تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 18 من 24 الأولىالأولى ... 89101112131415161718192021222324 الأخيرةالأخيرة
النتائج 341 إلى 360 من 470

الموضوع: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

  1. #341
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(327)
    الحلقة (341)
    صــ 7إلى صــ 14



    [ ص: 7 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : " وإذا طلقتم " أيها الرجال نساءكم " فبلغن أجلهن " يعني : ميقاتهن الذي وقته لهن ، من انقضاء الأقراء الثلاثة ، إن كانت من أهل القرء ، وانقضاء الأشهر إن كانت من أهل الشهور " فأمسكوهن " يقول : فراجعوهن إن أردتم رجعتهن في الطلقة التي فيها رجعة : وذلك إما في التطليقة الواحدة أو التطليقتين ، كما قال - تعالى ذكره - : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) .

    وأما قوله : " بمعروف " فإنه عنى : بما أذن به من الرجعة ، من الإشهاد على الرجعة قبل انقضاء العدة ، دون الرجعة بالوطء والجماع . لأن ذلك إنما يجوز للرجل بعد الرجعة ، وعلى الصحبة مع ذلك والعشرة بما أمر الله به وبينه لكم أيها الناس " أو سرحوهن بمعروف " يقول : أو خلوهن يقضين تمام عدتهن وينقضي بقية أجلهن الذي أجلته لهن لعددهن ، بمعروف . يقول : بإيفائهن تمام حقوقهن عليكم ، على ما ألزمتكم لهن من مهر ومتعة ونفقة وغير ذلك من حقوقهن قبلكم " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " يقول : ولا تراجعوهن ، [ ص: 8 ] إن راجعتموهن في عددهن ، مضارة لهن ، لتطولوا عليهن مدة انقضاء عددهن ، أو لتأخذوا منهن بعض ما آتيتموهن بطلبهن الخلع منكم ، لمضارتكم إياهن ، بإمساككم إياهن ، ومراجعتكموهن ضرارا واعتداء .

    وقوله : " لتعتدوا " يقول : لتظلموهن بمجاوزتكم في أمرهن حدودي التي بينتها لكم .

    وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    4909 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق : " ولا تمسكوهن ضرارا " قال : يطلقها ، حتى إذا كادت تنقضي راجعها ، ثم يطلقها ، فيدعها ، حتى إذا كادت تنقضي عدتها راجعها ، ولا يريد إمساكها : فذلك الذي يضار ويتخذ آيات الله هزوا .

    4910 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء قال : سئل الحسن عن قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : كان الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، يضارها ، فنهاهم الله عن ذلك .

    4911 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف " قال : نهى الله عن الضرار " ضرارا " أن يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأجل ، حتى يفي لها تسعة أشهر ، ليضارها به .

    4912 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه إلا أنه قال : نهى عن الضرار ، والضرار في الطلاق [ ص: 9 ] أن يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها ، وسائر الحديث مثل حديث محمد بن عمرو .

    4913 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ، ثم يطلقها . يفعل ذلك يضارها ويعضلها ، فأنزل الله هذه الآية .

    4914 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : كان الرجل يطلق امرأته تطليقة واحدة ، ثم يدعها ، حتى إذا ما تكاد تخلو عدتها راجعها ، ثم يطلقها ، حتى إذا ما كاد تخلو عدتها راجعها . ولا حاجة له فيها ، إنما يريد أن يضارها بذلك . فنهى الله عن ذلك وتقدم فيه ، وقال : " ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه " .

    4915 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : قال الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " فإذا طلق الرجل المرأة وبلغت أجلها ، فليراجعها بمعروف أو ليسرحها بإحسان ، ولا يحل له أن يراجعها ضرارا ، وليست له فيها رغبة ، إلا أن يضارها .

    4916 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : هو في الرجل [ ص: 10 ] يحلف بطلاق امرأته ، فإذا بقي من عدتها شيء راجعها ، يضارها بذلك ويطول عليها ، فنهاهم الله عن ذلك .

    4917 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، عن مالك بن أنس ، عن ثور بن زيد الديلي : أن رجلا كان يطلق امرأته ثم يراجعها ، ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها ، كيما يطول عليها بذلك العدة ليضارها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه " يعظم ذلك .

    4918 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال : حدثنا عبيد بن سليمان الباهلي قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " ولا تمسكوهن ضرارا " هو الرجل يطلق امرأته واحدة ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، ثم يطلقها ، ليضارها بذلك ، لتختلع منه .

    4920 - حدثنا موسى قال حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا " قال : نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة ، راجعها ، ثم طلقها ، ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر ، مضارة يضارها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " .

    4921 - حدثني العباس بن الوليد قال : أخبرني أبي قال : سمعت عبد العزيز [ ص: 11 ] يسأل عن طلاق الضرار فقال : يطلق ثم يراجع ، ثم يطلق ثم يراجع ، فهذا الضرار الذي قال الله : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " .

    4922 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية : " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال : الرجل يطلق امرأته تطليقة ، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض ، ثم يراجعها ، ثم يطلقها تطليقة ، ثم يمسك عنها حتى تحيض ثلاث حيض ، ثم يراجعها " لتعتدوا " قال : لا يطاول عليهن .

    قال أبو جعفر : وأصل " التسريح " من " سرح القوم " وهو ما أطلق من نعمهم للرعي . يقال للمواشي المرسلة للرعي " هذا سرح القوم " يراد به مواشيهم المرسلة للرعي . ومنه قول الله - تعالى ذكره - : ( والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) [ سورة النحل : 5 ، 6 ] يعني بقوله : " حين تسرحون " حين ترسلونها للرعي . فقيل للمرأة إذا خلاها زوجها فأبانها منه : سرحها ، تمثيلا لذلك ب " تسريح " المسرح ماشيته للرعي ، وتشبيها به .

    القول في تأويل قوله تعالى ( ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ومن يراجع امرأته بعد طلاقه إياها في الطلاق الذي له فيه عليها الرجعة ضرارا بها ليعتدي حد الله في أمرها ، [ ص: 12 ] فقد ظلم نفسه ، يعني : فأكسبها بذلك إثما ، وأوجب لها من الله عقوبة بذلك .
    وقد بينا معنى " الظلم " فيما مضى ، وأنه وضع الشيء في غير موضعه ، وفعل ما ليس للفاعل فعله .
    القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تتخذوا آيات الله هزوا )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - : ولا تتخذوا أعلام الله وفصوله بين حلاله وحرامه ، وأمره ونهيه ، في وحيه وتنزيله استهزاء ولعبا ، فإنه قد بين لكم في تنزيله وآي كتابه ، ما لكم من الرجعة على نسائكم ، في الطلاق الذي جعل لكم عليهن فيه الرجعة ، وما ليس لكم منها ، وما الوجه الجائز لكم منها ، وما الذي لا يجوز ، وما الطلاق الذي لكم عليهن فيه الرجعة ، وما ليس لكم ذلك فيه ، وكيف وجوه ذلك ، رحمة منه بكم ونعمة منه عليكم ، ليجعل بذلك لبعضكم من مكروه ، إن كان فيه من صاحبه ما يؤذيه المخرج والمخلص بالطلاق والفراق ، وجعل ما جعل لكم عليهن من الرجعة سبيلا لكم إلى الوصول إلى ما نازعه إليه ودعاه إليه هواه ، بعد فراقه إياهن منهن ، لتدركوا بذلك قضاء أوطاركم منهن ، إنعاما منه بذلك عليكم ، لا لتتخذوا ما بينت لكم من ذلك في آي كتابي وتنزيلي - تفضلا مني ببيانه عليكم [ ص: 13 ] وإنعاما ورحمة مني بكم - لعبا وسخريا .

    وبمعنى ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    4923 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أيوب بن سليمان قال : حدثنا أبو بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن أرقم : أن الحسن حدثهم : أن الناس كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلق الرجل أو يعتق فيقال : ما صنعت؟ فيقول : إنما كنت لاعبا! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من طلق لاعبا أو أعتق لاعبا فقد جاز عليه قال الحسن : وفيه نزلت : " ولا تتخذوا آيات الله هزوا " . .

    4924 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، [ ص: 14 ] عن أبيه ، عن الربيع في قوله ولا تتخذوا آيات الله هزوا " قال : كان الرجل يطلق امرأته فيقول : إنما طلقت لاعبا! فنهوا عن ذلك ، فقال - تعالى ذكره - : " ولا تتخذوا آيات الله هزوا " .

    4925 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، عن عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن أبي العلاء ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي موسى : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضب على الأشعريين - فأتاه أبو موسى فقال : يا رسول الله ، غضبت على الأشعريين! فقال : يقول أحدكم : " قد طلقت ، قد راجعت " !! ليس هذا طلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل عدتها .

    4926 - حدثنا أبو زيد ، عن ابن شبة قال : حدثنا أبو غسان النهدي قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن أبي خالد - يعني الدالاني - عن أبي العلاء الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لم يقول أحدكم لامرأته : قد طلقتك ، قد راجعتك " ؟ ليس هذا بطلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل طهرها .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #342
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(328)
    الحلقة (342)
    صــ 15 إلى صــ 22




    [ ص: 15 ] القول في تأويل قوله تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام ، الذي أنعم عليكم به فهداكم له ، وسائر نعمه التي خصكم بها دون غيركم من سائر خلقه ، فاشكروه على ذلك بطاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه ، واذكروا أيضا مع ذلك ما أنزل عليكم من كتابه ، وذلك : القرآن الذي أنزله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - واذكروا ذلك فاعملوا به ، واحفظوا حدوده فيه و " الحكمة " يعني : وما أنزل عليكم من الحكمة ، وهي السنن التي علمكموها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنها لكم .

    [ ص: 16 ] وقد ذكرت اختلاف المختلفين في معنى " الحكمة " فيما مضى قبل في قوله : ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) [ سورة البقرة : 129 ] ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

    القول في تأويل قوله تعالى ( يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ( 231 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " يعظكم به " يعظكم بالكتاب الذي أنزل عليكم ، والهاء التي في قوله : " به " عائدة على الكتاب .

    " واتقوا الله " يقول : وخافوا الله فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه في كتابه الذي أنزله عليكم ، وفيما أنزله فبينه على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكم أن تضيعوه وتتعدوا حدوده ، فتستوجبوا ما لا قبل لكم به من أليم عقابه ونكال عذابه .

    وقوله : " واعلموا أن الله بكل شيء عليم " يقول : واعلموا - أيها الناس - أن ربكم الذي حد لكم هذه الحدود ، وشرع لكم هذه الشرائع ، وفرض عليكم هذه الفرائض في كتابه وفي تنزيله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بكل ما أنتم عاملوه - من خير وشر ، وحسن وسيئ ، وطاعة ومعصية - عالم لا يخفى عليه من ظاهر ذلك وخفيه وسره وجهره شيء ، وهو مجازيكم بالإحسان إحسانا ، وبالسيئ سيئا ، إلا أن يعفو ويصفح ، فلا تتعرضوا لعقابه وتظلموا أنفسكم .
    [ ص: 17 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف

    قال أبو جعفر : ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل كانت له أخت كان زوجها من ابن عم لها فطلقها ، وتركها فلم يراجعها حتى انقضت عدتها ، ثم خطبها منه ، فأبى أن يزوجها إياه ومنعها منه ، وهي فيه راغبة .

    ثم اختلف أهل التأويل في الرجل الذي كان فعل ذلك ، فنزلت فيه هذه الآية . فقال بعضهم : كان ذلك الرجل معقل بن يسار المزني " .

    ذكر من قال ذلك :

    4927 - حدثني محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة عن الحسن ، عن معقل بن يسار قال : كانت أخته تحت رجل فطلقها ، ثم خلا عنها ، حتى إذا انقضت عدتها خطبها ، فحمي معقل من ذلك أنفا . وقال : خلا عنها وهو يقدر عليها ، فحال بينه وبينها ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .

    [ ص: 18 ] 4928 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، عن معقل بن يسار : أن أخته طلقها زوجها ، فأراد أن يراجعها ، فمنعها معقل ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " إلى آخر الآية .

    4929 - حدثنا محمد بن عبد الله المخزومي قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا عباد بن راشد قال : حدثنا الحسن قال : حدثني معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب وأمنعها الناس ، حتى خطب إلي ابن عم لي فأنكحتها ، فاصطحبا ما شاء الله ، ثم إنه طلقها طلاقا له رجعة ، ثم تركها حتى انقضت عدتها ، ثم خطبت إلي ، فأتاني يخطبها مع الخطاب ، فقلت له : خطبت إلي فمنعتها الناس ، فآثرتك بها ، ثم طلقت طلاقا لك فيه رجعة ، فلما خطبت إلي آتيتني تخطبها مع الخطاب ! والله لا أنكحكها أبدا . قال : ففي نزلت هذه الآية : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " قال : فكفرت عن يميني ، وأنكحتها إياه .

    4930 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " ذكر [ ص: 19 ] لنا أن رجلا طلق امرأته تطليقة ، ثم خلا عنها حتى انقضت عدتها ، ثم قرب بعد ذلك يخطبها - والمرأة أخت معقل بن يسار - فأنف من ذلك معقل بن يسار ، وقال : خلا عنها وهي في عدتها ، ولو شاء راجعها ، ثم يريد أن يراجعها وقد بانت منه . فأبى عليها أن يزوجها إياه . وذكر لنا أن نبي الله - لما نزلت هذه الآية - دعاه فتلاها عليه ، فترك الحمية واستقاد لأمر الله .

    4931 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن يونس ، عن الحسن قوله تعالى : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن " إلى آخر الآية قال : نزلت هذه الآية في معقل بن يسار . قال الحسن : حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه . قال : زوجت أختا لي من رجل فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك وفرشتك أختي وأكرمتك ، ثم طلقتها ، ثم جئت تخطبها . لا تعود إليك أبدا ، قال : وكان رجل صدق لا بأس به ، وكانت المرأة تحب أن ترجع إليه ، قال الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .

    قال : فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . فزوجها منه .

    [ ص: 20 ] 4932 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن بكر بن عبد الله المزني قال : كانت أخت معقل بن يسار تحت رجل فطلقها ، فخطب إليه فمنعها أخوها فنزلت : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن " إلى آخر الآية .

    4933 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية . قال : نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها وأبينت منه ، فنكحها آخر ، فعضلها أخوها معقل بن يسار ، يضارها خيفة أن ترجع إلى زوجها الأول . قال ابن جريج ، وقال عكرمة : نزلت في معقل بن يسار . قال ابن جريج : أخته جمل ابنة يسار ، كانت تحت أبي البداح ، طلقها ، فانقضت عدتها ، فخطبها ، فعضلها معقل بن يسار .

    4934 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " نزلت في امرأة من مزينة طلقها زوجها ، فعضلها أخوها أن ترجع إلى زوجها الأول وهو معقل بن يسار أخوها .

    [ ص: 21 ] 4935 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلا أنه لم يقل فيه : " وهو معقل بن يسار " .

    4936 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق الهمداني : أن فاطمة بنت يسار طلقها زوجها ، ثم بدا له فخطبها ، فأبى معقل . فقال : زوجناك فطلقتها وفعلت ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .

    4937 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن وقتادة في قوله : " فلا تعضلوهن " قال : نزلت في معقل بن يسار ، كانت أخته تحت رجل فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء فخطبها ، فعضلها معقل فأبى أن ينكحها إياه ، فنزلت فيها هذه الآية - يعني به الأولياء - يقول : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .

    4938 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن رجل ، عن معقل بن يسار قال : كانت أختي عند رجل فطلقها تطليقة بائنة ، فخطبها ، فأبيت أن أزوجها منه ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية .

    وقال آخرون : كان الرجل : " جابر بن عبد الله الأنصاري " .

    ذكر من قال ذلك :

    4939 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " قال : نزلت في جابر بن عبد الله [ ص: 22 ] الأنصاري ، وكانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة ، فانقضت عدتها ، ثم رجع يريد رجعتها . فأما جابر فقال : طلقت ابنة عمنا ، ثم تريد أن تنكحها الثانية ؟ ! وكانت المرأة تريد زوجها ، قد راضته . فنزلت هذه الآية .

    وقال آخرون : نزلت هذه الآية دلالة على نهي الرجل مضارة وليته من النساء ، يعضلها عن النكاح .

    ذكر من قال ذلك :

    4940 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " فهذا في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ، فتنقضي عدتها ، ثم يبدو له في تزويجها وأن يراجعها ، وتريد المرأة فيمنعها أولياؤها من ذلك ، فنهى الله سبحانه أن يمنعوها .

    4941 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " كان الرجل يطلق امرأته تبين منه وينقضي أجلها ، ويريد أن يراجعها وترضى بذلك ، فيأبى أهلها ، قال الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .

    4942 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق في قوله : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يبدو له أن يتزوجها ، فيأبى أولياء المرأة أن يزوجوها ، فقال الله - تعالى ذكره - : " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #343
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(329)
    الحلقة (343)
    صــ 23 إلى صــ 30




    [ ص: 23 ] 4943 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أصحابه ، عن إبراهيم في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " قال : المرأة تكون عند الرجل فيطلقها ، ثم يريد أن يعود إليها ، فلا يعضلها وليها أن ينكحها إياه .

    4944 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب : قال الله - تعالى ذكره - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " الآية ، فإذا طلق الرجل المرأة وهو وليها ، فانقضت عدتها ، فليس له أن يعضلها حتى يرثها ، ويمنعها أن تستعف بزوج .

    4945 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن " هو الرجل يطلق امرأته تطليقة ، ثم يسكت عنها فيكون خاطبا من الخطاب ، فقال الله لأولياء المرأة : " لا تعضلوهن " يقول : لا تمنعوهن أن يرجعن إلى أزواجهن بنكاح جديد " إذا تراضوا بينهم بالمعروف " إذا رضيت المرأة وأرادت أن تراجع زوجها بنكاح جديد .

    قال أبو جعفر : والصواب من القول في هذه الآية أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - أنزلها دلالة على تحريمه على أولياء النساء مضارة من كانوا له أولياء من النساء بعضلهن عمن أردن نكاحه من أزواج كانوا لهن ، فبن منهن بما تبين به المرأة من زوجها من طلاق أو فسخ نكاح . وقد يجوز أن تكون نزلت في أمر معقل بن يسار وأمر أخته ، أو في أمر جابر بن عبد الله وأمر ابنة عمه . وأي ذلك كان فالآية دالة على ما ذكرت .

    [ ص: 24 ] ويعني بقوله تعالى : " فلا تعضلوهن " لا تضيقوا عليهن بمنعكم إياهن - أيها الأولياء - من مراجعة أزواجهن بنكاح جديد ، تبتغون بذلك مضارتهن .

    يقال منه : " عضل فلان فلانة عن الأزواج يعضلها عضلا " وقد ذكر لنا أن حيا من أحياء العرب من لغتها : " عضل يعضل " . فمن كان من لغته " عضل " فإنه إن صار إلى " يفعل " قال : " يعضل " بفتح " الضاد " . والقراءة على ضم " الضاد " دون كسرها ، والضم من لغة من قال " عضل " .

    وأصل " العضل " الضيق ، ومنه قول عمر - رحمة الله عليه - : " وقد أعضل بي أهل العراق ، لا يرضون عن وال ، ولا يرضى عنهم وال " يعني بذلك حملوني على أمر ضيق شديد لا أطيق القيام به .

    ومنه أيضا " الداء العضال " وهو الداء الذي لا يطاق علاجه ؛ لضيقه عن العلاج ، وتجاوزه حد الأدواء التي يكون لها علاج ، ومنه قول ذي الرمة :


    ولم أقذف لمؤمنة حصان بإذن الله موجبة عضالا
    [ ص: 25 ] ومنه قيل : " عضل الفضاء بالجيش لكثرتهم " إذا ضاق عنهم من كثرتهم . وقيل : " عضلت المرأة " إذا نشب الولد في رحمها فضاق عليه الخروج منها ، ومنه قول أوس بن حجر :


    وليس أخوك الدائم العهد بالذي يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا
    ولكنه النائي إذا كنت آمنا وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا


    و " أن " التي في قوله : " أن ينكحن " في موضع نصب قوله : " تعضلوهن " .

    ومعنى قوله : " إذا تراضوا بينهم بالمعروف " إذا تراضى الأزواج والنساء بما يحل ، ويجوز أن يكون عوضا من أبضاعهن من المهور ، ونكاح جديد مستأنف كما : -

    4946 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن عمير بن عبد الله ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن البيلماني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنكحوا الأيامى . فقال رجل : يا رسول الله ، ما العلائق بينهم ؟ قال : " ما تراضى عليه أهلوهم " .

    [ ص: 26 ] 4947 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن الحارث قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو منه .

    قال أبو جعفر : وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة قول من قال : " لا نكاح إلا بولي من العصبة " . وذلك أن الله - تعالى ذكره - منع الولي من عضل المرأة إن أرادت النكاح ونهاه عن ذلك . فلو كان للمرأة إنكاح نفسها بغير إنكاح وليها إياها ، أو كان لها تولية من أرادت توليته في إنكاحها - لم يكن لنهي وليها عن عضلها معنى مفهوم ، إذ كان لا سبيل له إلى عضلها - وذلك أنها إن كانت متى أردات النكاح جاز لها إنكاح نفسها ، أو إنكاح من توكله إنكاحها ، [ ص: 27 ] فلا عضل هنالك لها من أحد فينهى عاضلها عن عضلها . وفي فساد القول بأن لا معنى لنهي الله عما نهى عنه صحة القول بأن لولي المرأة في تزويجها حقا لا يصح عقده إلا به . وهو المعنى الذي أمر الله به الولي من تزويجها إذا خطبها خاطبها ورضيت به ، وكان رضى عند أوليائها ، جائزا في حكم المسلمين لمثلها أن تنكح مثله ونهاه عن خلافه من عضلها ، ومنعها عما أرادت من ذلك ، وتراضت هي والخاطب به .

    القول في تأويل قوله - تعالى ذكره - ( ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله ذلك ما ذكر في هذه الآية من نهي أولياء المرأة عن عضلها عن النكاح ، يقول : فهذا الذي نهيتكم عنه من عضلهن عن النكاح عظة مني من كان منكم أيها الناس يؤمن بالله واليوم الآخر - يعني يصدق بالله ، فيوحده ، ويقر بربوبيته ، " واليوم الآخر " يقول : ومن يؤمن باليوم الآخر ، فيصدق بالبعث للجزاء والثواب والعقاب ؛ ليتقي الله في نفسه فلا يظلمها بضرار وليته ومنعها من نكاح من رضيته لنفسها ، ممن أذنت لها في نكاحه .

    قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : " ذلك يوعظ به " وهو [ ص: 28 ] خطاب لجميع ، وقد قال من قبل : " فلا تعضلوهن " ؟ وإذا جاز أن يقال في خطاب الجميع " ذلك " أفيجوز أن تقول لجماعة من الناس وأنت تخاطبهم : " أيها القوم ، هذا غلامك ، وهذا خادمك " وأنت تريد : هذا خادمكم ، وهذا غلامكم ؟

    قيل : لا إن ذلك غير جائز مع الأسماء الموضوعات ؛ لأن ما أضيف له الأسماء غيرها ، فلا يفهم سامع سمع قول قائل لجماعة : " أيها القوم ، هذا غلامك " أنه عنى بذلك هذا غلامكم - إلا على استخطاء الناطق في منطقه ذلك . فإن طلب لمنطقه ذلك وجها في الصواب صرف كلامه ذلك إلى أنه انصرف عن خطاب القوم بما أراد خطابهم به إلى خطاب رجل واحد منهم أو من غيرهم ، وترك مجاوزة القوم بما أراد مجاوزتهم به من الكلام . وليس ذلك كذلك في " ذلك " لكثرة جري ذلك على ألسن العرب في منطقها وكلامها ، حتى صارت " الكاف " - التي هي كناية اسم المخاطب فيها - كهيئة حرف من حروف الكلمة التي هي متصلة . وصارت الكلمة بها كقول القائل : " هذا " كأنها ليس معها اسم مخاطب . فمن قال : " ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر " أقر " الكاف " من " ذلك " موحدة مفتوحة في خطاب الواحدة من النساء ، والواحد من الرجال ، والتثنية ، والجمع . ومن قال : " ذلكم يوعظ به " كسر " الكاف " في خطاب الواحدة من النساء ، وفتح في خطاب الواحد من الرجال ، فقال في خطاب الاثنين [ ص: 29 ] منهم : " ذلكما " وفي خطاب الجمع " ذلكم " .

    وقد قيل : إن قوله : " ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله " خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك وحد ثم رجع إلى خطاب المؤمنين بقوله : " من كان منكم يؤمن بالله " . وإذا وجه التأويل إلى هذا الوجه لم يكن فيه مؤونة .
    القول في تأويل قوله تعالى ( ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( 232 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله " ذلكم " نكاحهن أزواجهن ، ومراجعة أزواجهن إياهن بما أباح لهن من نكاح ومهر جديد " أزكى لكم " أيها الأولياء والأزواج والزوجات .

    ويعني بقوله : " أزكى لكم " أفضل وخير عند الله من فرقتهن أزواجهن . وقد دللنا فيما مضى على معنى " الزكاة " فأغنى ذلك عن إعادته .

    وأما قوله : " وأطهر " فإنه يعني بذلك : أطهر لقلوبكم وقلوبهن وقلوب أزواجهن من الريبة . وذلك أنهما إذا كان في نفس كل واحد منهما - أعني الزوج والمرأة - علاقة حب ، لم يؤمن أن يتجاوزا ذلك إلى غير ما أحله الله لهما ، [ ص: 30 ] ولم يؤمن من أوليائهما أن يسبق إلى قلوبهم منهما ما لعلهما أن يكونا منه بريئين . فأمر الله - تعالى ذكره - الأولياء إذا أراد الأزواج التراجع بعد البينونة بنكاح مستأنف في الحال التي أذن الله لهما بالتراجع أن لا يعضل وليته عما أرادت من ذلك ، وأن يزوجها ؛ لأن ذلك أفضل لجميعهم ، وأطهر لقلوبهم مما يخاف سبوقه إليها من المعاني المكروهة .

    ثم أخبر - تعالى ذكره - عباده أنه يعلم من سرائرهم وخفيات أمورهم ما لا يعلمه بعضهم من بعض ، ودلهم بقوله لهم ذلك في هذا الموضع أنه إنما أمر أولياء النساء بإنكاح من كانوا أولياءه من النساء إذا تراضت المرأة والزوج الخاطب بينهم بالمعروف ، ونهاهم عن عضلهن عن ذلك لما علم مما في قلب الخاطب والمخطوب من غلبة الهوى والميل من كل واحد منهما إلى صاحبه بالمودة والمحبة . فقال لهم - تعالى ذكره - : افعلوا ما أمرتكم به إن كنتم تؤمنون بي ، وبثوابي وبعقابي في معادكم في الآخرة ، فإني أعلم من قلب الخاطب والمخطوبة ما لا تعلمونه من الهوى والمحبة . وفعلكم ذلك أفضل لكم عند الله ولهم ، وأزكى وأطهر لقلوبكم وقلوبهن في العاجل .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #344
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(330)
    الحلقة (344)
    صــ 31 إلى صــ 38


    القول في تأويل قوله تعالى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : والنساء اللواتي بن من أزواجهن ، [ ص: 31 ] ولهن أولاد قد ولدنهم من أزواجهن قبل بينونتهن منهم بطلاق أو ولدنهم منهم بعد فراقهم إياهن من وطء كان منهم لهن قبل البينونة " يرضعن أولادهن " يعني بذلك : أنهن أحق برضاعهم من غيرهم .

