تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 100 من 153

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (79)
    صـ 550 إلى صـ 556


    [تفصيل القول في بيان رأي أهل السنة في الإمامة]
    ومن المعلوم أن أهل السنة لا ينازعون في أنه كان بعض أهل الشوكة بعد الخلفاء الأربعة يولون شخصا وغيره أولى بالولاية منه، وقد كان عمر بن عبد العزيز يختار أن يولي القاسم بن محمد (1) بعده، لكنه لم يطق ذلك لأن أهل الشوكة لم يكونوا موافقين (2) على ذلك، (3 ولأنه كان قد عقد العهد معه ليزيد بن عبد الملك بعده، فكان يزيد هو ولي العهد 3) (3) .

    وحينئذ فأهل الشوكة الذين قدموا المرجوح وتركوا الراجح، أو الذي تولى بقوته وقوة أتباعه ظلما وبغيا، يكون إثم هذه الولاية على من ترك الواجب مع قدرته على فعله أو أعان على الظلم، وأما من لم يظلم ولا أعان ظالما وإنما أعان على البر والتقوى، فليس عليه في هذا شيء.

    ومعلوم أن صالحي المؤمنين لا يعاونون الولاة إلا على البر والتقوى، لا يعاونونهم على الإثم والعدوان، فيصير هذا بمنزلة الإمام الذي يجب تقديمه في الشرع لكونه أقرأ وأعلم بالسنة، أو أقدم هجرة وسنا، إذا قدم ذوو الشوكة من هو دونه، فالمصلون خلفه الذين لا يمكنهم الصلاة إلا خلفه، أي ذنب لهم في ذلك؟


    (1) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن المتوفى حوالي سنة 107. روى عن أبيه وعمته عائشة، وعن العبادلة، وعبد الله بن جعفر، وأبي هريرة وغيرهم. قال الزبير: ما رأيت أبا بكر ولد ولدا أشبه من هذا الفتى. ترجمته في تهذيب التهذيب 8/333 - 335؛ شذرات الذهب 1/135.
    (2) ن، م، أ: يوافقون.
    (3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    *****************************

    وكذلك الحاكم الجاهل أو الظالم أو المفضول إذا طلب المظلوم منه أن ينصفه ويحكم له بحقه: فيحبس (1) له غريمه، [أو يقسم له ميراثه] (2) ، أو يزوجه بأيم لا ولي لها غير السلطان أو نحو ذلك، فأي شيء عليه من إثمه، أو إثم من ولاه وهو لم يستعن به إلا على حق لا على باطل؟ .


    وقد قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» " [رواه البخاري ومسلم] (3) .

    ومعلوم أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، بحسب الإمكان.
    وأهل السنة يقولون: ينبغي أن يولى الأصلح للولاية إذا أمكن: [إما] (4) وجوبا عند أكثرهم، وإما استحبابا عند بعضهم، وأن من عدل عن


    (1) ن (فقط) : فحبس.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) عبارة " رواه البخاري ومسلم " ساقطة من (ن) ، (م) . والحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في البخاري 9/94 - 95 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله. . .) ونصه: " دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " والحديث - مع اختلاف في اللفظ - في مسلم 2/975 (كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر) ؛ سنن النسائي 5/83 (كتاب المناسك، باب وجوب الحج) ؛ سنن ابن ماجه 1/3 (المقدمة، باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) .
    (4) إما: ساقطة من (ن) فقط.
    *****************************

    الأصلح مع قدرته - لهواه - فهو ظالم، ومن كان عاجزا عن تولية الأصلح مع محبته لذلك فهو معذور.


    ويقولون: من تولى فإنه يستعان به على طاعة الله بحسب الإمكان، [ولا يعان إلا على طاعة الله] (1) ، ولا يستعان به على معصية الله، ولا يعان على معصية الله.

    (2 أفليس قول أهل السنة في الإمامة خيرا من قول من يأمر بطاعة معدوم أو عاجز 2) (2) لا يمكنه الإعانة المطلوبة من الأئمة؟ .

    ولهذا كانت الرافضة لما عدلت عن مذهب أهل السنة في معاونة أئمة المسلمين والاستعانة بهم، دخلوا في معاونة الكفار والاستعانة بهم، فهم يدعون إلى الإمام المعصوم، ولا يعرف لهم إمام موجود يأتمون به إلا كفور أو ظلوم (3) ، فهم كالذي يحيل بعض (4) العامة على أولياء الله رجال الغيب، ولا رجال عنده (5) إلا أهل الكذب والمكر (6) الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، أو الجن أو الشياطين الذين يحصل بهم لبعض الناس أحوال شيطانية.


    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) (2 - 2) : ساقط من (م) فقط.
    (3) ن، م: كفور وظلوم.
    (4) ن (فقط) : لبعض.
    (5) أ، ب: ولا رجال الغيب عنده.
    (6) ن، م: والمنكر.
    *************************

    فلو قدر أن ما تدعيه الرافضة من النص هو حق موجود، وأن الناس لم يولوا المنصوص عليه، لكانوا قد تركوا من يجب توليته وولوا غيره. وحينئذ فالإمام الذي قام (1) بمقصود الإمامة هو هذا المولى دون ذلك (2) الممنوع المقهور. نعم ذلك يستحق أن يولى، لكن ما ولي، فالإثم على من ضيع حقه وعدل عنه، لا على من لم يضيع حقه ولم يعتد.


    وهم يقولون: إن الإمام وجب نصبه لأنه لطف ومصلحة للعباد، فإذا كان الله - ورسوله - يعلم أن الناس لا يولون هذا المعين إذا أمروا بولايته، كان أمرهم بولاية من يولونه وينتفعون بولايته، أولى من أمرهم بولاية من لا يولونه ولا ينتفعون بولايته، كما قيل في إمامة الصلاة والقضاء وغير ذلك، فكيف إذا كان ما يدعونه من النص من أعظم الكذب والافتراء؟ .

    والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أمته بما سيكون وما يقع بعده من التفرق، فإذا نص لأمته على إمامة شخص يعلم أنهم لا يولونه، بل يعدلون عنه ويولون غيره يحصل لهم بولايته مقاصد (3) الولاية، وأنه إذا أفضت النوبة إلى المنصوص حصل من سفك دماء [الأمة] ما لم (4) يحصل قبل ذلك (5) ولم يحصل من مقاصد الولاية ما حصل بغير المنصوص، كان الواجب العدول عن المنصوص.


    (1) ن، م: وحينئذ فالذي قام.
    (2) ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: مقصود.
    (4) ن، م: من سفك الدماء ما لم. . .
    (5) ب (فقط) : ما لم يحصل بغير المنصوص.
    *************************

    مثال ذلك أن ولي الأمر إذا كان عنده شخصان ويعلم أنه إن ولى أحدهما أطيع وفتح البلاد وأقام الجهاد وقهر الأعداء، وأنه إذا ولى الآخر لم يطع ولم يفتح شيئا من البلاد، بل يقع في الرعية الفتنة والفساد، كان من المعلوم لكل عاقل [أنه ينبغي] (1) أن يولي من يعلم أنه إذا ولاه حصل به الخير والمنفعة، لا من إذا ولاه لم يطع وحصل بينه وبين الرعية الحرب والفتنة، فكيف مع علم الله ورسوله بحال ولاية الثلاثة وما حصل فيها من مصالح الأمة في دينها ودنياها لا ينص عليها، وينص على ولاية من لا يطاع بل يحارب ويقاتل حتى لا يمكنه قهر الأعداء، ولا إصلاح الأولياء؟ وهل يكون من ينص على ولاية هذا دون ذاك إلا جاهلا، إن لم يعلم الحال، أو ظالما مفسدا، إن علم ونص؟ .


    والله ورسوله بريء من الجهل والظلم، وهم يضيفون إلى الله ورسوله العدول عما فيه مصلحة العباد إلى ما ليس فيه إلا الفساد.
    واذا قيل: إن الفساد حصل من معصيتهم له (2) لا (3) من تقصيره.

    قيل: أفليس ولاية من يطيعونه فتحصل (4) المصلحة، أولى من ولاية من يعصونه فلا تحصل المصلحة بل المفسدة؟ .

    ولو كان للرجل ولد وهناك مؤدبان: إذا أسلمه إلى أحدهما تأدب


    (1) أنه ينبغي: ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) له: ساقطة من (ب) فقط.
    (3) لا: ساقطة من (أ) فقط.
    (4) ن، م: بتحصيل.
    **************************

    وتعلم (1) ، وإذا أسلمه إلى الآخر فر وهرب، أفليس إسلامه إلى ذاك أولى؟ ولو قدر أن ذاك أفضل فأي منفعة في فضيلته إذا لم يحصل للولد به منفعة لنفوره عنه؟ .


    ولو خطب المرأة رجلان، أحدهما أفضل من الآخر لكن المرأة تكرهه، وإن زوجت به (2) لم تطعه، بل تخاصمه وتؤذيه، فلا تنتفع به ولا ينتفع [هو] (3) بها، والآخر تحبه ويحبها ويحصل به مقاصد النكاح، أفليس تزويجها بهذا المفضول أولى باتفاق العقلاء، ونص من ينص [على] (4) تزويجها بهذا المفضول (5) أولى من النص على تزويجها بهذا؟ .

    فكيف يضاف إلى الله ورسوله ما لا يرضاه إلا جاهل أو ظالم (6) ؟ .

    وهذا ونحوه مما يعلم به بطلان النص بتقدير أن يكون علي هو الأفضل الأحق بالأمر (7) لكن لا يحصل بولايته إلا ما حصل، وغيره ظالما يحصل به ما حصل من المصالح، فكيف إذا لم يكن الأمر كذلك لا في هذا ولا في هذا؟ .


    (1) أ، ب: تعلم وتأدب.
    (2) ن، أ، ب: وإن تزوجت به.
    (3) هو: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) المفضول: زيادة في (ن) فقط.
    (6) أ، ب: ظالم أو جاهل.
    (7) أ، ب: بالإمارة.
    ***************************
    فقول أهل السنة خبر صادق وقول حكيم، وقول الرافضة خبر كاذب وقول سفيه (1) . فأهل السنة يقولون: الأمير والإمام والخليفة ذو السلطان الموجود الذي له القدرة على عمل مقصود الولاية، كما أن إمام الصلاة هو [الذي] (2) يصلي بالناس وهم يأتمون به، ليس إمام الصلاة من يستحق أن يكون إماما وهو لا يصلي بأحد، لكن [هذا] (3) ينبغي أن يكون إماما. والفرق بين الإمام وبين من ينبغي أن يكون هو الإمام، لا يخفى إلا على الطغام.


    ويقولون: إنه يعاون على البر والتقوى دون الإثم والعدوان، ويطاع في طاعة الله دون معصيته، ولا يخرج عليه بالسيف، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تدل على هذا. كما في الصحيحين، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج عن (5) السلطان شبرا فمات [عليه] (6) إلا مات ميتة جاهلية» (7 وفي لفظ: " «أنه من فارق الجماعة شبرا فمات عليه (7) إلا مات ميتة جاهلية» " 7) (8) ، فجعل المحذور هو الخروج عن السلطان ومفارقة الجماعة، وأمر بالصبر على ما يكره من الأمير، لم يخص بذلك سلطانا معينا ولا أميرا معينا ولا جماعة معينة.


    (1) أ، ب: سفه.
    (2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) هذا: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م، أ: من.
    (6) عليه: زيادة في (ب) فقط.
    (7) عليه: زيادة في (ب) فقط.
    (8) (7 - 7) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
    ****************************** *





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (80)
    صـ 557 إلى صـ 563



    وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (1) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات، مات ميتة جاهلية، ومن قتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة (2) فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي (* يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده (3) فليس مني *) (4) ولست منه» " (5) . فذم الخروج عن الطاعة ومفارقة الجماعة وجعل ذلك ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية لم يكن لهم رأس يجمعهم.والنبي - صلى الله عليه وسلم - دائما يأمر بإقامة رأس، حتى أمر بذلك في السفر إذا كانوا ثلاثة، فأمر بالإمارة في أقل عدد وأقصر اجتماع.

    وفي صحيح مسلم، «عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا (6) الله بهذا الخير، فهل بعد


    (1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: يغضب لعصبية أو ينصر للعصبة؛ أ: تعصب لعصبية أو ينصر للعصبية.
    (3) ن، أ: ولا يفي لذي عهدها.
    (4) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
    (5) سبق هذا الحديث مختصرا، ص 112. والحديث بهذه الألفاظ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في مسلم 3/1476 - 1477 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين. . .) ؛ سنن النسائي 7/122 - 113 (كتاب تحريم الدم، باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية) ؛ المسند (ط. المعارف) 15/87 - 89، 201، (ط. الحلبي) 2/488. وجاء الحديث مختصرا في سنن ابن ماجه 2/1302 (كتاب الفتن، باب العصبية) .
    (6) ن، م: وقد جاءنا.
    ********************

    هذا الخير من شر؟ قال: " نعم ". قلت: (1) فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دخن ". قلت: وما دخنه؟ قال: " قوم يستنون بغير سنتي (2) ، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر ". فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها ". فقلت: يا رسول الله صفهم لنا. " قال نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ". قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ". قلت: فإن لم يكن [لهم] (3) جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» " (4) .


    وفي لفظ [آخر] (5) «قلت: [وهل] (6) وراء ذلك الخير من (7) شر؟ قال:


    (1) ن، م: قال:
    (2) ن، م: بسنتي.
    (3) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) الحديث عن أبي حذيفة - رضي الله عنه - في صحيح مسلم 3/1475 - 1476، وفيه: ويهدون بغير هديي (وفي شرح النووي 12/236: يهتدون) ، والحديث أيضا في البخاري 4/199 - 200 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام) ، 9/51 - 52 (كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة) ؛ سنن ابن ماجه 2/1317 (كتاب الفتن، باب العزلة) وجاء مختصرا. والدخن (شرح النووي 12/236 - 237) : " قال أبو عبيدة وغيره. . .: أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء ".
    (5) آخر: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) وهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    *****************************

    " نعم ". قلت: كيف؟ قال: " يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس " (1) . قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: " تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع» " (2) .


    وهذا جاء مفسرا في حديث آخر عن حذيفة؛ قال عن الخير الثاني: " «صلح على دخن، وجماعة على أقذاء فيها، وقلوب لا ترجع إلى ما كانت عليه» (3) ".

    فكان الخير الأول النبوة (4) وخلافة النبوة التي لا فتنة فيها، وكان الشر ما حصل من الفتنة بقتل عثمان وتفرق الناس، حتى صار حالهم شبيها بحال الجاهلية يقتل بعضهم بعضا.

    ولهذا قال الزهري (5) : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله


    (1) ب: الإنس، وما أثبته هو الذي في نسختي صحيح مسلم وشرح النووي.
    (2) صحيح مسلم 3/1476. وفيه وفي شرح النووي 12/238: لا يهتدون بهداي.
    (3) الحديث مع اختلاف في الألفاظ في سنن أبي داود 4/135 - 137 (كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/386 - 387، 403. وفي اللسان: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في فتنة ذكرها: هدنة على دخن وجماعة على أقذاء؛ الأقذاء: جمع قذى، والقذى: جمع قذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب، أو تبن أو وسخ أو غير ذلك، أراد أن اجتماعهم على فساد من قلوبهم فشبهه بقذى العين والماء والشراب.
    (4) ن، م: وكان الخير الأول للنبوة.
    (5) ن، م: الأزهري، وهو تحريف، وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر المدني، أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام؛ حدث عن ابن عمر وأنس وابن المسيب وغيرهم، توفي سنة 124 وقيل: سنة 125. ترجمته في تهذيب التهذيب 9/445 - 451؛ الخلاصة للخزرجي، ص 306 - 307.
    ************************

    - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، فأجمعوا أن كل دم أو مال أو فرج أصيب بتأويل القرآن فهو هدر، أنزلوهم منزلة الجاهلية. فبين أنهم جعلوا هذا غير مضمون، كما أن ما يصيبه أهل الجاهلية بعضهم من بعض غير مضمون؛ لأن الضمان إنما يكون مع العلم بالتحريم، فأما مع الجهل بالتحريم، كحال الكفار والمرتدين والمتأولين من أهل القبلة، فالضمان منتف.


    ولهذا لم يضمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد (1) دم المقتول الذي قتله متأولا، مع قوله: " «أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله» ؟ " (2) ولهذا لا تقام الحدود إلا على من علم التحريم (3) .

    والخير الثاني اجتماع الناس لما اصطلح الحسن ومعاوية، لكن كان (4) صلحا على دخن، وجماعة على أقذاء، فكان في النفوس


    (1) بن زيد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) الحديث عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في موضعين في مسلم 1/96 - 97 (كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله) . وهو في سنن أبي داود 3/61 (كتاب الجهاد، باب على ما يقاتل المشركون) . وجاء في حديث آخر بنفس المعنى عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 2/1296 (كتاب الفتن، باب الكف عمن قال لا إله إلا الله) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/438 - 439.
    (3) ن (فقط) : الحدود.
    (4) ن، م: وكان ذلك.
    ******************************

    ما فيها، أخبر [رسول الله] (1) - صلى الله عليه وسلم - بما هو الواقع.


    وحذيفة حدث (2) بهذا في خلافة عمر وعثمان قبل الفتنة، فإنه لما بلغه مقتل عثمان علم أن الفتنة قد جاءت، فمات بعد ذلك بأربعين يوما قبل الاقتتال (3) .

    وهو - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أنه بعد ذلك يقوم أئمة لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، وبقيام رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الإنس، وأمر مع هذا بالسمع والطاعة للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فتبين (4) أن الإمام الذي يطاع هو من [كان] (5) له سلطان، سواء كان عادلا أو ظالما.

    وكذلك في الصحيح حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من خلع يدا من طاعة [إمام] (6) لقي الله يوم القيام لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، لكنه لا يطاع أحد في معصية الله» " (7) .


    (1) رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) حدث: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: الافتتان: وفي الإصابة لابن حجر 1/316 - 317 في ترجمة حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: " قال العجلي: استعمله عمر على المدائن، فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان، وبعد بيعة علي بأربعين يوما. قلت: وذلك في سنة ست وثلاثين ".
    (4) أ، ب: فبين.
    (5) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) إمام: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ورد هذا الحديث من قبل (ص [0 - 9] 10 ت [0 - 9] ) بدون الجملة الأخيرة. وانظر الحديث (مختصرا ومطولا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) الأرقام: 5386، 5551، 5676، 5718، 5897.
    ****************************** ***

    كما في الصحيح عن علي - رضي الله عنه - (1) - قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا. ثم قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا نارا (2) . ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه وطفئت النار. فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف» (3) ". وفي لفظ: " «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» " (4)


    وكذلك في الصحيحين (5) عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -


    (1) ن، م: علي - عليه السلام -.
    (2) نارا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) الحديث عن علي - رضي الله عنه - في البخاري 5/161 (كتاب المغازي، باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي. . .) ، 9/63 (كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية) ؛ مسلم 3/1469 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ؛ المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] رقم 622، 1018.
    (4) الحديث بهذا اللفظ جاء عن علي - رضي الله عنه - في البخاري 9/88 (كتاب أخبار الآحاد، الباب الأول) ؛ مسلم 3/469 (الكتاب والباب السابقين في التعليق السابق) ؛ سنن أبي داود 3 - 56 (كتاب الجهاد، باب في الطاعة) ؛ سنن النسائي 7/142 (كتاب البيعة، باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/98. .
    (5) ن، م: في الصحيح.
    ****************************

    أنه قال: " «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (1) ".


    وعن كعب بن عجرة قال: «خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه تسعة: خمسة وأربعة، أحد العددين من العرب، والآخر من العجم، فقال: " اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي (2) أمراء، من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس يرد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض» " رواه أحمد، والنسائي وهذا لفظه، والترمذي وقال: حديث صحيح غريب (3) .

    وفي الصحيحين (4) «عن عبادة [بن الصامت] (5) قال: دعانا النبي


    (1) سبق ورود هذا الحديث والكلام عليه. انظر: ص 119 ت [0 - 9] .
    (2) بعدي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) الحديث بهذه الألفاظ في سنن النسائي (بشرح السيوطي، ط. القاهرة، 1383/1964) 7/143 (كتاب البيعة، باب من لم يعن أميرا على الظلم) عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه -. وهو في سنن الترمذي 3/358 (كتاب الفتن، باب حدثنا هارون بن إسحاق الهمذاني) وفيه: وهو وارد على الحوض. وقال الترمذي تعقيبا عليه: " هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه. . وفي الباب عن حذيفة وابن عمر ". وورد الحديث بألفاظ أخرى في باب " ما ذكر في فضل الصلاة " من كتاب الجمعة في صحيح الترمذي 2/61 - 62. وانظر أيضا جامع الأصول لابن الأثير 4/460 - 461، وانظر المسند (ط. الحلبي) 3/321، 4/243، 5/384.
    (4) ن: وفي الصحيح.
    (5) بن الصامت: زيادة في (أ) ، (ب) .
    **********************





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (81)
    صـ 7 إلى صـ 11


    - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه، فقال (1) فيما أخذ علينا أن بايعنا على: " السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» (2) ".وفي صحيح مسلم عن عرفجة بن شريح قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " «إنه سيكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان» (3) ". وفي لفظ: " «من أتاكم وأمركم على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق (4) جماعتكم فاقتلوه» (5) ".


    (1) أ، ب: فكان.
    (2) هذا الحديث سبق وروده بألفاظ أخرى (ص 118 ت 5) وهو بهذه الرواية عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - في البخاري 9/47 (كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورا تنكرونها. . .) ؛ مسلم 3/1470 - 1471 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/314. وفي اللسان: " البوح: ظهور الشيء. . . وفي الحديث: إلا أن يكون كفرا بواحا: أي جهارا ": وقال النووي في شرحه 12/229: " والمراد بالكفر هنا: المعاصي. ومعنى عندكم من الله فيه برهان: أي تعلمونه من دين الله تعالى ".
    (3) الحديث عن عرفجة بن شريح الأسلمي - رضي الله عنه - في مسلم 3/1479 (كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع) ؛ سنن أبي داود 4/334 (كتاب السنة، باب في قتل الخوارج) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/341 في موضعين. وقال النووي في شرحه على مسلم 12/241: " الهنات: جمع هنة وتطلق على كل شيء، والمراد بها هنا: الفتن والأمور المحدثة.
    (4) ن، م، أ: ويفرق.
    (5) الحديث في مسلم 3/1480 (الموضع السابق) وفيه: وأمركم جميع على رجل واحد.
    ***************************

    وفي صحيح مسلم، عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " «سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع ". قالوا: أفلا ننابذهم؟ قال: " لا ما صلوا» " (1) .
    وفيه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فلينكر ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة» " (2) .
    تم الجزء الأول بحمد الله، ويليه الجزء الثاني إن شاء الله وأوله: قال المصنف الرافضي: الفصل الثاني في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع.



    (1) مضى هذا الحديث من قبل (ص 116) وتكلمت عليه هناك (ت 6) .
    (2) ن: طاعة الله. وهذا جزء من حديث سبق وروده (ص 116 ت [0 - 9] ) .


    ****************************** *
    [الفصل الثاني في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع]
    [مقدمة الفصل الثاني]

    الباب الثاني

    قال الرافضي: (1) الفصل الثاني (2)

    في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع.

    ومضمون ما ذكره: أن الناس اختلفوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم (3) ، فيجب النظر في الحق واعتماد الإنصاف، ومذهب الإمامية واجب الاتباع لأربعة أوجه: لأنه أحقها وأصدقها ; ولأنهم باينوا جميع الفرق في أصول العقائد ; ولأنهم جازمون بالنجاة لأنفسهم ; ولأنهم (4) أخذوا دينهم عن الأئمة المعصومين (5)

    وهذا حكاية لفظه:

    قال الرافضي:


    (1) م: قال الرافضي، الباب الثاني ; أ، ب: قال المصنف الرافضي.
    (2) الفصل الثاني: ساقطة من (م) .
    (3) صيغة الصلاة على النبي في (أ) ، (ب) دائما: صلى الله تعالى عليه وسلم، وستثبت فيما يلي الصيغة الموجودة في (ن) أو (ع) وهي: صلى الله عليه وسلم.
    (4) ن، م: وأنهم.
    (5) يلخص ابن تيمية بما سبق مقدمة الفصل الثاني وأربعة أوجه من ستة أوردها ابن المطهر للدلالة على وجوب اتباع مذهب الإمامية، على أنه أراد بذلك تلخيص أهم ما في هذا الفصل، ثم بدأ بعد ذلك ينقل ألفاظ ابن المطهر بنصها.
    ******************************

    إنه (1) لما عمت البلية بموت النبي - صلى الله عليه وسلم، واختلف الناس بعده، وتعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم، فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق، وبايعه (2) أكثر الناس طلبا للدنيا، كما اختار عمر بن سعد (3) ملك الري أياما يسيرة (4) لما خير بينه وبين قتل الحسين (5) مع علمه بأن من قتله في النار (6) ، وإخباره بذلك (7) في شعره (8) ; حيث يقول:



    (1) إنه: ساقطة من (ن) ، (م) وفي: ك = " منهاج الكرامة "، ص 89 (م) : لأنه.
    (2) وبايعه: كذا في (ن) ، (ب) ، (ك) . وفي (م) ، (أ) : وتابعه
    (3) ا، م، ب: عمرو بن سعد، وهو خطأ. والذي أثبته في (ك) ، (ن) . وهو عمرو بن سعد بن أبي وقاص، ولاه عبيد الله بن زياد الري وهمذان، ولما خرج الحسين أمره بقتاله، فكره عمر ذلك واستعفاه، فهدده عبيد الله بالعزل، فاتجه بجنده إلى الحسين، وشرع في مفاوضته، وكاد أن ينجح في إنهاء الخلاف بغير قتال، إلا أن عبد الله أصر على أن يبايع الحسين يزيد بن معاوية، ثم نشب القتال بين جند عمر وجند الحسين، وقتل الحسين - رضي الله عنه - سنة 61 هـ، ولما غلب المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب على الكوفة قتل عمر بن سعد سنة 66 هـ، انظر الطبري (ط. المعارف) خبر تولية عمر الري 5/409 - 410، أحداث سنة 61 هـ، 5/400 - 467، خبر قتل المختار لعمر 6/60 - 62. وانظر طبقات ابن سعد 5/168 ; مروج الذهب للمسعودي (ط. التجارية 1377 - 1958) 3/70 - 72: الأعلام للزركلي 5/205 - 206.
    (4) ن: أياما كثيرة يسيرة.
    (5) ك، م: الحسين - عليه السلام.
    (6) ك: بأن في قتله النار.
    (7) ب: واختياره ذلك
    (8) ا: في شعر.
    ****************************** *

    فوالله ما أدري وإني لصادق ... أفكر (1) في أمري (2) على خطرين


    أأترك ملك الري والري منيتي ... أم (3) أصبح مأثوما بقتل حسين

    وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب وملك الري (4) قرة عيني.
    وبعضهم اشتبه الأمر عليه (5) ورأى (6) لطالب (7) الدنيا متابعا (8) فقلده [وبايعه] (9) وقصر في نظره، فخفي عليه الحق، فاستحق (10) المؤاخذة من الله (11) بإعطاء (12) الحق [لغير] (13) مستحقه بسبب إهمال النظر.

    وبعضهم قلد لقصور فطنته (14) ، ورأى الجم الغفير،


    (1) ن: أفكري، وهو خطأ.
    (2) ب: أمر، والمثبت في (ن) ، (ك) ، (م) ، (أ) .
    (3) ن، م، أ: أو.
    (4) ن: م، أ: ولي في الري (وكذا أيضا في أسفل الصفحة في: " منهاج الكرامة " طبعة طهران) ، ص [0 - 9] .
    (5) ن، م: اشتبه عليه الأمر.
    (6) ن، م، أ: رأى.
    (7) ن، ك، م، أ: طالب.
    (8) ب: مبايعا، ك: متابعا له.
    (9) وبايعه: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
    (10) ك: واستحق ; م: فاستحق عليه.
    (11) ا، ب: الله تعالى.
    (12) ن، م: فأعطى.
    (13) لغير: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (14) ا: فتنته، وهو تحريف.
    ***************************

    فتابعهم (1) ، وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى: {وقليل ما هم} ، [سورة ص: 24] ، {وقليل من عبادي الشكور} ، [سورة سبأ: 13] .


    وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق [له] (2) ، وبايعه الأقلون الذي أعرضوا عن الدنيا وزينتها، ولم يأخذهم (3) في الله لومة لائم، بل أخلصوا لله (4) واتبعوا ما أمروا به من طاعة من يستحق التقديم.
    وحيث حصل (5) للمسلمين هذه البلية، وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف، وأن يقر الحق مستقره (6) ولا يظلم مستحقه، فقد قال تعالى (7) : {ألا لعنة الله على الظالمين} ، [سورة هود: 18] .

    وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع لوجوه (8) ". هذا لفظه.


    (1) ك: فبايعهم.
    (2) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
    (3) ك: في الأصل (يؤاخذهم) .
    (4) ك: لله تعالى.
    (5) ك: حصلت.
    (6) ك: مقره.
    (7) ك: فقد قال الله تعالى.
    (8) ن، م: لوجوه أربعة قد تقدم ذكرها، وهو خطأ.
    ****************************

    فيقال: إنه [قد] (1) جعل المسلمين بعد نبيهم أربعة أصناف، وهذا من أعظم الكذب، فإنه لم يكن في الصحابة المعروفين أحد من هذه الأصناف الأربعة، فضلا عن أن لا يكون فيهم أحد إلا من هذه الأصناف: إما طالب للأمر (2) بغير حق (3) كأبي بكر في زعمه، وإما طالب للأمر بحق كعلي في زعمه، وهذا كذب على علي - رضي الله عنه - وعلى أبي بكر - رضي الله عنه (4) -، فلا علي طلب الأمر لنفسه قبل قتل عثمان، ولا أبو بكر طلب الأمر لنفسه، فضلا عن أن يكون طلبه بغير حق. وجعل القسمين الآخرين: [إما مقلدا لأجل الدنيا] (5) ، وإما مقلدا لقصوره في النظر.


    وذلك أن الإنسان يجب عليه أن يعرف الحق وأن يتبعه، وهذا [هو] (6) الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم (7) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وهذا هو الصراط الذي أمرنا الله أن نسأله (8) هدايتنا إياه في كل صلاة، بل في كل ركعة.

    وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «اليهود مغضوب


    (1) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن: الأمر.
    (3) بغير حق: ساقطة من (أ) .
    (4) ن: على علي وأبي بكر.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (6) هو: ساقطة من (ن) (م) .
    (7) أ، م، ب: أنعمت عليهم.
    (8) م: أمر الله أن نسأله ; أ، ب: أمرنا أن نسأله.
    *******************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (82)
    صـ 12 إلى صـ 18


    عليهم والنصارى ضالون» (1) ". وذلك أن اليهود عرفوا الحق ولم يتبعوه استكبارا وحسدا وغلوا واتباعا للهوى، وهذا هو الغي، والنصارى ليس لهم علم بما يفعلونه من العبادة والزهد والأخلاق، بل فيهم الجهل والغلو والبدع والشرك جهلا منهم، وهذا هو الضلال، وإن كان كل من الأمتين فيه ضلال وغي، لكن الغي أغلب على اليهود، والضلال أغلب على النصارى.ولهذا وصف الله اليهود بالكبر والحسد، واتباع الهوى والغي وإرادة العلو في الأرض (2) والفساد. قال تعالى: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} ، [سورة البقرة: 87] ، وقال تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} ، [سورة النساء: 54] ، وقال: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا}


    (1) الحديث عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - في سنن الترمذي في موضعين 4/271، 272 (كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة فاتحة الكتاب) وأوله في الموضع الأول: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد. الحديث ولفظه: " فإن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضلال " وقال الترمذي " هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، وروى شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث بطوله " والحديث في المسند (ط. الحلبي) 4/378 وفيه: " إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى. . " وذكره الطبري في تفسير قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وذكر روايات أخرى، وقد خرجها الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - وصحح أكثرها. انظر التفسير (ط. المعارف) 1/185 - 188 193 - 195.
    (2) في الأرض: ساقطة من أ، ب.
    ******************************

    ، [سورة الأعراف: 146] ، وقال تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا} ، [سورة الإسراء: 4] .


    ووصف النصارى بالشرك والضلال والغلو والبدع، فقال تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} ، [سورة التوبة: 31] ، وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} ، [سورة المائدة: 77] ، وقال تعالى: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} ، [سورة الحديد: 27] ، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.

    وقد نزه الله نبيه عن الضلال والغي، فقال: {والنجم إذا هوى - ما ضل صاحبكم وما غوى - وما ينطق عن الهوى} ، [سورة النجم: 1 - 3] (1) ، فالضال الذي لا يعرف الحق، والغاوي الذي يتبع هواه، وقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} ، [سورة ص: 45] ، فالأيدي القوة (2) في طاعة الله، والأبصار البصائر في الدين.

    وقال تعالى: {والعصر - إن الإنسان لفي خسر - إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} .

    وإذا كان الصراط المستقيم لا بد فيه من العلم بالحق والعمل به،


    (1) آية: 3 من سورة النجم ليست في (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: القوى.
    ******************************

    وكلاهما (1) واجب، لا يكون الإنسان مفلحا ناجيا إلا بذلك، وهذه الأمة خير الأمم، وخيرها القرن الأول (2) ، كان القرن الأول أكمل الناس في العلم النافع والعمل الصالح.


    وهؤلاء المفترون وصفوهم بنقيض ذلك، بأنهم لم يكونوا يعلمون الحق ويتبعونه، بل كان أكثرهم عندهم يعلمون الحق ويخالفونه، كما يزعمونه في الخلفاء الثلاثة وجمهور الصحابة والأمة، وكثير منهم عندهم لا يعلم الحق، بل اتبع الظالمين تقليدا لعدم نظرهم المفضي إلى العلم، والذي لم ينظر قد يكون تركه النظر لأجل الهوى وطلب الدنيا، وقد يكون لقصوره ونقص إدراكه.

    وادعى أن منهم من طلب الأمر لنفسه بحق، يعني عليا (3) ، وهذا مما علمنا بالاضطرار أنه لم يكن، فلزم من ذلك - على قول هؤلاء - أن تكون الأمة كلها [كانت] (4) ضالة بعد نبيها (5) ليس فيها مهتد، فتكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا منهم ; لأنهم [كانوا] (6) ، كما قال الله [تعالى] (7) : {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} ، [سورة الأعراف: 157] ، وقد «أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصارى


    (1) ن، م: به كلاهما.
    (2) ن، م: وخير القرون الأول.
    (3) م: عليا عليه السلام.
    (4) كانت: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) ن: ثبتها، وهو تحريف.
    (6) كانوا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) تعالى: ليست في (ن) .
    **************************

    افترقت على اثنتين وسبعين» (1) فرقة فيها واحدة ناجية (2) ، وهذه الأمة على موجب ما ذكر (3) لم يكن فيهم بعد موت النبي [صلى الله عليه وسلم] (4) أمة تقوم بالحق (5) ولا تعدل به.


    وإذا لم يكن ذلك في خيار قرونهم، ففيما بعد ذلك أولى. فيلزم من ذلك أن يكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا من خير أمة أخرجت للناس، فهذا لازم لما يقوله هؤلاء المفترون.
    فإن كان هذا في حكايته لما جرى عقب موت النبي - صلى الله عليه وسلم -


    (1) أ، ب: على أكثر من سبعين.
    (2) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - في: سنن أبي داود 4/276 (كتاب السنة، باب شرح السنة) وهو فيها عن أبي هريرة ومعاوية ; سنن الترمذي 4/134 - 135 (كتاب الإيمان باب افتراق هذه الأمة) وهو فيها عن أبي هريرة وقال الترمذي: " وفي الباب عن سعد، وعبد الله بن عمرو، وعوف بن مالك. حديث أبي هريرة حسن صحيح " ; سنن ابن ماجه 2/1321 - 1322 (كتاب الفتن باب افتراق الأمة) وهو فيها عن أبي هريرة، وعوف بن مالك، وأنس بن مالك ; المسند (ط. المعارف) 17/169 " عن أبي هريرة " وقال المحقق: " وإسناده صحيح " 3/120 - 145 (ط. الحلبي) عن أنس بن مالك 4/102 (ط. الحلبي) عن معاوية. ونص الحديث في سنن أبي داود عن أبي هريرة " افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " وفي رواية معاوية زاد: " ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة ".
    (3) أ، ب: ما ذكروه ; م: ما ذكرتم.
    (4) ن، م: بعد موت نبيهم.
    (5) ن: تقول بالحق.
    ************************

    من (1) اختلاف الأمة، فكيف [بسائر] (2) ما ينقله ويستدل به؟


    [الرد على القسم الأول من كلام ابن المطهر في المقدمة من وجوه]

    [الوجه الأول في الرد على قول ابن المطهر: تعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم]

    ونحن نبين فساد (3) ما في هذه الحكاية من الأكاذيب من وجوه كثيرة فنقول:

    أما قوله (4) : " لما عمت البلية [على كافة المسلمين] (5) بموت النبي - صلى الله عليه وسلم (6) - واختلف الناس بعده (7) ، وتعددت آراؤهم بحسب أهوائهم (8) ، فبعضهم طلب الأمر لنفسه [بغير حق] (9) ، وبايعه (10) أكثر الناس طلبا للدنيا، كما اختار عمر بن سعد (11) ملك الري أياما يسيرة، لما خير بينه وبين قتل الحسين، مع علمه بأن في قتله النار وإخباره بذلك (12) في شعره "


    (1) ن، م، أ: في. والمثبت من (ب) .
    (2) بسائر: ساقطة من (ن) . وفي (ب) : سائر.
    (3) فساد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: ما ذكره هذا المفتري من قوله إنه.
    (5) على كافة المسلمين: ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) بعد عبارة: بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - توجد في (ن) عبارة: فكيف بسائر ما ينقله أو يستدل به، وهذه العبارة مكانها قبل هذا السطر بسطور قليلة وأخطأ الناسخ بتكرارها هنا.
    (7) بعده: ساقطة من (م) .
    (8) ب (فقط) : بحسب تعدد أهوائهم.
    (9) عبارة " بغير حق " ساقطة من جميع النسخ، وهي في كلام ابن المطهر الذي سبق وروده قبل صفحات قليلة (ص [0 - 9] ) .
    (10) أ، م، ب: وتابعه.
    (11) ب: عمرو بن سعد.
    (12) ب: واختياره ذلك.
    ****************************** **

    فيقال: في هذا الكلام من الكذب والباطل (1) وذم خيار الأمة بغير حق ما لا يخفى، وذلك (2) من وجوه:


    أحدها: " قوله تعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم "، فيكونون كلهم متبعين أهواءهم: ليس فيهم طالب حق ولا مريد لوجه الله تعالى (3) والدار الآخرة، ولا من كان قوله عن اجتهاد واستدلال، وعموم لفظه يشمل عليا وغيره.

    وهؤلاء الذين وصفهم بهذا هم الذين أثنى الله عليهم هو ورسوله - ورضي عنهم ووعدهم الحسنى، كما قال تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} ، [سورة التوبة: 100] ، وقال تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} ، [سورة الفتح: 29] ، وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم - والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم}


    (1) ن، م: الباطل.
    (2) وذلك: ساقطة من (ب) . وفي (أ) : ذلك.
    (3) ن، م: ولا يريد وجه الله.
    **************************

    [سورة الأنفال: 72 - 75] ، وقال: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} [سورة الحديد: 10] ، وقال تعالى: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون - والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون - والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} [سورة الحشر: 8 - 10] .


    وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار، وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم، وتتضمن أن هؤلاء الأصناف هم المستحقون للفيء.

    ولا ريب أن [هؤلاء] (1) الرافضة خارجون من الأصناف الثلاثة، فإنهم لم يستغفروا للسابقين الأولين (2) ، وفي قلوبهم غل عليهم. ففي (3) الآيات الثناء على الصحابة وعلى أهل السنة الذين يتولونهم، وإخراج الرافضة من ذلك، وهذا نقيض (4) مذهب الرافضة.


    (1) هؤلاء: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) الأولين: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: وفي.
    (4) ب (فقط) : يفتض.
    ***************************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (82)
    صـ 19 إلى صـ 25

    وقد روى ابن بطة وغيره من حديث [أبي بدر قال: حدثنا] (1) عبد الله بن زيد، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: الناس على ثلاث (2) منازل، فمضت منزلتان وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا} هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة قد مضت.ثم قرأ (3) : {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (4) ، ثم قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت.

    ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ، فقد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت أن تستغفروا الله لهم (5) .

    وروى أيضا بإسناده عن مالك بن أنس أنه قال: من سب السلف فليس له في الفيء نصيب ; لأن الله تعالى يقول: {والذين جاءوا من بعدهم} الآية (6) .


    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ثلاث: كذا في (م) ، (ب) . وفي (ن) ، (أ) : ثلاثة.
    (3) ن: ثم قال.
    (4) ن، م:. . . . من هاجر إليهم، الآية.
    (5) ن: أن يستغفروا الله لهم ; أ: أن تستغفر لهم ; ب: أن تستغفروا لهم.
    (6) لم أجد الأثرين السابقين في الإبانة لابن بطة ولكن فيه " ص [0 - 9] 9 ": " قال مالك بن أنس: " الذي يشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس له سهم أو قال: نصيب في الإسلام. " وانظر ما يلي: ص [0 - 9] 2 ت (7) . وقد أورد ابن تيمية الأثر الأول مختصرا في " الصارم المسلول " (ط. مكتبة تاج، بطنطا، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، 1379 - 1960) ص [0 - 9] 74.
    ****************************** ****

    وهذا معروف من مالك وغير مالك (1) من أهل العلم، كأبي عبيد القاسم بن سلام، وكذلك ذكره أبو حكيم النهرواني من أصحاب أحمد وغيره من الفقهاء.


    وروى أيضا عن الحسن بن عمارة، عن الحكم (2) ، عن مقسم، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (3) قال: أمر الله بالاستغفار لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنهم يقتتلون.

    وقال (4) عروة: قالت لي عائشة [رضي الله عنها] (5) : يا ابن أختي (6) أمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد (7) - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم (8) .

    وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] (9) قال: قال


    (1) ن، م: وغيره.
    (2) ب: الحكيم، وهو الحكم بن عتيبة. انظر الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 7.
    (3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: قال.
    (5) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: ابن أخي، وهو خطأ.
    (7) أ، ب: أمروا بالاستغفار لأصحاب النبي.
    (8) سترد رواية أخرى للأثر الأول بعد صفحتين. وأما الأثر الثاني فقد ورد في الإبانة (ص 15) مختصرا: " وقالت عائشة - رضي الله عنها: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم " وأورده ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص [0 - 9] 74 وقال: رواه مسلم.
    (9) رضي الله عنه: زيادة في (ب) .
    ****************************** ***

    رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
    " «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا (1) ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (2) .


    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (3) . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق (4) مثل أحد [ذهبا (5) ] ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (6) ".

    وفي صحيح مسلم أيضا، عن جابر [بن عبد الله] (7) قال: قيل لعائشة: إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (8) حتى أبا


    (1) ن، م: فلو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا.
    (2) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه في: البخاري 5 (كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا) ، مسلم 4/1967 - 1968 (كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة. .) ; سنن أبي داود 4/297 - 298 (كتاب السنة، باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; سنن الترمذي 5/357 - 358 (كتاب المناقب، باب في من سب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 3/11، 54، 63، 64 ; سنن ابن ماجه 1/57 (المقدمة، باب فضل أهل بدر) وفي اللسان: " المد ضرب من المكاييل وهو ربع صاع ; وهو قدر مد النبي - صلى الله عليه وسلم، والصاع خمسة أرطال. وقال النووي (شرح مسلم 16/93) : " وقال أهل اللغة: النصيف النصف. . . ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد
    (3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
    (4) ن: لو أنفق أحدكم
    (5) ذهبا: ساقطة من (ن) .
    (6) الحديث في مسلم 4/1967، وهو في سنن ابن ماجه 1/57
    (7) ابن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) ن: أصحاب رسول الله ; م: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم.
    *****************************

    بكر وعمر، فقالت: وما تعجبون من هذا؟ (1) انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر (2) .


    وروى ابن بطة بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن أحمد (* قال: حدثني أبي، حدثنا معاوية (3) . حدثنا رجاء، عن مجاهد، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) . قال: لا تسبوا أصحاب محمد (5) -. فإن الله قد أمر (6) . بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون (7) .


    (1) ن، م: من ذلك.
    (2) لم أستطع العثور على هذا الأثر في صحيح مسلم
    (3) ن: أبو معاوية. ولعل الصواب ابن معاوية وهو مروان بن معاوية الفزاري. قال أحمد بن حنبل: إنه ثبت حافظ (الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 73) . وذكر ابن حجر (لسان الميزان 2/455) أنه روى عن رجاء بن الحارث أبي سعيد بن عوذ وهو الذي روى عن مجاهد. وانظر الجرح والتعديل: ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 01 - 502 ; مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي (ط. الخانجي بالقاهرة، 1399) ص [0 - 9] 5
    (4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب)
    (5) في كتاب الإبانة ص 15: أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم
    (6) أ، ب: قد أمرنا، والمثبت عن (ن) وعن كتاب الإبانة
    (7) ورد هذا الأثر في كتاب " الشرح والإبانة على أصول الديانة " لابن بطة العكبري، ص [0 - 9] 5، بتحقيق الأستاذ هنري لاوست، طبعة المعهد الفرنسي، دمشق، 1958. ولكن يبدو أن هذه النسخة المنشورة هي عن نسخة مختصرة من أصل الكتاب، إذ أن جميع أسانيد الأحاديث والآثار فيها محذوفة. وقد أشار المؤلف إلى ذلك في مقدمة الكتاب (ص [0 - 9] ) .
    والأثر يبدو فيه هكذا: وقال ابن عباس: لا تسبوا. . إلخ. وقد ذكر ابن أبي يعلى (طبقات الحنابلة 2/152) أن لابن بطة: الإبانة الكبرى والإبانة الصغرى، فالأرجح أن المنشور هو الصغيرة، خاصة وأن النسخة الخطية الناقصة من الكتاب الموجودة بالخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية، وهي المجلد الثاني فقط من الإبانة، بها سبعة أجزاء. انظر فهرس الخزانة التيمورية 4/3 مطبعة دار الكتب المصرية 1369/1950. وقد أورد ابن تيمية هذا الأثر في الصارم المسلول، ص 574: " عن مجاهد عن ابن عباس قال: لا تسبوا أصحاب محمد فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم وقد علم أنهم سيقتتلون " رواه الإمام أحمد. وهو في " فضائل الصحابة " رقم 18 - 1741
    *****************************

    ومن طريق أحمد، عن عبد الرحمن *) (1) (2) بن مهدي، وطريق غيره عن وكيع وأبي نعيم، ثلاثتهم عن الثوري، عن نسير بن ذعلوق (3) .: سمعت عبد الله بن عمر يقول: لا تسبوا أصحاب محمد (4) ، فلمقام أحدهم ساعة، يعني مع رسول الله (5) - صلى الله عليه وسلم - خير من عمل أحدكم أربعين سنة.


    وفي رواية وكيع: خير من عبادة أحدكم عمره (6) .


    (1) ن: أحمد بن عبد الرحمن
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (3) م: بشير بن ذعلوق ; أ: بشر بن ذوعلوق. والمثبت من (ن) ، (ب) . وقد ذكره ابن ماكولا في " الإكمال " 1/301 (حيدر أباد، 1381/1962) وقال: روى عن ابن عمر وبكر بن ماعز، حدث عنه الثوري وعبيدة بن معتب وسعيد بن عبد الله بن الربيع، وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/424 - 425
    (4) م: محمد - صلى الله عليه وسلم -
    (5) أ، ب: النبي.
    (6) لم أجد هذا الأثر في " الإبانة " لابن بطة ولا في " المسند ". وذكر ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص 580، فقال: " وإلى هذا أشار ابن عمر، قال نسير بن ذعلوق: سمعت ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: لا تسبوا أصحاب محمد فإن مقام أحدهم خير من عملكم كله، رواه اللكائي " وهو في " فضائل الصحابة " الأرقام 15، 20، 1729، 1736
    ****************************** *

    وقال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا - ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما - وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما - وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا} [سورة الفتح: 18 - 21] .


    والذين بايعوه (1) . تحت الشجرة بالحديبية عند جبل التنعيم (2) \ 321. كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، بايعوه لما صده المشركون عن العمرة، ثم صالح المشركين صلح الحديبية المعروف، وذلك سنة ست من الهجرة في ذي القعدة، ثم رجع [بهم] (3)) ، (م) . إلى المدينة وغزا بهم خيبر، ففتحها (4) . الله عليهم في أول سنة سبع، وقسمها (5) . بينهم، ومنع الأعراب المتخلفين (6) . عن الحديبية من ذلك.


    (1) أ، ب: بايعوا
    (2) في المسند 3/122 (ط. الحلبي) عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم فدعا عليهم فأخذوا ونزلت هذه الآية: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) . قال: يعني جبل التنعيم من مكة. وورد الحديث بألفاظ مقاربة بعد صفحتين (3/124) عن أنس أيضا، كما ورد في تفسير الطبري بألفاظ مختلفة في تفسير الآية السابقة 26/59. أما في " تاج العروس " مادة " نعم ": " التنعيم " على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة المشرفة، وهو أقرب أطراف الحل إلى البيت الشريف، سمي به لأن على يمينه جبل نعيم كزبير، وعلى يساره جبل ناعم، والوادي اسمه نعمان بالفتح ". وانظر معجم البلدان، مادة " التنعيم " ومعجم ما استعجم 1
    (3) بهم: ساقطة من (ن
    (4) ب (فقط) : ففتح
    (5) ن: فقسمها
    (6) ن، م: وقسمها بينهم وبين الأعراب المتخلفين. . . إلخ، وهو خطأ ظاهر
    ****************************** *

    كما قال [الله تعالى] (1) .: {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} [سورة الفتح: 15] .


    وقد أخبر سبحانه أنه رضي عنهم (2) ، وأنه علم ما في قلوبهم، وأنه أثابهم (3) . فتحا قريبا.
    وهؤلاء هم أعيان من بايع أبا بكر وعمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم، لم يكن في المسلمين من يتقدم عليهم، بل كان المسلمون [كلهم] (4) . يعرفون فضلهم عليهم ; لأن الله تعالى بين فضلهم في القرآن بقوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} [سورة الحديد: 10] (5) ، ففضل المنفقين المقاتلين قبل الفتح، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية، ولهذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم: أوفتح (6) . هو؟ فقال " نعم " (7)) .


    (1) الله تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
    (2) أ، ب: وقد أخبر الله أنه - سبحانه وتعالى - رضي عنهم
    (3) ن، م: فأثابهم
    (4) كلهم: ساقطة من (ن) ، (م)
    (5) ن، م:. . وقاتلوا، الآية
    (6) ن، م: أفتح
    (7) الحديث عن مجمع بن جارية الأنصاري - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 3/101 - 102 (كتاب الجهاد، باب فيمن أسهم له سهما) أنه قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرفنا عنها إذ الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجنا مع الناس نوجف فوجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفا على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) ، فقال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: " نعم والذي نفس محمد بيده إنه لفتح ". . الحديث: وهو في المسند (ط. الحلبي) 3/420 - 486. وانظر تفسير ابن كثير (ط. الشعب) 7/308 (تفسير الآية الأولى من سورة الفتح
    ****************************** *




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (83)
    صـ 19 إلى صـ 25

    وقد روى ابن بطة وغيره من حديث [أبي بدر قال: حدثنا] (1) عبد الله بن زيد، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: الناس على ثلاث (2) منازل، فمضت منزلتان وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا} هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة قد مضت.ثم قرأ (3) : {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (4) ، ثم قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلة قد مضت.

    ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ، فقد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم عليه كائنون أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت أن تستغفروا الله لهم (5) .

    وروى أيضا بإسناده عن مالك بن أنس أنه قال: من سب السلف فليس له في الفيء نصيب ; لأن الله تعالى يقول: {والذين جاءوا من بعدهم} الآية (6) .

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ثلاث: كذا في (م) ، (ب) . وفي (ن) ، (أ) : ثلاثة.
    (3) ن: ثم قال.
    (4) ن، م:. . . . من هاجر إليهم، الآية.
    (5) ن: أن يستغفروا الله لهم ; أ: أن تستغفر لهم ; ب: أن تستغفروا لهم.
    (6) لم أجد الأثرين السابقين في الإبانة لابن بطة ولكن فيه " ص [0 - 9] 9 ": " قال مالك بن أنس: " الذي يشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس له سهم أو قال: نصيب في الإسلام. " وانظر ما يلي: ص [0 - 9] 2 ت (7) . وقد أورد ابن تيمية الأثر الأول مختصرا في " الصارم المسلول " (ط. مكتبة تاج، بطنطا، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، 1379 - 1960) ص [0 - 9] 74.
    ****************************** ****

    وهذا معروف من مالك وغير مالك (1) من أهل العلم، كأبي عبيد القاسم بن سلام، وكذلك ذكره أبو حكيم النهرواني من أصحاب أحمد وغيره من الفقهاء.


    وروى أيضا عن الحسن بن عمارة، عن الحكم (2) ، عن مقسم، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (3) قال: أمر الله بالاستغفار لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنهم يقتتلون.

    وقال (4) عروة: قالت لي عائشة [رضي الله عنها] (5) : يا ابن أختي (6) أمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد (7) - صلى الله عليه وسلم - فسبوهم (8) .

    وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] (9) قال: قال

    (1) ن، م: وغيره.
    (2) ب: الحكيم، وهو الحكم بن عتيبة. انظر الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 7.
    (3) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: قال.
    (5) رضي الله عنها: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: ابن أخي، وهو خطأ.
    (7) أ، ب: أمروا بالاستغفار لأصحاب النبي.
    (8) سترد رواية أخرى للأثر الأول بعد صفحتين. وأما الأثر الثاني فقد ورد في الإبانة (ص 15) مختصرا: " وقالت عائشة - رضي الله عنها: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم " وأورده ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص [0 - 9] 74 وقال: رواه مسلم.
    (9) رضي الله عنه: زيادة في (ب) .
    ****************************** ***

    رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
    " «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا (1) ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (2) .


    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (3) . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق (4) مثل أحد [ذهبا (5) ] ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (6) ".

    وفي صحيح مسلم أيضا، عن جابر [بن عبد الله] (7) قال: قيل لعائشة: إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (8) حتى أبا

    (1) ن، م: فلو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا.
    (2) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه في: البخاري 5 (كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا) ، مسلم 4/1967 - 1968 (كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة. .) ; سنن أبي داود 4/297 - 298 (كتاب السنة، باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; سنن الترمذي 5/357 - 358 (كتاب المناقب، باب في من سب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 3/11، 54، 63، 64 ; سنن ابن ماجه 1/57 (المقدمة، باب فضل أهل بدر) وفي اللسان: " المد ضرب من المكاييل وهو ربع صاع ; وهو قدر مد النبي - صلى الله عليه وسلم، والصاع خمسة أرطال. وقال النووي (شرح مسلم 16/93) : " وقال أهل اللغة: النصيف النصف. . . ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد
    (3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
    (4) ن: لو أنفق أحدكم
    (5) ذهبا: ساقطة من (ن) .
    (6) الحديث في مسلم 4/1967، وهو في سنن ابن ماجه 1/57
    (7) ابن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) ن: أصحاب رسول الله ; م: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم.
    *****************************

    بكر وعمر، فقالت: وما تعجبون من هذا؟ (1) انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر (2) .


    وروى ابن بطة بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن أحمد (* قال: حدثني أبي، حدثنا معاوية (3) . حدثنا رجاء، عن مجاهد، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) . قال: لا تسبوا أصحاب محمد (5) -. فإن الله قد أمر (6) . بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون (7) .

    (1) ن، م: من ذلك.
    (2) لم أستطع العثور على هذا الأثر في صحيح مسلم
    (3) ن: أبو معاوية. ولعل الصواب ابن معاوية وهو مروان بن معاوية الفزاري. قال أحمد بن حنبل: إنه ثبت حافظ (الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 73) . وذكر ابن حجر (لسان الميزان 2/455) أنه روى عن رجاء بن الحارث أبي سعيد بن عوذ وهو الذي روى عن مجاهد. وانظر الجرح والتعديل: ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 01 - 502 ; مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي (ط. الخانجي بالقاهرة، 1399) ص [0 - 9] 5
    (4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب)
    (5) في كتاب الإبانة ص 15: أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم
    (6) أ، ب: قد أمرنا، والمثبت عن (ن) وعن كتاب الإبانة
    (7) ورد هذا الأثر في كتاب " الشرح والإبانة على أصول الديانة " لابن بطة العكبري، ص [0 - 9] 5، بتحقيق الأستاذ هنري لاوست، طبعة المعهد الفرنسي، دمشق، 1958. ولكن يبدو أن هذه النسخة المنشورة هي عن نسخة مختصرة من أصل الكتاب، إذ أن جميع أسانيد الأحاديث والآثار فيها محذوفة. وقد أشار المؤلف إلى ذلك في مقدمة الكتاب (ص [0 - 9] ) .
    والأثر يبدو فيه هكذا: وقال ابن عباس: لا تسبوا. . إلخ. وقد ذكر ابن أبي يعلى (طبقات الحنابلة 2/152) أن لابن بطة: الإبانة الكبرى والإبانة الصغرى، فالأرجح أن المنشور هو الصغيرة، خاصة وأن النسخة الخطية الناقصة من الكتاب الموجودة بالخزانة التيمورية بدار الكتب المصرية، وهي المجلد الثاني فقط من الإبانة، بها سبعة أجزاء. انظر فهرس الخزانة التيمورية 4/3 مطبعة دار الكتب المصرية 1369/1950. وقد أورد ابن تيمية هذا الأثر في الصارم المسلول، ص 574: " عن مجاهد عن ابن عباس قال: لا تسبوا أصحاب محمد فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم وقد علم أنهم سيقتتلون " رواه الإمام أحمد. وهو في " فضائل الصحابة " رقم 18 - 1741
    *****************************

    ومن طريق أحمد، عن عبد الرحمن *) (1) (2) بن مهدي، وطريق غيره عن وكيع وأبي نعيم، ثلاثتهم عن الثوري، عن نسير بن ذعلوق (3) .: سمعت عبد الله بن عمر يقول: لا تسبوا أصحاب محمد (4) ، فلمقام أحدهم ساعة، يعني مع رسول الله (5) - صلى الله عليه وسلم - خير من عمل أحدكم أربعين سنة.


