تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

  1. افتراضي الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

    الحمد لله رب العالمين.والصلا والسلام على المبعوث رحمة للعالمين .نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين. ومن اقتفى أثره وسار على نهجه إلى يوم الدين أما بعد:
    يسرني ويشرفني أن أنقل إلى إخواني السلفيين خاصة والمسلمين عامة سيرة أحد أعلام الأمة المغربية السلفيين المغمورين الذين جمعوا بين جهاد اللسان والقلم والسنان وهو الشيخ الطيب بن أحمد العلوي السلفي المغربي وأعتمد في ذلك على كتاب يحوي مذكراته وسيرته قام بنشره ابنه الدكتور أحمد العلوي وعلى بعض المصادر الأخرى .وهذه المذكرات بها بياضات وبتر كثير يؤثر في تسلسل الأحداث وتناسب المعلومات و سياق الكلام وقد اجتهدت في ملئ هذه الفراغات بما يناسب وعلقت على بعض المواضع التي تستحق التعليق جاعلا ذلك كله بين قوسين (). وترجمت للأعلام الذين وقفت على تراجمهم في الهامش.
    للعلم فترجمة هذا العلم لم يسبق لها أن نشرت على الشبكة العنكبوتية سوى ترجمة جد مختصرة في موقع معجم البابطين لشعراء العربية تتكلم عن أدبه وشعره.
    ونسأل الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل ولاحول ولا قوة إلا بالله.
    1-نشأته وطلبه للعلم وذكر شيوخه:
    ولد مترجمنا سنة 1318 هجرية الموافق لسنة1900 إفرنجية بمدينة مكناسة الزيتون بقصبة تولال .توفي والده وهو ابن ستة أشهر وبعد ذلك تزوجت أمه فسار بهم زوج أمه نحو جبال الأطلس المتوسط وتحديدا إلى مدينة خنيفرة حيث استقر هناك وترعرع وشب في كنف والدته هو وأخوه الأكبر.
    يقول رحمه الله حاكيا عن الظروف التي أحاطت به أثناء مسيرته في طلب العلم وفيها من العبر والحقائق التاريخية في تلك الفترة ما فيها " ... كبرنا في حجرها ( أي أمه ) أنا وأخي الذي هو أكبر مني فلم تسلمنا يوما لخدمة بل قدمتنا للكتاب لنتعلم وكان كل رجائها أن نكون فقيهين.دفعتني إلى معلم مكثت عنده نحو السنة وأنا ابن 6 أعوام ...فجعل يعلمني الحروف وبعض السور القصار من القرآن حتى إذا حان وقت السراح مر بنا أمام ديك عظيم عنده فيأمرنا أن نحييه بالإنحناء ( الركوع ) وأنا إلى الآن لا أدري ما هو قصد هذا المعلم من انحنائنا للديك هل هو مطلق إظهارنا لطاعته وتنفيد أوامره أو هل هناك قصد آخر لم نطلع عليه فالرجل مسلم من القبائل التي هي أشد تمسكا بالإسلام وهي مصامدة سوس. وحتى لو جوزنا لأنفسنا أن نرميه بالإلحاد وعبادة الحيوان فإن هذا النوع من التأليه لم يكن في المغرب قديما ولا حديثا فالرجل كان تيجاني العقيدة.( لا عجب أن تصدر مثل هذه الأفعال من صوفي تيجاني خرافي خصوصا إذا كان من منطقة سوس التي تعتبر مهد ومنبع السحر والشعوذة في المغرب فجل المدارس القرآنية هناك تعلم الطالب إضافة إلى القرآن والمتون الشرعية السحر والطلاسم )...انهال علي هذا المعلم يوما وأنا في الشارع بضرب على رأسي حتى كدت أفقد حياتي .أتدري بم ضربني؟؟؟ ضربني بمفتاح حديد. وإلى اليوم ( ذكر المؤلف رحمه الله أن تاريخ بداية كتابته هذه المذكرات كان سنة 1958 وقد ذكر ابنه أن الشيخ توفي قبل أن يكمل هذه المذكرات فقد كتب منها الجزء الأول فقط حيث وافته المنية سنة 1964 ) لا أدري لماذا ولم أنس ألم ضربه إياي أبدا.تألمت أمي لذلك كثيرا فنقلتني إلى كتاب آخر بإدخسال ( قرية على شكل قصبة بمدينة خنيفرة) الثكنة العسكرية (المعروفة) ...فكنت هناك إلى أن انفصل عنهم الفقيه الذي كان يعلم هناك فنقلنا أنا وأخي إلى محلة رتب بها للتعليم قرب أوروكو فنزلنا في مسجد (وهو عبارة عن ) خيمة وكنت ألفت السكنى في الدور فلما شاهدت الخيام هالني سكناها زيادة على فرقة أمي وحنانها فكنت إذا غربت الشمس تأخذني حسرة و غم كأنما انطبقت السماء على الأرض وأنا بينهما أتململ.
    كانت السنة شديدة ومع ذلك كان هؤلاء الزيانيون ( نسبة إلى قبيلة زايان بالأطلس المتوسط) لا يفرطون في المسجد ولا في الطلبة بما أمكن لهم.ننتظر وجبة الطعام حتى إذا حضرت كان فيها خبز أشد سوادا من حظي وماء قراح أعض منه مضغة فألوكها كالدواء ثم أطرحها لأنني لا أقدر على استساغتها فلما اشتد بالناس العوز تفرق الطلبة شذر مذر فرجعنا إلى أمنا لأن القحط عم المغرب...سنة 1326 مرت جيوش مولاي عبد الحفيظ ( ملك المغرب آنذاك بويع له بالخلافة سنة 1325 بعد عزل أخيه عبد العزيز وهما ابنا الملك الحسن الأول) بخنيفرة فمكناس وقبلها بسنة ارتحلنا إلى مكناس (وبالتالي سيكون انتظم في بعض كتاتيبها لإكمال حفظ ما بقي له من القرآن وهو ما يدل عليه كلامه الآتي) . وفي يوم مرور جيش مولاي عبد الحفيظ واستقباله بمكناس كانت حفلة جمعي للقرآن الكريم على الفقيه الناسك السيد المختار القندوسي ( في هذا الموضع كلام مبتور ولعل سياق الكلام أنهم رجعوا إلى مدينة خنيفرة ) فطفت على كتاتيبها فلم أجد فيها ما يشابه كتاب تولال (بمدينة مكناس ) فاضطررت إلى الرجوع وحدي إلى تولال لإتمام ما ينقصني فنزلت بدار السيد محمد بن سعيد الذي كان له اتصال حبي فضمني إلى عائلته إلى أن بلغت السنة 12 (من العمر) فاضررت إلى تلقي دروس علمية وكان الزمن أول عهد الحماية ( وهي اتفاقية عقدت سنة 1912 بين سلطان المغرب عبد الحفيظ بن الحسن والدولة الفرنسية وبموجبها فقد المغرب سيادته وأصبح محتلا من طرف فرنسا ) و نظام البلاد مختل فلا مدارس ولا معاهد و لا كليات فكنت أنا ورفاق لي نذهب إلى أحد العلماء فندق عليه باب داره ونلح عليه في إلقاء دروس في النحو أوالفقه أو الحساب فيأخذ في المعاذير و التنصل وذلك خوفا من الفرنسيين الذين أعلنوا الأحكام العرفية ( أو ما يسمى بالظهير البربري الذي حاول فيه الفرنسيون فصل العرب عن البربر وذلك بإعطائهم امتيازات على العرب تحت حجة أنهم أصحاب الأرض وسنوا لهم التحاكم إلى الأعراف القبلية الجاهلية بدل الشريعة الإسلامية لكن مخططهم هذا انكسر على صخرة رابطة الأخوة الإسلامية بين البرابرة والعرب) ...ولما أتممت الخامسة عشرة إلى وليلي مولاي ادريس بزرهون ( وهي مدينة نزل بها زعيم دولة الأدارسة في المغرب ادريس بن عبد الله بعد هربه من بطش العباسيين في العراق سنة 169 هجرية ) فالتحقت بمدرستها السبعية وفيها أخذت القراءات السبع على مثل السيد أحمد الداوي والسيد ادريس بابا البخاري ومولاي محمد العلوي وغيرهم والفقه على الأستاذ ابن عبد الله الفاسي و مولاي عبد الواحد الإدريسي في ضريح راشد الأوربي والسيد محمد بن أحمد العلوي القاضي( 1) (وغيرهم) ...أمضيت في مدرسة مولاي ادريس زرهون نحو الخمس سنوات ثم انتقلت إلى فاس لأدرس في جامعها فسكنت مدرسة الشراطين وفيها أتممت دراستي خلال ثماني سنوات.درست فيها على أعلامها كمولاي عبد السلام العلوي(2) والسيد أحمد بن الجيلالي(3) ومولاي عبد الله الفضيلي(4) والسيد محمد بن العربي العلوي(5)".انتهى. ...... يتبع