    وليس ذلك بإيجاب من الله - تعالى ذكره - عليهن رضاعهم ، إذا كان المولود له ولد حيا موسرا ؛ لأن الله - تعالى ذكره - قال في " سورة النساء القصرى " ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) [ سورة الطلاق : 6 ] فأخبر - تعالى ذكره - : أن الوالدة والمولود له إن تعاسرا في الأجرة التي ترضع بها المرأة ولدها أن أخرى سواها ترضعه ، فلم يوجب عليها فرضا رضاع ولدها . فكان معلوما بذلك أن قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين " دلالة على مبلغ غاية الرضاع التي متى اختلف الوالدان في رضاع المولود بعده ، جعل حدا يفصل به بينهما ، لا دلالة على أن فرضا على الوالدات رضاع أولادهن .

    قال أبو جعفر : وأما قوله : " حولين " فإنه يعني به سنتين ، كما : -

    4948 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " سنتين .

    [ ص: 32 ] 4949 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    وأصل " الحول " من قول القائل : " حال هذا الشيء " إذا انتقل . ومنه قيل : " تحول فلان من مكان كذا " إذا انتقل عنه .

    فإن قال لنا قائل : وما معنى ذكر " كاملين " في قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " بعد قوله : " يرضعن حولين " وفي ذكر " الحولين " مستغنى عن ذكر " الكاملين " إذ كان غير مشكل على سامع سمع قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين " ما يراد به؟ فما الوجه الذي من أجله زيد ذكر كاملين؟ .

    قيل : إن العرب قد تقول : " أقام فلان بمكان كذا حولين ، أو يومين ، أو شهرين " وإنما أقام به يوما وبعض آخر ، أو شهرا وبعض آخر ، أو حولا وبعض آخر ، فقيل : " حولين كاملين " ليعرف سامعو ذلك أن الذي أريد به حولان تامان ، لا حول وبعض آخر . وذلك كما قال الله - تعالى ذكره - : ( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) [ سورة البقرة : 203 ] . ومعلوم أن المتعجل إنما يتعجل في يوم ونصف ، وكذلك ذلك في اليوم الثالث من أيام التشريق ، وأنه ليس منه شيء تام ، ولكن العرب تفعل ذلك في الأوقات خاصة فتقول : " اليوم يومان منذ لم أره " [ ص: 33 ] وإنما تعني بذلك يوما وبعض آخر . وقد توقع الفعل الذي تفعله في الساعة أو اللحظة ، على العام والزمان واليوم ، فتقول : " زرته عام كذا - وقتل فلان فلانا زمان صفين " وإنما تفعل ذلك ، لأنها لا تقصد بذلك الخبر عن عدد الأيام والسنين ، وإنما تعني بذلك الأخبار عن الوقت الذي كان فيه المخبر عنه ، فجاز أن ينطق " بالحولين " و " اليومين " على ما وصفت قبل . لأن معنى الكلام في ذلك : فعلته إذ ذاك ، وفي ذلك الوقت .

    فكذلك قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " لما جاز الرضاع في الحولين وليسا بالحولين وكان الكلام لو أطلق في ذلك بغير تضمين الحولين بالكمال ، وقيل : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين " محتملا أن يكون معنيا به حول وبعض آخر نفى اللبس عن سامعيه بقوله : " كاملين " أن يكون مرادا به حول وبعض آخر ، وأبين بقوله : " كاملين " عن وقت تمام حد الرضاع ، وأنه تمام الحولين بانقضائهما ، دون انقضاء أحدهما وبعض الآخر .

    قال أبو جعفر : ثم اختلف أهل التأويل في الذي دلت عليه هذه الآية ، من مبلغ غاية رضاع المولودين : أهو حد لكل مولود ، أو هو حد لبعض دون بعض؟ [ ص: 34 ] فقال بعضهم : هو حد لبعض دون بعض .

    ذكر من قال ذلك :

    4950 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في التي تضع لستة أشهر : أنها ترضع حولين كاملين ، وإذا وضعت لسبعة أشهر أرضعت ثلاثة وعشرين لتمام ثلاثين شهرا ، وإذا وضعت لتسعة أشهر أرضعت واحدا وعشرين شهرا .

    4951 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا داود ، عن عكرمة ، بمثله ، ولم يرفعه إلى ابن عباس .

    4952 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي عبيد قال : رفع إلى عثمان امرأة ولدت لستة أشهر ، فقال : إنها رفعت [ إلي امرأة ] ، لا أراها إلا قد جاءت بشر - أو نحو هذا - ولدت لستة أشهر! فقال ابن عباس : إذا أتمت الرضاع كان الحمل لستة أشهر . قال : وتلا ابن عباس : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ سورة الأحقاف : 15 ] ، فإذا أتمت الرضاع كان الحمل لستة أشهر . فخلى عثمان سبيلها .

    وقال آخرون : بل ذلك حد رضاع كل مولود اختلف والداه في رضاعه ، [ ص: 35 ] فأراد أحدهما البلوغ إليه ، والآخر التقصير عنه .

    ذكر من قال ذلك :

    4953 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " فجعل الله سبحانه الرضاع حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ، ثم قال : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " إن أرادا أن يفطماه قبل الحولين وبعده .

    4954 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " قال : إن أرادت أمه أن تقصر عن حولين كان عليها حقا أن تبلغه - لا أن تزيد عليه إلا أن يشاء .

    4955 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران

    وحدثني علي بن سهل قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء جميعا ، عن الثوري في قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " والتمام الحولان . قال : فإذا أراد الأب أن يفطمه قبل الحولين ولم ترض المرأة فليس له ذلك . وإذا قالت المرأة : " أنا أفطمه قبل الحولين " وقال الأب : " لا " فليس لها أن تفطمه حتى يرضى الأب ، حتى يجتمعا . فإن اجتمعا قبل الحولين فطماه ، وإذا اختلفا لم يفطماه قبل الحولين . وذلك قوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " .

    وقال آخرون : بل دل الله - تعالى ذكره - بقوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " على [ ص: 36 ] أن لا رضاع بعد الحولين ، فإن الرضاع إنما هو كان في الحولين .

    ذكر من قال ذلك :

    4956 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم قال : أخبرنا ابن أبي ذئب قال : حدثنا الزهري ، عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا : إن الله - تعالى ذكره - يقول : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " ولا نرى رضاعا بعد الحولين يحرم شيئا

    4957 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، قال : كان ابن عمر وابن عباس يقولان : لا رضاع بعد الحولين .

    4958 - حدثنا أبو السائب قال : حدثنا حفص ، عن الشيباني ، عن أبي الضحى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله قال : ما كان من رضاع بعد سنتين أو في الحولين بعد الفطام فلا رضاع .

    4959 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن علقمة ، أنه رأى امرأة ترضع بعد حولين فقال : لا ترضعيه .

    4960 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن الشيباني قال : سمعت الشعبي يقول : ما كان من وجور أو سعوط أو رضاع في الحولين فإنه يحرم ، وما كان بعد الحولين لم يحرم شيئا . [ ص: 37 ] 4961 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم : أنه كان يحدث عن عبد الله ، أنه قال : لا رضاع بعد فصال ، أو بعد حولين .

    4962 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا حسن بن عطية قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ليس يحرم من الرضاع بعد التمام ، إنما يحرم ما أنبت اللحم وأنشأ العظم

    4963 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن عمرو بن دينار : أن ابن عباس قال : لا رضاع بعد فصال السنتين .

    4964 - حدثنا هلال بن العلاء الرقي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبيد الله ، عن زيد ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى قال : سمعت ابن عباس يقول : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " قال : لا رضاع إلا في هذين الحولين .

    وقال آخرون : بل كان قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " [ ص: 38 ] دلالة من الله - تعالى ذكره - عباده على أن فرضا على والدات المولودين أن يرضعنهم حولين كاملين ، ثم خفف - تعالى ذكره - ذلك بقوله : " لمن أراد أن يتم الرضاعة " فجعل الخيار في ذلك إلى الآباء والأمهات ، إذا أرادوا الإتمام أكملوا حولين ، وإن أرادوا قبل ذلك فطم المولود ، كان ذلك إليهم على النظر منهم للمولود

    ذكر من قال ذلك :

    4965 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " ثم أنزل الله اليسر والتخفيف بعد ذلك ، فقال - تعالى ذكره - : " لمن أراد أن يتم الرضاعة " .

    4966 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " يعني المطلقات ، يرضعن أولادهن حولين كاملين . ثم أنزل الرخصة والتخفيف بعد ذلك ، فقال : " لمن أراد أن يتم الرضاعة " .

    ذكر من قال : إن " الوالدات " اللواتي ذكرهن الله في هذا الموضع : البائنات من أزواجهن ، على ما وصفنا قبل .

    4967 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " إلى " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " أما " الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " فالرجل يطلق امرأته وله منها ولد ، وأنها ترضع له ولده بما يرضع له غيرها .




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #345
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(331)
    الحلقة (345)
    صــ 39 إلى صــ 46

    4968 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، [ ص: 39 ] عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " قال : إذا طلق الرجل امرأته وهي ترضع له ولدا .

    4969 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك ، بنحوه .

    قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " القول الذي رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، ووافقه على القول به عطاء والثوري والقول الذي روي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وابن عمر : وهو أنه دلالة على الغاية التي ينتهى إليها في رضاع المولود إذا اختلف والداه في رضاعه ، وأن لا رضاع بعد الحولين يحرم شيئا ، وأنه معني به كل مولود ، لستة أشهر كان ولاده أو لسبعة أو لتسعة .

    فأما قولنا : " إنه دلالة على الغاية التي ينتهى إليها في الرضاع عند اختلاف الوالدين فيه " فلأن الله - تعالى ذكره - لما حد في ذلك حدا ، كان غير جائز أن يكون ما وراء حده موافقا في الحكم ما دونه . لأن ذلك لو كان كذلك ، لم يكن للحد معنى معقول . وإذا كان ذلك كذلك ، فلا شك أن الذي هو دون الحولين من الأجل ، لما كان وقت رضاع ، كان ما وراءه غير وقت له ، وأنه وقت لترك الرضاع وأن تمام الرضاع لما كان تمام الحولين ، وكان التام من الأشياء لا معنى إلى الزيادة [ ص: 40 ] فيه ، كان لا معنى للزيادة في الرضاع على الحولين ، وأن ما دون الحولين من الرضاع لما كان محرما ، كان ما وراءه غير محرم .

    وإنما قلنا : " هو دلالة على أنه معني به كل مولود ، لأي وقت كان ولاده ، لستة أشهر أو سبعة أو تسعة " لأن الله - تعالى ذكره - عم بقوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " ولم يخصص به بعض المولودين دون بعض .

    وقد دللنا على فساد القول بالخصوص بغير بيان الله - تعالى ذكره - ذلك في كتابه ، أو على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - في كتابنا ( كتاب البيان عن أصول الأحكام ) ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

    فإن قال لنا قائل : فإن الله - تعالى ذكره - : قد بين ذلك بقوله : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ سورة الأحقاف : 15 ] ، فجعل ذلك حدا للمعنيين كليهما ، فغير جائز أن يكون حمل ورضاع أكثر من الحد الذي حده الله - تعالى ذكره - . فما نقص من مدة الحمل عن تسعة أشهر ، فهو مزيد في مدة الرضاع ، وما زيد في مدة الحمل ، نقص من مدة الرضاع . وغير جائز أن يجاوز بهما كليهما مدة ثلاثين شهرا ، كما حده الله - تعالى ذكره - .

    قيل له : فقد يجب أن يكون مدة الحمل - على هذه المقالة - إن بلغت حولين كاملين ، ألا يرضع المولود إلا ستة أشهر ، وإن بلغت أربع سنين ، أن يبطل الرضاع فلا يرضع ، لأن الحمل قد استغرق الثلاثين شهرا وجاوز غايته أو يزعم قائل هذه المقالة : أن مدة الحمل لن تجاوز تسعة أشهر ، فيخرج من قول جميع الحجة ، ويكابر الموجود والمشاهد ، وكفى بهما حجة على خطأ دعواه إن ادعى ذلك . فإلى أي الأمرين لجأ قائل هذه المقالة ، وضح لذوي الفهم فساد قوله .

    [ ص: 41 ] فإن قال لنا قائل : فما معنى قوله - إن كان الأمر على ما وصفت - : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " وقد ذكرت آنفا أنه غير جائز أن يكون ما جاوز حد الله - تعالى ذكره - نظير ما دون حده في الحكم؟ وقد قلت : إن الحمل والفصال قد يجاوزان ثلاثين شهرا؟

    قيل : إن الله - تعالى ذكره - لم يجعل قوله : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " حدا تعبد عباده بأن لا يجاوزوه ، كما جعل قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " حدا لرضاع المولود الثابت الرضاع ، وتعبد العباد بحمل والديه عند اختلافهما فيه ، وإرادة أحدهما الضرار به . وذلك أن الأمر من الله - تعالى ذكره - إنما يكون فيما يكون للعباد السبيل إلى طاعته بفعله والمعصية بتركه . فأما ما لم يكن لهم إلى فعله ولا إلى تركه سبيل ، فذلك مما لا يجوز الأمر به ولا النهي عنه ولا التعبد به .

    فإذا كان ذلك كذلك ، وكان الحمل مما لا سبيل للنساء إلى تقصير مدته ولا إلى إطالتها ، فيضعنه متى شئن ، ويتركن وضعه إذا شئن كان معلوما أن قوله : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " إنما هو خبر من الله - تعالى ذكره - عن أن من خلقه من حملته وولدته وفصلته في ثلاثين شهرا ، لا أمر بأن لا يتجاوز في مدة حمله وفصاله ثلاثين شهرا ، لما وصفنا . وكذلك قال ربنا - تعالى ذكره - في كتابه : ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ سورة الأحقاف : 15 ] .

    [ ص: 42 ] فإن ظن ذو غباء أن الله - تعالى ذكره - إذ وصف أن من خلقه من حملته أمه ووضعته وفصلته في ثلاثين شهرا ، فواجب أن يكون جميع خلقه ذلك صفتهم وأن ذلك دلالة على أن حمل كل عباده وفصاله ثلاثون شهرا فقد يجب أن يكون كل عباده صفتهم أن يقولوا إذا بلغوا أشدهم وبلغوا أربعين سنة : ( رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه ) [ سورة الأحقاف : 15 ] ، على ما وصف الله به الذي وصف في هذه الآية .

    وفي وجودنا من يستحكم كفره بالله ، وكفرانه نعم ربه عليه ، وجرأته على والديه بالقتل والشتم وضروب المكاره ، عند استكماله الأربعين من سنيه وبلوغه أشده ما يعلم أنه لم يعن الله بهذه الآية صفة جميع عباده ، بل يعلم أنه إنما وصف بها بعضا منهم دون بعض ، وذلك ما لا ينكره ولا يدفعه أحد . لأن من يولد من الناس لسبعة أشهر ، أكثر ممن يولد لأربع سنين ولسنتين; كما أن من يولد لتسعة أشهر ، أكثر ممن يولد لستة أشهر ولسبعة أشهر .

    قال أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة ذلك ، فقرأ عامة أهل المدينة [ ص: 43 ] والعراق والشام : " لمن أراد أن يتم الرضاعة " ب " الياء " في " يتم " ونصب " الرضاعة " - بمعنى : لمن أراد من الآباء والأمهات أن يتم رضاع ولده .

    وقرأه بعض أهل الحجاز : " لمن أراد أن تتم الرضاعة " ب " التاء " في " تتم " ورفع " الرضاعة " بصفتها .

    قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأ ب " الياء " في " يتم " ونصب " الرضاعة " . لأن الله - تعالى ذكره - قال : " والوالدات يرضعن أولادهن " فكذلك هن يتممنها إذا أردن هن والمولود له إتمامها وأنها القراءة التي جاء بها النقل المستفيض الذي ثبتت به الحجة ، دون القراءة الأخرى .

    وقد حكي في الرضاعة سماعا من العرب كسر " الراء " التي فيها . فإن تكن صحيحة ، فهي نظيرة " الوكالة والوكالة " و " الدلالة والدلالة " و " مهرت الشيء مهارة ومهارة " - فيجوز حينئذ " الرضاع " و " الرضاع " كما قيل : " الحصاد ، والحصاد " . وأما القراءة فبالفتح لا غير .

    القول في تأويل قوله تعالى ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " وعلى المولود له " وعلى آباء الصبيان للمراضع " رزقهن " يعني : رزق والدتهن .

    [ ص: 44 ] ويعني ب " الرزق " : ما يقوتهن من طعام ، وما لا بد لهن من غذاء ومطعم .

    و " كسوتهن " ويعني : ب " الكسوة " : الملبس .

    ويعني بقوله : " بالمعروف " بما يجب لمثلها على مثله ، إذ كان الله - تعالى ذكره - قد علم تفاوت أحوال خلقه بالغنى والفقر ، وأن منهم الموسع والمقتر وبين ذلك . فأمر كلا أن ينفق على من لزمته نفقته من زوجته وولده على قدر ميسرته ، كما قال - تعالى ذكره - : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ) [ سورة الطلاق : 7 ] ، وكما : -

    4970 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " قال : إذا طلق الرجل امرأته وهي ترضع له ولدا ، فتراضيا على أن ترضع حولين كاملين ، فعلى الوالد رزق المرضع والكسوة بالمعروف على قدر الميسرة ، لا نكلف نفسا إلا وسعها .

    4971 - حدثني علي بن سهل الرملي قال حدثنا زيد وحدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران عن سفيان قوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " والتمام الحولان " وعلى المولود له " على الأب طعامها وكسوتها بالمعروف

    4972 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " قال : على الأب .

    [ ص: 45 ] القول في تأويل قوله تعالى ( لا تكلف نفس إلا وسعها )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : لا تحمل نفس من الأمور إلا ما لا يضيق عليها ، ولا يتعذر عليها وجوده إذا أرادت . وإنما عنى الله - تعالى ذكره - بذلك : لا يوجب الله على الرجال من نفقة من أرضع أولادهم من نسائهم البائنات منهم ، إلا ما أطاقوه ووجدوا إليه السبيل ، كما قال - تعالى ذكره - : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) [ سورة الطلاق : 7 ] ، كما : -

    4973 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان : " لا تكلف نفس إلا وسعها " إلا ما أطاقت .

    " والوسع " " الفعل " من قول القائل : " وسعني هذا الأمر فهو يسعني سعة " - ويقال : " هذا الذي أعطيتك وسعي " أي : ما يتسع لي أن أعطيك ، فلا يضيق علي إعطاؤكه و " أعطيتك من جهدي " إذا أعطيته ما يجهدك فيضيق عليك إعطاؤه .

    فمعنى قوله : " لا تكلف نفس إلا وسعها " هو ما وصفت : من أنها لا تكلف إلا ما يتسع لها بذل ما كلفت بذله ، فلا يضيق عليها ولا يجهدها لا ما ظنه جهلة أهل القدر من أن معناه : لا تكلف نفس إلا ما قد أعطيت عليه القدرة من الطاعات . لأن ذلك لو كان كما زعمت ، لكان قوله - تعالى ذكره - : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ) [ سورة الإسراء : 48 وسورة الفرقان : 9 ] ، إذا كان دالا على أنهم غير مستطيعي السبيل إلى ما كلفوه واجبا أن يكون القوم في حال واحدة ، قد أعطوا الاستطاعة على [ ص: 46 ] ما منعوها عليه . وذلك من قائله إن قاله ، إحالة في كلامه ، ودعوى باطل لا يخيل بطوله . وإذ كان بينا فساد هذا القول ، فمعلوم أن الذي أخبر - تعالى ذكره - أنه كلف النفوس من وسعها ، غير الذي أخبر أنه كلفها مما لا تستطيع إليه السبيل .
    القول في تأويل قوله تعالى ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده )

    قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأه عامة قرأة أهل الحجاز والكوفة والشام : " لا تضار والدة بولدها " بفتح " الراء " بتأويل : لا تضارر على وجه النهي ، وموضعه إذا قرئ كذلك - جزم ، غير أنه حرك ، إذ ترك التضعيف بأخف الحركات ، وهو الفتح . ولو حرك إلى الكسر كان جائزا ، إتباعا لحركة لام الفعل حركة عينه . وإن شئت فلأن الجزم إذا حرك حرك إلى الكسر .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #346
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(332)
    الحلقة (346)
    صــ 47 إلى صــ 54



    [ ص: 47 ] وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز وبعض أهل البصرة : " لا تضار والدة بولدها " رفع . ومن قرأه كذلك لم تحتمل قراءته معنى النهي ، ولكنها تكون [ على معنى ] الخبر ، عطفا بقوله : " لا تضار " على قوله : " لا تكلف نفس إلا وسعها " .

    وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معنى من رفع : " لا تضار والدة بولدها " هكذا في الحكم : - أنه لا تضار والدة بولدها - أي : ما ينبغي أن تضار . فلما حذفت " ينبغي " وصار " تضار " في موضعه ، صار على لفظه ، واستشهد لذلك بقول الشاعر : [ ص: 48 ]
    على الحكم المأتي يوما إذا قضى قضيته ، أن لا يجور ويقصد
    فزعم أنه رفع " يقصد " بمعنى " ينبغي " . والمحكي عن العرب سماعا غير الذي قال . وذلك أنه روي عنهم سماعا : " فتصنع ماذا " إذا أرادوا أن يقولوا : " فتريد أن تصنع ماذا " فينصبونه بنية " أن " . وإذا لم ينووا " أن " ولم يريدوها ، قالوا : " فتريد ماذا " فيرفعون " تريد " لأن لا جالب ل " أن " قبله ، كما كان له جالب قبل " تصنع " . فلو كان معنى قوله " لا تضار " إذا قرئ رفعا بمعنى : " ينبغي أن لا تضار " أو " ما ينبغي أن تضار " ثم حذف " ينبغي " و " أن " وأقيم " تضار " مقام " ينبغي " لكان الواجب أن يقرأ - إذا قرئ بذلك المعنى - نصبا لا رفعا ، ليعلم بنصبه المتروك قبله المعنى المراد ، كما فعل بقوله : " فتصنع ماذا " ولكن معنى ذلك ما قلنا إذا رفع على العطف على " تكلف " : ليست تكلف نفس إلا وسعها ، وليست تضار والدة بولدها . يعني بذلك أنه ليس ذلك في دين الله وحكمه وأخلاق المسلمين .

    قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ بالنصب ، لأنه نهي من الله - تعالى ذكره - كل واحد من أبوي المولود عن مضارة صاحبه له ، حرام عليهما ذلك بإجماع المسلمين . فلو كان ذلك خبرا ، لكان حراما عليهما ضرارهما به كذلك .

    [ ص: 49 ] وبما قلنا في ذلك - من أن ذلك بمعنى النهي - تأوله أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    4974 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " لا تضار والدة بولدها " لا تأبى أن ترضعه ليشق ذلك على أبيه ، ولا يضار الوالد بولده ، فيمنع أمه أن ترضعه ليحزنها .

    4975 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    4976 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " قال : نهى الله تعالى عن الضرار وقدم فيه ، فنهى الله أن يضار الوالد فينتزع الولد من أمه ، إذا كانت راضية بما كان مسترضعا به غيرها ونهيت الوالدة أن تقذف الولد إلى أبيه ضرارا .

    4977 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " لا تضار والدة بولدها " ترمي به إلى أبيه ضرارا ، " ولا مولود له بولده " يقول : ولا الوالد ، فينتزعه منها ضرارا ، إذا رضيت من أجر الرضاع ما رضي به غيرها ، فهي أحق به إذا رضيت بذلك .

    4978 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن يونس ، عن الحسن : " لا تضار والدة بولدها " قال : ذلك إذا طلقها ، فليس له أن يضارها فينتزع الولد منها ، إذا رضيت منه بمثل ما يرضى به غيرها وليس لها أن تضاره فتكلفه ما لا يطيق ، إذا كان إنسانا مسكينا ، فتقذف إليه ولده .

    4979 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : " لا تضار والدة بولدها " لا تضار أم بولدها ولا أب بولده . يقول : لا تضار أم بولدها فتقذفه إليه إذا كان الأب حيا ، أو إلى عصبته [ ص: 50 ] إذا كان الأب ميتا . ولا يضار الأب المرأة إذا أحبت أن ترضع ولدها ولا ينزعه .

    4980 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " لا تضار والدة بولدها " يقول : لا ينزع الرجل ولده من امرأته فيعطيه غيرها بمثل الأجر الذي تقبله هي به ولا تضار والدة بولدها ، فتطرح الأم إليه ولده ، تقول : " لا أليه ساعة " تضيعه ، ولكن عليها من الحق أن ترضعه حتى يطلب مرضعا .

    4981 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب - وسئل عن قول الله - تعالى ذكره - " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " إلى " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " قال ابن شهاب : والوالدات أحق برضاع أولادهن ما قبلن رضاعهن بما يعطى غيرهن من الأجر ، وليس للوالدة أن تضار بولدها فتأبى رضاعه ، مضارة وهي تعطى عليه ما يعطى غيرها من الأجر . وليس للمولود له أن ينزع ولده من والدته مضارا لها ، وهي تقبل من الأجر ما يعطاه غيرها .

    4982 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران ، وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان في قوله : " لا تضار والدة بولدها " لا ترم بولدها إلى الأب إذا فارقها ، تضاره بذلك " ولا مولود له بولده " ولا ينزع الأب منها ولدها ، يضارها بذلك .

    4983 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " قال : لا ينزعه منها وهي تحب أن ترضعه فيضارها ، ولا تطرحه عليه وهو لا يجد من ترضعه ، ولا يجد ما يسترضعه به .

    4984 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثني [ ص: 51 ] ابن جريج ، عن عطاء في قوله : " لا تضار والدة بولدها " قال : لا تدعنه ورضاعه ، من شنآنها مضارة لأبيه ، ولا يمنعها الذي عنده مضارة لها .

    وقال بعضهم : " الوالدة " التي نهى الرجل عن مضارتها : ظئر الصبي .

    ذكر من قال ذلك :

    4985 - حدثني المثنى قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا هارون النحوي قال : حدثنا الزبير بن الخريت ، عن عكرمة في قوله : " لا تضار والدة بولدها " قال : هي الظئر .

    فمعنى الكلام : لا يضارر والد مولود والدته بمولوده منها ، ولا والدة مولود والده بمولودها منه . ثم ترك ذكر الفاعل في " يضار " فقيل : لا تضارر والدة بولدها ولا مولود له بولده ، كما يقال إذا نهي عن إكرام رجل بعينه فيما لم يسم فاعله ، ولم يقصد بالنهي عن إكرامه قصد شخص بعينه : " لا يكرم عمرو ، ولا يجلس إلى أخيه " ثم ترك التضعيف فقيل : " لا تضار " فحركت الراء الثانية التي كانت مجزومة - لو أظهر التضعيف - بحركة الراء الأولى .

    [ ص: 52 ] وقد زعم بعض أهل العربية أنها إنما حركت إلى الفتح في هذا الموضع ، لأنه آخر الحركات . وليس للذي قال من ذلك معنى . لأن ذلك إنما كان جائزا أن يكون كذلك ، لو كان معنى الكلام : لا تضارر والدة بولدها ، وكان المنهي عن الضرار هي الوالدة . على أن معنى الكلام لو كان كذلك ، لكان الكسر في " تضار " أفصح من الفتح ، والقراءة به كانت أصوب من القراءة بالفتح ، كما أن : " مد بالثوب " أفصح من " مد به " . وفي إجماع القرأة على قراءة : " لا تضار " بالفتح دون الكسر ، دليل واضح على إغفال من حكيت قوله من أهل العربية في ذلك .

