تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,398

    افتراضي الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان

    الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان (1)






    كتبه/ إبراهيم جاد

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد قال الله -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم:54).

    الشباب كتلة الحماس ومنبع القوة، وشعلة للجد والاجتهاد، وسواعد العمل التي تبنى عليها الأمم، وهم مَن جالوا بهذا الدين أقطار الدنيا -بفضل الله- على مرِّ العصور، ومِن عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مرورًا بصحابته -رضوان الله عليهم- وسلفنا الصالح إلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم الساعة، وها نحن على أعتاب شهر المغفرة والمنافسة والجد والاجتهاد وطلب الجنان.

    ولذا أوجِّه كلامي لنفسي أولًا ثم لإخواني طالبًا محتسبًا لنا ولكم الأجر والمثوبة مِن ربنا -جل وعلا-:

    أيها الشباب لم يكن أحد أكثر شغلًا ولا همًّا، ولا مسئولية ولا بلاءً ولا صبرًا، مِن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك كله وأكثر لم يكن لأحدٍ مِن البشر همة مثله في رمضان، فكان -صلى الله عليه وسلم- القدوة في الهمة العالية في العبادة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) (متفق عليه).

    هذا في غير رمضان فما ظنكم في شهر رمضان؟!

    فاستغلوا القوة في قوة الطاعة والعزم في فعلها، والجهد في الصبر عليها، والاجتهاد في المداومة عليها، فنعم الله تزيد بطاعته، فعن عبد الله بن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).

    الفرصة للجميع عظمى ولكم أعظم؛ فأنتم -بفضل الله- أصحاء أقوياء، وغيركم مرضى ضعفاء مسنون عاجزون على أسرة العجز أو أصحاب أعذار عن الصيام والقيام وغيرهم، وأمرنا وأمرهم إلى الله -تعالى- الملِك المدبر.

    أيها الشباب... زاحموا أهل العلم والفضل بكثرة النوايا وعبادات الخفايا، وترصد النفحات الإلهية في الأيام والليالي الرمضانية؛ فاحتسبوا صومكم وقيامكم وقراءة قرآنكم، وصدقاتكم وذكركم، وإفطاركم لإخوانكم، والسعي في قضاء حوائجكم وغض أبصاركم وحفظ أوقاتكم، وبعدكم عن المسلسلات والأفلام والأغاني، وترككم للغيبية والنميمة، وبركم بوالديكم وسعيكم في الدعوة إلى ربكم -جل وعلا- وإعمار المساجد بالعبادة والقرآن وتعليم الناس والاعتكاف والتهجد والرفق بهم، وصبركم على الأذى وإسعادهم، وغير ذلك، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء" (أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الصيام).


    وللحديث بقية -بإذن الله-.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,398

    افتراضي رد: الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان



    الهمم الشبابية والنفحات الإلهية في رمضان (2)









    كتبه/ إبراهيم جاد

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فلتعلموا أيها الشباب أن رمضان موسم للغفران والعتق مِن النيران، وزيادة الحسنات وتكفير للذنوب.

    رمضان فرصة ربما لا تأتي مرة ثانية، وسوف نسأل عن شبابنا، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

    وإليكم صور مِن العبادات لسلفكم من الشباب وغيرهم: فعن عبد الله بن مسعود قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قِيلَ: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: "هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ" (متفق عليه)، وحين قام أنس بن مالك يقتدي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قام يصلي من الليل في رمضان؛ تحقيقًا للاقتداء، وطلبًا للثواب العظيم المترتب على قيام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ لما ورَد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، كان ابن عشرين سنة.

    وهذه عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، قال القاسم بن محمد: "كنتُ إذا غدوتُ بدأت ببيت عائشة فأسلم عليها، يقول: فدخلت عليها يوماً وهي تصلي وتقرأ قول الله -عزَّ وجلَّ- وتبكي: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) (الطور:27)، قال: فنظرت إليها وانتظرت، فأعادت الآية: (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ)، قال: فانتظرت مرة ومرتين، فإذا بها تردد الآية وتبكي، قال: فطال عليّ المقام، فذهبت إلى السوق لأقضي حاجة لي، قال: فرجعت فإذا هي قائمة كما هي تبكي وتصلي وتقرأ القرآن!".

    وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "إنكم لن تلقوا الله -عزَّ وجلَّ- بشيء خير لكم مِن قلة الذنوب".

    وكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ.

    وكان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر مِن الحديث ومجالسه أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

    وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.

    وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.

    وكان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه

    وكان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة.

    وقال أبي عوانة: "شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان".

    وكان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ.

    وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة، وفي كل شهر ثلاثين ختمة.

    وكان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثًا، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر.

    وكان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.


    وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق): "وكان مواظبًا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية".

    هذه نماذج مشرفة لنا شرف أن نحتذي بها، ولنا الفخر أن نكون خلفًا لهم، تلكم هم قدوتنا بعد نبينا -صلى الله عليه وسلم-.

    أسأل الله في هذا الشهر أن يرضى عنهم، وأن يرزقنا ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعتق رقابنا ورقاب آباءنا وأمهاتنا وذرياتنا، وجميع المسلمين مِن النار.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •