وسائل الثبات بعد رمضان


الشيخ أحمد علوان







1. الدعاء بالثبات:
فإذا أردت أمورًا تعينك على الثبات، فاسأل الله أن يثبتك؛ فربُّك أكرم من أن تدعوه ولا يستجيب لك، وكان هذا فعلَ حبيبك صلى الله عليه وسلم؛ عن شداد بن أوسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: ((اللهم إني أسألك الثباتَ في الأمر، والعزيمةَ على الرُّشد))[1].

وليكُنْ رمضانُ هو نقطةَ الانطلاق والبداية، لا نقطة التوقف والنهاية، وداوِمْ على الخيرِ والعطاء الذي تعودت عليه في رمضان، وسَلِ الله أن يصرِّفَ قلبك إلى طاعته، وأن يرزقك المداومة على عبادته؛ فقد كان مِن دعاء عبدالله بن عمر: "اللهم يَسِّرني لليسرى، وجَنِّبْني العُسرى".

2. تذكَّر ما أعده الله للمُطيعين:
فلو تذكرتَ - حبيبي المسلم - أجر الأعمال وثواب الطاعات، ما توقفت عن العمل، هلم نتذكر بعضها:
صيام يوم واحدٍ يباعدك عن النار سبعين سنة، تلاوة القرآن الكريم تشفع لك عند ربك، ولك بكل آية حسنة، الصدقة في سبيل الله تأتي في ظلها يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، قيام الليل نور لك في قبرك، ويلحقك بالصالحين، المحافظة على الصلوات الخمس نجاة ونور يوم القيامة، فضَعْ أمام عينيك الثواب والأجر؛ فهذا يدفعك إلى مزيد من العمل والخير.

3. المداومة على العمل وإن قل:
ومِن المُعِينات على أمر الثبات: أن تواظب على الأعمال والطاعات مهما كانت قليلة، فلا تحتقر أي حسنة، ولا تستهِنْ بأي معصية، وأن تصبر على الطاعة: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾ [مريم: 65].

وتخبرنا السنة النبوية: أن من أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه المسلم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام، وإن قل))[2].

يقول ابن حجر: "فينبغي للمرء ألا يزهَدَ في قليل من الخير أن يأتيه، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه؛ فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها، ولا السيئة التي يسخَطُ عليه بها"[3].

4. احذَرْ وساوس الشيطان:
إن مهمة الشيطان أن يوسوس لك؛ ليفسد عليك طاعتك، ويقعدك عن همتك، يقول يحيى بن معاذ: "يا بن آدم، احذر الشيطان؛ فإنه عتيقٌ وأنت جديدٌ، وهو فارغٌ وأنت مشغولٌ، وهمته واحدةٌ، وهي هلاكك، وأنت مع همم كثيرة، والشيطان يراك وأنت لا تراه، وأنت تنساه وهو لا ينساك، ومِن نفسك له عونٌ، وليس من نفسه عونٌ".

ويحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خطوات الشيطان؛ فقد جاء عن عبدالله بن مسعودٍ، قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا، ثم قال: ((هذا سبيل الله))، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: "هذه سبلٌ - قال يزيد: متفرقةٌ - على كل سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه))، ثم قرأ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153][4].

احذَرْ هؤلاء!
لَمَّا سُئل بشر الحافي - رحمه الله - عن أناسٍ يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضان تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون اللهَ إلا في رمضان.

وامتثل هذه:
أنتَ في دارِ شتاتٍ

فتأهَّبْ لشتاتِكْ

واجعَلِ الدنيا كيومٍ
صُمْتَه عن شَهَواتِكْ

وليكن فِطْرك عند اللهِ
في يومِ وفاتِكْ




[1] الترمذي (3407)، والنسائي (1304)، وضعفه الألباني.

[2] البخاري (5861)، مسلم (782).

[3] فتح الباري، لابن حجر (ج11، ص321).

[4] أحمد (4142)، وقال العلامة أحمد شاكر: إسناده صحيح.