أولادنا في المهجر واللغة العربية

امال عابدين حيدر


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لكل مجتمع سلبياته وايجابياته، ولكل شعب أو جالية في أي مكان على وجه البسيطة همومها وتحدياتها.
لكن كلما زادت هموم الشعوب داخل أوطانها، زادت هموم مهاجريها خارج تلك الأوطان.

ولايخفى على كل ذي لب الصعوبات التي تواجهها الجاليات العربية والمسلمة في المهجر. ولست الآن في مقام ذكر تلك الصعوبات. إلا أني أحب أن أطرح مشكلة واحدة منها؛ هي من أشد تلك المشاكلات، ومن أكثرها استعصاءً على الحل الناجع وذلك لأسباب عديدة.

إنها مشكلة أولادنا واللغة العربية.
انتشرت المدارس الإسلامية في كل مكان من هذه البلاد؛ مدارس نظامية، مدارس نهاية الأسبوع، والمدارس المسائية.
وكلها تحمل أهدافاً موحدة: هي تعليم أبنائنا في المهجر الدين الإسلامي، اللغة العربية، وربطهم بالمسجد وبالجالية.
ونسبة نجاحنا في تحقيق هذه الأهداف نسب متفاوتة، على أنها في مجملها لم تصل للحد المطلوب بعد، لكن مثلاً نسبة تحقيق الهدف الأول وهو تعليم الدين الإسلامي بمختلف تفرعاته: ( تلاوة، تحفيظ، تاريخ، سيرة، قصص الأنبياء، عقيدة، الحرام والحلال، والقيم الإسلامية) تكاد تكون أفضل من نسبة تحقيق الهدفين الآخرين – ولله الحمد-
لكن نسبة تعليم اللغة العربية هي من أضأل النسب تحقيقاً، وهذا مايؤرق الجالية العربية هنا.
حيث أننا نعلم أهمية اللغة العربية للمسلم، فهي أداته لارتباطه بدينه وثقافته ووطنه.

وكما هو معلوم بأن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وعليه فإن الواجب في قراءة القرآن وفهمة، والحديث وفهمه، والارتباط بالأمة الإسلامية لا يتم بشكله المطلوب بغير اللغة العربية.
وهنا تنبع مأساتنا. شعورنا بأهمية اللغة العربية مع عدم تمكننا من تحقيق نتائج مرضية يسبب لنا ضيقاً شديداً.

فمثلاً أولادنا في المدارس الأمريكية عندما يدرسون لغة ثانية وهي في الغالب إما الفرنسية وإما الإسبانية. فإنهم وبعد مرور سنتين يكونون قادرين على التعامل بهذه اللغة، قراءة، كتابة وتحدثا.ً
مع العلم أنهم لا يستخدمون هذه اللغة الثانية لا في البيت ولا في المدرسة ولا حتى في المجتمع.
وترى الطالب في المدارس الإسلامية وإن كانت مدارس نظامية – خمسة أيام في الأسبوع- يقضي في المدرسة كل مراحله الابتدائية، والاعدادية وربما الثانوية ويتخرج صفر اليدين. لا يستطيع أن يكمل نقاشاً واحداً باللغة العربية، ولا يستطيع أن يكتب سطراً تعبيرياً واحداً ولا يفهم بيت شعر واحد، ولا حتى يقول جملة فصيحة صحيحة واحدة.

وهذا كله يكون لدينا حالة من خيبة الأمل. لذا فأنا أطلب من مدرسي ومختصي اللغة العربية أن يفيدونا بآرائهم في كيفية التغلب على تلكم المشكلة. وسأعرض عليكم الصعوبات التي تواجهنا في تحقيق نتائج مرضية.

أما الصعوبات فهي.
1- اختلاف مستويات الطلاب، وذلك بسبب وضعهم العائلي واستخدامهم للعربية في البيت أو عدمه. فمنهم الطلاب الهنود والباكستانيون الذين يتقنون القراءة أكثر من العرب، لكنهم لا يعلمون من معاني العربية شيئاً، ومنهم العرب الذين يفهمون بعض الكلمات الفصيحة الشبيهة بالكلمات العامية المتداولة في البيت، وهم في أغلب الأحيان لايقرؤون جيداً، فمستوى قراءتهم أضعف من الهنود والباكستانيين. ومنهم الأطفال من أم غير عربية، فأولئك ليس عندهم قراءة ولا فهم.
فكيف لك أن تضع منهاج يساعد هؤلاء على الوصول لدرجة معينة من العلم على اختلاف مستوياتهم.
وفي محاولتنا للتغلب على تلك المشكلة نقسم كل صف إلى مستويين أو ثلاثة ويدخل اليهم مدرسين أو ثلاثة بمناهج مختلفة لتقريب المستويات. لكن لايزال اختلاف المستويات في المستوى الواحد يشكل عائقاً لا يستهان به.

2- عدم وجود مناهج جيدة تناسب تلك المستويات المختلفة، فقد يكون الكتاب مؤلف لمرحلة المبتدئين وبالتالي فإن دروسه وكلماته تصلح للأطفال، بينما هناك مستوى مبتدئين في المرحلة الثانوية أوالاعدادية، لايمكن أن تعطيهم درساً في اللغة العربية عن القط والفأر.

3- عدم وجود رؤية واضحة لدى القيمين على تلك المدارس وذلك برسم خط زمني لتعليم الأولاد، أنه في الصف كذا عليهم أن يتعلموا كذا ليتموا المرحلة الثانية منه في العام أو الفصل المقبل.

4- عدم التأهيل الكافي لمدرسي اللغة العربية، فإنه للأسف في كثير من المدارس يتصدر أناس ليس لهم صلة بالعربية الفصحى بما يكفي ليدرسوها، ميزتهم الوحيدة أنهم عرب، وذلك لقلة المتخصصين.






والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بتصرف (ابو وليد)