في حديث المساء (ص30-32) قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
...ثم انظر إلى من حولك يمينا وشمالا، وأمام وخلف، تجد أكثر الناس قد أعرضوا عن هذا العلم، وقد شغلوا بما هو أدنى، قد شغلوا بطلب الدنيا والإقبال عليها حتى أخذت قلوبهم، وشغلتهم عن كل شيء،
وأقبح من ذلك: من شغل بالمعاصي والشرور والسيئات، ومتابعة الهوى، والإكباب على كل ما يضره، وشغل بهذا عما ينفعه في الدنيا والآخرة.
وأقبح من ذلك وأشد وألعن: من كفر بالله، وأعرض عن دين الله، ورضي بالحظ الأدنى الخاسر؛ من يهود ونصارى ومجوس وملاحدة وإباحية، وغير ذلك، قد صدوا عما خلقوا له، قد أعرضوا عن ذلك، بل قد أنكروه وعارضوه وسبوه.
فاحمد الله عز وجل أن جعلك سالما من هؤلاء، لم تكن مع الذين شغلوا بالدنيا عن الآخرة، ولم تكن مع الذين شغلوا بالمعاصي عن العلم النافع، ولم تكن مع الكفرة المارقين الذين طبع على قلوبهم حتى رضوا بالكفر والضلالة، وخالفوا الحق، واستهانوا به، وذموا أهله، وعابوا أهله، ونفروا منهم، ونفروا عنهم.
احمد الله على سلامتك من هذه الأشياء، فيا لها من نعمة عظمى، ويا لها من منحة جسيمة من ربك عز وجل أن من عليك وهداك،، ويسر لك طلب العلم النافع الشرعي، تسمع كل يوم: قال الله، قال رسوله، تسمع من أساتذتك من المدرسين، وتقرأ في دروسك من كلام ربك، ومن كلام رسوله محمد -عليه الصلاة والسلام- ومن كلام أهل العلم والإيمان؛ تارة في الحديث، وتارة في الفقه، وتارة في القواعد العربية، وما يلتحق بها من بلاغات، وأدب وغير ذلك، وطورا في التاريخ والسيرة، وطورا في غير ذلك من العلوم النافعة.
هذه جنة معجلة، هذه جنة معجلة يا إخواني:
جنات ونعيم معجل لمن عقل، إذا كان هناك جنات في الدنيا، فهذه هي الجنات، هذه الجنات؛ كون العبد بين روضات العلم النافع والفنون النافعة، وفوق ذلك: إذا أصلح الله قلبه ورزق الإخلاص، فهو في جنة في الداخل وجنة في الظاهر، قلبه في الجنة؛ لإخلاصه لله، وشعوره بعظمة الله، وإيمانه بالله، وخضوعه لله.