    ( 1) : العلامة القاضي سيدي محمد بن أحمد بن إدريس بن الشريف بن المهدي بن أحمد بن المهدي بن المهدي بن السلطان مولاي إسماعيل العلوي، ولد بمدينة زرهون في فاتح صفر الخير عام 1288هـ، وبهذه المدينة أخذ العلم عن جماعة من الفقهاء منهم : العلامة مولاي الحسن بن الشريف العلوي، والعلامة مولاي الفضيل الإدريسي الشبيهي، والعلامة مفتي زرهون وقتذاك سيدي محمد بن عبد الواحد الإدريسي الشبيهي، ثم توجه لمدينة فاس فأخذ بها عن مجموعة من أفاضل العلماء منهم : العلامة سيدي الحاج محمد فتحا كنون، والعلامة سيدي التهامي كنون، والعلامة سيدي محمد بن التهامي الوزاني، والعلامة المؤرخ سيدي أحمد بن خالد الناصري السلاوي، والعلامة سيدي محمد فتحا بن قاسم القادري، وغيرهم.
    …أما وظائفه فقد عين قاضيا بمدينة زرهون بتاريخ 12 ذي القعدة عام 1336هـ، ثم قدم استقالته من هذا المنصب احتجاجا على تدخل السلطات في مسائل القضاء الشرعي بالبلاد، ثم عين بعد ذلك عضوا بمجلس الإستئناف الشرعي الأعلى بالرباط، ثم قاضيا بمدينة مكناس عام 1344هـ، ثم قاضيا بمقصورة السماط بالقرويين بفاس بتاريخ 9 شعبان عام 1346هـ، ثم قاضيا بمدينة وزان بتاريخ 20 ذي القعدة الحرام عام 1350هـ، ثم قاضيا بمكناس عام 1359هـ، وبقي في منصبه الأخير إلى أن توفي رحمه الله صبيحة يوم الجمعة 28 محرم الحرام عام 1367هـ، ودفن بقبة ضريح جده السلطان مولاي إسماعيل. وله مصنفات كثيرة منها : إتحاف النبهاء الأكياس بتحرير فائدة مناقشة القضاة للأوصياء بفاس، وتحرير المقال في منع ما ادعاه جمال الدين ابن مالك على منى من الإهمال، وبلوغ الأمنية بشرح ثالث فصول الأنموذجية، وتمهيد الحجة وتنظيف المحجة من دنس تمويه سياح الأفرنجة، وتكميل المرام في شرح بغية المستهام، للنقيب عبد الرحمان بن زيدان، وتوضيح طرق الرشاد لحسم مادة الإلحاد في حديث صك الرسول المكلم موسى عليه السلام للملك المكرم الموكل بقبض أرواح العباد( وقد طبع هذا الكتاب عن دار ابن حزم مع كتاب:الدفاع عن الصحيحين. للحجوي الثعالبي).انظر تفاصيل ترجمته في مقدمة الكتاب التي أعدها الدكتور محمد بن عزوز وكذا في إسعاف الإخوان لمحمد السلمي ابن الحاج ص 141-145، وفي الأعلام للزركلي ج 6 ص 24.
    (2): العلامة الشريف مولاي عبد السلام بن عمر العلوي المدغري، فقيه، مدرس، صوفي المشرب، من مواليد مدينة زرهون عام 1270هـ، أخذ العلم عن جماعة من علماء المدينة المذكورة منهم : سيدي محمد الفضيل بن الفاطمي الشبيهي، والعلامة سيدي محمد الخياط الزرهوني، والفقيه سيدي محمد بن عبد الواحد الإدريسي، وأخذ بمدينة فاس عن ابن عمه وصهره الشريف العلامة مولاي عبد المالك الضرير العلوي، والعلامة القاضي مولاي محمد فتحا بن عبد الرحمان المدغري، والفقيه سيدي محمد بن المدني كنون. وأخذ رحمه الله الطريقة الأحمدية التجانية عن صهره العلامة مولاي عبد المالك الضرير العلوي، ومن مصنفاته شرح حزب التضرع لصهره المذكور، وتولى خطة القضاء بطنجة مرتين، وبالدار البيضاء، وبمدينة أزمور، ثم عين بعد ذلك خليفة لرئيس المجلس العلمي بفاس. وكانت وفاته رحمه الله يوم الثلاثاء 14 جمادى الثانية عام 1350هـ، أنظر ترجمته في رياض السلوان للعلامة سكيرج ص 51، وفي قدم الرسوخ لنفس العلامة رقم الترجمة 6، وفي دليل مؤرخ المغرب الأقصى لابن سودة ص 144 رقم الترجمة 838، وفي الأعلام للزركلي ج 4 ص 7.
    (3) - أبو العباس أحمد بن الجيلاني الأمغاري الحسني
    "كما رأيته بخطه، الفاسي دارا وقرارا، لا أدري كيف أقول في تعريفه وهو العلم وفضله أظهر من أن يطويه القلم؛ إذ هو شيخ فقهاء الوقت الأعلام، والمحقق الضرغام، فارس معقول ومنقول، وأحد النظار الفحول، شهير في كل مصر، وبصير بحال أهل العصر، مشهور العلم والنزاهة والكياسة النباهة، فيلسوف الفقهاء، وشيخ النبلاء، وفقيه المتصوفين، وبقية العاملين والصالحين المتصفين المنصفين، ولسان المناطقة والمتكلمين، ثاقب الفهم، واسع الفكر، بادي البشر، مشارك في الفنون محققها والمعقول والتصوف أغلب عليه ولا سيما علم المنطق، فإنه أعرف أهل المغرب به غير مدافع، قرأته عليه مرات، فكان في لسانه كالحديد في يد داود عليه السلام، كما لازمته في النحو والفقه والكلام وغيرها مدة طويلة، وانتفعت به كثيرا جزي خيرا.