    وفي رواية وكيع: خير من عبادة أحدكم عمره (6) .

    (1) ن: أحمد بن عبد الرحمن
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (3) م: بشير بن ذعلوق ; أ: بشر بن ذوعلوق. والمثبت من (ن) ، (ب) . وقد ذكره ابن ماكولا في " الإكمال " 1/301 (حيدر أباد، 1381/1962) وقال: روى عن ابن عمر وبكر بن ماعز، حدث عنه الثوري وعبيدة بن معتب وسعيد بن عبد الله بن الربيع، وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/424 - 425
    (4) م: محمد - صلى الله عليه وسلم -
    (5) أ، ب: النبي.
    (6) لم أجد هذا الأثر في " الإبانة " لابن بطة ولا في " المسند ". وذكر ابن تيمية في " الصارم المسلول " ص 580، فقال: " وإلى هذا أشار ابن عمر، قال نسير بن ذعلوق: سمعت ابن عمر - رضي الله عنه - يقول: لا تسبوا أصحاب محمد فإن مقام أحدهم خير من عملكم كله، رواه اللكائي " وهو في " فضائل الصحابة " الأرقام 15، 20، 1729، 1736
    ****************************** *

    وقال تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا - ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما - وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما - وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا} [سورة الفتح: 18 - 21] .


    والذين بايعوه (1) . تحت الشجرة بالحديبية عند جبل التنعيم (2) \ 321. كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، بايعوه لما صده المشركون عن العمرة، ثم صالح المشركين صلح الحديبية المعروف، وذلك سنة ست من الهجرة في ذي القعدة، ثم رجع [بهم] (3)) ، (م) . إلى المدينة وغزا بهم خيبر، ففتحها (4) . الله عليهم في أول سنة سبع، وقسمها (5) . بينهم، ومنع الأعراب المتخلفين (6) . عن الحديبية من ذلك.

    (1) أ، ب: بايعوا
    (2) في المسند 3/122 (ط. الحلبي) عن أنس قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم فدعا عليهم فأخذوا ونزلت هذه الآية: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) . قال: يعني جبل التنعيم من مكة. وورد الحديث بألفاظ مقاربة بعد صفحتين (3/124) عن أنس أيضا، كما ورد في تفسير الطبري بألفاظ مختلفة في تفسير الآية السابقة 26/59. أما في " تاج العروس " مادة " نعم ": " التنعيم " على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة المشرفة، وهو أقرب أطراف الحل إلى البيت الشريف، سمي به لأن على يمينه جبل نعيم كزبير، وعلى يساره جبل ناعم، والوادي اسمه نعمان بالفتح ". وانظر معجم البلدان، مادة " التنعيم " ومعجم ما استعجم 1
    (3) بهم: ساقطة من (ن
    (4) ب (فقط) : ففتح
    (5) ن: فقسمها
    (6) ن، م: وقسمها بينهم وبين الأعراب المتخلفين. . . إلخ، وهو خطأ ظاهر
    ****************************** *

    كما قال [الله تعالى] (1) .: {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا} [سورة الفتح: 15] .


    وقد أخبر سبحانه أنه رضي عنهم (2) ، وأنه علم ما في قلوبهم، وأنه أثابهم (3) . فتحا قريبا.
    وهؤلاء هم أعيان من بايع أبا بكر وعمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم، لم يكن في المسلمين من يتقدم عليهم، بل كان المسلمون [كلهم] (4) . يعرفون فضلهم عليهم ; لأن الله تعالى بين فضلهم في القرآن بقوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} [سورة الحديد: 10] (5) ، ففضل المنفقين المقاتلين قبل الفتح، والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية، ولهذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم: أوفتح (6) . هو؟ فقال " نعم " (7)) .

    (1) الله تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
    (2) أ، ب: وقد أخبر الله أنه - سبحانه وتعالى - رضي عنهم
    (3) ن، م: فأثابهم
    (4) كلهم: ساقطة من (ن) ، (م)
    (5) ن، م:. . وقاتلوا، الآية
    (6) ن، م: أفتح
    (7) الحديث عن مجمع بن جارية الأنصاري - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 3/101 - 102 (كتاب الجهاد، باب فيمن أسهم له سهما) أنه قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرفنا عنها إذ الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجنا مع الناس نوجف فوجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفا على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) ، فقال رجل: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: " نعم والذي نفس محمد بيده إنه لفتح ". . الحديث: وهو في المسند (ط. الحلبي) 3/420 - 486. وانظر تفسير ابن كثير (ط. الشعب) 7/308 (تفسير الآية الأولى من سورة الفتح
    ****************************** *


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (84)
    صـ 26 إلى صـ 32

    وأهل العلم يعلمون أن فيه (1) . أنزل الله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا - ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما - وينصرك الله نصرا عزيزا} [سورة الفتح: 1 - 3] (2) ، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله! هذا لك فما لنا [يا رسول الله] ؟ (3) ; فأنزل الله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [سورة الفتح: 4] .
    وهذه الآية نص في تفضيل المنفقين المقاتلين قبل الفتح على المنفقين المقاتلين (4) بعده، ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أن السابقين في قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [سورة التوبة: 100] هم هؤلاء الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة.

    وقد ذهب بعضهم إلى أن السابقين الأولين (5) . هم من صلى [إلى] (6) .

    (1) ن، م: وقد اتفق الناس على أن فيه
    (2) لم ترد الآية الثالثة من سورة الفتح في (ن) ، (م)
    (3) يا رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) المقاتلين: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (5) ن: السابقين من الأولين
    (6) إلى: ساقطة من (ن) ، (م)
    ****************************** *

    القبلتين، وهذا ضعيف، فإن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس بمجرده فضيلة ; ولأن النسخ ليس من فعلهم الذي يفضلون به ; ولأن التفضيل بالصلاة إلى القبلتين لم يدل عليه دليل شرعي، كما دل على التفضيل بالسبق إلى الإنفاق والجهاد والمبايعة تحت الشجرة، ولكن فيه سبق الذين أدركوا ذلك على (1) . من لم يدركه (2) ، كما أن الذين أسلموا قبل أن تفرض الصلوات الخمس، هم سابقون على من تأخر إسلامه عنهم (3) ، والذين أسلموا قبل أن تجعل صلاة الحضر أربع ركعات هم سابقون على من تأخر إسلامه عنهم (4) ، والذين أسلموا قبل أن يؤذن في الجهاد، أو قبل أن يفرض، هم سابقون على من أسلم بعدهم، والذين أسلموا قبل أن يفرض صيام شهر رمضان، هم سابقون على من أسلم بعدهم، والذين أسلموا قبل أن يفرض (5) . الحج، هم سابقون على من تأخر عنهم، [والذين أسلموا قبل تحريم الخمر هم سابقون على من أسلم بعدهم] (6) ، والذين أسلموا قبل تحريم الربا كذلك، فشرائع الإسلام من الإيجاب والتحريم كانت تنزل شيئا فشيئا، وكل من أسلم قبل أن تشرع شريعة (7) . فهو سابق على من تأخر عنه، وله بذلك فضيلة، ففضيلة من أسلم قبل نسخ القبلة على من أسلم بعده (8) . هي من هذا الباب.


    (1) ن، م: وعلى، وهو خطأ
    (2) انظر وجوه تأويل الآية في تفسير الطبري 14/434 - 439 (ط. المعارف)
    (3) ن: منهم
    (4) ن، م: تأخر إسلامهم
    (5) ن، م: قبل فرض
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (7) ن، م: قبل أن يفرض الحج، وهو تحريف
    (8) ن، م، أ: بعدها
    ****************************** *

    وليس مثل هذا مما (1) . يتميز به السابقون الأولون عن التابعين، إذ ليس بعض هذه الشرائع بأولى بجعله (2) . خيرا من بعض ; ولأن القرآن والسنة قد دلا على تقديم (3) . أهل الحديبية، فوجب أن تفسر هذه الآية بما يوافق سائر النصوص.


    وقد علم بالاضطرار أنه كان في هؤلاء السابقين الأولين أبو بكر وعمر وعلي (4) . وطلحة والزبير، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم -[بيده] (5) . عن عثمان ; لأنه كان (6) . غائبا قد أرسله إلى أهل مكة ليبلغهم رسالته، وبسببه بايع [النبي - صلى الله عليه وسلم] (7) . الناس لما بلغه أنهم قتلوه.

    وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر [بن عبد الله] (8) . - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (9) : " «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» . (10) ".

    (1) أ، ب: ما
    (2) أ: أولى ممن يجعله، ب: أولى بمن يجعله
    (3) ن، م: تفضيل
    (4) ب: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وفي (أ) : أبا بكر وعمر. . . إلخ. والصواب ما أثبته وهو الذي في (ن) ، (م)
    (5) بيده: ساقطة من (ن) ، (م)
    (6) أ، ب: لأنه قد كان
    (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (8) بن عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب)
    (9) أ، ب: أنه قال
    (10) الحديث بهذه الألفاظ في: المسند (ط. الحلبي) 3/350 إلا أن فيه: أحد ممن بايع، وجاء الحديث عن أم مبشر - رضي الله عنها - في: مسلم 4/1942 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة) ونصه: عن جابر، أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عند حفصة: " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها ". قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: (وإن منكم إلا واردها) ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: " قد قال الله عز وجل: (ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) . وجاء الحديث أيضا عن حفصة في: سنن ابن ماجه 2/1431 (كتاب الزهد، باب ذكر البعث) . وذكر أحمد رواية مسلم في مسنده (ط. الحلبي) 6/420. وذكر روايتين أخريين بألفاظ مقاربة (وفيهما: لا يدخل النار أحد - وفي رواية: رجل - شهد بدرا والحديبية) : 3/396، 6/285 - 362.
    ***************************

    وقال تعالى: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم} [سورة التوبة: 117] (1) ، فجمع بينهم وبين الرسول في التوبة.


    وقال [تعالى] (2) .: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا} [سورة الأنفال: 72] (3) . إلى قوله: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} [سورة الأنفال: 75] ، فأثبت الموالاة (4) . بينهم.

    وقال للمؤمنين:

    (1) عبارة " إنه بهم رءوف رحيم " لم ترد في (ن)
    (2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)
    (3) في (ن) : لم يرد قوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا) . ويوجد سقط في (م) بعد قوله تعالى: (. . . أولياء بعض) حتى قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله. . .)
    (4) ن: الولاية
    ****************************** ****

    {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [سورة المائدة: 51] إلى قوله: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون - ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} [المائدة: 55 - 56] (1) ، وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [سورة التوبة: 71] ، فأثبت الموالاة بينهم، وأمر بموالاتهم، والرافضة تتبرأ (2) . منهم، ولا تتولاهم (3) ، وأصل الموالاة المحبة، وأصل المعاداة البغض، وهم يبغضونهم ولا يحبونهم.


    وقد وضع بعض الكذابين حديثا مفترى أن هذه الآية نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة (4) ، وهذا كذب (5) . بإجماع أهل العلم [بالنقل] (6) ، وكذبه بين (7) ، من وجوه كثيرة:

    منها: أن قوله (الذين) صيغة جمع، وعلي واحد.
    ومنها: أن (الواو) (8) . ليست واو الحال، إذ لو كان كذلك لكان

    (1) في (ن) : ومن يتولهم منكم. . إنما وليكم الله ورسوله. . إلخ
    (2) أ، ب: تبين
    (3) ن: تواليهم ; م: تتوالهم
    (4) الآية المقصودة هنا هي قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) [سورة المائدة: 55] ، والحديث الموضوع المشار إليه ذكره ابن المطهر بتمامه في " منهاج الكرامة " ونقله ابن تيمية في " منهاج السنة " ورد عليه تفصيلا: انظر: منهاج السنة (بولاق) 4 - 9
    (5) م: وهو كذب
    (6) بالنقل: ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) ن، م: يتبين
    (8) وهي الواو في قوله تعالى: (وهم راكعون)
    ****************************** *

    لا يسوغ (1) . أن يتولى إلا من أعطى الزكاة في حال الركوع، فلا يتولى سائر الصحابة والقرابة (2) \ 5.


    ومنها: أن المدح إنما يكون بعمل واجب أو مستحب (3) ، وإيتاء (4) . الزكاة في نفس الصلاة ليس واجبا ولا مستحبا [باتفاق علماء الملة] (5) . فإن في الصلاة شغلا.

    ومنها: أنه لو كان إيتاؤها في الصلاة حسنا، لم يكن فرق بين حال الركوع وغير حال الركوع، بل إيتاؤها في القيام والقعود أمكن.

    ومنها: أن عليا لم يكن عليه زكاة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم.

    (* ومنها: أنه لم يكن له أيضا خاتم، ولا كانوا يلبسون الخواتم، حتى كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابا إلى كسرى، فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا إلا مختوما، فاتخذ خاتما من ورق ونقش فيها: محمد رسول الله *) (6) .
    ومنها: أن إيتاء غير الخاتم في الزكاة خير من إيتاء الخاتم، فإن أكثر الفقهاء يقولون: لا يجزئ (7) . إخراج الخاتم في الزكاة.

    ومنها: أن هذا الحديث فيه أنه أعطاه السائل (8) ، والمدح في الزكاة أن

    (1) ن، م: لو كان كذلك لا يشرع
    (2) انظر تفصيل هذه النقطة في (ب)
    (3) ن، م: واجب ومستحب
    (4) ن، م: وأما
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب)
    (7) ن، م: لا يجوز
    (8) أي أنه أعطى الخاتم للسائل
    ****************************** ******

    يخرجها ابتداء ويخرجها على الفور، لا ينتظر أن يسأله سائل.


    ومنها: أن الكلام في سياق النهي عن موالاة الكفار، والأمر بموالاة المؤمنين، كما يدل عليه سياق الكلام.

    وسيجيء إن شاء الله تمام الكلام على هذه الآية، فإن الرافضة لا يكادون يحتجون بحجة إلا كانت [حجة] (1) . عليهم لا لهم، كاحتجاجهم بهذه الآية على الولاية التي هي الإمارة، وإنما هي في الولاية التي هي ضد العداوة، والرافضة مخالفون لها. (2)

    والإسماعيلية (3) والنصيرية ونحوهم يوالون الكفار من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، ويعادون المؤمنين من المهاجرين والأنصار والذين (4) . . اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين، وهذا أمر مشهور فيهم (5) ، يعادون خيار عباد الله المؤمنين، ويوالون اليهود والنصارى والمشركين من الترك وغيرهم.

    وقال تعالى: {ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} [سورة الأنفال: 64] ، أي: [الله] كافيك (6) . وكافي من اتبعك (7) . من المؤمنين. والصحابة أفضل من اتبعه من المؤمنين وأولهم (8) .

    (1) حجة: ساقطة من (ن) فقط
    (2) انظر تفصيل هذا الكلام في (ب) 4 (الوجه السادس عشر)
    (3) ن، (م) : كالإسماعيلية، وسبق الكلام على الإسماعيلية والنصيرية، انظر: 1/10
    (4) ن، م: والأنصار الذين
    (5) فيهم: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (6) ن، م: أي كافيك
    (7) أ، ب: كافيك ومن اتبعك
    (8) ن: ووالاهم، م: وأولاهم
    *****************************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (85)
    صـ 33 إلى صـ 39



    وقال تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح - ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا - فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (1) ، والذين رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلون في دين الله أفواجا هم الذين كانوا على عصره.وقال تعالى: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم} [سورة الأنفال: 62 - 63] ، وإنما أيده في حياته بالصحابة.
    وقال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون - لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين - ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} [سورة الزمر: 33 - 35] . وهذا الصنف الذي يقول الصدق ويصدق به، خلاف الصنف الذي يفتري الكذب، أو يكذب بالحق لما جاءه، كما سنبسط القول فيهما (2) . إن شاء الله.

    والصحابة الذين كانوا يشهدون (3) . أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن القرآن حق (4) ، هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به بعد الأنبياء.

    (1) الآية الأخيرة من سورة النصر ليست في (ن) ، (م)
    (2) ن، م: فيها
    (3) أ، ب: كالذين يشهدون
    (4) ن: محق، وهو تحريف


    *********************

    وليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة [أعظم] (1) . افتراء [للكذب] (2) . على الله، وتكذيبا بالحق من المنتسبين إلى التشيع (3) ، ولهذا لا يوجد الغلو في طائفة أكثر مما يوجد فيهم. ومنهم من ادعى إلهية البشر، وادعى النبوة في غير النبي - صلى الله عليه وسلم، وادعى العصمة في الأئمة، ونحو ذلك (4) . مما هو أعظم مما يوجد في سائر الطوائف، واتفق أهل العلم على أن الكذب ليس في طائفة من الطوائف (5) . المنتسبين إلى القبلة أكثر منه فيهم.

    قال تعالى: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى} [سورة النمل: 59] . قال طائفة من السلف: هم أصحاب محمد [صلى الله عليه وسلم] (6) . . ولا ريب أنهم أفضل المصطفين من هذه الأمة التي قال الله فيها: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير - جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير - وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور - الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} [سورة فاطر: 32 - 35] (7) ، فأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - هم (8) .

    (1) أعظم: ساقطة من (ن) فقط
    (2) للكذب: ساقطة من (ن) ، (م)
    (3) ن: الشيع
    (4) ن: وغير ذلك
    (5) الطوائف: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (6) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) . وذكره الطبري في تفسيره (20/3) عن سفيان الثوري
    (7) ن، م: بإذن الله. . إلى قوله: ولا يمسنا فيها لغوب
    (8) هم: ساقطة من (أ) ، (ب)

    *******************

    الذين أورثوا الكتاب بعد الأمتين قبلهم: اليهود والنصارى، وقد أخبر الله أنهم الذين اصطفى.

    وتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» " (1) \ 156. ومحمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هم المصطفون من المصطفين من عباد الله.

    (1) يذكر ابن تيمية هذا الحديث بهذا اللفظ الذي يبدأ بعبارة: وخير القرون قرني. . أو " خير القرون القرن. . إلخ في كثير من كتبه. وقد بحثت عن هذه الرواية بهذه الألفاظ طويلا فلم أجدها. وقد جاء الحديث عن عدد كبير من الصحابة منهم: أبو هريرة وعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين وعائشة والنعمان بن بشير وبريدة الأسلمي - رضي الله عنهم. وجاء بألفاظ مختلفة منها: خيركم قرني، خير الناس قرني، خير أمتي القرن. . خير هذه الأمة القرن الذي بعثت أنا فيهم. بعثت في خير قرون بني آدم، أي الناس خير؟ قال أنا والذين معي. انظر: البخاري: 3/171 (كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد) 5 - 3، 3 (كتاب فضائل أصحاب النبي، باب فضائل أصحاب النبي ومن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه. .) ، 8/91 (كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا) ، 8/134 (كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال أشهد بالله. . .) ، 8/141 - 142 (كتاب الأيمان والنذور، باب إثم من لا يفي) ; مسلم 4/1962 - 1965 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم. . .) ; سنن النسائي (بشرح السيوطي) 7/17 (كتاب الأيمان والنذور، باب الوفاء بالنذر) ; سنن الترمذي (بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان) 3/339 - 340 (كتاب الفتن، باب ما جاء في القرن الثالث) ، 3/376 (كتاب الشهادات) ، 5/357 (كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى النبي. .) ; سنن أبي داود 4/297 (كتاب السنة، باب في فضل أصحاب رسول الله. .) ; سنن ابن ماجه 2/791 (كتاب الأحكام، باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد) ; ترتيب مسند أبي داود الطيالسي، تحقيق الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا (ط. المنيرية بالأزهر، 1353/1934 2/198 - 199 (كتاب الفضائل، باب ما جاء في فضل القرون الأولى) ; المسند (ط. المعارف) 5/209، 6/29، 86، 116، 12/90، 15/106، المسند (ط. الحلبي) 2/340، 373، 410، 416، 417، 479، 4/267، 276، 277، 278، 426، 427، 436، 440، 5/350، 357، 6

    ***************

    قال تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} [سورة الفتح: 29] (1) .

    وقال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} [سورة النور: 55] . فقد وعد الله الذين آمنوا [وعملوا الصالحات] (2) . بالاستخلاف، كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما، والله لا يخلف الميعاد، فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام، وهو الدين الذي ارتضاه لهم، كما قال تعالى: {ورضيت لكم الإسلام دينا}

    (1) في (أ) ، (ب) كتب جزء من الآية إلى قوله تعالى: رحماء بينهم، وبعدها: إلى آخر السورة، والمثبت عن (ن)
    (2) وعملوا الصالحات: ساقط من (ن)


    *********************

    [سورة المائدة: 3] ، وبدلهم من بعد خوفهم أمنا، لهم منه المغفرة (1) . والأجر العظيم.

    وهذا يستدل به من وجهين: يستدل به (2) . على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات (3) . ; لأن الوعد لهم لا لغيرهم، ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم، ولهم مغفرة وأجر (4) . عظيم ; لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان: آية النور وآية الفتح.

    ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان، فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف، وتمكن الدين والأمن بعد الخوف، لما قهروا فارس والروم، وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية، ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار، بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان، وكان بعضهم يخاف بعضا.

    وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان، ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن. والذين كانوا في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن، وأدركوا زمن الفتنة - كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى [الأشعري] (5) . ومعاوية وعمرو بن العاص - دخلوا في الآية ; لأنهم استخلفوا ومكنوا وأمنوا.

    (1) أ، ب: وبدلهم بعد خوفهم آمنا لهم المغفرة (في أ: لهم من المغفرة)
    (2) يستدل به: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (3) ن، م: عملوا عملا صالحا
    (4) أ، ب: ولهم أجر
    (5) الأشعري: ليست في (ن)


    **************************

    وأما من (1) . حدث في زمن الفتنة، كالرافضة الذين حدثوا في الإسلام في زمن الفتنة والافتراق، وكالخوارج المارقين (2) . فهؤلاء لم يتناولهم النص، فلم يدخلوا فيمن وصف بالإيمان والعمل الصالح المذكورين في هذه الآية ; لأنهم: أولا: ليسوا من الصحابة المخاطبين بهذا، ولم يحصل لهم من الاستخلاف والتمكين والأمن بعد الخوف ما حصل للصحابة، بل لا يزالون خائفين مقلقلين (3) . غير ممكنين.

    فإن قيل: لم قال: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم} [سورة الفتح: 29] ، ولم يقل: وعدهم كلهم؟ قيل: كما قال: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} [سورة النور: 55] ، ولم يقل: وعدكم (4) .

    و " من " تكون لبيان الجنس، فلا يقتضي أن يكون قد بقي من المجرور بها شيء خارج عن ذلك الجنس، كما في قوله [تعالى] (5) .: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} [سورة الحج: 30] ، فإنه لا يقتضي أن يكون من الأوثان ما ليس برجس.

    وإذا قلت: ثوب من حرير، فهو كقولك: ثوب حرير. وكذلك قولك: باب من حديد، كقولك: باب حديد، وذلك لا يقتضي أن يكون هناك حرير وحديد غير المضاف إليه، وإن كان الذي يتصوره كليا،

    (1) ن: فأما من ; م: فأما ما
    (2) ن، م: والمارقين
    (3) ن، م: معتقلين
    (4) ن، م، أ: ولم يقل: منهم، وهو تحريف
    (5) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب)

    ***************

    فإن الجنس الكلي هو ما لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وإن لم يكن مشتركا فيه في الوجود، فإذا كانت " من " لبيان الجنس (* كان التقدير: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا} من هذا الجنس، وإن كان الجنس كلهم مؤمنين *) (1) . مصلحين (2) .
    وكذلك إذا قال: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات} من هذا الجنس والصنف {مغفرة وأجرا عظيما} لم يمنع ذلك أن يكون جميع هذا الجنس مؤمنين صالحين (3) .
    ولما قال لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما} [سورة الأحزاب: 31] (4) ، لم يمنع أن يكون كل منهن تقنت لله ورسوله وتعمل صالحا.
    ولما قال تعالى: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم} [سورة الأنعام: 54] ، لم يمنع هذا (5) . أن يكون كل منهم متصفا بهذه الصفة، ويجوز أن يقال: إنهم لو عملوا سوءا بجهالة ثم تابوا من بعده وأصلحوا لم يغفر إلا لبعضهم.

    (1) ما بين النجمتين ساقط من (م)
    (2) ب (فقط) : صالحين
    (3) م: مصلحين.
    (4) عبارة " وأعتدنا لها رزقا كريما ": ليست في (ن) ، (م)
    (5) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب)


    *******************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (86)
    صـ 40 إلى صـ 46


    ولهذا تدخل " من " هذه في النفي لتحقيق نفي الجنس، كما في قوله تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} [سورة الطور: 21] ، وقوله: {وما من إله إلا الله} [سورة آل عمران: 62] ، وقوله (1) .: {فما منكم من أحد عنه حاجزين} [سورة الحاقة: 47] .
    ولهذا إذا دخلت في النفي تحقيقا أو تقديرا أفادت نفي الجنس قطعا، فالتحقيق ما ذكر، والتقدير: كقوله تعالى: {إله إلا الله} [سورة آل عمران: 62] ، [وقوله] (2) . {لا ريب فيه} [سورة البقرة: 2] ونحو ذلك، بخلاف ما إذا لم تكن " من " موجودة، كقولك: ما رأيت رجلا، فإنها ظاهرة لنفي الجنس، ولكن قد يجوز أن ينفى بها الواحد من الجنس، كما قال سيبويه: يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا بل رجلين، فتبين (3) . أنه يجوز إرادة الواحد، وإن كان الظاهر نفي الجنس، بخلاف ما إذا دخلت " من " فإنها تنفي نفي الجنس قطعا (4) .

    ولهذا لو قال لعبيده: من أعطاني منكم ألفا فهو حر، فأعطاه كل واحد ألفا، عتقوا كلهم، وكذلك لو قال لنسائه: من أبرأتني منكن من صداقها فهي طالق، فأبرأنه كلهن، طلقن كلهن. فإن المقصود بقوله: " منكم " بيان جنس المعطى والمبرئ لا إثبات هذا الحكم لبعض العبيد والأزواج.

    فإن قيل: فهذا كما لا يمنع أن يكون كل المذكور متصفا بهذه الصفة

    (1) وقوله: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (2) وقوله: ساقطة من (ن) ، (م)
    (3) ن، م: فبين
    (4) أ، ب: فإنه ينفي الجنس قطعا


    *********************

    فلا يوجب ذلك أيضا، [فليس] (1) . في قوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} ما يقتضي (2) . أن يكونوا كلهم كذلك.

    قيل: نعم، ونحن لا ندعي أن مجرد هذا اللفظ دل على أن جميعهم موصوفون بالإيمان والعمل الصالح، ولكن مقصودنا أن " من " لا ينافي شمول هذا الوصف لهم، فلا يقول قائل: [إن] (3) . الخطاب دل على أن المدح شملهم وعمهم بقوله: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (4) . إلى آخر الكلام.

    ولا ريب أن هذا مدح لهم بما ذكر من الصفات: وهو الشدة على الكفار والرحمة بينهم، والركوع والسجود يبتغون فضلا من الله ورضوانا، والسيما في وجوههم من أثر السجود، وأنهم يبتدئون من ضعف إلى كمال القوة والاعتدال كالزرع.

    والوعد بالمغفرة والأجر العظيم ليس على مجرد هذه الصفات، بل على الإيمان والعمل الصالح، فذكر ما به يستحقون الوعد، وإن كانوا (5) . كلهم بهذه الصفة، ولولا ذكر ذلك لكان يظن أنهم بمجرد ما ذكر (* يستحقون المغفرة والأجر العظيم، ولم يكن فيه بيان سبب الجزاء، بخلاف ما إذا ذكر *) (6) . الإيمان

    (1) فليس: ساقطة من (ن)
    (2) ن، م: ما يوجب
    (3) إن: زيادة في (أ) ، (ب)
    (4) عبارة " أشداء على الكفار رحماء بينهم " في (ن) فقط
    (5) ن، م: ولو كانوا
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (م)


    *******************

    والعمل الصالح، فإن الحكم إذا علق باسم مشتق مناسب، كان ما منه الاشتقاق سبب الحكم.

    فإن قيل: فالمنافقون كانوا في الظاهر مسلمين، قيل: المنافقون لم يكونوا متصفين بهذه الصفات، ولم يكونوا مع الرسول والمؤمنين، ولم يكونوا منهم، كما قال تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين - ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين} [سورة المائدة: 52 - 53] (1) .

    وقوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين - وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} [سورة العنكبوت: 10 - 11] .

    وقال: {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا - الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة} [سورة النساء: 140 - 141] . إلى قوله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا - إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما} [سورة النساء: 145 - 146] .

    (1) عبارة " فأصبحوا خاسرين " في الآية الكريمة: زيادة في (أ) ، (ب) .

    ***********************

    وقال تعالى: {ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون} [سورة التوبة: 56] .

    وقال تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [سورة المجادلة: 14] (1) ، فأخبر أن المنافقين ليسوا من المؤمنين ولا من أهل الكتاب: وهؤلاء لا يوجدون في طائفة من المتظاهرين بالإسلام أكثر منهم في الرافضة ومن انضوى (2) . إليهم.

    وقد قال تعالى (3) .: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير} [سورة التحريم: 8] .

    وقال تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} [سورة الحديد: 13] ، فدل هذا على أن المنافقين لم يكونوا داخلين في الذين آمنوا معه، والذين كانوا منافقين، منهم من تاب عن نفاقه وانتهى عنه، (4) . الغالب، بدليل قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين - أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} [سورة الأحزاب:

    (1) ن، م:. . ولا منهم. . . الآية
    (2) أ، ب: انطوى
    (3) ن، م: وقال تعالى
    (4) وهم ن، م: ومنهم، وهو خطأ

    ********************

    60 - 61] ، فلما لم يغره الله بهم ولم يقتلهم تقتيلا، بل كانوا يجاورونه بالمدينة، دل ذلك على أنهم انتهوا.

    والذين كانوا معه بالحديبية كلهم بايعه (1) . تحت الشجرة إلا الجد بن قيس (2) ، فإنه اختبأ تحت (3) . جمل أحمر.

    وكذا جاء في الحديث: " «كلهم يدخل الجنة إلا صاحب الجمل الأحمر» " (4) .

    (1) أ، ب: بايعوه
    (2) في المسند (ط. الحلبي) 3/396: " عن أبي الزبير عن جابر قال: كان العباس آخذا بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوافقنا، فلما فرغنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أخذت وأعطيت. قال فسألت جابرا يومئذ: كيف بايعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلى الموت؟ قال: لا، ولكن بايعناه على أن لا نفر. قلت له: أفرأيت يوم الشجرة؟ قال: كنت آخذا بيد عمر بن الخطاب حتى بايعناه. قلت: كم كنتم؟ قال: كنا أربع عشر مائة فبايعناه كلنا إلا الجد بن قيس اختبأ تحت بطن بعير، ونحرنا يومئذ سبعين من البدن لكل سبعة جزور ". وانظر خبر اختباء الجد بن قيس وعدم بيعته في: طبقات ابن سعد 2/100 ; سيرة ابن هشام 3/330 ; تاريخ الطبري (ط. المعارف) 2/632 ; تفسير الطبري 26/54 - 55. وقد ترجم ابن حجر في الإصابة (1/230) للجد بن قيس وسماه: جد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري أبو عبد الله، وقال إنه كان سيد بني سلمة، وذكر أنه كان خال جابر، وأنه حمله وهو صغير في بيعة العقبة. وقال ابن حجر: إن إسناد هذا الحديث قوي، ثم قال: " وقال عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى: (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) نزلت في نفر ممن تخلف عن تبوك منهم أبو لبابة والجد بن قيس لم يتب عليهم " وقال: إنه تاب وحسنت توبته ومات في خلافة عثمان
    (3) أ، ب: خلف
    (4) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاءت ألفاظ بمعناها ضمن حديث طويل، رواه مسلم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ونصه في مسلم 4/2144 - 2145 (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، الباب الأول) : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " من يصعد الثنية ثنية المرار، فإنه يحط عنه ما حط عن بني إسرائيل. قال فكان أول من صعدها خيلنا، خيل بني الخزرج، ثم تتام الناس. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " وكلكم مغفور له، إلا صاحب الجمل الأحمر " فأتيناه فقلنا له: تعال يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي صاحبكم. قال: وكان رجل ينشد ضالة له ". قال النووي في شرحه 17/126 - 127: " من يصعد الثنية ثنية المرار: هكذا هو في الرواية الأولى: المرار، بضم الميم وتخفيف الراء، وفي الثانية: المرار أو المرار بضم الميم أو فتحها على الشك، وفي بعض النسخ بضمها أو كسرها، والله أعلم. والمرار شجر مر. وأصل الثنية الطريق بين جبلين، وهذه الثنية عند الحديبية. . قال القاضي: قيل: هذا الرجل هو الجد بن قيس المنافق ". وانظر " الاستقامة " لابن تيمية 2/265، 287 - 288











    ***********************

    [وبالجملة] (1) .

    فلا ريب أن المنافقين كانوا مغمورين أذلاء مقهورين (2) ، لا سيما في آخر أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي غزوة تبوك ; لأن الله تعالى قال:

    {يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [سورة المنافقين: 8] ، فأخبر أن العزة للمؤمنين لا للمنافقين، فعلم أن العزة والقوة كانت في المؤمنين، وأن المنافقين كانوا أذلاء بينهم.فيمتنع أن يكون الصحابة الذين كانوا أعز المسلمين من المنافقين، بل ذلك يقتضي أن من كان أعز كان أعظم إيمانا، ومن المعلوم (3) . أن(1) وبالجملة: ساقطة من (ن)
    (2) أ، ب: مغمورين مقهورين أذلاء. وفي (ن) : مغمورين ذلا مقهورين. والمثبت من (م)
    (3) ن، م: ومعلوم



    *****************

    السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار - الخلفاء الراشدين (1) . وغيرهم - كانوا أعز الناس، وهذا كله مما يبين أن المنافقين كانوا ذليلين في المؤمنين، فلا يجوز أن يكون الأعزاء من الصحابة منهم، ولكن هذا الوصف مطابق للمتصفين به من الرافضة وغيرهم.والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف، بل لا بد لكل منهم من شعبة نفاق، فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب، وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه، كما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

    والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية، وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك، حتى يحكوا (2) . عن جعفر الصادق أنه قال: التقية ديني ودين آبائي (3) .

    وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك، بل كانوا من أعظم الناس صدقا وتحقيقا للإيمان، وكان دينهم التقوى لا التقية (4) .

    وقول الله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}

    (1) ن، م: والخلفاء الراشدين
    (2) أ، ب: حتى يحكوا ذلك ; ن: حتى يحكى
    (3) في كتاب " الأصول من الكافي " لأبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكلبي 2/219، الطبعة الثانية، ط. طهران، 1381 عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن القيام للولاة، فقال: أبو جعفر - عليه السلام: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له
    (4) ن، م: التقوى والتقية، وهو تحريف


    **********************
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (87)
    صـ 47 إلى صـ 53

    [سورة آل عمران: 28] إنما هو الأمر بالاتقاء من الكفار (1) . لا الأمر (2) . بالنفاق والكذب.والله تعالى قد أباح لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، لكن لم يكره أحد من أهل البيت على شيء [من ذلك] (3) ، حتى أن أبا بكر [رضي الله عنه] رضي الله عنه: (4) . لم يكره أحدا لا منهم ولا من غيرهم على مبايعته (5) ، فضلا أن يكرههم على مدحه والثناء عليه، بل كان علي وغيره من أهل البيت يظهرون ذكر (6) . فضائل الصحابة والثناء عليهم والترحم عليهم والدعاء لهم، ولم يكن أحد يكرههم على شيء منه باتفاق الناس.

    وقد كان في زمن بني أمية وبني العباس خلق عظيم (7) . دون علي وغيره (8) . في الإيمان والتقوى يكرهون منهم أشياء ولا يمدحونهم ولا يثنون عليهم ولا يقربونهم، ومع هذا لم يكن هؤلاء يخافونهم ولم يكن أولئك يكرهونهم، مع أن الخلفاء [الراشدين] (9) . كانوا باتفاق الخلق

    (1) يقول الطبري في تفسيره (ط. المعارف) 6/316: " فالتقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم "
    (2) ن، م: أمر
    (3) من ذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) زيادة في (أ) ، (ب)
    (5) أ، ب: متابعته
    (6) ن، م: من ذكر
    (7) م: خلق كثير عظيم
    (8) ن، م: وغيرهم
    (9) الراشدين: ساقطة من (ن) ، (م)


    *********************

    أبعد عن قهر الناس وعقوبتهم على طاعتهم من هؤلاء، فإذا لم يكن الناس مع هؤلاء مكرهين على أن يقولوا بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم (1) ، فكيف يكونون مكرهين مع الخلفاء على ذلك ; بل على الكذب وشهادة الزور وإظهار الكفر - كما تقوله الرافضة - من غير أن يكرههم أحد على ذلك؟ .

    فعلم أن ما تتظاهر به الرافضة، هو من باب الكذب والنفاق، وأن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، لا من باب ما يكره المؤمن عليه من التكلم بالكفر.

    وهؤلاء أسرى المسلمين في بلاد الكفار غالبهم يظهرون دينهم، والخوارج مع تظاهرهم بتكفير الجمهور وتكفير عثمان وعلي ومن والاهما يتظاهرون بدينهم، وإذا سكنوا بين الجماعة سكنوا على الموافقة والمخالفة (2) . والذي يسكن في مدائن الرافضة فلا يظهر الرفض، وغايته إذا ضعف أن يسكت عن ذكر مذهبه، لا يحتاج أن يتظاهر بسبب الخلفاء والصحابة إلا أن يكونوا قليلا.

    فكيف يظن بعلي [رضي الله عنه] (3) . وغيره من أهل البيت أنهم كانوا أضعف دينا وقلوبا (4) . من الأسرى في بلاد الكفر، ومن عوام [أهل] (5) .

    (1) أ: خلاف ما ليس في قلوبهم ; م: بألسنتهم ما ليس في قلوبهم
    (2) ن: وإذا سكتوا بين الجماعة سكتوا عن الموافقة والمخالفة ; م: وإذا سكتوا بين الجماعة سكنوا عن الموافقة ; أ: وإذا سكنوا بين الجماعة سكتوا عن الموافقة.
    (3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
    (4) وقلوبا: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (5) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ)


    *********************

    السنة، ومن النواصب (1) ".؟ مع أنا قد علمنا بالتواتر أن أحدا لم يكره عليا ولا أولاده (2) . على ذكر فضائل الخلفاء والترحم عليهم، بل كانوا يقولون ذلك من غير إكراه ; ويقوله أحدهم لخاصته، كما ثبت ذلك بالنقل المتواتر (3) .

    (4 وأيضا فقد يقال في قوله تعالى 4) (4) .: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات} [سورة النور: 55] إن ذلك وصف للجملة بوصف يتضمن حالهم (5) . عند الاجتماع كقوله تعالى: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} [سورة الفتح: 29] ، والمغفرة والأجر في الآخرة يحصل لكل واحد واحد، فلا بد أن يتصف بسبب ذلك وهو الإيمان والعمل الصالح، إذ قد يكون في الجملة منافق.

    وفي الجملة كل (6) . ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين (7) .

    (1) سبق الكلام عن النواصب 1 وفي " تاج العروس " مادة " نصب ": " النواصب والناصبة وأهل النصب وهم المتدينون ببغضة سيدنا أمير المؤمنين ويعسوب المسلمين أبي الحسن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وكرم وجهه - لأنهم نصبوا له أي عادوه وأظهروا له الخلاف وهم طائفة الخوارج
    (2) ن، م: عليا وأولاده
    (3) ن، م: كما ثبت ذلك بالتواتر
    (4) (4 - 4) بدلا من هذه العبارة في (ن) ، (م) يوجد بياض بمقدار كلمتين وبعده عبارة: فقد بين تعالى في قوله. . . إلخ
    (5) أ، ب: إن ذلك وصف الجملة بصفة تتضمن حالهم
    (6) ن، م: وبالجملة فكل
    (7) ن: والمنافقين، وهو خطأ


    *********************

    والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم، فهم أول من دخل في ذلك من هذه الأمة (1) ، وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة ; كما استفاض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه أنه قال: خير القرون القرن الذي بعثت فيهم (2) . ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (3) .

    [الوجه الثاني كذب ابن المطهر وتحريفه فيما نقله عن حال الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم]

    الوجه الثاني: في بيان كذبه وتحريفه فيما نقله عن حال الصحابة بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - (4) .

    قوله: " فبعضهم (5) . طلب الأمر لنفسه بغير حق، وبايعه أكثر الناس طلبا للدنيا ".

    وهذا إشارة إلى أبي بكر فإنه هو الذي بايعه أكثر الناس، ومن المعلوم أن أبا بكر لم يطلب الأمر لنفسه لا بحق ولا بغير حق، بل قال: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: إما عمر بن الخطاب وإما أبا عبيدة. قال عمر: فوالله لأن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي [من] (6) . أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر. وهذا اللفظ في الصحيحين (7) \ 247.

    (1) ن: في هذه الآية، وهو خطأ
    (2) ب: جئت فيهم
    (3) سبق الكلام على هذا الحديث من قبل (ص [0 - 9] 5 ت [0 - 9] ) من هذا الجزء
    (4) انظر أول الكلام على الوجه الأول فيما سبق ص 17
    (5) ن: قولهم بعضهم، وهو تحريف
    (6) من: ساقطة من (ن) ، (م)
    (7) هذا جزء من حديث السقيفة وسبقت الإشارة إليه والكلام على بعض المواضع التي ورد فيها. انظر هذا الكتاب 1/516 أما هذه الألفاظ فقد وردت في البخاري 8/70 (كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب رجم الحبلى من الزنا) ; سيرة ابن هشام 4/310، المسند (ط. المعارف) 1/326 (رقم 391) ; تاريخ الطبري (ط. المعارف) 3 ; البداية والنهاية 5

    ***********************

    [وقد روي] (1) . عنه أيضا (2) . أنه قال: أقيلوني أقيلوني (3) ، فالمسلمون اختاروه وبايعوه لعلمهم بأنه خيرهم، كما قال له عمر يوم السقيفة بمحضر المهاجرين والأنصار: أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر ذلك أحد، وهذا أيضا في الصحيحين (4) . . والمسلمون اختاروه كما قال [النبي] (5) . - صلى الله عليه وسلم - في [الحديث] (6) الصحيح لعائشة: " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي ". ثم قال: " يأبى الله»

    (1) وقد روي: ساقطة من (ن) ، (م)
    (2) أيضا: ساقطة من (أ) ، (ب)
    (3) في " الرياض النضرة في مناقب العشرة " للمحب الطبري (ط. الخانجي، 1327) فصل بعنوان: ذكر استقالة أبي بكر من البيعة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 75 - 176) فيه أخبار كثيرة بهذا المعنى وإن لم ترد هذه الألفاظ بعينها
    (4) البخاري 5/7. وسبق ذكر المواضع التي وردت فيها هذه العبارات في هذا الكتاب 1/518 (ت [0 - 9] ) . وكنت قد بحثت عن حديث السقيفة في صحيح مسلم، فلم أجد فيه إلا قطعة صغيرة من خطبة عمر، ثم تبين لي أخيرا أن ابن تيمية كان مخطئا في نصه على أن هذه الألفاظ وغيرها من حديث السقيفة في الصحيحين، فقد ذكر الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على نسبة صاحب كتاب " شرح الطحاوية " حديث السقيفة إلى الصحيحين ما يلي (ص [0 - 9] 08) : " وقد أوهم الشارح أيضا في نسبته للصحيحين فإنه من أفراد البخاري كما نص عليه الحافظ 7/123 "، وانظر فتح الباري
    (5) النبي: زيادة في (أ) ، (ب)
    (6) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .

    ***************************

    والمؤمنون (* إلا أبا بكر (1) ، فأبى الله وعباده المؤمنون *) (2) . أن يتولى (3) . غير أبي بكر، فالله هو ولاه قدرا وشرعا، وأمر المؤمنين بولايته، وهداهم إلى أن ولوه من غير أن يكون طلب ذلك لنفسه ".

    [الوجه الثالث في بيان زهد أبي بكر وزهد من بايعه]
    الوجه الثالث: أن يقال: فهب أنه طلبها وبايعه أكثر الناس، فقولكم: إن ذلك طلب للدنيا كذب ظاهر، فإن أبا بكر - رضي الله عنه - (4) . لم يعطهم دنيا، وكان قد أنفق ماله في حياة النبي، صلى الله عليه وسلم، «ولما رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة جاء بماله كله، فقال له: ما تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله» (5) .

    (1) سبق ورود الحديث في الجزء الأول من هذه الطبعة في ثلاثة مواضع (ص [0 - 9] 92، 496، 511) وذكرت من قبل 1/492 (ت [0 - 9] ) أن الحديث في: البخاري 9/80 - 81 ; مسلم 4/1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر. .) ; مسند أحمد (ط. الحلبي) 6/47، 106، 124 (مع اختلاف في اللفظ) .
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب)
    (3) ن، م: يولوا
    (4) رضي الله عنه: ليس في (أ) ، (ب)
    (5) ذكر البخاري 2/112 (كتاب التهجد، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى) أن أبا بكر تصدق بماله كله. وأورد أبو داود (2/173 - 174) (كتاب الزكاة، باب في الرخصة في ذلك) حديث تصدقه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله - عنه يقول: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا. والحديث في صحيح الترمذي 5/277 (كتاب المناقب، باب منه) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. والحديث في: سنن الدارمي 1/391 - 392 (كتاب الزكاة، باب الرجل يتصدق بجميع ما عنده.)


    *********************

    والذين بايعوه هم أزهد (1) . الناس في الدنيا، وهو الذين أثنى الله عليهم ; وقد علم الخاص والعام زهد عمر وأبي عبيدة وأمثالهما، وإنفاق الأنصار أموالهم: كأسيد (2) . بن حضير وأبي طلحة [وأبي أيوب] وأمثالهم (3) ، ولم يكن عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بيت مال يعطيهم ما فيه، ولا كان هناك ديوان للعطاء يفرض لهم فيه، فالأنصار (4) . كانوا في أملاكهم وكذلك المهاجرون (5) .: من كان له شيء من مغنم أو غيره فقد كان له.

    وكانت سيرة أبي بكر في قسم الأموال (6) . التسوية، وكذلك سيرة علي [رضي الله عنه] (7) ، فلو بايعو عليا أعطاهم ما أعطاهم أبو بكر، مع كون قبيلته أشرف القبائل، وكون بني عبد مناف - وهم (8) . أشرف قريش الذين هم أقرب العرب - من بني أمية [وغيرهم] (9) . إذ ذاك، كأبي سفيان بن حرب [وغيره] (10) ، وبني هاشم - كالعباس وغيره - كانوا معه.

    (1) ن، م: والذين بايعوه فأزهد. . . إلخ
    (2) ن، م: كأسد، وهو خطأ
    (3) ن، م:. . . . وأبي طلحة وأمثالهما
    (4) أ، ب: والأنصار
    (5) ن، م: المهاجرين
    (6) ن، م: المال
    (7) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب)
    (8) ن: هم. وسقطت من (م)
    (9) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م)
    (10) وغيره: ساقطة من (ن) ، (م) .

    *********************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (88)
    صـ 54 إلى صـ 60


    وقد (1) . أراد أبو سفيان (2) . أن تكون الإمارة (3) . في بني عبد مناف - على عادة الجاهلية - فلم يجبه إلى ذلك علي ولا عثمان ولا غيرهما لعلمهم ودينهم (4) .فأي رياسة وأي مال كان لجمهور المسلمين بمبايعة أبي بكر؟ لا سيما وهو يسوي بين السابقين الأولين وبين آحاد المسلمين في العطاء، ويقول: إنما أسلموا لله، وأجورهم (5) . على الله، وإنما هذا المتاع بلاغ. وقال لعمر لما أشار عليه بالتفضيل في العطاء: أفأشتري منهم إيمانهم؟ فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين بايعوه (6) . أولا، كعمر وأبي عبيدة وأسيد بن حضير وغيرهم، سوى بينهم وبين الطلقاء الذين أسلموا عام الفتح، بل وبين من أسلم (7) . بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهل حصل لهؤلاء من الدنيا بولايته شيء؟

    (1) أ، ب: فقد
    (2) أ، ب: أبو سفيان وغيره
    (3) م: الإمامة
    (4) ن، م: لعلمه ودينه ; أ، ب: لعلمهم أو دينهم. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته. وقد لخص الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال، ص [0 - 9] 9، هذه العبارات كما يلي: " ثم كانت سيرته ومذهبه التسوية في الفيء، وكذلك سيرة علي، فلو بايعوا عليا أعطاهم كعطاء أبي بكر، مع كون قبيلته أشرف من بني تميم، وله عشيرة وبنو عم هم أشرف الصحابة من حيث النسب كالعباس وأبي سفيان والزبير وعثمان - ابني عمه - وأمثالهم. وقد كلم أبو سفيان عليا في ذلك ومت بشرفه، فلم يجبه علي لعلمه ودينه ".
    (5) م: وأجرهم
    (6) أ، ب: اتبعوهم ; م: بايعوا
    (7) أ، ب: وبين من أسلم ; ن، م: بل ومن أسلم، ولعل الصواب ما أثبته


    ***********************

    [الوجه الرابع أن يقال أهل السنة مع الرافضة كالمسلمين مع النصارى]

    ، فإن المسلمين يؤمنون بأن المسيح عبد الله ورسوله، ولا يغلون فيه غلو النصارى، ولا يجفون جفاء اليهود. والنصارى تدعي فيه الإلهية، وتريد أن تفضله على محمد وإبراهيم وموسى، بل تفضل الحواريين على هؤلاء الرسل، كما تريد الروافض أن تفضل من قاتل مع علي كمحمد بن أبي بكر والأشتر النخعي، على أبي بكر وعمر وعثمان وجمهور الصحابة من (1) المهاجرين والأنصار، فالمسلم إذا ناظر النصراني لا يمكنه أن يقول في عيسى إلا الحق، لكن إذا أردت أن تعرف جهل النصراني (2) وأنه لا حجة له، فقدر المناظرة بينه وبين اليهودي (3) ; فإن النصراني لا يمكنه أن يجيب عن شبهة اليهودي إلا بما يجيب به المسلم ; فإن لم يدخل في دين الإسلام وإلا كان منقطعا مع اليهودي، فإنه إذا أمر (4) بالإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم، فإن قدح في نبوته بشيء من الأشياء، لم يمكنه أن يقول شيئا إلا قال له اليهودي (5) في المسيح ما هو أعظم من ذلك، فإن البينات لمحمد أعظم من البينات للمسيح، وبعد أمر محمد (6) عن الشبهة أعظم من بعد المسيح عن

    (1) عبارة " الصحابة من ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: النصارى.
    (3) أ، ب: اليهود.
    (4) ن: أمن، وهو تحريف.
    (5) أ: إلا قاله اليهودي ; ب: إلا قال اليهودي.
    (6) أب: وبعد أمره.


    **********************

    الشبهة (1) ، فإن جاز القدح فيما دليله أعظم وشبهته أبعد عن الحق، فالقدح فيما دونه أولى، وإن كان القدح في المسيح باطلا، فالقدح في محمد أولى بالبطلان، فإنه إذا بطلت الشبهة القوية، فالضعيفة أولى بالبطلان، وإذا ثبتت الحجة التي غيرها أقوى منها فالقوية أولى بالثبات.

    (2 ولهذا كان مناظرة كثيرة من المسلمين للنصارى من هذا الباب، كالحكاية المعروفة عن القاضي أبي بكر بن الطيب 2) (2) لما أرسله المسلمون إلى ملك النصارى بالقسطنطينية، فإنهم عظموه وعرف النصارى (3) قدره، فخافوا أن لا يسجد للملك إذا دخل، فأدخلوه من باب صغير ليدخل منحنيا، ففطن لمكرهم، فدخل مستدبرا (4) متلقيا لهم بعجزه، ففعل نقيض ما قصدوه، ولما جلس وكلموه أراد بعضهم القدح في المسلمين، فقال له: ما قيل في عائشة امرأة نبيكم؟ يريد إظهار قول الإفك الذي يقوله [من يقوله من] الرافضة أيضا (5) ، فقال القاضي: ثنتان قدح فيهما ورميتا بالزنا (6) إفكا وكذبا: مريم وعائشة، فأما مريم فجاءت بالولد تحمله من غير زوج، وأما عائشة فلم تأت بولد مع أنه (7) كان لها زوج، فأبهت النصارى.

    (1) ن: عن السنة ; م: عن السبة، وهو تحريف.
    (2) (2 - 2) : بدلا من هذه العبارة في (ن) ، (م) : ومن هذا الباب ما حكي عن القاضي أبي بكر بن الطيب. وفي هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " قف على قصة عجيبة ".
    (3) ن، م: وعرفوا النصارى، وهو تحريف.
    (4) ن: مستديرا، وهو تحريف.
    (5)) ن، م: الذي تقوله الرافضة أيضا.
    (6) 23) ن، م: رميتا بالزنا وقدح فيهما.
    (7) 25) ن، م: مع أنها.


    *********************

    وكان مضمون كلامه أن ظهور براءة عائشة أعظم من ظهور براءة مريم، وأن الشبهة إلى مريم أقرب منها إلى عائشة، فإذا كان مع هذا قد ثبت كذب القادحين في مريم، فثبوت كذب القادحين في عائشة أولى (1) .

    ومثل هذه المناظرة أن يقع التفضيل بين طائفتين، ومحاسن إحداهما أكثر وأعظم (2) ، ومساويها (3) أقل وأصغر، فإذا ذكر ما فيها من ذلك عورض بأن مساوئ تلك أعظم ; كقوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} [ثم قال] (4) {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] (5) ، فإن الكفار عيروا سرية من سرايا المسلمين بأنهم قتلوا ابن الحضرمي في الشهر الحرام، فقال تعالى: هذا كبير وما عليه المشركون من الكفر بالله والصد عن سبيله وعن المسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله، فإن هذا صد عما لا تحصل النجاة

    (1) قصة الباقلاني مع ملك الروم ومناقشته مع النصارى مذكورة في " تبيين كذب المفتري " لابن عساكر، ص 218 - 219 ; تاريخ بغداد 5/379 - 380، وانظر ترجمته المنقولة عن كتاب " ترتيب المدارك " للقاضي عياض، في آخر نشرة الدكتور محمد عبد الهادي أبي ريدة، والأستاذ محمود الخضيري لكتاب التمهيد، ص 250 - 256، ط. لجنة التأليف، القاهرة، 1366/1947. وسبقت ترجمة الباقلاني 1/394.
    (2) ن، م: أعظم وأكثر.
    (3) أ: ومساويهما.
    (4) ثم قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) عبارة " والفتنة أكبر من القتل ": ليست في (ن) ، (م) .


    ***************************

    والسعادة إلا به، وفيه من انتهاك المسجد الحرام ما هو أعظم من انتهاك الشهر الحرام.

    لكن هذا النوع (1) قد اشتملت كل من الطائفتين فيه (2) على ما يذم، وأما النوع الأول فيكون كل من الطائفتين لا يستحق الذم، بل هناك شبه (3) في الموضعين وأدلة في الموضعين (4) ، وأدلة أحد الصنفين أقوى وأظهر، وشبهته (5) أضعف وأخفى، فيكون أولى بثبوت الحق ممن تكون أدلته أضعف وشبهته أقوى.

    وهذا حال النصارى واليهود مع المسلمين، وهو حال أهل البدع مع أهل السنة [لا سيما الرافضة] (6) .

    وهكذا أمر [أهل] (7) السنة مع الرافضة في أبي بكر وعلي، فإن الرافضي لا يمكنه أن يثبت إيمان علي وعدالته وأنه من أهل الجنة - فضلا عن إمامته - إن (8) لم يثبت ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان، وإلا فمتى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تساعده الأدلة، كما أن النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الأدلة، فإذا

    (1) ب (فقط) : لكن في هذا النوع.
    (2) فيه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: شبهة.
    (4) ن، م: للموضعين
    (5) ن، م، أ: وشبهتهم.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) أهل: زيادة في (ب) فقط.
    (8) ن، م: إذ.


    *******************

    قالت (1) له الخوارج الذين يكفرون عليا أو النواصب الذين يفسقونه: إنه كان ظالما طالبا للدنيا، وإنه طلب الخلافة لنفسه وقاتل عليها بالسيف، وقتل على ذلك ألوفا من المسلمين حتى عجز عن انفراده بالأمر، وتفرق عليه أصحابه وظهروا عليه فقاتلوه، فهذا (2) الكلام إن كان فاسدا ففساد كلام الرافضي في أبي بكر وعمر أعظم (3) ، وإن كان ما قاله في أبي بكر وعمر متوجها مقبولا فهذا أولى بالتوجه والقبول ; لأنه من المعلوم للخاصة والعامة أن من ولاه الناس باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدا لا بسيف ولا عصا، ولا أعطى أحدا ممن ولاه مالا (4) ، واجتمعوا عليه فلم يول أحدا من أقاربه وعترته، ولا خلف لورثته مالا من مال المسلمين وكان له مال [قد] أنفقه (5) في سبيل الله فلم يأخذ بدله، وأوصى أن يرد إلى بيت مالهم ما كان عنده لهم، وهو جرد قطيفة وبكر وأمة سوداء (6) ونحو ذلك، حتى قال عبد الرحمن بن عوف لعمر: أتسلب هذا آل أبي بكر؟ قال: كلا والله، لا يتحنث فيها (7) أبو بكر وأتحملها أنا. وقال: يرحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت الأمراء بعدك (8) .

    (1) ن، م: قال.
    (2) ن، م: فقاتله وهذا، وهو خطأ.
    (3) ن، م، أ: أعظم فسادا.
    (4) ن، م: ولا أعطاه مالا.
    (5) ن، م: ولو كان له مال أنفقه.
    (6) ن، م: وأمة سوداء وبكر.
    (7) ن: يتحنث عنها ; ك: يتحنث منها.
    (8) هذا الخبر مروي في طبقات ابن سعد 3/196 - 197. وجرد قطيفة أي: قطيفة انجرد خملها وخلقت (اللسان مادة جرد) .


    ***********************

    ثم مع هذا لم يقتل مسلما على ولايته، ولا قاتل مسلما بمسلم، بل قاتل بهم المرتدين [عن دينهم] (1) والكفار، حتى شرع بهم في فتح الأمصار، واستخلف القوي الأمين العبقري، الذي فتح الأمصار ونصب الديوان وعمر (2) بالعدل والإحسان.

    فإن جاز للرافضي أن يقول: إن هذا كان طالبا (3) للمال (4) والرياسة، أمكن الناصبي أن يقول: كان علي ظالما طالبا للمال والرياسة، قاتل على الولاية حتى قتل المسلمين بعضهم بعضا، ولم يقاتل كافرا، ولم يحصل للمسلمين في مدة ولايته إلا شر وفتنة في دينهم ودنياهم.

    فإن جاز أن يقال: علي كان مريدا لوجه الله، والتقصير من غيره من الصحابة، أو يقال: كان مجتهدا مصيبا وغيره مخطئا مع هذه (5) الحال، فأن (6) يقال: كان أبو بكر وعمر مريدين وجه الله مصيبين، والرافضة مقصرون في معرفة حقهم مخطئون في ذمهم بطريق الأولى [والأحرى] (7) ، فإن أبا بكر وعمر كان بعدهما عن شبهة طلب الرياسة والمال أشد من بعد علي عن ذلك، وشبهة الخوارج الذين ذموا عليا وعثمان وكفروهما أقرب من شبهة الرافضة الذين ذموا أبا بكر وعمر

    (1) عن دينهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: وعم.
    (3) ن، م: كان هذا طالبا.
    (4) ن (فقط) : للكمال.
    (5) هذه: ساقطة من (أ) .
    (6) ن، م: فإنه.
    (7) والأحرى: زيادة في (ب) ، (م) . وفي (أ) : والأخرى.


    **************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (89)
    صـ 61 إلى صـ 67

    وعثمان وكفروهم (1) ، فكيف بحال الصحابة [والتابعين] (2) الذين تخلفوا عن بيعته أو قاتلوه؟ فشبهتهم أقوى من شبهة من قدح في أبي بكر وعمر وعثمان، فإن أولئك قالوا: ما يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا (3) ويمنعنا ممن يظلمنا ويأخذ حقنا ممن ظلمنا، فإذا لم يفعل هذا كان عاجزا أو ظالما وليس علينا أن نبايع عاجزا أو ظالما (4) .وهذا الكلام إذا كان باطلا، فبطلان قول من يقول: إن أبا بكر وعمر كانا ظالمين طالبين للمال والرياسة (5) أبطل وأبطل. وهذا الأمر لا يستريب فيه من له بصر ومعرفة، وأين (6) شبهة مثل أبي موسى الأشعري (* الذي وافق عمرا (7) على عزل علي ومعاوية، وأن يجعل الأمر شورى في المسلمين *) (8) من شبهة عبد الله بن سبأ (9) وأمثاله الذين يدعون أنه إمام معصوم، أو أنه إله أو نبي (10) ؟ بل أين شبهة الذين رأوا أن يولوا معاوية من شبهة الذين يدعون أنه إله أو نبي؟ فإن هؤلاء كفار باتفاق المسلمين بخلاف أولئك.

    (1) ب: ذموا أبا بكر وعمر وكفروهما.
    (2) والتابعين: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن: نعدل عليا، وهو تحريف.
    (4) ن، م: عاجزا ولا ظالما.
    (5) أ، ب: للرياسة والمال.
    (6) ن: وأنى.
    (7) ن: عمر، وهو خطأ.
    (8) : ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (9) ن، م: عبد الله بن سنا، وهو تحريف.
    (10) سبقت الإشارة من قبل إلى عبد الله بن سبأ ومقالته. انظر هذا الكتاب 1/23 - 24، 308.


    **********************

    ومما يبين هذا أن الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته [مع كونهم على مذهب الرافضة، ولا يمكنهم ذلك إلا إذا صاروا من أهل السنة] (1) ، فإذا قالت لهم الخوارج وغيرهم ممن تكفره أو تفسقه: لا نسلم أنه كان مؤمنا، بل كان كافرا أو ظالما - كما يقولون [هم] (2) في أبي بكر وعمر - لم يكن لهم دليل على إيمانه وعدله (3) إلا وذلك (4) الدليل على إيمان (5) أبي بكر وعمر وعثمان أدل.

    فإن احتجوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده، فقد تواتر ذلك عن هؤلاء، بل تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أمية وبني العباس، وصلاتهم وصيامهم وجهادهم للكفار، فإن ادعوا في واحد من هؤلاء النفاق أمكن الخارجي أن يدعي النفاق، وإذا ذكروا شبهة ذكر ما هو أعظم منها.

    وإذا قالوا ما تقوله أهل الفرية من أن أبا بكر وعمر كانا منافقين في الباطن عدوين للنبي - صلى الله عليه وسلم - أفسدا دينه بحسب الإمكان، أمكن الخارجي أن يقول ذلك في (* علي، ويوجه ذلك بأن يقول: كان يحسد ابن عمه، والعداوة (6) في الأهل، وأنه كان يريد فساد دينه فلم

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) هم: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : هو، وهو تحريف.
    (3) م: وعدالته.
    (4) أ، ب: وذاك.
    (5) إيمان: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) والعداوة: كذا في (م) ، والكلمة غير ظاهرة في (ن) .


    **********************

    يتمكن من ذلك في *) (1) حياته وحياة الخلفاء الثلاثة ; حتى سعى في قتل الخليفة الثالث وأوقد الفتنة حتى تمكن من (2) قتل أصحاب محمد وأمته بغضا له وعداوة، وأنه كان مباطنا للمنافقين الذين ادعوا فيه الإلهية والنبوة، وكان يظهر (3) خلاف ما يبطن ; لأن دينه التقية، فلما أحرقهم بالنار أظهر إنكار ذلك، وإلا فكان في الباطن معهم، ولهذا كانت الباطنية من أتباعه وعندهم سره، وهم ينقلون عنه الباطن الذين ينتحلونه.

    ويقول الخارجي مثل هذا الكلام الذي يروج على كثير من الناس أعظم (4) مما يروج كلام الرافضة في الخلفاء الثلاثة ; لأن شبه (5) الرافضة أظهر فسادا من شبه (6) الخوارج والنواصب (7) ، والخوارج (8) أصح منهم عقلا وقصدا، والرافضة أكذب وأفسد دينا.

    وإن أرادوا إثبات إيمانه وعدالته بنص (9) القرآن عليه، قيل لهم (10) : القرآن عام، وتناوله له ليس بأعظم (11) من تناوله لغيره، (* وما من آية يدعون اختصاصها به إلا أمكن أن يدعى اختصاصها

    (1) : ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) أ: حتى غلا من ; ب: حتى غلا في.
    (3) ن، م: ويظهر.
    (4) ن، م: أكثر.
    (5) أ، ب: شبهة.
    (6) أ، ب: شبهة.
    (7) والنواصب: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: وهم.
    (9) ن، م: بنبأ.
    (10) لهم: زيادة في (ن) فقط.
    (11) ن، م: ليس أعظم.


    ***********************

    أو اختصاص مثلها أو أعظم منها بأبي بكر وعمر، فباب الدعوى بلا حجة ممكنة، والدعوى في فضل الشيخين أمكن منها *) (1) في فضل غيرهما.

    وإن قالوا: ثبت (2) ذلك بالنقل والرواية ; فالنقل والرواية في أولئك أشهر وأكثر (3) ; فإن ادعوا تواترا فالتواتر هناك أصح، وإن اعتمدوا على نقل الصحابة فنقلهم لفضائل أبي بكر وعمر أكثر.

    ثم هم يقولون: إن الصحابة ارتدوا إلا نفرا قليلا، فكيف تقبل رواية هؤلاء في فضيلة أحد؟ ولم يكن في الصحابة رافضة كثيرون يتواتر نقلهم، فطريق النقل مقطوع عليهم إن لم يسلكوا طريق (* أهل السنة، كما هو مقطوع على النصارى في إثبات نبوة المسيح إن لم يسلكوا طريق *) (4) المسلمين.

    وهذا كمن أراد أن يثبت فقه ابن عباس دون علي، أو فقه ابن عمر دون أبيه، أو فقه علقمة والأسود (5) دون ابن مسعود، ونحو ذلك من الأمور التي يثبت فيها للشيء حكم دون ما هو أولى (6) بذلك الحكم منه، فإن هذا تناقض ممتنع عند من سلك طريق العلم والعدل.

    (1) : ما بين النجمتين ساقطة من (م) .
    (2) ن: يثبت.
    (3) أ، ب: أكثر وأشهر.
    (4) : ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (5) في الصحابة والتابعين أكثر من واحد اسمه علقمة أو الأسود، ولكن الأرجح أن ابن تيمية يقصد اثنين من تلامذة ابن مسعود - رضي الله عنهما - علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي (ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/276 - 278 ; طبقات ابن سعد 6/86 - 92) والأسود بن يزيد بن قيس النخعي (ترجمته في: تهذيب التهذيب 1/342 - 343 ; طبقات ابن سعد 6/70 - 75) .
    (6) ن (فقط) : دون غيره ما هو أولى. . . إلخ، وهو تحريف.




    ***********************

    ولهذا كانت الرافضة من أجهل الناس وأضلهم (1) ، كما أن النصارى من أجهل الناس، والرافضة من أخبث الناس، كما أن اليهود من أخبث الناس، ففيهم نوع من ضلال النصارى، ونوع من خبث اليهود.

    [الوجه الخامس تمثيل ابن المطهر بقصة عمر بن سعد من أقبح القياس]

    الوجه الخامس: أن يقال: تمثيل هذا بقصة عمر بن سعد (2 لما خيره عبيد الله بن زياد بين الخروج في السرية التي أرسلها إلى الحسين، وبين عزله عن الري من أقبح القياس، فإذا كان عمر بن سعد 2) (2) طالبا للرياسة والمال مقدما على المحرم لأجل ذلك، أفيلزم (3) أن يكون السابقون الأولون بهذه الحال؟ .

    وهذا أبوه سعد بن أبي وقاص كان من أزهد الناس في الإمارة والولاية، ولما وقعت الفتنة اعتزل الناس في قصره بالعقيق (4) ، وجاءه [عمر] ابنه (5) هذا فلامه على ذلك، وقال [له] (6) : الناس في المدينة يتنازعون الملك وأنت هاهنا (7) ! فقال: اذهب فإني سمعت رسول الله (8) - صلى الله عليه وسلم - يقول: " «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي» " (9) .

    (1) ن، م، أ: وأظلمهم.
    (2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: فيلزم.
    (4) ، م: بالعقيق في قصره.
    (5) ن: فجاء ابنه ; م: وجاء ابنه.
    (6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ن، م: وأنت هنا.
    (8) أ، ب: النبي.
    (9) في المسند (ط. المعارف) 3/26 (رقم 1441) عن عامر بن سعد، أن أخاه عمر انطلق إلى سعد في غنم له خارجا من المدينة، فلما رآه سعد قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فلما أتاه قال: يا أبت، أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة؟ فضرب سعد صدر عمر، وقال: اسكت، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ". والحديث في مسلم مع اختلاف في اللفظ 4/2277 (كتاب الزهد والرقاق، الباب الأول) وللحديث رواية أخرى مختلفة في المسند (ط. المعارف) 3/56 - 66 (رقم 1529) .


    **********************

    وهذا ولم يكن قد بقي أحد (1) من أهل الشورى غيره وغير علي - رضي الله عنهما (2) ، وهو الذي فتح العراق وأذل جنود (3) كسرى، وهو آخر العشرة موتا، فإذا لم يحسن أن يشبه بابنه عمر أيشبه (4) به أبو بكر وعمر وعثمان؟ .

    هذا وهم لا يجعلون محمد بن أبي بكر بمنزلة أبيه، بل يفضلون محمدا ويعظمونه ويتولونه لكونه آذى عثمان، وكان من خواص أصحاب علي ; لأنه كان ربيبه، ويسبون أباه أبا بكر ويلعنونه.

    فلو أن النواصب فعلوا بعمر بن سعد مثل ذلك: فمدحوه على قتل الحسين لكونه كان من شيعة عثمان، ومن المنتصرين له (5) ، وسبوا أباه سعدا لكونه تخلف عن القتال مع معاوية والانتصار لعثمان ; هل كانت النواصب لو فعلت ذلك إلا من جنس الرافضة؟ بل الرافضة شر منهم، فإن أبا بكر أفضل من سعد، وعثمان كان أبعد عن استحقاق القتل من الحسين، وكلاهما مظلوم شهيد، رضي الله عنهما.

    (1) ن (فقط) : أحد قد بقي.
    (2) ن: عليهما السلام ; م: عليه السلام.
    (3) ن: جيوش.
    (4) ن: أن يشبه بالله عمر أشبه ; م: أن يشبه بأبيه عمر الشبيه.
    (5) ن (فقط) : من شيعة عثمان وكان من خواص أصحاب علي ومن المنتصرين له، وهو خطأ.


    *****************************

    ولهذا كان الفساد الذي حصل في الأمة بقتل عثمان أعظم من الفساد الذي حصل في الأمة بقتل الحسين، وعثمان من السابقين الأولين وهو خليفة مظلوم طلب منه أن ينعزل (1) بغير حق فلم ينعزل، ولم يدفع (2) عن نفسه حتى قتل، والحسين - رضي الله عنه - لم يكن متوليا وإنما كان طالبا للولاية حتى رأى أنها متعذرة، وطلب (3) منه أن يستأسر نفسه (4) ; ليحمل إلى يزيد مأسورا فلم يجب إلى ذلك، وقاتل حتى قتل شهيدا مظلوما (5) ، فظلم عثمان كان أعظم، وصبره وحلمه [كان] (6) أكمل، وكلاهما مظلوم شهيد.

    ولو مثل ممثل طلب علي والحسين للأمر (7) بطلب الإسماعيلية كالحاكم (8) وأمثاله، وقال: إن عليا والحسين (9) كانا ظالمين طالبين

    (1) أ: يقول ; ب: يعزل.
    (2) أ، ب: يقاتل. وسقطت الكلمة من (م) .
    (3) ن، م: فطلب.
    (4) أ، ب: ليستأسر.
    (5) أ، ب: مظلوما شهيدا.
    (6) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) أ، ب: الأمر.
    (8) الحاكم بأمر الله منصور بن نزار بن معد بن إسماعيل بن محمد، سادس الخلفاء العبيديين الإسماعيلية، الذين كانوا يلقبون أنفسهم بالفاطميين، ولد في القاهرة سنة 357، وتولى الخلافة بعد وفاة والده العزيز سنة 386، وعمره إحدى عشرة سنة، ثم قام سنة 408 بمعونة محمد بن إسماعيل الدرزي بالدعوة إلى تأليه نفسه، وفتح سجلا تكتب فيه أسماء المؤمنين به، وانتهي حكم الحاكم بأمر الله سنة 411، بعد اختفائه، ويقال إنه اغتيل، وكان حكمه متسما بالقسوة والبطش والتصرفات المتناقضة الحمقاء. انظر سيرته وترجمته في: وفيات الأعيان 4/379 - 383 ; محمد عبد الله عنان: الحاكم بأمر الله، الطبعة الثانية ; ط. لجنة التأليف، 1379/1959 ; جراف: مادة " الحاكم بأمر الله "، دائرة المعارف الإسلامية ; الأعلام للزركلي 8/246 - 247.
    (9) ن: والحسن، وهو خطأ.


    *************************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (90)
    صـ 68 إلى صـ 74

    للرياسة بغير حق، بمنزلة الحاكم وأمثاله من ملوك بني عبيد، أما كان يكون كاذبا مفتريا في ذلك لصحة إيمان علي والحسين ودينهما وفضلهما، ولنفاق هؤلاء وإلحادهم؟ .وكذلك من شبه عليا والحسين ببعض من قام من الطالبيين أو غيرهم بالحجاز أو الشرق أو الغرب يطلب الولاية بغير حق ويظلم الناس في أموالهم وأنفسهم (1) ، أما كان يكون ظالما كاذبا؟ .
    فالمشبه لأبي بكر وعمر بعمر بن سعد أولى بالكذب والظلم، ثم غاية عمر بن سعد وأمثاله أن يعترف بأنه طلب الدنيا بمعصية يعترف (2) أنها معصية، وهذا ذنب كثير [وقوعه] من المسلمين (3) .
    وأما الشيعة فكثير منهم يعترفون بأنهم إنما (4) . قصدوا بالملك إفساد دين الإسلام ومعاداة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما يعرف ذلك من خطاب الباطنية وأمثالهم من الداخلين في الشيعة، فإنهم يعترفون بأنهم في الحقيقة لا يعتقدون دين الإسلام، وإنما يتظاهرون بالتشيع لقلة عقل الشيعة وجهلهم، ليتوسلوا بهم إلى أغراضهم.

    وأول هؤلاء - بل خيارهم - هو المختار بن أبي عبيد الكذاب (5) . فإنه

    (1) ن، م: ببعض أمراء الحجاز الذين يطلبون الملك بغير حق ويظلمون الناس في أنفسهم وأموالهم. . . إلخ.
    (2) ن: معترف ; م: فعبروا، وهو تحريف.
    (3) ن، م: وهذا ذنب كثير من المسلمين.
    (4) ن، م: إذا، وهو خطأ
    (5) المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي أبو إسحاق، دعا الشيعة إلى بيعة محمد بن الحنفية، وزعم أنه استخلفه فتبعه الكثيرون، ثم قتل أكثر قتلة الحسين، وحارب جيش بني أمية وقتل عبيد الله بن زياد وتمت له ولاية الكوفة والجزيرة وغيرهما، وادعى بعد ذلك النبوة ونزول الوحي عليه، ثم حاربه مصعب بن الزبير حتى قتله سنة 67. وتنسب إلى المختار فرق الكيسانية من الرافضة ويسمى الشهرستاني وغيره أتباعه خاصة المختارية، ويقال إنه كان يلقب بكيسان، وقيل بل أخذ مقالته عن مولى لعلي - رضي الله عنه - اسمه كيسان. انظر أخبار المختار وسيرته في: تاريخ الطبري (ط. المعارف) 5/569 - 582، أحداث سنة 66، 67، 6/5 - 116 ; الأخبار الطوال للدينوري (ط. وزارة الثقافة، 1960) ، ص [0 - 9] 88 - 308 ; تاريخ أبي الفدا (ط. الحسينية) 1/194 - 195 ; مروج الذهب للمسعودي 3/105 - 107 ; سير أعلام النبلاء للذهبي 3/353 - 356 ; لسان الميزان 6 ; الأعلام للزركلي 8/70 - 71 ; الفرق بين الفرق، ص 26 - 34 ; الملل والنحل 1/132 - 134 ; فرق الشيعة للنوبختي (ط. المطبعة الحيدرية بالنجف، 1379/1959) ، ص [0 - 9] 4 - 45، 48. وانظر كتاب المختار الثقفي، سلسلة العرب، تأليف د. علي الخربوطلي، القاهرة، 1963


    *****************

    كان أمير (1) الشيعة، وقتل عبيد الله (2) بن زياد، وأظهر الانتصار للحسين حتى قتل قاتله، وتقرب بذلك إلى محمد بن الحنفية (3) وأهل البيت، ثم ادعى النبوة وأن جبريل يأتيه.

    وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «سيكون في ثقيف كذاب ومبير» (4) " فكان الكذاب هو المختار بن أبي

    (1) أ، ب: أمين.
    (2) ن: عبد الله، وهو خطأ.
    (3) انظر ترجمته فيما سبق 1/12 (ت [0 - 9] ) . وانظر ترجمته أيضا في: تهذيب الأسماء واللغات للنووي (ط. المنيرية) ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 8 - 89 ; طبقات ابن سعد 5/91 - 116 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 6 ; الأعلام للزركلي 7/152 - 153.
    (4) أورد مسلم في صحيحه 4/1971 - 1972 في (كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها) حديثا طويلا جاء فيه أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت للحجاج: " أما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها ". وفي المسند (ط. المعارف) 7/18 (حديث رقم 4790) عن ابن عمر: " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن في ثقيف مبيرا وكذابا ". وقال النووي (شرح مسلم 16/100) : " والمبير المهلك ".

    **********************

    عبيد، وكان المبير هو الحجاج بن يوسف الثقفي (1) .

    ومن المعلوم أن عمر بن سعد أمير السرية التي قتلت (2) الحسين، مع ظلمه وتقديمه الدنيا على الدين، لم يصل في المعصية إلى فعل المختار بن أبي عبيد الذي أظهر الانتصار للحسين وقتل قاتله، بل [كان] (3) هذا أكذب وأعظم ذنبا من عمر بن سعد، فهذا الشيعي شر من ذلك الناصبي، بل والحجاج [بن يوسف] (4) خير من المختار [بن أبي عبيد] (5) ، فإن الحجاج كان مبيرا كما سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - يسفك الدماء بغير حق، والمختار كان كذابا يدعي النبوة (6) وإتيان جبريل

    (1) أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل بن مسعود الثقفي، ولد سنة 41، في بلدة الطائف وقلده عبد الملك بن الوليد أمر عسكره، وقاتل به عبد الله بن الزبير فقتله سنة 73، فولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف، ثم ولاه العراق فأخمد الثورة بها، وثبتت له الإمارة عشرين سنة، وهو الذي بنى مدينة واسط وبها كانت وفاته سنة 95. انظر سيرته في: وفيات الأعيان 1/341 - 348 ; الأخبار الطوال، ص 314 - 329، الأعلام للزركلي 2/175 - 176 ; لامنس: مادة الحجاج، دائرة المعارف الإسلامية ; تاريخ الطبري 6/174 وما بعدها ; مروج الذهب 3/119 - 122، 132 - 164.
    (2) ن، م: قاتلت.
    (3) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) بن يوسف: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) بن أبي عبيد: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) أ، ب: الوحي.


    *******************

    إليه، وهذا الذنب أعظم من قتل النفوس، فإن هذا كفر، وإن كان لم يتب منه كان مرتدا، والفتنة أعظم من القتل.

    وهذا باب مطرد، لا تجد أحدا ممن تذمه الشيعة بحق أو باطل إلا وفيهم من هو شر منه، ولا تجد أحدا ممن تمدحه الشيعة إلا وفيمن تمدحه الخوارج من هو خير منه، فإن الروافض شر من النواصب، والذين تكفرهم أو تفسقهم الروافض هم أفضل من الذين تكفرهم أو تفسقهم النواصب.

    وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين، ويتكلمون بعلم وعدل، ليسوا من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء، ويتبرءون من طريقة الروافض والنواصب [جميعا] (1) ، ويتولون السابقين والأولين [كلهم] (2) ، ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم، ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها الله لهم، ولا يرضون بما فعله المختار ونحوه من الكذابين، ولا ما فعله (3) . الحجاج ونحوه من الظالمين، ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين، فيعلمون أن لأبي بكر وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما (4) فيها أحد [من الصحابة] (5) ، لا عثمان ولا علي [ولا غيرهما] (6) .

    (1) جميعا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: ويقولون السابقين الأولين، وسقطت " كلهم ".
    (3) أ، ب: ولا ما فعل
    (4) ن، م: يشركهما.
    (5) من الصحابة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ولا غيرهما: ساقطة من (ن) ، (م) .

    **********************

    وهذا كان متفقا عليه في الصدر الأول، [إلا أن يكون خلافا شاذا لا يعبأ به] (1) ، حتى أن الشيعة الأولى (2) أصحاب علي لم يكونوا يرتابون في تقديم أبي بكر وعمر عليه.

    كيف وقد ثبت عن علي (3) [من وجوه متواترة] (4) أنه كان يقول: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر " (5) ولكن كان طائفة من شيعة علي

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) أ: الأول.
    (3) أ، ب: عنه.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ذكرت من قبل نص حديث البخاري الذي رواه في صحيحه (5/7) عن محمد بن الحنفية عن أبيه. انظر هذا الكتاب 1/12، 308. وروى نفس الحديث بنفس السند ولكن باختلاف يسير في الألفاظ أبو داود في سننه 4/288 (كتاب السنة، باب في التفضيل) . وفي سنن ابن ماجه 1/39 (المقدمة، باب فضل عمر) عن عبد الله بن مسلمة قال: سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وخير الناس بعد أبي بكر عمر، وذكر السيوطي في الجامع الصغير 2/10 (ط. مصطفى الحلبي، 1358/1939) الحديث كالآتي: " خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر "، وذكر أن ابن عساكر روى الحديث عن علي والزبير معا، وحسن السيوطي الحديث، ولكن الألباني ضعفه، في (ضعيف الجامع الصغير وزيادته 3/137. أما في مسند أحمد فقد ورد الحديث في الجزء الثاني (ط. المعارف) بألفاظ متقاربة 24 مرة كالآتي: عن أبي جحيفة (الأحاديث 833، 835 - 837، 871، 878 - 880، 1054) وعن عبد خير الهمداني (الأحاديث 908، 909، 922، 932 - 934، 1030، 1031، 1040، 1052، 1060) وعن عبد خير عن أبيه (الأحاديث 926، 932) وعن وهب السوائي (الحديث 834) وعن علقمة بن قيس (الحديث 1051) . وقد صحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - سند جميع هذه الأحاديث ما عدا سند الأحاديث 922، 1030 فقد حسنهما، 1052 فقد ضعفه.


    **************************

    تقدمه (1) على عثمان، وهذه المسألة (2) أخفى من تلك.

    ولهذا كان أئمة [أهل] (3) السنة كلهم (4) متفقين على تقديم أبي بكر وعمر (5 من وجوه متواترة 5) (5) ، [كما هو مذهب أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل والثوري والأوزاعي والليث بن سعد، وسائر أئمة المسلمين من أهل الفقه والحديث والزهد والتفسير من المتقدمين والمتأخرين] (6) .

    وأما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما (7) ، وهي إحدى الروايتين عن مالك، وكان طائفة من الكوفيين يقدمون عليا، وهي إحدى الروايتين عن [سفيان] الثوري (8) ، ثم قيل: إنه رجع عن ذلك لما اجتمع به أيوب السختياني (9) وقال: من قدم عليا على عثمان فقد أزرى

    (1) ن، م: ولكن كانت طائفة من شيعته على تقديمه. . . إلخ.
    (2) ن: الملة، وهو خطأ.
    (3) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) كلهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (6) بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (7) ، م: فيها.
    (8) ، م: عن الثوري وهو سفيان بن مسروق الثوري أبو عبد الله، الإمام أمير المؤمنين في الحديث، ولد سنة خمس، وقيل: ست، وقيل: سبع وتسعين للهجرة وتوفي بالبصرة سنة 161. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/127 - 128 ; تهذيب التهذيب 4/111 - 115 ; طبقات ابن سعد 6/371 - 374 ; تاريخ بغداد 9/151 - 174 ; الأعلام للزركلي 2/158.
    (9) أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أبو بكر، من التابعين وكان سيد فقهاء عصره، ولد سنة 66 - وقيل 68 - وتوفي سنة 131. ترجمته في تهذيب التهذيب 1/397 - 399 ; طبقات ابن سعد 7/246 - 251 ; اللباب لابن الأثير 1/536 ; الأعلام للزركلي 1/382.


