قصة الزجاج مع طلب العلم
"أخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ المعدل، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق فِي كتابه، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد بْن درستويه النحوي، قَالَ: حَدَّثَنِي الزجاج، قَالَ: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو، فلزمت المبرد لتعلمه، وكَانَ لا يعلم مجانا، ولا يعلم بأجرة إلا عَلَى قدرها، فَقَالَ: لي أي شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج وكسبي فِي كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ فِي تعليمي وأَنَا أعطيك كل يوم درهما، وأشرط لَكَ أني أعطيك إياه أبدا إِلَى أن يفرق الموت بيننا، استغنيت عَنِ التعليم أو احتجت إليه، قَالَ: فلزمته، وكنت أخدمه فِي أموره مع ذلك، وأعطيه الدرهم، فِينصحني فِي العلم حتى استقللت, فجاءه كتاب بعض بني مارمة من الصراة يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم، فأسماني، فخرجت، فكنت أعلمهم، وأنفذ إليه فِي كل شهر ثلاثين درهما، وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عَلَيْهِ، ومضت مدة عَلَى ذلك، فطلب منه عبيد اللَّه بْن سُلَيْمَان مؤدبا لابنه الْقَاسِم، فَقَالَ له: لا أعرف لَكَ إلا رجلا زَجَّاجًا بالصَّرَاةِ مع بني مارمة، قَالَ: فكتب إليهم عبيد اللَّه فاستنزلهم عني، فنزلوا له فأحضرني، وأسلم الْقَاسِم إليَّ، فكَانَ ذلك سبب غناي، وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم فِي كل يوم إِلَى أن مات، ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي"
تاريخ بغداد ت بشار (6/ 613)