

    ****************************** ******
    وقد يقال: إن الإيمان أرجح من الكفر إذا احتيج إلى المفاضلة عند من يظن أن ذلك أرجح، [وكذلك يقال في الخير والشر] (1) .
    قال تعالى (2) ] : {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا} [سورة النساء: 125] . وقال تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [سورة الجمعة: 9] وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} [سورة النور: 0] وقال: {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم} [سورة النور: 27] ، بل قد يفضل الله سبحانه نفسه على ما عبد من دونه، كقوله: {آلله خير أم ما يشركون} [سورة النمل: 59] ، وقول المؤمنين للسحرة: {والله خير وأبقى} [سورة طه: 73]] (3) .
    وكذلك قد تبين أن الكفار أكثر جرما إذا وقعت المفاضلة. قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} [سورة البقرة: 217] ، [ثم قال] : (4) {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] ، وهذه الآية نزلت لما عير المشركون سرية (5) المسلمين بأنهم
    **_________

    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) الكلام بعد عبارة " قال تعالى " ساقط من (ن) ، (م) ، حتى الآية الكريمة (والله خير وأبقى) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ثم قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ع، أ، ن، م: لسرية

    ****************************** ***************
    قتلوا رجلا في الشهر الحرام وهو ابن الحضرمي، فقال الله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} ، ثم بين أن ذنوب المشركين أعظم عند الله (1) .
    (* وأما في (2) جانب التفضيل فقال تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا - ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا - ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا} [سورة النساء: 123 - 125] *) (3) . وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون - قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [سورة المائدة: 59، 60] (4) .
    **_________

    (1) ع: ثم بين أن المشركين ذنوبهم أعظم عند الله ; أ، ب: ثم بين أن ذنوب المشركين أكبر عند الله. وقد أورد ابن تيمية من قبل (1/484) قصة سرية المسلمين التي قتلت عمرو بن الحضرمي في آخر يوم من رجب فعابهم المشركون بذلك فأنزل الله هذه الآية، وأشرت هناك (ت [0 - 9] ) إلى تفسير الطبري (ط. المعارف) لهذه الآية.
    (2) ن، م: من.
    (3) ما بين النجمتين ساقط ساقط من (ع) .
    (4) هنا ينتهي رد ابن تيمية على القسم الأول من كلام ابن المطهر في الوجه الأول من الوجوه الدالة على وجوب تفضيل مذهب الإمامية، وقد ورد نص هذا القسم بأكمله في هذا الجزء ص 97 - 99

    ****************************** *********
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #152
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (149)
    صـ 482 إلى صـ 488



    **[الرد على سائر أقسام كلام ابن المطهر في الوجه الأول]
    **[فصل كلام ابن المطهر على مذهب أهل السنة في الصفات والرد عليه]

    (فصل) (1) ثم قال هذا الإمامي: (2) " أما باقي المسلمين فقد ذهبوا كل مذهب، فقال بعضهم - وهم جماعة الأشاعرة - إن القدماء كثيرون (3) مع الله تعالى: هي المعاني يثبتونها (4) موجودة في الخارج كالقدرة والعلم وغير ذلك، فجعلوه تعالى مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم، وفي كونه قادرا إلى ثبوت معنى هو القدرة وغير ذلك، ولم يجعلوه قادرا لذاته [ولا عالما لذاته] (5) ، ولا حيا لذاته (6) ، بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات إليها، فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته (7) ، كاملا بغيره، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! [ولا (8) يقولون: هذه الصفات ذاتية (9) ] . واعترض شيخهم فخر الدين الرازي عليهم بأن قال: إن النصارى كفروا بأن قالوا (10) : القدماء ثلاثة، والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة ".
    **_________
    (1) فصل: ساقطة من (ع) .
    (2) الكلام التالي في (ك) 1/83 (م) . وفي (ع) : الإمامي الرافضي.
    (3) ن، م: كثيرة.
    (4) ك: المعاني التي يثبتونها.
    (5) ولا عالما لذاته: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ك: ولا حيا لذاته ولا مدركا لذاته.
    (7) ك: بذاته.
    (8) ك: فلا.
    (9) عبارة " ولا يقولون: هذه الصفات ذاتية ": في (ب) ، (ك) فقط.
    (10) ك: لأنهم قالوا


