"شــم النســيم"
شم النسيم من أعياد مصر الفرعونية :
* عيد "شم النسيم" من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيدًا شعبيًّا يحتفل به كثير من أهل "مصر" من نصارى ومسلمين وغيرهم،
*وهو عيد عند القدماء المصريين يرمز إلى بعث الحياة، وكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان أو بدأ خلق العالم *وترجع بداية الاحتفال به إلى عام (2700 ق.م) أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية. ويقع يوم 25 من شهر "برمهات"

بين عيد الفصح وشم النسيم :
نقل بنو إسرائيل عيد شم النسيم عن الفراعنة لما خرجوا من مصر، وقد اتفقيوم خروجهم مع موعد احتفال الفراعنة بعيدهم. اختار اليهود ذلك اليوم بالذات لخروجهم من مصر حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم حاملين معهم ما سلبوه من ذهب المصريين وثرواتهم؛ لانشغالهم بالاحتفال بعيدهم
واتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم، بعدخروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه (عيد الفصح)والفصح كلمة عبرية معناها(الخروج)أو (العبور)
كما اعتبروا ذلك اليوم رأساً لسنتهم
الدينية العبرية تيمُّنًا بنجاتهم، واحتفالاً ببداية حياتهم الجديدة.

* علاقة "شم النسيم" بالعقيدة النصرانية :
ثم انتقل ذلك إلى النصارى عندما دخلت المسيحية مصر فجاء "عيد القيامة" موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم،
فكان احتفال المسيحيين "بعيد القيامة" في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد "شم النسيم" يوم الإثنين.
فالأسبوع الذي يسبق"عيد القيامة"يسمى"أسب وع الآلام"وهو يشير إلى الأحداث التي أدت إلى صلب المسيح عليه السلام
ويبدأ "أسبوع الآلام" بـ"أحد السعف"؛ وهو يوم الأحد الذي يسبق أحد "الفصح"،
ثم يتلوه "خميس العهد" أو الصعود، ويشير إلى العشاء الأخير للمسيح واعتقاله وسجنه.
ثم "الجمعة الحزينة" وهي السابقة لـ"عيد الفصح"، وتشير إلى موت "المسيح" على الصليب.
ثم "سبت النور"، وهو يوم الانتظار وترقب قيام "المسيح" أحد "عيد الفصح"، والذي يتبعه مباشرة الاحتفال "بشم النسيم" يوم "الاثنين" بعده.
لماذا لا يكون شم النسيم إلا يوم الأثنين؟
وكما ترى عيد شم النسيم لا يكون إلا يوم الاثنين بسبب ارتباطه الوثيق بالشعائر النصرانية الوثنية، التي يزعمون فيها صلب المسيح يوم الجمعة ثم قيامته يوم الأحد ثم شم النسيم يوم الأثنين .
أطعمة هذا العيد
بيض شم النسيم : بدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع شم النسيم مع بداية العيد الفرعوني نفسه حيث كان البيض يرمز إلى خلقالحياة، كما ورد في متون وأناشيد أخناتون الفرعوني
وهكذا بدأالاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيمعند الفراعنة.
أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ
كان الفراعنة ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويعلقونه في أشجارالحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه فيحقق دعواتهم .
**
أما عادة تلوين البيض بدأ في فلسطين بعد زعم النصارى صلباليهود للمسيح الذي سبق موسم الاحتفال بالعيد، فأمر أحد القديسين بأن يحتفلوا بالعيد تخليداً لذكرى المسيح وقيامه، على أن يصبغواالبيض باللون الأحمر ليذكرهم دائماً بدمه الذي سفكه اليهود. وقد تطورت تلك العادة إلى صباغة البيض بمختلف الألوان التي أصبحت الطابعالمميز لأعياد شم النسيم والفصح والربيع حول العالم.
الفسيخ السمك المملح : ظهر الفسيخ، أو السمك المملح من بين الأطعمة التقليدية في العيد في الأسرةالفرعونية الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل: نهر الحياة، ويقولون أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبرعنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل ...
وقد كان
للفراعنة عناية بحفظ الأسماك، وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراجالبطارخ
بصل شم النسيم : ظهر البصل ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة الفرعونيةالسادسة وقد ارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة التي تروى أن أحد ملوكالفراعنة كان له طفل وحيد، وكان محبوباً من الشعب، وقد أصيب الأمير الصغير بمرض عجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه، وأقعد الأمير الصغير عن الحركة، ولازمالفراش عدة سنوات، واستدعى الملكُ الكاهنَ الأكبر لمعبد آمون، فنسب هذا المرض إلى وجود أرواح شريرة تسيطر عليه، وتشل حركته بفعل السحر.
وأمر الكاهن
بوضع ثمرة من البصل تحت رأس الأمير في فراش نومه عند غروب الشمس بعد أنقرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها عند شروق الشمس في الفجر ووضعها فوق أنفه ليستنشقعصيرها.
كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل الطازج فوق السرير وعلى أبواب
الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة. - فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم.
* حكم الاحتفال بعيد "شم النسيم":
-"شم النسيم" عيد فرعوني، ثم يهودي، ثم نصراني؛ فكيف يسوغ لمسلم أن يتشبه بكل هؤلاء وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بغير المسلمين بقوله: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ؛ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)
-وقد كان من صفة النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة أهل الكتاب، كما جاء في "صحيح مسلم" من أن اليهود قالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئًا من أمرنا إلا خالفنا فيه.
-قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: "مَنْ بَنَى بِبِلاَدِ الأَعَاجِمِ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُ مْ، وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " "سنن البيهقي
-وقال عمر رضي الله عنه: "لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخط ينزل عليهم" (رواه البيهقي بإسناد صحيح)،
-وعن عمر أنه قال: "اجتنبوا أعداء الله في عيدهم".
-وفي الحديث الصحيح: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ؛ لاَتَّبَعْتُمُو هُمْ). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (فَمَنْ؟) (رواه البخاري)
- والأعياد في الإسلام من العبادات التي لا تشرع إلا بدليل، فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: (مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
يقول الشيخ علي محفوظ:
..فترى في ذلك اليوم منكرات تخالف الدين، وسوءات تجرح الذوق السليم، وينقبض لها صدر الإنسانية .. تمتلئ فيه المزارع والخلوات بجماعات الفجار، وفاسدي الأخلاق، فتسربت إليها المفاسد وعمتها الدنايا، فصرت لا تمر بمزرعة أو طريق إلا وترى فيه ما يخجل كل شريف، ويؤلم كل حي، فأجدر به أن يسمى: "يوم الشؤم والفجور".
ترى المركبات والسيارات تتكدس بجماعة عاطلين يموج بعضهم في بعض بين شيب وشبان، ونساء وولدان، ينزحون إلى البساتين والأنهار، تراهم ينطقون بما تـُصَان الآذان عن سماعه، ويخاطبون المارة كما يشاءون من قبيح الألفاظ وبذيء العبارات، كأن هذا اليوم قد أبيحت لهم فيه جميع الخبائث، وارتفع عنهم فيه حواجز التكليف، أولئك حزب الشيطان، إلا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.
فعلى من يريد السلامة في دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشئوم، ويمنع عياله وأهله، وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه؛ حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم، والفاسقين الفاجرين في أماكنهم.
يقول الشيخ عطية صقر:
* لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكلوشرب وتنزه أمر مباح ما دام في الإطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية ولا تنتهكحرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة. قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحلالله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} وقال:{من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيباتمن الرزق}
لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز فيغيره، وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات، أو بظواهر خاصة؟
* وما نحب أن نلفت الأنظار إليه. إن الإسلام يريد من المسلم أن يكون فيتصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار فيسير حين يسير ويميل حيث يميل،بل لا بد أن تكون له شخصية مستقبلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاقإليه، وعن التقليد الأعمى، لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث "إمعة" يقول: إن أحسنالناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت، ولكن يجب أن يوطن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألايسئ إن أساءوا، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته، غير مبال من هذا النوعفقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبلدخلتموه" رواه البخاري ومسلم.
* فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليومبعينه والنسيم موجود في كل يوم؟ إنه لا يعدو أن يكون يومًا عاديًا من أيام اللهحكمه كحكم سائرها، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهي ارتباطهبعقائد لا يقرها الدين، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعدالموت.
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو
عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليومأردأ منه في غيره أو أغلى ثمنًا.
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة
في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لايقرها دين ولا عقل سليم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من التمس رضا الله بسخطالناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس" رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه.