منهج السيرة النبوية في التعامل مع أصحاب المذاهب الهدامة
مولاي المصطفى البرجاوي






لا يَخفى على كلِّ ذي لبٍّ حصيف ما تَمرُّ به الأمة الإسلامية من ضعف وانحطاط، وما تعانيه من جرَّاء تركِها لشرع ربِّها دعوة وعملاً، من هجوم الاستِكْبار الغربي وتحالُف العلْمانيين المتطرِّفين مع توجُّهاتِهم المشككة والهدَّامة لكلِّ عملٍ إسلامي، لكن في الآن نفسِه أستغرب لبعض الحركات الإسلامية، التي تتبنَّى أطروحات بعض المفكِّرين الغربيِّين تارةً، والعلْمانيِّين تارةً أخرى؛ للخروج من الأزمة، في حين أنَّ السيرة النبويَّة تُمثِّل النموذج الساطع لحلِّ كلِّ الأزمات بفضل الكريم المنَّان!

ورحم الله القائل:
دِينُ الرَّسُولِ وَشَرْعُهُ أَخْبَارُهُ وَأَجَلُّ عِلْمٍ يُقْتَنَى آثَارُهُ
مَنْ كَانَ مُشْتَغِلاً بِهَا وَبِنَشْرِهَا بَيْنَ البَرِيَّةِ لا عَفَتْ آثَارُهُ
ثُمَّ إنَّ مكانة السنّة والسيرة النبوية تزداد أهمِّيَّة، وتشتد حاجة الأُمَّة لها، عند ظهور الفتن والمدلهمَّات، وكثرة البِدَع والمُحْدثات؛ ولذلك لمَّا أوصى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلَّم - أصحابه، ووعَظَهُم موعظةً بليغة، وجِلتْ منها القلوب وذرفتْ لها العيون، قال في وصيته تلك - عليه الصلاة والسلام -: ((فإنَّه مَن يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليْكُم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين، تَمسَّكوا بِها، وعضُّوا عليْها بالنَّواجذ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمور، فإنَّ كلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة))[1]، فكأنَّما أعدَّهم إعدادًا لما ستؤول إليه الأمور؛ لذا أرشدهم إلى خطواتٍ عمليَّة - بعيدًا عن الجدليَّات السوفسطائيَّة - لخوض غمار المحاورة والمناظرة، بل المواجهة الفكريَّة.
والقارئون للتاريخ والنَّاظرون في أحوال الأُمَم السَّالفة يروْن أنَّ هذا العصر هو أشدُّ فتكًا: (العولمة، الغَزْو الثَّقافي والفكري، والخِلافات المذهبيَّة..)، لكنَّ الأدهى والأمَرُّ ظهور ثُلَّة كبيرةٍ من أبناءِ الأُمَّة يتبعون سننهم، وما أروعَ كلامَ المُلْهَم الفاروق: "والله ما أخشى على الإسلام من أعدائِه، ولكن أخشى عليه من أدعيائه".
إنَّ هذا الهجوم السافِرَ من الغرب اليوم على بُلْدان المسلمين، والصِّراع والخلافَ المُستحكِم مع بني جِلْدتِنا من العلمانيين - يَجب أن يكون مصدرَ تفاؤلٍ ورجاءٍ، لا يأسٍ وخوف.
بل أكثر من هذا؛ ينبغي أن لا يغيبَ عن أذهاننا أنَّ المواجهة بين المسلمين وأعدائهم لَم تتوقَّف منذ فجر الإسلام؛ مِصداقًا لقوْلِ الله تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم ْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، فالمعركة مستمرَّة، وإن تعدَّدتْ ساحاتُها وتبدَّلتْ أسلِحَتُها؛ لأنَّ الشَّرَّ من لوازِم الخَيْرِ؛ يقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31]، فسُنَّة التداوُل الحضاري من طبيعة الحياة، {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]، ولعلَّ ذلك من أقدار الله الغلاَّبة، ومن ابتلاءات الخيْر والشرِّ، فالمسلمون مستهْدَفون بأصلِ إيمانِهم، وليس بسبب كسبهم أو فعلتهم في كثير من الأحيان؛ قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8]، لكنَّ لنا في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلَّم - خيْرَ مُعين.
* لماذا السيرة النبوية؟: تُعَدُّ السيرة النبوية شفاءً لكلِّ عليلٍ من الأمراض الفكريَّة البشريَّة السقيمة، ورحِم الله ابن القيم إذْ يقول في كتابه "زاد المعاد إلى هدي خير العباد": وليس طبُّه - صلى الله عليه وسلَّم - كطبِّ الأطباء، فإنَّ طب النبيِّ - صلى الله عليه وسلَّم - متيقَّن قطعي إلهي، صادر عن الوحي ومشكاة النبوَّة وكمال العقل، وطبُّ غيرِه أكثرُه حدْسيٌّ وظنون وتجارب، ولا ينكَر عدم انتفاع كثير من المرضى بطبِّ النبوة، فإنَّه إنَّما ينتفِع به من تلقَّاه بالقبول واعتقاد الشفاء به، وكمالُ التلقِّي له بالإيمان والإذعان، فهذا القُرآن الذي هو شفاء لما في الصدور، إن لم يُتَلَقَّ هذا التلقي لم يَحْصُل به شفاءُ الصدور من أدوائِه، بل لا يَزيدُ المنافقين إلا رجسًا إلى رجسهم، ومرضًا إلى مرضهم".
وتحدِّثنا السيرة النبوية أيضًا عن مواقفَ كثيرةٍ من أساليبِه - عليه الصلاة والسلام - في التربية والتَّوجيه والدعوة، كانت وما زالتْ مثلاً يُحتذى به؛ حيثُ تَخرَّج من تَحت يديْه قادةٌ عِظام، نَشروا العَدْل والحقَّ في ربوع العالم.
وعمومًا؛ فلِكَيْ يستفيدَ المُسلم من السيرة النبويَّة الشريفة، عليْه أن يقرأَها وكأنَّه يَعيش أحداثَها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينهل منها ذاك النموذَجَ العظيم لِلمؤمِن الصَّالح النَّافِعِ لِدينه وأُمَّتِه.

