خصائص القيم الإسلامية



الإسلام مجموعة متكاملة من القيم الحضارية التي ترتقي بالمجتمع، وتعمل على تطويره ورفع مستوى أفراده، وهدف القيم الإسلامية تكوين المجتمع الحضاري الصالح الذي يرتبط أفراده وأسره بقيم الإسلام ومبادئه، ويجعلها محور حياته ورسالته في الدنيا؛ ليعيش بسعادة واطمئنان وطلبًا للفوز برضى الله -سبحانه وتعالى- ونعيمه في الآخرة، بدخول الجنة التي وعد الله بها عباده المخلصين.


وتتميز القيم الإسلامية بمجموعة من الخصائص تميزها عن غيرها من القيم الغربية، وتجعلها في مكانة رفيعة.

من خصائص القيم الإسلامية أنها الربانية في المصدر: قال -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب: 36)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه».

فالإنسان ليس صفحة بيضاءَ، كما أنه ليس صفحة سوداءَ مليئة بالآثام، كما هو معروف في النظرية المسيحية، ولكنه مفطور على دين الإسلام وقيمه، اقترب أو ابتعد من هذه القيم بحسب المؤثرات، فحدد الله -تعالى- في كتابه وسنة نبيه وسائلَ وطرائق لاكتساب الصفاء من الأدران، والقرب من القيم الربانية الأصيلة في فطرة الإنسان.

ومن خصائص القيم الإسلامية الواقعية: القيم الإسلامية قابلة للتطبيق في الواقع، دون كلفة أو مشقة، قال -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، فهي كانت نتيجة شريعة نزلت بحسب الوقائع والأحداث، واستجابة لأسئلة الناس، ومعالجة مشكلاتهم وقضاياهم التي كانوا يعيشونها في الواقع.

ومن خصائص القيم الإسلامية العالمية والإنسانية: توافق القيم الإسلامية القيم العالمية؛ فالعدل مثلًا يتفق الجميع على أنه حسن، وعكسه الظلم سيئ، وما يؤكد ذلك أن الإسلام جاء للعالمين؛ لقوله -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (سبأ: 28)، وقوله -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107)؛ لذا فالقيم الإسلامية قابلة للتحقق في المجتمع بمختلف الوسائل والطرائق، وتتكيف مع مختلف الأحوال والأزمان والأمصار.


ومن خصائص القيم الإسلامية الاستمرارية والثبات؛ فمصدر القيم الإسلامية هو القرآن والسنة، والوحي ثابت لا يتغير، والقيم كذلك ثابتة ومستمرة في الواقع، تزيد وتنقص بحسب الجهد المبذول لنشرها والوسائل المستعملة في ترسيخها وتعزيزها.

ومن خصائص القيم الإسلامية الشمولية؛ فهي شاملة لكل مناحي الحياة، وتوجه سلوك الإنسان في جميع المجالات، فهو يتعلمها ويكتسبها ويتربى عليها، ثم يطبقها في البيت والشارع والمدرسة، والعمل.


إن الواقع العالمي اليوم يفرض على المسلمين، -ولاسيما حملة المشروع الحضاري الإسلامي- العمل ليل نهار من أجل تبيان الصورة المشرقة للإسلام، التي تكمن في قيم الإسلام الثابتة، وأنها مطلب من مطالب البشرية جميعًا.

والإنسانية اليوم بحاجة ماسة إلى مُثلٍ سامية، تضع في نفس كل فرد رقابة داخلية دائمة، لا تفارقه في أية لحظة من لحظات حياته، تدفعه هذه المثل إلى فعل الخير وتجنب الشر، وهو الأمر الذي عجزت عن تحقيقه القيم والحضارات الأخرى كافة، بينما تحقق ذلك في ظل حضارة الإسلام وقيمه.
منقول