    تولى عضوية الشورى من لدن الدولة السابقة، فكان مثال النزاهة، طاهر الذيل، ثم انتخب عضوا ثانيا في المجلس العلمي بالقرويين، فكان لي كالعضو الأول مؤازرة، ثم صار خليفة للرئيس السابق، فكان هو المتصرف في أكثر مدته، ثم تولى الرياسة بعده ولا زال شاغلا لهذا المركز المهم في نظر الأمة المغربية، وإنه لحقيق به؛ إذ هو من أجل الشيوخ فضلا، وأكثرهم نفعا، وللمكارم جمعا، وفضل الشيخ كثير، وبحره كبير أنى يفي به قلم العاجز القصير.أخذ عن الشيخ جنون الكبير وطبقته، وبعض تلاميذه كمحمد بن التهامي الوزاني، وقد شاركته في كثير من شيوخه، وأجازني إجازة خاصة وعامة مشافهة، ولا زال والحمد لله بقيد الحياة بمنصبه الرفيع، مواظبا على درسه الفقهي الخليلي، وهو في عقد السبعين فيما أظن، بارك الله في أنفاسه، وأطال في العافية برد لباسه." الفكر السامي .للحجوي ص:2/322 وله بعض المصنفات منها : تأليف في مسألة العمل بالتلغراف، وجواب في مسألة هل يجوز إعطاء الزكاة للأم أم لا، وجواب حول الجمع في ليلة المطر، وتأليف في مسألة من سافر دون مسافة القصر هل تلزمه الجمعة أم لا. وكانت وفاته رحمه الله في الساعة العاشرة من يوم الخميس 6 ذي الحجة الحرام عام 1352هـ، وصلي عليه بعد صلاة العصر بجامع القرويين، ودفن بزاوية الشريف الجليل سيدي محمد بن علال الوزاني داخل قبته بحومة الشرشور. انظر ترجمته في قدم الرسوخ للعلامة سكيرج رقم الترجمة 24. وفي نيل المراد للعلامة الحجوجي ج 1 ص 45.
    (4) الشيخ الإمام .علم الأعلام. المحقق المدقق النحرير المشارك الأصولي النظار كان كثير التدريس والإفادة لا يحضر دروسه إلا نجباء الطلبة يجتمعون عليه ولا يبغون به بديلاً ولا يدرس إلا الأمور العالية , وكاد أن يدرك (رتبة)شيخ الجماعة في آخر عمره كانت ولادته عام 1291 أخذ عن والده الشيخ ادريس بن أحمد ت.1316 وعن الشيخ أحمد بن الخياط الزكاري وهو عمدته والشيخ أبو العباس أحمد بن الجيلاني الأمغاري وعن الشيخ محمد –فتحا-كنون وعن الشيخ محمد –فتحا- القادري وعن الشيخ عبد المالك العلوي الضرير وعن الشيخ عبد الله بن ادريس البدراوي الحسني وغيرهم من الاشياخ .تولى قضاء الجديدة مدة من الزمن. ثم التدريس في القسم النهائي بالقرويين ثم رياسة المجلس العلمي مدة. ثم أعفي منه وبقي يدرس متطوعا إلى أن صدر الأمر برده مرة ثانية إلى منصب الرياسة فبقي به إلى أن توفاه الله سنة 13 شوال عام 1363.موسوعة أعلام المغرب لحيمد حجي بتصرف.
    (5) الشيخ محمد بن العربي العلوي الملقب بشيخ الإسلام مجدد الدعوة السلفية بالمغرب يقول عنه الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي " والأستاذ الأكبر الشيخ محمد بن العربي العلوي إمام سلفي وعالم مستقل واجتماعي جامع. وهو -في نظرنا- أحق برتبة الإمامة من كثير ممن خلع عليهم المؤرخون هذا اللقب. ونحن في أخص الصفات التي تربطنا به وهي السلفية والإصلاح نجاوز درجة الإعجاب به إلى الفخر والتعاظم." البصائر العدد 30. ويقول عنه تلميذه شيخنا محمد بوخبزة " هو العلامة الأديب السلفي...كان جريئا شجاعا مجتهدا لا مقلدا سلفيا مصلحا " فهرسة الشيخ بوخبزة ص181.ولد الشيخ محمد بن العربي العلوي في مدغرة بتافيلات جنوب المغرب في عام 1880. ثم انتقل به والده إلى فاس للدراسة. ودرس في جامع القرويين على نفر من العلماء منهم: الشيخ محمد بن محمد كنون، والشيخ عبد السلام الهواري، والشيخ خليل الخالدي، والشيخ أبو شعيب الدكالي .و الشيخ أحمد بن الجيلالي الأمغاري وغيرهم.توفي سنة 1384. هذه الأسطر لا تفي بترجمته ومكانته ولعلي أفرد له ترجمة مطولة إن شاء الله.

