على الإمام علي عليه السلام
لينتقصوا مكانته ويصمونه بالجبن والذل
بل قالوا عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام
أنه أصبح عبداً ذليلاً ليزيد.
قال المجلسي في بحار الأنوار:
( عن الباقر عليه السلام
أن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج،
فبعث إلى رجل من قريش فأتاه،
فقال له يزيد:
أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرققتك!
فقال له الرجل:
والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسباً،
ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام،
وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني،
فكيف أقر لك بما سألت؟!
فقال له يزيد:
إن لم تقر لي والله قتلتك،
فقال له الرجل:
ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي ابن رسول الله،
فأمر به فقتل،
ثم أرسل إلى علي بن الحسين فقال له مثل مقالته للقرشي،
فقال له علي بن الحسين عليه السلام:
أرأيت إن لم أقرّ لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟
فقال له يزيد: بلى،
فقال له علي بن الحسين :
قد أقررت لك بما سألت،
أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك،
وإن شئت فبع ) [1].
قال المفكر علي شريعتي
في كتابه التشيع العلوي والتشيع الصفوي
عن هذه الرواية:
( الغريب أن العلامة المجلسي
لم يكتف هنا بنقل هذه الملفات القذرة
التي صنعتها أياد مأجورة لبني أمية،
بل راح يذب عن هذا الخبر
وعن الإشكالات التي يمكن أن تورد عليه،
وأشار إلى إشكال يورده المؤرخون على هذا الخبر مقتضاه
أن يزيد لم يذهب للحج
بل لم يخرج من حدود الشام طوال مدة خلافته،
وهذا صحيح،
خاصة أن يزيد لم يكن يتاح له الذهاب إلى مكة
بسبب سيطرة عبد الله بن الزبير عليها،
وكان عبد الله قد قصد مكة كما فعل الإمام الحسين
رفضاً للبيعة ليزيد
غير أن الإمام الحسين ترك مكة قاصداً الكوفة
بينما بقي عبد الله مرابطاً في مكة متخذاً إياها مركزاً لقوته،
وقد استلم الزعامة فيها من بعده أخوه مصعب،
فكيف ومتى تمكن يزيد من الذهاب للحج؟!
غير أن العلامة المجلسي لم يقبل الاعتراف
بحقيقة أن الخبر مختلق،
بل ذهب أكثر من ذلك إلى تضعيف رأي المؤرخين بالرواية
بدعوى أن كلام المؤرخ لا يمكن الركون إليه،
وبذلك أبطل كل الأدلة العقلية والنقلية التي تضعّف الخبر
مدّعياً أنه بذلك يندفع الإشكال عن الخبر،
وليته اكتفى بذلك ولم يتبرع بوجهة النظر العجيبة
والاستنتاج الغريب الذي توصل إليه
بخصوص الخبر المذكور،
هذا الاستنتاج الذي أثار حفيظتي إلى درجة كبيرة
بحيث لم أستطع تلك الليلة الخلود للنوم حتى الصباح،
وبقيت أتقلّب في الفراش كمن لدغته أفعى
وأصيح في نفسي: ليس بإمام!
ولا بولي وليس ابناً للحسين وعلي وفاطمة ومحمد،
ولكنه رجل عربي من قريش!
وأنت يا من تدعي ذلك،
لا تكن عالماً ولا روحانياً ولا شيعياً ولا مسلماً،
لكنك إنسان!
فكيف تتجرأ على اتهام الإمام بهذه التهمة الوضيعة؟!
والهاجس الآخر الذي كنت أعيشه
هو أنني إذا كنت عازماً على التعرض للعلامة المجلسي
فيجب أن أستعدّ أولاً للبلاء وخوض معركة موت وحياة،
وترددت في البدء بين حرمة العلامة المجلسي وحرمة الإمام،
وفي النهاية اتخذت قراري بترجيح الثاني
مهما كلّف الأمر،
ثُم إنه ليس لديّ شيء أخشى أن أفقده،
فعلام التردد والسكوت؟ ) [2].
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~