وَتَشَبَّهُوا إِنْ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالكِرَامِ فَلاحُ
أبرزُ معالم الخطَط والمناهج النبويَّة في مواجهة المخالفين:

تنوَّعت المناهج التي اتَّبعها النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - نركِّز على بعضها:
* التمكُّن من مذاهب وأفكار ولغات المخالف:
كان اليهود إذا جلسوا مع النبي - صلى الله عليه وسلَّم - يحدِّثُ بعضُهم بعضا بلُغَتِهم العِبْرية؛ حتى لا يفهم المسلمون ماذا يقولون، وكذلك كانوا إذا كتبوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلَّم - رسالةً أو عهدًا جعلوها بالعِبْريَّة، وهنا أراد النبي - صلى الله عليْه وسلَّم - أن يتعلَّم واحد من أصحابه هذه اللغة، فاختار الفتى الأنصاري زيد بن ثابت - رضي الله عنه.
وكان أوَّل المهامِّ النبوية أن قال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلَّم -: ((يا زيدُ، تعلَّمْ لي كتابة اليهود؛ فإنِّي لا آمَنُهم على ما أقول))، فقال: لَبَّيْك يا رسولَ الله، وبعدها أكبَّ الفتى على العبرية لغة اليهود، فحذِقَها في عدَّة أيام، نعم أيَّام قليلة، وكان زيدُ بن ثابت - رضي الله عنه - يتحدَّث العبرية ويكتبُها ويقرأُ بِها كأنَّه أحدُ أهلها، فجعل يكتب رسائلَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – لليهود، ويقرؤُها له إذا هُم كتبوا إليه.
الصحابي زيد يُجيد لُغَتَيْن معًا:

فلما أراد النبي - صلى الله عليه وسلَّم - أن يكتُب إلى ملوك العجم، أمَرَ زيدَ بن ثابت - رضي الله عنه - أن يتعلَّم السريانيَّة بأمرٍ منه - صلى الله عليه وسلم - كما تعلَّم العبرية، وبذلك أصبح الفتى زيد بن ثابت - رضي الله عنه - ترجمان النبي - صلى الله عليه وسلَّم.
فلا يُمكِن البتَّة مواجهة أفكار العلْمانيِّين دون ضبْطِ أطروحاتِهم وتوجُّهاتِهم، بالتالي يضيع الحقُّ بين ركام الباطل، ولا ننسى أنَّ عددًا كبيرًا منهم - فقط - أصيب بعمى التَّقليد، دون فهمٍ لمقاصد هؤلاء، الإستراتيجية والسياسية، يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "من تعلَّم لغة قوم أمِنَ مَكْرَهم"[2].
*بيان أبواب الخير ومسالك الهدى بطرقٍ تستهدف العقول والقلوب:

عنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قال: كُنْتُ مَع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ - في سَفَر، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ ونَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْت:ُ يا رَسُولَ الله، أَخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ، ويُباعِدُني عن النَّارِ، قَالَ: ((لَقَدْ سَأَلْتَني عَنْ عَظِيمٍ، وإِنَّهُ لَيَسِيرٌ على مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ ولا تُشْرِك بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ))، ثُمَّ قَالَ: ((أَلا أَدُلُّكَ على أَبْوَابِ الخَيْر؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وصَلاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ))، قَال: ثُمَّ تَلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} حتى بلغ {يَعْمَلُونَ}[3]، ثم قال: ((ألا أُخبرك برأس الأمرِ كلِّه، وعموده، وذِرْوة سنامه؟))، قلت: بلى، يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة، وذروة سنامِه الجهاد))، ثُمَّ قال: ((ألا أُخْبرك بِملاك ذلك كله؟))، قلت:بلى، يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: ((كُفَّ عليْكَ هذا))، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمُؤَاخذون بما نتكلم به؟!
فَقَالَ: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا مُعَاذُ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ أَوْ على مَنَاخِرِهِمْ إلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))[4].
* عدم الالتِفات إلى أساليبِ استِهْزائِهم، والثَّباتُ على الحقِّ:

فلوْ تصفَّحْنا السيرة لوجدْنا صنوف الاستِهْزاء والتَّهكُّم التي لقِيها النَّبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قَبيل: شاعر، كاهن، ساحر.. وهلُمَّ جرًّا من الألقاب المَشينة، ورغْمَ ذلك لم يلتفِتْ إلى تُرَّهاتِهم، قِسْ ذلك على أيِّ صف إسلامي يشتغل بدين الله، تنزل عليه سهامٌ متعدِّدة من المصطَلَحات المشينة: الرَّجعيَّة، والظلاميَّة، والقرسطيَّة، والنكوصية.. رحم الله الشاعر إذ يقول:
مَا لِي إِذَا أَلْزَمْتُهُ حُجَّةً قَابَلَنِي بِالضِّحْكِ وَالقَهْقَهَهْ
إِنْ كَانَ ضِحْكُ المَرْءِ مِنْ فِقْهِهِ فَالضَّبُّ فِي الصَّحْراءِ مَا أَفْقَهَهْ!
لكن أخي المسلمَ، مُرْ بالمعروفِ بِمعروف، وانهَ عن المنكر بغَيْرِ منكر؛ وهذا أصل من أصول التشريع القرآني.
* التخلُّق بأخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

قال تعالى مادحًا وواصفًا خُلُق نبيِّه الكريم - صلى الله عليه وسلَّم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، قالت عائشة لمَّا سُئِلَتْ - رضي الله عنها - عن خُلق النَّبيِّ - عليه الصلاة والسلام - قالت: "كان خلُقُه القُرآنَ"؛ صحيح مسلم.
وعن صفيَّة بنت حُيَي - رضي الله عنها - قالت: "ما رأيت أحسن خُلقًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم."؛ رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن.
إنَّ مُعالَجة المشكِلة المُفْتَعلة مع العلمانيين، لا يَجِبُ أن نُعامِلهم بالمثل، بل نتواصل معهم بأخلاقٍ رفيعة، ولا نصِل إلى مستوى استئصالهم كما هو ديدنُهم، فأغلبهم مُغَرَّر به، ولم يُكْتَب له التوفيق من الله أن يَفهم شرع ربِّه الحكيم.
* الدعاء لهم بالهداية لتتوحَّد كلِمة المسلمين ضدَّ أعدائهم:

رغم ما قد يصدر من العلمانيين من تُرَّهات واستِهْزءات، فالدُّعاء لهم بالهداية هو المتنفَّس لكلِّ مسلم غيور على دينه ومسيرة أمته، ولنا في سيرة النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - خيرُ أسوة؛ فبعد وفاة مُحامي النبي - صلى الله عليه وسلَّم - (أبو طالب) تكالبتْ عليْهِ الهُموم من كل حدبٍ وصوبٍ، فبالغتْ قُريش في إيذائه، وكان من زُعَمائِهِم عمُّه أبو لَهب؛ إذ كان يقِفُ له بالمِرْصاد أمام كل عملٍ دعوي، حتَّى إنَّه كان يُلاحِق النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - في موسم الحجِّ، وفي الأسواق يرميه بالحجارة، ويقول: "إنه صابئ كذَّاب"، ويحذِّر الناس من اتِّباعه، فضاقت مكَّة على رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - واشتدَّ به الحال، حتَّى فكَّر في أن يتَّخِذ أسلوبًا آخَر في دعوتِه بتغْيير المكان، علَّه أن يَجِد قبولاً، فاختار الخروجَ لِلطائف، التي كانتْ تُمثِّل مركزًا مهمًّا لسادات قُريش وأهلها، ومكانًا استراتيجيًّا لهم، فبدأ - صلى الله عليه وسلَّم - بسادات القوم الذين ينتهي إليهم الأمر، فكلَّمهم عن الإسلام ودعاهم إلى الله، فردُّوا عليه ردًّا قاسيًا، وقالوا له: اخرج من بلادِنا، ولم يكتفوا بِهذا الأمر، بل أغْرَوْا به سُفهاءَهم وعبيدَهم، فتبِعوه يسبُّونه ويَصيحون به، ويرمونه بالحجارة، فأصيب - عليه الصلاة السلام - في قدمَيْه حتَّى سالت منها الدِّماء، وأصاب النبي - صلى الله عليه وسلَّم - من الهمِّ والحزن والتَّعب ما جعله يسقُطُ على وجْهِه الشريف، ولم يُفِق إلا وجبريل قائم عنده، يُخبره بأنَّ الله بعث ملَك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئتَ يا محمَّد أن أُطْبِق عليهم الأخشَبَيْن، فأتى الجواب منه - عليه السلام - بالعفْو عنهم، قائلاً: ((أرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابِهم مَن يَعبُد الله وحْدَه، ولا يُشْركُ به شيئًا))؛ رواه البخاري.
ومن الأمثلة النبوية أيضًا: لمَّا كُسِرت رَباعِيَتُه - صلى الله عليه وسلم - وشُجَّ وجهُه يوم أُحُد، شَقَّ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله، ادع على المشركين، فأجاب أصحابه قائلا لهم: ((إني لم أُبْعث لَعَّانًا، وإنما بعثت رحمة))؛ رواه مسلم.
بل هو سلاح عظيم به يتنزَّل النَّصر، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلَّم - يبدأُ معاركه بالدُّعاء، وما قصته - صلى الله عليه وسلَّم - يوم بدر، إذ سقط عنه رداؤه من شدَّة مُناشدته ربَّه في الدعاء، إلا دليل على أهمية الدعاء في ساحات المعارك، وفي مقارعة أعداء الله:

أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ وَمَا تَدْرِي بِمَا فَعَلَ الدُّعَاءُ
سِهَامُ اللَّيْلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ لَهَا أَمَدٌ وَلِلأَمَدِ انْقِضَاءُ

ويؤثَر عن عمر - رضي الله عنه - أنَّه جاءَتْه عجوزٌ في حاجة وكانت غيْرَ مسلمة، فدعاها إلى الإسلام فأبتْ، وتركها عمر، ثم خشي أن يكون في قوله - وهو أمير المؤمنين - إكراهٌ لها، فاتَّجه إلى ربِّه ضارعًا معتذِرًا: اللهم أرشدتُ ولَم أُكْرِه، وتلا قولَه تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 265]([5]).
* العدل بين الناس: فالنبي الكريم - صلى الله عليه وسلَّم - كان أعدلَ النَّاس، بشهادة أعدائه، وكيف لا يعدِل من خوطب بقولٍ واضحٍ مبين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]، وفي قضائه بين المتخاصمين كان عادلاً - صلى الله عليه وسلم - بعيدًا عن الحيف والظُّلم؛ فعن حرام بن محيصة عن أبيه: أنَّ ناقةً للبراء بن عازب دخلتْ حائطَ رجُلٍ فأفسدَتْه، "فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل الأموال حِفْظها بالنَّهار، وعلى أهل المواشي حفِظها باللَّيْلِ"؛ رواه أحمد.
وكان - صلى الله عليه وسلَّم - لا يرضى تعطيلَ حدودِ الله، الَّتي شرعها سبحانه لإقامة العدل بين الناس، ولو كان الجاني من أقْرِبائه وأحبابه، ففي حادثة المرأة المخزوميَّة التي سرقتْ لَم يقبل شفاعة أسامة، وقال مقالته المشهورة: ((أيُّها الناس، إنَّما أهلكَ الذين قبلَكُم: أنَّهم كانوا إذا سَرَقَ فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سَرَقَ فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحدَّ، وايْمُ الله، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ مُحمَّد سرقتْ لقطعت يدها))؛ رواه البخاري ومسلم.
وبهذا الخلق العظيم، والأدب الرفيع، استطاع - صلى الله عليه وسلم - أن يلفِت الأنظار نحو دعوتِه، ويُحرِّك المشاعر والأحاسيس إلى مبادئه العظيمة، ويرسم منهاجًا فريدًا لخَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجتْ للناس، فالأَوْلى أن نَتبنَّى هذا الخلق الرفيع لِمحاولة قطع الطريق على المتشدِّقين والمتفَيْهِقين، وكم سُرِرْت عندما ذكر رئيس تركيا (أردوغان) في حواره مع قناة الجزيرة أنَّه استطاع أن يوفِّر تقريبًا 40 مليار دولار بِمُحاربتِه الفساد؛ فذلِك ولا شكَّ أهمُّ عاملٍ يُضيِّق أنفاسَ العلْمانيِّين أصحاب الفساد، كما حقَّقوا مكاسب عديدة بنهْجِهم لخُلُق العدل.
حكمة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -:

لقد عرَف المشركون من قريش أنَّ القرآن حقٌّ، ولكنَّ أكثَرَهُم لم يُؤْمِن تكبُّرا وعنادًا، وكان النَّبيُّ - عليه الصلاة والسلام - يُحاول أن يُقْنِعهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ولكن كانوا يَخافون على مرْكَزِهم الاجتماعي أو المالي أو غير ذلك.
فمنهم مَن كاد يؤمِن ولكنَّه تذكَّر أنَّ له مركزًا اجتماعيًّا خاف عليه، ومنهم مَن خاف على أموالِه، لكنَّ الإسلام - وبِحمد الله - انتَشَر وازدهَر بفضل الأشخاص الذين حَملوه وأوصلوه لِجميع النَّاس.
إنَّ لهذه المناهج القرآنيَّة النبويَّة أثرًا عظيمًا في قوَّة المُسلمين وثباتِهم وانتصارِهم، فمتى ما صدقت الأُمَّة ربَّها، ونصرت دينَه، جاءَهم نصر الله ومددُه؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
- حسن اختِيار الدُّعاة والعلماء والقادة للمناظرة والمواجهة: وتتقدَّم المجتمعات وترتَقِي حين يقودُها الأكفاء في كلِّ ميدان ومجال، ويتطلَّب ذلك كلُّه وبلا شكّ الدقَّة في الاختيار والإعداد في كلِّ الوظائف والاتجاهات؛ فالرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - خطَّ منهجًا في البحث عمَّن هم أوْلَى بالقِيادة والدَّعوة في المُجتمَع وتولِيَتهم مقاليدَ الأُمور، فمن الأمانة انتقاءُ أفضَلِ العناصر، وتقليدُ أكفأِ النَّاس الَّذين يُناسِبون المواقف؛ فاختار مُصعب بن عُميْر - رضي الله عنه - أوَّل سفير في الإسلام للدَّعوة خارجَ مكَّة، وعيَّن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في الجَيْش بالرَّغْم من أنَّ في الدَّعوة والجيش من هو أقدم منهُما وأسبق اعتِناقا للإسلام.
والحديث العجيب في هذا الباب، والذي صنَّف فيه المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعضَ أصحابِه الكرام، وهو حديثٌ صحيح أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((أرحَمُ أمَّتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمر الله عمر، وأصدَقُهم حياءً عثمان، وأعلَمُهم بِالحلال والحرام مُعاذُ بن جبل، وأفرَضُهم زيد بن ثابت، وأقرؤُهم أبيٌّ، ولكلِّ أمَّة أمين، وأمينُ هذه الأُمَّة أبو عبيدة بن الجرَّاح))؛ قال الألباني في السلسلة الصحيحة: إنَّه صحيح.
- إحسان الظَّنِّ بِهم: ومن إحسان الظنِّ بِالمُخالف حَمْل كلامِه على ظاهره، وعدم التعرُّض للنَّوايا والبواطن، وأصلُ هذه القاعدة عندما قال خالدُ بن الوليد - رضي الله عنه - للنَّبيّ - صلى الله عليه وسلَّم - في قصَّة الرجل الذي اعترض على قِسْمة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ألا أَضْرب عنقه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنِّي لم أؤمر أن أنقب عن قلوب النَّاس ولا أشقَّ بطونَهم))؛ متَّفق عليه، فما في القلوب لا يعلَمُه إلا الله، وإنَّما نَحن مأمورون بالأَخْذِ بظاهر الإنسان وبظاهِر كلامِه، وإذا كان هذا المعمول به في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والوحي ينزل، فمِن باب أوْلى بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وانقطاع الوحي، وقد أشار إلى ذلك عُمَر الفاروق - رضي الله عنه - فيما رواه البخاري، قال: "إنَّ أناسًا كانوا يُؤاخَذون بالوحي على عهد رسول الله، وإنَّ الوَحْي قد انقطع، فمن أظهر لنا خيرًا أمِنَّاه وقرَّبْناه، وليس لنا من سريرتِه شيء، ومَن أظهر لنا سوءًا لم نَأْمنه ولم نُقَرِّبه، ولم نصدقه، وإن قال: سريرتُه حسنة".
عدم معاداتهم بل مواجهتهم بالحكمة والإقناع: فالأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللِّين والرفق؛ كما قال الله تعالى: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، وقال لموسى وهارون - صلى الله عليهما وسلَّم -: {اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44]، وقال - صلى الله عليه وسلَّم -: ((ما كان الرِّفْقُ في شيء إلا زانه، ولا نُزع الرفق من شيء إلا شانه))؛ رواه مسلم.
فالغالبية الساحقة منهم - كما ذكرتُ آنفًا - هُم مؤوِّلة جدُد لم يدخُل الإيمان قلوبهم، فالواجب فتح باب الحوار معَهم، شرطَ عدم التَّنازُل عن الثَّوابت الشَّرعيَّة علاجًا للأزمة الفكريَّة أو إعجابًا بالرأي، كلاَّ، بل تفنيد الآراء التي تَمَسُّ جوهرَ العقيدة والدين الحنيف بالحِكْمة والموعظة الحسنة، فلا يَجوزُ مُقاطعتهم، فهذا من ضَعْفِ المنازل، والذين يَلْوُون ألسنتهم باستِنْكار نقد الباطل - كما قال الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله - وإن كان في بعضِهم صلاحٌ وخيْر، ولكنَّه الوهن وضعف العزائم حينًا، وضعف إدراك مدارك الحق والصَّواب أحيانًا، بل في حقيقته من التَّولِّي يوم الزحف عن مواقع الحراسة لدين الله والذَّبِّ عنه، وحينئذٍ يكون الساكت عن كلمة الحق كالنّاطِقِ بالباطل في الإثم.
ولنا مِمَّن تربَّى في مدرسة السيرة النبوية؛ روائع الإمام الشافعي - رحمه الله - ما ذكره الإمام الذَّهبيُّ - رحمه الله - في "سِيَرِه" في ترجمة يونس بن عبدالأعلى الصّدفي - رحمه الله - قال: ما رأيتُ أعقلَ من الشَّافعي! ناظرتُه يومًا في مسألة، ثُمَّ افتَرَقْنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثُمَّ قال: يا أبا موسى، ألا يَستقيم أن نَكونَ إخوانًا وإن لم نتَّفق في مسألة؟! قلتُ - أي الذَّهبي -: هذا يدلُّ على عقل هذا الإمام وفِقْه نفسِه، فما زال النُّظراء يختلفون، وتأمَّل قولَه: وإن لم نتفق في مسألة، أي: حتَّى لو لم نتَّفق في كلِّ المسائل - الخلافية - فلا ينبغي أن نتدابر.[6]
وقال الشيخ أبو بكر الجزائري - حفِظه الله -: "لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة أنَّ المرض إذا أُهْمِل ولم يعالَج استَشْرى في الجسم، وعسُر علاجُه بعد تَمكُّنه من الجسم واستِشْرائه فيه، وكذلك المنكر إذا تُرِكَ ولم يغيَّر فإنَّه لا يلبث أن يألَفَه ويفعله كبيرُهم وصغيرُهم، وعندئذٍ يُصْبِح من غير السهل تغييرُه أو إزالته، ويومَها يَستوجِبُ فاعلوه العقاب من الله، العقاب الذي لا يُمْكِن أن يتخلَّف بِحال، إذ إنَّه جارٍ على سنَن الله - تعالى - التي لا تتبدَّل ولا تتغيَّر؛ {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 62]، {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} [فاطر: 43]"[7][8].
ومن الحكمة في الدَّعوة مراعاةُ جانب المصالح والمفاسد؛ فإذا كانتِ الشِّدَّة لا تؤدِّي في الغالب إلا إلى مفاسدَ، فالأوْلى استبدال الرفق واللين بالشِّدَّة والغلظة؛ كما قال تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
فسبُّ آلهة المشركين حقٌّ وفيه غِلْظة وشدّة، لكنْ إذا كان يترتَّب عليْه مفسدةٌ أكبَر فهو مُحرَّم مَمنوع شرعًا، أمَّا استِعْمال القوَّة لرَدْعِ كلِّ مُخالفة؛ (محاربة التديُّن، الحركات التنصيريَّة، الكتب الهدَّامة المفسدة للأمة..) فذلك من اختِصاص وليِّ الأمر.
بل في بعض الأحيان، كان النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُعنِّف العُلماء من أصحابِه - وهي في الأصل باعثُها الغيرة عليْهِم وتَمتين الصفِّ الإسلامي - إذا أخطؤوا أكثَرَ من غيْرِهم، وخُذْ على سبيل المثال قولَه لمعاذٍ - رضِي الله عنْهُ - حين أطالَ الصَّلاةَ بالنَّاس: ((أَفَتَّان أنت يا معاذ؟))؛ متَّفق عليه، ويقابلُه تلطُّفه بالأعرابي الذي بال في المسجد؛ ففي الصحيحين عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((بال أعرابي في طائفة المسجد فزجره الناس، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلَّم - فلمَّا قضى بولَه أمر بذَنوبٍ من ماء فأُهريق عليه))، فالصحابة المنكرون على الأعرابي قالوا حقًّا، لكن لمَّا كان يترتَّب على شدَّتهم مُنكر أكبرُ صار نَهيُهم عن المنكر منكرًا؛ فلذلك نَهاهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

ولذلك قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية - رحِمه الله -: "حُرِّمَ سَبُّ الآلهة مع أنَّه عبادةٌ؛ لكوْنِه ذريعةً إلى سبِّهم - سبحانه وتعالى - لأنَّ مصلحة تركهِم سبَّ الله - سبحانه - راجحةٌ على سبِّنا لآلِهتِهم"[9]، ومِن الحكمة كذلك التَّفريقُ بين العالِم والجاهل، وبين الصغير والكبير.. وهكذا.

- التركيز على نوعيَّة البناء السليم الذي يُساهم في بناء أمجاد الأمَّة، ويدفع بِها دفعًا إلى الأمام لا الانشِغال بأقزام الأمور وتَوافِهها؛ قال تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109]، وذلك بإعداد جيلٍ قادرٍ على مُواجهة كلِّ التحدِّيات والتُّرَّهات بعيدًا عن الثقافة الانْهِزاميَّة.
فالله أكبر، ما أقوى المنهج النبوي! وما أبْخس المذاهب والتيَّارات الهدَّامة!
- دعوة الإسلام: وهذا الأساس في عقيدتِنا وشريعتِنا لن يتأتَّى إلا بالمعاملة وبِالمُخالطة؛ يقول النبي الكريم - صلى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمن الذي يُخالط النَّاس، ويصبِرُ على أذاهم خيرٌ من المؤمن الذي لا يُخالِط النَّاس، ولا يصبِرُ على أذاهم))؛ رواه الترمذي.

إِنْ هَدَى الرَّحْمَنُ شَخْصًا وَاحِدًا بِكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ بَحْرِ دُرَرْ
وَهْوَ خَيْرٌ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّا قَدْ بَدَا لِلشَّمْسِ أَوْ نُورِ القَمَرْ
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ


[1] - حديث أخرجه أصحاب السنن، وصححه الترمذي وغيره، وهو من أصول الدين، ومن قواعد السنة.
[2] - يروى كحديث، وهو ليس في شيء من كتب السنة المعتبرة، أما ثبوته عن عمر ففيه نظر؛ فإن المرويَّ عنه خلافه، وهو "... ... رطانة ... ...."، هذا وتعلم اللغات من فروض الكفاية عند عامة الفقهاء؛ من باب "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
[3] - {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16، 17].
[4] - (قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).
([5]) - انظر: هذا بيان للناس 1/ 273 - 294، نشرة وزارة الأوقاف، مطبعة الأزهر بالقاهرة 1989م.
[6] - للتوسع في الموضوع الرجوع إلى كتاب: فقه التعامل مع المخالف للدكتور عبد الله بن إبراهيم الطريقي.
7] - أبو بكر جابر الجزائري - حفظه الله - في كتابه (منهاج المسلم) ص: 50 - 51 دار الفكر ط 1424هـ.
[8] [تعليق الألوكة]: وإن كان ما نقله الكاتب الكريم في الخلافات المنهجية، أما الرد على أصحاب الفرق الباطلة فله مجال آخر؛ بتبيين ما هم عليه بعلم وإنصاف، ثم نقضه بما يوافق الشرع.
[9] - الفتاوى الكبرى 3/258