    *************************

    بالمهاجرين والأنصار. [وسائر أئمة السنة على تقديم عثمان، وهو مذهب جماهير أهل الحديث، وعليه يدل النص والإجماع والاعتبار] (1) .

    وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من تقديم جعفر أو تقديم طلحة أو نحو ذلك، فذلك في أمور مخصوصة لا تقديما عاما، [وكذلك ما ينقل عن بعضهم في علي] (2) .

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وقد ذكر الشيخ محمد بن أحمد السفاريني في كتابه " لوائح الأنوار البهية " المعروف بشرح عقيدة السفاريني 2/340 اتفاق علماء الأمة على تفضيل أبي بكر ثم عمر، ثم قال: " ثم اختلفوا فالأكثرون ومنهم الإمام أحمد والإمام الشافعي، وهو المشهور عن الإمام مالك، رضي الله عنهم، أن الأفضل بعد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما، وجزم الكوفيون - ومنهم سفيان الثوري - بتفضيل علي على عثمان، وقيل بالوقف عن التفضيل بينهما، وهو رواية عن مالك، فقد حكى أبو عبد الله المازري عن المدونة أن مالكا سئل: أي الناس أفضل بعد نبيهم؟ فقال: أبو بكر ثم عمر. ثم قال: أو في ذلك شك؟ فقيل له: وعلي وعثمان؟ فقال: ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على الآخر. . نعم حكى القاضي عياض عن الإمام مالك أنه رجع عن التوقف إلى تفضيل عثمان. قال القرطبي: وهو الأصح إن شاء الله تعالى. وقد نقل التوقف ابن عبد البر عن جماعة من السلف منهم الإمام مالك ويحيى القطان وابن معين ". وانظر في أمر المفاضلة بين عثمان وعلي، رضي الله عنهما: فتح الباري 7/14 - 15 ; الاستيعاب لابن عبد البر (المطبوع مع الإصابة) 3/51 - 54 ; ابن طاهر البغدادي: أصول الدين، ص 304 ; ابن حزم: الفصل 4/223 - 224 ; علي بن محمد بن أبي العز الحنفي: شرح الطحاوية (ط. دار البيان) ، ص [0 - 9] 85 ; الأشعري: مقالات الإسلاميين 2/131 ; الجويني: الإرشاد، ص [0 - 9] 31 ; العقائد العضدية للإيجي بشرح الدواني (تحقيق د. سليمان دنيا) 2/636 - 647، 1958.


    ****************************
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (91)
    صـ 75 إلى صـ 81

    [الرد على القسم الثاني من المقدمة]وأما قوله (1) : " وبعضهم اشتبه الأمر عليه (2) ورأى (3) لطالب الدنيا متابعا (4) ، فقلده [وبايعه] (5) وقصر في نظره، فخفي عليه الحق، فاستحق (6) ، المؤاخذة من الله (7) بإعطاء الحق لغير مستحقه "

    قال: " وبعضهم قلد لقصور فطنته، ورأى الجم الغفير فتابعه، وتوهم (8) أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى: {وقليل ما هم} [سورة ص: 24] ، {وقليل من عبادي الشكور} [سورة سبأ: 13] ".

    فيقال لهذا المفتري الذي جعل الصحابة الذين بايعوا أبا بكر ثلاثة أصناف: أكثرهم طلبوا الدنيا، وصنف قصروا في النظر، وصنف عجزوا عنه ; لأن الشر إما أن يكون لفساد القصد، وإما أن يكون للجهل، والجهل إما أن يكون لتفريط في النظر، وإما أن يكون لعجز عنه. وذكر (9) أنه كان في الصحابة (10) وغيرهم من قصر في النظر حين بايع أبا بكر، ولو نظر لعرف الحق، وهذا يؤاخذ على تفريطه بترك النظر الواجب. وفيهم

    (1) يكرر ابن تيمية هنا نص كلام ابن المطهر الذي ورد من قبل (ص [0 - 9]- 10) من هذا الجزء.
    (2) ن، م: عليه الأمر.
    (3) ن، م، أ: رأى.
    (4) ب: مبايعا.
    (5) وبايعه: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
    (6) ن، م، أ: فخفى الحق عليه واستحق.
    (7) أ، ب: الله تعالى.
    (8) ن، م: ورأى.
    (9) ن، م: فذكر
    (10) ن (فقط) : للصحابة.


    *************************

    من عجز عن النظر فقلد الجم الغفير، يشير بذلك إلى [سبب] (1) مبايعة أبي بكر.

    فيقال له: وهذا من الكذب الذي لا يعجز عنه أحد. والرافضة قوم بهت، فلو طلب من هذا المفتري دليل على ذلك، لم يكن له على ذلك دليل.

    والله [تعالى] (2) قد حرم القول بغير علم، فكيف إذا كان المعروف (3) ضد ما قاله؟ فلو لم نكن نحن عالمين بأحوال الصحابة، لم يجز أن نشهد عليهم بما لا نعلم من فساد القصد والجهل بالمستحق.

    قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [سورة الإسراء: 36] ، وقال تعالى: {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} [سورة آل عمران: 66] .

    فكيف إذا كنا نعلم أنهم كانوا أكمل هذه الأمة (4) عقلا [وعلما] (5) ودينا؟ كما قال فيهم [عبد الله] بن مسعود (6) : من كان [منكم] (7) مستنا

    (1) سبب: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ن، م: المعلوم.
    (4) ن، م: أكمل الناس.
    (5) وعلما: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: ابن مسعود ويقول ابن تيمية عن الأثر التالي المروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن غير واحد رواه، منهم ابن بطة عن قتادة، ولم أجده في نص " الإبانة " المطبوع، ولكنه مروي في " جامع بيان العلم وفضله " لابن عبد البر (ط. المنيرية) ، ص [0 - 9] 7 وسنده: حدثنا سنيد قال حدثنا معتمر عن سلام بن مسكين عن قتادة قال ابن مسعود. . . وسأقابل رواية ابن عبد البر على الرواية المذكورة هنا.
    (7) منكم: ساقطة من (ن) ، (م) .

    ************************

    فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة. أولئك أصحاب محمد كانوا والله أفضل هذه الأمة وأبرها قلوبا (1) ، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا (2) ، قوم اختارهم الله (3) لصحبة نبيه (4) وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم (5) واتبعوهم في آثارهم، (6 وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم 6) (6) ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. رواه غير واحد منهم ابن بطة عن قتادة.

    وروى هو غيره بالأسانيد المعروفة إلى زر بن حبيش، قال: قال [عبد الله] بن مسعود (7) : إن الله [تبارك]

    (1) ن، م، أ: الأمة: أبرها، وفي رواية ابن عبد البر: " من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا. . .
    (2) بعد كلمة " تكلفا " في جامع بيان العلم: وأقومها هديا وأحسنها حالا، قوما اختارهم. . . إلخ.
    (3) الله: ليست في (أ) ، (ب) .
    (4) جامع بيان العلم: نبيه - صلى الله عليه وسلم.
    (5) فضلهم: كذا في (أ) ، (ب) ، (م) وفي جامع بيان العلم، وفي (ن) : فعلهم.
    (6) (6 - 6) : غير موجود في جامع بيان العلم.
    (7) ن، م: ابن مسعود. ولم أجد الأثر التالي في نسخة " الإبانة " المطبوعة ولكني وجدته في المسند (ط. المعارف) 5/211 (رقم 3600) وسنده: حدثنا أبو بكر ثنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال. . . إلخ. وقال المحقق رحمه الله: " إسناده صحيح، وهو موقوف على ابن مسعود. وهو في مجمع الزوائد 1: 177 - 178، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجاله موثقون ". أما زر بن حبيش فترجمته في الجرح والتعديل: ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 22 - 623 وفيها: " زر بن حبيش الأسدي روى عن عمر وعلي وعبد الله وأبي. روى عنه الشعبي وإبراهيم وعاصم وأبو بردة والمنهال بن عمرو وعبدة بن أبي لبابة، سمعت أبي يقول ذلك. حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: زر بن حبيش ثقة. وانظر ترجمته أيضا في طبقات ابن سعد 6/104 - 105. وأما عاصم فهو عاصم بن بهدلة ويعرف بعاصم بن أبي النجود. قال ابن خلكان: كان أحد القراء السبعة والمشار إليه في القراءات، أخذ القراءة عن عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، وأخذ عنه أبو بكر بن عياش. . وتوفي عاصم في سنة 128 بالكوفة. وفي الخلاصة للخزرجي: وثقه أحمد وأحمد العجلي ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة، وقال الدارقطني: في حفظه شيء. وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/38 - 40 ; الخلاصة للخزرجي، ص 154 ; وفيات الأعيان 2/224 ; طبقات ابن سعد 6/320 - 321 ; الأعلام للزركلي 4/12. وأما أبو بكر فهو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي، اختلف في اسمه وفي تاريخ وفاته فقيل: إنه توفي سنة 173، وقيل: بل سنة 193. في الخلاصة للخزرجي (ص 383) : " وعنه ابن المبارك وابن مهدي وابن المديني وأحمد وقال: ثقة ربما غلط. وقال ابن عدي: لم أجد حديثا له منكرا إذا روى عنه ثقة. وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/386 ; تهذيب التهذيب 12 - 37.

    ***********************

    وتعالى (1) نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد (2) خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وابتعثه (3) برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - (4) فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه (5) المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه (6) المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ.

    (1) في (ن) ، (م) والمسند: الله تعالى.
    (2) المسند: محمد - صلى الله عليه وسلم.
    (3) المسند: فابتعثه.
    (4) المسند: محمد.
    (5) المسند: رأى.
    (6) المسند: رأوا.


    *************************

    وفي رواية: [قال أبو بكر بن عياش - الراوي لهذا الأثر عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه] (1) : وقد رأى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعا أن يستخلفوا أبا بكر.

    وقول (2) [عبد الله] (3) بن مسعود: كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، كلام جامع، بين فيه حسن قصدهم ونياتهم ببر القلوب، وبين فيه كمال المعرفة ودقتها بعمق العلم، وبين فيه تيسر ذلك عليهم وامتناعهم من القول بلا علم بقلة التكلف (4) .

    وهذا خلاف ما قاله [هذا] (5) المفتري، الذي وصف أكثرهم بطلب الدنيا وبعضهم بالجهل: إما عجزا وإما تفريطا.
    والذي قاله عبد الله حق، فإنهم خير هذه الأمة، كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم ; حيث قال: " «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» " (6) . وهم أفضل الأمة، الوسط الشهداء على الناس، الذين هداهم الله لما اختلف (7) فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فليسوا من

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: فقول.
    (3) عبد الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) ن: التكليف، وهو تحريف.
    (5) هذا: ساقطة من (ن) .
    (6) مضى هذا الحديث في هذا الجزء، ص [0 - 9] 5.
    (7) أ، ب: اختلفوا.


    **********************

    المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم، ولا من الضالين (1) الجاهلين كما قسمهم هؤلاء المفترون إلى ضلال وغواة، بل لهم كمال العلم وكمال القصد، إذا لو لم يكن كذلك (2) للزم أن لا تكون هذه الأمة خير الأمم، وأن (3) لا يكونوا خير الأمة، وكلاهما خلاف الكتاب والسنة.

    وأيضا فالاعتبار العقلي (4) يدل على ذلك، فإن من تأمل أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] (5) ، وتأمل أحوال اليهود والنصارى والصابئين (6) والمجوس والمشركين، تبين له من فضيلة هذه الأمة على سائر الأمم في العلم النافع والعمل الصالح ما يضيق هذا الموضع عن بسطه.

    والصحابة أكمل الأمة في ذلك بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، ولهذا لا تجد أحدا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله، وتجد من ينازع في ذلك كالرافضة [من أجهل] (7) الناس.

    ولهذا لا يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي، ولا في أئمة الحديث [ولا في أئمة] (8) الزهد والعبادة، ولا في الجيوش المؤيدة

    (1) م: الظالمين.
    (2) ن، م: ذلك.
    (3) ن، أ: أو أن.
    (4) ن: فاعتبار العقل.
    (5) - صلى الله عليه وسلم: ليست في (ن) .
    (6) والصابئين: ساقطة من (م) .
    (7) من: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) ولا في أئمة: ساقطة من (ن) ، (م) . وفي (أ) : ولا أئمة.


    *********************

    المنصورة جيش رافضي (1) ، ولا في الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا [عدوه] (2) من هو رافضي، ولا في الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضي.

    وأكثر ما تجد الرافضة إما في (3) الزنادقة المنافقين (4) الملحدين، وإما في جهال ليس لهم علم لا (5) بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشأوا بالبوادي والجبال، أو تحيزوا عن (6) المسلمين فلم يجالسوا أهل العلم والدين، وإما في ذوي الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال، أو [له] (7) نسب يتعصب له كفعل [أهل] (8) الجاهلية.

    وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين، فليس في هؤلاء رافضي لظهور الجهل والظلم في قولهم، وتجد ظهور الرفض (9) في شر الطوائف كالنصيرية والإسماعيلية والملاحدة الطرقية (10) ، وفيهم من

    (1) أ: ولا في أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة بجيش رافضي ; ب: ولا في أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة رافضي.
    (2) عدوه: ساقطة من (ن) .
    (3) ن، م: من.
    (4) المنافقين: ساقطة من (م) .
    (5) لا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) أ: أو تحيزوا على ; ب: وتجبروا على.
    (7) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) أهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ن: الروافض ; م: الطوائف.
    (10) ويقصد بهم ابن تيمية أصحاب الطرق الصوفية من القائلين بأقوال مخالفة للإسلام كأتباع ابن عربي وابن سبعين وغيرهم.


    ************************
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (92)
    صـ 82 إلى صـ 88

    الكذب والخيانة وإخلاف (1) الوعد ما يدل على نفاقهم، كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " زاد مسلم: " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم» " (2) .وأكثر ما توجد هذه الثلاث في طوائف أهل القبلة في الرافضة.
    وأيضا فيقال لهذا المفتري: هب أن الذين بايعوا الصديق كانوا كما ذكرت: إما طالب دنيا، وإما جاهل فقد جاء بعد أولئك في قرون الأمة من يعرف كل أحد ذكاءهم وزكاءهم (3) ، مثل: سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وعلقمة والأسود وعبيدة السلماني وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء جابر بن زيد (4) ،


    (1) ن، م: واختلاف.
    (2) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 1/12 (كتاب الإيمان، باب علامة المنافق) ، 3/180 (كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد) ; مسلم 1/78 - 79 (كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق) من أربعة طرق وزاد في الطريقين الأخرين: " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم " ; سنن الترمذي 4/130 (كتاب الإيمان، باب في علامة المنافق) . وقال الترمذي: " وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأنس وجابر ".
    (3) أ: ركاهم وزكاهم ; ب: زكاءهم وذاءهم.
    (4) ن، م: جابر بن يزيد، وهو خطأ. وأبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي البصري من أئمة التابعين ومن أصحاب ابن عباس - رضي الله عنه. ولد سنة 21 وتوفي سنة 93. ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/38 - 39 ; طبقات ابن سعد 7/179 - 182: تذكرة الحفاظ 1/67 - 68 ; الأعلام للزركلي 2/91.
    **************************

    [وعلي بن زيد] (1) وعلي بن الحسين (2) وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد [بن أبي بكر] (3) وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ومطرف بن الشخير ومحمد بن واسع وحبيب العجمي ومالك بن دينار ومكحول والحكم بن عتيبة (4) ويزيد بن أبي حبيب، ومن لا يحصي عددهم (5) إلا الله.


    ثم بعدهم مثل (6) أيوب السختياني وعبد الله بن عون ويونس بن عبيد


    (1) وعلي بن زيد: ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) أ، ب: وعلي بن الحسن. والأرجح أن المقصود هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين ولد سنة 38 وتوفي سنة 94، وهو من سادات التابعين. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/429 ; طبقات ابن سعد 5/211 - 222 الأعلام للزركلي 5/86.
    (3) ن، م: القاسم بن محمد. وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، كان من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة ولد سنة 37، واختلف في سنة وفاته وقيل سنة 107. . انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/224 ; طبقات ابن سعد 5/187 - 194 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص 118 ; نكت الهميان للصفدي، ص [0 - 9] 30 ; الأعلام للزركلي 6/15.
    (4) أ، ب: الحكم بن عتبة ; ن، م: الحكم بن عيينة، والصواب ما أثبته. وسبق ذكره قبل صفحات (ص [0 - 9] 0) توفي بالكوفة سنة 115. قال ابن إدريس: وكان الحكم بن عتيبة ثقة فقيها عالما رفيعا كثير الحديث. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/331 - 332 ; الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 23 - 125 ; الخلاصة للخزرجي، ص [0 - 9] 6. ويرى ابن حجر (لسان الميزان 2/336) أنه هو الحكم بن عتيبة بن النحاس ويرد قول ابن أبي حاتم وابن الجوزي بأنه غير الإمام المشهور.
    (5) ن، م: عدده.
    (6) مثل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    ****************************** **

    وجعفر بن محمد والزهري وعمرو بن دينار ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد ويحيى بن أبي كثير وقتادة ومنصور بن المعتمر والأعمش وحماد بن أبي سليمان وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة.ومن بعد هؤلاء مثل مالك بن أنس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة والليث [بن سعد] (1) والأوزاعي وأبي حنيفة وابن أبي ليلى وشريك وابن أبي ذئب وابن الماجشون.ومن بعدهم مثل يحيى بن سعيد [القطان] (2) وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن القاسم وأشهب بن عبد العزيز وأبي يوسف ومحمد [بن الحسن] (3) والشافعي وأحمد [بن حنبل] (4) وإسحاق [بن راهويه] (5) وأبي عبيد وأبي ثور ومن لا يحصي عدده إلا الله، ممن ليس لهم غرض في تقديم غير الفاضل لا لأجل رياسة ولا مال، وممن هم من أعظم (6) الناس نظرا في العلم وكشفا لحقائقه، وهم كلهم متفقون على تفضيل أبي بكر وعمر.(* بل الشيعة الأولى الذين كانوا على عهد علي كانوا يفضلون أبا بكر



    (1) ابن سعد: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) القطان: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ابن الحسن: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) ابن حنبل: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ابن راهويه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ن: ومن هو أعظم ; م: وممن هو أعظم.
    ****************************

    وعمر. وقال ابن القاسم: سألت مالكا عن أبي بكر وعمر *) (1) ، فقال: ما رأيت أحدا [ممن] (2) أقتدي به (3) يشك في تقديمهما، يعني على علي وعثمان (4) ، فحكى إجماع أهل المدينة (5) على تقديمهما.


    وأهل المدينة لم يكونوا مائلين إلى بني أمية كما كان أهل الشام، بل قد خلعوا بيعة يزيد، وحاربهم عام الحرة وجرى بالمدينة ما جرى (6) ، ولم يكن أيضا قتل علي (7) منهم أحدا كما قتل من أهل البصرة ومن أهل (8) الشام بل كانوا يعدونه (9) من علماء المدينة إلى أن خرج منها، وهم


    (1) : ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) ممن: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) في المنتقى: من منهاج الاعتدال للذهبي، ص 78: أهتدي به.
    (4) سبق أن نقلت (ص [0 - 9] 4 ت [0 - 9] ) عن السفاريني قوله: " فقد حكى أبو عبد الله المازري عن المدونة أن مالكا سئل: أي الناس أفضل بعد نبيهم؟ فقال: أبو بكر وعمر. ثم قال: أو في ذلك شك؟ ".
    (5) ن، م: السنة، وهو خطأ.
    (6) يشير ابن تيمية إلى ما جرى سنة 63 هـ، عندما أخرج أهل المدينة عامل يزيد بن معاوية عثمان بن محمد بن أبي سفيان من المدينة، وأظهروا خلع يزيد وحاصروا من كان بالمدينة من بني أمية، فأرسل إليهم يزيد بن مسلم بن عقبة فقاتلهم وأخضعهم، وعرفت الواقعة بواقعة الحرة نسبة إلى حرة واقم، وكان ذلك في ذي الحجة سنة 63. انظر تاريخ الطبري (ط. المعارف) أحداث سنة 63: 5/482 - 495 ; مروج الذهب 3/78 - 80 ; سير أعلام النبلاء 3/217 - 220 ; ياقوت: معجم البلدان، مادة " حرة واقم " ; دائرة المعارف الإسلامية: مادة " حرة ".
    (7) على: ساقطة من (م) .
    (8) ن، م: وأهل.
    (9) ن، م: بل كان يعد.
    ******************************

    متفقون على تقديم أبي بكر وعمر، (1 فهؤلاء الذين هم أعلم الناس وأدين الناس يرون تفضيله فضلا عن خلافته 1) (1) .


    وروى البيهقي بإسناده عن الشافعي قال: لم يختلف الصحابة والتابعون في تقديم أبي بكر وعمر.

    وقال شريك [بن عبد الله] بن أبي نمر (2) ، وقال له قائل: أيما أفضل أبو بكر أو علي؟ فقال [له] (3) : أبو بكر (4) . فقال له السائل: أتقول (5) هذا وأنت من الشيعة؟ فقال: نعم، إنما الشيعي من يقول هذا، والله لقد رقى علي هذه الأعواد، فقال: ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، أفكنا نرد قوله؟ أفكنا نكذبه؟ والله ما كان كذابا. وذكر هذا القاضي عبد الجبار في كتاب " تثبيت النبوة " له، وعزاه إلى كتاب أبي القاسم البلخي الذي صنفه في النقض على ابن الراوندي اعتراضه على الجاحظ (6) .


    (1) (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) في جميع النسخ: شريك بن أبي نمر. والصواب ما أثبته وسبقت ترجمته 1/15.
    (3) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) م: علي، وهو خطأ.
    (5) أ، ب: تقول.
    (6) وقال شريك بن عبد الله بن أبي نمر. . على الجاحظ. ورد هذا الكلام كله مع اختلاف يسير في العبارات في الجزء الأول من هذه الطبعة، ص [0 - 9] 3 - 15، وعلقت عليه هناك تعليقا وافيا فارجع إليه. وورد اسم شريك ناقصا في النسختين هنا. وانظر ترجمة شريك أيضا في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63 - 364 ; تهذيب التهذيب 4/337 - 338.
    ****************************** **

    (1 فهؤلاء الذين هم أعلم الناس وأدين الناس يرون تفضيله فضلا عن خلافته 1) (1) ، فكيف يقال [مع هذا] (2) : إن الذين بايعوه كانوا طلاب الدنيا أو جهالا؟ ولكن هذا وصف [الطاعن] (3) فيهم، فإنك لا تجد في طوائف أهل (4) القبلة أعظم جهلا من الرافضة، ولا أكثر حرصا على الدنيا.


    وقد تدبرتهم فوجدتهم لا يضيفون إلى الصحابة (5 عيبا إلا وهم أعظم الناس اتصافا به والصحابة 5) (5) أبعد الناس (6) عنه، فهم أكذب الناس بلا ريب (7) كمسيلمة الكذاب إذ قال: أنا نبي صادق ومحمد كذاب \ 8 29) (8) ، ولهذا يصفون أنفسهم بالإيمان ويصفون الصحابة بالنفاق، وهم أعظم الطوائف نفاقا، والصحابة أعظم الخلق إيمانا.

    [الرد على القسم الأخير من المقدمة]
    وأما قوله (9) : " وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق [له] (10) وبايعه الأقلون الذين أعرضوا عن الدنيا وزينتها، ولم تأخذهم (11) في الله لومة لائم، بل


    (1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (2) مع هذا: ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) الطاعن: ساقطة من (ن) فقط.
    (4) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) (5 - 5) ساقط من (م) .
    (6) الناس: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7)) بلا ريب: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) عبارة " ومحمد كذاب ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) القول التالي هو القسم الأخير من مقدمة ابن المطهر للفصل الثاني من كتابه، وسبق أن وردت في أول هذا الجزء، ص [0 - 9] 0، وفي " منهاج الكرامة "، ص [0 - 9] 1 (م) .
    (10) له: ساقطة من جميع النسخ ووردت من قبل 2/10.
    (11) تأخذهم: كذا في (أ) ، (ب) ، (م) : وفي (ن) نقط التاء مهملة وسبق ورودها: يأخذهم.
    ******************************

    أخلصوا لله واتبعوا ما أمروا به من (1) طاعة من يستحق التقديم، وحيث حصل للمسلمين هذه البلية، وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف (2) ، وأن يقر الحق مقره (3) ولا يظلم مستحقه، فقد قال تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [سورة هود: 18] . فيقال له: أولا: قد كان الواجب أن يقال: لما ذهب طائفة إلى كذا وطائفة إلى كذا، وجب أن ينظر أي القولين أصح، فأما إذا رضيت إحدى الطائفتين باتباع الحق والأخرى باتباع الباطل، فإن كان (4) هذا قد تبين فلا حاجة إلى النظر، وإن لم يتبين بعد لم يذكر حتى يتبين.


    ويقال له: ثانيا: قولك: إنه طلب الأمر لنفسه بحق له وبايعه الأقلون، كذب على علي [رضي الله عنه] (5) ، فإنه لم يطلب الأمر لنفسه في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وإنما طلبه لما قتل عثمان وبويع ; وحينئذ فأكثر الناس كانوا معه، لم يكن معه الأقلون.

    وقد اتفق [أهل] (6) السنة والشيعة على أن عليا لم يدع إلى مبايعته في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا بايعه على ذلك أحد. ولكن الرافضة تدعي أنه كان يريد ذلك، وتعتقد أنه الإمام المستحق للإمامة دون غيره،


    (1) ن، م: في، وهو تحريف.
    (2) ن، م: والاعتماد الإنصاف، وهو تحريف.
    (3) مقره: كذا في النسختين وفي " منهاج الكرامة " (انظر مقدمة الجزء الأول من الطبعة الأولى لهذا الكتاب) ، ووردت من قبل 2/10: مستقره.
    (4) كان: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) أهل: زيادة في (ب) .
    *****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #96
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (93)
    صـ 89 إلى صـ 95

    لكن كان عاجزا عنه. وهذا لو كان حقا لم يفدهم، فإنه لم يطلب الأمر لنفسه ولا بايعه (1) أحد على ذلك، فكيف إذا كان باطلا؟ .وكذلك قوله: " بايعه الأقلون " كذب على الصحابة، فإنه لم يبايع منهم أحد لعلي في (2) عهد الخلفاء الثلاثة، ولا يمكن أحد (3) أن يدعي هذا، ولكن غاية ما يقول القائل: إنه كان فيهم من يختار مبايعته.

    ونحن نعلم أن عليا لما تولى، كان كثير من الناس يختار ولاية معاوية وولاية غيرهما (4) ، ولما بويع عثمان كان في نفوس بعض الناس ميل إلى غيره، فمثل هذا لا يخلو من الوجود (5) ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة وبها وما حولها منافقون، كما قال تعالى: {وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [سورة التوبة: 101] . وقد قال (6) تعالى عن المشركين: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [سورة الزخرف: 31] ، فأحبوا أن ينزل القرآن (7) على من يعظمونه من أهل مكة والطائف، قال تعالى:


    (1) أ، ب: تابعه.
    (2) أ، ب: عليا.
    (3) ب: أحد
    (4) ن، م: يختار ولاية معاوية أو غيرهما.
    (5) ن: ومثل هذا لا يخلو منه الوجود ; م: وهو لا يخلو منه الوجود.
    (6) ن، م: وقال.
    (7) ن، م: أن ينزل الله القرآن.
    **********************

    {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا} [سورة الزخرف: 32] .


    وأما وصفه لهؤلاء بأنهم [الذين] (1) أعرضوا عن الدنيا وزينتها، وأنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم، فهذا من أبين الكذب، فإنه لم ير (2) الزهد والجهاد في طائفة أقل منه في الشيعة، والخوارج المارقون كانوا أزهد منهم وأعظم قتالا، حتى يقال في المثل: حملة خارجية، وحروبهم مع جيوش بني أمية وبني العباس وغيرهما بالعراق والجزيرة وخراسان والمغرب وغيرها معروفة، وكانت لهم ديار يتحيزون فيها لا يقدر عليهم أحد (3) .

    وأما الشيعة فهم دائما مغلوبون مقهورون منهزمون، وحبهم للدنيا وحرصهم عليها ظاهر. ولهذا كاتبوا الحسين - رضي الله عنه، فلما أرسل إليهم ابن عمه، ثم قدم بنفسه غدروا به، وباعوا الآخرة بالدنيا، وأسلموه إلى عدوه، وقاتلوه مع عدوه، فأي زهد عند (4) هؤلاء، وأي جهاد عندهم؟ .

    وقد ذاق منهم علي [بن أبي طالب]- رضي الله عنه - (5) من الكاسات المرة ما لا يعلمه إلا الله، [حتى دعا عليهم] (6) فقال: اللهم قد (7)


    (1) الذين: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن: لم نر ; أ، ب: لم يرد.
    (3) أحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: مع.
    (5) ن، م: علي رضي الله عنه.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (7) أ، ب: اللهم إني.
    **************************

    سئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني (1) وقد كانوا يغشونه ويكاتبون من يحاربه، ويخونونه في الولايات والأموال.


    هذا ولم يكونوا بعد صاروا رافضة، إنما سموا شيعة علي لما افترق الناس فرقتين: فرقة شايعت أولياء عثمان، وفرقة شايعت عليا [رضي الله عنهما] (2)

    فأولئك خيار الشيعة، وهم من شر الناس معاملة لعلي [بن أبي طالب


    (1) في طبقات ابن سعد (3) : " قال أخبرنا يزيد بن هارون قال: هشام بن حسان بن محمد عن عبيدة قال: قال علي: ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني؟ اللهم قد سئمتهم وسئموني فأرحهم مني وأرحني منهم ". وذكر عبد البر في الاستيعاب (3/61 - 62) خبرا عن أبي عبد الرحمن السلمي رواه عن الحسن عن أبيه وفيه: " يا بني، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نومة نمتها. فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد! فقال: ادع الله عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي من هو شر مني "،
    (2) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) . وقد ذكر ابن تيمية من قبل (هذا الكتاب 1 - 36) أن لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفض الشيعة زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام، بعد العشرين والمائة، وأنهم كانوا يسمون قبل ذلك بغير ذلك الاسم. وقد اتفقت كتب الفرق على أن سبب اسم الشيعة هو أنهم شايعوا عليا رضي الله عنه. ونقل الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، في تعليقه على كلام الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/65) ما ذكره أبو سعيد نشوان الحميري في " الحور العين " وجاء فيه: " وحكى الجاحظ أنه كان في الصدر الأول لا يسمى شيعيا إلا من قدم عليا على عثمان، ولذلك قيل: شيعي وعثماني، فالشيعي من قدم عليا على عثمان، والعثماني من قدم عثمان على علي ". وانظر كلام الحميري عن أصل تسمية الشيعة وعن بدء ظهورهم وافتراقهم بعد مقتل الحسين: الحور العين، ص 178 - 182 ن ط. الخانجي والمثنى، 1948. .
    ***************************

    - رضي الله عنه] وابنيه (1) : سبطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانتيه في الدنيا: الحسن والحسين، وأعظم الناس قبولا للوم اللائم في الحق، وأسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم عنها، يغرون من يظهرون نصره من أهل البيت، حتى إذا اطمأن إليهم ولامهم عليه اللائم، خذلوه وأسلموه وآثروا عليه الدنيا.


    ولهذا أشار عقلاء المسلمين ونصحاؤهم على الحسين أن لا يذهب (2) إليهم مثل: [عبد الله] بن عباس، و [عبد الله] بن عمر (3) ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (4) وغيرهم، لعلمهم بأنهم يخذلونه ولا ينصرونه، ولا يوفون له بما كتبوا له إليه. وكان الأمر كما رأى هؤلاء، ونفذ فيهم دعاء عمر [بن الخطاب]- رضي الله عنه - (5) ثم دعاء علي بن أبي طالب (6) ، حتى سلط الله عليهم الحجاج [بن يوسف] (7) ، فكان (8) لا يقبل


    (1) ن: وهم من شر الناس معاملة لمثل علي وابنيه ; م: وهم من شر الناس مقاتلة لمثل علي وابنيه.
    (2) ن: على الحسين إلى أن لا ; م: على الحسين رضي الله عنه إلى أن لا.
    (3) ن، م: مثل ابن عباس وابن عمر.
    (4) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن المخزومي، اسمه وكنيته واحد، روى عن جملة من الصحابة مثل أبي هريرة وعائشة وروى عنه الزهري. ترجمته في: الجرح والتعديل، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 36 ; طبقات ابن سعد 5/207 - 209 وفيها: " قال محمد بن عمر: ولد أبو بكر في خلافة عمر، وكان يقال له راهب قريش لكثرة صلاته ولفضله ". وذكر ابن سعد أنه توفي سنة 94.
    (5) ن، م: عمر رضي الله عنه ; أ، ب: عمر بن الخطاب.
    (6) ن، م: ثم دعا عليهم علي عليه السلام.
    (7) بن يوسف: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) أ، ب: كان.
    ****************************** *

    من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم، ودب شرهم إلى من لم يكن منهم حتى عم الشر.


    وهذه كتب المسلمين التي ذكر فيها زهاد الأمة ليس فيهم رافضي، وهؤلاء المعروفون في الأمة بقول (1) الحق وأنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم ليس فيهم رافضي، كيف والرافضي من جنس المنافقين مذهبه التقية، فهل هذا (2) حال من لا تأخذه في الله لومة لائم؟ .

    إنما هذه حال من نعته الله في كتابه بقوله: {ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} [سورة المائدة: 54] (3) .

    وهذا (4) حال من قاتل المرتدين وأولهم (5) الصديق ومن اتبعه إلى يوم القيامة، فهم الذين جاهدوا المرتدين كأصحاب مسيلمة الكذاب ومانعي الزكاة وغيرهما، وهم الذين فتحوا الأمصار وغلبوا فارس والروم، وكانوا أزهد الناس ; كما قال [عبد الله] بن مسعود (6) لأصحابه: أنتم أكثر صلاة


    (1) أ: الأمة يقولون ; ب: الأمة بأنهم يقولون.
    (2) أ، ب: فهذا، وهو خطأ.
    (3) في (ن) ، (م) كتبت الآية إلى قوله تعالى: لومة لائم. وفي (أ) ، (ب) كتبت نهاية الآية: والله ذو الفضل العظيم ; وهو سهو من الناسخ.
    (4) أ، ب: وهذه.
    (5) ن، م: فأولهم.
    (6) ن، م: كما قال ابن مسعود.
    ****************************** *

    وصياما من أصحاب محمد وهم كانوا خيرا منكم. قالوا: ولم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: لأنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة.


    [فهؤلاء هم الذين (1) لا تأخذهم في الله لومة لائم ; بخلاف الرافضة فإنهم أشد الناس خوفا من لوم اللائم ومن عدوهم. وهم كما قال تعالى: {يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون} [سورة المنافقون: 4] ، ولا يعيشون في أهل القبلة إلا من جنس اليهود في أهل الملل.

    ثم يقال: من هؤلاء الذين زهدوا في الدنيا ولم تأخذهم في الله لومة لائم، ممن لم يبايع أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وبايع عليا؟ فإنه من المعلوم أن في زمن الثلاثة لم يكن أحد منحازا عن الثلاثة، مظهرا لمخالفتهم ومبايعة علي، بل كل الناس كانوا مبايعين لهم، فغاية ما يقال إنهم كانوا يكتمون تقديم علي، وليست هذه حال من لا تأخذه في الله لومة لائم.

    وأما في حال ولاية علي، فقد كان - رضي الله عنه - من أكثر الناس [لوما] (2) لمن معه على قلة جهادهم ونكولهم عن القتال، فأين هؤلاء الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم من هؤلاء الشيعة؟ .

    وإن كذبوا على أبي ذر من الصحابة وسلمان وعمار وغيرهم، فمن المتواتر أن هؤلاء كانوا من أعظم الناس تعظيما لأبي بكر وعمر واتباعا لهما، وإنما ينقل عن بعضهم التعنت على عثمان لا على أبي بكر


    (1) ابتداء من عبارة " فهؤلاء هم الذين. . . إلخ " يوجد سقط كبير في (ن) ، (م) سأشير إلى نهايته بإذن الله.
    (2) لوما: ساقطة من (أ) .
    *****************************

    وعمر، وسيأتي الكلام على ما جرى لعثمان - رضي الله عنه، ففي خلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يكن أحد يسمى من الشيعة، ولا تضاف الشيعة إلى أحد، لا عثمان ولا علي ولا غيرهما، فلما قتل عثمان تفرق المسلمون، فمال قوم إلى عثمان، ومال قوم إلى علي، واقتتلت الطائفتان، وقتل حينئذ شيعة عثمان شيعة علي.


    وفي صحيح مسلم عن سعد بن هشام أنه أراد أن يغزو في سبيل الله وقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارا [له] بها، فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسا من أهل المدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم، فنهاهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " أليس لكم بي أسوة؟ " فلما حدثوه بذلك راجع امرأته، وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها. فأتى ابن عباس وسأله عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فقال له ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: من؟ قال: عائشة - رضي الله عنها، فأتها فاسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك. قال: فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح، فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها ; لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا فأبت فيهما إلا مضيا. قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة - رضي الله عنها - وذكر الحديث (1) .


    (1) هذا جزء من حديث طويل ورد في صحيح مسلم في: (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض) 2/512 - 514، وقد قابلت ما في الأصل على ما في صحيح مسلم فوجدت خلافين: عقارا (له) بها، إذ كانت " له " ساقطة من الأصل، ورهطا ستة إذ كانت في الأصل " ستا ".
    وقصد ابن تيمية بإيراد الحديث قول حكيم بن أفلح: " لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا " إذ أن هذا يبين تاريخ استعمال كلمة " الشيعتين " والمقصود بهما شيعة علي وشيعة أصحاب الجمل. وفي تهذيب التهذيب 2/444: حكيم بن أفلح حجازي، روى عن ابن مسعود وعائشة. . . ذكره ابن حبان في الثقات.
    ****************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (94)
    صـ 96 إلى صـ 102

    وقال معاوية لابن عباس: أنت على ملة علي؟ فقال لا على ملة علي ولا على ملة عثمان أنا على ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
    وكانت الشيعة أصحاب علي يقدمون عليه أبا بكر وعمر، وإنما كان النزاع في تقدمه على عثمان. ولم يكن حينئذ يسمى أحد لا إماميا ولا رافضيا] (1) ، وإنما سموا رافضة وصاروا رافضة (2) لما خرج زيد بن علي بن الحسين بالكوفة في خلافة هشام، فسألته الشيعة عن أبي بكر وعمر، فترحم عليهما، فرفضه قوم، فقال: رفضتموني رفضتموني فسموا رافضة، وتولاه قوم فسموا زيدية [لانتسابهم إليه] (3) . ومن حينئذ انقسمت الشيعة إلى رافضة إمامية وزيدية، وكلما زادوا في البدعة زادوا في الشر، فالزيدية خير من الرافضة: أعلم وأصدق وأزهد وأشجع.

    ثم بعد أبي بكر عمر [بن الخطاب] ، وهو (4) الذي لم تكن تأخذه في


    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: وإنما صاروا رافضة. وسبق الكلام على أصل تسمية الرافضة 1/35.
    (3) عبارة " لانتسابهم إليه " جاءت في (ن) ، (م) بعد أربع كلمات:. . . انقسمت الشيعة لانتسابهم إليه.
    (4) أ، ب: عمر بن الخطاب هو ; ن، م: عمر وهو.
    *****************************

    الله لومة لائم، وكان أزهد الناس باتفاق الخلق كما قيل فيه: رحم الله عمر لقد تركه الحق ما له [من] (1) صديق.


    [فصل كلام ابن المطهر بعد المقدمة وجوب اتباع مذهب الإمامية لوجوه]
    [الوجه الأول حتى الرابع من وجوه قول الرافضي وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع]

    (فصل) قال الرافضي (2) : " وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع لوجوه: الأول: لما نظرنا في المذاهب وجدنا أحقها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل، وأعظمها تنزيها لله تعالى ولرسله (3) ولأوصيائه، وأحسن المسائل الأصولية والفروعية مذهب الإمامية.
    لأنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم، وأن كل ما سواه محدث ; لأنه (4) واحد، [وأنه] (5) ليس بجسم [ولا جوهر، وأنه ليس بمركب ; لأن كل مركب محتاج (6) إلى جزئه ; لأن جزأه


    (1) من: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) الكلام التالي في منهاج الكرامة ك ص 81 (م) - 83 (م) (في مقدمة الجزء الأول من الطبعة الأولى لهذا الكتاب) . وفي (ن) ، (م) : ثم قال المصنف الرافضي.
    (3) ن، م: لله ولرسوله.
    (4) أنه: كذا في جميع النسخ، وفي (ك) : وأنه.
    (5) وأنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ك: يحتاج.
    *************************

    غيره، ولا عرض] (1) ولا في مكان وإلا لكان محدثا، بل نزهوه عن مشابهة المخلوقات.


    وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات، عدل (2) حكيم لا يظلم أحدا، ولا يفعل القبيح - وإلا يلزم الجهل أو الحاجة (3) ، تعالى الله عنهما - ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما، ويعفو عن العاصي أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له.

    وأن أفعاله محكمة [متقنة] (4) واقعة لغرض ومصلحة وإلا لكان عابثا، وقد قال سبحانه وتعالى: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين} [سورة الدخان: 38] (5) ، وأنه أرسل الأنبياء لإرشاد العالم.
    وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس (6) لقوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} [سورة الأنعام: 103] (7) ، وأنه (8) ليس في جهة.


    (1) ما بين المعقوفتين في (ب) فقط، وهو في (ك) .
    (2) ك: وأنه عدل. . . إلخ.
    (3) ن، م: ولا يلزم الجهل والحاجة (وهو تحريف) ، ك " وإلا لزم الجهل أو الحاجة.
    (4) متقنة: ساقطة من (،) ، (م) ، (أ) .
    (5) في (ك) آية سورة الأنبياء رقم 16 وهي قوله تعالى: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) .
    (6) في (أ) ، (ب) : من الحواس الخمس، وليست هذه الزيادة في (ن) ، (ك) . وقد وردت العبارة مرة ثانية في (ب) 1/215 بدون كلمة " الخمس " فرجحت أنها زيادة من الناسخ.
    (7) وهو يدرك الأبصار: في (ك) ، (ب) فقط.
    (8) ك: ولأنه.
    ****************************

    وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره.


    وأن الأنبياء معصومون عن (1) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر إلى آخره، وإلا لم يبق وثوق (2) بما يبلغونه فانتفت فائدة البعثة ولزم التنفير عنهم. (3)

    وأن الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك كما تقدم (4) .

    وأخذوا أحكامهم (5) الفروعية عن (6) الأئمة المعصومين، الناقلين عن جدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (7) الآخذ ذلك من (8) الله تعالى بوحي (9) جبريل إليه، يتناقلون ذلك عن الثقات خلفا عن سلف، إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد، وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان إلى آخره ".


    (1) ن، م، أ: من.
    (2) أ، ب، ن، م: وإلا لم يبق عندنا وثوق، و " عندنا " ليست في: (ك) ، ووردت العبارة في (ب) 1/226 بدونها.
    (3) ن: التنفير عندهم عنهم، وهو تحريف.
    (4) ك (فقط) : وأن الأئمة - عليهم السلام - معصومون كالأنبياء - عليهم السلام - لما تقدم في ذلك.
    (5) ك: الأحكام.
    (6) ب (فقط) : من.
    (7) ك: صلى الله عليه وآله.
    (8) ب: عن.
    (9) ب: يوحى.
    ***************************

    فيقال: الكلام على هذا من وجوه: أحدها: أن يقال: ما ذكره من الصفات والقدر لا يتعلق بمسألة الإمامة أصلا، بل يقول بمذهب (1) الإمامية من لا يقول بهذا، ويقول بهذا من لا يقول بمذهب الإمامية، ولا أحدهما مبني على الآخر، فإن الطريق إلى ذلك عند القائلين به هو العقل، وأما تعيين الإمام فهو (2) عندهم من السمع، فإدخال هذا في مسألة الإمامة مثل إدخال سائر مسائل النزاع، وهذا خروج عن المقصود.


    الوجه الثاني: أن يقال: هذا قول المعتزلة في التوحيد والقدر، والشيعة المنتسبون إلى أهل البيت، الموافقون لهؤلاء المعتزلة، أبعد الناس عن مذاهب أهل البيت في التوحيد والقدر، فإن أئمة أهل البيت كعلي وابن عباس، ومن بعدهم كلهم متفقون على ما اتفق عليه سائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان من إثبات الصفات والقدر.

    والكتب المشتملة (3) على المنقولات الصحيحة مملوءة بذلك، ونحن نذكر بعض ما في ذلك عن علي [رضي الله عنه] (4) وأهل بيته ليتبين أن هؤلاء الشيعة مخالفون لهم في أصول دينهم.

    الوجه الثالث: أن ما ذكره من (5) الصفات والقدر ليس من خصائص الشيعة، ولا هم أئمة القول به، ولا هو شامل لجميعهم، بل أئمة ذلك هم


    (1) ن، م: بمذاهب.
    (2) ن: هو.
    (3) ن، م: المشتملات.
    (4) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) أ، ب: في.
    ***********************

    المعتزلة، وعنهم أخذ ذلك متأخرو الشيعة. وكتب الشيعة مملوءة بالاعتماد في ذلك على طرق (1) المعتزلة، وهذا كان من أواخر المائة الثالثة، وكثر في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه كالموسوي والطوسي (2) .


    وأما قدماء الشيعة فالغالب عليهم ضد هذا القول، كما هو قول الهشامين (3) وأمثالهما، فإن كان هذا (4) القول حقا أمكن القول به وموافقة المعتزلة مع إثبات خلافة الثلاثة، وإن كان باطلا فلا حاجة إليه، وإنما


    (1) ن، م: طريق.
    (2) سبق الكلام على كل من المفيد والموسوي والطوسي في هذا الكتاب 1/58. وانظر ترجمة المفيد أيضا في: الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 11 - 316 ; أعيان الشيعة للعاملي (ط. بيروت، 1959) 46/20 - 26 ; الفهرست للطوسي (الطبعة الثانية، النجف 1480/1961) ، ص [0 - 9] 86 - 187 ; رجال العلامة الحلي لابن المطهر (الطبعة الثانية، النجف، 1381/1961) ، ص [0 - 9] 47 ; الأعلام للزركلي 7/245. وانظر في ترجمة الموسوي (الشريف المرتضى) أيضا: أعيان الشيعة 41/188 - 197 ; الفهرست للطوسي، ص 125 - 126 ; رجال العلامة الحلي، ص [0 - 9] 4 - 95 ; وفيات الأعيان 3/3 - 6، الأعلام للزركلي 5/89. وانظر في ترجمة الطوسي أيضا: أعيان الشيعة 44/33 - 52 ; رجال العلامة الحلي، ص 148 مقدمة كل من: الفهرست، رجال الطوسي (ط. النجف، 1961) بقلم محمد صادق آل بحر العلوم ; الأعلام للزركلي 6/315.
    (3) ن: الهشاميين ; م: القاسميين. والمقصود هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي، وسبق الكلام عليهما وعلى مذهبيهما 1/71. وانظر عن هشام بن الحكم أيضا: الرجال للنجاشي، ص [0 - 9] 38 ; لسان الميزان 6/194 ; أعيان الشيعة 51/53 - 57 ; رجال الطوسي، ص 329 - 330، 362. وانظر عن هشام بن سالم الجواليقي أيضا: الرجال للنجاشي ص 338 - 339، أعيان الشيعة 51/60 ; رجال الطوسي، ص 329 - 363.
    (4) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    ******************************

    ينبغي أن يذكر ما يختص بالإمامة (1) ، كمسألة إثبات الاثنى عشر وعصمتهم.


    الوجه الرابع: أن يقال: ما في هذا الكلام من حق فأهل السنة قائلون به - أو جمهورهم - وما كان فيه من باطل فهو رد، فليس اعتقاد ما في هذا القول من الحق خارجا عن أقوال أهل السنة، ونحن نذكر ذلك مفصلا.

    [الوجه الخامس وفيه الرد التفصيلي على القسم الأول من كلام ابن المطهر]

    [التعليق على قوله إن الله منزه عن مشابهة المخلوقات]

    الوجه الخامس: قوله: " إنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم (2) ، وأن كل ما سواه محدث ; لأنه واحد، وأنه ليس بجسم ولا في مكان، وإلا لكان محدثا، بل نزهوه عن مشابهة (3) المخلوقات " (4) .

    فيقال له: هذا إشارة إلى مذهب الجهمية والمعتزلة، ومضمونه أنه ليس لله علم (5) ولا قدرة ولا حياة، وأن أسماءه الحسنى: كالعليم والقدير والسميع والبصير والرءوف والرحيم ونحو ذلك، لا تدل على صفات له قائمة به، وأنه لا يتكلم ولا يرضى ولا يسخط، ولا يحب ولا يبغض، ولا يريد إلا ما يخلقه منفصلا عنه من الكلام والإرادة، وأنه لم يقم به كلام.

    وأما قوله: " إن الله منزه عن مشابهة المخلوقات "


    (1) ن: ما يختص بمسألة الإمامية ; م: ما يختص بمسألة الإمامة ; أ: ما يختص بالإمامية.
    (2) ن، م: بالقدم والأزلية.
    (3) ب: مشابهته، وفي (ن) ، (م) ، (أ) ، (ك) عند إيراد النص السابق: مشابهة.
    (4) أورد ابن تيمية هنا بعض كلام ابن المطهر وورد النص بأكمله من قبل، ص [0 - 9] 7 - 98، وقارن (ك) ص 82 (م) .
    (5) ن، م: أن الله ليس له علم.
    *************************
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #98
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (95)
    صـ 103 إلى صـ 109

    فيقال له] (1) : أهل السنة أحق بتنزيهه عن مشابهة المخلوقات من الشيعة، فإن التشبيه والتجسيم المخالف للعقل والنقل لا يعرف في أحد من طوائف الأمة أكثر منه في طوائف الشيعة، وهذه كتب المقالات كلها تخبر عن أئمة الشيعة المتقدمين من المقالات المخالفة للعقل والنقل في التشبيه والتجسيم بما لا يعرف نظيره عن أحد من سائر الطوائف، ثم قدماء الإمامية ومتأخروهم متناقضون في هذا الباب، فقدماؤهم غلوا في التشبيه والتجسيم، ومتأخروهم غلوا في النفي والتعطيل، فشاركوا في ذلك الجهمية والمعتزلة دون سائر طوائف الأمة.
    وأما أهل السنة المثبتون لخلافة الثلاثة، فجميع أئمتهم وطوائفهم المشهورة متفقون على نفي التمثيل عن الله تعالى، والذين أطلقوا لفظ " الجسم " على الله من الطوائف المثبتين لخلافة الثلاثة كالكرامية، هم أقرب إلى صحيح المنقول وصريح المعقول من الذين أطلقوا لفظ " الجسم " من الإمامية.

    وقد ذكر أقوال الإمامية في ذلك غير واحد منهم (2) ومن غيرهم، كما


    (1) يوجد في الكلام التالي سقط كبير في نسخة " ن "، " م " يبدأ من قوله: أهل السنة أحق بتنزيهه، وينتهي في ص 110 عند قوله: والمقصود هنا أن أهل السنة، وسنشير إلى نهاية السقط هناك بإذن الله.
    (2) يعترف المامقاني في ترجمة هشام بن الحكم (تنقيح المقال 3/294 - 301) بكثرة الأخبار المروية عن هشام في التجسيم حتى أن الكليني ذكر خمسة منها في " الكافي " وينقل المامقاني عن هشام نص خبر من هذه الأخبار الخمسة (ص [0 - 9] 00) وفيه يقول هشام: " إن الله جسم صمدي نوري " كما ينقل عن البرقي قوله إن هشاما كان من غلمان أبي شاكر (الديصاني) الزنديق وأنه كان جسميا رديئا. وفي (أخبار الرجال) للكشي في ترجمة هشام بن سالم الجواليقي (ص [0 - 9] 83) أنه كان يزعم أن الله صورة وأن آدم خلق على مثل الرب ثم يشير إلى جنبه وشعر رأسه ليبين المماثلة.
    ************************

    ذكرها ابن النوبختي في كتابه الكبير (1) ، وكما ذكرها أبو الحسن الأشعري في كتابه المعروف في " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " (2) وكما ذكرها الشهرستاني في كتابه المعروف " بالملل والنحل " (3) ، وكما ذكرها غير هؤلاء (4) .


    وطوائف السنة والشيعة تحكي عن قدماء أئمة الإمامية من منكر


    (1) تكلمت من قبل على النوبختي وكتابه " الآراء والديانات " في هذا الكتاب 1، والكتاب الكبير المقصود هنا هو " الآراء والديانات " وقد ذكر عنه النجاشي (الرجال، ص [0 - 9] 0) أنه كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة ".
    (2) تكلم الأشعري - وهو المعروف بأمانته ودقته في عرض أقوال جميع مخالفيه - عن التجسيم عند الإمامية في موضعين من كتابه " مقالات الإسلاميين " الأول: ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 02 - 105: وبدأ الكلام بقوله: " واختلف الروافض أصحاب الإمامية في التجسيم، وهم ست فرق " ويفصل الأشعري الكلام بعد ذلك عن مقالاتهم، وينقل ابن تيمية نص كلامه في ذلك الموضع في هذا الكتاب بعد صفحات (بولاق 1/203) . والموضع الثاني من المقالات ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 57 - 259 وعنوان الكلام فيه: هذا شرح اختلاف الناس في التجسيم، ثم يبدأ الأشعري بإيراد كلام هشام بن الحكم، ويتكلم في النهاية عن مقالة هشام بن سالم الجواليقي.
    (3) يقول الشهرستاني - وهو الذي يتهمه ابن تيمية بالميل إلى التشيع - في " الملل والنحل " 1/154: " فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية في الأصول، وبالمشبهة في الصفات متحيرين تائهين ". ويعرض الشهرستاني أقوال الهشامين بالتفصيل ويسرد كلامهما في التجسيم 1/164 - 165. وانظر أيضا: نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 03 وما بعدها.
    (4) انظر مثلا: أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 3 - 77 ; الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 0 - 43، التبصير في الدين، ص [0 - 9] 3 - 25 ; كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، مادة " المشبهة " ; دائرة المعارف الإسلامية، مادة " التشبيه "، " جسم ". وانظر ما سبق أن ذكرناه عن المجسمة في هذا الكتاب 1/9 (ت [0 - 9] ) .
    ****************************** *

    التجسيم والتشبيه، ما لا يعرف مثله عن الكرامية وأتباعهم ممن يثبت إمامة الثلاثة.


    وأما من لا يطلق على الله اسم " الجسم "، كأئمة أهل الحديث والتفسير والتصوف والفقه، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم، وشيوخ المسلمين المشهورين في الأمة، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهؤلاء ليس فيهم من يقول: إن الله جسم، وإن كان أيضا ليس من السلف والأئمة من قال: إن الله ليس بجسم. ولكن من نسب التجسيم إلى بعضهم، فهو بحسب ما اعتقده من معنى الجسم ورآه لازما لغيره.

    فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفاة الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسما مشبها، ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة من الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم، كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب " الزينة " (1) ، وغيره لما ذكر طوائف المشبهة


    (1) أبو حاتم أحمد بن حمدان بن أحمد الليثي الورسناني، المعروف بأبي حاتم الرازي، ذكره ابن حجر في " لسان الميزان " في قسم الكنى، وسماه أبا حاتم الكشي وذكره في الأسماء وسماه: أحمد بن حمدان بن أحمد الورسامي أبا حاتم الليثي، وقال عنه: " ذكره أبو الحسن بن بابويه في " تاريخ الري " وقال: كان من أهل الفضل والأدب والمعرفة باللغة وسمع الحديث كثيرا وله تصانيف، ثم أظهر القول بالإلحاد وصار من دعاة الإسماعيلية، وأضل جماعة من الأكابر، ومات في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ". وأورد بروكلمان اسمه كالآتي (تاريخ الأدب العربي، 3/352، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار، ط. المعارف) : أبو حاتم عبد الرحمن بن حمدان (كتبت سهوا همدان) الرازي الورساني. ولم أجد في اللباب لابن الأثير إلا الورسناني نسبة إلى ورسنان، قال: وظني أنها من قرى سمرقند. وذكر ابن النديم في الفهرست (189) كتاب الزينة لأبي حاتم الرازي ضمن كتب الإسماعيلية وقال عنه " كبير نحو أربعمائة ورقة، وذكر له أيضا كتاب الجامع فيه فقه وغير ذلك، وقد ذكر هذا الكتاب الشيخ الكوثري في فهرس كتاب قواعد آل محمد لمحمد بن الحسن الديلمي وقال: الجامع في الفقه لأبي حاتم بن حمدان الورسناني. ولأبي حاتم الرازي كتاب أعلام النبوة، وقد نشر ب. كرواس جزءا منه ضمن كتاب رسائل الرازي الفلسفية "، 1939.
    ****************************** *

    فقال (1) : " ومنهم طائفة يقال لهم المالكية ينتسبون إلى رجل يقال له مالك بن أنس، ومنهم طائفة يقال لهم الشافعية ينتسبون إلى رجل يقال له الشافعي ".


    وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إن الله يرى في الآخرة.

    هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد والأوزاعي، وأبي حنيفة (والشافعي) (2) ، وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود، ومحمد بن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي (3) ، وأبي بكر


    (1) طبع قسم من كتاب الزينة في الكلمات العربية والإسلامية لأبي حاتم أحمد بن حمدان الرازي بتحقيق الأستاذ حسين بن فيض الله الهمداني، وفي الجزأين الأول (ط. القاهرة، 1957) والثاني (ط. القاهرة، 1958) لم يصل المؤلف إلى الموضع الذي نقل ابن تيمية هذا النص عنه، وهو الذي يوجد على الأغلب في كلامه عن الفرق، وانظر مقدمة المؤلف 1/56 - 57.
    (2) والشافعي: ساقطة من (أ) .
    (3) أبو عبد الله بن نصر المروزي الإمام شيخ الإسلام الفقيه الحافظ، ولد ببغداد سنة 202 وتوفي سنة 294. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 9/489 - 490 ; تذكرة الحفاظ 2/201 - 203 تاريخ بغداد 3/315 - 318 ; الأعلام للزركلي 7/346.
    ****************************** *

    بن المنذر (1) ومحمد بن جرير الطبري وأصحابهم.


    والجهمية والمعتزلة يقولون: من أثبت لله الصفات، وقال: إن الله يرى في الآخرة، والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فإنه مجسم مشبه، والتجسيم باطل. وشبهتهم في ذلك أن الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم، وما قام به الكلام وغيره من الصفات لا يكون إلا جسما، ولا يرى إلا ما هو جسم أو قائم بجسم.

    ولهذا صار مثبتة الصفات معهم ثلاث طوائف: طائفة نازعتهم في المقدمة الأولى، وطائفة نازعتهم في المقدمة الثانية، وطائفة نازعتهم نزاعا مطلقا في واحدة من المقدمتين، ولم تطلق في النفي والإثبات ألفاظا مجملة مبتدعة لا أصل لها في الشرع، ولا هي صحيحة في العقل، بل اعتصمت بالكتاب والسنة وأعطت العقل حقه، فكانت موافقة لصريح المعقول، وصحيح المنقول.

    فالطائفة الأولى الكلابية ومن وافقهم، والطائفة الثانية الكرامية ومن وافقهم.

    فالأولى قالوا: إنه تقوم به (2) الصفات، ويرى في الآخرة، والقرآن


    (1) أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري شيخ الحرم فقيه مجتهد من الحفاظ صنف في اختلاف العلماء كتبا لم يصنف مثلها. ولد سنة 242 وتوفي سنة 318 - على الأرجح - انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 3/344 ; تهذيب التهذيب واللغات للنووي، ق [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 96 - 197 ; لسان الميزان 5/27 - 28 ; تذكرة الحفاظ 3/782 - 783 ; طبقات الشافعية 3/102 - 108 ; الأعلام للزركلي 6/184.
    (2) أ: قالوا: يقول إنه تقوم به، وهو تحريف.
    *****************************

    كلام الله قائم بذاته، وليست الصفات أعراضا ولا الموصوف جسما [000] (1) لم نسلم أن ذلك ممتنع.



    (1) الكلام بعد عبارة: " ولا الموصوف جسما " غير متصل، وواضح أن (أ) ، (ب) يوجد فيهما سقط يتألف من سطور عديدة وسأجتهد هنا في كتابة ما يقوم مقام هذا السقط بحسب فهمي لمقصود ابن تيمية وبما يتفق مع السياق - مع الاقتباس من نصوص ابن تيمية في مواضع مختلفة من مؤلفاته -. ولكن الكلابية ومن وافقهم من الأشاعرة والسالمية لم يثبتوا الصفات الاختيارية التي تكون بمشيئته وقدرته، مثل كونه يتكلم بمشيئته، عندما يشاء، بكلام معين، إذ أنهم قالوا إن ما يقوم بمشيئته وقدرته لا يكون إلا مخلوقا حادثا منفصلا عنه، فلو اتصف الرب به لقامت به الحوادث، ولو قامت به لم يخل عنها، وعلى ذلك فيجب أن نقول إن الله يتكلم بكلام قديم لازم للذات أزلا وأبدا، ليس شيء منه متعلق بمشيئته تعالى واختياره. وكذلك سائر الصفات الاختيارية مثل كونه تعالى يحب ويرضى ويسمع ويرى وهو إذا رأى الشيء بعد حدوثه فهو إنما يرى موجودا في علمه لا موجودا بائنا عنه. والطائفة الثانية أثبتت الصفات الاختيارية وقالت: إن الله يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما قديما بذاته، وهو يتكلم بحروف وأصوات بمشيئته وقدرته، ليتخلصوا بذلك من بدعتي المعتزلة والكلابية، لكنهم قالوا: إنه لم يكن يمكنه في الأزل أن يتكلم، بل صار الكلام ممكنا له بعد أن كان ممتنعا عليه، من غير حدوث سبب أوجب إمكان الكلام وقدرته عليه. وقال الكرامية في المشهور عنهم إن الحوادث التي تقوم به تعالى لا يخلو منها ولا يزول عنها، لأنه لو قامت به الحوادث ثم زالت عنه كان قابلا لذلك لم يخل منه، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث، والحدوث عندهم غير الإحداث، والقرآن عندهم حادث لا محدث، لأن المحدث يفتقر إلى إحداث، بخلاف الحدوث. ونحن نوافق الكرامية في إثباتهم للصفات الاختيارية وفي قولهم بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته كلاما قائما بذاته، ولكننا نخالفهم في الأصل الذي بنوا عليه قولهم بأن ذلك لم يكن ممكنا منذ الأزل، فهم إذا قالوا إن ذلك ممتنع لامتناع حوادث لا أول لها، لم نسلم أن ذلك ممتنع.
    ****************************** *****************

    ثم كثير من الناس يشنع على الطائفة الأولى بأنها مخالفة لصريح العقل والنقل بالضرورة ; حيث أثبتت رؤية لمرئي لا بمواجهة، وأثبتت كلاما لمتكلم يتكلم لا بمشيئته وقدرته.


    وكثير منهم يشنع على الثانية بأنها مخالفة للنظر العقلي الصحيح.

    ولكن مع هذا فأكثر الناس يقولون: إن النفاة المخالفين للطائفتين من الجهمية والمعتزلة، وأتباعهم من الشيعة، أعظم مخالفة لصريح المعقول - بل ولضرورة العقل - من الطائفتين.

    وأما مخالفة هؤلاء لنصوص الكتاب والسنة، وما استفاض عن سلف الأمة، فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على عالم، ولهذا أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات لا يتبع فيه ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وإنما يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم، وأما نصوص الكتاب والسنة، فإما أن يتأولوها، وإما أن يفوضوها، وإما أن يقولوا: مقصود الرسول أن يخيل إلى الجمهور اعتقادا ينتفعون به في الدنيا، وإن كان كذبا وباطلا، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة وأتباعهم، وحقيقة قولهم أن الرسل كذبت فيما أخبرت به عن الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ; لأجل ما رأوه من مصلحة الجمهور في الدنيا.

    وأما الطائفة الثالثة، فأطلقوا في النفي والإثبات ما جاء به الكتاب والسنة، وما تنازع النظار في نفيه وإثباته من غير اعتصام بالكتاب والسنة، لم توافقهم فيه على ما ابتدعوه في الشرع وخالفوا به العقل، بل إما أن يمسكوا عن التكلم بالبدع نفيا وإثباتا، وإما أن يفصلوا القول في اللفظ
    ****************************** **


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #99
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (96)
    صـ 110 إلى صـ 116

    والملفوظ المجمل، فما كان في إثباته من حق يوافق الشرع أو العقل أثبتوه، وما كان من نفيه حق (1) في الشرع أو العقل نفوه، ولا يتصور عندهم تعارض الأدلة الصحيحة العلمية، لا السمعية ولا العقلية.
    والكتاب والسنة يدل بالإخبار تارة، ويدل بالتنبيه تارة، والإرشاد والبيان للأدلة العقلية تارة، وخلاصة ما عند أرباب النظر العقلي في الإلهيات من الأدلة اليقينية والمعارف الإلهية قد جاء به الكتاب والسنة، مع زيادات وتكميلات لم يهتد إليها إلا من هداه الله بخطابه، فكان فيما جاء به الرسول (2) من الأدلة العقلية والمعارف اليقينية فوق ما في عقول جميع العقلاء من الأولين والآخرين.

    وهذه الجملة لها بسط عظيم قد بسط من ذلك ما بسط في مواضع متعددة، والبسط التام لا يتحمله هذا المقام، فإن لكل مقام مقالا.

    ولكن الرافضة لما اعتضدت بالمعتزلة، وأخذوا يذمون أهل السنة بما هم فيه مفترون: عمدا أو جهلا، ذكرنا ما يناسب ذلك في هذا المقام.
    والمقصود هنا أن أهل السنة] (3) متفقون على أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. ولكن لفظ " التشبيه " في كلام هؤلاء النفاة المعطلة (4) لفظ مجمل، فإن أراد بلفظ (5) التشبيه ما نفاه


    (1) أ: حقا، وهو خطأ.
    (2) ب: فكان ما قد جاء به الرسول.
    (3) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وقد أشرت إلى أوله (ص [0 - 9] 03) من قبل، وتوجد بدلا منه في النسختين هذه العبارات:. . فهذا متفق عليه بين أهل السنة فإنهم متفقون على. . . إلخ.
    (4) أ، ب: في كلام الناس.
    (5) م، أ، ب: بنفي.
    *****************************

    (1 القرآن ودل عليه العقل فهذا حق، فإن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء 1) (1) من المخلوقات، ولا يماثله [شيء من المخلوقات في] (2) شيء من صفاته.


    مذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يثبتون لله ما أثبته من الصفات، وينفون عنه مماثلة (3) المخلوقات، [يثبتون له صفات الكمال، وينفون عنه ضروب (4) الأمثال، ينزهونه عن النقص والتعطيل، وعن التشبيه والتمثيل] (5) ، إثبات بلا تشبيه (6) ، وتنزيه بلا تعطيل: {ليس كمثله شيء} رد على الممثلة، {وهو السميع البصير} [سورة الشورى: 11] رد على المعطلة.

    ومن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم. وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات، فلا يقال: له علم ولا قدرة ولا حياة ; لأن العبد موصوف بهذه الصفات ; فلزمه (7) أن لا يقال له: حي عليم قدير ; لأن العبد يسمى بهذه الأسماء، وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك.


    (1) (1 - 1) : ساقط من (م) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (3) أ، ب: مشابهة.
    (4) أ: ضرب.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (6) ب (فقط) : تمثيل.
    (7) أ، ب: فيلزم.
    *****************************

    وهم يوافقون أهل السنة (* (1) على أن الله موجود حي عليم قادر، والمخلوق يقال له: [موجود] (2) حي عليم قدير ولا يقال: هذا تشبيه (3) يجب نفيه.


    [وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة (4) وصريح العقل، ولا يمكن أن يخالف فيه عاقل، فإن الله تعالى سمى نفسه بأسماء، وسمى بعض عباده بأسماء، وكذلك سمى صفاته بأسماء، وسمى بعضها صفات خلقه، وليس المسمى كالمسمى، فسمى نفسه حيا عليما قديرا، رءوفا رحيما، عزيزا حكيما، سميعا بصيرا، ملكا مؤمنا، جبارا متكبرا، كقوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [سورة البقرة: 255] ، وقوله: {إنه عليم قدير} [سورة الشورى: 50] ، وقال: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم} [سورة البقرة: 225] ، وقال: {والله عزيز حكيم} [سورة البقرة: 228، 240] ، وقال: {إن الله بالناس لرءوف رحيم} [سورة الحج: 65] ، وقال: {إن الله كان سميعا بصيرا} [سورة النساء: 58] ، وقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر} [سورة الحشر: 23] .

    وقد سمى بعض عباده حيا، فقال: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} [سورة الروم: 19] .


    (1) : ما بين النجمتين: على أن الله موجود ص [0 - 9] 12. قائلا للباطل، والله أعلم (ص [0 - 9] 17) : ساقط من (م) ، وتوجد عبارة " يجب نفيه " بعد عبارة " أن الله موجود ".
    (2) موجود: ساقطة من (ن) .
    (3) أ، ب: التشبيه.
    (4) وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة (ص [0 - 9] 12) : كان مشبها قائلا للباطل والله أعلم (ص [0 - 9] 12) : هذا الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) وسأشير إليه عند نهايته بإذن الله.
    ****************************** ***

    وبعضهم عليما بقوله: {وبشروه بغلام عليم} [سورة الذاريات: 28] (1) ، وبعضهم حليما بقوله: {فبشرناه بغلام حليم} [سورة الصافات: 101] ، وبعضهم رءوفا رحيما بقوله: {بالمؤمنين رءوف رحيم} [سورة التوبة: 128] ، وبعضهم سميعا بصيرا (بقوله: {فجعلناه سميعا بصيرا} [سورة الإنسان: 2] ) (2) ، وبعضهم عزيزا بقوله: {قالت امرأة العزيز} [سورة يوسف: 51] ، وبعضهم ملكا بقوله: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} [سورة الكهف: 79] ، وبعضهم مؤمنا بقوله: {أفمن كان مؤمنا} [سورة السجدة: 18] ، وبعضهم جبارا متكبرا بقوله: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} [سورة غافر: 35] .


    ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي، ولا العليم العليم، ولا العزيز العزيز، ولا الرءوف الرءوف، ولا الرحيم الرحيم، ولا الملك الملك، ولا الجبار الجبار، ولا المتكبر المتكبر.

    وقال: {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [سورة البقرة: 255] ، وقال: {أنزله بعلمه} [سورة النساء: 166] ، وقال: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} [سورة فاطر: 11] ، وقال: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [سورة الذاريات: 58] ، وقال: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [سورة فصلت: 15] .

    وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله - صلى الله


    (1) أ، ب: (وبشرناه بغلام عليم) ، ولعله سهو من الناسخ.
    (2) ما بين القوسين ساقط من (أ) وأثبته من (ب) .
    ****************************** **

    عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول:
    " إذا هم أحدكم بالأمر فيركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - يسميه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به» (1) .


    وفي حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره، عن عمار بن ياسر أن (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء: " «اللهم بعلمك الغيب، وبقدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في


    (1) الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في: البخاري 2/56 (كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع) ، 8/81 (كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة) ، 9/118 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: قل هو القادر) ; سنن أبي داود 2/120 (كتاب الوتر، باب في الاستخارة) ; سنن الترمذي 2/298 - 299 (كتاب الوتر، باب ما جاء في صلاة الاستخارة) ; سنن النسائي 6/66 (كتاب النكاح، باب كيف الاستخارة) ; سنن ابن ماجه 1/440 (كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الاستخارة) ; المسند (ط. الحلبي) 3/344. وليس الحديث في مسلم، وانظر: مفتاح كنوز السنة (الاستخارة) .
    (2) أ: عن.
    *****************************

    الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين» " (1) .


    فقد سمى الله ورسوله صفات الله تعالى علما وقدرة وقوة، وقد قال الله تعالى (2) : {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة} [سورة الروم: 54] ، وقال: {وإنه لذو علم لما علمناه} [سورة يوسف: 68] ، ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة.

    وهذا لازم لجميع العقلاء، فإن من نفى بعض ما وصف الله به نفسه كالرضا والغضب والمحبة والبغض ونحو ذلك، وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم.

    قيل له: فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن ما تثبته ليس مثل صفات المخلوقين، فقل فيما أثبته مثل قولك فيما نفيته وأثبته الله ورسوله إذ لا فرق بينهما.

    فإن قال: أنا لا أثبت شيئا من الصفات.

    قيل له: فأنت تثبت له الأسماء الحسنى مثل: حي وعليم وقدير،


    (1) الحديث عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - مع اختلاف في الألفاظ في: سنن النسائي 3/46 - 47 (كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، نوع منه) ; المسند (ط. الحلبي) 4/264 ; المستدرك للحاكم 1/524 - 525 (كتاب الدعاء، باب دعاء عمار بن ياسر. . .) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح ولم يخرجاه "، وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك ": " صحيح ".
    (2) ب: وقد قال تعالى.
    ****************************** **
    والعبد يسمى بهذه الأسماء، وليس ما تثبت للرب من هذه الأسماء مماثلا لما تثبت للعبد، فقل في صفاته نظير قولك ذلك في مسمى أسمائه.

    فإن قال: وأنا لا أثبت له الأسماء الحسنى، بل أقول هي مجاز، أو هي أسماء لبعض مبتدعاته، كقول غلاة الباطنية والمتفلسفة.
    قيل له: فلا بد أن تعتقد أنه حق قائم بنفسه، والجسم موجود قائم بنفسه وليس هو مماثلا له.
    فإن قال: أنا لا أثبت شيئا، بل أنكر وجود الواجب.
    قيل له: معلوم بصريح العقل أن الموجود إما واجب بنفسه، وإما غير واجب بنفسه، وإما قديم أزلي، وإما حادث كائن بعد أن لم يكن، وإما مخلوق مفتقر إلى خالق، وإما غير مخلوق ولا مفتقر إلى خالق، وإما فقير إلى ما سواه، وإما غني عما سواه.
    وغير الواجب بنفسه لا يكون إلا بالواجب بنفسه، والحادث لا يكون إلا بقديم، والمخلوق لا يكون إلا بخالق، والفقير لا يكون إلا بغني عنه، فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه قديم أزلي خالق غني عما سواه، وما سواه بخلاف ذلك.
    وقد علم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد أن لم يكن، والحادث لا يكون واجبا بنفسه، ولا قديما أزليا، ولا خالقا لما سواه، ولا غنيا عما سواه، فثبت بالضرورة وجود موجودين: أحدهما غني والآخر فقير، وأحدهما خالق والآخر مخلوق، وهما متفقان في كون كل منهما شيئا موجودا ثابتا، بل وإذا كان المحدث جسما فكل منهما قائم بنفسه.
    *****************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #100
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الثانى
    الحلقة (97)
    صـ 117 إلى صـ 123

    ومن المعلوم أيضا أن أحدهما ليس مماثلا للآخر في حقيقته، إذ لو كان كذلك لتماثلا فيما يجب ويجوز ويمتنع ; وأحدهما يجب قدمه وهو موجود بنفسه ; وأحدهما غني عن كل ما سواه والآخر ليس بغني، وأحدهما خالق والآخر ليس بخالق، فلو تماثلا للزم أن يكون كل منهما واجب القدم ليس بواجب القدم، موجودا بنفسه ليس بموجود بنفسه، غنيا عما سواه ليس بغني عما سواه، خالقا ليس بخالق، فيلزم اجتماع النقيضين على تقدير تماثلهما، [وهو] (1) منتف بصريح العقل، كما هو منتف بنصوص الشرع، مع اتفاقهما في أمور أخرى، كما أن كلا منهما موجود ثابت له حقيقة وذات هي نفسه، والجسم قائم بنفسه، وهو قائم بنفسه.فعلم بهذه البراهين البينة اتفاقهما من وجه واختلافهما من وجه، فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطلا قائلا للباطل، ومن جعلهما متماثلين كان مشبها قائلا للباطل، والله أعلم] *) (2) .
    وذلك ; لأنهما وإن اتفقا في مسمى ما اتفقا فيه (3) ، فالله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته [وسائر صفاته] (4) ، والعبد لا يشركه في شيء من ذلك، والعبد [أيضا] (5) مختص بوجوده وعلمه وقدرته، والله تعالى (6) منزه


    (1) وهو ساقط من (أ) .
    (2) الكلام بين النجمتين وهو الذي بدأ ص 112 عند عبارة " وهذا مما يدل عليه الكتاب والسنة " والذي ينتهي في هذا الموضع ساقط من (ن) ، (م) وسقطت عبارات قبل ذلك من (م) أشرت إليها في ص 112.
    (3) ن، م: في مسمى ذلك.
    (4) وسائر صفاته: ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) أ: وأنه تعالى.
    ***************************

    عن مشاركة العبد في خصائصه، وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم والقدرة، فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان، والموجود (1) في الأعيان مختص لا اشتراك فيه.


    وهذا موضع اضطرب فيه كثير من النظار ; حيث توهموا أن [الاتفاق في] (2) مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب هو الوجود الذي للعبد.

    وطائفة ظنت أن لفظ " الوجود " يقال بالاشتراك اللفظي، وكابروا عقولهم، فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم، كما يقال: الموجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم وحادث. ومورد التقسيم [مشترك] (3) بين الأقسام، واللفظ المشترك كلفظ " المشترى " الواقع على المبتاع والكوكب لا ينقسم معناه، ولكن يقال لفظ " المشترى " يقال على كذا وعلي كذا.

    وطائفة ظنت أنها إذا سمت هذا اللفظ ونحوه مشككا لكون الوجود بالواجب أولى منه بالممكن، خلصت من هذه الشبهة، وليس كذلك. فإن تفاضل المعنى المشترك الكلي لا يمنع (4) أن يكون أصل المعنى مشتركا بين اثنين، كما أن معنى " السواد " مشترك بين هذا السواد وهذا السواد، وبعضه أشد من بعض.


    (1) ن: والوجود.
    (2) الاتفاق في: ساقطة من (ن) ، وفي (م) : الاشتراك في.
    (3) مشترك: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن: لا يمتنع.
    ****************************** **

    وطائفة ظنت أن من قال: الوجود متواطئ عام، فإنه يقول: وجود الخالق زائد على حقيقته، ومن قال: حقيقته هي وجوده، قال: إنه مشترك اشتراكا لفظيا، وأمثال هذه المقالات التي قد بسط الكلام عليها في غير هذا الموضع.


    وأصل خطأ هؤلاء توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين [وهذا المعين] (1) ، وليس كذلك فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا، لا يوجد إلا معينا مختصا. (* وهذه الأسماء إذا سمي بها كان مسماها مختصا به، (2 وإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به 2) (2) *) (3) فوجود الله وحياته لا يشركه فيها (4) غيره، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره، فكيف بوجود الخالق؟ .

    وإذا قيل: قد اشتركا في مسمى الوجود (5) ، فلا بد أن يتميز أحدهما عن الآخر بما يخصه، وهو الماهية والحقيقة التي تخصه.

    قيل: اشتراكا في الوجود المطلق الذهني، لا اشتراكا في مسمى الحقيقة (6) والماهية والذات والنفس. وكما أن حقيقة هذا تخصه،


    (1) وهذا المعين: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) ، (م) .
    (3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (4) ، م: فيه.
    (5) ، ب: في المسمى.
    (6) ، م: بل اشتركا في الوجود المطلق الذهني كما اشتركا في مسمى الحقيقة. . إلخ.
    ****************************** ******

    فكذلك وجوده يخصه، والغلط نشأ من جهة [أخذ] (1) الوجود مطلقا، وأخذ الحقيقة مختصة، وكل منهما يمكن أخذه مطلقا ومختصا، فالمطلق مساو للمطلق، والمختص مساو للمختص، فالوجود المطلق مطابق للحقيقة المطلقة، ووجوده (2) المختص مطابق لحقيقته المختصة، والمسمى بهذا وهذا واحد، وإن تعددت جهة التسمية، كما يقال: هذا هو ذاك فالمشار إليه واحد، لكن بوجهين مختلفين.


    [وأيضا فإذا اشتركا في مسمى الوجود الكلي، فإن أحدهما يمتاز عن الآخر بوجوده الذي يخصه، كما أن الحيوانين والإنسانين إذا اشتركا في مسمى الحيوانية والإنسانية، فإنه يمتاز أحدهما عن الآخر بحيوانية تخصه وإنسانية تخصه، فلو قدر أن الوجود الكلي ثابت في الخارج، لكان التمييز يحصل بوجود خاص، لا يحتاج أن يقال: هو مركب من وجود وماهية، فكيف والأمر بخلاف ذلك؟ .

    ومن قال: إنه وجود مطلق بشرط سلب كل أمر ثبوتي، فقوله أفسد من هذه الأقوال] (3) وهذه المعاني مبسوطة في غير هذا الموضع.
    والمقصود أن إثبات الأسماء والصفات لله، لا يستلزم أن يكون سبحانه مشبها مماثلا لخلقه.

    [التعليق على قوله أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم]
    وأما قوله: " إنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم " (4) .


    (1) أخذ: ساقطة من (ن) .
    (2) أ: ووجود ; ب: والوجود.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) هذه العبارة وردت ضمن كلامه السابق ص 97 وهي في منهاج الكرامة 1/82 (م) ، وفي هذين الموضعين: لأنهم اعتقدوا.
    *************************

    فيقال: أولا: جميع المسلمين يعتقدون أن كل ما سوى الله مخلوق حادث بعد أن لم يكن، وهو المختص بالقدم والأزلية.


    ثم يقال: ثانيا: الذي جاء به الكتاب والسنة هو توحيد الإلهية (1) ، فلا إله إلا هو، فهذا هو التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، كما قال تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} [سورة البقرة: 163] ، وقال تعالى (2) : {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد} [سورة النحل: 51] ، وقال: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [سورة الأنبياء: 25] .

    ومثل هذا في القرآن كثير، كقوله تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [سورة محمد: 19] ، وقوله: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} [سورة الصافات: 35] .

    وبالجملة فهذا أول ما دعا إليه الرسول [وآخره] (3) ; حيث قال: " «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا (4) لا إله إلا الله وإني رسول الله» " (5) .


    (1) ن، م: الذي جاء به الكتاب أن الله مخصوص بالإلهية.
    (2) وقال تعالى: ساقطة من (ن) فقط.
    (3) وآخره: ساقطة من (ن) .
    (4) ن، م: يشهدوا.
    (5) الحديث عن جماعة من الصحابة بروايات مختلفة في: البخاري 1/10 (كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة. . . إلخ) ، 9/15 (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين، باب قتل من أبى قبول الفرائض) ; مسلم 1/52 - 53 (كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس. . إلخ) . وقال السيوطي في " الجامع الصغير ": " متفق عليه، رواه الأربعة عن أبي هريرة وهو متواتر ".
    *************************

    وقال لعمه أبي طالب: " «يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله» " (1) وقال: " «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» " (2) .


    وقال: " «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» " (3) .

    وكل هذه الأحاديث في الصحاح.


    (1) الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن - رضي الله عنه في: البخاري 2/95 (كتاب الجنائز، باب إذا قال المشترك عند الموت لا إله إلا الله) ، 5/52 (كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب) ، 6 (كتاب التفسير، سورة (براءة) ، قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين. .) " سورة التوبة: 113 "، 6/112 - 113 (كتاب التفسير، سورة القصص، باب إنك لا تهدي من أحببت) سورة القصص: 56) ، 8/138 - 139 (كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم. .) ; مسلم 1/54 - 55 (كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت. .) وذكر مسلم الحديث بمعناه من طريقين عن أبي هريرة - رضي الله عنه ; المسند (ط. الحلبي) 5/433.
    (2) الحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه في: سنن أبي داود 3/258 - 259 (كتاب الجنائز، باب في التلقين) ; المستدرك للحاكم 1/351 (كتاب الجنائز، باب من كان آخر كلامه. .) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي ; مشكاة المصابيح للتبريزي 1/511 وصححه الألباني (ت [0 - 9] ) .
    (3) الحديث عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما في: مسلم 2/631 (كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله. .) ; سنن أبي داود 3/259 (كتاب الجنائز، باب في التلقين) ; سنن الترمذي 2/225 (كتاب الجنائز، باب في تلقين المريض عند الموت والدعاء له) وقال الترمذي: " وفي الباب عن أبي هريرة وأم مسلمة وعائشة وجابر وسعدى المرية وهي امرأة طلحة بن عبيد الله " ; سنن ابن ماجه 1/464 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في تلقين الميت لا إله إلا الله) ; المسند (ط. الحلبي) 3/3.
    ****************************

    وهذا من أظهر ما يعلم [بالاضطرار] (1) من دين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو توحيد الإلهية: أنه لا إله إلا الله (2) .


    وأما كون القديم الأزلي واحدا، فهذا اللفظ لا يوجد لا في كتاب [الله] ولا في سنة [نبيه] (3) ، بل (4) ولا جاء اسم " القديم " في أسماء الله تعالى، وإن كان من أسمائه " الأول ".

    والأقوال نوعان: فما كان منصوصا في الكتاب [والسنة] (5) ، وجب الإقرار به على كل مسلم، وما لم يكن له أصل في النص والإجماع، لم يجب قبوله ولا رده حتى يعرف معناه.

    فقول القائل: القديم الأزلي واحد، وإن الله مخصوص بالأزلية والقدم، لفظ مجمل. فإن أراد به أن الله بما يستحقه من صفاته اللازمة له هو القديم الأزلي دون مخلوقاته، فهذا حق. ولكن هذا مذهب أهل السنة والجماعة.

    وإن أراد به أن القديم الأزلي هو الذات التي لا صفات لها: لا حياة \ 8 11) (6) ولا علم ولا قدرة ; لأنه لو كان لها صفات (7) لكانت قد شاركتها في القدم، ولكانت إلها مثلها.


    (1) بالاضطرار: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: إلا هو.
    (3) ن، م: لا في كتاب ولا سنة.
    (4) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) والسنة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ا، ب: التي لا صفة لها ولا حياة. . إلخ
    (7) أ، ب: صفة.
    ****************************** *
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •