عدم ترك المجال للبرامج المنافية للدين والأخلاق
- الناشي: يجب الاستفادة من الإعلام الجديد في صياغة هو



شهد المجتمع المعاصر تحولات هائلة في مجال الاتصال والإعلام خلال السنوات الأخيرة؛ فقد ظهرت تقنيات وأساليب اتصالية حديثة، وظهر مصطلح (الإعلام الجديد) أو ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن هذه الظواهر الجديدة، وتعد أهمية دراسة الإعلام ومدى تأثيره من الأمور المهمة والتغييرات التي أحدثها في المجتمع ولا سيما على الشباب، من هنا كان هذا الحوار مع رئيس قطاع العلاقات العامة والإعلام سالم الناشي.
- ما الإعلام الجديد؟ وكيف نميزه عن الإعلام التقليدي؟
- الإعلام الجديد يطلق على وسائل التواصل الاجتماعي بديلا عن الإعلام التقليدي وبينهما فروق كبيرة وكثيرة، ولعل من أهمها: أن الإعلام التقليدي تديره مجموعة معينة، إما حكومة ما أو مجموعة تجارية أو حتى شخص أو أشخاص، وعادة هم من يشكل هذا الإعلام التقليدي ليخدم المهيمن عليه. والإعلام الجديد متاح لجميع أفراد المجتمع للدخول والتعامل معه والاستفادة منه طالما تمكنوا وأجادوا أدواته.
- ما الذي يتطلبه الإعلام الجديد؟ وكيف يمكن تفعليه؟
- إن الاشتراك أو الانضمام لإحدى مواقع التواصل الاجتماعي كـالفيسبوك، وتويتر، والانستغرام واليوتيوب، والمدونات، وغيرها من المواقع الاجتماعية الإلكترونية النشطة التي تشكل ثقلا في العالم الافتراضي، كفيل بتعامل أي شخص مع الإعلام الجديد. وتختلف طبيعة مشاركة الشخص وتفاعله بحسب نشاطه ومكانته الاجتماعية أو السياسية أو الدينية أو الاقتصادية في المجتمع. وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات لكثير من الأشخاص في العالم.
- ما أهم إيجابيات منصات التواصل الاجتماعي؟
- الإيجابيات كثيرة ومنها، إتاحة الفرصة للشباب لكي يعبر عن مطالبه، وأفكاره، ومتابعة مجموعة من المهتمين له، والاتصال الدائم بالعالم مما يفتح فضاءات كثيرة للعمل ولأخذ المعلومات من كل مكان. وكذلك التفاعل والمشاركة من الآخرين يسهم في حل مشكلات اجتماعية ونفسية وثقافية. وتعد هذه المواقع إحدى أهم وسائل التسويق التي يمكن للشباب استغلالها لتحسين مستواهم المعيشي، أو الحصول على فرص عمل.
- وماذا عن السلبيات؟
- هناك سلبيات لمواقع التواصل الاجتماعي، منها: قضاء فترات طويلة في استخدام هذه الوسائل؛ مما يؤثر تأثيرا كبيرا وسلبيا على جوانب أخرى مهمة، منها العائلة والدراسة والعمل الوظيفي، كذلك تسبب عزلة اجتماعية ووهم تواصل افتراضي؛ مما يؤدي إلى ضعف التفاعل الإيجابي والطبيعي مع جوانب الحياة المختلفة.
- كيف ترون تأثيرات (الإعلام الجديد) على الشباب ولا سيما في تكوين هويتهم الفكرية والثقافية؟
- للإعلام الجديد تأثير على الشباب، وفي رأيي أن نسبة قليلة من الشباب نجحوا في استثمار تلك المواقع الالكترونية لزيادة الوعي الشخصي والحصول على الثقافة العامة، وذلك من خلال المطالعة والقراءة والتعرف على تجارب الآخرين وخبراتهم، وأحيانا الانضمام إلى ورش تدريبية وتعليمية، وغيرها مما أتاحته تلك المواقع من كم غير محدود من المعلومات، في المقابل كان لسوء استخدام مواقع التواصل أثر سلبي على كثير من الشباب، الذين استخدموها لمجرد التسلية والإدمان على الألعاب الإلكترونية ومضيعة الوقت، وهؤلاء لا يمكن أن يتطوروا أو ينجحوا في تطوير أنفسهم، ولن يستفيدوا من تلك المواقع سوى إهدار أوقاتهم وطاقاتهم؛ وحيث إنّ وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تُمثل المحور الأساسي لنشر الثقافة في المجتمع، فيمكن استغلالها في تكوين الهوية الثقافية عند الشباب، ولاسيما عندما تكون المادة الإعلامية مُصاغة بطريقة تتفاعل مع متطلباتهم وتطلعاتهم وأهدافهم وقيمهم.
- هل تأثر الإعلام التقليدي بظهور (الإعلام الجديد)، أم أنَّ لكل منهما جمهوره ومساره الخاص به؟
- كثيراً ما تثار التساؤلات حول جدوى الإعلام التقليدي في ظل نمو الإعلام الجديد، وبلا شك فقد تأثرت الوسائل الإعلامية مثل التلفزيون، والإذاعة، والصحف إلى حد كبير؛ ذلك لأنها رسمية الإشراف والملكية؛ فهي مملوكة إما لدول أو مؤسسات إعلامية، أو أفراد، أما الإعلام الجديد فملكيته عامة لكل من يملك هاتفا ذكيا أو جهاز كمبيوتر يستطيع من خلاله نشر أفكاره التي يؤمن بها، والتعبير عنها بحرية كاملة دون رقيب؛ مما أدى إلى إنهاء الاحتكار، فالإعلام الجديد يتمتع بحرية قد تصل في كثير من الأحيان إلى الفوضى؛ حيث لا يخضع هذا الإعلام للرقابة من أحد سوى من المستخدم نفسه وما يتمتع به من حرية ومسؤولية ذاتية، أو ما تسنه الدولة من قوانين وتنظيمات لهذه الوسائل.
- هل للإعلام الجديد خصائص لم يوفرها الإعلام التقليدي؟
- نعم، فالإعلام الجديد أتاح للإنسان العادي بكاميرته الصغيرة وهاتفه الذكي أن يقوم بدور (المحرر الصحفي)؛ فقد استطاع كل شخص أن يكون قادرًا على نقل الخبر ونشره وتوثيقه بالصورة والفيديو والكتابة؛ من هنا فإنَّ الإعلام الجديد استطاع توفير خصائص لم يوفرها الإعلام التقليدي، منها: القدرة على التفاعل والاستجابة بين الوسيلة الإعلامية الجديدة والمستخدم، كما مكن للمستخدم عملية الانتقاء والتفضيل باختيار مواضيع أو خدمات معينة، فضلا عن السرعة والانتشار والنفاذ، والدخول إلى المنازل، والوصول إلى مختلف الأوساط، دون عوائق.
- هل الإعلام التقليدي في أزمة الآن؟
- نعم، يعاني الإعلام التقليدي من أزمة في التوزيع والانتشار، وعلينا مواجهة تلك المتغيرات التي فرضها الإعلام الجديد، ودراستها وتحليلها للخروج بأنسب الحلول العلمية ليبقى الإعلام التقليدي منافسا، ولإنقاذ نفسه من خطر الاندثار أمام الإعلام الجديد السريع، والأقل كلفة. ومن ناحية أخرى يرى بعضهم أن الإعلام التقليدي يستطيع المنافسة ويملك القدرة والشهرة والثقة من متابعيه، كما أن الإعلام التقليدي يملك (الخبرة) التي تميزه عن الإعلام الجديد؛ فالإعلام التقليدي له مكانته؛ لأنه يستقي الأخبار من مصادر موثوقة، بينما يعتمد الكثير في الإعلام الجديد على الرأي الشخصي والإشاعات، فالإعلام الجديد أخذ أكبر من حجمه نظرا لكثرة متابعيه ولاسيما الشباب، ولكنه ليس مقياسا لتفوقه، وأيضا لا ينكر عاقل أنه استطاع إيجاد مكان على الساحة؛ لذا برزت خصوصية التكامل بينهما والاستفادة من كليهما (التقليدي والجديد) معا.
- هل هناك تخوف من استغلال الإعلام الجديد للتأثير على الشباب المسلم؟
- بلا شك أن بعض الناس استغل هذه المساحة من الحرية في الإعلام الجديد، وحاول التأثير من خلالها، والشباب المسلم واقع تحت هذا التأثير. ومعلوم أن القوي يتأثر به الأقل قوة؛ لذا نحن في العالم الإسلامي والعربي نشعر بحجم التأثير على الإسلام عقيدة وشريعة؛ مما قد يؤدي إلى زعزعة هوية الشباب المسلم وعقيدته، في ظل غياب الاستفادة من تلك المواقع وتوظيفها في توجيه هؤلاء الشباب التوجيه الأمثل، وبناء التحصين الإيماني والفكري الكافي من قبل مؤسسات دعوية موثوقة وعلماء مشهود لهم بصحة المنهج وسلامة العقيدة.
- هل حققت الحملات الإعلامية غاياتها في التأثير على الشباب المسلم؟
- المتتبع لهذه الحملات على الهوية الإسلامية، يجد أنها لم تحقق غاياتها، ولم تستطع أن تؤثر في الشباب المسلم إلا بشكل محدود، واليوم تتواصل هذه الحملات بطريقة أكثر تأثيرا مع وجود الإعلام الجديد، في المساس بثوابت الدين الإسلامي وزعزعتها، ومن ذلك ما نشاهده من الحملة على رموز الأمة وعلمائها، تستهدف الطعن في علماء الأمة الكبار، ومن ثم نشر أفكار مخالفة للشرع كالإلحاد والعلمانية للتشكيك في المعتقد الأصيل للمسلمين وتوجيههم إلى أفكار بعيدة عن الدين الحق.
- كيف يمكن الاستفادة من الإعلام الجديد في العمل الدعوي والخيري؟
- لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي منصات للاتصال والتفاعل بين الأفراد والمؤسسات فحسب بل غدت أداة فعالة تستخدم استخداما واسعا في الآونة الأخيرة في التسويق، ومن ثم ظهرت مفاهيم التسويق الإلكتروني، والتسويق الشبكي، والتسويق الاجتماعي، وتسويق الخدمات، وأصبح من المهم سعي المنظمات والمؤسسات الخيرية للاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بها وبأهدافها مما يحقق لها الاستمرارية في الأداء الخدمي. ولعل مواقع التواصل الاجتماعي -لما لها من انتشار واسع بين مختلف فئات المجتمع- يمكنها أن تكون وسيلة فعالة للحث على التطوع والتبرع والتكافل الاجتماعي، بل تعد الوسيلة الأفضل من بين وسائل الدعاية والترويج للأفكار والأشخاص والمؤسسات الاجتماعية.
ونظراً للاعتماد الكبير من مختلف شرائح المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعي بات من الواجب على الجمعيات الخيرية استخدام مثل هذه المواقع من أجل التسويق لمشروعاتها وخدماتها التطوعية، وأن توليها مزيدًا من الاهتمام، وربما يتطلب الأمر قدرًا من المعارف والمهارات في هذا الشأن. وإذا كانت المنظمات الخاصة والربحية دأبت على توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في عمليات الترويج والتسويق والعلاقات العامة، فمن الأحرى بالجمعيات الخيرية أن تدار بالمنطق نفسه ولاسيما وأنها تعمل في مجالات العمل الخيري الذي يمس العديد من الفئات الأولى بالرعاية الاجتماعية. كما يمكن شرح أنشطة الجمعيات الخيرية وبرامجها وتوعية الجمهور بأهمية تحقق المساندة المادية والمعنوية لها، وبناء الثقة مع جمهورها.



وائل رمضان