رسالة إلى الزوج: حافظ على زوجتك الصالحة



رسالة إلى الزوج: حافظ على زوجتك الصالحة


إذا رزق الرجل بزوجة صالحة، فليعاملها برفق ويحسن معاملتها، ويؤدي إليها حقوقها، وإن من الحقوق العامة للمرأة على زوجها أن يعلمها شيئًا من أمر دينها عن طريق التوجيه الواعي، والتشجيع المستمر، والمدارسة المناسبة؛ ليزداد وعي المرأة، ويزداد حبُّها لبيتها، واهتمامها بإسلامها، فيعلمها أول ما يعلمها العقيدة الصحيحة، بمنهج سليم، وتصور صحيح، ويغرس في نفسها الآداب الإسلامية التي تهذب أخلاقها، وتضبط عملها.

وعليه أن يتدارس معها أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتكون دستورًا لها في كل حياتها؛ لأنها ستكون -مستقبلاً- مربية الأجيال، وعليه أن يوفر لها المسكن والمأكل والمشرب والملبس، وعليه أيضًا أن يعفها ويحصنها، فهذا حق شرعي لها، ويصبر عليها عند تعليمها لأي أمر، ويحلم عليها إذا غضبت، ولا سيما في وقت الحيض؛ لأنها في هذه الفترة تصاب بحال من الكآبة والضيق وتقلُّب المزاج، وحالتها الفكرية والعقلية والصحية في أدنى مستواها؛ فلا بد أن يصبر عليها ويتحمل أذاها؛ فالله -تعالى- يقول: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: 232)
المسلمة الداعية


إن المسلمة الداعية تكسب لدعوتها بسلوكها أكثر مما تكسبه بحديثها، وموعظتها، ودرسها في المسجد؛ ذلك لأن الناس ينظرون دائما إلى الدعاة بوصفهم نماذج حية لهذه الدعوة، ويتأثرون بسلوكهم العملي أعظم مما يتأثرون بكلماتهم أو خطبهم أو ندواتهم، فلتحذر المسلمة من مخالفة أفعالها لأقولها، فإن النفس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعلمه، ولا يوافق فعله أقواله، ولهذا قال شعيب - عليه السلام - لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود:88).
همسة إلى كل مسلمة لم تتزوج
إلى من لم تتزوج بعد، وجعلت الهّم رفيقها، وغلفت بالحزن قلبها، وجعلت اليأس يدبُ في نفسها، وكل هذا لأنها لم ترزق بالزوج بعد، رفقاً بنفسك أيتها الكريمة، فالزواج ليس فريضة يهدم دينك إن لم تفعليه، بل هو سنة الله في خلقه، يكتبها لمن يشاء، ويرزق بها من يشاء، ولا راد لقضاء الله، فقد يكون في بقائك دون زواج رحمة بك، فاشكري الله على أية حال، ولا تحزني أو ينكسر قلبك.

أختاه، لا تجعلي تفكيرك كله محصورا في الزواج، فهكذا سيمضي العمر سريعًا وموحشًا عليك، بل اصرفي هذا التفكير عن بالك، وتوكلي على خالقك، واجعلي همك رضا الله وتعلم دين الله، فأنتِ إن لم تكوني عالمة بكتاب الله وحافظة له فقد فاتك الكثير، فعليك بطلب العلم الشرعي وابتغاء وجه الله الكريم.

أختاه، لا تبالي بتلك الأوصاف التي تطلق عليك، واجعلي كلمة عانس رمزًا لعزتك وافتخارك بنفسك، ولا تجعليها خنجرًا مسمومًا تغرسينه بيديك في قلبك، ولا سيما إن شعر الآخرون بعظم شخصيتك ونجاحك وعلو قدرك.

أختي الكريمة، لا يحزنك تأخر الزواج عنك، فأنت لؤلؤه مكنونة، في صدفة محفوظة، تعيش حياة ساكنة في أعماق البحار، وعدم اصطيادها، لا يقلل من قيمتها أبدًا، وأكثري من الدعاء لنفسكِ بالزوج الصالح، ولا تقولي: «زوج فقط»، فربما يأتيكِ زوج لا يقدركِ ولا يفهمكِ وتتمنين أنك لم تتزوجي، بل قولي: «الزوج الصالح والذرية الصالحة».
المرأة الفصيحة والرشيد
دخلت امرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من أصحابه فقالت: يا أمير المؤمنين أقر الله عينك، وفرَّحك بما أتاك، وأتم سعدك. لقد حكمت فقسطت.

فقال لها: من تكونين يا أيتها المرأة؟

قالت: من آل برمك، ممن قتلت رجالهم وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم.

فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفذ فيهم قدره، وأما المال فمرده إليكِ.

ثم التفت إلى الحاضرين وقال: أتدرون ما قالت هذه المرأة؟ قالوا: ما نراها قالت إلا خيرًا، قال: ما أظنكم فهمتم شيئاً. أما قولها: (أقر الله عينك) أي أسكنها، وإذا سكنت العين عن الحركة عميت. وأما قول (فرَّحك بما أتاك) فأخذته من قوله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً} . وأما قولها: (وأتم الله سعدك) فأخذته من قول الشاعر:

إذا تم أمرٌ بدا نقصه

ترقب زوالاً إذا قيل تم

وأما قولها: (لقد حكمت فقسطت) فأخذته من قوله -تعالى-: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}.
لا تغفلي عن محاسبة نفسك


حق على المرأة الصالحة ألا تغفل عن محاسبة نفسها، والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها، فكل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة، يمكن أن تشتري بها كنزًا من الكنوز، لا يتناهى نعيمه أبد الآباد، قال -تعالى-: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (آل عمران:30)، فحاسبي نفسك أولًا على الفرائض، فإن كان فيها نقص فتداركيه بالقضاء أو الإصلاح، ثم حاسبيها على المناهي، فإن ارتكبت منها شيئًا فتداركي ذلك بالتوبة والاستغفار والحسنات المكفرة لذلك، ثم اسألي نفسك على أي فعل تقومين به: ماذا أردت بهذا الفعل؟ ولم فعلته، ولمن فعلته؟ وعلى أي وجه كان؟ وكوني على ذلك حتى لقاء الله -تعالى-، لتفوزي برضوان الله -عزوجل.
لا تصاحبي المثبطات اللاهيات
لا شك أن المسلمة تتأثر بصاحبتها سلبًا وإيجابًا، فإن كانت صاحبتها من صاحبات الهمم العالية علت همتها، وإن كانت من صاحبات الهمم الضعيفة تدنت همتها؛ لذا كان لا بد من التدقيق في اختيار الصاحبة والبعد التام عن المثبطات اللاهيات.
منقول