    فإن كان قائل ذلك قاله توهما منه أنه معنى ذلك : لا تضارر والدة ، وأن " الوالدة " مرفوعة بفعلها ، وأن " الراء " الأولى حظها الكسر ، فقد أغفل تأويل الكلام ، وخالف قول جميع من حكينا قوله من أهل التأويل . وذلك أن الله - تعالى ذكره - تقدم إلى كل أحد من أبوي المولود بالنهي عن ضرار صاحبه بمولودهما لا أنه نهى كل واحد منهما عن أن يضار المولود . وكيف يجوز أن ينهاه عن مضارة الصبي ، [ ص: 53 ] والصبي في حال ما هو رضيع - غير جائز أن يكون منه ضرار لأحد؟ فلو كان ذلك معناه ، لكان التنزيل : لا تضر والدة بولدها .

    وقد زعم آخرون من أهل العربية أن الكسر في " تضار " جائز . والكسر في ذلك عندي في هذا الموضع غير جائز ، لأنه إذا كسر تغير معناه عن معنى : لا تضارر " - الذي هو في مذهب ما لم يسم فاعله - إلى معنى " تضارر " الذي هو في مذهب ما قد سمي فاعله .

    قال أبو جعفر : فإذ كان الله - تعالى ذكره - قد نهى كل واحد من أبوي المولود عن مضارة صاحبه بسبب ولدهما ، فحق على إمام المسلمين إذا أراد الرجل نزع ولده من أمه بعد بينونتها منه ، وهي تحضنه وتكفله وترضعه ، بما يحضنه به غيرها ويكفله به ويرضعه من الأجرة أن يأخذ الوالد بتسليم ولدها ، ما دام محتاجا الصبي ، إليها في ذلك بالأجرة التي يعطاها غيرها وحق عليه إذا كان الصبي لا يقبل ثدي غير [ ص: 54 ] والدته ، أو كان المولود له لا يجد من يرضع ولده وإن كان يقبل ثدي غير أمه ، أو كان معدما لا يجد ما يستأجر به مرضعا ، ولا يجد ما يتبرع عليه برضاع مولوده . أن يأخذ والدته البائنة من والده برضاعه وحضانته . لأن الله - تعالى ذكره - إن حرم على كل واحد من أبويه ضرار صاحبه بسببه ، فالإضرار به أحرى أن يكون محرما ، مع ما في الإضرار به من مضارة صاحبه .
    القول في تأويل قوله تعالى ( وعلى الوارث مثل ذلك )

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في " الوارث " الذي عنى الله - تعالى ذكره - بقوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " وأي وارث هو : ووارث من هو؟

    فقال بعضهم : هو وارث الصبي . وقالوا : معنى الآية : وعلى وارث الصبي إذا كان [ أبوه ] ميتا ، مثل الذي كان على أبيه في حياته .

    ذكر من قال ذلك :

    4986 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قالا : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وعلى الوارث مثل ذلك " على وارث الولد .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #347
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(333)
    الحلقة (347)
    صــ 55 إلى صــ 62


    4987 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن [ ص: 55 ] السدي : " وعلى الوارث مثل ذلك " على وارث الولد .

    4988 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : وعلى وارث الصبي مثل ما على أبيه .

    ثم اختلف قائلو هذه المقالة في وارث المولود ، الذي ألزمه الله تعالى مثل الذي وصف . فقال بعضهم : هم وارث الصبي من قبل أبيه من عصبته ، كائنا من كان ، أخا كان ، أو عما ، أو ابن عم ، أو ابن أخ .

    ذكر من قال ذلك :

    4989 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج : أن عمرو بن شعيب أخبره : أن سعيد بن المسيب أخبره : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : وقف بني عم منفوس كلالة بالنفقة عليه ، مثل العاقلة .

    4990 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أن الحسن كان يقول : " وعلى الوارث مثل ذلك " على العصبة .

    4991 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو عاصم [ ص: 56 ] قالا : حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد بن المسيب قال : وقف عمر بني عم منفوس كلالة برضاعه .

    4992 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس : أن الحسن كان يقول : إذا توفي الرجل وامرأته حامل ، فنفقتها من نصيبها ، ونفقة ولدها من نصيبه من ماله إن كان له ، فإن لم يكن له مال فنفقته على عصبته .

    قال : وكان يتأول قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " على الرجال .

    4993 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن قال : على العصبة الرجال ، دون النساء .

    4994 - حدثنا أبو كريب وعمرو بن علي قالا حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا هشام عن ابن سيرين : أتى عبد الله بن عتبة مع اليتيم وليه ، ومع اليتيم من يتكلم في نفقته ، فقال لولي اليتيم : لو لم يكن له مال لقضيت عليك بنفقته ، لأن الله تعالى يقول : " وعلى الوارث مثل ذلك " .

    4995 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا أيوب ، عن محمد بن سيرين قال : أتي عبد الله بن عتبة في رضاع صبي ، فجعل رضاعه في ماله ، وقال لوليه : لو لم يكن له مال جعلنا رضاعه في مالك ، ألا تراه يقول : " وعلى الوارث مثل ذلك " ؟

    4996 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : على الوارث ما على الأب ، إذا لم يكن للصبي مال . وإذا كان له ابن عم أو عصبة ترثه ، فعليه النفقة .

    [ ص: 57 ] 4997 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : الولي من كان .

    4998 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي بشر ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    4999 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5000 - حدثنا عبد الله بن محمد الحنفي قال : حدثنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا يعقوب - يعني ابن القاسم - عن عطاء وقتادة - في يتيم ليس له شيء ، أيجبر أولياؤه على نفقته؟ قالا : نعم ، ينفق عليه حتى يدرك .

    5001 - حدثت عن يعلى بن عبيد ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : إن مات أبو الصبي وللصبي مال ، أخذ رضاعه من المال . وإن لم يكن له مال ، أخذ من العصبة . فإن لم يكن للعصبة مال ، أجبرت عليه أمه .

    وقال آخرون منهم : بل ذلك على وارث المولود من كان ، من الرجال والنساء .

    ذكر من قال ذلك :

    5002 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أنه كان يقول : " وعلى الوارث مثل ذلك " على وارث المولود ما كان على [ ص: 58 ] الوالد من أجر الرضاع ، إذا كان الولد لا مال له ، على الرجال والنساء على قدر ما يرثون .

    5003 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أغرم ثلاثة ، كلهم يرث الصبي ، أجر رضاعه .

    5004 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين : أن عبد الله بن عتبة جعل نفقة صبي من ماله ، وقال لوارثه : أما إنه لو لم يكن له مال أخذناك بنفقته ، ألا ترى أنه يقول : " وعلى الوارث مثل ذلك " .

    وقال آخرون منهم : هو من ورثته ، من كان منهم ذا رحم محرم للمولود ، فأما من كان ذا رحم منه وليس بمحرم ، كابن العم والمولى ومن أشبههما ، فليس من عناه الله بقوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " . والذين قالوا هذه المقالة : أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد .

    وقالت فرقة أخرى : بل الذي عنى الله - تعالى ذكره - بقوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " المولود نفسه .

    ذكر من قال ذلك :

    5005 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال : حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال : أخبرنا حيوة بن شريح قال : أخبرنا جعفر بن ربيعة . أن بشير بن نصر المزني - وكان قاضيا قبل ابن حجيرة في زمان عبد العزيز - كان يقول : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : الوارث هو الصبي .

    [ ص: 59 ] 5006 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال : أخبرنا حيوة . قال : أخبرنا جعفر بن ربيعة ، عن قبيصة بن ذؤيب : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : هو الصبي .

    5007 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن حيوة بن شريح قال : أخبرني جعفر بن ربيعة : أن قبيصة بن ذؤيب كان يقول : الوارث هو الصبي يعني قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " .

    5008 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : يعني بالوارث : الولد الذي يرضع .

    قال أبو جعفر : وتأويل ذلك على ما تأوله هؤلاء : وعلى الوارث المولود ، مثل ما كان على المولود له .

    وقال آخرون : بل هو الباقي من والدي المولود ، بعد وفاة الآخر منهما .

    ذكر من قال ذلك :

    5009 - حدثني عبد الله بن محمد الحنفي قال : أخبرنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول في [ ص: 60 ] صبي له عم وأم وهي ترضعه ، قال : يكون رضاعه بينهما ، ويرفع عن العم بقدر ما ترث الأم ، لأن الأم تجبر على النفقة على ولدها .
    القول في تأويل قوله تعالى ( مثل ذلك )

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " مثل ذلك " .

    فقال بعضهم : تأويله : وعلى الوارث للصبي بعد وفاة أبويه ، مثل الذي كان على والده من أجر رضاعه ونفقته ، إذا لم يكن للمولود مال .

    ذكر من قال ذلك :

    5010 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " ، قال : على الوارث رضاع الصبي .

    5011 - حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن بشار قالا : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا أبو عوانة ، عن منصور ، عن إبراهيم : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : أجر الرضاع .

    5012 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : الرضاع .

    5013 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : أجر الرضاع .

    [ ص: 61 ] 5014 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الله بن عتبة : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : الرضاع .

    5015 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن محمد ، عن عبد الله بن عتبة في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : النفقة بالمعروف .

    5016 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : على الوارث ما على الأب من الرضاع ، إذا لم يكن للصبي مال .

    5017 - حدثنا سفيان قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : الرضاع والنفقة .

    5018 - حدثني أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن إبراهيم : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : الرضاع .

    5019 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن الشعبي ، قال : الرضاع .

    5020 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن مطرف ، عن الشعبي : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : أجر الرضاع .

    5021 - حدثنا عمرو قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، والشعبي مثله .

    5022 - حدثنا أبو كريب وعمرو بن علي قالا : حدثنا عبد الله بن إدريس [ ص: 62 ] قال : سمعت هشاما عن الحسن في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : الرضاع .

    5023 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن إدريس ، عن هشام وأشعث ، عن الحسن مثله .

    5024 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن يونس ، عن الحسن : " وعلى الوارث مثل ذلك " يقول في النفقة على الوارث ، إذا لم يكن له مال .

    5025 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعد ، عن مجاهد مثله .

    5026 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعد ، عن مجاهد : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : النفقة بالمعروف .

    5027 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وعلى الوارث مثل ذلك " على الولي كفله ورضاعه ، إن لم يكن للمولود مال .

    5028 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني الحجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : وعلى الوارث من كان ، مثل ما وصف من الرضاع قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد : مثل ذلك في الرضاعة قال : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : وعلى الوارث أيضا كفله ورضاعه ، إن لم يكن له مال ، وأن لا يضار أمه .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #348
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد






    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(334)
    الحلقة (348)
    صــ 63 إلى صــ 70


    5029 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني الحجاج ، عن [ ص: 63 ] ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : نفقته حتى يفطم ، إن كان أبوه لم يترك له مالا .

    5030 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : وعلى وارث الولد ما كان على الوالد من أجر الرضاع ، إذا كان الولد لا مال له .

    5031 - حدثني عبد الله بن محمد الحنفي قال : حدثنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : على وارث الصبي مثل ما على أبيه ، إذا كان قد هلك أبوه ولم يكن له مال ، فإن على الوارث أجر الرضاع .

    5032 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : إذا مات وليس له مال ، كان على الوارث رضاع الصبي .

    وقال آخرون : بل تأويل ذلك : وعلى الوارث مثل ذلك : أن لا يضار .

    ذكر من قال ذلك :

    5033 - حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن الحكم ، عن الضحاك بن مزاحم : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : أن لا يضار .

    5034 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عاصم الأحول ، عن الشعبي في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : لا يضار ، ولا غرم عليه .

    5035 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد في قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " أن لا يضار .

    [ ص: 64 ] 5036 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين " قال : الوالدات أحق برضاع أولادهن ما قبلن رضاعهن بما يعطى غيرهن من الأجر . وليس لوالدة أن تضار بولدها ، فتأبى رضاعه مضارة ، وهي تعطى عليه ما يعطى غيرها . وليس للمولود له أن ينزع ولده من والدته ضرارا لها ، وهي تقبل من الأجر ما يعطي غيرها " وعلى الوارث مثل ذلك " مثل الذي على الوالد في ذلك .

    5037 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران ، وحدثنا علي قال : حدثنا زيد ، عن سفيان : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : أن لا يضار ، وعليه مثل ما على الأب من النفقة والكسوة .

    وقال آخرون : بل تأويل ذلك : وعلى وارث المولود ، مثل الذي كان على المولود له ، من رزق والدته وكسوتها بالمعروف .

    ذكر من قال ذلك :

    5038 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : على الوارث عند الموت ، مثل ما على الأب للمرضع من النفقة والكسوة قال : ويعني بالوارث : الولد الذي يرضع : أن يؤخذ من ماله - إن كان له مال - أجر ما أرضعته أمه .

    فإن لم يكن للمولود مال ولا لعصبته ، فليس لأمه أجر ، وتجبر على أن ترضع ولدها بغير أجر .

    5039 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن [ ص: 65 ] السدي : " وعلى الوارث مثل ذلك " قال : على وارث الولد ، مثل ما على الوالد من النفقة والكسوة .

    وقال آخرون : معنى ذلك : وعلى الوارث مثل ما ذكره الله - تعالى ذكره - .

    ذكر من قال ذلك :

    5040 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : قوله - تعالى ذكره - : " وعلى الوارث مثل ذلك ؟ قال : مثل ما ذكره الله - تعالى ذكره - .

    قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " : أن يكون المعني بالوارث ما قاله قبيصة بن ذؤيب والضحاك بن مزاحم; ومن ذكرنا قوله آنفا : من أنه معني بالوارث : المولود وفي قوله : " مثل ذلك " أن يكون معنيا به : مثل الذي كان على والده من رزق والدته وكسوتها بالمعروف ، إن كانت من أهل الحاجة ، ومن هي ذات زمانة وعاهة ، ومن لا احتراف فيها ، ولا زوج لها تستغني به ، وإن كانت من أهل الغنى والصحة ، فمثل الذي كان على والده لها من أجر رضاعه .

    وإنما قلنا : هذا التأويل أولى بالصواب مما عداه من سائر التأويلات التي ذكرناها ، لأنه غير جائز أن يقال في تأويل كتاب الله - تعالى ذكره - قول إلا بحجة واضحة ، على ما قد بينا في أول كتابنا هذا . وإذ كان ذلك كذلك ، وكان قوله : " وعلى الوارث مثل ذلك " محتملا ظاهره : وعلى وارث الصبي المولود مثل الذي كان على المولود له ، ومحتملا : وعلى وارث المولود له مثل الذي كان [ ص: 66 ] عليه في حياته من ترك ضرار الوالدة ومن نفقة المولود ، وغير ذلك من التأويلات ، على نحو ما قد قدمنا ذكرها وكان الجميع من الحجة قد أجمعوا على أن من ورثة المولود من لا شيء عليه من نفقته وأجر رضاعه وصح بذلك من الدلالة على أن سائر ورثته ، غير آبائه وأمهاته وأجداده وجداته من قبل أبيه أو أمه ، في حكمه ، في أنهم لا يلزمهم له نفقة ولا أجر رضاع ، إذ كان مولى النعمة من ورثته ، وهو ممن لا يلزمه له نفقة ولا أجر رضاع . فوجب بإجماعهم على ذلك أن حكم سائر ورثته - غير من استثني - حكمه .

    وكان إذا بطل أن يكون معنى ذلك ما وصفنا - من أنه معني به ورثة المولود - فبطول القول الآخر وهو أنه معني به ورثة المولود له سوى المولود أحرى . *****لأن الذي هو أقرب بالمولود قرابة ممن هو أبعد منه - إذا لم يصح وجوب نفقته وأجر رضاعه عليه - فالذي هو أبعد منه قرابة ، أحرى أن لا يصح وجوب ذلك عليه .

    وأما الذي قلنا من وجوب رزق الوالدة وكسوتها بالمعروف على ولدها - إذا كانت الوالدة بالصفة التي وصفنا - على مثل الذي كان يجب لها من ذلك على المولود له ، فما لا خلاف فيه من أهل العلم جميعا . فصح ما قلنا في الآية من التأويل بالنقل المستفيض وراثة عمن لا يجوز خلافه . وما عدا ذلك من التأويلات ، فمتنازع فيه ، وقد دللنا على فساده .

    [ ص: 67 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " فإن أرادا " إن أراد والد المولود ووالدته " فصالا " يعني : فصال ولدهما من اللبن .

    ويعني ب " الفصال " : الفطام ، وهو مصدر من قول القائل : " فاصلت فلانا أفاصله مفاصلة وفصالا " إذا فارقه من خلطة كانت بينهما . فكذلك " فصال الفطيم " إنما هو منعه اللبن ، وقطعه شربه ، وفراقه ثدي أمه إلا الاغتذاء بالأقوات التي يغتذي بها البالغ من الرجال .

    وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    5041 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " فإن أرادا فصالا " يقول : إن أرادا أن يفطماه قبل الحولين .

    5042 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فإن أرادا فصالا " فإن أرادا أن يفطماه قبل الحولين وبعده .

    5043 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما " قال : الفطام .

    وأما قوله : " عن تراض منهما وتشاور " فإنه يعني بذلك : عن تراض من والدي المولود وتشاور منهما .

    ثم اختلف أهل التأويل في الوقت الذي أسقط الله الجناح عنهما ، إن فطماه [ ص: 68 ] عن تراض منهما وتشاور ، وأي الأوقات الذي عناه الله - تعالى ذكره - بقوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " .

    فقال بعضهم : عنى بذلك ، فإن أرادا فصالا في الحولين عن تراض منهما وتشاور ، فلا جناح عليهما .

    ذكر من قال ذلك :

    5044 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " يقول : إذا أرادا أن يفطماه قبل الحولين فتراضيا بذلك ، فليفطماه .

    5045 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : إذا أرادت الوالدة أن تفصل ولدها قبل الحولين ، فكان ذلك عن تراض منهما وتشاور ، فلا بأس به .

    5046 - حدثنا سفيان قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " قال : التشاور فيما دون الحولين ، ليس لها أن تفطمه إلا أن يرضى ، وليس له أن يفطمه إلا أن ترضى .

    5047 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد قال : التشاور ما دون الحولين ، " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " دون الحولين " فلا جناح عليهما " فإن لم يجتمعا ، فليس لها أن تفطمه دون الحولين .

    5048 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن ليث ، عن مجاهد قال : التشاور ما دون الحولين ، ليس لها حتى يجتمعا .

    5049 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني الليث قال : أخبرنا عقيل ، عن ابن شهاب : " فإن أرادا فصالا " يفصلان ولدهما " عن تراض منهما وتشاور " دون الحولين الكاملين " فلا جناح عليهما " .

    [ ص: 69 ] 5050 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان قال : التشاور ما دون الحولين ، إذا اصطلحا دون ذلك ، وذلك قوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " . فإن قالت المرأة : " أنا أفطمه قبل الحولين " وقال الأب : " لا " فليس لها أن تفطمه قبل الحولين . وإن لم ترض الأم ، فليس له ذلك ، حتى يجتمعا . فإن اجتمعا قبل الحولين فطماه ، وإذا اختلفا لم يفطماه قبل الحولين . وذلك قوله : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " .

    5051 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " قال : قبل السنتين " فلا جناح عليهما " .

    وقال آخرون : معنى ذلك : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " في أي وقت أرادا ذلك ، قبل الحولين أرادا أم بعد ذلك .

    ذكر من قال ذلك :

    5052 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " أن يفطماه قبل الحولين وبعده .

    وأما قوله : " عن تراض منهما وتشاور " فإنه يعني : عن تراض منهما وتشاور فيما فيه مصلحة المولود لفطمه ، كما : -

    5053 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور " [ ص: 70 ] قال : غير مسيئين في ظلم أنفسهما ولا إلى صبيهما " فلا جناح عليهما " .

    5054 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب تأويل من قال : " فإن أرادا فصالا في الحولين عن تراض منهما وتشاور " لأن تمام الحولين غاية لتمام الرضاع وانقضائه ، ولا تشاور بعد انقضائه ، وإنما التشاور والتراضي قبل انقضاء نهايته .

    فإن ظن ذو غفلة أن للتشاور بعد انقضاء الحولين معنى صحيحا إذ كان من الصبيان من تكون به علة يحتاج من أجلها إلى تركه والاغتذاء بلبن أمه فإن ذلك إذا كان كذلك ، فإنما هو علاج ، كالعلاج بشرب بعض الأدوية ، لا رضاع . فأما الرضاع الذي يكون في الفصال منه قبل انقضاء آخره تراض وتشاور من والدي الطفل الذي أسقط الله - تعالى ذكره - لفطمهما إياه الجناح عنهما ، قبل انقضاء آخر مدته ، فإنما حده الحد الذي حده الله - تعالى ذكره - بقوله : " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " على ما قد أتينا على البيان عنه فيما مضى قبل .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #349
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(335)
    الحلقة (349)
    صــ 71 إلى صــ 78




    وأما الجناح ، فالحرج ، كما : - [ ص: 71 ]

    5055 - حدثني به المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فلا جناح عليهما " فلا حرج عليهما .

    القول في تأويل قوله تعالى ( وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك ، وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم مراضع غير أمهاتهم إذا أبت أمهاتهم أن يرضعنهم بالذي يرضعنهم به غيرهن من الأجر ، أو من خيفة ضيعة منكم على أولادكم بانقطاع ألبان أمهاتهم ، أو غير ذلك من الأسباب فلا حرج عليكم في استرضاعهن ، إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف .

    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    5056 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " خيفة الضيعة على الصبي ، " فلا جناح عليكم " .

    5057 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5058 - حدثني عبد الله بن محمد الحنفي قال : حدثنا عبد الله بن عثمان قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا أبو بشر ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    [ ص: 72 ] 5059 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " إن قالت المرأة : " لا طاقة لي به فقد ذهب لبني " فتسترضع له أخرى .

    5060 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : ليس للمرأة أن تترك ولدها بعد أن يصطلحا على أن ترضع ، ويسلمان ، ويجبران على ذلك . قال : فإن تعاسروا عند طلاق أو موت في الرضاع ، فإنه يعرض على الصبي المراضع . فإن قبل مرضعا جاز ذلك وأرضعته ، وإن لم يقبل مرضعا فعلى أمه أن ترضعه بالأجر إن كان له مال أو لعصبته . فإن لم يكن له مال ولا لعصبته ، أكرهت على رضاعه .

    5061 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم " إذا أبت الأم أن ترضعه ، فلا جناح على الأب أن يسترضع له غيرها .

    5062 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " قال : إذا رضيت الوالدة أن تسترضع ولدها ، ورضي الأب أن يسترضع ولده ، فليس عليهما جناح .

    واختلفوا في قوله : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " .

    فقال بعضهم : معناه : إذا سلمتم لأمهاتهم ما فارقتموهن عليه من الأجرة على رضاعهن ، بحساب ما استحقته إلى انقطاع لبنها أو الحال التي عذر أبو الصبي بطلب مرضع لولده غير أمه ، واسترضاعه له .

    ذكر من قال ذلك : [ ص: 73 ] 5063 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " قال : حساب ما أرضع به الصبي .

    5064 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " حساب ما يرضع به الصبي .

    5065 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " إن قالت - يعني الأم - : " لا طاقة لي به ، فقد ذهب لبني " فتسترضع له أخرى ، وليسلم لها أجرها بقدر ما أرضعت .

    5066 - حدثني المثنى قال : حدثني سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قال : قلت - يعني لعطاء - : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " ؟ قال : أمه وغيرها " فلا جناح عليكم إذا سلمتم " قال : إذا سلمت لها أجرها " ما آتيتم " قال : ما أعطيتم .

    وقال آخرون : معنى ذلك : إذا سلمتم للاسترضاع ، عن مشورة منكم ومن أمهات أولادكم الذين تسترضعون لهم ، وتراض منكم ومنهن باسترضاعهم .

    ذكر من قال ذلك :

    5067 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " يقول : إذا كان ذلك عن مشورة ورضا منهم .

    5068 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : أخبرني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب : لا جناح عليهما أن يسترضعا أولادهما - يعني أبوي المولود - إذا سلما ولم يتضارا .

    [ ص: 74 ] 5069 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " يقول : إذا كان ذلك عن مشورة ورضا منهم .

    وقال آخرون : بل معنى ذلك : إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف إلى التي استرضعتموها بعد إباء أم المرضع ، من الأجرة ، بالمعروف .

    ذكر من قال ذلك :

    5070 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان في قوله : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " قال : إذا سلمتم إلى هذه التي تستأجرون أجرها بالمعروف - يعني : إلى من استرضع للمولود ، إذا أبت الأم رضاعه .

    قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك ، قول من قال : " تأويله : وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم إلى تمام رضاعهن ، ولم تتفقوا أنتم ووالدتهم على فصالهم ، ولم تروا ذلك من صلاحهم ، فلا جناح عليكم أن تسترضعوهم ظؤورة ، إن امتنعت أمهاتهم من رضاعهم لعلة بهن أو لغير علة إذا سلمتم إلى أمهاتهم وإلى المسترضعة الآخرة حقوقهن التي آتيتموهن بالمعروف .

    يعني بذلك المعنى : الذي أوجبه الله لهن عليكم ، وهو أن يوفيهن أجورهن على ما فارقهن عليه ، في حال الاسترضاع ووقت عقد الإجارة .

    وهذا هو المعنى الذي قاله ابن جريج ، ووافقه على بعضه مجاهد والسدي ومن قال بقولهم في ذلك .

    [ ص: 75 ] وإنما قضينا لهذا التأويل أنه أولى بتأويل الآية من غيره ، لأن الله - تعالى ذكره - ذكر قبل قوله : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " أمر فصالهم ، وبين الحكم في فطامهم قبل تمام الحولين الكاملين فقال : " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما " في الحولين الكاملين " فلا جناح عليهما " . فالذي هو أولى بحكم الآية - إذ كان قد بين فيها وجه الفصال قبل الحولين - أن يكون الذي يتلو ذلك حكم ترك الفصال وإتمام الرضاع إلى غاية نهايته وأن يكون - إذ كان قد بين حكم الأم إذا هي اختارت الرضاع بما يرضع به غيرها من الأجرة - أن يكون الذي يتلو ذلك من الحكم ، بيان حكمها وحكم الولد إذا هي امتنعت من رضاعه ، كما كان ذلك كذلك في غير هذا الموضع من كتاب الله تعالى ، وذلك في قوله : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) [ سورة الطلاق : 6 ] . فأتبع ذكر بيان رضا الوالدات برضاع أولادهن ، ذكر بيان امتناعهن من رضاعهن ، فكذلك ذلك في قوله : " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم " .

    وإنما اخترنا في قوله : " إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف " - ما اخترنا من التأويل ، لأن الله - تعالى ذكره - فرض على أبي المولود تسليم حق والدته إليها مما آتاها من الأجرة على رضاعها له بعد بينونتها منه ، كما فرض عليه ذلك لمن استأجره لذلك ممن ليس من مولده بسبيل ، وأمره بإيتاء كل واحدة منهما حقها بالمعروف على رضاع ولده . فلم يكن قوله : " إذا سلمتم " بأن يكون معنيا به : إذا سلمتم إلى أمهات أولادكم الذين يرضعون حقوقهن ، بأولى منه بأن يكون معنيا به : إذا سلمتم ذلك إلى المراضع سواهن ، ولا الغرائب من المولود بأولى أن يكن معنيات بذلك من الأمهات إذ كان الله - تعالى ذكره - قد أوجب على أبي المولود لكل من [ ص: 76 ] استأجره لرضاع ولده ، من تسليم أجرتها إليها مثل الذي أوجب عليه من ذلك للأخرى . فلم يكن لنا أن نحيل ظاهر تنزيل إلى باطن ، ولا نقل عام إلى خاص ، إلا بحجة يجب التسليم لها - فصح بذلك ما قلنا .

    قال أبو جعفر : وأما معنى قوله : " بالمعروف " فإن معناه : بالإجمال والإحسان ، وترك البخس والظلم فيما وجب للمراضع .

    القول في تأويل قوله تعالى ( واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير ( 233 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " واتقوا الله " وخافوا الله فيما فرض لبعضكم على بعض من الحقوق ، وفيما ألزم نساءكم لرجالكم ورجالكم لنسائكم ، وفيما أوجب عليكم لأولادكم ، فاحذروه أن تخالفوه فتعتدوا - في ذلك وفي غيره من فرائضه وحقوقه - حدوده ، فتستوجبوا بذلك عقوبته " واعلموا أن الله بما تعملون " من الأعمال ، أيها الناس ، سرها وعلانيتها ، وخفيها وظاهرها ، وخيرها وشرها " بصير " يراه ويعلمه ، فلا يخفى عليه شيء ، ولا يتغيب عنه منه شيء ، فهو يحصي ذلك كله عليكم ، حتى يجازيكم بخير ذلك وشره .

    ومعنى " بصير " ذو إبصار ، وهو في معنى " مبصر " .
    [ ص: 77 ] القول في تأويل قوله تعالى ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : والذين يتوفون منكم ، من الرجال ، أيها الناس ، فيموتون ، ويذرون أزواجا ، يتربص أزواجهن بأنفسهن .

    فإن قال قائل : فأين الخبر عن " الذين يتوفون " ؟

    قيل : متروك ، لأنه لم يقصد قصد الخبر عنهم ، وإنما قصد قصد الخبر عن الواجب على المعتدات من العدة في وفاة أزواجهن ، فصرف الخبر عن الذين ابتدأ بذكرهم من الأموات ، إلى الخبر عن أزواجهم والواجب عليهن من العدة ، إذ كان معروفا مفهوما معنى ما أريد بالكلام . وهو نظير قول القائل في الكلام : " بعض جبتك متخرقة " في ترك الخبر عما ابتدئ به الكلام ، إلى الخبر عن بعض أسبابه . وكذلك الأزواج اللواتي عليهن التربص ، لما كان إنما ألزمهن التربص بأسباب أزواجهن ، صرف الكلام عن خبر من ابتدئ بذكره ، إلى الخبر عمن قصد قصد الخبر عنه ، كما قال الشاعر :


    لعلي إن مالت بي الريح ميلة على ابن أبي ذبان أن يتندما
    [ ص: 78 ] فقال " لعلي " ثم قال : " أن يتندما " لأن معنى الكلام : لعل ابن أبي ذبان أن يتندم ، إن مالت بي الريح ميلة عليه فرجع بالخبر إلى الذي أراد به ، وإن كان قد ابتدأ بذكر غيره . ومنه قول الشاعر :


    ألم تعلموا أن ابن قيس وقتله بغير دم ، دار المذلة حلت


    فألغى " ابن قيس " وقد ابتدأ بذكره ، وأخبر عن قتله أنه ذل .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #350
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(336)
    الحلقة (350)
    صــ 79 إلى صــ 94




    وقد زعم بعض أهل العربية أن خبر " الذين يتوفون " متروك ، وأن معنى الكلام : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ، ينبغي لهن أن يتربصن بعد موتهم . وزعم أنه لم يذكر " موتهم " كما يحذف بعض الكلام - وأن " يتربصن " رفع ، إذ وقع موقع " ينبغي " و " ينبغي " رفع . وقد دللنا على فساد قول من قال في رفع " يتربصن " [ ص: 79 ] بوقوعه موقع " ينبغي " فيما مضى ، فأغنى عن إعادته .



    وقال آخر منهم : إنما لم يذكر " الذين " بشيء ، لأنه صار الذين في خبرهم مثل تأويل الجزاء : " من يلقك منا تصب خيرا " الذي يلقاك منا تصيب خيرا . قال : ولا يجوز هذا إلا على معنى الجزاء .

    قال أبو جعفر : وفي البيتين اللذين ذكرناهما الدلالة الواضحة على القول في ذلك بخلاف ما قالا .

    قال أبو جعفر : وأما قوله : " يتربصن بأنفسهن " فإنه يعني به : يحتبسن بأنفسهن معتدات عن الأزواج ، والطيب ، والزينة ، والنقلة عن المسكن الذي كن يسكنه في حياة أزواجهن - أربعة أشهر وعشرا ، إلا أن يكن حوامل ، فيكون عليهن من التربص كذلك إلى حين وضع حملهن . فإذا وضعن حملهن ، انقضت عددهن حينئذ .

    وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :

    فقال بعضهم مثل ما قلنا فيه :

    5071 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " فهذه عدة المتوفى عنها زوجها ، إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها .

    [ ص: 80 ] 5072 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب في قول الله : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " قال ابن شهاب : جعل الله هذه العدة للمتوفى عنها زوجها ، فإن كانت حاملا فيحلها من عدتها أن تضع حملها ، وإن استأخر فوق الأربعة الأشهر والعشرة فما استأخر ، لا يحلها إلا أن تضع حملها .

    قال أبو جعفر : وإنما قلنا : عنى ب " التربص " ما وصفنا ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما : -

    5073 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وأبو أسامة ، عن شعبة وحدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن حميد بن نافع قال : سمعت زينب ابنة أم سلمة تحدث : قال أبو كريب : قال أبو أسامة : عن أم سلمة أن امرأة توفي عنها زوجها واشتكت عينها ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تستفتيه في الكحل ، فقال : لقد كانت إحداكن تكون في الجاهلية في شر أحلاسها ، فتمكث في بيتها حولا إذا توفي عنها زوجها ، فيمر عليها الكلب فترميه بالبعرة! أفلا أربعة أشهر وعشرا " ! .

    [ ص: 81 ] 5074 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : سمعت يحيى بن سعيد قال : سمعت نافعا ، عن صفية ابنة أبي عبيد : أنها سمعت حفصة ابنة عمر زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تحدث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث ، إلا على زوج ، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا " قال يحيى : والإحداد عندنا أن لا تطيب ولا تلبس ثوبا مصبوغا بورس ولا زعفران ، ولا تكتحل ، ولا تزين . [ ص: 82 ] 5075 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا يحيى ، عن نافع ، عن صفية ابنة أبي عبيد ، عن حفصة ابنة عمر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج .

    5076 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول ، أخبرني حميد بن نافع : أن زينب ابنة أم سلمة أخبرته ، عن أم سلمة - أو أم حبيبة - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أن ابنتها توفي عنها زوجها ، وأنها قد خافت على عينها فزعم حميد عن زينب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول ، وإنما هي أربعة أشهر وعشر . .

    [ ص: 83 ] 5077 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن حميد بن نافع : أنه سمع زينب ابنة أم سلمة ، تحدث عن أم حبيبة أو أم سلمة أنها ذكرت : أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - قد توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينها ، وهي تريد أن تكحل عينها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة بعد الحول ، وإنما هي أربعة أشهر وعشر قال ابن بشار ، قال يزيد ، قال يحيى : فسألت حميدا عن رميها بالبعرة ، قال : كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها ، عمدت إلى شر بيتها فقعدت فيه حولا فإذا مرت بها سنة ألقت بعرة وراءها .

    5078 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا شعبة ، عن يحيى ، عن حميد بن نافع بهذا الإسناد مثله [ ص: 84 ] 5079 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا ابن عيينة ، عن أيوب بن موسى ويحيى بن سعيد ، عن حميد بن نافع ، عن زينب ابنة أم سلمة ، عن أم سلمة : أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن ابنتي مات زوجها فاشتكت عينها ، أفتكتحل؟ فقال : قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول ، وإنما هي الآن أربعة أشهر وعشر ! قال : قلت : وما " ترمي بالبعرة على رأس الحول " ؟ قال : كان نساء الجاهلية إذا مات زوج إحداهن ، لبست أطمار ثيابها ، وجلست في أخس بيوتها ، فإذا حال عليها الحول أخذت بعرة فدحرجتها على ظهر حمار وقالت : قد حللت!

    5080 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أحمد بن يونس قال : حدثنا زهير بن معاوية قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن حميد بن نافع ، عن زينب ابنة أم سلمة ، عن أمها أم سلمة وأم حبيبة زوجي النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن امرأة من قريش جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد خفت على عينها ، وهي تريد الكحل؟ قال : قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول! وإنما هي أربعة أشهر وعشر ! قال حميد : فقلت لزينب : وما رأس الحول؟ قالت زينب : كانت المرأة في الجاهلية إذا هلك زوجها ، عمدت إلى أشر بيت لها [ ص: 85 ] فجلست فيه ، حتى إذا مرت بها سنة خرجت ، ثم رمت ببعرة وراءها .

    5081 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة : أنها كانت تفتي المتوفى عنها زوجها ، أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها ، ولا تلبس ثوبا مصبوغا ولا معصفرا ، ولا تكتحل بالإثمد ، ولا بكحل فيه طيب وإن وجعت عينها ، ولكن تكتحل بالصبر وما بدا لها من الأكحال سوى الإثمد مما ليس فيه طيب ، ولا تلبس حليا ، وتلبس البياض ولا تلبس السواد .

    5082 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر في المتوفى عنها زوجها : لا تكتحل ، ولا تطيب ، ولا تبيت عن بيتها ، ولا تلبس ثوبا مصبوغا ، إلا ثوب عصب تجلبب به .

    [ ص: 86 ] 5083 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء قال : بلغني عن ابن عباس قال : تنهى المتوفى عنها زوجها أن تزين وتطيب .

    5084 - حدثنا نصر بن علي قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : إن المتوفى عنها زوجها لا تلبس ثوبا مصبوغا ، ولا تمس طيبا ، ولا تكتحل ، ولا تمتشط ، وكان لا يرى بأسا أن تلبس البرد .

    وقال آخرون : إنما أمرت المتوفى عنها زوجها أن تربص بنفسها عن الأزواج خاصة ، فأما عن الطيب والزينة والمبيت عن المنزل ، فلم تنه عن ذلك ، ولم تؤمر بالتربص بنفسها عنه .

    ذكر من قال ذلك :

    5085 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن : أنه كان يرخص في التزين والتصنع ، ولا يرى الإحداد شيئا .

    5086 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " لم يقل تعتد في بيتها ، تعتد حيث شاءت .

    5087 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسماعيل قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء قال : قال ابن عباس : إنما قال الله : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ولم يقل تعتد في بيتها ، فلتعتد حيث شاءت .



    واعتل قائلو هذه المقالة بأن الله - تعالى ذكره - إنما أمر المتوفى عنها بالتربص عن النكاح ، وجعلوا حكم الآية على الخصوص وبما : -

    [ ص: 87 ] 5088 - حدثني به محمد بن إبراهيم السلمي قال : حدثنا أبو عاصم ، وحدثني محمد بن معمر البحراني قال : حدثنا أبو عامر قالا جميعا ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد ، عن أسماء بنت عميس قالت : لما أصيب جعفر قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تسلبي ثلاثا ، ثم اصنعي ما شئت .

    [ ص: 88 ] 5089 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو نعيم وابن الصلت ، عن محمد بن طلحة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن عبد الله بن شداد ، عن أسماء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله .

    قالوا : فقد بين هذا الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن لا إحداد على المتوفى عنها زوجها ، وأن القول في تأويل قوله : " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " إنما هو يتربصن بأنفسهن عن الأزواج دون غيره .

    قال أبو جعفر : وأما الذين أوجبوا الإحداد على المتوفى عنها زوجها ، وترك النقلة عن منزلها الذي كانت تسكنه يوم توفي عنها زوجها ، فإنهم اعتلوا بظاهر [ ص: 89 ] التنزيل ، وقالوا : أمر الله المتوفى عنها أن تربص بنفسها أربعة أشهر وعشرا ، فلم يأمرها بالتربص بشيء مسمى في التنزيل بعينه ، بل عم بذلك معاني التربص . قالوا : فالواجب عليها أن تربص بنفسها عن كل شيء ، إلا ما أطلقته لها حجة يجب التسليم لها . قالوا : فالتربص عن الطيب والزينة والنقلة ، مما هو داخل في عموم الآية ، كما التربص عن الأزواج داخل فيها . قالوا : وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر بالذي قلنا في الزينة والطيب ، أما في النقلة فإن : -

    5090 - أبا كريب حدثنا قال : حدثنا يونس بن محمد ، عن فليح بن سليمان ، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن عمته ، عن الفريعة ابنة مالك ، أخت أبي سعيد الخدري ، قالت : قتل زوجي وأنا في دار ، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النقلة ، فأذن لي . ثم ناداني بعد أن توليت ، فرجعت إليه ، فقال : يا فريعة ، حتى يبلغ الكتاب أجله .

    [ ص: 90 ] قالوا : فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحة ما قلنا في معنى تربص المتوفى عنها زوجها ، [ وبطل ] ما خالفه . قالوا : وأما ما روي عن ابن عباس : فإنه لا معنى له ، بخروجه عن ظاهر التنزيل والثابت من الخبر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

    قالوا : وأما الخبر الذي روي عن أسماء ابنة عميس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمره إياها بالتسلب ثلاثا ، ثم أن تصنع ما بدا لها - فإنه غير دال [ ص: 91 ] على أن لا حداد على المرأة ، بل إنما دل على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها بالتسلب ثلاثا ، ثم العمل بما بدا لها من لبس ما شاءت من الثياب مما يجوز للمعتدة لبسه ، مما لم يكن زينة ولا مطيبا ، لأنه قد يكون من الثياب ما ليس بزينة ولا ثياب تسلب ، وذلك كالذي أذن - صلى الله عليه وسلم - للمتوفى عنها أن تلبس من ثياب العصب وبرود اليمن ، فإن ذلك لا من ثياب زينة ولا من ثياب تسلب . وكذلك كل ثوب لم يدخل عليه صبغ بعد نسجه مما يصبغه الناس لتزيينه ، فإن لها لبسه ، لأنها تلبسه غير متزينة الزينة التي يعرفها الناس .

    قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ولم يقل : وعشرة؟ وإذ كان التنزيل كذلك : أفبالليالي تعتد المتوفى عنها العشر ، أم بالأيام؟

    قيل : بل تعتد بالأيام بلياليها .

    فإن قال : فإذ كان ذلك كذلك ، فكيف قيل : " وعشرا " ؟ ولم يقل : وعشرة؟ والعشر بغير " الهاء " من عدد الليالي دون الأيام؟ فإن جاز ذلك المعنى فيه ما قلت ، فهل تجيز : " عندي عشر " وأنت تريد عشرة من رجال ونساء؟

    قلت : ذلك جائز في عدد الليالي والأيام ، وغير جائز مثله في عدد بني آدم من الرجال والنساء . وذلك أن العرب في الأيام والليالي خاصة ، إذا أبهمت العدد ، غلبت فيه الليالي ، حتى إنهم فيما روي لنا عنهم ليقولون : " صمنا عشرا من شهر رمضان " لتغليبهم الليالي على الأيام . وذلك أن العدد عندهم قد جرى في ذلك بالليالي دون الأيام . فإذا أظهروا مع العدد مفسره ، أسقطوا من عدد المؤنث " الهاء " [ ص: 92 ] وأثبتوها في عدد المذكر ، كما قال - تعالى ذكره - : ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) [ سورة الحاقة : 7 ] ، فأسقط " الهاء " من " سبع " وأثبتها في " الثمانية " .

    وأما بنو آدم ، فإن من شأن العرب إذا اجتمعت الرجال والنساء ، ثم أبهمت عددها : أن تخرجه على عدد الذكران دون الإناث . وذلك أن الذكران من بني آدم موسوم واحدهم وجمعه بغير سمة إناثهم ، وليس كذلك سائر الأشياء غيرهم . وذلك أن الذكور من غيرهم ربما وسم بسمة الأنثى ، كما قيل للذكر والأنثى " شاة " وقيل للذكور والإناث من البقر : " بقر " وليس كذلك في بني آدم .

    فإن قال : فما معنى زيادة هذه العشرة الأيام على الأشهر؟

    قيل : قد قيل في ذلك ، فيما : -

    5091 - حدثنا به ابن وكيع قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " قال : قلت : لم صارت هذه العشر مع الأشهر الأربعة؟ قال : لأنه ينفخ فيه الروح في العشر .

    5092 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني أبو عاصم ، عن سعيد ، عن قتادة قال : سألت سعيد بن المسيب : ما بال العشر؟ قال : فيه ينفخ الروح .

    [ ص: 93 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : فإذا بلغن الأجل الذي أبيح لهن فيه ما كان حظر عليهن في عددهن من وفاة أزواجهن - وذلك بعد انقضاء عددهن ، ومضي الأشهر الأربعة والأيام العشرة " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " يقول : فلا حرج عليكم أيها الأولياء - أولياء المرأة - فيما فعل المتوفى عنهن حينئذ في أنفسهن ، من تطيب وتزين ونقلة من المسكن الذي كن يعتددن فيه ، ونكاح من يجوز لهن نكاحه " بالمعروف " يعني بذلك : على ما أذن الله لهن فيه وأباحه لهن . .

    وقد قيل : إنما عنى بذلك النكاح خاصة . وقيل إن معنى قوله : " بالمعروف " إنما هو النكاح الحلال .

    ذكر من قال ذلك :

    5093 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " قال : الحلال الطيب .

    5094 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد : " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " قال : المعروف النكاح الحلال الطيب .

    5095 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : قال ابن [ ص: 94 ] جريج ، قال مجاهد : قوله : " فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " قال : هو النكاح الحلال الطيب .

    5096 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : هو النكاح .

    5097 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب : " فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " قال : في نكاح من هويته ، إذا كان معروفا .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #351
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(337)
    الحلقة (351)
    صــ 95 إلى صــ 105


    القول في تأويل قوله تعالى ( والله بما تعملون خبير ( 234 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : " والله بما تعملون " أيها الأولياء ، في أمر من أنتم وليه من نسائكم ، من عضلهن وإنكاحهن ممن أردن نكاحه بالمعروف ، ولغير ذلك من أموركم وأمورهم ، " خبير " يعني ذو خبرة وعلم ، لا يخفى عليه منه شيء .

    [ ص: 95 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ولا جناح عليكم ، أيها الرجال ، فيما عرضتم به من خطبة النساء ، للنساء المعتدات من وفاة أزواجهن في عددهن ، ولم تصرحوا بعقد نكاح .

    والتعريض الذي أبيح في ذلك ، هو ما : -

    5098 - حدثنا به ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : التعريض أن يقول : " إني أريد التزويج " و " إني لأحب امرأة من أمرها وأمرها " يعرض لها بالقول بالمعروف .

    5099 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : " إني أريد أن أتزوج " .

    5100 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد : عن ابن عباس قال : التعريض ما لم ينصب للخطبة ، [ ص: 96 ] قال مجاهد : قال رجل لامرأة في جنازة زوجها : لا تسبقيني بنفسك! قالت : قد سبقت!

    5101 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : في هذه الآية : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : التعريض ، ما لم ينصب للخطبة .

    5102 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : " فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : التعريض أن يقول للمرأة في عدتها : " إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله " و " لوددت أني وجدت امرأة صالحة " ولا ينصب لها ما دامت في عدتها .

    5103 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " يقول : يعرض لها في عدتها ، يقول لها : " إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك ، ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك " ونحو هذا من الكلام ، فلا حرج .

    5104 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : هو أن يقول لها في عدتها : " إني أريد التزويج ، ووددت أن الله رزقني امرأة " ونحو هذا ، ولا ينصب للخطبة .

    5105 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد ، عن عبيدة في هذه الآية ، قال : يذكرها إلى وليها ، يقول : " لا تسبقني بها " .

    5106 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ليث ، عن مجاهد [ ص: 97 ] في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : يقول : " إنك لجميلة ، وإنك لنافقة ، وإنك إلى خير " .

    5107 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد أنه كره أن يقول : " لا تسبقيني بنفسك " .

    5108 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله - تعالى ذكره - : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : هو قول الرجل للمرأة : " إنك لجميلة ، وإنك لنافقة ، وإنك إلى خير " .

    5109 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : يعرض للمرأة في عدتها فيقول : والله إنك لجميلة ، وإن النساء لمن حاجتي ، وإنك إلى خير إن شاء الله " .

    5110 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير قال : هو قول الرجل : " إني أريد أن أتزوج ، وإني إن تزوجت أحسنت إلى امرأتي " هذا التعريض .

    5111 - حدثني المثنى قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : يقول : " لأعطينك ، لأحسنن إليك ، لأفعلن بك كذا وكذا .

    5012 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : سمعت يحيى بن سعيد قال : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم في قوله : " فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : قول الرجل للمرأة في عدتها يعرض بالخطبة : " والله إني فيك [ ص: 98 ] لراغب ، وإني عليك لحريص " ونحو هذا .

    5113 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم : أنه سمع القاسم بن محمد يقول : " فيما عرضتم به من خطبة النساء " هو قول الرجل للمرأة : " إنك لجميلة ، وإنك لنافقة ، وإنك إلى خير " .

    5114 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : كيف يقول الخاطب؟ قال : يعرض تعريضا ، ولا يبوح بشيء . يقول : " إن إلي حاجة ، وأبشري ، وأنت بحمد الله نافقة " ولا يبوح بشيء . قال عطاء : وتقول هي : " قد أسمع ما تقول " ولا تعد شيئا ، ولا تقول : " لعل ذاك " .

    5115 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن يحيى بن سعيد قال : حدثني عبد الرحمن بن القاسم : أنه سمع القاسم يقول في المرأة يتوفى عنها زوجها ، والرجل يريد خطبتها ويريد كلامها ، ما الذي يجمل به من القول؟ قال يقول : " إني فيك لراغب ، وإني عليك لحريص ، وإني بك لمعجب " وأشباه هذا من القول .

    5116 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن حماد ، عن إبراهيم في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : لا بأس بالهدية في تعريض النكاح .

    5117 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة قال : كان إبراهيم لا يرى بأسا أن يهدي لها في العدة ، إذا كانت من شأنه .

    5118 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، [ ص: 99 ] عن عامر في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال يقول : " إنك لنافقة ، وإنك لمعجبة ، وإنك لجميلة " وإن قضى الله شيئا كان " .

    5119 - حدثنا عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : كان إبراهيم النخعي يقول : " إنك لمعجبة ، وإني فيك لراغب " .

    5120 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : وأخبرني - يعني شبيبا - عن سعيد ، عن شعبة ، عن منصور ، عن الشعبي أنه قال في هذه الآية : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : لا تأخذ ميثاقها ألا تنكح غيرك .

    5121 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : كان أبي يقول : كل شيء كان ، دون أن يعزما عقدة النكاح ، فهو كما قال الله - تعالى ذكره - : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " .

    5122 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " والتعريض فيما سمعنا أن يقول الرجل وهي في عدتها : " إنك لجميلة ، إنك إلى خير ، إنك لنافقة ، إنك لتعجبيني " ونحو هذا ، فهذا التعريض .

    5123 - حدثنا المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عبد الرحمن بن سليمان ، عن خالته سكينة ابنة حنظلة بن عبد الله بن حنظلة قالت : دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي ، فقال : يا ابنة حنظلة ، [ ص: 100 ] أنا من علمت قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحق جدي علي ، وقدمي في الإسلام . فقلت : غفر الله لك يا أبا جعفر ، أتخطبني في عدتي ، وأنت يؤخذ عنك! فقال : أو قد فعلت! إنما أخبرك بقرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموضعي! قد دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم سلمة ، وكانت عند ابن عمها أبي سلمة ، فتوفي عنها ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر لها منزلته من الله وهو متحامل على يده ، حتى أثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده ، فما كانت تلك خطبة .

    5124 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : لا جناح على من عرض لهن بالخطبة قبل أن يحللن ، إذا كنوا في أنفسهن من ذلك .

    5125 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه أنه كان يقول في قول الله - تعالى ذكره - : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " : أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدة من وفاة زوجها : " إنك علي لكريمة ، وإني فيك لراغب ، وإن الله سائق إليك خيرا ورزقا " ونحو هذا من الكلام .

    [ ص: 101 ] قال أبو جعفر : واختلف أهل العربية في معنى " الخطبة " .

    فقال بعضهم : " الخطبة " الذكر ، و " الخطبة " : التشهد .

    وكأن قائل هذا القول ، تأول الكلام : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من ذكر النساء عندهن . وقد زعم صاحب هذا القول أنه قال : " لا تواعدوهن سرا " لأنه لما قال : " ولا جناح عليكم " كأنه قال : اذكروهن ، ولكن لا تواعدوهن سرا .

    وقال آخرون منهم : " خطبه ، خطبة وخطبا " . قال : وقول الله - تعالى ذكره - : ( قال فما خطبك يا سامري ) [ سورة طه : 95 ] ، يقال إنه من هذا . قال : وأما " الخطبة " فهو المخطوب [ به ] ، من قولهم : " خطب على المنبر واختطب " .

    قال أبو جعفر : " والخطبة " عندي هي " الفعلة " من قول القائل : " خطبت فلانة " ك " الجلسة " من قوله : " جلس " أو " القعدة " من قوله " قعد " .

    [ ص: 102 ] ومعنى قولهم : " خطب فلان فلانة " سألها خطبه إليها في نفسها ، وذلك حاجته ، من قولهم : " ما خطبك " ؟ بمعنى : ما حاجتك ، وما أمرك؟ .

    وأما " التعريض " فهو ما كان من لحن الكلام الذي يفهم به السامع الفهم ما يفهم بصريحه .

    القول في تأويل قوله تعالى ( أو أكننتم في أنفسكم )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " أو أكننتم في أنفسكم " أو أخفيتم في أنفسكم ، فأسررتموه ، من خطبتهن ، وعزم نكاحهن وهن في عددهن ، فلا جناح عليكم أيضا في ذلك ، إذا لم تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله .

    يقال منه : " أكن فلان هذا الأمر في نفسه ، فهو يكنه إكنانا " و " كنه " إذا ستره ، " يكنه كنا وكنونا " و " جلس في الكن " ولم يسمع " كننته في نفسي " وإنما يقال : " كننته في البيت أو في الأرض " إذا خبأته فيه ، ومنه قوله - تعالى ذكره - : ( كأنهن بيض مكنون ) [ سورة الصافات : 49 ] ، أي مخبوء ، ومنه قول الشاعر :


    ثلاث من ثلاث قداميات من اللائي تكن من الصقيع
    [ ص: 103 ] و " تكن " بالتاء ، وهو أجود ، و " يكن " . ويقال : " أكنته ثيابه من البرد " " وأكنه البيت من الريح " .

    وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    5126 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " أو أكننتم في أنفسكم " قال : الإكنان : ذكر خطبتها في نفسه ، لا يبديه لها . هذا كله حل معروف .

    5127 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد مثله .

    5128 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " أو أكننتم في أنفسكم " قال : أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء ، ولا يتكلم بشيء .

    5129 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم : أنه سمع القاسم بن محمد يقول ، فذكر نحوه .

    5130 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " أو أكننتم في أنفسكم " قال : جعلت في نفسك نكاحها وأضمرت ذلك .

    [ ص: 104 ] 5131 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان : " أو أكننتم في أنفسكم " أن يسر في نفسه أن يتزوجها .

    5132 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا هوذة قال : حدثنا عوف ، عن الحسن في قوله : " أو أكننتم في أنفسكم " قال : أسررتم .

    قال أبو جعفر : وفي إباحة الله - تعالى ذكره - ما أباح من التعريض بنكاح المعتدة لها في حال عدتها وحظره التصريح ، ما أبان عن افتراق حكم التعريض في كل معاني الكلام وحكم التصريح ، منه . وإذا كان ذلك كذلك ، تبين أن التعريض بالقذف غير التصريح به ، وأن الحد بالتعريض بالقذف لو كان واجبا وجوبه بالتصريح به ، لوجب من الجناح بالتعريض بالخطبة في العدة ، نظير الذي يجب بعزم عقدة النكاح فيها . وفي تفريق الله - تعالى ذكره - بين حكميها في ذلك ، الدلالة الواضحة على افتراق أحكام ذلك في القذف .

    القول في تأويل قوله ( علم الله أنكم ستذكرونهن )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : علم الله أنكم ستذكرون المعتدات في عددهن بالخطبة في أنفسكم وبألسنتكم ، كما : -

    5133 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن : " علم الله أنكم ستذكرونهن " قال : الخطبة .

    [ ص: 105 ] 5134 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " قال : ذكرك إياها في نفسك . قال : فهو قول الله : " علم الله أنكم ستذكرونهن " .

    5135 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن في قوله : " علم الله أنكم ستذكرونهن " قال : هي الخطبة .
    القول في تأويل قوله تعالى ( ولكن لا تواعدوهن سرا )

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى " السر " الذي نهى الله تعالى عباده عن مواعدة المعتدات به .

    فقال بعضهم : هو الزنا .

    ذكر من قال ذلك :

    5136 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا همام ، عن صالح الدهان ، عن جابر بن زيد : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : الزنا .

    5137 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي مجلز قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : الزنا .

    5138 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي مجلز مثله .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #352
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(338)
    الحلقة (352)
    صــ 106 إلى صــ 117



    5139 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، [ ص: 106 ] عن سليمان التيمي ، عن أبي مجلز مثله .

    5140 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن أبي مجلز : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : الزنا قيل لسفيان التيمي : ذكره؟ قال : نعم .

    5141 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن رجل ، عن الحسن في المواعدة مثل قولة أبي مجلز .

    5142 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن قال : الزنا .

    5143 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا أشعث وعمران ، عن الحسن مثله .

    5144 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا ، عبد الرحمن ويحيى قالا : حدثنا سفيان ، عن السدي قال : سمعت إبراهيم يقول : " لا تواعدوهن سرا " قال : الزنا .

    5145 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن السدي ، عن إبراهيم مثله .

    5146 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : " لا تواعدوهن سرا " قال : الزنا .

    5147 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : الزنا .

    5148 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن في قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : الفاحشة .

    5149 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك وحدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا جويبر عن الضحاك : " لا تواعدوهن سرا " قال : السر : الزنا .

    [ ص: 107 ] 5150 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " لا تواعدوهن سرا " قال : فذلك السر : الريبة . كان الرجل يدخل من أجل الريبة وهو يعرض بالنكاح ، فنهى الله عن ذلك إلا من قال معروفا .

    5151 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور ، عن الحسن وجويبر ، عن الضحاك وسليمان التيمي ، عن أبي مجلز أنهم قالوا : الزنا .

    5152 - حدثنا عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " للفحش والخضع من القول .

    5153 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : هو الفاحشة .

    وقال آخرون : بل معنى ذلك لا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عددهن أن لا ينكحن غيركم .

    ذكر من قال ذلك :

    5154 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " لا تواعدوهن سرا " يقول : لا تقل لها : " إني عاشق ، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري " ونحو هذا .

    5155 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير في قوله : " لا تواعدوهن سرا " قال : [ ص: 108 ] لا يقاضها على كذا وكذا أن لا تتزوج غيره .

    5156 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر . ومجاهد وعكرمة قالوا : لا يأخذ ميثاقها في عدتها ، أن لا تتزوج غيره .

    5157 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور قال : ذكر لي عن الشعبي أنه قال في هذه الآية : " لا تواعدوهن سرا " قال : لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك .

    5158 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن الشعبي : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : لا يأخذ ميثاقها في أن لا تتزوج غيره .

    5159 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا إسماعيل بن سالم ، عن الشعبي قال : سمعته يقول في قوله : " لا تواعدوهن سرا " قال : لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك ، ولا يوجب العقدة حتى تنقضي العدة .

    5160 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن الشعبي : " لا تواعدوهن سرا " قال : لا يأخذ عليها ميثاقا أن لا تتزوج غيره .

    5161 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولكن لا تواعدوهن سرا " يقول : " أمسكي علي نفسك ، فأنا أتزوج " ويأخذ عليها عهدا " لا تنكحي غيري " .

    [ ص: 109 ] 5162 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : هذا في الرجل يأخذ عهد المرأة وهي في عدتها أن لا تتزوج غيره ، فنهى الله عن ذلك وقدم فيه ، وأحل الخطبة والقول بالمعروف ، ونهى عن الفاحشة والخضع من القول .

    5163 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران ، وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : أن تواعدها سرا على كذا وكذا ، " على أن لا تنكحي غيري " .

    5164 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " لا تواعدوهن سرا " قال : موعدة السر أن يأخذ عليها عهدا وميثاقا أن تحبس نفسها عليه ، ولا تنكح غيره .

    5165 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه .

    وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن يقول لها الرجل : " لا تسبقيني بنفسك " .

    ذكر من قال ذلك :

    5166 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : قول الرجل للمرأة : " لا تفوتيني بنفسك ، فإني ناكحك " هذا لا يحل .

    5167 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : هو قول الرجل للمرأة : " لا تفوتيني " .

    5168 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : المواعدة أن يقول : " لا تفوتيني بنفسك " .

    [ ص: 110 ] 5169 - حدثنا المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : " ولكن لا تواعدوهن سرا " أن يقول : " لا تفوتيني بنفسك " .

    وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا تنكحوهن في عدتهن سرا .

    ذكر من قال ذلك :

    5170 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " يقول : لا تنكحوهن سرا ، ثم تمسكها ، حتى إذا حلت أظهرت ذلك وأدخلتها .

    5171 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال : كان أبي يقول : لا تواعدوهن سرا ، ثم تمسكها ، وقد ملكت عقدة نكاحها ، فإذا حلت أظهرت ذلك وأدخلتها .

    قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك ، تأويل من قال : " السر " في هذا الموضع ، الزنا . وذلك أن العرب تسمي الجماع وغشيان الرجل المرأة " سرا " لأن ذلك مما يكون بين الرجال والنساء في خفاء غير ظاهر مطلع عليه ، فيسمى لخفائه " سرا " من ذلك قول رؤبة بن العجاج :


    فعف عن أسرارها بعد العسق ولم يضعها بين فرك وعشق


    يعني بذلك : عف عن غشيانها بعد طول ملازمته ذلك ، ومنه قول الحطيئة : [ ص: 111 ]
    ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع


    وكذلك يقال لكل ما أخفاه المرء في نفسه : " سرا " . ويقال : " هو في سر قومه " يعني : في خيارهم وشرفهم .

    فلما كان " السر " إنما يوجه في كلامها إلى أحد هذه الأوجه الثلاثة ، وكان معلوما أن أحدهن غير معني به قوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " وهو السر الذي هو معنى الخيار والشرف فلم يبق إلا الوجهان الآخران ، وهو " السر " الذي بمعنى ما أخفته نفس المواعد بين المتواعدين ، " والسر " الذي بمعنى الغشيان والجماع .

    فلما لم يبق غيرهما ، وكانت الدلالة واضحة على أن أحدهما غير معني به ، صح أن الآخر هو المعني به .

    فإن قال [ قائل ] : فما الدلالة على أن مواعدة القول سرا ، غير معني به على ما قال من قال إن معنى ذلك : أخذ الرجل ميثاق المرأة أن لا تنكح غيره ، أو على ما قال من قال : قول الرجل لها : " لا تسبقيني بنفسك " ؟

    قيل : لأن " السر " إذا كان بالمعنى الذي تأوله قائلو ذلك ، فلن يخلو ذلك " السر " من أن يكون هو مواعدة الرجل المرأة ومسألته إياها أن لا تنكح غيره أو [ ص: 112 ] يكون هو النكاح الذي سألها أن تجيبه إليه ، بعد انقضاء عدتها ، وبعد عقده له ، دون الناس غيره . فإن كان " السر " الذي نهى الله الرجل أن يواعد المعتدات ، هو أخذ العهد عليهن أن لا ينكحن غيره ، فقد بطل أن يكون " السر " معناه : ما أخفي من الأمور في النفوس ، أو نطق به فلم يطلع عليه ، وصارت العلانية من الأمر سرا . وذلك خلاف المعقول في لغة من نزل القرآن بلسانه .

    إلا أن يقول قائل هذه المقالة : إنما نهى الله الرجال عن مواعدتهن ذلك سرا بينهم وبينهن ، لا أن نفس الكلام بذلك - وإن كان قد أعلن - سر .

    فيقال له إن قال ذلك : فقد يجب أن تكون جائزة مواعدتهن النكاح والخطبة صريحا علانية ، إذ كان المنهي عنه من المواعدة ، إنما هو ما كان منها سرا .

    فإن قال : إن ذلك كذلك ، خرج من قول جميع الأمة . على أن ذلك ليس من قيل أحد ممن تأول الآية أن " السر " هاهنا بمعنى المعاهدة أن لا تنكح غير المعاهد .

    وإن قال : ذلك غير جائز .

    قيل له : فقد بطل أن يكون معنى ذلك : إسرار الرجل إلى المرأة بالمواعدة . لأن معنى ذلك ، لو كان كذلك ، لم يحرم عليه مواعدتها مجاهرة وعلانية . وفي كون ذلك عليه محرما سرا وعلانية ، ما أبان أن معنى " السر " في هذا الموضع ، غير معنى إسرار الرجل إلى المرأة بالمعاهدة أن لا تنكح غيره إذا انقضت عدتها أو يكون ، إذا بطل هذا الوجه ، معنى ذلك : الخطبة والنكاح الذي وعدت المرأة الرجل أن لا تعدوه إلى غيره . فذلك إذا كان ، فإنما يكون بولي وشهود علانية غير سر . وكيف يجوز أن يسمى سرا ، وهو علانية لا يجوز إسراره؟

    وفي بطول هذه الأوجه أن يكون تأويلا لقوله : " ولكن لا تواعدوهن سرا " بما عليه دللنا من الأدلة ، وضوح صحة تأويل ذلك أنه بمعنى الغشيان والجماع .

    وإذ كان ذلك صحيحا ، فتأويل الآية : ولا جناح عليكم ، أيها الناس ، فيما [ ص: 113 ] عرضتم به للمعتدات من وفاة أزواجهن ، من خطبة النساء ، وذلك حاجتكم إليهن ، فلم تصرحوا لهن بالنكاح والحاجة إليهن ، إذا أكننتم في أنفسكم ، فأسررتم حاجتكم إليهن وخطبتكم إياهن في أنفسكم ، ما دمن في عددهن; علم الله أنكم ستذكرون خطبتهن وهن في عددهن ، فأباح لكم التعريض بذلك لهن ، وأسقط الحرج عما أضمرته نفوسكم - حكم منه - ولكن حرم عليكم أن تواعدوهن جماعا في عددهن ، بأن يقول أحدكم لإحداهن في عدتها : " قد تزوجتك في نفسي ، وإنما أنتظر انقضاء عدتك " فيسألها بذلك القول إمكانه من نفسها الجماع والمباضعة ، فحرم الله - تعالى ذكره - ذلك .

    القول في تأويل قوله ( إلا أن تقولوا قولا معروفا )

    قال أبو جعفر : ثم قال - تعالى ذكره - : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " فاستثنى القول المعروف مما نهي عنه ، من مواعدة الرجل المرأة السر ، وهو من غير جنسه ، ولكنه من الاستثناء الذي قد ذكرت قبل : أن يأتي بمعنى خلاف الذي قبله في الصفة خاصة ، وتكون " إلا " فيه بمعنى " لكن " فقوله : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " منه - ومعناه : ولكن قولوا قولا معروفا . فأباح الله - تعالى ذكره - أن يقول لها المعروف من القول في عدتها ، وذلك هو ما أذن له بقوله : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " كما : -

    5172 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " [ ص: 114 ] قال : يقول : إني فيك لراغب ، وإني لأرجو أن نجتمع .

    5173 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال : هو قوله : " إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك " .

    5174 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال : يعني التعريض .

    5175 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال : يعني التعريض .

    5176 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " إلى " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : هو الرجل يدخل على المرأة وهي في عدتها فيقول : " والله إنكم لأكفاء كرام ، وإنكم لرغبة ، وإنك لتعجبيني ، وإن يقدر شيء يكن " . فهذا القول المعروف .

    5177 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران ، وحدثني علي قال : حدثنا زيد - قالا جميعا ، قال سفيان : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال يقول : " إني فيك لراغب ، وإني أرجو إن شاء الله أن نجتمع " .

    5178 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال يقول : " إن لك عندي كذا ، ولك عندي كذا ، وأنا معطيك كذا وكذا " . قال : هذا كله وما كان قبل أن يعقد عقدة النكاح ، [ ص: 115 ] فهذا كله نسخه قوله : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " .

    5179 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : " إلا أن تقولوا قولا معروفا " قال : المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها ، فيأتيها الرجل فيقول : " احبسي علي نفسك ، فإن لي بك رغبة ، فتقول : " وأنا مثل ذلك " فتتوق نفسه لها . فذلك القول المعروف .

    القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " ولا تعزموا عقدة النكاح " ولا تصححوا عقدة النكاح في عدة المرأة المعتدة ، فتوجبوها بينكم وبينهن ، وتعقدوها قبل انقضاء العدة " حتى يبلغ الكتاب أجله " يعني : يبلغن أجل الكتاب الذي بينه الله - تعالى ذكره - بقوله : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ، فجعل بلوغ الأجل للكتاب ، والمعنى للمتناكحين ، أن لا ينكح الرجل المرأة المعتدة ، فيعزم عقدة النكاح عليها حتى تنقضي عدتها ، فيبلغ الأجل الذي أجله الله في كتابه لانقضائها ، كما : -

    5180 - حدثنا محمد بن بشار وعمرو بن علي قالا : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، وحدثنا الحسن بن يحيى قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد : " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : حتى تنقضي العدة .

    5181 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن [ ص: 116 ] السدي قوله : " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : حتى تنقضي أربعة أشهر وعشر .

    5182 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : حتى تنقضي العدة .

    5183 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .

    5184 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : تنقضي العدة .

    5185 - حدثني القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس قوله : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : حتى تنقضي العدة .

    5186 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك قوله : " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : لا يتزوجها حتى يخلو أجلها .

    5187 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا أبو قتيبة قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الشعبي في قوله : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : مخافة أن تتزوج المرأة قبل انقضاء العدة .

    5188 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " حتى تنقضي العدة .

    5189 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان قوله : " حتى يبلغ الكتاب أجله " قال : حتى تنقضي العدة .

    [ ص: 117 ] القول في تأويل قوله تعالى ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم ( 235 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : واعلموا ، أيها الناس ، أن الله يعلم ما في أنفسكم من هواهن ونكاحهن وغير ذلك من أموركم ، فاحذروه . يقول : فاحذروا الله واتقوه في أنفسكم أن تأتوا شيئا مما نهاكم عنه ، من عزم عقدة نكاحهن ، أو مواعدتهن السر في عددهن ، وغير ذلك مما نهاكم عنه في شأنهن في حال ما هن معتدات ، وفي غير ذلك " واعلموا أن الله غفور " يعني أنه ذو ستر لذنوب عباده وتغطية عليها ، فيما تكنه نفوس الرجال من خطبة المعتدات ، وذكرهم إياهن في حال عددهن ، وفي غير ذلك من خطاياهم ، وقوله : " حليم " يعني أنه ذو أناة لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم .
    القول في تأويل قوله ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " لا جناح عليكم " لا حرج عليكم إن طلقتم النساء .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #353
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد






    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(339)
    الحلقة (353)
    صــ 118 إلى صــ 129


    يقول : لا حرج عليكم في طلاقكم نساءكم وأزواجكم ، [ ص: 118 ] " ما لم تماسوهن " يعني بذلك : ما لم تجامعوهن .

    " والمماسة " في هذا الموضع ، كناية عن اسم الجماع ، كما : -

    5190 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع وحدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قالا جميعا ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : المس الجماع ، ولكن الله يكني ما يشاء بما شاء .

    5191 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : المس : النكاح .

    قال أبو جعفر : وقد اختلف القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة أهل الحجاز والبصرة : " ما لم تمسوهن " بفتح " التاء " من " تمسوهن " بغير " ألف " من قولك : مسسته أمسه مسا ومسيسا ومسيسى " مقصور مشدد غير مجرى . وكأنهم اختاروا قراءة ذلك ، إلحاقا منهم له بالقراءة المجتمع عليها في قوله : ( ولم يمسسني بشر ) [ سورة آل عمران : 47 ، سورة مريم : 20 ] .

    وقرأ ذلك آخرون : " ما لم تماسوهن " بضم " التاء والألف " بعد " الميم " إلحاقا منهم ذلك بالقراءة المجمع عليها في قوله : ( فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) [ سورة المجادلة : 3 ] ، وجعلوا ذلك بمعنى فعل كل واحد من الرجل والمرأة بصاحبه من قولك : " ماسست الشيء أماسه مماسة ومساسا .

    [ ص: 119 ]

    قال أبو جعفر : والذي نرى في ذلك ، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى ، متفقتا التأويل ، وإن كان في إحداهما زيادة معنى ، غير موجبة اختلافا في الحكم والمفهوم .

    وذلك أنه لا يجهل ذو فهم إذا قيل له : " مسست زوجتي " أن الممسوسة قد لاقى من بدنها بدن الماس ، ما لاقاه مثله من بدن الماس . فكل واحد منهما وإن أفرد الخبر عنه بأنه الذي ماس صاحبه ، معقول بذلك الخبر نفسه أن صاحبه الممسوس قد ماسه . فلا وجه للحكم لإحدى القراءتين مع اتفاق معانيهما ، وكثرة القرأة بكل واحدة منهما بأنها أولى بالصواب من الأخرى ، بل الواجب أن يكون القارئ ، بأيتهما قرأ ، مصيب الحق في قراءته .

    قال أبو جعفر : وإنما عنى الله - تعالى ذكره - بقوله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " المطلقات قبل الإفضاء إليهن في نكاح قد سمي لهن فيه الصداق . وإنما قلنا أن ذلك كذلك ، لأن كل منكوحة فإنما هي إحدى اثنتين : إما مسمى لها الصداق ، أو غير مسمى لها ذلك . فعلمنا بالذي يتلو ذلك من قوله - تعالى ذكره - أن المعنية بقوله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " إنما هي المسمى لها . لأن المعنية بذلك ، لو كانت غير المفروض لها الصداق ، لما كان لقوله : " أو تفرضوا لهن فريضة " معنى معقول . إذ كان لا معنى لقول قائل : " لا جناح عليكم إذا طلقتم النساء ما لم تفرضوا لهن فريضة في نكاح لم تماسوهن فيه ، أو ما لم تفرضوا لهن فريضة " . فإذا كان لا معنى لذلك ، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك : لا جناح عليكم إن طلقتم المفروض لهن من نسائكم الصداق قبل أن تماسوهن ، وغير المفروض لهن قبل الفرض .

    [ ص: 120 ] القول في تأويل قوله تعالى ( أو تفرضوا لهن فريضة )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " أو تفرضوا لهن " أو توجبوا لهن . وبقوله : " فريضة " صداقا واجبا . كما : -

    5192 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " أو تفرضوا لهن فريضة " قال : الفريضة : الصداق .

    وأصل " الفرض " : الواجب ، كما قال الشاعر :


    كانت فريضة ما أتيت كما كان الزناء فريضة الرجم


    يعني : كما كان الرجم الواجب من حد الزنا . ولذلك قيل : " فرض السلطان لفلان ألفين " يعني بذلك : أوجب له ذلك ، ورزقه من الديوان .
    القول في تأويل قوله تعالى ( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " ومتعوهن " وأعطوهن ما يتمتعن به من أموالكم ، على أقداركم ومنازلكم من الغنى والإقتار .

    [ ص: 121 ] ثم اختلف أهل التأويل في مبلغ ما أمر الله به الرجال من ذلك .

    فقال بعضهم : أعلاه الخادم ، ودون ذلك الورق ، ودونه الكسوة .

    ذكر من قال ذلك :

    5193 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : متعة الطلاق أعلاه الخادم ، ودون ذلك الورق ، ودون ذلك الكسوة .

    5194 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عكرمة ، عن ابن عباس بنحوه .

    5195 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن داود ، عن الشعبي قوله : " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " قلت له : ما أوسط متعة المطلقة؟ قال : خمارها ودرعها وجلبابها وملحفتها .

    5196 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين " فهذا الرجل يتزوج المرأة ولم يسم لها صداقا ، ثم يطلقها من قبل أن ينكحها ، فأمر الله سبحانه أن يمتعها على قدر عسره ويسره . فإن كان موسرا متعها بخادم أو شبه ذلك ، وإن كان معسرا متعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك .

    5197 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن الشعبي في قوله : " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " قال : قلت للشعبي : ما وسط ذلك؟ قال : كسوتها في بيتها ، ودرعها وخمارها وملحفتها وجلبابها .

    قال الشعبي : فكان شريح يمتع بخمسمائة .

    [ ص: 122 ] 5198 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن عامر : أن شريحا كان يمتع بخمسمائة ، قلت لعامر : ما وسط ذلك؟ قال : ثيابها في بيتها ، درع وخمار وملحفة وجلباب .

    5199 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن عامر الشعبي أنه قال : وسط من المتعة ثياب المرأة في بيتها ، درع وخمار وملحفة وجلباب .

    5200 - حدثنا عمران بن موسى قال : حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا داود ، عن الشعبي : أن شريحا متع بخمسمائة . وقال الشعبي : وسط من المتعة ، درع وخمار وجلباب وملحفة .

    5201 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس في قوله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين " قال : هو الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا ، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها ، فلها متاع بالمعروف ولا صداق لها . قال : أدنى ذلك ثلاثة أثواب ، درع وخمار ، وجلباب وإزار .

    5202 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " حتى بلغ : " حقا على المحسنين " فهذا في الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا ، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها ، فلها متاع بالمعروف ، ولا فريضة لها . وكان يقال : إذا كان واجدا فلا بد من مئزر وجلباب ودرع وخمار .

    5203 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن صالح بن صالح ، قال : سئل عامر : بكم يمتع الرجل امرأته؟ قال : على قدر ماله .

    [ ص: 123 ] 5204 - حدثني علي بن سهل قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يحدث عن أمه قالت : كأني أنظر إلى جارية سوداء ، حممها عبد الرحمن أم أبي سلمة حين طلقها .

    قيل لشعبة : ما " حممها " ؟ قال . متعها .

    5205 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أمه ، بنحوه ، عن عبد الرحمن بن عوف .

    5206 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين قال : كان يمتع بالخادم ، أو بالنفقة أو الكسوة . قال : ومتع الحسن بن علي - أحسبه قال : بعشرة آلاف .

    5207 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن سعد بن إبراهيم : أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته فمتعها بالخادم .

    5208 - حدثت عن عبد الله بن يزيد المقري ، عن سعيد بن أبي أيوب قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب : أنه كان يقول في متعة المطلقة : أعلاه الخادم ، وأدناه الكسوة والنفقة . ويرى أن ذلك على ما قال الله - تعالى ذكره - : [ ص: 124 ] " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "

    وقال آخرون : مبلغ ذلك - إذا اختلف الزوج والمرأة فيه - قدر نصف صداق مثل تلك المرأة المنكوحة بغير صداق مسمى في عقده . وذلك قول أبي حنيفة وأصحابه .

    قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ما قال ابن عباس ومن قال بقوله : من أن الواجب من ذلك للمرأة المطلقة على الرجل على قدر عسره ويسره ، كما قال الله - تعالى ذكره - : " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " لا على قدر المرأة . ولو كان ذلك واجبا للمرأة على قدر صداق مثلها إلى قدر نصفه ، لم يكن لقيله - تعالى ذكره - : " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " معنى مفهوم ولكان الكلام : ومتعوهن على قدرهن وقدر نصف صداق أمثالهن .

    وفي إعلام الله - تعالى ذكره - عباده أن ذلك على قدر الرجل في عسره ويسره ، لا على قدرها وقدر نصف صداق مثلها ، ما يبين عن صحة ما قلنا ، وفساد ما خالفه . وذلك أن المرأة قد يكون صداق مثلها المال العظيم ، والرجل في حال طلاقه إياها مقتر لا يملك شيئا ، فإن قضي عليه بقدر نصف صداق مثلها ، ألزم ما يعجز عنه بعض من قد وسع عليه ، فكيف المقدور عليه؟ وإذا فعل ذلك به ، كان الحاكم بذلك عليه قد تعدى حكم قول الله - تعالى ذكره - : " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " - ولكن ذلك على قدر عسر الرجل ويسره ، لا يجاوز بذلك خادم أو قيمتها ، إن كان الزوج موسعا . وإن كان مقترا ، فأطاق أدنى ما يكون كسوة لها ، وذلك ثلاثة أثواب ونحو ذلك ، قضي عليه بذلك . وإن كان عاجزا عن ذلك ، فعلى قدر طاقته . وذلك على قدر اجتهاد الإمام العادل عند الخصومة إليه فيه .

    [ ص: 125 ] واختلف أهل التأويل في تأويل قوله . " ومتعوهن " هل هو على الوجوب ، أو على الندب؟

    فقال بعضهم : هو على الوجوب ، يقضى بالمتعة في مال المطلق ، كما يقضى عليه بسائر الديون الواجبة عليه لغيره . وقالوا : ذلك واجب عليه لكل مطلقة ، كائنة من كانت من نسائه .

    ذكر من قال ذلك :

    5209 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن وأبو العالية يقولان : لكل مطلقة متاع ، دخل بها أو لم يدخل بها ، وإن كان قد فرض لها .

    5210 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس : أن الحسن كان يقول : لكل مطلقة متاع ، وللتي طلقها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها .

    5211 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا أيوب ، عن سعيد بن جبير في هذه الآية : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) [ سورة البقرة : 241 ] ، قال : لكل مطلقة متاع بالمعروف حقا على المتقين .

    5212 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : لكل مطلقة متاع .

    5213 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : كان أبو العالية يقول : لكل مطلقة متعة . وكان الحسن يقول : لكل مطلقة متعة .

    5214 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا قرة قال : سئل الحسن ، عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها ، وقد فرض لها : هل لها متاع؟ قال الحسن : نعم والله! فقيل للسائل وهو أبو بكر الهذلي أو ما تقرأ [ ص: 126 ] هذه الآية : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) ؟ قال : نعم والله ! .

    وقال آخرون : المتعة للمطلقة على زوجها المطلقها واجبة ، ولكنها واجبة لكل مطلقة سوى المطلقة المفروض لها الصداق . فأما المطلقة المفروض لها الصداق إذا طلقت قبل الدخول بها ، فإنها لا متعة لها ، وإنما لها نصف الصداق المسمى .

    ذكر من قال ذلك :

    5215 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع : أن ابن عمر كان يقول : لكل مطلقة متعة ، إلا التي طلقها ولم يدخل بها ، وقد فرض لها ، فلها نصف الصداق ، ولا متعة لها .

    5216 - حدثنا تميم بن المنتصر قال : أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر بنحوه .

    5217 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب - في الذي يطلق امرأته وقد فرض لها - أنه قال في المتاع : قد كان لها المتاع في الآية التي في " الأحزاب " فلما نزلت الآية التي في " البقرة " جعل لها النصف من صداقها إذا سمى ، ولا متاع لها ، وإذا لم يسم فلها المتاع .

    5218 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد نحوه .

    5219 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان سعيد بن المسيب يقول : إذا لم يدخل بها جعل لها في " سورة [ ص: 127 ] الأحزاب " المتاع ، ثم أنزلت الآية التي في " سورة البقرة " : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها ، إذا كان لم يدخل بها ، وكان قد سمى لها صداقا ، فجعل لها النصف ولا متاع لها .

    5220 - حدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال : نسخت هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن ) [ سورة الأحزاب : 49 ] الآية التي في " البقرة " .

    5221 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حميد ، عن مجاهد قال : لكل مطلقة متعة ، إلا التي فارقها وقد فرض لها من قبل أن يدخل بها .

    5222 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد - في التي يفارقها زوجها قبل أن يدخل بها ، وقد فرض لها ، قال : ليس لها متعة .

    5223 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا أيوب ، عن نافع قال : إذا تزوج الرجل المرأة وقد فرض لها ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، فلها نصف الصداق ، ولا متاع لها . وإذا لم يفرض لها ، فإنما لها المتاع .

    5224 - حدثنا يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : سئل ابن أبي نجيح وأنا أسمع : عن الرجل يتزاوج ثم يطلقها قبل أن يدخل بها ، وقد فرض لها ، هل لها متاع؟ قال : كان عطاء يقول : لا متاع لها .

    [ ص: 128 ] 5225 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر - في التي فرض لها ولم يدخل بها ، قال : إن طلقت ، فلها نصف الصداق ولا متعة لها .

    5226 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم : أن شريحا كان يقول - في الرجل إذا طلق امرأته قبل أن يدخل بها ، وقد سمى لها صداقا - قال : لها في النصف متاع .

    5227 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : لها في النصف متاع .

    وقال آخرون : المتعة حق لكل مطلقة ، غير أن منها ما يقضى به على المطلق ، ومنها ما لا يقضى به عليه ، ويلزمه فيما بينه وبين الله إعطاؤه .

    ذكر من قال ذلك :

    5228 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري قال : متعتان ، إحداهما يقضي بها السلطان ، والأخرى حق على المتقين : من طلق قبل أن يفرض ويدخل ، فإنه يؤخذ بالمتعة ، فإنه لا صداق عليه . ومن طلق بعد ما يدخل أو يفرض ، فالمتعة حق .

    5229 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال الله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين " فإذا تزوج الرجل المرأة ولم يفرض لها ، ثم طلقها من قبل أن يمسها وقبل أن يفرض لها ، فليس عليه إلا متاع بالمعروف ، يفرض لها السلطان بقدر ، وليس عليها عدة . وقال الله - تعالى ذكره - : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " فإذا طلق الرجل المرأة [ ص: 129 ] وقد فرض لها ولم يمسسها ، فلها نصف صداقها ، ولا عدة عليها .

    5230 - حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال : أخبرنا زهير ، عن معمر ، عن الزهري أنه قال : متعتان يقضي بإحداهما السلطان ، ولا يقضى بالأخرى : فالمتعة التي يقضي بها السلطان حقا على المحسنين ، والمتعة التي لا يقضي بها السلطان حقا على المتقين .

    وقال آخرون : لا يقضي الحاكم ولا السلطان بشيء من ذلك على المطلق ، وإنما ذلك من الله - تعالى ذكره - ندب وإرشاد إلى أن تمتع المطلقة .

    ذكر من قال ذلك :

    5231 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم : أن رجلا طلق امرأته ، فخاصمته إلى شريح ، فقرأ الآية : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) [ سورة البقرة : 241 ] ، قال : إن كنت من المتقين ، فعليك المتعة . ولم يقض لها . قال شعبة : وجدته مكتوبا عندي عن أبي الضحى .

    5223 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن محمد قال : كان شريح يقول في متاع المطلقة ، لا تأب أن تكون من المحسنين ، لا تأب أن تكون من المتقين .

    5233 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق أن شريحا قال للذي قد دخل بها : إن كنت من المتقين فمتع .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #354
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(340)
    الحلقة (354)
    صــ 130 إلى صــ 140





    قال أبو جعفر : وكأن قائلي هذا القول ذهبوا في تركهم إيجاب المتعة فرضا [ ص: 130 ] للمطلقات ، إلى أن قول الله - تعالى ذكره - : " حقا على المحسنين " وقوله : " حقا على المتقين " دلالة على أنها لو كانت واجبة وجوب الحقوق اللازمة الأموال بكل حال ، لم يخصص المتقون والمحسنون بأنها حق عليهم دون غيرهم ، بل كان يكون ذلك معموما به كل أحد من الناس .

    وأما موجبوها على كل أحد سوى المطلقة المفروض لها الصداق ، فإنهم اعتلوا بأن الله - تعالى ذكره - لما قال : " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " كان ذلك دليلا على أن لكل مطلقة متاعا سوى من استثناه الله - تعالى ذكره - في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - . فلما قال : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " كان في ذلك دليل عندهم على أن حقها النصف مما فرض لها ، لأن المتعة جعلها الله في الآية التي قبلها عندهم ، لغير المفروض لها . فكان معلوما عندهم بخصوص الله بالمتعة غير المفروض لها ، أن حكمها غير حكم التي لم يفرض لها إذا طلقها قبل المسيس ، فيما لها على الزوج من الحقوق .

    قال أبو جعفر : والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك عندي ، قول من قال : " لكل مطلقة متعة " لأن الله - تعالى ذكره - قال : " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " فجعل الله - تعالى ذكره - ذلك لكل مطلقة ، ولم يخصص منهن بعضا دون بعض . فليس لأحد إحالة ظاهر تنزيل عام ، إلى باطن خاص ، إلا بحجة يجب التسليم لها .

    فإن قال قائل : فإن الله - تعالى ذكره - قد خص المطلقة قبل المسيس ، إذا كان [ ص: 131 ] مفروضا لها ، بقوله : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " إذ لم يجعل لها غير النصف من الفريضة؟

    قيل : إن الله - تعالى ذكره - إذا دل على وجوب شيء في بعض تنزيله ، ففي دلالته على وجوبه في الموضع الذي دل عليه ، الكفاية عن تكريره ، حتى يدل على بطول فرضه . وقد دل بقوله ، " وللمطلقات متاع بالمعروف " على وجوب المتعة لكل مطلقة ، فلا حاجة بالعباد إلى تكرير ذلك في كل آية وسورة . وليس في دلالته على أن للمطلقة قبل المسيس المفروض لها الصداق نصف ما فرض لها ، دلالة على بطول المتعة عنه . لأنه غير مستحيل في الكلام لو قيل : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " والمتعة . فلما لم يكن ذلك محالا في الكلام ، كان معلوما أن نصف الفريضة إذا وجب لها ، لم يكن في وجوبه لها نفي عن حقها من المتعة ، ولما لم يكن اجتماعهما للمطلقة محالا . وكان الله - تعالى ذكره - قد دل على وجوب ذلك لها ، وإن كانت الدلالة على وجوب أحدهما في آية غير الآية التي فيها الدلالة على وجوب الأخرى ثبت وصح وجوبهما لها .

    هذا ، إذا لم يكن على أن للمطلقة المفروض لها الصداق إذا طلقت قبل [ ص: 132 ] المسيس ، دلالة غير قول الله - تعالى ذكره - : " وللمطلقات متاع بالمعروف " فكيف وفي قول الله - تعالى ذكره - : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن " الدلالة الواضحة على أن المفروض لها إذا طلقت قبل المسيس ، لها من المتعة مثل الذي لغير المفروض لها منها؟ وذلك أن الله - تعالى ذكره - لما قال : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ، " كان معلوما بذلك أنه قد دل به على حكم طلاق صنفين من طلاق النساء : أحدهما المفروض له ، والآخر غير المفروض له . وذلك أنه لما قال : " أو تفرضوا لهن فريضة " علم أن الصنف الآخر هو المفروض له ، وأنها المطلقة المفروض لها قبل المسيس . لأنه قال : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن ، " ثم قال - تعالى ذكره - : " ومتعوهن " فأوجب المتعة للصنفين منهن جميعا ، المفروض لهن ، وغير المفروض لهن . فمن ادعى أن ذلك لأحد الصنفين ، سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير ، ثم عكس عليه القول في ذلك . فلن يقول في شيء منه قولا إلا ألزم في الآخر مثله .

    قال أبو جعفر : وأرى أن المتعة للمرأة حق واجب إذا طلقت ، على زوجها المطلقها ، على ما بينا آنفا - يؤخذ بها الزوج كما يؤخذ بصداقها ، لا يبرئه منها إلا أداؤه إليها أو إلى من يقوم مقامها في قبضها منه ، أو ببراءة تكون منها له . وأرى أن سبيلها سبيل صداقها وسائر ديونها قبله ، يحبس بها إن طلقها فيها ، إذا لم يكن له شيء ظاهر يباع عليه ، إذا امتنع من إعطائها ذلك .

    وإنما قلنا ذلك ، لأن الله - تعالى ذكره - قال : " ومتعوهن ، " فأمر الرجال أن يمتعوهن ، وأمره فرض ، إلا أن يبين - تعالى ذكره - أنه عنى به الندب والإرشاد ، لما [ ص: 133 ] قد بينا في كتابنا المسمى ( ( بلطيف البيان عن أصول الأحكام ) ) ، لقوله : " وللمطلقات متاع بالمعروف " . ولا خلاف بين جميع أهل التأويل أن معنى ذلك : وللمطلقات على أزواجهن متاع بالمعروف . وإذا كان ذلك كذلك ، فلن يبرأ الزوج مما لها عليه إلا بما وصفنا قبل ، من أداء أو إبراء على ما قد بينا .

    فإن ظن ذو غباء أن الله - تعالى ذكره - إذ قال : " حقا على المحسنين " و " حقا على المتقين " أنها غير واجبة ، لأنها لو كانت واجبة لكانت على المحسن وغير المحسن ، والمتقي وغير المتقي فإن الله - تعالى ذكره - قد أمر جميع خلقه بأن يكونوا من المحسنين ومن المتقين ، وما وجب من حق على أهل الإحسان والتقى ، فهو على غيرهم أوجب ، ولهم ألزم .

    وبعد ، فإن في إجماع الحجة على أن المتعة للمطلقة غير المفروض لها قبل المسيس واجبة بقوله : " ومتعوهن " وجوب نصف الصداق للمطلقة المفروض لها قبل المسيس بقول الله - تعالى ذكره - فيما أوجب لهما من [ ص: 134 ] ذلك ، الدليل الواضح أن ذلك حق واجب لكل مطلقة بقوله : " وللمطلقات متاع بالمعروف " وإن كان قال : " حقا على المتقين " .

    ومن أنكر ما قلنا في ذلك ، سئل عن المتعة للمطلقة غير المفروض لها قبل المسيس . فإن أنكر وجوب ذلك خرج من قول جميع الحجة ، ونوظر مناظرتنا المنكرين في عشرين دينارا زكاة ، والدافعين زكاة العروض إذا كانت للتجارة ، وما أشبه ذلك . فإن أوجب ذلك لها ، سئل الفرق بين وجوب ذلك لها ، والوجوب لكل مطلقة ، وقد شرط فيما جعل لها من ذلك بأنه حق على المحسنين ، كما شرط فيما جعل للآخر بأنه حق على المتقين . فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله .

    قال أبو جعفر : وأجمع الجميع على أن المطلقة غير المفروض لها قبل المسيس ، لا شيء لها على زوجها المطلقها غير المتعة .

    ذكر بعض من قال ذلك من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم :

    5234 - حدثنا أبو كريب ويونس بن عبد الأعلى قالا : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يفرض لها وقبل أن يدخل بها ، فليس لها إلا المتاع .

    5235 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس قال : قال الحسن : إن طلق الرجل امرأته ولم يدخل بها ولم يفرض لها ، فليس لها إلا المتاع .

    [ ص: 135 ] 5236 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا أيوب ، عن نافع قال : إذا تزوج الرجل المرأة ثم طلقها ولم يفرض لها ، فإنما لها المتاع .

    5237 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : إذا تزوج الرجل المرأة ولم يفرض لها ، ثم طلقها قبل أن يمسها وقبل أن يفرض لها ، فليس لها عليه إلا المتاع بالمعروف .

    5238 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة " قال : ليس لها صداق إلا متاع بالمعروف .

    5239 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه - إلا أنه قال : ولا متاع إلا بالمعروف .

    5240 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " إلى : " ومتعوهن " قال : هذا الرجل توهب له فيطلقها قبل أن يدخل بها ، فإنما عليه المتعة .

    5241 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال في هذه الآية : هو الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا ، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها ، فلها متاع بالمعروف ، ولا فريضة لها .

    5242 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .

    5243 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، [ حدثنا عبيد بن سليمان قال ] ، سمعت الضحاك يقول في قوله : " ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة " هذا رجل وهبت له امرأته ، فطلقها من قبل أن يمسها ، فلها المتعة ولا فريضة لها ، وليست عليها عدة .

    [ ص: 136 ] قال أبو جعفر : وأما " الموسع " فهو الذي قد صار من عيشه إلى سعة وغنى ، يقال منه : " أوسع فلان فهو يوسع إيساعا وهو موسع " .

    وأما " المقتر " فهو المقل من المال ، يقال : " قد أقتر فهو يقتر إقتارا ، وهو مقتر " .

    واختلف القرأة في قراءة " القدر " .

    فقرأه بعضهم : " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " . بتحريك " الدال " إلى الفتح من " القدر " توجيها منهم ذلك إلى الاسم من " التقدير " الذي هو من قول القائل : " قدر فلان هذا الأمر " .

    وقرأ آخرون بتسكين " الدال " منه ، توجيها منهم ذلك إلى المصدر من ذلك ، كما قال الشاعر .


    وما صب رجلي في حديد مجاشع مع القدر ، إلا حاجة لي أريدها


    والقول في ذلك عندي أنهما جميعا قراءتان قد جاءت بهما الأمة ، ولا تحيل القراءة بإحداهما معنى في الأخرى ، بل هما متفقتا المعنى . فبأي - القراءتين قرأ القارئ ذلك ، فهو للصواب مصيب .

    وإنما يجوز اختيار بعض القراءات على بعض لبينونة المختارة على غيرها بزيادة [ ص: 137 ] معنى أوجبت لها الصحة دون غيرها . وأما إذا كانت المعاني في جميعها متفقة ، فلا وجه للحكم لبعضها بأنه أولى أن يكون مقروءا به من غيره .

    قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : لا حرج عليكم ، أيها الناس ، إن طلقتم النساء وقد فرضتم لهن ما لم تماسوهن ، وإن طلقتموهن ما لم تماسوهن قبل أن تفرضوا لهن ، ومتعوهن جميعا على ذي السعة والغنى منكم من متاعهن حينئذ بقدر غناه وسعته ، وعلى ذي الإقتار والفاقة منكم منه بقدر طاقته وإقتاره .

    القول في تأويل قوله تعالى ( متاعا بالمعروف حقا على المحسنين ( 236 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : ومتعوهن متاعا . وقد يجوز أن يكون " متاعا " منصوبا قطعا من " القدر " . لأن " المتاع " نكرة ، و " القدر " معرفة .

    ويعني بقوله : " بالمعروف " بما أمركم الله به من إعطائكم إياهن ذلك ، بغير ظلم ، ولا مدافعة منكم لهن به .

    ويعني بقوله : " حقا على المحسنين " متاعا بالمعروف الحق على المحسنين . فلما دل إدخال " الألف واللام " على " الحق " وهو من نعت " المعروف " و " المعروف " معرفة ، و " الحق " نكرة ، نصب على القطع منه ، كما يقال : " أتاني الرجل راكبا " .

    [ ص: 138 ] وجائز أن يكون نصب على المصدر من جملة الكلام الذي قبله ، كقول القائل : " عبد الله عالم حقا " ف " الحق " منصوب من نية كلام المخبر ، كأنه قال : أخبركم بذلك حقا .

    والتأويل الأول هو وجه الكلام ، لأن معنى الكلام : فمتعوهن متاعا بمعروف حق على كل من كان منكم محسنا .

    وقد زعم بعضهم أن ذلك منصوب بمعنى : أحق ذلك حقا . والذي قاله من ذلك ، بخلاف ما دل عليه ظاهر التلاوة . لأن الله - تعالى ذكره - جعل المتاع للمطلقات حقا لهن على أزواجهن ، فزعم قائل هذا القول أن معنى ذلك أن الله - تعالى ذكره - أخبر عن نفسه أنه يحق أن ذلك على المحسنين . فتأويل الكلام إذا - إذ كان الأمر كذلك - : ومتعوهن على الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف الواجب على المحسنين .

    ويعني بقوله : " المحسنين " الذين يحسنون إلى أنفسهم في المسارعة إلى طاعة الله فيما ألزمهم به ، وأدائهم ما كلفهم من فرائضه .

    قال أبو جعفر : فإن قال قائل : إنك قد ذكرت أن " الجناح " هو الحرج ، وقد قال الله - تعالى ذكره - : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " فهل علينا من جناح لو طلقناهن بعد المسيس ، فيوضع عنا بطلاقنا إياهن قبل المسيس؟ قيل : قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات " .

    [ ص: 139 ] 5244 - حدثنا بذلك ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

    وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ، يقولون : قد طلقتك ، قد راجعتك ، قد طلقتك " .

    5245 - حدثنا بذلك ابن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

    فجائز أن يكون " الجناح " الذي وضع عن الناس في طلاقهم نساءهم قبل المسيس ، هو الذي كان يلحقهم منه بعد ذوقهم إياهن ، كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

    [ ص: 140 ] وقد كان بعضهم يقول : معنى قوله في هذا الموضع : " لا جناح " لا سبيل عليكم للنساء - إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ، ولم تكونوا فرضتم لهن فريضة - في إتباعكم بصداق ولا نفقة . وذلك مذهب ، لولا ما قد وصفت من أن المعني بالطلاق قبل المسيس في هذه الآية صنفان من النساء : أحدهما المفروض لها ، والآخر غير المفروض لها . فإذ كان ذلك كذلك ، فلا وجه لأن يقال : لا سبيل لهن عليكم في صداق ، إذا كان الأمر على ما وصفنا .

    وقد يحتمل ذلك أيضا وجها آخر : وهو أن يكون معناه : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تماسوهن ، في أي وقت شئتم طلاقهن . لأنه لا سنة في طلاقهن ، فللرجل أن يطلقهن إذا لم يكن مسهن ، حائضا وطاهرا في كل وقت أحب . وليس ذلك كذلك في المدخول بها التي قد مست ، لأنه ليس لزوجها طلاقها إن كانت من أهل الأقراء - إلا للعدة طاهرا في طهر لم يجامع فيه . فيكون " الجناح " الذي أسقط عن مطلق التي لم يمسها في حال حيضها ، هو " الجناح " الذي كان به مأخوذا المطلق بعد الدخول بها في حال حيضها ، أو في طهر قد جامعها فيه .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #355
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(341)
    الحلقة (355)
    صــ 131 إلى صــ 150




    القول فى تأويل قوله تعالى ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون )

    قال أبو جعفر : وهذا الحكم من الله - تعالى ذكره - إبانة عن قوله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة " . وتأويل ذلك : [ ص: 141 ] لا جناح عليكم أيها الناس إن طلقتم النساء ما لم تماسوهن وقد فرضتم لهن فريضة ، فلهن عليكم نصف ما كنتم فرضتم لهن من قبل طلاقكم إياهن ، يعني بذلك : فلهن عليكم نصف ما أصدقتموهن .

    وإنما قلنا : إن تأويل ذلك كذلك ، لما قد قدمنا البيان عنه من أن قوله : " أو تفرضوا لهن فريضة " بيان من الله - تعالى ذكره - لعباده حكم غير المفروض لهن إذا طلقهن قبل المسيس . فكان معلوما بذلك أن حكم اللواتي عطف عليهن ب " أو " غير حكم المعطوف بهن بها .

    وإنما كرر - تعالى ذكره - قوله : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة " وقد مضى ذكرهن في قوله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " ليزول الشك عن سامعيه واللبس عليهم ، من أن يظنوا أن التي حكمها الحكم الذي وصفه في هذه الآية ، هي غير التي ابتدأ بذكرها وذكر حكمها في الآية التي قبلها .

    وأما قوله : إلا أن يعفون ، فإنه يعني : إلا أن يعفو اللواتي وجب لهن عليكم نصف تلك الفريضة ، فيتركنه لكم ، ويصفحن لكم عنه تفضلا منهن بذلك عليكم ، إن كن ممن يجوز حكمه في ماله وهن بوالغ رشيدات ، فيجوز عفوهن حينئذ ما عفون عنكم من ذلك ، فيسقط عنكم ما كن عفون لكم عنه منه . وذلك النصف الذي كان وجب لهن من الفريضة بعد الطلاق وقبل العفو إن عفت عنه - أو ما عفت عنه .

    وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    5246 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني [ ص: 142 ] معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " ; فهذا الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقا ، ثم يطلقها من قبل أن يمسها ، فلها نصف صداقها ، ليس لها أكثر من ذلك .

    5247 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " قال : إن طلق الرجل امرأته وقد فرض لها ، فنصف ما فرض ، إلا أن يعفون .

    5248 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5249 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " فنسخت هذه الآية ما كان قبلها ، إذا كان لم يدخل بها وقد كان سمى لها صداقا ، فجعل لها النصف ولا متاع لها .

    5250 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " قال : هو الرجل يتزوج المرأة وقد فرض لها صداقا ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، فلها نصف ما فرض لها ، ولها المتاع ، ولا عدة عليها .

    5251 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم " [ ص: 143 ] قال : إذا طلق الرجل المرأة وقد فرض لها ولم يمسها ، فلها نصف صداقها ولا عدة عليها .

    ذكر من قال في قوله : " إلا أن يعفون " القول الذي ذكرناه من التأويل :

    5252 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا يحيى بن بشر : أنه سمع عكرمة يقول : إذا طلقها قبل أن يمسها وقد فرض لها ، فنصف الفريضة لها عليه ، إلا أن تعفو عنه فتتركه .

    5253 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " إلا أن يعفون " قال : المرأة تترك الذي لها .

    5254 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : إلا أن يعفون ، هي المرأة الثيب أو البكر يزوجها غير أبيها ، فجعل الله العفو إليهن : إن شئن عفون فتركن ، وإن شئن أخذن نصف الصداق .

    5255 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " إلا أن يعفون " تترك المرأة شطر صداقها ، وهو الذي لها كله .

    5256 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5257 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " إلا أن يعفون " ، قال : المرأة تدع لزوجها النصف .

    5258 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثني [ ص: 144 ] عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن شريح : " إلا أن يعفون " قال : إن شاءت المرأة عفت فتركت الصداق .

    5259 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن شريح مثله .

    5260 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع قوله : " إلا أن يعفون " هي المرأة يطلقها زوجها قبل أن يدخل بها ، فتعفو عن النصف لزوجها .

    5261 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " إلا أن يعفون " إما أن " يعفون " فالثيب أن تدع من صداقها ، أو تدعه كله .

    5262 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب : " إلا أن يعفون " قال : العفو إليهن ، إذا كانت المرأة ثيبا فهي أولى بذلك ، ولا يملك ذلك عليها ولي ، لأنها قد ملكت أمرها . فإن أرادت أن تعفو فتضع له نصفها الذي عليه من حقها ، جاز ذلك . وإن أرادت أخذه ، فهي أملك بذلك .

    5263 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا معمر قال : وحدثني ابن شهاب إلا أن يعفون " قال : النساء .

    5264 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي صالح : " إلا أن يعفون " قال : الثيب تدع صداقها .

    5265 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو أسامة حماد بن زيد بن أسامة قال : حدثنا إسماعيل ، عن الشعبي ، عن شريح : " إلا أن يعفون " قال : تعفو المرأة عن الذي لها كله .

    [ ص: 145 ] قال أبو جعفر : ما سمعت أحدا يقول : " حماد بن زيد بن أسامة " إلا أبا هشام .

    5266 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا عبدة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال : إن شاءت عفت عن صداقها يعني في قوله : إلا أن يعفون .

    5267 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن شريح قال : تعفو المرأة وتدع نصف الصداق .

    5268 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج قال : قال الزهري : " إلا أن يعفون " الثيبات .

    5269 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج قال : قال مجاهد : " إلا أن يعفون " قال : تترك المرأة شطرها .

    5270 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " إلا أن يعفون " يعني النساء .

    5271 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : " إلا أن يعفون " إن كانت ثيبا عفت .

    5272 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري قوله : " إلا أن يعفون " يعني المرأة .

    5273 - حدثني علي بن سهل قال : حدثنا زيد وحدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران جميعا ، عن سفيان : " إلا أن يعفون " قال : المرأة إذا لم يدخل بها : أن تترك له المهر ، فلا تأخذ منه شيئا .
    [ ص: 146 ] القول في تأويل قوله تعالى ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح )

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله - تعالى ذكره - بقوله : " الذي بيده عقدة النكاح " .

    فقال بعضهم : هو ولي البكر . وقالوا : ومعنى الآية : أو يترك ، الذي يلي على المرأة عقد نكاحها من أوليائها ، للزوج النصف الذي وجب للمطلقة عليه قبل مسيسه فيصفح له عنه ، إن كانت الجارية ممن لا يجوز لها أمر في مالها .

    ذكر من قال ذلك :

    5274 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال : قال ابن عباس رضي الله عنه : أذن الله في العفو وأمر به ، فإن عفت فكما عفت ، وإن ضنت وعفا وليها جاز وإن أبت .

    5275 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " وهو أبو الجارية البكر ، جعل الله سبحانه العفو إليه ، ليس لها معه أمر إذا طلقت ، ما كانت في حجره .

    5276 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة : " الذي بيده عقدة النكاح " الولي .

    5277 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال علقمة : هو الولي .

    5278 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة أنه قال : هو الولي .

    5279 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معمر ، عن حجاج ، عن النخعي ، عن علقمة قال : هو الولي .

    [ ص: 147 ] 5280 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا عبيد الله ، عن بيان النحوي ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة وأصحاب عبد الله قالوا : هو الولي .

    5281 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة أنه قال : هو الولي .

    5282 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معمر ، عن حجاج ، أن الأسود بن زيد ، قال : هو الولي .

    5283 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو خالد ، عن شعبة ، عن أبي بشر قال : قال طاوس ومجاهد : هو الولي ثم رجعا فقالا هو الزوج .

    5284 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا أبو بشر قال : قال مجاهد وطاوس : هو الولي ثم رجعا فقالا هو الزوج .

    5285 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : هو الولي .

    5286 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن الشعبي قال : زوج رجل أخته ، فطلقها زوجها قبل أن يدخل بها ، فعفا أخوها عن المهر ، فأجازه شريح ثم قال : أنا أعفو عن نساء بني مرة . فقال عامر : لا والله ، ما قضى قضاء قط أحمق منه : أن يجيز عفو الأخ في قوله : " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " فقال فيها شريح بعد : هو الزوج ، إن عفا عن الصداق كله فسلمه إليها كله ، أو عفت هي عن النصف الذي سمى لها ، وإن تشاحا كلاهما أخذت نصف صداقها ، قال : " وأن تعفو هو أقرب للتقوى " . [ ص: 148 ] 5287 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن عيسى بن عاصم الأسدي : أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح ، فقال : هو الولي .

    5288 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم ، قال مغيرة ، أخبرنا عن الشعبي ، عن شريح أنه كان يقول : الذي بيده عقدة النكاح هو الولي - ثم ترك ذلك فقال : هو الزوج .

    5289 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا سيار ، عن الشعبي : أن رجلا تزوج امرأة فوجدها دميمة فطلقها قبل أن يدخل بها ، فعفا وليها عن نصف الصداق ، قال : فخاصمته إلى شريح فقال لها شريح : قد عفا وليك . قال : ثم إنه رجع بعد ذلك ، فجعل الذي بيده عقدة النكاح : الزوج .

    5290 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن - في الذي بيده عقدة النكاح - قال : الولي .

    5291 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم ، عن منصور أو غيره ، عن الحسن ، قال : هو الولي .

    5292 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن إدريس ، عن هشام ، عن الحسن قال : هو الولي .

    5293 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء قال : سئل الحسن عن الذي بيده عقدة النكاح ، قال : هو الولي .

    5294 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا وكيع ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن الحسن ، قال : هو الذي أنكحها .

    5295 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : الذي بيده عقدة النكاح ، هو الولي .

    5296 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا وكيع وابن مهدي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : هو الولي .

    [ ص: 149 ] 5297 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم والشعبي قالا : هو الولي .

    5298 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء قال : هو الولي .

    5299 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي صالح : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال : ولي العذراء .

    5300 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج قال : قال لي الزهري : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " ولي البكر .

    5301 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " هو الولي .

    5302 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر قال : أخبرنا ابن طاوس ، عن أبيه وعن رجل ، عن عكرمة قال معمر : وقاله الحسن أيضا قالوا : الذي بيده عقدة النكاح ، الولي .

    5303 - حدثنا الحسن قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري قال : الذي بيده عقدة النكاح ، الأب .

    5304 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم عن علقمة قال : هو الولي .

    5305 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن مجاهد قال : هو الولي .

    5306 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " الذي بيده عقدة النكاح " هو ولي البكر .

    [ ص: 150 ] 5307 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد - في الذي بيده عقدة النكاح - : الوالد ، ذكره ابن زيد عن أبيه .

    5308 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، عن مالك ، عن زيد وربيعة : " الذي بيده عقدة النكاح " الأب في ابنته البكر ، والسيد في أمته .

    5309 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال مالك : وذلك إذا طلقت قبل الدخول بها ، فله أن يعفو عن نصف الصداق الذي وجب لها عليه ، ما لم يقع طلاق . . . .

    5310 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : الذي بيده عقدة النكاح ، هي البكر التي يعفو وليها ، فيجوز ذلك ، ولا يجوز عفوها هي .

    5311 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا يحيى بن بشر ، أنه سمع عكرمة يقول : " إلا أن يعفون " أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه . فإن هي شحت إلا أن تأخذه ، فلها ولوليها الذي أنكحها الرجل ، عم ، أو أخ ، أو أب ، أن يعفو عن النصف ، فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة .

    5312 - حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال : أذن الله في العفو وأمر به ، فإن امرأة عفت جاز عفوها ، وإن شحت وضنت عفا وليها وجاز عفوه .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #356
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(342)
    الحلقة (356)
    صــ 151 إلى صــ 160





    [ ص: 151 ] 5313 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : الذي بيده عقدة النكاح ، الولي .

    وقال آخرون : بل الذي بيده عقدة النكاح ، الزوج . قالوا : ومعنى ذلك : أو يعفو الذي بيده نكاح المرأة فيعطيها الصداق كاملا .

    ذكر من قال ذلك :

    5314 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو عثمة قال : حدثنا حبيب ، عن الليث ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن علي قال : الذي بيده عقدة النكاح ، الزوج .

    5315 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن عيسى بن عاصم الأسدي : أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح فقال : هو الولي . فقال علي : لا ولكنه الزوج .

    5316 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا إبراهيم قال : حدثنا جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم قال : سمعت شريحا قال : قال : قال لي علي : من الذي [ ص: 152 ] بيده عقدة النكاح؟ قلت : ولي المرأة . قال : لا بل هو الزوج .

    5317 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا ابن مهدي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس قال : هو الزوج .

    5318 - حدثني أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : قلت لحماد بن سلمة : من الذي بيده عقدة النكاح؟ فذكر عن علي بن زيد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس قال : الزوج .

    5319 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا عبيد الله قال : أخبرنا إسرائيل ، عن خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : هو الزوج .

    5320 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن عباس وشريح قالا : هو الزوج .

    5321 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن مهدي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن واصل بن أبي سعيد ، عن محمد بن جبير بن مطعم : أن أباه تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، فأرسل بالصداق وقال : أنا أحق بالعفو .

    5322 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن صالح بن كيسان : أن جبير بن مطعم تزوج امرأة ، فطلقها قبل أن يبني بها ، وأكمل لها الصداق ، وتأول : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح "

    5323 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن إدريس ، عن محمد بن عمرو ، [ ص: 153 ] عن نافع ، عن جبير : أنه طلق امرأته قبل أن يدخل بها ، فأتم لها الصداق وقال : أنا أحق بالعفو .

    5324 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثني عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن شريح : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال : إن شاء الزوج أعطاها الصداق كاملا .

    5325 - حدثنا حميد قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين بنحوه .

    5326 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن شريح قال : الذي بيده عقدة النكاح ، الزوج .

    5327 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن عامر : أن شريحا قال : الذي بيده عقدة النكاح ، الزوج . فرد ذلك عليه .

    5328 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : الذي بيده عقدة النكاح ، هو الزوج . قال : وقال إبراهيم : وما يدري شريحا !

    5329 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معمر قال : حدثنا حجاج ، عن شريح قال : هو الزوج .

    5330 - حدثنا أبو كريب قال : أخبرنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : هو الزوج .

    5331 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو أسامة حماد بن زيد بن أسامة قال : حدثنا إسماعيل ، عن الشعبي ، عن شريح : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " وهو الزوج .

    [ ص: 154 ] 5332 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن شريح قال : " الذي بيده عقدة النكاح " قال : الزوج يتم لها الصداق .

    5333 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، وعن الحجاج ، عن الحكم ، عن شريح ، وعن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : هو الزوج .

    5334 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا إسماعيل ، عن الشعبي ، عن شريح قال : هو الزوج ، إن شاء أتم لها الصداق ، وإن شاءت عفت عن الذي لها .

    5335 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن محمد قال : قال شريح : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج .

    5336 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن شريح : " أن يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال : إن شاء الزوج عفا فكمل الصداق .

    5337 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن شريح قال : هو الزوج .

    5338 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : حدثنا ابن أبي عدي ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال : " الذي بيده عقدة النكاح " قال : هو الزوج .

    5339 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبدة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال : هو الزوج .

    5340 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا ابن مهدى ، عن حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعد ، عن مجاهد قال : هو الزوج .

    [ ص: 155 ] 5341 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد قال : الزوج .

    5342 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى وحدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " زوجها : أن يتم لها الصداق كاملا .

    5343 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وعن أيوب ، وعن ابن سيرين ، عن شريح قالوا : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج .

    5344 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج قال : قال مجاهد : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " إتمام الزوج الصداق كله .

    5345 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : قال سعيد بن جبير : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج .

    5346 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير قال : " الذي بيده عقدة النكاح " هو الزوج . قال : وقال مجاهد وطاوس : هو الولي . قال : قلت لسعيد : فإن مجاهدا وطاوسا يقولان : هو الولي؟ قال سعيد : " فما تأمرني إذا؟ " قال : أرأيت لو أن الولي عفا وأبت المرأة ، أكان [ ص: 156 ] يجوز ذلك؟ فرجعت إليهما فحدثتهما ، فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدا .

    5347 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا حميد ، عن الحسن بن صالح ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد قال : هو الزوج .

    5348 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد قال : هو الزوج وقال طاوس ومجاهد : هو الولي - فكلمتهما في ذلك حتى تابعا سعيدا .

    5349 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير وطاوس ومجاهد بنحوه .

    5350 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو الحسين ، يعني زيد بن الحباب ، عن أفلح بن سعيد قال : سمعت محمد بن كعب القرظي قال : هو الزوج ، أعطى ما عنده عفوا .

    5351 - حدثنا أبو هشام قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن زهير ، عن أبي إسحاق ، عن الشعبي قال : هو الزوج .

    5352 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عبد الله ، عن نافع قال : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال : أما قوله : إلا أن يعفون ، فهي المرأة التي يطلقها زوجها قبل أن يدخل بها . فإما أن تعفو عن النصف لزوجها ، وأما أن يعفو الزوج فيكمل لها صداقها .

    [ ص: 157 ] 5353 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج .

    5354 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن القاسم قال : كان شريح يجاثيهم على الركب ويقول : هو الزوج .

    5355 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا محمد بن حرب قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج ، يعفو أو تعفو " .

    5356 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " قال : الزوج ، وهذا في المرأة يطلقها زوجها ولم يدخل بها وقد فرض لها ، فلها نصف المهر ، فإن شاءت تركت الذي لها وهو النصف ، وإن شاءت قبضته .

    5357 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران ، وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " الزوج .

    5358 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك قال : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج . [ ص: 158 ] 5359 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز قال : سمعت تفسير هذه الآية : إلا أن يعفون ، النساء ، فلا يأخذن شيئا " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " الزوج ، فيترك ذلك فلا يطلب شيئا .

    5360 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور قال : قال شريح في قوله : " إلا أن يعفون " قال : يعفو النساء " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " الزوج .

    قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : المعني بقوله : " الذي بيده عقدة النكاح " الزوج . وذلك لإجماع الجميع على أن ولي جارية بكر أو ثيب ، صبية صغيرة كانت أو مدركة كبيرة ، لو أبرأ زوجها من مهرها قبل طلاقه إياها ، أو وهبه له أو عفا له عنه - أن إبراءه ذلك وعفوه له عنه باطل ، وأن صداقها عليه ثابت ثبوته قبل إبرائه إياه منه . فكان سبيل ما أبرأه من ذلك بعد طلاقه إياها ، سبيل ما أبرأه منه قبل طلاقه إياها .

    وأخرى : أن الجميع مجمعون على أن ولي امرأة محجور عليها أو غير محجور عليها ، لو وهب لزوجها المطلقها بعد بينونتها منه درهما من مالها ، على غير وجه العفو منه عما وجب لها من صداقها قبله ، أن هبته ما وهب من ذلك مردودة باطلة . وهم مع ذلك مجمعون على أن صداقها مال من مالها ، فحكمه حكم سائر أموالها .

    وأخرى : أن الجميع مجمعون على أن بني أعمام المرأة البكر وبني إخوتها من أبيها وأمها من أوليائها ، وأن بعضهم لو عفا عن مالها [ لزوجها ، قبل دخوله بها ] أو بعد دخوله بها - : إن عفوه ذلك عما عفا له عنه منه باطل ، وإن حق المرأة [ ص: 159 ] ثابت عليه بحاله . فكذلك سبيل عفو كل ولي لها كائنا من كان من الأولياء ، والدا كان أو جدا أو خالا لأن الله - تعالى ذكره - لم يخصص بعض الذين بأيديهم عقد النكاح دون بعض في جواز عفوه ، إذا كانوا ممن يجوز حكمه في نفسه وماله .

    ويقال لمن أبى ما قلنا ممن زعم أن " الذي بيده عقدة النكاح " ولي المرأة : هل يخلو القول في ذلك من أحد أمرين ، إذ كان الذي بيده عقدة النكاح هو الولي عندك : إما أن يكون ذلك كل ولي جاز له تزويج وليته ، أو يكون ذلك بعضهم دون بعض؟ فلن يجد إلى الخروج من أحد هذين القسمين سبيلا .

    فإن قال : إن ذلك كذلك .

    قيل له : فأي ذلك عني به؟

    فإن قال : لكل ولي جاز له تزويج وليته .

    قيل له : أفجائز للمعتق أمة تزويج مولاته بإذنها بعد عتقه إياها؟

    فإن قال نعم!

    قيل له : أفجائز عفوه إن عفا عن صداقها لزوجها بعد طلاقه إياها قبل المسيس؟

    فإن قال : نعم خرج من قول الجميع . وإن قال : لا! قيل له : ولم؟ وما الذي حظر ذلك عليه وهو وليها الذي بيده عقدة نكاحها؟

    ثم يعكس القول عليه في ذلك ، ويسأل الفرق بينه وبين عفو سائر الأولياء غيره .

    وإن قال : لبعض دون بعض .

    سئل البرهان على خصوص ذلك ، وقد عمه الله - تعالى ذكره - فلم يخصص بعضا دون بعض .

    ويقال له : من المعني به ، إن كان المراد بذلك بعض الأولياء دون بعض؟

    فإن أومأ في ذلك إلى بعض منهم ، سئل البرهان عليه ، وعكس القول فيه ، وعورض في قوله ذلك بخلاف دعواه . ثم لن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله .

    [ ص: 160 ] فإن ظن ظان أن المرأة إذا فارقها زوجها فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها ، والله - تعالى ذكره - إنما أجاز عفو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة ، فكان معلوما بذلك أن الزوج غير معني به ، وأن المعني به هو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة بعد بينونتها من زوجها . وفي بطول ذلك أن يكون حينئذ بيد الزوج ، صحة القول أنه بيد الولي الذي إليه عقد النكاح إليها . وإذا كان ذلك كذلك ، صح القول بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي فقد أغفل وظن خطأ .

    وذلك أن معنى ذلك : أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحه ، وإنما أدخلت " الألف واللام " في " النكاح " بدلا من الإضافة إلى " الهاء " التي كان " النكاح " لو لم يكونا فيه مضافا إليها ، كما قال الله - تعالى ذكره - : ( فإن الجنة هي المأوى ) [ سورة النازعات : 41 ] ، بمعنى : فإن الجنة مأواه ، وكما قال نابغة بني ذبيان :



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #357
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(343)
    الحلقة (357)
    صــ 161 إلى صــ 170





    لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الناس ، فالأحلام غير عوازب
    [ ص: 161 ] بمعنى : فأحلامهم غير عوازب . والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى .

    فتأويل الكلام : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، وهو الزوج الذي بيده عقدة نكاح نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده لأن معناه : أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن ، فيكون تأويل الكلام ما ظنه القائلون أنه الولي ولي المرأة . لأن ولي المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها ، إلا في حال طفولتها ، وتلك حال لا يملك العقد عليها إلا بعض أوليائها ، في قول أكثر من رأى أن الذي بيده عقدة النكاح الولي . ولم يخصص الله - تعالى ذكره - بقوله : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " بعضا منهم ، فيجوز توجيه التأويل إلى ما تأولوه ، لو كان لما قالوا في ذلك وجه .

    وبعد ، فإن الله - تعالى ذكره - إنما كنى بقوله : " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون " عن ذكر النساء اللاتي قد جرى ذكرهن في الآية قبلها ، وذلك قوله : " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن " والصبايا لا يسمين " نساء " وإنما يسمين صبايا أو جواري ، وإنما " النساء " في كلام العرب أجمع ، اسم المرأة ، ولا تقول العرب للطفلة والصبية والصغيرة " امرأة " كما لا تقول للصبي الصغير " رجل " .

    وإذ كان ذلك كذلك ، وكان قوله : " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " عند الزاعمين أنه الولي إنما هو : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح عما وجب لوليته التي تستحق أن يولي عليها مالها إما الصغر وإما السفه ، والله - تعالى ذكره - إنما اقتص في الآيتين قصص النساء المطلقات لعموم الذكر دون خصوصه ، وجعل [ ص: 162 ] لهن العفو بقوله : إلا أن يعفون كان معلوما بقوله : إلا أن يعفون ، أن المعنيات منهن بالآيتين اللتين ذكرهن فيهما جميعهن دون بعض ، إذ كان معلوما أن عفو من تولى عليه ماله منهن باطل .

    وإذ كان ذلك كذلك ، فبين أن التأويل في قوله : أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن ، يوجب أن يكون لأولياء الثيبات الرشد البوالغ ، من العفو عما وهب لهن من الصداق بالطلاق قبل المسيس ، مثل الذي لأولياء الأطفال الصغار المولي عليهن أموالهن السفه . وفي إنكار القائلين : " إن الذي بيده عقدة النكاح الولي " عفو أولياء الثيبات الرشد البوالغ على ما وصفنا ، وتفريقهم بين أحكامهم وأحكام أولياء الأخر - ما أبان عن فساد تأويلهم الذي تأولوه في ذلك .

    ويسأل القائلون بقولهم في ذلك الفرق بين ذلك من أصل أو نظير ، فلن يقولوا في شيء من ذلك قولا إلا ألزموا في خلافه مثله .
    القول في تأويل قوله ( وأن تعفوا أقرب للتقوى )

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن خوطب بقوله : " وأن تعفوا أقرب للتقوى " .

    فقال بعضهم : خوطب بذلك الرجال والنساء .

    ذكر من قال ذلك :

    5361 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن جريج يحدث ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس : " وأن تعفوا أقرب للتقوى " قال : أقربهما للتقوى الذي يعفو .

    [ ص: 163 ] 5362 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز قال : سمعت تفسير هذه الآية : " وأن تعفوا أقرب للتقوى " قال : يعفون جميعا .

    فتأويل الآية على هذا القول : وأن يعفوا ، أيها الناس ، بعضكم عما وجب له قبل صاحبه من الصداق قبل الافتراق عند الطلاق ، أقرب له إلى تقوى الله .

    وقال آخرون : بل الذي خوطبوا بذلك أزواج المطلقات .

    ذكر من قال ذلك :

    5363 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن الشعبي : " وأن تعفوا أقرب للتقوى " : وأن يعفو هو أقرب للتقوى .

    فتأويل ذلك على هذا القول : وأن تعفوا أيها المفارقون أزواجهم ، فتتركوا لهن ما وجب لكم الرجوع به عليهن من الصداق الذي سقتموه إليهن ، أو تتموا لهن - بإعطائكم إياهن الصداق الذي كنتم سميتم لهن في عقدة النكاح إن لم تكونوا سقتموه إليهن أقرب لكم إلى تقوى الله .

    قال أبو جعفر : والذي هو أولى القولين بتأويل الآية عندي في ذلك . ما قاله ابن عباس ، وهو أن معنى ذلك : وأن يعفو بعضكم لبعض أيها الأزواج والزوجات ، بعد فراق بعضكم بعضا عما وجب لبعضكم قبل بعض ، فيتركه له إن كان قد بقي له قبله . وإن لم يكن بقي له ، فبأن يوفيه بتمامه أقرب لكم إلى تقوى الله .

    [ ص: 164 ] فإن قال قائل : وما في الصفح عن ذلك من القرب من تقوى الله ، فيقال للصافح العافي عما وجب له قبل صاحبه : فعلك ما فعلت أقرب لك إلى تقوى الله؟ قيل له : الذي في ذلك من قربه من تقوى الله ، مسارعته في عفوه ذلك إلى ما ندبه الله إليه ، ودعاه وحضه عليه . فكان فعله ذلك - إذا فعله ابتغاء مرضاة الله ، وإيثار ما ندبه إليه على هوى نفسه - معلوما به ، إذ كان مؤثرا فعل ما ندبه إليه مما لم يفرضه عليه على هوى نفسه ، أنه لما فرضه عليه وأوجبه أشد إيثارا ، ولما نهاه أشد تجنبا . وذلك هو قربه من التقوى .

    القول في تأويل قوله ( ولا تنسوا الفضل بينكم )

    قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ولا تغفلوا ، أيها الناس ، الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه ، ولكن ليتفضل الرجل المطلق زوجته قبل مسيسها ، فيكمل لها تمام صداقها إن كان لم يعطها جميعه . وإن كان قد ساق إليها جميع ما كان فرض لها ، فليتفضل عليها بالعفو عما يجب له ويجوز له الرجوع به عليها ، وذلك نصفه . فإن شح الرجل بذلك وأبى إلا الرجوع بنصفه عليها ، فلتتفضل المرأة المطلقة عليه برد جميعه عليه ، إن كانت قد قبضته منه . وإن لم تكن قبضته ، فتعفو [ عن ] جميعه . فإن هما لم يفعلا ذلك وشحا وتركا ما ندبهما الله إليه - من أخذ أحدهما على صاحبه بالفضل - فلها نصف ما كان فرض لها في عقد النكاح وله نصفه .

    [ ص: 165 ] وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    5364 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه جبير : أنه دخل على سعد بن أبي وقاص فعرض عليه ابنة له فتزوجها ، فلما خرج طلقها وبعث إليها بالصداق . قال : قيل له : فلم تزوجتها؟ قال : عرضها علي فكرهت ردها! قيل : فلم تبعث بالصداق؟ قال : فأين الفضل؟

    5365 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ولا تنسوا الفضل بينكم " . قال : إتمام الزوج الصداق ، أو ترك المرأة الشطر .

    5366 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : إتمام الصداق ، أو ترك المرأة شطره .

    5367 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5368 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : " ولا تنسوا الفضل بينكم " في هذا وفي غيره .

    5369 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : يقول ليتعاطفا .

    5370 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير " يرغبكم الله في المعروف ، ويحثكم على الفضل .

    5371 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، [ ص: 166 ] عن الضحاك في قوله : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : المرأة يطلقها زوجها وقد فرض لها ولم يدخل بها ، فلها نصف الصداق . فأمر الله أن يترك لها نصيبها ، وإن شاء أن يتم المهر كاملا . وهو الذي ذكر الله : " ولا تنسوا الفضل بينكم " .

    5372 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تنسوا الفضل بينكم " حض كل واحد على الصلة - يعني الزوج والمرأة ، على الصلة .

    5373 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا يحيى بن بشر : أنه سمع عكرمة يقول في قول الله : " ولا تنسوا الفضل بينكم " وذلك الفضل هو النصف من الصداق ، وأن تعفو عنه المرأة للزوج أو يعفو عنه وليها .

    5374 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : يعفى عن نصف الصداق أو بعضه .

    5375 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا مهران وحدثني علي قال : حدثنا زيد جميعا ، عن سفيان : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : حث بعضهم على بعض في هذا وفي غيره ، حتى في عفو المرأة عن الصداق ، والزوج بالإتمام .

    5376 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : المعروف .

    5377 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا عمرو ، عن سعيد قال : سمعت تفسير هذه الآية : " ولا تنسوا الفضل بينكم " قال : لا تنسوا الإحسان .

    [ ص: 167 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن الله بما تعملون بصير ( 237 ) )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : " إن الله بما تعملون " أيها الناس ، مما ندبكم إليه وحضكم عليه ، من عفو بعضكم لبعض عما وجب له قبله من حق بسبب النكاح الذي كان بينكم وبين أزواجكم ، وتفضل بعضكم على بعض في ذلك ، وفي غيره مما تأتون وتذرون من أموركم في أنفسكم وغيركم مما حثكم الله عليه وأمركم به أو نهاكم عنه " بصير " يعني بذلك : ذو بصر ، لا يخفى عليه منه شيء من ذلك ، بل هو يحصيه عليكم ويحفظه ، حتى يجازي ذا الإحسان منكم على إحسانه ، وذا الإساءة منكم على إساءته .

    القول في تأويل قوله : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )

    قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : واظبوا على الصلوات المكتوبات في أوقاتهن ، وتعاهدوهن والزموهن ، وعلى الصلاة الوسطى منهن .

    [ ص: 168 ] وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

    ذكر من قال ذلك :

    5378 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج قال : حدثنا أبو زهير ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق في قوله : " حافظوا على الصلوات " قال : المحافظة عليها : المحافظة على وقتها ، وعدم السهو عنها .

    5379 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق في هذه الآية : " حافظوا على الصلوات " فالحفاظ عليها : الصلاة لوقتها ، والسهو عنها : ترك وقتها .

    ثم اختلفوا في " الصلاة الوسطى " . فقال بعضهم : هي صلاة العصر .

    ذكر من قال ذلك :

    5380 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو عاصم وحدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد جميعا قالا حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر . .

    [ ص: 169 ] 5381 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق قال : حدثني من سمع ابن عباس وهو يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال : العصر .

    5382 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا مصعب بن سلام ، عن أبي حيان ، عن أبيه ، عن علي قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5383 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا أبو حيان ، عن أبيه ، عن علي مثله .

    5384 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا مصعب عن الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : سمعت عليا يقول : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5385 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، [ ص: 170 ] عن الحارث قال : سألت عليا عن الصلاة الوسطى ، فقال : صلاة العصر .

    5386 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال : حدثنا أبو زرعة وهب بن راشد قال : أخبرنا حيوة بن شريح قال : أخبرنا أبو صخر : أنه سمع أبا معاوية البجلي من أهل الكوفة يقول : سمعت أبا الصهباء البكري يقول : سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى فقال : هي صلاة العصر ، وهي التي فتن بها سليمان بن داود - صلى الله عليه وسلم - .

    5387 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا سليمان التيمي وحدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن الفضل قال حدثنا التيمي عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : " الصلاة الوسطى " صلاة العصر .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #358
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(344)
    الحلقة (358)
    صــ 171 إلى صــ 190




    [ ص: 171 ] 5388 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن لبيبة ، عن أبي هريرة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ألا وهي العصر ، ألا وهي العصر .

    [ ص: 172 ] 5389 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " " فكان ابن عمر يرى لصلاة العصر فضيلة للذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها : أنها الصلاة الوسطى .

    5390 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر ، عن أبيه قال : زعم أبو صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : هي صلاة العصر .

    [ ص: 173 ] 5391 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثني عمي عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحوه قال ابن شهاب ، وكان ابن عمر يرى أنها الصلاة الوسطى .

    5392 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي سعيد الخدري قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر .

    5393 - حدثني محمد بن معمر قال : حدثنا ابن عامر قال : حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن حميدة ابنة أبي يونس مولاة عائشة قالت : أوصت عائشة لنا بمتاعها ، فوجدت في مصحف عائشة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي العصر وقوموا لله قانتين " . [ ص: 174 ] 5394 - حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن : أن أمه أم حميد بنت عبد الرحمن سألت عائشة عن الصلاة الوسطى ، قالت : كنا نقرؤها في الحرف الأول على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [ قال أبو جعفر : أنه قال ] صلاة العصر وقوموا لله قانتين " .

    5395 - حدثني عباس بن محمد قال : حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج : أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن أمه أم حميد ابنة عبد الرحمن : أنها سألت عائشة ، فذكر نحوه إلا أنه قال : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .

    [ ص: 175 ] 5396 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن عمرو أبي سهل الأنصاري ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة في قوله : " الصلاة الوسطى " قالت : صلاة العصر .

    5397 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كان في مصحف عائشة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " . [ ص: 176 ] 5398 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن داود بن قيس قال : حدثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال : أمرتني أم سلمة أن أكتب لها مصحفا وقالت : إذا انتهيت إلى آية الصلاة فأعلمني . فأعلمتها ، فأملت علي : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " .

    5399 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه قال : كان الحسن يقول : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    [ ص: 177 ] 5400 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه قال : حدثنا قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عائشة أنها قالت : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5401 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى ، عن سليمان التيمي ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عائشة مثله .

    5402 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام قال : حدثنا عنبسة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : كان يقال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5403 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5404 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : صلاة الوسطى صلاة العصر .

    5405 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سالم ، عن حفصة : أنها أمرت رجلا يكتب لها مصحفا فقالت : إذا بلغت هذا المكان فأعلمني . فلما بلغ " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال : اكتب [ ص: 178 ] " صلاة العصر " .

    5406 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع ، عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنها قالت لكاتب مصحفها : إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى أخبرك بما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما أخبرها قالت : اكتب ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر " .

    [ ص: 179 ] 5407 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش قال : صلاة الوسطى هي العصر .

    5408 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " كنا نحدث أنها صلاة العصر ، قبلها صلاتان من النهار ، وبعدها صلاتان من الليل .

    5409 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال : أمروا بالمحافظة على الصلوات . قال : وخص العصر ، " والصلاة الوسطى " يعني العصر .

    5410 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد الله بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " والصلاة الوسطى " هي العصر .

    5411 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : ذكر لنا عن علي بن أبي طالب أنه قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5412 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " حافظوا على الصلوات " - يعني المكتوبات - " والصلاة الوسطى " يعني صلاة العصر .

    5413 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن رزين بن عبيد ، عن ابن عباس قال : سمعته يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال : صلاة العصر .

    [ ص: 180 ] 5414 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا إسرائيل ، عن ثوير ، عن مجاهد قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5415 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5416 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رزين بن عبيد قال : سمعت ابن عباس يقول : هي صلاة العصر .

    5417 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي قال : أنبأنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " .

    [ ص: 181 ] 5418 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا أبي قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرة بن مخمر ، عن سعيد بن الحكم قال : سمعت أبا أيوب يقول : صلاة الوسطى صلاة العصر .

    [ ص: 182 ] 5419 - حدثنا ابن سفيان قال : حدثنا أبو عاصم ، عن مبارك ، عن الحسن قال : صلاة الوسطى صلاة العصر .



    وعلة من قال هذا القول ما : -

    5420 - حدثني به محمد بن معمر قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا محمد - يعني ابن طلحة - عن زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله قال : شغل المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى اصفرت ، أو احمرت - فقال : شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا [ ص: 183 ] 5421 - حدثني أحمد بن سنان الواسطي قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا محمد بن طلحة ، عن زبيد عن مرة ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه - إلا أنه قال : ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى " .

    5422 - حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة قال : سمعت قتادة يحدث ، عن أبي حسان ، عن عبيدة السلماني ، عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا أو بطونهم نارا شك شعبة في البطون والبيوت .

    [ ص: 184 ] 5423 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر قال : قلت لعبيدة السلماني : سل علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى . فسأله ، فقال : كنا نراها الصبح أو الفجر حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا " ! .

    [ ص: 185 ] 5424 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن شتير بن شكل ، عن علي قال : شغلونا يوم الأحزاب عن صلاة العصر ، حتى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا أو أجوافهم نارا

    5425 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار عن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم الأحزاب ، على فرضة من فرض الخندق ، فقال : " شغلونا [ ص: 186 ] عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس! ملأ الله قبورهم وبيوتهم ، نارا أو بطونهم وبيوتهم نارا .

    5426 - حدثني أبو السائب وسعيد بن نمير قالا : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن شتير بن شكل ، عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا! ثم صلاها بين العشاءين ، بين المغرب والعشاء .

    5427 - حدثنا الحسين بن علي الصدائي قال : حدثنا علي بن عاصم ، عن خالد ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، عن علي قال : لم يصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر يوم الخندق إلا بعد ما غربت الشمس ، فقال : ما لهم! ملأ الله قلوبهم وبيوتهم نارا! منعونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس .

    [ ص: 187 ] 5428 - حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن زر قال : انطلقت أنا وعبيدة السلماني إلى علي ، فأمرت عبيدة أن يسأله عن الصلاة الوسطى فقال : يا أمير المؤمنين ، ما الصلاة الوسطى؟ فقال : كنا نراها صلاة الصبح ، فبينا نحن نقاتل أهل خيبر ، فقاتلوا ، حتى أرهقونا عن الصلاة ، وكان قبيل غروب الشمس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم املأ قلوب هؤلاء القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى وأجوافهم نارا أو املأ قلوبهم نارا قال : فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى .

    5429 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ، عن عبيدة السلماني ، عن علي بن أبي طالب : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب : اللهم املأ قلوبهم وبيوتهم نارا كما شغلونا أو : كما حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ! [ ص: 188 ] 5430 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار قال : حدثنا ثابت بن محمد قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن زبيد ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : حبس المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس أو احمرت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله بيوتهم وقلوبهم نارا أو حشا الله قلوبهم وبيوتهم نارا .

    5431 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا سهل بن عامر قال : حدثنا مالك بن مغول قال : سمعت طلحة قال : صليت مع مرة في بيته فسها أو قال : نسي فقام قائما يحدثنا وقد كان يعجبني أن أسمعه من ثقة قال : لما كان يوم الخندق - يعني يوم الأحزاب - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما لهم! شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر! ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا .

    [ ص: 189 ] 5432 - حدثنا أحمد بن منيع قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن ابن عطاء ، عن التيمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة الوسطى صلاة العصر .

    5433 - حدثني علي بن مسلم الطوسي قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة له ، فحبسه المشركون عن صلاة العصر حتى أمسى بها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى !

    [ ص: 190 ] 5434 - حدثنا موسى بن سهل الرملي قال : حدثنا إسحاق ، عن عبد الواحد الموصلي قال : حدثنا خالد بن عبد الله عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا !



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #359
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(345)
    الحلقة (359)
    صــ 191 إلى صــ 210





    5435 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا خالد ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : شغل الأحزاب [ ص: 191 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غربت الشمس ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : شغلونا عن الصلاة الوسطى! ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا أو أجوافهم نارا .

    5436 - حدثني المثنى قال : حدثنا سليمان بن أحمد الحرشي الواسطي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : أخبرني صدقة بن خالد قال : حدثني خالد بن دهقان ، عن جابر بن سبلان ، عن كهيل بن حرملة قال : سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى فقال : اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، فقال : أنا أعلم لكم ذلك . فقام فاستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليه ، ثم خرج إلينا فقال : أخبرنا أنها صلاة العصر .

    [ ص: 192 ] 5437 - حدثني الحسين بن علي الصدائي قال : حدثنا أبي ، وحدثنا ابن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد قالا جميعا ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن شقيق بن عقبة العبدي ، عن البراء بن عازب قال : نزلت هذه الآية : " حافظوا [ ص: 193 ] على الصلوات وصلاة العصر " قال : فقرأناها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن نقرأها . ثم إن الله نسخها فأنزل : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " قال : فقال رجل كان مع شقيق : فهي صلاة العصر ! قال : قد حدثتك كيف نزلت ، وكيف نسخها الله ، والله أعلم .

    [ ص: 194 ] 5438 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع ، وحدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن بكر ومحمد بن عبد الله الأنصاري قالا جميعا ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، وحدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، ومحمد بن بشر وعبد الله بن إسماعيل ، عن سعيد عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر .

    5439 - حدثني عصام بن رواد بن الجراح قال : حدثنا أبي قال : حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن عن سمرة قال : أنبأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة الوسطى هي العصر .

    [ ص: 195 ] 5440 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن شتير بن شكل ، عن أم حبيبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يوم الخندق : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس قال أبو موسى : هكذا قال ابن أبي عدي .

    [ ص: 196 ] 5441 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وهي العصر

    5442 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا عبد السلام ، عن سالم مولى أبي نصير قال : حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال : كنت جالسا عند عبد العزيز بن مروان فقال : يا فلان ، اذهب إلى فلان فقل له : أي شيء سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة الوسطى؟ فقال رجل جالس : أرسلني أبو بكر وعمر وأنا غلام صغير أسأله عن الصلاة الوسطى ، فأخذ إصبعي الصغيرة فقال : هذه الفجر - وقبض التي تليها . وقال : هذه الظهر - ثم قبض الإبهام فقال : هذه المغرب - ثم قبض التي تليها ثم قال : هذه العشاء - ثم قال : أي أصابعك بقيت؟ فقلت : الوسطى : فقال : أي صلاة بقيت؟ قلت : العصر . قال : هي العصر .

    [ ص: 197 ] 5443 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : ذكر لنا أن المشركين شغلوهم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس! ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا !

    5444 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا عمرو ، عن أبي سلمة قال : حدثنا صدقة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن عبيدة السلماني ، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم الأحزاب : اللهم املأ بيوتهم وقبورهم نارا ، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس .

    [ ص: 198 ] 5445 - حدثني محمد بن عوف الطائي قال : حدثني محمد بن إسماعيل بن عياش قال : حدثنا أبي قال : حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الصلاة الوسطى صلاة العصر " .

    وقال آخرون : بل الصلاة الوسطى صلاة الظهر .

    ذكر من قال ذلك :

    5446 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عفان قال : حدثنا همام قال : [ ص: 199 ] حدثنا قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر .

    5447 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد ، يعني ابن ثابت - مثله .

    5448 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت حفص بن عاصم يحدث عن زيد بن [ ص: 200 ] ثابت قال : الصلاة الوسطى الظهر .

    5449 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا سليمان بن داود قال : حدثنا شعبة ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن شعبة قال : أخبرني عمر بن سليمان - من ولد عمر بن الخطاب - قال : سمعت عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، يحدث عن أبيه ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى هي الظهر .

    5450 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا عبد الصمد قال : حدثنا شعبة ، عن عمر بن سليمان هكذا قال أبو زائدة ، عن عبد الرحمن بن أبان ، عن أبيه ، عن زيد بن ثابت في حديثه ، رفعه - : الصلاة الوسطى صلاة الظهر .

    [ ص: 201 ] 5451 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا عبد الله بن يزيد قال : حدثنا حيوة بن شريح وابن لهيعة قالا : حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد : أن سعيد بن المسيب [ ص: 202 ] حدثه أنه كان قاعدا هو وعروة بن الزبير وإبراهيم بن طلحة ، فقال سعيد بن المسيب : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : الصلاة الوسطى هي الظهر . فمر علينا عبد الله بن عمر ، فقال عروة : أرسلوا إلى ابن عمر فاسألوه . فأرسلوا إليه غلاما فسأله ، ثم جاءنا الرسول فقال : يقول : هي صلاة الظهر . فشككنا في قول الغلام ، فقمنا جميعا فذهبنا إلى ابن عمر ، فسألناه فقال : هي صلاة الظهر .

    5452 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا العوام بن حوشب قال : حدثني رجل من الأنصار ، عن زيد بن ثابت أنه كان يقول : هي الظهر .

    5453 - حدثني أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا ابن أبي ذئب وحدثني المثنى قال : حدثنا آدم قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن [ ص: 203 ] الزبرقان بن عمرو ، عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر .

    5454 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا عبيد الله ، عن نافع ، عن زيد بن ثابت أنه قال : الصلاة الوسطى : هي صلاة الظهر .

    5455 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : أخبرنا نافع بن يزيد قال : حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان قال : حدثني عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر : أنه سئل عن الصلاة الوسطى قال : هي التي على أثر الضحى .

    5456 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : حدثنا نافع بن يزيد قال : حدثني الوليد بن أبي الوليد : أن سلمة بن أبي مريم حدثه : أن نفرا من قريش أرسلوا إلى عبد الله بن عمر يسألونه عن الصلاة الوسطى فقال له : هي التي على أثر صلاة الضحى . فقالوا له : ارجع واسأله ، فما زادنا إلا عياء بها !! فمر بهم عبد الرحمن بن أفلح مولى عبد الله بن عمر ، فأرسلوا إليه أيضا فقال : هي التي توجه فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القبلة .

    [ ص: 204 ] 5457 - حدثني ابن البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : أخبرنا نافع قال : حدثني زهرة بن معبد قال : حدثني سعيد بن المسيب : أنه كان قاعدا هو وعروة وإبراهيم بن طلحة ، فقال له سعيد : سمعت أبا سعيد يقول : إن صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى . فمر علينا ابن عمر ، فقال عروة : أرسلوا إليه فاسألوه . فسأله الغلام فقال : هي الظهر . فشككنا في قول الغلام ، فقمنا إليه جميعا فسألناه ، فقال : هي الظهر .

    [ ص: 205 ] 5458 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : حدثنا أبو عامر ، عن عبد الرحمن بن قيس ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه - وكان مولى لحفصة - قال : استكتبتني حفصة مصحفا وقالت لي : إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرأنيها . فلما أتيت على هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " أتيتها فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " . فلقيت أبي بن كعب أو زيد بن ثابت ، فقلت : يا أبا المنذر ، إن حفصة قالت كذا وكذا!! قال : هو كما قالت ، أوليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في غنمنا ونواضحنا !

    [ ص: 206 ] وعلة من قال ذلك ، ما : -

    5459 - حدثنا به محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة قال : أخبرني عمرو بن أبي حكيم قال : سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ، قال : فنزلت : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " . وقال : " إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين " .

    [ ص: 207 ] 5460 - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن الزبرقان قال : إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى . فقال زيد : هي الظهر . فقام رجلان منهم فأتيا أسامة بن زيد فسألاه عن الصلاة الوسطى فقال : هي الظهر . إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر بالهجير ، فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان ، الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم ، فقال رسول الله : " لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة بيوتهم! قال : فنزلت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " .

    وكان آخرون يقرءون ذلك : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .

    ذكر من كان يقول ذلك كذلك : [ ص: 208 ] 5461 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا [ ص: 209 ] شعبة ، عن أبي بشر ، عن عبد الله بن يزيد الأزدي ، عن سالم بن عبد الله : أن حفصة أمرت إنسانا فكتب مصحفا فقالت : إذا بلغت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فآذني . فلما بلغ آذنها ، فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .

    5462 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع : أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا ، فقالت : إذا بلغت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها . فلما بلغها ، أمرته فكتبها : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " قال نافع : فقرأت ذلك المصحف فوجدت فيه " الواو " .

    [ ص: 210 ] 5463 - حدثنا الربيع بن سليمان قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنها قالت لكاتب مصحفها : إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى آمرك ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول . فلما أخبرها قالت : اكتب ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #360
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,360

    افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





    تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
    الإمام محمد بن جرير الطبري
    الجزء الخامس
    تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(346)
    الحلقة (360)
    صــ 211 إلى صــ 230





    [ ص: 211 ] 5464 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبدة بن سليمان قال : حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثني أبو سلمة ، عن عمرو بن رافع مولى عمر قال : كان مكتوبا في مصحف حفصة : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " .

    5465 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال : حدثنا أبي وشعيب ، عن الليث قال : حدثنا خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن زيد ، عن عمرو بن رافع قال : دعتني حفصة فكتبت لها مصحفا فقالت : إذا بلغت آية الصلاة فأخبرني . فلما كتبت : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قالت : " وصلاة العصر " أشهد أني سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

    [ ص: 212 ] 5466 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثني أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث قال : أخبرني خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن زيد : أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة مثل ذلك .

    5467 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني خالد ، عن سعيد ، عن زيد بن أسلم : أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة ، عن عائشة مثل ذلك .

    [ ص: 213 ] 5468 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا وهب بن جرير قالا : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم ، عن ابن عباس : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " .

    - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء قال : كان عبيد بن عمير يقرأ : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين " .

    5470 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : حدثنا أبو عامر ، عن عبد الرحمن بن قيس ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه - وكان مولى حفصة - قال : استكتبتني حفصة مصحفا وقالت : إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرئتها . فلما أتيت على هذه الآية : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " أتيتها فقالت : اكتب : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " فلقيت أبي بن كعب أو زيد بن ثابت فقلت : يا أبا المنذر ، [ ص: 214 ] إن حفصة قالت كذا وكذا . قال : هو كما قالت! أوليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في نواضحنا وغنمنا؟ .

    وقال آخرون : بل الصلاة الوسطى صلاة المغرب .

    ذكر من قال ذلك :

    5471 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا عبد السلام ، عن إسحاق بن أبي فروة ، عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب قال : الصلاة الوسطى صلاة المغرب ، ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها ، ولا تقصر في السفر ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها؟ .



    قال أبو جعفر : ووجه قبيصة بن ذؤيب قوله : " الوسطى " إلى معنى التوسط الذي يكون صفة للشيء ، يكون عدلا بين الأمرين ، كالرجل المعتدل القامة ، الذي لا يكون مفرطا طوله ولا قصيرة قامته ، ولذلك قال : " ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها " .

    وقال آخرون : بل الصلاة الوسطى التي عناها الله بقوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " هي صلاة الغداة .

    ذكر من قال ذلك :

    5472 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عفان قال : حدثنا همام قال : حدثنا [ ص: 215 ] قتادة ، عن صالح أبي الخليل ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس قال : الصلاة الوسطى صلاة الفجر .

    5473 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر ، عن عوف ، عن أبي رجاء قال : صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة ، فقنت بنا قبل الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي قال الله : [ ص: 216 ] " وقوموا لله قانتين " .

    5474 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف ابن عباس ، فذكر نحوه .

    5475 - حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال : حدثنا شريك ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف ابن عباس الفجر ، فقنت فيها ورفع يديه ثم قال : هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا الله أن نقوم فيها قانتين .

    5476 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عوف ، عن أبي رجاء قال : صلى بنا ابن عباس الفجر ، فلما فرغ قال : إن الله قال في كتابه : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فهذه الصلاة الوسطى .

    5477 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا مروان ، يعني ابن معاوية - عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن ابن عباس نحوه .

    5478 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عوف ، [ ص: 217 ] عن أبي المنهال ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس : أنه صلى الغداة في مسجد البصرة ، فقنت قبل الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي ذكر الله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " .

    5479 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا المهاجر ، عن أبي العالية قال : سألت ابن عباس بالبصرة هاهنا ، وإن فخذه لعلى فخذي ، فقلت : يا أبا فلان ، أرأيتك صلاة الوسطى التي ذكر الله في القرآن ، ألا تحدثني أي صلاة هي؟ قال : وذلك حين انصرفوا من صلاة الغداة ، فقال : أليس قد صليت المغرب والعشاء الآخرة؟ قال قلت : بلى! قال : ثم صليت هذه؟ قال : ثم تصلي الأولى والعصر؟ قال قلت : بلى! قال : فهي هذه .

    5480 - حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة زمن عمر صلاة الغداة ، قال : فقلت لرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جنبي : ما الصلاة الوسطى؟ قال : هذه الصلاة . [ ص: 218 ] 5481 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا عوف ، عن خلاس بن عمرو ، عن ابن عباس : أنه صلى الفجر فقنت قبل الركوع ، ورفع إصبعيه وقال : هذه الصلاة الوسطى .

    5482 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية : أنه صلى مع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغداة ، فلما أن فرغوا قال : قلت لهم : أيتهن الصلاة الوسطى؟ قالوا : التي صليتها قبل .

    5483 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن عثمة قال : حدثنا سعيد بن [ ص: 219 ] بشير ، عن قتادة ، عن جابر بن عبد الله قال : الصلاة الوسطى صلاة الصبح .

    5484 - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان قال : كان عطاء يرى أن الصلاة الوسطى صلاة الغداة .

    5485 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة في قوله : " والصلاة الوسطى " قال : صلاة الغداة .

    5486 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله - تعالى ذكره - : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال : الصبح .

    5487 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5488 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن حصين ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : الصلاة الوسطى صلاة الغداة .

    5489 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " قال : الصلاة الوسطى صلاة الغداة .



    وعلة من قال هذه المقالة : أن الله - تعالى ذكره - قال : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " بمعنى [ ص: 220 ] : وقوموا لله فيها قانتين . قال : فلا صلاة مكتوبة من الصلوات الخمس فيها قنوت سوى صلاة الصبح ، فعلم بذلك أنها هي دون غيرها .

    وقال آخرون : هي إحدى الصلوات الخمس ، ولا نعرفها بعينها .

    ذكر من قال ذلك :

    5490 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني هشام بن سعد قال : كنا عند نافع ، ومعنا رجاء بن حيوة ، فقال لنا رجاء : سلوا نافعا عن الصلاة الوسطى . فسألناه ، فقال : قد سأل عنها عبد الله بن عمر رجل فقال : هي فيهن ، فحافظوا عليهن كلهن .

    5491 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد ، عن قيس بن الربيع ، عن نسير بن ذعلوق أبي طعمة قال : سألت الربيع بن خثيم عن الصلاة الوسطى ، قال : أرأيت إن علمتها كنت محافظا عليها ومضيعا سائرهن؟ قلت : لا! فقالا : فإنك إن حافظت عليهن فقد حافظت عليها .

    [ ص: 221 ] 5492 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة قال : سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه هكذا ، يعني مختلفين في الصلاة الوسطى وشبك بين أصابعه .



    قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ذكرناها قبل في تأويله : وهو أنها العصر .

    والذي حث الله - تعالى ذكره - عليه من ذلك ، نظير الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحث عليه . كما : -

    5493 - حدثني به أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن خير بن نعيم الحضرمي ، عن عبد الله بن هبيرة السبائي قال : [ ص: 222 ] وكان ثقة ، عن أبي تميم الجيشاني ، عن أبي بصرة الغفاري قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر ، فلما انصرف قال : إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فتوانوا فيها وتركوها ، فمن صلاها منكم أضعف أجره ضعفين ، ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد والشاهد : النجم .

    [ ص: 223 ] 5494 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني خير بن نعيم ، عن ابن هبيرة ، عن أبي تميم الجيشاني : أن أبا بصرة الغفاري قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر بالمخمص فقال : إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم فضيعوها وتركوها ، فمن حافظ عليها منكم أوتي أجرها مرتين .

    وقال - صلى الله عليه وسلم - : " بكروا بالصلاة في يوم الغيم ، فإنه من فاتته العصر حبط عمله " .

    [ ص: 224 ] 5495 - حدثنا بذلك أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا أيوب بن سويد ، [ عن الأوزاعي ، عن يحيى بن كثير ] عن أبي قلابة ، عن أبي المهاجر ، عن بريدة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

    [ ص: 225 ]

    [ ص: 226 ] وقال - صلى الله عليه وسلم - : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " .

    5497 - وقال - صلى الله عليه وسلم - : " من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يلج النار " .

    فحث - صلى الله عليه وسلم - على المحافظة عليها حثا لم يحث مثله على غيرها من الصلوات ، وإن كانت المحافظة على جميعها واجبة ، فكان بينا بذلك أن التي خص الله بالحث على المحافظة عليها ، بعد ما عم الأمر بها جميع المكتوبات ، هي التي اتبعه فيها نبيه - صلى الله عليه وسلم - فخصها من الحض عليها بما لم يخصص به غيرها من الصلوات ، وحذر أمته من تضييعها ما حل بمن قبلهم من الأمم التي وصف أمرها ، ووعدهم من الأجر على المحافظة عليها ضعفي ما وعد على غيرها من سائر الصلوات .

    وأحسب أن ذلك كان كذلك ، لأن الله - تعالى ذكره - جعل الليل سكنا ، والناس من شغلهم بطلب المعاش والتصرف في أسباب المكاسب هادئون ، إلا القليل منهم ، وللمحافظة على فرائض الله وإقام الصلوات المكتوبات فارغون . وكذلك [ ص: 227 ] ذلك في صلاة الصبح ، لأن ذلك وقت قليل من يتصرف فيه للمكاسب والمطالب ، ولا مؤونة عليهم في المحافظة عليها . وأما صلاة الظهر ، فإن وقتها وقت قائلة الناس واستراحتهم من مطالبهم ، في أوقات شدة الحر وامتداد ساعات النهار ، ووقت توديع النفوس والتفرغ لراحة الأبدان في أوان البرد وأيام الشتاء وأن المعروف من الأوقات لتصرف الناس في مطالبهم ومكاسبهم ، والاشتغال بسعيهم لما لا بد منه لهم من طلب أقواتهم - وقتان من النهار .

    أحدهما أول النهار بعد طلوع الشمس إلى وقت الهاجرة . وقد خفف الله - تعالى ذكره - فيه عن عباده عبء تكليفهم في ذلك الوقت ، وثقل ما يشغلهم عن سعيهم في مطالبهم ومكاسبهم ، وإن كان قد حثهم في كتابه وعلى لسان رسوله في ذلك الوقت على صلاة ، ووعدهم عليها الجزيل من ثوابه ، من غير أن يفرضها عليهم ، وهي صلاة الضحى .

    والآخر منهما آخر النهار ، وذلك من بعد إبراد الناس وإمكان التصرف وطلب المعاش صيفا وشتاء ، إلى وقت مغيب الشمس . وفرض عليهم فيه صلاة العصر ، ثم حث على المحافظة عليها لئلا يضيعوها لما علم من إيثار عباده أسباب عاجل دنياهم وطلب معايشهم فيها ، على أسباب آجل آخرتهم بما حثهم به عليه في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ووعدهم من جزيل ثوابه على المحافظة عليها ما قد ذكرت بعضه في كتابنا هذا ، وسنذكر باقيه في كتابنا الأكبر إن شاء الله من ( كتاب أحكام الشرائع ) .

    قال أبو جعفر : وإنما قيل لها " الوسطى " لتوسطها الصلوات المكتوبات الخمس ، وذلك أن قبلها صلاتين ، وبعدها صلاتين ، وهي بين ذلك وسطاهن .

    " والوسطى " " الفعلى " من قول القائل : " وسطت القوم أسطهم سطة ووسوطا " إذا دخلت وسطهم . ويقال للذكر فيه : " هو أوسطنا " وللأنثى : " هي وسطانا " .
    [ ص: 228 ] القول في تأويل قوله : ( وقوموا لله قانتين ( 238 ) )

    قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى قوله " قانتين " .

    فقال بعضهم : معنى " القنوت " ، الطاعة . ومعنى ذلك : وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له فيما أمركم به فيها ونهاكم عنه .

    ذكر من قال ذلك :

    5498 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن عون ، عن الشعبي في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .

    5499 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ابن عون ، عن الشعبي مثله .

    5500 - حدثني ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا أبو المنيب ، عن جابر بن زيد : " وقوموا لله قانتين " يقول : مطيعين . .

    5501 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن إدريس ، عن عثمان بن الأسود ، عن عطاء : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .

    5502 - حدثنا أحمد بن عبدة الحمصي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن ابن بشر ، عن سعيد بن جبير في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .

    5503 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، [ ص: 229 ] عن الربيع بن أبي راشد ، عن سعيد بن جبير أنه سئل عن " القنوت " فقال : القنوت الطاعة .

    5504 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قال : القنوت ، الذي ذكره الله في القرآن ، إنما يعني به الطاعة .

    5505 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : " وقوموا لله قانتين " قال : إن أهل كل دين يقومون لله عاصين ، فقوموا أنتم لله طائعين .

    5506 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : قوموا لله مطيعين في كل شيء ، وأطيعوه في صلاتكم .

    5507 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول : " وقوموا لله قانتين " القنوت الطاعة ، يقول : لكل أهل دين صلاة ، يقومون في صلاتهم لله عاصين ، فقوموا لله مطيعين .

    5508 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " قانتين " يقول : مطيعين .

    5509 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .

    5510 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثني شريك ، عن [ ص: 230 ] سالم ، عن سعيد : " وقوموا لله قانتين ، يقول : مطيعين .

    5511 - حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال : حدثنا خطاب بن عثمان قال : حدثنا أبو روح عبد الرحمن بن سنان السكوني حمصي لقيته بأرمينية قال : سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : طائعين .

    5512 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .

    5513 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

    5514 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وقوموا لله قانتين " يقول : مطيعين .

    5515 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية قال : كانوا يأمرون في الصلاة بحوائجهم ، حتى أنزلت : " وقوموا لله قانتين " فتركوا الكلام . قال : " قانتين " مطيعين .

    5516 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا فضيل ، عن عطية في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم حتى نزلت : " وقوموا لله قانتين " فتركوا الكلام في الصلاة .

    5517 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : كان أهل دين يقومون فيها عاصين ، فقوموا أنتم لله مطيعين .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •