مدار القِصَّة على إبراهيم بن عبدالواحد البلدي البكري، المعروف بـ(المعصوب)!
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/86): "هذه حكاية عجيبة، وراويها البكري لا أعرفه، فأخاف أنْ يكون وضعها".
وقال فيه أيضًا (11/301): "هذه الحكاية اشتهرت على ألسنة الجماعة، وهي باطلةٌ؛ أظنُّ البلدي وضعها، ويعرف بالمعصوب، رواها عنه ايضا أبو حاتم ابن حبان، فارتفعت عنه الجهالة".
وقال في الميزان (1/169): "إبراهيم بن عبد الواحد البكري، لا أدري من هو ذا؟ أتَى بحكاية منكرة! أخاف الا تكون من وضعه".[/COLOR][/SIZE]
وهذا إنجازٌ لبعض الوعد:
أخرج ابن الجوزي رحمه الله في القُصَّاص والمذكِّرين (ص/173) عن حنبل بن إسحاق قال: قلتُ لعمِّي [يعني أحمد بن حنبل] في القُصَّاص؟ فقال: "القصاص الذين يذكرون الجنَّة والنَّار، والتَّخويف، ولهم نِيَّةٌ وصِدْق الحديث، فأمَّا هؤلاء، الذين أحدثوا وضع الأخبار والأحاديث الموضوعة فلا أراه".
قال أبو عبد الله: "ولو قلتُ إنَّ هؤلاء أيضًا يسمعهم الجاهل الذي لا يعلم، ولعلَّه ينتفع بكلمةٍ، أو يرجع عن أمرٍ، كأنَّ أبا عبد الله كَرِهَ أنْ يمنعها، وقال: "ربَّما جاؤوا بالأحاديث الصِّحاح".
وروى الخلاَّل بسنده عن جعفر بن محمد قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يُسْألُ عن القاصِّ، فقال: "إذن ما أحوج الناس إلى قاص صدق".
وروى بسنده عن المروزي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: "يعجبني أمر القُصَّاص؛ لأنَّهم يذكِّرُون الميزان وعذاب القبر.
قلتُ لأبي عبد الله: فترى الذَّهاب إليهم؟
قال: إيْ لعمري؛ إذا كان صدوقًا؛ لأنَّهم يذكِّرُون الميزان وعذاب القبر.
قال: وشكا رجلٌ إلى أبي عبد الله الوسْوَسَة، فقال: عليك بالقُصَّاص، ما أنفع مجالستهم".
قال الخلال: وأخبرني علي بن الحسن بن سليمان قال حدثنا علي بن زكريا التمار: سمع أبا عبدالله يقول: "أنا يعجبني القاصُّ في هذا الزَّمان؛ لأنَّه يذكر الشَّفاعة والصِّراط".
وبسنده عن إسحاق بن إبراهيم حدَّثَهُم: أنَّ أبا عبد الله ذكر القُصَّاص فقال: "ما أنفعهم للعامَّة، وإنْ كان عامَّة ما يحدِّثون به كذبًا".
وعن أبي الحارث حدَّثهم أنَّه سمع أبا عبد الله سُئِل عن مجالسة القُصَّاص، فقال: "إذا كان القاصُّ صدوقًا فلا أرى بمجالسته بأسًا".
قلتُ: هنا انتهى النَّقلُ بببعض ما وعدُّتُ به سلفًا.
وسألتزم -إن شاء الله- قدر الطاقة ذكر كلامٍ لأهل العلم -كابن الجوزي أوغيره- في كلِّ نقطةٍ ذكرتها في مطلع مقالي.
وهذه أولاها ومن أهمِّها، قلتُ:
قال ابن الجوزي رحمه الله في كتابه نفسه (ص/176): "القُصَّاص والوعَّاظ ترسَّمُوا بهذا الأمر لخطاب العوام، فالعوام ينتفعون بهم ما لا ينتفعون بالعالم الكبير؛ إلَّا أنَّه دخلت على بعضهم آفاتٌ، سنحذِّر منها إنْ شاء الله تعالى".