الرصاصة القاتلة لا تخطئ
جلال الصمدي




برزت الأضواءُ وتلألأت في أماكن كثيرةٍ مِن تلك المدينةِ التي يقطُنها.
المساءُ بدأَ ينشرُ غلالاتِه فوقَ أعطافِ المدينةِ، وغفوةُ المساءِ عادت تثيرُ كوامِنَ الشُّجونِ.
أحسُّ ببردِ الوحدةِ أكثرَ مِن أيِّ وقتٍ مضى.
امرأةٌ مُمسِكةٌ بيدِ زوجِها بقوَّةٍ.
السَّاعة السَّابعة والنِّصف مساءً في طريقي مِن الشَّيخِ عُثمان إلى المُعلَّا.

قُلتُ لها: تشبَّثي بهِ حتَّى لا تأتي رصاصةٌ طائشةٌ وتأخُذه مِنكِ، أو تأخُذك منه.
همسَ زوجُها بصوتٍ يكادُ لا يُسمعُ.
أنا خائفٌ وأحِسُّ بشيءٍ غريبٍ يقترِبُ مِنِّي.

زوجتُه: إنَّك تُفكِّرُ الليلةَ بشكلٍ مُختلِفٍ على غيرِ ما عهِدته فيك! بماذا تُحِسُّ زوجي العزيز؟
هو: لا شيء لا شيء.
كان لا يزال غارقًا في تأمُّلاتِه والسَّاعةُ قاربت العاشرة.
الشَّارِعُ خالٍ من المارةِ سِوى بعض سياراتِ الإسعاف.
وجدَ نفسَهُ ينتفِضُ مِن البرد.

تنهَّدَ وتمتمَ: ستخرُجُ الطلقةُ الأخيرةُ لِتُطفئ بصيص النُّور الذي نجا من وابلِ طلقاتِ الحياةِ الصَّعبة.

مسحَ مِن عينيهِ دمعةً كبيرةً انداحت منها، وعاد ولم يعلم أنَّ للإنسانِ قدرًا يقف لهُ بالمِرصاد.
يُعطيه تارةً سماءَ الأمان، وتارةً يقذِفُ إليها رصاصةً غادرةً قاتلةً لا تُخطئ حيثُ تبدَّل اللونُ إلى الأحمر، أما له فهو صراخٌ لحنينٍ دقاتُ قلبِه في يقظة لصوص الأرواح البشرية البريئة.