  2. افتراضي رد: الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

    ذكر توبته من التيجانية ورجوعه إلى السلفية وما أصابه في ذلك من المحن.

    يظهر أن سبب رجوع مترجمنا إلى السلفية كان على يد الشيخ محمد بن العربي العلوي فقد تقدم أنه درس عليه بمدينة فاس ولنتركه يحدثنا عن حيثيات ترك للطريقة الصوفية التيجانية يقول رحمه الله:

    ".... أما بالنسبة ( لمحاربة) البدع والخرافات فقد أرجأته سنة ونيفا حتى يكون حولي جماعة أحارب بهم من يناوئني من الطرقيين .ولما تمكنت من غرضي أعلنتها حربا على البدع والخرافات وانسلخت من (الطريقة) التيجانية نهائيا سنة 1931.وهنا أصبحت بين نارين -أنا ورفاقي- نار المستعمرين الذين ينربصون بنا الدوائر ونار حرب الطرقيين الذين يعينون المستعمر بإشارة أسيادهم. وإن أنس لا أنس مرة أن رئيس المقاطعة حضر لدى القائد الذي كان صهرا لي ونحن في حفلة غداء إذ وجه الخطاب إلي وقال " سمعت أنك انسلخت من طريقة كنت تنشرها وتنكرت لها ولحملتها وقد كنت سبب دخولهم فيها ". فأجبته " إن الحق يجب الرجوع إليه وأقل ما في هذه الطرق هو العبودية للمخلوق وخدمة مصالحه".فأجابني بابتسامة تستر حقده " ألم تعلم أن التحرر الروحي مقدمة لطلب التحرر البدني وأعتقد أن مثلك في هذه البلاد الجبلية يعد خطرا على رسالة فرنسا في المغرب"فقلت له "إنني فخور ببشارتك هذه وتعظيمك لي هذا التعظيم الكبير و أشكرك على صراحتك".

    ومنذ تركت هذه الطريقة ناصبتني العداء جميع الطرق بالأطلس فكان بيتي يظل سوقا عامرة للوافدين منهم من يفد للمناظرة لعله يردني فإذا (يئس) آذى بكل ما يقدر عليه ولو بالوشاية للفرنسيين ومنهم من يفد لأخذ الحقيقة والبحث عن الأسباب التي جعلتني أتنكر للطرق بعد أن كنت داعية لها فأفيده بالأسباب الدنيوية و الأدلة الدينية التي صرفتني عنها فأتحداه أن يردها بما هو أقوى منها فلا يستطيع فيذهب مقتنعا.وهذ الصنف من الناس قليل لجهل الناس بأصول الدين ومقاصد الشريعة فكابدت في هذا السبيل ما الله عالم به من المضايقات والإذايات فصبرت لها صبرا جميلا.ولا أكون مبالغا إذا صرحت بأن إذايتهم كانت أشد علي من إذاية الفرنسيين وأنا أعلم أن الفرنسيين هم الذين كانوا يحرضونهم. وإن أنس لا أنس فتوى لبعض غلاة القبوريين ضدي فإنه لما بنينا بالإكتتاب السري مسجد مريرت سنة 1934. رشحت لخطبة الجمعة فيه. أنف و استنكف القبوريون من الصلاة معي فلجأوا إلى عالمهم محمد بن ...(بياض بالأصل) العلوي الذي كان إمام مسجد خنيفرة تحت حماية أمهروق (1)وهو من غلاة التيجانيين فسألوه عن إمامتي أتصح أم لا فأجابهم " إن هذا الرجل يجب أن يقتل "فقالوا" أتبطل الصلاة خلفه" فقال " لا" فقالوا " أتجوز وتصح؟" فلم يجب وقال " أقول لكم اقتلوه فإنه بلية نزلت بكم.يجب القضاء عليها".(2)هكذا كان القبوريون المتعاونون (مع المستعمر)يحاجون الخصوم فإذا لم يجدوا حجة لجأوا إلى القوة كقول إخوانهم { اقتلوه أو حرقوه } في حق إبراهيم عليه السلام .وماذا ينتظر من رجل كان طلق امرأة فقال له شيخنا محمد بن العربي العلوي أعطها شوارها(مهرها) فإن الله قال {وءاتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } فأجاب" آخذه آخذه آخذه " أتدري من صاحب هذه المقالة التي تحدى فيها رب العالمين ؟هو محمد بن...العلوي صاحب الفتوى أعلاه .وهو مع ذلك مقامه في علوم المنقول غيرمنكور ولكن الطرقية لا تعشش إلا في الذهن المظلم".... يتبع.



    (1) قائد قبائل زايان وابن المجاهد الكبير الذي دوخ الفرنسيين الشهيد بإذن الله موحى أو حمو الزياني لكن ابنه أمهروق هذا كان من الخونة الممالئين للمستعمر ولله في خلقه شئون.
    (2) جاء في كتاب " مختصر ترجمة شيخ الإسلام عبد الرحمن النتيفي " لمؤلفه حسن بن عبد الرحمن النتيفي عند الكلام على مؤلفات والده ص.26.ما نصه " الإلمام في رد ما ألحقه مبتدعة زايان من العار بالإمام .كتبه عام 1350. موضوعه: الرد على التيجانيين الذين أفتوا بعدم صحة الصلاة وراء القاضي الطيب العلوي بقرية (مريرت)مما دفع بهذا الأخير إلى مكاتبة الشيخ فألف الكتاب إعلاه في الرد عليهم وأعلن أن عدم الإنتساب إليهم هو السنة المثلى ".فيبدو أن مترجمنا كان على علاقة بالشيخ العلامة السلفي ناصر السنة وقامع البدعة عبدالرحمن النتيفي الجعفري وهذا الكتاب لم يطبع بعد ولعله إذا طبع يعيطينا معلومات جليلة حول هذا الموضوع.

  3. افتراضي رد: الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

    ذكره لعلاقة الصوفية بالمستعمر الفرنسي
    يقول رحمه الله حاكيا عما آل إليه حال المغرب قبيل الحماية
    "...وزاد الطين بلة والطنبور نغمة ظهور الطرق وانتشارها بين العامة والخاصة فاستغل رؤساء الطرق هذا الجهل _والجهل دائما يستغله المستبدون-فأخذوا يشيعون أفكار الخمول و الإنزواء والإشتغال بالولائم والشطح والسماع والأذكار الأمر الذي يزيد في تخذير الشعب وقتل شعوره حتى أصبح المغرب عبارة عن مجتمع من الدراويش الذين لا يفكرون إلا في الرغيف ... ولم يقتصروا على العامة بل تعدوهم إلى أرباب الدولة من وزراء وولاة وقضاة وعلماء فلا تجد أحدا من هؤلاء غير منتسب لشيخ أو طريقة فأقبلوا على التآليف لنشر الدعاية لهم ومدحهم ودعوة الجمهور إلى التمسك بأذيالهم فاستفحل أمرهم حتى أصبحوا يؤثرون على السياسة العامة وصاروا عرقلة في سبيل كل إصلاح يراد إدخاله على الشعب و أرضه بدعوى أن ذلك مخالف للدين وأنه من عمل أعدائه ولم يدروا أنهم أعداء الدين والوطن رقم واحد .ولقد رأيت فتوى لبعضهم نشرت في مؤلف عن تاريخ با حماد الوزير(كان حاجبا للسلطان الحسن الأول ونظرا لصغر سن السلطان عبد العزيز بن الحسن تولى بالنيابة أمور الدولة يكفر فيها المفتي المولى عبد العزيز لأنه أراد نصب التيليفون بين كبريات المدن ونصب السكة الحديدبة و لأنه يلعب التينس ويركب الكوتشيات"]عربة يجرها الحصان)...

    أما العلماء فإنك لا تجد من ليس بطرقي لأنه لو بقي حرا لضاق به العيش ولنشرت الدعاية القبيحة حوله فينعزل حتى يموت جوعا فيضطر إلى الإلتجاء إلى طريقة ما مرغما وليته يقف عند هذا الحد ولكنه يرغم إذا انخرط في الطريق أن يؤلف في شيخ الطريقة وفي الطريقة الأمر الذي يكلفه أن يقول ما يخالف الحق ويرتكب الكذب وهو يعلم أنه خاطئ كذاب مخالف لضميره ولعلمه ولكنها الضرورة وعموم البلوى وتحكم جهلة المتصوفة في الأمة ولم يسلم الملوك مما وقع فيه العلماء بل قد اضطروا إلى في كثير من الأحيان إلى مداراة المتصوفة و أبناء المتصلحة ببناء أضرحتهم وزواياهم درءا لشرهم لأنهم كثيرا ما أثاروا العامة على الملوك وكثيرا ما جروا عليهم الهزائم في حروبهم الداخلية بل والخارجية أيضا لأنهم كانوا مأجورينللدول ذات الأغراض في المغرب فكان الملوك يعالجون منهم مرضا عضالا.ولما رأى دووا النفوس الشريرة من الأمراء والقواد نفوذ شيوخ الطرق في أوجه ساروا في ركابهم وأسلسوا لهم القياد فأطلقوا أيديهم في القبائل والمدن وأسبغوا عليهم حلة الرضى.الأمر الذي جعل الشعب يئن من ظلمهم فكان المشايخ يجنون ما بيد الشعب بواسطة هؤلاء الإقطاعيين."
    "..إلتحقت بآزرو (مدينة مغربية ) كاتبا لدى ... القائد مصطفى وعرارة بآيت يحيي و علة ... (و)كان يعتنق التيجانية عن صدق و إخلاص فلما تبين له الحق اطرح التعلق بها وتعلق بالواحد القهار الذي لا يتغير ولا يبيد وهو عنه راض .لقد كانت الحركة السلفية بدأت تنتشر أيام اتصالي به وكنت أعرض عليه ما يقال وما يجاب به من الردود فكنت آنس منه استضعاف ردود أصحابنا التيجانيين وغيرهم من الطرقيين وكنت أقول له:"إنني كلما وازنت بين ما يطعن به وبين الردود أجد فرقا كبيرا بين الرأيين".فيقول لي وهو أمي صرف "كيف يستوي الذي يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن يقول قال سيدي فلان".فكنت أستحسن منه ذلك ولكن ما كنت ألح لكي لا يفطن إلى أن لي غرضا في ذلك.وذات يوم بلغه كتاب من ابن شيخه التيجاني ففرح لذلك واهتبل ليجعل له ضيافة كبرى ويهيئ له هدية معتبرة .وبينما هو يأخذ في الإستعداد إذ بعث إليه رئيس الدائرة الكومندان (كلمة فرنسية تعني رتبة عسكرية من درجة ملازم)نيفل بازرو وذهبت معه وانتظرته طويلا فلما خرج من عنده ظهر على وجهه اكتئاب ظاهر ما كنت أعهده منه في أحلك الظروف وانتظر مني أن أسأله عن ما ظهر لي منه ولكني تغافلت حتى يفاتحني هو.ذهبنا في الطريق فلقينا أحد مقدمي هذه الطريقة فاستوقفنا ثم هش وبش واستبشر لزيارة ابن شيخهم فشكره وذهب ولما انصرف قال لي :" ما أغبى هؤلاء إنهم مغرورون ".قلت " كيف ذلك وهم دعاة إلى الخير ".فنظر إلي محملقا وقال " إنهم يدعون إلى الخير فيما يظهر ولكنهم يسعون من حيث لا يشعرون إلى تقييد أفراد الشعب للإستعمار".فقلت :"الله أكبر".فقال " ما الباعث لك على هذا التكبير " فأجبته :" تصريحك هذا فو الله إني على مثل هذا الإعتقاد قبل الإجتماع بك بنحو العامين ولكني أكتمه عنك ...فقال :"قد وصلت إلى النتيجة يقينا".قلت "بماذا".قال :"ألم تدر موضوع محادثتي مع الكومندان ؟" قلت "لا".قال " لقد فاتحني بأن فلانا سيزوركم و أنه أي الكومندان سيكون مبتهجا إذا قابلناه بما يسره من الضيافة والهدايا واستوصاني به خيرا فقلت للكومندان" ألم تعلم أن من أوصاك بأبيك أو أخيك فقد احتقرك وهذا شيخنا وله نسب شريف ومسلم فكيف توصيني به وما البعث على إيصائك به خيرا؟". فقال أصارحك؟ "إنه وإن كان مسلما وذا نسب في الإسلام وابن شيخكم فإننا وإياه عائلة واحدة لا فرق بيننا مطلقا". قال القائد" فعجبت وأطرقت مشدوها من هذه المفاجئة السيئة و نسيت نفسي حتى فطن لي ونبهني قائلا: ماذا بك؟ أحصل بك نوم؟ ولعله ما صرح لي بذلك إلا لظنه أني غبي كجملة القواد في هذه البلاد ...فقلت له ( القائل الشيخ الطيب العلوي يخاطب القائد) " وماذا عزمت عليه الآن " قال " أما ضيافته فقد أنعمنا بها ونحن في عرفنا لا نرضى أن نكون لؤماء بخلاء فمرحبا به كما نرحب بأخيه الكومندان " ثم قهقه وتمايل حتى كاد يسقط من على حصانه من السخرية قلت "وبعد الضيافة " فقال "أسل خيطي من نسيجهم وأعبد الله وحدي بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ولا أزيد عليه شيئا ولا أتعلق بأحد بعده إلى الممات". فوفى بما قال رحمه الله لقد ترك الطريقة ففطن له المستعمرون وناصبوه العداء إلى أن سعوا في عزله ثم لزم بيته وفلاحته وعبادته منزويا عن أولائك الرعاع الأغبياء الذين لم يعلموا سر الأمور ولا ما يحاك للمسلمين والإسلام من وراء هذه الطرق.وأصبح هؤلاء " التيجانيون" يقولون أن الشيخ انتقم منه بالعزل فجعلوا الإستعمار الذي عزله شيخَهم .وقد زرته مرارا في عزيبه(مزرعته) فوجدته رضي النفس رخي البال مرتاح الضمير ويقول "لقد أتاح الله لي فراغا لأزور وأزار وأتحرر من جميع القيود وما كنت قط أعبد الله بدون غرض وبدون حرف إلا اليوم".


    شيخ الطريقة التيجانية يشرب الخمر


    حكى لي حاك عدل لا يتطرق إليه الكذب وهو الفقيه القاضي الشريف محمد بن ابراهيم العلوي لما كان متصلا بالقائد علي الجرواني وكان هذا (القائد) قد انتسب إلى الطريقة التجانية فزاره سنة 1927 شيخ الطريقة التيجانية الأكبر وكان إذا زار جهة تهتز له الطائفة أيما اهتزاز. ولما حل لدى مزوره طلب منه ألا يجالسه أحد ولا يواكله أحد وأن ينصب له سرادقا (خيمة) وحده فغضب هذا القائد وقال " كيف يمنعني ضيقي من دعوة أصدقائي ؟ ما هذا ؟". ونزولا عند إرادته نصب له سرادقا خاصا ودفع له كل لوازم الضيافة واعتزلوه جانبا ولكن ذلك حاك في صدره ولم يصبر على احتماله وعده شبه إهانة كأنه احتقرهم ورآهم دونه فلا يستحقون مجالسته ومساجلته ففكر كثيرا واهتم للأمر جدا .وأخيرا اهتدى إلى أن يستطلع عنه ماذا يفعل في خلوته.ولما جن الليل و أكل الضيف وشرب دس إليه أحد الألباء لينسل خفية حتى يصل إلى السرادق من الجهة الخلفية.وبعث بعض أصحابه ليشغلوا أصحابه من الجهة الأمامية .ولما وصل الأول إلى الجهة الخلفية فتح أحد الوصاوص (الثقوب )من السرادق بخفة ولطافة فلاحظ أن السيد متكئ على أريكة و(امرأة) تسقيه بنت الدنان (الخمر) وهو غارق في سكره.تناوله الكأس فتنخدل يده وربما سقط الكأس من يده .ولما تحقق ذلك لعربدته رجع وهو (يلطم وجهه ) لهول ما رأى وهو يقول " ألهذا احتفلنا وضيعنا وقتنا ومالنا ؟".فقال له القائد " ما هالك ويلك" فقال "رأيت كيت وكيت وأرجو أن تتقدم بنفسك لترى " فقال له " أنت عندي صادق فما جربت عليك كذبا ولكن اسكتوا واستروا عليه فهو ضيفنا حتى يرتحل ولا نريد أن يشعر باطلاعنا عليه وفي المستقبل نمنعه من زيارتنا ونحتفظ له بشرفه وسمعته ".
    وبعد فلتعلم أن أبناء الزوايا جلهم لا كلهم على هذا وأخس منه درجة فكم افتضوا في مواسمهم من بكارة وكم جمعوا من لؤم وفحش وأحسنوا ابتكاره ولم تحاربهم النخبة المتعلمة على الطريقة السلفية حتى عيل صبرهم وخجلت الشريعة و الإسلام من سيرتهم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولقد كانت هذه الزوايا منبع العلوم والمعارف ومأوى الأخلاق والعوارف ومدارس للشعب ظلها وارف فطرأت عليها نكسة بعد مرض غالها ولله عاقبة الأمور"................. .... يتبع

  4. افتراضي رد: الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

    بدعة المولد النبوي

    يقول رحمه الله " دعيت أنا وبعض المعلمين بفاس (الذين )كانوا يعلمون في مدارسي بفاس وكنا زهاء ثمانية رجال فلما دخلنا المنزل وجدنا المسمعين يرددون الأمداح النبوية وفقيه فاتح أوراقا تشتمل على مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا المولد كل أحاديثه موضوعات ومناكير لا يصح شيء منها.وكنا حينئذ في حرب مع أهل البدع شعواء.- والمولد على هذا الشكل الذي أحكيه بدعة وخرافة-.ولما (انتهى) المسمعون وسكتوا شرع صاحب الأوراق في سردها فلما وصل إلى خروج الرسول صلى الله عليه وسلم من بطن أمه قام (1)وقام (معه ) من يليه ولم أقم أنا ولا بعض المعلمين فلما لاحظ القائمون جلوسي ترددوا فجلسوا ثم قاموا ثم جعل بعضهم يجلس وبعضه يقوم فقهقه بعضهم وضحك الباقون وانتهت الرواية بخروج السارد مغضبا ثم جلس إلينا صاحب المجلس وسأل عن المسألة شرعا فشرحناها له بما أقنعه ولم يعد يقيمها من ذلك اليوم ثم أصبحت (نادرة ) يتندر بها القوم مدة طويلة
    يقولون : كمولد فلان في الشيء البالغ السخف والهوان .


    واعلم أن عيد المولد لم يكن لدى الصحابة ولا التابعين وإنما لما احتك المسلمون بالإفرنجة فرأوهم يقيمون الأعياد لمولد المسيح تنبهوا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى أن تقام له ذكرى وأن المسلمين أولى أن يعتنوا بذلك فبدأ به في المغرب بنو العزفي بطنجة آخر أيام الوطاسيين وقيل اخترعه قبلهم الفاطميون في مصر واعتنى به من الملوك في المغرب المنصور السعدي...ولكنهم ما كانوا يحتفلون بهذه الأكاذيب والترهات التي يحشرونها على أنها أحاديث . وإن في تاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضاء وسيرته الطيبة وعبقريته الفذة ونفسه العالية ودعوته العامة وكتاب الله المعجز الذي جاء به وحجة دينه القاطعة وعلو نفسه المشهور وإخلاصه لربه و لعباده وبقاء دينه مع كثرة محاربيه إن في ذلك كله لذكرى وغنية عن أن يتصيد له الكذب والأساطير فإن هذه الأساطير تحط من قدره عند العقلاء فهو صلى الله عليه وسلم غني عنها كل الغنى ... فكيف يعمدا تباعه فيلصقون به ما ليس من سيرته ولا هو من حياته ولا داخل في تاريخه من قريب أو بعيد.إنما يحتاج في تكوين الشخصية ونشر الدعاية الكاذبة لها أولائك المتمجدون الذين لا يشعر بهم التاريخ الإنساني فهم مضطرون إلى أبواق تذيع لهم الفضل وتبني لهم المجد الموهوم وأما الشمس فلا تحتاج إلى نفخ لتضطرم فهي مصدر النور...".

    (1) وقد ألف الشيخ العلامة محمد بن الحسن الحجوي كتابا يحذر فيه من هذه البدعة سماه " صفاء المورد
    بعدم القيام عند سماع المولد"

  5. افتراضي رد: الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

    جهاده ضد فرنسا وما لقي في ذلك من المحن


    يعتبر الشيخ الطيب العلوي مؤسس الحركة الوطنية ( للجهاد ضد المستعمر الفرنسي) بالأطلس المتوسط .هذ الحركة الجهادية التي أسسها شيوخ السلفية في المغرب بشهادة شيخ مترجمنا العلامة السلفي محمد بن العربي العلوي الذي يقول في خطابه لأحد الوزراء " وتعرف أن الحركة السلفية التي هي الأم الرؤوم للحركة الوطنية ..." (1)
    ولما ابتدأت حرب الريف سنة 1922 بزعامة المجاهد السلفي الكبير محمد بن عبد الكريم الخطابي دعا الجنرال ليوطي القواد المتعاونين معه ورؤساء القبائل وشيوخ الطرق الصوفية( مثل الزاوية الريسونية) إلى حرب الخطابي بحجة أنه يشكل خطرا على المغرب يقول مترجمنا متحدثا عن هذا الأمر "...كنت أجوس خلال خيام البرابر من زايان وبني مجليد أثبطهم عن الإجابة إلى محاربة إخوانهم ...فيجيبون بأنهم إذا لم يستجيبوا للفرنسيين فإنهم يسجنونهم فأقول " ويلكم أتخافون السجن ولا تخافون الموت ؟ فإن السجين على كل حال في مظنة الحياة والمحارب في مظنة الموت وهل العاقل يفر من السجن ليلتحق بالموت ".فإذا سمع القوم هذا الخطاب يصبحون كالنائم الذي أهبت به فاستيقظ ثم جعلوا يمتنعون بعد أن كانوا أطوع للفرنسيين من أتباعهم.

    عجب ساسة الفرنسيس من الإنقلاب الطارئ على هذه القبائل فطفقوا يبحثون عن سببه و أنا حينئذ (بمدينة) مريرت فلما اطلعوا على أني صاحب تلك الدعوة ما لبثوا أن استصدروا قرارا بنفيي من دائرة(مدينة) آزرو .وفي صبيحة يوم لم أشعر إلا وخليفة رئيس المراقبة ومعه عشرة خيالة مخازنية ( شرطة) دقوا علي الباب صباحا وأخرجوني فركبت حصاني وذهبوا بي إلى الحدود وهناك تركوني و ( توعدوني إن رجعت) ولكني ما لبثت أن رجعت لأحمل أمتعتي إذ كيف يعقل أن أترك بيتي وبه جميع أمتعتي. وبمجرد وصولي طير إليهم القائد الإعلام فحضر الشاوش و18 مخزنيا خيالة فساقوني إلى السجن فبت فيه وفي الصباح حملوني إلى الحدود وألقوني من ورائها فسرت إلى خنيفرة وبت فيها .و في الصبح بعث إلي مراقبها شوارتج وألقى بي في السجن ليلة .
    وفي الصبح ...طردني بدوره فذهبت إلى آزرو فمكثت بها نحو 15 يوما وفي اليوم 16 بعث إلي مراقبها نيفل فنفاني هو الآخر و أمر برحيلي في ظرف 24 ساعة فالتحقت بمكناس ومكثت بدار أمي نحو الثلاثة أشهر ثم اتنقلت إلى (مدينة) الحاجب فمكثت بها عامين ممنوعا من داري وأرضي و أمتعتي...". يتبع




    (1) نشرت هذه الرسالة في جريدة العلم المغربية بتاريخ:1992/09/21 وعنها جريدة الراية : العدد 30 ./6 أكتوبر/1992.

  6. افتراضي رد: الشيخ الطيب العلوي المغربي العالم السلفي المجاهد

    "..... وفي آخر سنة 1936 في شهر أكتوبر ألقي علي القبض ( جاء في مذكرات ابنه رشيد العلوي تفصيل أكثر ذكر أن الشيخ غادر قرية مريرت لزيارة أمه بمكناس ثم اتجه نحو مدينة فاس للقاء بعض الوطنيين والتنسيق معهم حول مواجهة المرحلة ثم قفل راجعا نحو مريرت هناك قبض عليه ولما ينزل من الحافلة) و ألقي بي في السيلون ( وقد قام رحمه بشرح معنى السيلون بقوله :بيت طوله نحو المترين وعرضه نحو المتر ونصف ) وفيها ألقي القبض على جميع من فيه رائحة الوطنية ...دخلت إليه بعد أن جردت من كل شيء ومنعت فيه من الفراش والغطاء مدة 7 أشهر.ما رأيت فيها شمسا ولا هواءا ولا قابلت أحدا فكان وطائي الأرض المجصصة وغطائي الهواء. وما سمح لي يشيء أقلم به أظافري ولا بحلاق يحلق شعري حتى انسدل على كتفي و أصبحت أظافري كأظافر عقاب وكنت أتململ من برد الأرض ليلا ونهارا طوال تلك المدة حتى تمثل لي الموت مرارا ... وأقبلت على تلاوة القرآن ليلا ونهارا حتى أزعجت المراقب فأرسل إلي يقول :" اسكت من القراءة " فازددت تلاوة وجهرا فجمع تراجمته و أعوانه وقال لهم " ألم أوصكم بتجريده من كل الأوراق والكتب فكيف يقرأ ؟؟؟" فأخبروه أن من المسلمين من يحفظ القرآن عن ظهر قلب وهذا منهم لا يحتاج إلى كتاب .
    فتعجب من ذلك عجبا شديدا .وذات يوم دعاني ليخبرني أن أصحابي قد غربوا في المنافي والمعتقلات وخيرني إلى أن ألتحق بهم وسمى لي جهات فيها بعض الزعماء فقلت له :" لست سعيدا أن ألحق بهم " فقال ما يزال رأسك ساخنا ( أي لا زلت في عنادك ) فقلت له " طبعا ما دامت فيه الحياة " ثم قلت له " لم أسجن في هذا البيت المظلم وحدي فلا أخرج إلى حيث يعمل السجناء " فقال " أنت أجرب و أخاف أن تعدي السجناء بجربك" يعني الوطنية وبغض الأجنبي الظالم ثم أردف قائلا " إنا وضعناك في مأوى المردة من الجن " فقلت " لا يجدي ذلك شيئا بعد أن وقع التعارف معهم ".
    وقد ختمت فيه 126 ختمة ( من القرآن) وعند كل ختمة أدعو على الظالمين و أدعو للوطنيين وذات ليلة رأيت فيما يرى النائم كأن بيدي سيفا مصلتا وأنا أضرب به ذات اليمين وذات الشمال ثم التفت فإذا أعداء الله كلهم عن يميني وشمالي صرعى مكشوفي العورات. فو الله ما لبثوا بعد خروجي من السجن إلا 3 أشهر فأصبحوا صرعى كما رأيتهم .
    و أذكر أنه في الليلة التي أخبرني فيها أنهم شتتوا شمل الوطنيين بت أدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر " اللهم إن تهلك هذه العصابة فإنك لن تعبد في المغرب " وبت بأشأم ليلة ما بتها قط.

    ... وفي إحدى الزوايا من السلون سطل ( لقضاء الحاجة ) وقد يتركه الحارس يوما أو يومين معي لا يفرغه حتى يأتيني بما آكل. وقد أترك الأكل عمدا مدة حتى إذا عض الجوع على شرسوفي( قال الأصمعي الشراسيف أطراف أضلاع الصدر التي تشرف على البطن ) تناولت الخبز الذي معي فأجده خليطا من التراب والنمل والدود فعجبت من الموتى تأكلهم الديدان و أنا في قبري آكل الديدان فسبحان محول الأحوال.
    كان القائد ( جاء في مذكرات ابنه رشيد العلوي أن هذا القائد اسمه العياشي وهو الذي أفشى سره وسبب في إلقاء القبض عليه) الذي نصب لنا الشبكة يشاركنا سرا في الحركة الوطنية ويعين بالدراهم ولكنه لما ضغط عليه سيده المراقب قلب لنا ظهر المجن واختلق لنا جنايات لا أساس لها وجلب شهودا مرغمين ولكنهم لما وصلوا إلى المحكمة هربوا أما شيخ البلد (شيخ الحي أو البلد رتبة في السلطة الحاكمة في المدينة فيكون ما يسمى بالقائد في الرتبة العليا فالباشا فالخليفة فشيخ الحي وتحته ما يسمى بالمقدم) فلم يحضر مطلقا وامتنع من الشهادة فعزلوه من أجل ذلك.
    وكم حاول المراقب أن نقول له أن القائد كان يشاركنا في أعمال الوطنية لأنه أراد أن يضرب عصفورين بحجر فقد ضغط على القائد حتى فعل ما فعل وظن أننا حاقدون عليه فنفضحه ولكننا كنا أسمى مما يظن و أثبت وأخلص مما يظن.
    وكان وقع معي (في الأسر) السيد الجيلالي النتيفي (1)في سيلون آخر ولكن إخوته أتوا بطبيب من البيضاء فأعطى فيه شهادة بأنه إن بقي هناك مرض ومات وقد اشترى نفسه بما أرضى المراقب وبقيت وحدي .أما أصحابي الآخرون فقد نفي جميعهم وشردوا وأخرجوا من ديارهم و أموالهم.
    وأما أنا فقد أمروا رعاتي بترك غنمي وبقري تهيم على وجهها حتى فنيت وبهائمي من خيل وبغال تركت في مرابطها إلى أن ماتت في محلها كأنها أذنيت معي ذنبا لا يغتفر.
    أما زوجتي فحملوها وابنها إلى مكناس و ألقوهما في بعض الأزقة ولم يعرفا إلى أين يسيران وتركوا داري بمريرت مفتوحة فنهب منها أثاثي وفراشي وكان كثيرا ولما خرجت من السجن خرجت أفقر من ابن المذلق(وهو رجل من بني عبد شمس كان بيتهم معروفا بالإفلاس)...".يتبع
    جاء في مذكرات ابنه رشيد العلوي أن زوجة الشيخ الطيب ألقي بها إلى مدينة مكناس وهي حامل ولديها ابن عمره أقل من سنة.




    (1) وهو الأخ الشقيق للعلامة السلفي عبد الرحمن النتيفي جاء في كتاب مختصر ترجمة الشيخ النتيفي ص:14ما يلي :
    "الفقيه السيد الجيلالي بن محمد النتيفي رحمه الله : أخ الشيخ وشقيقه تعاطى العلم في أول أمره ثم تعاطى التجارة إلى أن كانت قضية الظهير البربري فقام مع أخيه يقرأ اللطيف (دعاء )في المسجد فألقي عليه القبض من طرف الفرنسيين والقواد الموالين لهم و ألقي في السجن ثم نفي إلى مريرت حيث استمر في الخفاء يدعوا لمناهضة الإستعمار فقبض عليه وسجن بسجن الحمام هو و الفقيه مولاي الطيب العلوي قاضي وجدة حيث أصيب بداء السل و أطلق سراحه بشرط مفارقة زايان ( قبيلة) فحل بالدار البيضاء وبقي يعاني من مرضه إلى أن توفي رحمه الله."

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •