......ردم الفجوة وتقليل المسافة:
1- الأخ الفاضل الطيبوني خلاصة نظريته كالتالي:
الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل ويحدث ويخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم شيء معين من أفعاله ومفعولاته = لكن لا أجزم بالوقوع ولا بعدم الوقوع؛ لأن ذلك من أخبار الغيب فيحتاج إلى دليل سمعي.
هذه خلاصة النظرية وأرجو أني فهمت عنه كما أراد؛ فعادت نظريته إلى: عدم العلم بالامتناع، والشك في الوقوع (وكلاهما عدم علم).
* نعم هو كما فهمت . و لا زلت ازعم ان الخلاف في المسالة حادث و ان للمخلوقات اول . و خلاف السلف في اول مخلوق على الاطلاق لا كما تذهبون اليه و تقيدونه بهذا العالم المشهود . و قد ذكرت من صريح عباراتهم في ذلك الكثير من اول الموضوع الى اخر صفحة فان نشطت اقتبست المهم من ذلك .
و ما تكلمت عليه سابقا من حمل كلام العلماء على اصولهم و قواعدهم لا يستقيم لكم الا ان يكون ما قررتموه و فهمتموه من تقرير الاصل موافق لما ذهبوا اليه . فقد وجدنا من كلام السلف و اعلام العلماء من يقرر ان الله عز وجل لم يزل يفعل و ان الله كان و لا شيء غيره ثم خلق الخلق . و وجدنا في كلامهم من يقول بان للمخلوقات اول .
فالذي يفهم من كلامهم ان الخلق له بداية . وان هذا خاص بالافعال المتعدية .
و مع ذلك لم نجد في كلامهم من يقول ان الخلق ليس له بداية و ان ما من مخلوق الا وقبله مخلوق الى ما لا نهاية . فمع جلالة المسالة و عدم وجود ذلك من صريح عباراتهم بعد التتبع لذلك حسب القدرة . و مع وجود المقتضى لذلك في ردودهم على الجهمية و من يمنع دوام الفعل من الجهتين نكاد نجزم انهم على وفاق في ان للمخلوقات اول .
2- خلاصة نظريّتنا كالآتي:
إن الله قادر على الفعل اللازم والمتعدي بلا نهاية، وممكن - الإمكان الذهني والخارجي- أن يفعل، أو أن يخلق شيئا بعد شيء، من غير قدم للأفعال والمفعولات = لكننا نجزم بالوقوع لأمور ثلاثة:
الأول: الفعل الكمالي إما أن يكون ممتنعا أو واجبا.
فإن لم يكن ممتنعا فهو واجب، وإقحام الحكمة والمشيئة في هذه النقطة حشو؛ لأن فعل الشيء لا يكون إلا مع لوازمه وانتفاء أضداده.
* لعلك توضح مقصودك بالفعل الكمالي ؟ و هل الكمال هو في الخلق المجرد . ام الكمال المضاف الى الله عز وجل في هذه الجهة هو في الخلق المرتبط بالحكمة و المشيئة ؟
الثاني:لو خلا الرب من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعَّالاً؛ فوجب دوام الفعل أزلاً؛ لأن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف به، ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة ، وكل حيّ فهو فعّال، والله تعالى حيٌّ فهو فعّال، فلا أوّل لفعله المتعدي واللازم؛ فكما لا تنفك عنه حياته سبحانه لا تنفك عنه الفاعلية والخالقية والعطاء.
القول بان المخلوقات لها اول لا يمنع ان يكون الله عز وجل حي فعال . و الخلق و ما يتبع ذلك من امداد راجع الى حكمته و مشيئته . و ما يشاهد و يعلم من خلق الاشياء في ازمانها المقدرة يدل على ان الكمال كما قلت سابقا قد يكون في عدم الخلق . فلا يستدل بالوصف على وجوب التسلسل و ان الكمال في الوقوع . لانه يلزم من ذلك ان يوجد كل ممكن في اول زمن يقدر . فان رد ذلك بان كل حادث مخلوق كماله ان يوجد في زمنه المقدر . لزم ذلك كل المخلوقات . وان تاخيرها جملة الى زمن يكون فيه اول الخلق يعقبه ازمنة اخرى تتعاقب فيه المخلوقات شيئا بعد شيء لا اشكال فيه . و الله اعلم
الثالث: إطلاق النصوص الشرعية وعمومها وانتفاء الدليل المقيّد بزمن معيّن أو وقت محدّد: {إن ربك هو الخلاق العليم} {وهو الخلاق العليم}{بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} {فعّال لما يريد} {يفعل ما يريد}، مع تقرير السلف بأنه لم يزل كذلك ولا يزال.
هذه الأمور مجتمعة دلّت على الوقوع بالفعل لا بالقوّة فقط فجزمناه.
وربك أعلم.
النصوص الشرعية كذلك دلت على ان الخلق مرتبط بالمشيئة . فلا يفهم منها الجزم بان الله عز وجل لم يزل يخلق . بل الذي يفهم من مجموع النصوص ما قرره اهل السنة . ان الله عز وجل يخلق ما يشاء ( متى شاء ) .
و ما فهمتموه من هذه النصوص من تسلسل الخلق في جهة الازل ليس لكم فيه امام . فدونك كتب الائمة و المفسرين
هات عبارة واحدة لامام قبل شيخ الاسلام رحمه الله يذهب الى ما ذهب اليه ؟
و الله اعلم