تصحيح الأفكار المغلوطة





- لن أدخل في جدلية السؤال: من يسعى إلى تشويه الإسلام في الوقت الحاضر؟ ولكن سأنتقل إلى ما أسميته (مشروع تصحيح الأفكار المغلوطة عن الإسلام).

- والأفكار المغلوطة هي إما علم أو عمل، وبالجملة هي مخالفة للشرع، وحتى نحدد إن كانت هذه أفكارا مغلوطة أم لا، نزنها بميزان القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، فما وافقهما فهو من الدين، وما خالفهما فليس من الدين. هذا هو المعيار الحقيقي الذي يجب على كل مسلم أن يتخذه سبيلا للنجاة من الأفكار المغلوطة، والفوز بالجنة.

- ودائرة الإسلام الصحيح البعيدة عن الأفكار المغلوطة تبدأ من الاستسلام الكامل لله -تعالى- ونفي ما سواه. فنقول: (لا إله) فننفي وجود أي آلهة زائفة، ثم نثبت الألوهية الحقة لله وحده -سبحانه- فنقول: (إلا الله)، نفي الشرك وإثبات الإيمان؛ لذا كانت دعوة جميع الأنبياء واحدة حول قوله -تعالى-: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. لقد أصبحت هذه الأمة {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، فقط لأنهم انتقلوا من الشرك إلى الإيمان.

- وانصبت جهود العلماء طيلة عقود لإبقاء الإسلام صافيا من أي انحرافات، فأصبح كالمحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. قال - صلى الله عليه وسلم -: «قدْ تركتُكم على البيضاءِ ليلُها كنهارِها، لا يزيغُ عنها بعدي إلَّا هالِكٌ، ومَنْ يَعِشْ منكم فسيرَى اختلافًا كثيرًا، فعلَيْكُم بما عرَفْتُم مِنْ سُنَّتِي، وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ، عضُّوا عليها بالنواجِذِ..».

- ومع أن طريق الحق بين واضح، إلا أن الأمة -كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم - ستفترق وتظهر فيها الأفكار المغلوطة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لتَفترقَنَّ أُمَّتِي على ثلاثٍ وسَبعين فرقةً؛ فواحِدةٌ في الجنَّةِ، واثنَتان وسَبعونَ في النَّار».

- وقد ظهرت بوادر الخوارج في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فحذر منهم أيما تحذير! ففي الحديث: «فأقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقٌ، فَقالَ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اتَّقِ اللَّهَ يا مُحَمَّدُ؛ فَقالَ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُطِعِ اللَّهَ إذَا عَصَيْتُ؟! أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ علَى أَهْلِ الأرْضِ فلا تَأْمَنُونِي؟!» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ -أَحْسِبُهُ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ- فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا ولَّى قالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ مِن ضِئْضِئِ هذا -أَوْ: في عَقِبِ هذا- قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإسْلَامِ ويَدَعُونَ أَهْلَ الأوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُ مْ قَتْلَ عَادٍ».


- وهذا التحذير يسري على كل فرقة تخالف الدين، وهي تعتقد أنها تنطلق من الدين، فلتحذر من مغبة الخذلان والعقاب يوم القيامة، ولا بد من تصحيح مفهوم العقيدة، وتخليصها مما شابها من الأفكار المغلوطة، قال -تعالى-: {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً}، قال ابن كثير: «مَّخْذُولاً؛ لأنَّ الرَّبَّ -تعالى- لا ينصرك، بل يَكِلُك إلى الذي عبدت معه، وهو لا يملك لك ضرًّا ولا نفعًا؛ لأنَّ مالك الضرِّ والنَّفع هو الله وحده لا شريك له».

- وقال -تعالى-: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}. فحذر من الخيبة والخذلان والخسران!.





سالم الناشي