    **********************
    فيقال: الكلام على هذا من وجوه:
    أحدها: أن هذا كذب على الأشعرية: ليس فيهم من يقول: إن الله [ناقص بذاته] (1) كامل بغيره، ولا قال الرازي ما ذكرته (2) من الاعتراض عليهم، بل هذا الاعتراض ذكره الرازي عمن اعترض به، [واستهجن] (3) الرازي ذكره (4) .
    **_________

    (1) ناقص بذاته: في (ع) فقط.
    (2) ب (فقط) : ما ذكره.
    (3) واستهجن: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : واستهجر.
    (4) أورد الرازي في كتابه " الأربعين في أصول الدين " ص 159 (ط. حيدر آباد، 3531) عند كلامه عن المسألة الخامسة عشر شبه المعتزلة في ردهم على مثبتة الصفات وقال: ". . . الشبهة السادسة: أن الله تعالى كفر النصارى في قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) فلا يخلو إما أن يقال: إنه تعالى كفرهم لأنهم أثبتوا ذواتا ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها. أو لأنهم أثبتوا ذاتا موصوفة بصفات متباينة. والأول باطل لأن النصارى لا يثبتون ذواتا ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها، ولما لم يقولوا بذلك استحال أن يكفرهم الله بسبب ذلك، ولما بطل القسم الأول ثبت القسم الثاني، وهو أنه تعالى إنما كفرهم لأنهم أثبتوا ذاتا موصوفة بصفات متباينة، ولما كفر النصارى لأجل أنهم أثبتوا صفات ثلاثة، فمن أثبت الذات مع الصفات الثمانية فقد أثبت تسعة أشياء وكان كفره أعظم من كفر النصارى بثلاث مرات. فهذا مجموع شبه المعتزلة في نفي مطلق الصفات ". وقد رد الرازي على شبه المعتزلة بعد ذلك، ورد على هذه الشبهة السادسة، ص [0 - 9] 65 فقال: " والجواب عن شبهتهم السادسة: أن الله تعالى إنما كفر النصارى لأنهم أثبتوا صفات ثلاثة هي في الحقيقة ذوات، ألا ترى أنهم جوزوا انتقال أقنوم الكلمة من ذات الله إلى بدن عيسى عليه السلام، والشيء الذي يكون مستقلا بالانتقال من ذات إلى ذات أخرى يكون مستقلا بنفسه قائما بذاته. فهم وإن سموها صفات إلا أنهم قائلون في الحقيقة بكونها ذواتا، ومن أثبت كثرة في الذوات المستقلة بأنفسها فلا شك في كفره. فلم قلتم: إن من أثبت الكثرة في الصفات لزمه الكفر؟ ! "

    ******************************
    وهو اعتراض قديم من اعتراضات نفاة الصفات، حتى ذكره الإمام أحمد (1) [في " الرد على الجهمية " فقال (2) : " قالت الجهمية لما وصفنا الله بهذه الصفات (3) : (4 إن زعمتم أن الله لم يزل ونوره، والله وقدرته، والله وعظمته، فقد قلتم بقول النصارى 4) (4) حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته.
    قلنا: لا نقول إن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره (5) ، ولكن نقول: لم يزل الله بقدرته ونوره، لا متى قدر، ولا كيف قدر.
    فقالوا (6) : لا تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا: كان الله ولا شيء.
    فقلنا: نحن نقول قد كان ولا شيء. ولكن إذا قلنا: إن الله لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته.
    وضربنا لهم في ذلك مثلا، فقلنا: أخبرونا عن هذه النخلة: أليس لها
    **_________
    (1) بعد عبارة " الإمام أحمد " يوجد سقط طويل في (ن) ، (م) سأشير إلى نهايته بإذن الله.
    (2) الكلام التالي في رسالة " الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله " للإمام أحمد بن حنبل، وقد نشرت عدة مرات وسنقابل النص التالي على نشرة الشيخ محمد حامد الفقي في مجموعة " شذرات البلاتين من طيبات كلمات سلفنا الصالحين "، القاهرة 1375/1956، ويوجد هذا النص في ص [0 - 9] 2 من هذه الرسالة وسنرمز لها بكلمة (الرد) . وقد سقط هذا الكلام بأكمله من (ن) إذ جاء فيها: ". . . حتى ذكره الإمام أحمد. الثاني: أن يقال: هذا القول. . إلخ ".
    (3) الرد: فقال الجهمي لنا لما وصفنا الله عن الله هذه الصفات.
    (4) : (4 - 4) ساقط من (ع) .
    (5) ع: إن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته.
    (6) ب (فقط) : فقال، وهو تحريف

    ******************************
    جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار (1) واسمها اسم واحد (2) وسميت نخلة بجميع صفاتها؟ فكذلك الله - وله المثل الأعلى (3) - بجميع صفاته إله واحد. لا نقول: إنه كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق قدرة (4) والذي ليس له قدرة هو عاجز. ولا نقول: قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق لنفسه علما (5) والذي لا يعلم هو جاهل. ولكن نقول: لم يزل الله عالما قادرا مالكا لا متى ولا كيف. وقد سمى الله رجلا كافرا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال: {ذرني ومن خلقت وحيدا} (6) [سورة المدثر: 11] وقد كان هذا الذي سماه وحيدا له عينان وأذنان، ولسان وشفتان، ويدان ورجلان، وجوارح كثيرة فقد سماه الله وحيدا بجميع صفاته، فكذلك الله - وله المثل الأعلى - هو (7) بجميع صفاته إله واحد ".
    وهذا الذي ذكره الإمام أحمد يتضمن أسرار هذه المسائل، وبيان
    **_________

    (1) في اللسان: " وكرب النخل: أصول السعف. وفي المحكم: الكرب: أصول السعف الغلاظ العراض التي تيبس فتصير مثل الكتف، واحدتها كربة ". وفيه: " والجمار معروف: شحم النخل، واحدته جمارة. وجمارة النخل: شحمته التي في قمة رأسه تقطع قمته ثم تكشط عن جمارة في جوفها بيضاء كأنها قطعة سنام ضخمة، وهي رخصة تؤكل بالعسل ".
    (2) ع: واسمها واحد ; الرد: واسمها اسم شيء واحد.
    (3) ع: فكذلك لله المثل الأعلى.
    (4) ع: ولا يقدر حتى يخلق لنفسه قدرة ; الرد: ولا قدرة له حتى خلق قدرة ; ب: لا يقدر. . إلخ.
    (5) الرد: ولا يعلم حتى خلق العلم.
    (6) الرد: وجعلت له مالا ممدودا.
    (7) ب، ا: وهو

    ****************************** ***
    الفرق بين ما جاءت به الرسل من الإثبات الموافق لصريح العقل، وبين ما تقوله الجهمية، وبين أن صفاته داخلة في مسمى أسمائه] .
    الثاني أن يقال: هذا القول المذكور ليس هو قول الأشعري ولا جمهور موافقيه، إنما هو قول مثبتي الحال [منهم] (1) الذين يقولون إن العالمية حال (2) معللة بالعلم، فيجعلون العلم يوجبه حال آخر (3) ليس هو العلم بل هو (4) كونه عالما. وهذا قول القاضي أبي بكر بن الطيب والقاضي أبي يعلى وأول قول أبي المعالي (5) .
    وأما جمهور مثبتة الصفات فيقولون (6) : إن العلم هو كونه عالما، ويقولون: لا يكون عالما إلا بعلم ولا قادرا إلا بقدرة، أي يمتنع أن يكون عالما من لا علم له، وأن يكون قادرا من لا قدرة له، وأن يكون حيا من لا حياة له.
    [وعندهم علمه هو كونه عالما، وقدرته هو كونه قادرا، وحياته هو كونه حيا، وهذا في الحقيقة قول أبي الحسين البصري وغيره من حذاق المعتزلة] (7) .
    ولا ريب أن هذا معلوم ضرورة، فإن وجود اسم الفاعل بدون مسمى
    **_________
    (1) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) حال: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (3) ع، ن، م: يوجب حالا آخر.
    (4) هو: ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (5) انظر ما سبق أن أورده ابن تيمية عن الأحوال في هذا الجزء، ص [0 - 9] 24، 125، وانظر التعليقات في هاتين الصفحتين.
    (6) ن: وأما قول جمهور مثبتة الصفات فيقول ; ع: وأما جمهور مثبتي الصفات فيقولون.
    (7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط

    ****************************** ***
    المصدر ممتنع، وهذا كما لو قيل: مصل بلا صلاة، وصائم بلا صيام، وناطق بلا نطق.
    فإذا قيل: لا يكون ناطق إلا بنطق (1) ، ولا مصل إلا بصلاة، لم يكن المراد أن هنا شيئين (2) : أحدهما الصلاة، والثاني حال معلل بالصلاة، بل المصلي لا بد أن يكون له صلاة.
    وهم أنكروا قول نفاة الصفات الذين يقولون: هو حي لا حياة له، وعالم لا علم له، وقادر لا قدرة له.
    فمن قال: هو حي عليم قدير بذاته، وأراد بذلك أن ذاته مستلزمة لحياته وعلمه وقدرته لا يحتاج في ذلك إلى غيره، فهذا قول مثبتة الصفات، (3 وإن أراد بذلك أن ذاته مجردة ليس لها حياة ولا علم ولا قدرة فهذا هو القول 3) (3) المنكر من (4) أقوال نفاة الصفات.
    وهذا الكلام الذي قاله هذا قد (5) سبقه إليه المعتزلة، وهذا اللفظ وجدته في كلام أبي الحسين (6) البصري، ومع هذا من تدبر كلام أبي الحسين (7) وأمثاله وجده مضطرا إلى إثبات الصفات، وأنه لا يمكنه أن يفرق بين قوله وبين قول المثبتين بفرق محقق، فإنه يثبت كونه حيا وكونه عالما وكونه قادرا، ولا يجعل هذا هو هذا، ولا هذا هو هذا، ولا هذه الأمور
    **_________
    (1) ع، ن، ا: لا يكون ناطقا إلا بنطق، والصواب ما في (ب) .
    (2) ع، م: شيئان، وهو خطأ.
    (3) (3 - 3) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (4) ب (فقط) : المنكرين.
    (5) عبارة " هذا قد " ساقطة من (ب) ، (أ) .
    (6) ع، ن، م: أبي الحسن، وهو خطأ.
    (7) ع، ن، م: أبي الحسن، وهو خطأ

    ******************************
    هي الذات (1) ، فقد أثبت هذه المعاني الزائدة على الذات المجردة، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع.

    الوجه الثالث: أن يقال: أصل هذا القول هو قول مثبتة الصفات، وهذا لا تختص به الأشعرية، بل هو قول جميع طوائف المسلمين إلا الجهمية كالمعتزلة (2) ومن وافقهم من الشيعة، وقد قدمنا أن هذا القول هو قول قدماء الإمامية، فإن كان خطأ فأئمة الإمامية أخطأوا، وإن كان صوابا فمتأخروهم أخطأوا (3) .

    الوجه الرابع: أن يقال: قول القائل: إنهم أثبتوا قدماء كثيرين، لفظ مجمل موهم [القول] أنهم (4) أثبتوا آلهة غير الله في القدم، أو أثبتوا (5) موجودات منفصلة قديمة مع الله، [أم أثبتوا (6) لله صفات الكمال القائمة به كالحياة والعلم والقدرة.
    فإن قلت: أثبتوا آلهة غير الله، أو موجودات قديمة منفصلة عن الله،]
    **_________

    (1) ولا يجعل هذا. . هي الذات: كذا في (ن) ; وفي (ب) ، (أ) : ولا يجعل هذا. . . ولا هذه هي الذات ; وفي (ع) ، (م) : ولا يجعل هذا هو هذا، ولا هذه الأمور هي الذات.
    (2) ن، م: الجهمية والمعتزلة.
    (3) كتب مستجي زاده تعليقا على هذا الكلام ما يلي: " قلت: وهذا الكلام من المصنف إلزام حسن للروافض إذ قدماؤهم مثل هشام بن الحكم وغيره كانوا من الصفاتية، فلما مالت الروافض إلى مذهب المعتزلة في عهد الديالمة كانوا مثل المعتزلة في نفي الصفات وقالوا بمقالتهم ".
    (4) ب، ا: يوهم أنهم.
    (5) ب، ا، ن، م: وأثبتوا.
    (6) ب، ا: وأثبتوا. وفي (ن) سقط الكلام من أول هذه الكلمة حتى قوله: كان هذا بهتانا. . . إلخ

    ***************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #153
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (150)
    صـ 489 إلى صـ 495


    كان هذا بهتانا عليهم. والمشنع وإن لم يقصد هذا لكن لفظه فيه إبهام وإيهام (1) .
    وإن قلت: أثبتوا له صفات قائمة به (2) قديمة بقدمه، وهي صفات الكمال كالحياة والعلم والقدرة، فهذا هو الحق، وهل ينكر هذا إلا مخذول مسفسط؟ (3) فمن أنكر هذه الصفات، وقال هو حي بلا حياة، وعالم بلا علم، وقادر بلا قدرة (4) كان قوله ظاهر البطلان. وكذلك إن قال: علمه هو قدرته وقدرته علمه، وإن قال مع ذلك: إنه هو العلم والقدرة، فجعل الموصوف هو الصفة وهذه الصفة هي الأخرى، كما يوجد مثل ذلك (5) في أقوال نفاة الصفات من الفلاسفة والمعتزلة، فنفس تصور قولهم على الحقيقة يبين فساده، والكلام عليهم وعلى شبههم (6) مبسوط في غير هذا الموضع (7) .
    [الوجه] الخامس (8) : قولك: جعلوا قدماء مع الله عز وجل، ليس بصواب، فإن هذه المعاني ليست خارجة عن مسمى اسم الله عند مثبتة الصفات، بل قد يقولون: هي زائدة على الذات، أي على الذات
    **_________

    (1) ب، ا: فيه إيهام.
    (2) به: ساقطة من (أ) ، (ع) .
    (3) ب، ا: مسقط، وهو تحريف، وفي (ن) : متسفسط. وسقطت الكلمة من (م) .
    (4) ع: أو قال: هو حي. . أو عالم. . إلخ.
    (5) ب، ا: فكل ما يوجد مثل ذلك ; ن، م: فكما يوجد مثل ذلك ; ع: يوجد ذلك.
    (6) ب، شبهتهم.
    (7) م، ن: في موضعه.
    (8) ب، ا: الخامس والسادس ; ن، م: السادس، وهو خطأ

    ****************************** ******
    (* المجردة عن الصفات [التي يثبتها النفاة] (1) ، لا على الذات المتصفة بالصفات. واسم الله [سبحانه] (2) يتناول الذات *) (3) المتصفة بالصفات، ليس هو اسما للذات المجردة حتى يقولوا: نحن نثبت قدماء مع الله [تعالى] (4) . وكيف وهم لا يجوزون أن يقال: إن الصفة غير الموصوف، فكيف يقولون: هي مع الله؟ !
    [بل طائفة من المثبتة كابن كلاب لا تقول (5) عن (6) الصفات وحدها إنها قديمة حتى لا تقول بتعدد القدماء لما منعت النفاة هذا الإطلاق، بل تقول (7) : الله بصفاته قديم] (8) .
    [الوجه] السادس (9) : قولك: " فجعلوه مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم ".
    [فيقال: أولا: هذا إنما يقال على قول مثبتة (10) الحال، وأما قول الجمهور فعندهم كونه عالما هو العلم. وبتقدير أن يقال: كونه عالما مفتقرا إلى العلم الذي هو لازم لذاته ليس في هذا إثبات فقر له (11) إلى غير
    **_________
    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) سبحانه: ليست في (ن) .
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (4) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) تقول: في (ب) فقط، وهو الموافق لسياق الكلام، وفي (ع) ، (أ) : يقول. وسقط هذا الكلام من (ن) ، (م) .
    (6) ب، ا: في.
    (7) ع، ا: يقول.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (9) ب، ا، ن، م: السابع، وهو خطأ.
    (10) ن، م:. . العلم. هذا قول مثبتة. .
    (11) له: ساقطة من (ع)

    *****************************
    ذاته فإن ذاته مستلزمة للعلم، والعلم مستلزم لكونه عالما، فذاته (1) هي الموجبة لهذا ولهذا، [فإذا (2) قدر أنها أوجبت الاثنين كان أعظم من أن توجب أحدهما] (3) إذا لم يكن أحدهما نقصا. ومعلوم أن العلم كمال، وكونه عالما كمال، فإذا أوجبت ذاته هذا وهذا، كان كما لو أوجبت الحياة والقدرة.
    السابع (4) : قوله: " جعلوه مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم "، عبارة ملبسة. فإن لفظ (5) " الافتقار " يشعر بأنه محتاج إلى من يجعله عالما يفيده العلم وهذا باطل، وإنما ثبوت هذا بطريق اللزوم لذاته، فذاته موجبة لعلمه ولكونه عالما، [ومعنى كونها موجبة لذلك أي مستلزمة له، بمعنى أنه لا تكون ذاته إلا عالمة، لا بمعنى أنها أبدعت العلم أو فعلته] (6) ، ومن أثبت المعنيين قال: لا يكون عالما حتى يكون له علم، وهو عالم قطعا فله علم، فهو يجعل ذلك من باب الاستدلال، ويستدل بكونه عالما على العلم، ويقول: إن ذاته أوجبت ذلك - لا أنه هنا شيء غير ذاته - جعلته عالما أو جعلت له علما، ولو قدر أنها أوجبته بواسطة فموجب الموجب موجب، كما أنها أوجبت كونه حيا وكونه عالما، والعلم مشروط بالحياة، فلا (7) يقال: إنه يفتقر في كونه عالما إلى غيره،
    **_________

    (1) ن، م: عالما بذاته، وهو تحريف.
    (2) ب، ا: وإذا.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ب، ا، ن، م: الثامن، وهو خطأ.
    (5) ب: فصل ; أ: فضل، وهو تحريف
    (6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (7) ب، ا: ولا

    ****************************** *
    فإن هذه الأمور المشروط بعضها ببعض كلها من لوازم ذاته، لا يفتقر ثبوتها إلى غيره.
    [الوجه] الثامن (1) : قوله: ولم يجعلوه قادرا لذاته (2 ولا عالما لذاته 2) (2) بل لمعان قديمة، إن أراد بذلك أنهم [لا] (3) يجعلون ذاته علما وقدرة أو لا (4) يجعلونها عالمة قادرة (5) وليس لها علم ولا قدرة فهذا صحيح، وهو عين الحق، وإن أراد أنهم لا يجعلون ذاته [مستلزمة لكونه عالما قادرا ولا] (6) هي الموجبة لكونه عالما قادرا فهذا كذب عليهم، بل ذاته هي الموجبة لذلك، كما أنها هي الموجبة لكونه عالما، مع كونها موجبة لكونه (7) حيا: ولا يكون عالما حتى يكون حيا وكذلك يقول هؤلاء: لا يكون عالما حتى يكون له علم.
    التاسع (8) : قوله: لم يجعلوه عالما لذاته [ولا] (9) قادرا لذاته: إن أراد أنهم لم يجعلوه (10) عالما قادرا لذات مجردة [عن العلم والقدرة - كما يقول نفاة الصفات: إنه ذات مجردة] (11) عن الصفات - فهذا صحيح [وهو عين
    **_________
    (1) ب، ا، ن، م: التاسع، وهو خطأ.
    (2) : (2 - 2) ساقط من (ب) فقط.
    (3) لا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ب، ا: ولا.
    (5) ب: ولا يجعلونها عالمة وقادرة ; أ: ولا يجعلونها قدرة، وهو تحريف
    (6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (7) ب، ا، ن، م: كونه.
    (8) ب، ا، ن، م: العاشر، وهو خطأ.
    (9) ولا: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
    (10) ع (فقط) : لا يجعلوه، وهو خطأ.
    (11) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)

    ****************************** *************
    الحق] (1) لأن الذات المجردة عن العلم والقدرة لا حقيقة لها في الخارج، ولا هي الله (2) ، ولا تستحق العبادة، وإن أراد أنهم لم يجعلوه عالما قادرا لذاته المستلزمة للعلم والقدرة فهذا غلط عليهم، بل نفس ذاته الموجبة لعلمه وقدرته هي التي أوجبت كونه عالما قادرا، وأوجبت علمه وقدرته، وجعلت العلم والقدرة توجب كونه عالما قادرا، فإن كل هذه الأمور متلازمة، وذاته المتصفة بهذه الصفات هي الموجبة لهذا كله، لا تفتقر (3) في ذلك إلى شيء مباين لها.
    العاشر (4) : قوله: " المعاني القديمة يفتقر في هذه الصفات إليها "، ليس هو قولهم، فإن المعاني القديمة (5) هي الصفات عندهم، وأما الخبر عن ذلك فيقولون: هو الوصف، ولا ريب أنه لا يمكن وصف الموصوف بأنه عالم إلا أن يكون له علم، ولكن هو سبحانه الموجب لتلك المعاني القديمة القائمة به، فإذا كان لا يوصف بالعلم والقدرة والحياة إلا بها وهو الموجب (* لها لم يكن مفتقرا إلى غيره، كما أنه إذا لم يوصف بالعلم إلا إذا كان موصوفا بالحياة، وهو الموجب *) (6) للحياة، لم يكن مفتقرا إلى غيره، ولو قال: لمعان (7) قديمة (7 تستلزم هذه الصفات ثبوتها، وذاته 7) (8)
    **_________

    (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
    (2) ن، م: ولا هو لازمة.
    (3) ب، ا: كما لا تفتقر.
    (4) ب، ا: الحادي عشر، وهو خطأ ; وسقطت من (ن) ، (م) .
    (5) أ: القائمة به ; ع: القائمة.
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (7) ب، ا، ن: بمعان.
    (8) : (7 - 7) ساقط من (ب) ، (أ)

    ****************************** ******
    مستلزمة لهذه وهذه، وتلك المعاني مستلزمة لثبوت هذه الصفات كان كلاما صحيحا، فالتلازم حاصل من الجهات الثلاث.
    الحادي عشر (1) : قوله: " فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته كاملا بغيره " كلام باطل، فإنه هو الذات الموصوفة بهذه الصفات، فليس هنا شيء يمكن تقدير حاجته إلى هذه الصفات (2 إلا الذات المجردة، وتلك لا وجود لها في الخارج، فليس في الخارج ذات مجردة عن هذه الصفات 2) (2) [حتى توصف بحاجة أو غنى، وذات الله مستلزمة لهذه الصفات] (3) ، والصفات الملزومة (4) لذات الموصوف التي لا يكون إلا بها ليس له تحقق دونها حتى يقال: إنه (5) محتاج ناقص، بل حقيقة الأمر أن الذات المجردة عن صفات الكمال (6 ناقصة بدونها محتاجة إلى صفات الكمال، فهذا حق 6) (6) ، لكن تلك الذات المجردة ليست هي الله، بل لا حقيقة لها في الخارج. وأيضا فهم لا يطلقون على الصفات لفظ الغير.

    الثاني عشر (7) : إن قول القائل: " إن النصارى كفروا بأن قالوا: القدماء ثلاثة والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة " كلام باطل، فإن (8) الله لم يكفر النصارى بقولهم: القدماء ثلاثة، بل قال تعالى:
    **_________
    (1) ب، ا: الثاني عشر، وهو خطأ.
    (2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: اللازمة.
    (5) ب، ا: حتى يقال له إنه.
    (6) : (6 - 6) ساقط من (ب) ، (أ) .
    (7) ب، ا: الثالث عشر، وهو خطأ.
    (8) ع: لأن

    *************************
    {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم - أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم - ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام} [سورة المائدة: 73 - 75] ، فقد بين سبحانه أنهم كفروا بقولهم: {إن الله ثالث ثلاثة} (1) ، لقوله: بعد ذلك: {وما من إله إلا إله واحد} ولم يقل: ما من قديم إلا قديم واحد، ثم أتبع ذلك بذكر حال المسيح وأمه لأنهما (2) هما الآخران اللذان (3) اتخذوهما إلهين، كما بين (4) ذلك في الآية (5) الأخرى بقوله: {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} [سورة المائدة: 116] ، فهذه الآية موافقة لسياق تلك الآية، وفي ذلك بيان أن الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة قالوا: إنه ثالث ثلاثة آلهة: هو، والمسيح، وأم المسيح، وليس في القرآن ذكر قدماء ثلاثة ولا صفات ثلاثة، بل ليس في الكتاب ولا في السنة ذكر القديم في أسماء الله تعالى، وإن كان [المعنى] (6) صحيحا، لكن المقصود [هنا] (7) بيان [أن] ما ذكروه لم يكفر [الله تعالى] النصارى [به] (8) .
    **_________
    (1) ب، ا، ن، م: إنه ثالث ثلاثة آلهة.
    (2) هما: ساقطة من (ع) .
    (3) ع، ا، ن، م: اللذين، وهو خطأ.
    (4) ب، ا: وبين.
    (5) ن، م: في السورة، وهو خطأ.
    (6) المعنى: ساقطة من (ن) .
    (7) هنا: في (ع) فقط.
    (8) ن: بيان ما ذكروه لم يكفروا النصارى ; م: بيان أن ما ذكروه لم يكفر به النصارى

    ****************************** *

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •